منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   مكتبة نور الأدب (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=220)
-   -   الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=13809)

د. ناصر شافعي 25 / 01 / 2010 18 : 11 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
كمال عبد الرءوف وداعا ......
رسالة من القلب
الكاتب : ماهر عباس 25 يناير 2010


يدين كثير من أبناء جيلي الذين كانوا ضمن الدفعات الأولي في كلية الإعلام جامعة القاهرة بالفضل للأستاذ والكاتب كمال عبد الرءوف-رحمه الله - فقد كان معلما. فقد تعلمت منه شخصيا الكثير عندما كان يحاضرنا في الساعة الثامنة صباحا ونحن في السنوات الأولى عندما كانت كلية الإعلام ضيفا على كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ,ولا أبالغ السياسية,وجعل مادة الترجمة الصحفية مادة محبوبة وقد كان على حق فهي سلاح الصحفي في عمله في أحيان كثيرة .

كان دقيقا وبارعا في توصيل المعلومة وكنت حريصا على قراءة عموده الأسبوعي حتى لو اختلفت مع كثير مما كان يكتب حيث كنت أتعلم منه فن كتابة كتاب في عمود من كلمات ضمن جرعة لغوية كان فيها يقدم الجملة المفيدة بأقل الكلمات والمفردات .كما كان مربيا فاضلا وتولت محاضرته إلى رواق سياسي صباحي عندما كان يقدم لنا قبل الدخول في الدرس المقرر ما يمكن تسميته "العالم هذا الصباح " .

واذكر انه في احد الأيام التي كانت محاضرته أيضا صباحية كالعادة تحولت من دراسة للترجمة إلى موضوع سياسي عن شاه إيران محمد رضا بهلوي قبل خروجه من طهران وتعيين شهبور بختيار,مع تزايد حدة المظاهرات هناك ووقتها تنبأ في المحاضرة ان عمر حكم آل بهلوي في طريقة للنهاية وتحدث وقتها عن الرجل الذي ينتظر الحكم انه الخميني ويعيش في نيو شاتل في فرنسا وقتها بعد خروجه من الكوفة اثر اتفاق صداد حسين مع شاه إيران محمد رضا بهلوي فيما عرف باتفاق الجزائر أواسط السبعينيات .

بالرغم أنني كنت لا أتفق كثيرا مع أطروحاته و حيث انه معجب بالنموذج الأمريكي الذي كان قريبا منه ,عكس كثيرين في هذه المرحلة الذين عاشوا تقلبات حقبة مابعد حرب الاستنزاف وبعدها مباحثات الخطوة خطوة وبعدها زيارة السادات للقدس مرورا بكتاب استأذنا الحمامصي حوار "وراء الأسوار ",كنت احزن أذا تخلفت عن محاضرته واذكر إنني تأخرت مرة واحدة عن محاضرته وكان باعتذار مسبق لظروف خاصة .

كان مهنيا رائعا وحرفيا متمرسا حيث كان يشغل مديرا لتحرير أخبار اليوم ومعه تعلمنا كيف تبدأ الجملة الخبرية الدقيقة, وكيف "تمصر" الخبر المترجم, وهكذا كانت كتبه المترجمة التي كانت تصلني في الغربة باستمرار ومجانا في أحيان كثيرة .

وقد كان بيننا قواسم مشتركة أبرزها انه منوفي من شبين الكوم .وثانيها - عرفت ذلك عندما عرف قصة انتقالي إلى كلية الإعلام - انه يعشق الطب وهي الكلية التي أحببتها في طفولتي ودرس بها عدة سنوات .

وتحدثت معه ذات مرة عن الكيمياء والتشريح والوراثة والفيزياء والمنشق الروسي زخاروف وجوائز نوبل "المسيسة" ,ويومها ابلغني انه كان يدرس الطب , قبل دخولة عالم الصحافة من بوابة كلية الآداب جامعة القاهرة تاركا الطب طالبا نجيبا ومتفوقا من السنة الثالثة .. منتصرا لموهبته أمام عشقه للطب . وتفوق في الآداب كما في الطب وكرمه الرئيس عبدا لناصر في مطلع الستينيات..

مسيرته الصحفية كان واضحا أنها تأثرت بمدارس كثيرة لكنها مدينة بمدرسة اخبار اليوم التي لم يحدث ان زرتها دون أن أمر على الدور العاشر حيث كان يجلس لتحيته ,حيث تربطني بهذه المؤسسة علاقات صداقة عميقة مع زملاء أعزاء تقاسمنا فيها العيش سويا إضافة إلى الزمالة المهنية رغم أن الأيام فرقتنا جميعا لكننا نلتقي ونخطف من جوف الزمان دقائق اللقاء .

وعندما يلتقي أي من الزملاء خريجو الدفعات الأولى وكلهم تقريبا قيادات الإعلام في مصر اليوم ,يذكرون باعتزاز مواقفهم معه , وهذا يحمل شيئا مهما وهو أن من بين الذين تركوا بصمة قوية في طلاب كلية إعلام القاهرة في الدفعات الستة أو السبعة الأولى إضافة إلى طلاب الجامعة الأمريكية هو كمال عبد الرءوف -رحمه الله .

الكاتب : ماهر عباس 25 يناير 2010 القاهرة .

د. ناصر شافعي 26 / 01 / 2010 43 : 12 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر
( 22 )
الفريد فرج

شكسبير العرب – أكبر كاتب مسرحي عربي في القرن العشرين

من أهم كتاب المسرح العربي في القرن العشرين .

ولد في مصر بمحافظة الشرقية- عام 1929.. و توفى بلندن عام 2005 .

حصل على الليسانس من كلية الآداب جامعة الإسكندرية عام 1949، عشق المسرح منذ الصغر فقد كان عضواً فى فريق التمثيل بالمدرسة، ولم يقف اهتمامه بالفن عند حد التمثيل بينما كان يمارس الشعر والرسم.

بعد تخرجه من الجامعة عمل صحفياً وناقداً أدبياً بمجلة روزاليوسف ومجلة التحرير وجريدة الجمهورية، إلى أن تفرغ للمسرح خلال أعوام 1964 ـ 1965 ـ 1966 فكانت هذه السنوات من أخصب سنوات عمره المسرحى حيث ظهرت له العديد من المسرحيات التى أثرت على الحركة المسرحية في مصر، ومع انقضاء هذه المرحلة تبلور فكر ألفريد تماماً داخل المسرح كتعبير عن احتياج اجتماعى للحوار بين الافكار والجدل الايدولوجى وللتعبير عن المناقشة الفكرية التي ظهرت على الساحة الاجتماعية والسياسية وكحال المسرح انعكس هذا المبدأ داخل كتاباته المسرحية، فأصبحت تلك الموضوعات هى لبنة مسرح ألفريد فرج.

امتازت رؤاه بالطرح الجاد لقضايا العدل والحرية والتضامن الاجتماعي والهوية الوطنية والبحث عن الحقيقة و الدعوة لخلق إرادة قوية فاعلة لدى الفرد لكي يكون قادراً على التغيير والتجديد.

عمل مستشاراً لهيئة المسرح والموسيقى والفنون الشعبية في جمهورية مصر العربية.
عضو جمعية المسرح.

حصل فى عام 1965 على جائزة الدولة التشجيعية في مجال التأليف المسرحي.

من مؤلفاته:

1- حلاق بغداد- مسرحية- 1964.
2- سليمان الحلبي- مسرحية- 1965.
3- الزير سالم- مسرحية- 1966.
4- علي جناح التبريزي وتابعه قفة- مسرحية 1969.
5- دليل المتفرج الذكي إلى المسرح- دراسة- القاهرة 1969.
6 – عسكر و حرامية.
7 – النار و الزيتون (1970)
8 - "رسائل قاضى اشبيليه"
9 - "غراميات عطوة ابو مطوة"
10 - "الاميرة والصعلوك".

توفى في لندن في ديسمبر 2005 .

د. ناصر شافعي 26 / 01 / 2010 50 : 12 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
التراث في مسرح ألفريد فرج
بقلم : لقمان محمود


التراث الشعبي العربي عند ألفريد فرج هو المادة الخام الأساسية التي بنى عليها معظم نتاجه المسرحي، ومحطاته الكبرى كانت عند حكايات ألف ليلة وليلة، ومنها استمد عددا من أعماله المسرحية الهامة. والسؤال هل يمكن أن يكون المسرح تعليميا ، وأن يكون هدفه الأوحد تغيير العالم؟

ليس السؤال مطروحا على فناني المسرح وحدهم بطبيعة الحال، لكن المسرح هو الفن الأكثر قدرة على صياغة الأسئلة وطرحها، وتقديم إجابات لها، كل حسب موقعه، وحسب ما يتوفر له من معطيات، وهو كذلك فن جماعي مركب، لا بد له من جماعة متآلفة من فنانين، وفنيين حتى يكتسب حياته فوق الخشبة، والحديث عن مسرح "ألفريد فرج" له جوانب متعددة، وقبل الشروع فيها لا بد من الحديث عن الواقع الذي نشأ له هذا المسرح.

لقد كانت ثورة تموز عام 1952، التي حاولت أن تعيد صياغة أسس الواقع المصري سياسيا، واقتصاديا، واجتماعيا، مناخا ممتازا لظهور مسرح ناهض في كل مكان تنوعت أشكاله، وأهدافه، فانقسم الإنتاج المسرحي المصري في تلك الفترة أقساما ثلاثة:

القسم الأول: قدم المسرحية الاجتماعية النقدية، وأعلامها نعمان عاشور، سعد الدين وهبة، لطفي الخولي وألفريد فرج، حيث تحولت المسرحية على أيدي هؤلاء إلى كوميديا انتقادية ذات مضمون سياسي واضح.

القسم الثاني: قدم المسرحية التراثية التي تفيد من مأثورات الشعب في الصيغة والمضمون المسرحيين، وأهم كتابها: ألفريد فرج، نجيب سرور، شوقي عبد الحكيم، محمود دياب.

أما القسم الثالث: فقد قدم مسرحيات سياسية إما معاصرة أو من تاريخ الأمة العربية، فكان عبد الرحمن الشرقاوي، وصلاح عبد الصبور، وألفريد فرج أهم أعلامه.

وهنا نلاحظ أن المسرحي ألفريد فرج تناول في كتاباته المسرحية الأقسام الثلاثة للمسرحية، ولا عجب في ذلك فهو ابن الصعيد المصري، نزحت عائلته إلى الإسكندرية، فدرس الأدب الإنجليزي في جامعتها، وحمله طموحه إلى القاهرة، ليختلط بمثقفيها، حيث عمل حينها بالنقد والصحافة، فانشغل بالشعر والمسرح، ودأب على الدرس بأناة وهدوء التراجيديات الهامة في عصورها المختلفة، كما وجد نبعا متدفقا في ألف ليلة وليلة، والسير والملاحم، لذلك لا يمكن النظر إلى مسرح ألفريد فرج بمعزل عن حركة التقدم في مصر، بدءا بثورة تموز وما أحدثته من متغيرات على الصعيدين المحلي والعالمي على السواء.

فمع وعي فرج الدرامي تخلق قبل حدوث هذا الفعل الاجتماعي، غير أن مظاهر هذا الوعي قد واكبت التغيير الاجتماعي الذي أحدثته الثورة، لذا نجد أن مسرح فرج يقع في قلب حركة التقدم، وهو واحد من الذين تجلى إبداعهم في حرب بور سعيد عام 1956، وصاغوا من الاحتلال سلاحا ذا وقوة في مقاومته، وأرهصوا بإفلاس الاحتلال، مؤكدين بأن القوة الشعبية قادرة على مقاومته، ودحره، فأخرج أولى مسرحياته "صوت مصر" عام 1956، غير أن أعماله في هذه الفترة، كانت تحضع لمعايير فن المقاومة واستنهاض الهمم ضد المستعمر، أكثر من خضوعها لمعايير الشكل والمضمون، فأتت أعماله أقرب إلى التحريض المباشر دون الوعي، والكشف في الإطار الفني الخلاق، واتسمت هذه المرحلة بالنزوع التلقائي لتحقيق فعل المقاومة، وحفر الإرادة الشعبية لمواجهة التسلط الاستعماري.

أما أهم ما تميز به مسرح فرج، فهو بحثه الدؤوب لتحقيق فكرة العدالة، وقد تنوعت أشكال التعبير عن هذه الفكرة، فهناك المستوى التاريخي الذي تمثله مسرحيتا "سقوط فرعون" عام 1957، و"سليمان الحلبي" عام 1965.

ففي الأولى يعالج قضية السلام، فالفرغون أخناتون الذي عرف في تاريخ مصر القديمة بالدعوة إلى التوحيد، وإلى المثالية الأخلاقية، يعتنق في المسرحية، سياسة السلام المطلق، ويدعو إلى هذه السياسة، ويرفض أن يلجأ إلى الحرب، لأي سبب كان، بينما كهنة آمون الرجعيون يرفضون هذه السياسة، ويدعون إلى الحرب، للمحافظة على المستعمرات المصرية في آسيا وإفريقيا. وأرسل الكهنة واحدا منهم إلى قائد الجيش أخناتون ليغريه بالخروج على سياسة فرعون، وتسيير الجيش لقمع المستعمرات، وينجح الكاهن اللبق، الداهية، في مهمته، فيغري القائد بهذه السياسة، بل يغري أيضا زوجة فرعون نفرتيتي بالسياسة نفسها، ويشعر فرعون بهذه المؤامرة، فيأمر بوضع قائده وزوجته في السجن. ولكن القائد لا يلبث أن يهرب من السجن ليقود جيشه إلى الحرب، ويدرك أخناتون بأن سياسة السلام المطلق التي يدعو إليها لا سبيل إلى تحقيقها، بل ينتهي الأمر إلى الاعتقاد بأن هذه السياسة لا يستطيع أن يعتنقها ويبشر بها إلا نبي. أما الملوك فلا سبيل إلى اعتناقهم مثل هذه السياسية غير العملية. فما كان من أخناتون إلا أن تنازل عن الملك لابنه الأكبر، مفضلا أن يتفرغ لنشر رسالة السلام في الأراضي، كنبي متجول، وما أشبهه بالسيد المسيح نبي المحبة والسلام. لقد أحدث سقوط فرعون دويا في الحياة الأدبية والفكرية، وحمل المقومات الأساسية لمسرح فرج: الابتعاد من أجل الاقتراب، مفارقة الواقع وتجريده مما هو عابر ومباشر، من أجل العودة إليه على نحو أصفى وأكثر تركيزا، وطرح قضاياه الأساسية من وراء قناع عصر آخر، ثم ما أجمع المثقفون والمختلفون جميعا، هو تلك اللغة الخاصة التي ميزت العمل، اللغة من حيث هي مؤثر مسرحي، وليست بلاغة لفظية خارجة، والدأب على رسم ملامح الشخصية الواحدة الرئيسية من خلال المشاهد الصغيرة المتتابعة، والولع بالجدل وتقليب الفكرة على كل وجوهها المحتملة. وترسخت فكرة العجالة في ذهن فرج بعد اعتقاله ربيع 1958، إلى ربيع 1959، حيث تولى في السجن مسؤولية مكتب الأدباء والفنانين المستقلين.

أما مسرحية "سليمان الحلبي" فقد قدمت أطروحة لفكرة العدالة أكثر دقة وشمولا، فالحلبي يدرك بوعيه الحاد أنه طرف في صراع سياسي كبير، وعليه أن يحدد فيه موقفا واضحا، كما أن عليه أن يحسم في فعل خلاق، يجيب على جملة التساؤلات التي أقضت مضجعه، فهو حين يقتل "كليبر"، فإنه يجيب أولا على سؤال كليبر حول إمكانية انتصار الضعيف على الأقوى، فضلا عن إجابته الحاسمة حول ما إذا كان من العدل تعيين حداية الأعرج المجرم جابيا للمال.

بهذا الفعل السياسي الخلاق المبدع، يعم نشاط سياسي المجتمع برمته، فيتحقق الفعل ورد الفعل، اي بطش الحملة الفرنسية، مقاومة هذا البطش، أو ما يمكن أن نسميه بالجدل الاجتماعي. إن جملة التراكمات الكمية في المعرفة عند سليمان الحلبي قد تحولت تحولا كيفيا، ففي خلال تجواله الخطر في أزقة القاهرة، وأروقة الأزهر الشريف، تعرف كثيرا على أنماط ونماذج عديدة من حياة المصريين أيام الحملة الفرنسية. وكان طبيعيا أن تتحول جملة هذه المعارف إلى فعل يستنهض به سليمان الحلبي حركة التاريخ. إن الحلبي لا تؤرقه فكرة العدالة، إلا من خلال واقع مادي ملموس، بعكس أخناتون، الذي ظل يسبح في عوامل ميتافيزيقية، غير أن مكمن الثراء الإنساني في شخصية الحلبي أنه يقتل قتلا نزيها وعادلا ويتبين لنا ذلك، حين يسأله الكورس: لماذا لم يقتل باشا حلب؟ فيجيبهم: إنه لا يقوى على القتل انتقاما!.. ويسألونه ثانية عن تسميته لقتل كليبر، فيجيبهم قائلا "العدل"، وهنا يكون التحول إلى الكيف قد بدأ، حتى ينفذ الحلبي فعله المبدع. إن فكرة العدالة في مسرحيتي فرج "سقوط فرعون" و"سليمان الحلبي" فضلا عن مسرحية "حلاق بغداد" هي فكرة ممكنة، حتى بالرغم من سقوط أخناتون، وجملة المصاعب الكبرى التي واجهها الحلبي، وكذلك الحلاق، فأبو الفضول، حلاق بغداد، ابن الثورة المصرية "1952" الذي يساوره الشك أحيانا، في أنه مخطئ لحشر نفسه فيما لا يعنيه مباشرة، من شؤون مواطنيه، وخاصة المستضعفين المستذلين منهم، حتى ليخيل إليه أنه فضولي يلقى ما يستحق من جزاء، ومع ذلك لا يدع سبيلا لهذا الشك والبلبلة على إرادته وضميره الاجتماعي الأخلاقي. فبالرغم من أن حلاق بغداد قد أفصح أكثر من مرة، عن هذه الشكوك بلسانه، فإننا لم نره يتردد لحظة واحدة في مواصلة العمل لانتصار حق يوسف وياسمينة في الحب والحياة، دون يأس أو محاولة للانتحار. ثم مغامرته الأولى لإنصاف الأرملة البائسة الجميلة من الغربان، التي تنقض عليها بعد وفاة زوجها، وتحرمها مما خلفه لها من مال، مستخدمين لذلك جاه المنصب، أو سطوة المال، فتهزأ بالفضول نخوة النفس، وكرامة الخلق، لينهض بعبء الدفاع عن هذه المرأة، في تلقائية تكاد تشبه المصادفة البحتة، وكأن هذا الثائر العظيم على الظلم، والاستقلال، والفساد الاجتماعي لا يعي ما يفعل، بل يلهو بروح خفيفة، مرحة، متفائلة، لا تنضح فيها روح الشك، أو البلبلة التي تجري أحيانا على لسانه، ولكنها لا تنفذ قط إلى ضميره وإرادته، وهذه هي قمة الفن الإنساني الرفيع، ذلك لأنه يقتحم على الدوام خطوط دفاع البشر عن أنفسهم، يكشف لهم عن خطأ انعزالهم، وانطوائهم، وهو حين يمارس هذا الاقتحام، يكشف عن خطأ ما قد حدث لهؤلاء البشر، ولا يملك إلا أن يساعدهم. العدل في مسرحية الحلاق هو المنديل، فمنديل الأمان هنا هو جواز مرور إلى الصدق والشهادة الحقة. فمسرحية حلاق بغداد،كأنها قطعة أرابيسك مؤلفة من لوحتين متعاكستين، فحلاق بغداد فضولي يريد اختراق الأسرار من جهة، ومن جهة ثانية لا يريد اختراق الأسرار، ولكن أصحاب الأسرار يريدون اجتنابه لمعرفة أسرارهم، وينهي الحالتين بخاتمة واحدة.

هذا ما كان من أمر العدل الممكن، أما العدل المستحيل فتمثله مسرحية "الزير سالم" عام 1967، فالزير لا يقر بغير استعادة أخيه حيا مطلبا صحيحا، فهو يقول: "أريد كُليبا حيا"! أي أنه يريد القتيل حيا، وقد جعله يفلسف هذا المطلب العجيب، بأن التحقيق اكتشاف منطق سلوك الشخصية من أجل تحقيق العدالة، ذلك هو القانون الصحيح، في رأيه، فكُليب قد مات غيلة وغدرا، وهو في سبيل تحقيق مطلبه، يضرب بسيفه في المستحيل، وحين يشق سيفه الممكن، يرفض قائلا: "العدل الكامل هو ما أريد"، وهو يفلسف مطلبه قائلا: "أعدل أن أبيع ملك كريم بدم قاتل الملك الكريم". وهو في سبيل تحقيق هذا المطلب العادل، يطلب أن يرتد الزمن، فكلما أغرق في الدم أوغل أيضا في استحالة تحقيق مطلبه. "وما يصنعه البشر يتدفق دائما، في وجهه وحده، وما أعظم الظلم الواقع من جراء ذلك".

تكمن بطولة الزير سالم في محاولته الصادقة لتحقيق العجالة كاملة، لكنه حين يدرك عداء الزمن له، يعي استحالة تحقيق مطلبه هذا، فيقبل بالتنازل التكتيكي، أي قبول موت كُليب في مقابل اعتلاء هجرس العرش، ما دام الهدف الاستراتيجي عصيا على التحقيق، فلا مفر إذا من قبول الحل الوسط. إن العدالة التي تحققت كاملة بهزيمة أخناتون، والدعوة لتحقيق فكرة السلام المسلح، التي استطاع الحلبي أن يحققها بقتله كليبر، وحققها أبو الفضول بالأمن الاجتماعي، هذه العدالة تعجز عن التحقيق في اكتمالها "الميتافيزيقي" في الزير سالم، فهو على هذا المستوى يصل إلى تحقيق نصفها الممكن، لكنه على المستوى الواقعي يحققها كاملة غير منقوصة.

أما فكرة الصراع الطبقي فتتجلى في مسرحية "على جناح التبريزي وتابعه قفة" عام 1969، ولكنها تزداد وضوحا، معلنة عن نفسها في مسرحية "زواج على ورقة طلاق" عام 1973، ففي التبريزي يتحرك المجتمع حركته الاقتصادية، بناء على حكم عذب بقدوم قافلة تحمل خلاص الإنسان. فبين الحاكم الفني وطبقته، والشعب الفقير، يتحرك التبريزي، بحنكة بالغة، فيأخذ من الحاكم، بإدعاء أن قافلته سوف تأتي حتما، ويدفع عجلة الإنتاج الاقتصادي عن طريق إثارة الحلم بتحقيق العدل في توزيع الثروة، ويعيش الملك على وهم القافلة، ويتحرك الجموع إلى الإنتاج بالحلم، غير أن التبريزي يشكل طرفا في صراعه مع قفة، فالتبريزي يحلم، ويتجاوز الواقع، متحركا به إلى آفاق الحلم، أما قفة فإنه لا يقبل أن يتجاوز مواطئ قدميه. إنه صراع بين الحلم والواقع، طرفاه يكملان بعضهما، حتى يؤمن قفة بالحلم، ويشترك مع التبريزي في نشر المهن والحرف، وجملة الصناعات، ويتحرك المجتمع متدفقا إلى المزيد من العمل والثراء، تم هذا بناء على التلاقي الخلاق بين الحلم والواقع، وتجسيدهما التبريزي وقفة.
في "زواج على ورقة طلاق" يعتمد المؤلف إغفال كل المحسنات الدرامية والفنية، وصولا إلى النتائج الفكرية، بشكل واضح ومباشر، فنحن هنا إزاء نموذجين من طبقتين اجتماعيتين مختلفتين، النموذج الأول يمثله مراد البورجوازي الطموح لتجاوز موقفه الطبقي ومحاولة الاشتراك في الصراع الاجتماعي الدائر، وفي محاولته لإتمام انسلاخه عن طبقته وتجاوزها، يصطدم بجملة القيم الاجتماعية الراسخة، التي عليه التقيد بها، ممثلة في التقاليد التي تفرضها عليه أمه. وفضلا عن الصراع الأساسي القائم بين مراد، كممثل للطبقة البورجوازية، وزينب الكادحة، فإن هناك صراعا ثانويا يمثل حدة الصراع الأول نفسها، إنه الصراغ داخل مراد بين أمه وزينب، فأمه تمثل له الوضعية الاجتماعية المحترمة، وزينب تمثل له حلمه المجهض. والنموذج الثاني تمثله زينب التي أنقذت مراد ذات يوم من قبضة البوليس، فهي برغم جهاله، إلا أنها لا تستطيع أن تتآلف معه، وتحاول جاهدة أن تضمه إلى طبقتها، غير أن الإخفاق في التلاقي الطبقي بين مراد وزينب هو إخفاق علمي في الأساس، أو استحالة علمية وتاريخية، والصراع في المسرحية جوهر أساسي لفكرة التناقض الطبقي. هذا الوعي دفع زينب في النهاية، كي تعلن أن زواجها كان خطة فوق ورقة الطلاق.
هذا ما كان من أمر مسرح فرج، حيث استطاع أن يوظف المسرح اجتماعيا، وساعده على ذلك موضوعاته التي نهلها من المأثور الشعبي، واطلاعه على المسرحيات الإنجليزية والروسية.

ثم كانت هزيمة (1967) حيث اتخذ مسرحه بشكل خاص والمسرح العربي بشكل عام مظهرين مترابطين، الأول، هو إزدهار المسرح التجاري، والثاني: هو ما يمكن أن ندعوه "مسرحيات السلطة"، وبقيت أعماله في هذه الفترة قليلة تبرق كنجوم متباعدة في ليل الهزيمة، فأخرج مسرحية "النار والزيتون" عام 1970. استطاع أن يجعل من معانيها ضرورة استمرار الثورة الاجتماعية والسياسية لتحقيق الانتصار، وضرورة تحطيم هذا التحالف الزائف، وضرورة الخلاص من الاستعمار، وتحرير الأرض لتحقيق الحياة والقدرة على النماء. فقد رسم فرج أبعاد العمل الفدائي الفلسطيني في "النار والزيتون"، كما كانت نموذجا لاستخدام شكل آخر من أكثر الأشكال المسرحية حداثة وطواعية للتعبير عن قضايا العصر، الشكل التسجيلي الذي يستعين بكل وسائل العرض، الدراما، والغناء، الرقص، المسرح السحري واللافتات والأقنعة، وجمع مادته من كل المصادر: المعلومات الموثقة والإحصاءات والشهادات الواقعية، وأقوال قادة المؤسسة العسكرية، ومن ساندوا قيام إسرائيل.

بعد مجمل الأحداث السياسية والاجتماعية التي عاشها بدءا من هزيمة حزيران مرورا بحرب تشرين، وتعاظم الأحداث السياسية والاجتماعية من خلال فتح الحوار والنقاش حول عملية السلام، مجمل هذه الأحداث هي التي دفعت ألفريد فرج في العودة إلى الف ليلة وليلة، تلك الأرض التي يعرفها حق المعرفة ويجوس خلالها مغمض العينين كمن يمشي في بيته، فأخرج مسرحيته الأخيرة "الطيب والشرير والجميلة" عام 1994، فالتقط حكاية أبي قير وأبي صير، وجعل السمات الأساسية في شخصيتي بطليه. "بصير" حلاق طيب مسرف في طيبته حتى تكاد تصبح بلاهة أو اندفاعا أحمق إلى فعل الخير، ينقلب عليه دائما بأوخم العواقب لكنه ينجو في اللحظات الأخيرة. و"بقير" صباغ شرير، لص، محتال، أكول، نهم، يسرف في الشر حتى يكاد يطلبه لذاته، وحتى ينقلب شيطانية أو إبليية، بمعنى أنه لا يرتكب الشركي ينقذ نفسه أو يكسب شيئا، لكنه مندفع إليه كأنه موكل بإيذاء الآخرين. يعود من خلال مسرحيته هذه للتأكيد على فكرة الصراع بين الخير والشر، ومن ورائهما واقع قاس وفاسد، وظالم يحيط بالأخيار والأشرار على السواء، هذا الواقع يسود هنا، وفي كل مكان، يدفع الأشرار إلى الإيغال في الشر، ويضعف منطق الأخيار، فاستطاع أن يتواصل معنا مؤكدا مقولته "العدل هو العدل". فيحدثنا عن زماننا الموغل في الشر، من وراء قناع خيالي عذب شفاف ومبهج. أما البطل في مسرحيات ألفريد فرج، فأكثر وعيا بالمكونات الاجتماعية المطروحة، ولم يعد يصارع أقدارا غيبية، بل أصبح فكر سياسي واضح ومحدد، ويدخل في صراعه ضد المجتمع بكل قيمه المتخلفة، أو ضد السلطة، طالما البطل يمثل أحلام الخلاص الاجتماعي.

مما تقدم يتبين أن مسرح فرج هو مسرح "الحدوثة"، بكل مكوناتها الشكلية، من حيث وجود بداية أي تمهيد، ووسط أي العقدة، ونهاية أي الحل الذي ينشأ من تفاعل جملة هذه المكونات في ذاتها، أو في صراع مع مكونات الموضوع الخارجي، هذا المسرح الذي تحكمه الحدوثة، بطبيعتها، لا بد أن يكون قوامه الأساسي وجود البطل. فكل أبطال مسرحياته يبحثون عن العدل، الإنسان عنده طموح وقلق، لأنه لا يستطيع تحقيق المطلق، بينما يفهم المطلق، يعرفه، ولا يستطيع تحقيقه، فالكون بطبيعته لا يعطي المطلق، تحت أي ظرف من الظروف. فالعدل لا يشترى لأنه حق مشروع. لقد اكتشف أخناتون في سقوط فرعون "أنه لا يستطيع أن يحقق السلام إلا بسفك الدماء" وقد رفضت هذه المعادلة، فسقط، إنه يبحث عن العدل المطلق. هذه المسألة ضمن همومنا، إننا شعب دفع الكثير، ونريد مكانا تحت الشمس، ومع هذا ندفع ثمنا باهضا لهذا المكان؟.. ندفع ثمنا باهضا في بحثنا عن العدالة، هنا تتحد أعمق مآسي العالم، وتتخذ نقطة اختلال الكون. فألفريد فرج من أكثر كتاب المسرح العربي قدرة على التكتيك والتحكم فيه، فحسه في اللغة رائع ويوصله بشكل جميل. وهو أول من اتجه إلى التراث العربي اتجاها مقبولا. وقدم بذلك خدمة لكل الذين كتبوا بعده.

المصادر والمراجع:
1 - سمير الحكيم: محاورات معاصرة في المسرح العربي -دمشق- منشورات المطبعة الحديثة، عام 1979.
2 - المسرح العربي بين النقل والتأصيل -كتاب العربي- العدد 18، عام 1988.
3 - فاروق عبد القادر: ازدهار وسقوط المسرح المصري، دمشق - منشورات وزارة الثقافة 1983.
4 - د.محمد مندور: في المسرح المصري المعاصر، القاهرة.
5 - د.علي الراعي: المسرح في الوطن العربي - الكويت، عالم المعرفة، العدد 25، عام 1980.
6 - مجلة المسرح والسينما، المؤسسة المصرية للتأليف والنشر، عام 1968.
7 - بيتر بروك: ترجمة فاروق عبد القادر، النقطة المتحولة: أربعون عاما في استكشاف المسرح، الكويت، عالم المعرفة، العدد 154، عام 1991.
8 - صحيفة السفير اللبنانية، فاروق عبد القادر: صياغة محكمة تومئ ولا تقول، ص14، تاريخ 13/8/1994.
9 - صحيفة الثورة السورية - سعاد زاهر: المأثور الشعبي والتجريب في المسرح، العدد 9526، تاريخ 1994.
10 - ألفريد فرج: دليل المتفرج الذكي إلى المسرح - الهيئة المصرية العامة للكتاب 1989.

د. ناصر شافعي 26 / 01 / 2010 47 : 01 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب في مصر
( 23 )
مصطفى لطفي المنفلوطي
صاحب " النظرات" و " العبرات "



هو مصطفى لطفي المنفلوطي المولود في بلدة منفلوط المصرية في سنة 1877م . كان والده قاضياً شرعياً لبلدته ونقيباً لاشرافها وزعيماً لأسرته.
حفظ القرآن منذ حداثة سنه والتحق بالأزهر الشريف حيث أمضى عشر سنوات تلقى خلالها عن مشايخه ثقافه علمية واسعة , وبفضل حبه للأدب والأدباء انصرف الى تحصيل ما أتيح له منه .. فلم يترك ساعة يخلو فيها بنفسه إلا أنصرف الى القراءة فاستطاع أن ينمي ذوقه الأدبي وأن يجمع ثقافة أتاحت له الشهرة التي بلغها في مجال الأدب .

في السنة 1907م , راح المنفلوطي يكتب أسبوعياً لجريدة ( المؤيد ) رسائله الأدبية التي وفرت له شهرة أدبية واسعة بفضل أسلوبها وبلاغة إنشائها .

وفاتـه :

لم يعمر المنفلوطي طويلاً .. فقد وافته المنية يوم الخميس 10 ذي الحجة سنة 1342 هـ ( 1924 م ) .. وهو يبلغ 47 سنة .. يوم جرت فيه محاولة اغتيال الزعيم سعد زغلول حيث نجا من تلك المحاولة لكنه جرح جرحاً بليغاً فانشغل الناس بتلك الحادثة ولم يلتفتوا كثيراً الى مأتم المنفلوطي كما ينبغي .وحين أبلغ سعد زغلول بوفاة الأديب الكبير حزن عليه أعمق الحزن وذرف عليه الدموع السخية أما أحمد شوقي وحافظ ابراهيم فقد رثياه في مأتم مهيب أقيم له في وقت لاحق ولحق بهما كثير من شعراء الأقطار العربية في العراق والشام ولبنان فرثوه بأعذب الأشعار وأرق الكلمات .

مؤلفاته :
كتب المنفلوطي الكتب التالية :
1- النظرات
2- في سبيل التاج
3- تحت ظلال الزيزفون ( ماجدولين )
4- الفضيلة ( بول وفرجيني )
5- الشاعر ( سبرانودي برجراك )
6- العبرات
7- أشعار ومنظومات رومانسية كتبها في بداية نشأته الأدبية
8- مختارات المنفلوطي .. وهي مختارات شعرية ونثرية انتقاها المنفلوطي
من أدب الأدباء العرب في مختلف العصور .

د. ناصر شافعي 26 / 01 / 2010 59 : 01 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
ماذا قال الأدباء عن مصطفى لطفي المنفلوطي ؟


عن أخلاق المنفلوطي يقول الأديب الناقد حسن الزيات في كتابه تاريخ الأدب العربي :

" إنه كان مؤتلف الخلق .. متلائم الذوق متناسق الفكر متسق الأسلوب .. منسجم الزي وكان صحيح الفهم في بطء سليم الفكر في جهد دقيق الحسن في سكون ..هيوب اللسان في تحفظ وهو الى ذلك رقيق القلب عّف الضمير سليم الصدر صحيح العقيدة موزع الفضل والعقل والهوى بين أسرته ووطنيته وانسانيته .

وعن سياسته قال عنه محمد عبدالفتاح في كتابه أشهر مشاهير أدباء الشرق :

وطنّي يتهالك وجداً على حب وطنه ويذري الدمع حزناً عليه وعلى ما حل به من صنعة الحال وفقدان الأستقلال .
ليس له حزب خاص ينتمي اليه ولا جريدة خاصة يتعصب لها وليس بينه وبين جريدة من الجرائد علاقة خاصة حتى الجرائد التي كان يكتب
فيها رسائله فلم يكن بينه وبينها أكثر مما يكون بين أي كاتب يكتب رسائله له مطلق الحرية في أي صحيفة يتوسل بانتشارها الى نشر آرائه وأفكاره
فان لاقاها في شيء من مبادئها ومذاهبها لاقاها مصادفة واتفاقاً وإن فارقها في ذلك فارقها طوعاً واختياراً .

مكانته الأدبية :
لاقت روايات المنفلوطي وكتبه الأدبية شهرة واسعة في جميع الأقطار العربية فطبعت مرات متعددة وتهافت الناس من كل الأعمار والأجناس على قراءتها .. لكن صاحبها لم يسلم من النقد ومن ألسنة النقاد وأقلامهم إذ انقسم الناس حوله بين مؤيد ومعارض وهذا شأن جميع الكبار في ميادين الأدب والفن والسياسة وغيرها .

أما الأديب اللبناني عمر فاخوري فكان أشد الناس قسوة على المنفلوطي فقد قال :
إن مذهبه الأدبي غامض وآراءه في صنعة الأدب مبهمة .

الى جانب هذا النقد الجارح اتفق مؤيدوه على ان انشاءه فريد في اسلوبه وأن ما كتبه كان له الأثر الكبير في تهذيب الناشئة أخلاقاً ولغة وسلوكاً فالدكتور طه حسين يقول:
" إنه كان يترقب اليوم الذي تنشر فيه مقالات المنفلوطي الأسبوعية في جريدة المؤيد ليحجز لنفسه نسخته منها وكان يقبل على قراءتها بكل شغف " .

وقد قال عنه العقاد :
" إنه أول من أدخل المعنى والقصد في الإنشاء العربي " .

ولقد أجمع الذين عرفوا المنفلوطي وعاشروه على أنه متحل بجميع الصفات التي كان يتكلم عنها كثيراً في رسائله وأن أدبه النفسي وكرم أخلاقه وسعة صدره وجود يده وأنفته وعزة نفسه وترفعه عن الدنايا وعطفه على المنكوبين والمساكين ..ورقة طبعه ودقة ملاحظاته ولطف حديثه إنما هي بعينه كتبه ورسائله لا تزيد ولا تنقص شيئاً .

د. ناصر شافعي 26 / 01 / 2010 14 : 02 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
قصيده يا بني الفقر سلاماً عاطراً

مصطفى لطفي المنفلوطي

[poem=font=",6,,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit4/backgrounds/2.gif" border="solid,4,blue" type=0 line=1 align=center use=ex num="0,black""]
يا بني الفقر سلاماً عاطراً= من بني الدنيا عليكم وثناء
وسقى العارضُ من أكواخِكم= معهدَ الصدق ومَهد الأتقياء
كنتمُ خير بني الدنيا ومن= سعدوا فيها وماتُوا سُعداء
عشتم من فقرِكم في غبطةٍ= ومن القلةِ في عيشٍ رَخاء
لا خصامٌ لا مِراءٌ بينكم= لا خداعٌ لانفاقٌ لا رياء
خلقٌ بَرٌ وقلبٌ طاهرٌ= مثل كأس الخمرِ معنىً وصَفاء
ووفاءٌ تثبَتَ الحبُّ به= وثباتُ الحبِّ في الناسِ الوفاء
أصبحت قصتكم معتبراً= في البرايا وعزاءَ البؤساء
يجتلي الناظر فيها حكمةً= لم يُسطِرها يَراعُ الحُكَمَاء
حِكَمٌ لم تقرءوا في كتبها= غيرَ أن طالعتُمُ صُحفَ الفَضاء
وكتابُ الكونِ فيه صُحفٌ= يقرأ الحكمةَ فيها العُقلاء
إن عيش المَرء في وَحدَتهِ= خيرُ عَيش كافِلٍ خَيرَ هَنَاء
فالورى شرٌ وهمٌ دائمٌ= وشقاءٌ ليس يَحكِيه شَقَاء
وفقيرٌ لِغَنىً حاسدٌ= وغنىٌ يستذلَّ الفقراء
وقويٌّ لضعيفٍ ظالمٌ= وضعيفٌ مِن قوىٍّ في عناء
في فضاء الأرض منأى عنهمُ= ونجاءٌ منهمُ أي نَجاء
إن عيش المرءِ فيهم ذلةٌ= وحياةُ الذلِ والموتُ سواء
ليت فرجيني أطاعت بولسا= وأنالته مناهُ في البقاء
ورثت للأدمعِ اللاتي جَرَت= من عيونٍ ما دَرَت كيفض البُكاءِ
لم يكن من رأيها فُرقَتُه= ساعةً لكنه رأيُ القضاء
فارقتهُ لم تكن عالِمةً= أن يومَ المُلتقى يومُ اللقاء
ما لفرجيني وباريس أما= كانَ في القفرِ عن الدنيا غَناء
إن هذا المال كأسٌ مُزِجَت= قطرةُ الصهباءِ فيه بدِماء
لا ينالُ المرءُ مِنه جُرعَةً= لم يَكن في طيّها داءٌ عَيَاء
عَرَضوا المجدَ عليها بَاهِراً= يَدهَشُ الألبابَ حُسناً ورُواء
وأَرُوها زخرفَ الدنيا وما= راقَ فيها مِن نعيمٍ وَثَراء
فأبته وأبى الحبُّ لها نَقضَ= ما أبرَمَه عَهدُ الإِخاء
ودَعَاها الشَوق للقفر وما= ضمَّ مِن خَيرٍ إليهِ وهَناء
فَغَدت أهواؤُها طائرةً=بجناحِ الشوقِ يُزجِيها الرَّجاء
يأمُلُ الإِنسانُ ما يَأمُلُه=وقضاءُ اللَه في الكونِ وراء
ما لِهذا الجوّ أمسى قاتِماً= يُنذرُ الناسَ بويلٍ وبَلاء
ما لِهذا البحر أضحى مائجاً= كَبِنَاءٍ شامخٍ فوقَ بِنَاء
وكأَنَّ الفُلكَ في أمواجِه= رِيشةٌ تحملُها كفُّ الهواء
وَلِفرجِيني يدٌ مبسوطةٌ= بدعاءٍ حين لا يُجدي دُعاء
لَهَفِي والماءُ يَطفو فَوقَه= هيكلُ الحُسنِ وتِمثَالُ الضيّاء
زهرةٌ في الرّوضِ كانت غَضَّةً= تملأُ الدُّنيا جَمالا وبَهاء
من يَراها لا يَراها خُلِقَت= مثلَ خَلقِ الناس من طِينٍ وماء
ظَنَّتِ البحرَ سماءً فهوت= لتُبارى فيه أَملاكَ السّماء
هكذا الدنيا وهذا مُنتهى= كلِّ حيٍّ ما لحيٍّ من بَقاء[/poem]

د. ناصر شافعي 28 / 01 / 2010 48 : 02 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر
( 24 )
رفاعة الطهطاوي
رائد الترجمة إلى العربية .. ومؤسس أول صحيفة عربية مصرية


رفاعة رافع الطهطاوي (1216 هـ/1801 - 1290 هـ/1873) من قادة النهضة العلمية في مصر في عهد محمد علي باشا. وُلد رفاعة رافع الطهطاوي في 15 أكتوبر 1801، بمدينة طهطا إحدى مدن محافظة سوهاج بصعيد مصر، ونشأ في أسرة كريمة الأصل شريفة النسب، فأبوه ينتهي نسبه إلى الحسين بن علي بن أبي طالب، وأمه فاطمة بنت الشيخ أحمد الفرغلي، ينتهي نسبها إلى قبيلة الخزرج الأنصارية.

لقي رفاعة عناية من أبيه، فحفظ القرآن الكريم، وبعد وفاة والده رجع إلى موطنه طهطا، ووجد من أخواله اهتماماً كبيراً حيث كانت زاخرة بالشيوخ والعلماء فحفظ على أيديهم المتون التي كانت متداولة في هذا العصر، وقرأ عليهم شيئا من الفقه والنحو. التحق رفاعة وهو في السادسة العشر من عمره بالأزهر في عام 1817وشملت دراسته في الأزهر الحديث والفقه والتفسير والنحو والصرف.. وغير ذلك.

يبدأ المنعطفُ الكبير في سيرة رفاعي الطهطاوى مع سفره سنة 1242هـ =1826م إلى فرنسا ضمن بعثةعددها اربعين طالب أرسلها محمد علىّ على متن السفينة الحربية الفرنسية (لاترويت) لدراسة العلوم الحديثة.

وكان الشيخ حسن العَطَّار وراء ترشيح رفاعة للسفر مع البعثة كإمامٍ لها وواعظٍ لطلابها، وذهب كإمام ولكنه إلى جانب كونه إمام الجيش اجتهد ودرس اللغة الفرنسية هناك وبدأ بممارسة علم، وبعد خمسٍ سنوات حافلة أدى رفاعة امتحان الترجمة، وقدَّم مخطوطة كتابه الذى نال بعد ذلك شهرة واسعة تَخْلِيصُ الإِبْرِيزِ فيِ تَلْخِيصِ بَارِيز .

عاد رفاعة لمصر سنة 1247 هـ / 1831 مفعماً بالأمل منكبّاً على العمل فاشتغل بالترجمة في مدرسة الطب ، ثُمَّ عمل على تطوير مناهج الدراسة في العلوم الطبيعية.

وأفتتح سنة 1251هـ / 1835م مدرسة الترجمة، التي صارت فيما بعد مدرسة الألسن وعُيـِّن مديراً لها إلى جانب عمله مدرساً بها، وفى هذه الفترة تجلى المشروع الثقافى الكبير لرفاعة الطهطاوى ووضع الأساس لحركة النهضة التي صارت في يومنا هذا، بعد عشرات السنين إشكالاً نصوغه ونختلف حوله يسمى الأصالة أم المعاصرة كان رفاعة أصيلاً ومعاصراً من دون إشكالٍ ولا اختلاف، ففى الوقت الذى ترجم فيه متون الفلسفة والتاريخ الغربي ونصوص العلم الأوروبى المتقدِّم نراه يبدأ في جمع الآثار المصرية القديمة ويستصدر أمراً لصيانتها ومنعها من التهريب والضياع.

وظل جهد رفاعة يتنامى بين ترجمةً وتخطيطاً وإشرافاً على التعليم والصحافة ، فأنشأ أقساماً متخصِّصة للترجمة (الرياضيات - الطبيعيات - الإنسانيات) وأنشأ مدرسة المحاسبة لدراسة الاقتصاد وومدرسة الإدارة لدراسة العلوم السياسية.
وكانت ضمن مفاخره استصدار قرار تدريس العلوم والمعارف باللغة العربية (وهي العلوم والمعارف التي تدرَّس اليوم في بلادنا باللغات الأجنبية) وإصدار جريدة الوقائع المصرية بالعربية بدلاً من التركية، هذا إلى جانب عشرين كتاباً من ترجمته، وعشرات غيرها أشرف على ترجمتها.

آثار فكرية
وعلى الرغم من كثرة المسئوليات التي تحملها رفاعة وأخذت من وقته الكثير، فإنه لم ينقطع عن الترجمة والتأليف فيما يعود بالنفع على الأمة، ولم يقض وقته إلا فيما فيه فائدة، وقد وصفه تلميذه النابه صالح مجدي بأنه "قليل النوم، كثير الانهماك على التأليف والتراجم". وقد بدأ رفاعة إنتاجه الفكري منذ أن كان مبعوثًا في فرنسا، ومن أهم كتبه:

- مناهج الألباب المصرية في مباهج الآداب العصرية.

- المرشد الأمين في تربية البنات والبنين.

- أنوار توفيق الجليل في أخبار مصر وتوثيق بني إسماعيل.

- نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز، وهو آخر كتاب ألفه الطهطاوي، وسلك فيه مسلكا جديدا في تأليف السيرة النبوية تبعه فيه المحدثون.
أما الكتب التي قام بترجمتها فهي تزيد عن خمسة وعشرين كتابًا، وذلك غير ما أشرف عليه من الترجمات وما راجعه وصححه وهذبه.

ومن أعظم ما قدمه الرجل تلاميذه النوابغ الذين حملوا مصر في نهضتها الحديثة، وقدموا للأمة أكثر من ألفي كتاب خلال أقل من أربعين عامًا، ما بين مؤلف ومترجم.
( منقول )

د. ناصر شافعي 28 / 01 / 2010 07 : 03 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر
( 25 )
مصطفى صادق الرافعي
الشاعر و الأديب و المؤرخ الفذ


ولد في 1 يناير 1880 - توفى 14 مايو 1937 م . ولد في بيت جده لأمه في قرية "بهتيم" بمحافظة القليوبية في أول وعاش حياته في طنطا .

اصله من مدينة طرابلس في لبنان ومازالت أسرة الرافعى موجودة فيها حتى الآن, أما الفرع الذى جاء إلى مصر من اسرة الرافعى فإن الذى اسسه هو الشيخ محمد الطاهر الرافعى الذى وفد إلى مصر سنة 1827, ليتولى قضاء المذهب الحنفي أى مذهب أبي حنيفة النعمان بأمر من السلطان العثمانى حيث كانت مصر حتى ذلك الحين ولاية عثمانية. كان والد الرافعى هو الشيخ عبد الرازق الرافعى الذى تولى منصب القضاء الشرعى في كثير من اقاليم مصر وكان آخر عمل له هو رئاسة محكمة طنطا الشرعية. أما والدة الرافعى فكانت سورية الاصل كأبيه وكان ابوها الشيخ الطوخى، وهو تاجر تسير قوافله بالتجارة بين مصر والشام، واصله من حلب، وكانت اقامته في بهتيم من قرى محافظة القليوبية، وكان له فيها ضيعة.

دخل الرافعى المدرسة الابتدائية ونال شهادتها ثم اصيب بمرض ، اقعده عدة شهور في سريره وخرج من هذا المرض مصابا في اذنيه وظل المرض يزيد عليه عاما بعد عام حتى وصل إلى الثلاثين من عمره وقد فقد سمعه بصورة نهائية. ولم يحصل الرافعى في تعليمه النظامى على أكثر من الشهادة الابتدائية. معنى ذلك ان الرافعى كان مثل العقاد في تعليمه, فكلاهما لم يحصل على شهادة غير الشهادة الابتدائية ، و رغم ذلك أبدع في الأدب شعراً و نثراً .

مؤلفاته :
1. تاريخ آداب العرب (ثلاثة أجزاء)، صدرت طبعته الأولى في جزأين عام 1329هـ،1911م.
إعجاز القرآن والبلاغة النبوية (وهو الجزء الثاني من كتابه تاريخ آداب العرب)، وقد صدرت طبعته الأولى باسم إعجاز القرآن والبلاغة النبوية عام 1928م وصدر الجزء الثالث بعد وفاته بتحقيق محمد سعيد العريان وذلك عام 1359هـ الموافق لعام 1940م.

2. كتاب المساكين، صدرت طبعته الأولى عام 1917م.

3. السحاب الأحمر.

4. حديث القمر.

5. رسائل الرافعي، وهي مجموعة رسائل خاصة كان يبعث بها إلى محمود أبي رية، وقد اشتملت على كثير من آرائه في الأدب والسياسة ورجالهما.

6. تحت راية القرآن، مقالات الأدب العربي في الجامعة، والرد على كتاب في الشعر الجاهلي لطه حسين.

7. على السفود، وهو رد على عباس محمود العقاد.

8. وحي القلم، (ثلاثة أجزاء) وهو مجموعة فصول ومقالات وقصص كتب المؤلف أكثره لمجلة الرسالة القاهرية بين عامي 1934- 1937م.

9. أوراق الورد.

10. رسائل الأحزان.

11. ديوان الرافعي (ثلاثة أجزاء) صدرت طبعته الأولى عام 1900م.

12. ديوان النظرات (شعر) صدرت طبعته الأولى عام 1908م.

يذكر انه الف النشيد الرسمي التونسي الذي لا يزال معمولا به إلى يومنا هذا وهو النشيد المعروف بحماة الحمى.

د. ناصر شافعي 28 / 01 / 2010 26 : 03 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
من روائع الكاتب الكبير /مصطفى صادق الرافعي
من كتابه "حديث القمر"

الحب إحدى كلمتين هما ميراث الإنسانية ،وهدية التاريخ ..والطرفان اللذان تلتقي عندهما السماء والأرض ..." فيا أيها القمر الذي أشرق لآدم وحواء ليلة هبوطهما ..بابتسام يشبه نوراً انبعث من قمرين ثم ما زال يشهد في كل عاشقين "آدم وحواء..."

" لقد نادمتك فهل ثملت ..فَمِلت؟"

" لقد ساهرتك أيها القمر لأحادثك ..وناجيتك لأستخرج الفكر من نفسي .وانتضيت الفكر لأجليَ منه الحقيقة النفسية....وتأملت الحقيقة لأرى ذلك الشعاع الإلهي الذي رأيناه في حبة القلب ..فسميناه الحب..."

***
أيها القمر الآن وقد أظلم الليل وبدأت النجوم تنضخ وجه الطبيعة التي أعيت من طول ما انبعثت في النهار ، برشاش من النور الندي يتحدر قطرات دقيقة منتشرة كأنها أنفاس تتثاءب بها الأمواج المستيقظة في بحر النسيان التي تجري به السفن الكبيرة من قلوب عشاق مهجورين برّحت بهم الآلام ، والزوارق الصغيرة من قلوب أطفال مساكين تنتزعها منهم الأحلام ، تلك تحمل إلى الغيب تعباً وترحاً ، وهذه لعباً وفرحاً. والغيب كسجل أسماء الموتى تختلف فيه الألقاب وتتباين الأحساب والأنساب ، وتتنافر معاني الشيب من معاني الشباب ، وهو يعجب من الذين يسمونه بغير اسمه ولا يعلمون أنه كتاب في تاريخ عصر من عصور التراب.

والآن وقد بدأت الطبيعة تتنهد كأنها تُنفس بعض أكدارها ، أو هي تُملي في الكتاب الأسود أخبار نهارها ، وبدأ قلبي يتنفس معها كأنه ليس منها قطعة صغرى . بل طبيعة أخرى ....

....والآن وقد رقّت صفحة السماء رقة المنديل ، أبلته قُبل العاشق في بعاد طويل ، أو هجر غير جميل ، وتلألأت النجوم كالابتسام الحائر على شفتي الحسناء البخيلة حيرة القطرة من الندى إذ تلمع في نور الضحى بين ورقتين من الورد ، وأقبل الفضاء يشرق من أحد جوانبه كالقلب الحزين حين ينبع فيه الأمل ، ومرت النسمات بليلة كأنها قطع رقيقة تناثرت في الهواء من غمامة ممزقة وأقبلت كل نفس شجية ترسل آمالها إلى نفس أخرى كأن الآمال بينهما أحلام اليقظة ، ونظر الحزين في نفسه ، والعاشق في قلبه ، ونام قوم قد خلت جنوبهم فليس لهم نفوس ولا قلوب ، ولبس الكون تاجه العظيم فأشرق عليه القمر .

....والآن وقد طلعت أيها القمر لتملأ الدنيا أحلاماً وتشرف على الأرض كأنك روح النهار الميت ما ينفك يتلمس جوانب السماء حتى يجد منها منفذاً فيغيب ، فهلم أبثك نجواي أيها الروح المعذب ، وأطرح من أشعتك على قلبي لعلي أتبين منبع الدمعة التي فيه فأنزفها .إن روحي لا تزال في مذهب الحس كأنها تجهش للبكاء ما دامت هذه الدمعة فيه تجيش وتبتدر ، ولكن إذا أنا سفحتها وتعلقت بأشعتك الطويلة المسترسلة كأنها معنى غزلي يحمله النظر الفاتر فلا تلقها على الأرض أيها القمر ، فإن الأرض لا تقدس البكاء ، وكل دموع الناس لا تُبلُّ ظمأ النسيان ولو انحدرت كالسيل يدفع بعضها بعضاً.

***
أريد أن أبكي بكائي الطبيعي أيها القمر ، لأنه يخيل إليّ أن حقائق كثيرة تغتسل بدموعي ، وأني لا أكون في حاجة للبكاء إلاّ حين تكون هي في حاجة للدموع ، ولقد شعرت مراراً بحركة عقلي في تصفح الأسفار ، واضطراب نفسي في متاحف الآثار ، واختلاج قلبي في معابد الطبيعة التي قامت الجبال في بنائها لأنها أحجار ، فما أفدت من كل ذلك ما أفدته من دمعة تفور في صبيبها كأنها روح عاشق يطاردها الموت بين يدي حبيبها فإن في هذه الدمعة ثواب كل آلامي ، ويقظة كل الحقائق من أحلامي.

وآه إن في " ضمير الطبيعة"وفي المعنى المستتر في الهاء والياء لسراً من الحب تتجدد في الناس معانيه المُعضلة كأن فيه حياة غريبة تغذوه بتلك المعاني ، فهو في علم الروح كالروح نفسها في علم الإنسان .

وإذا تناولته نفس المحب وطفقت تعالجه رأيت المحب ذاهلاً كأنه حي بلا نفس ، وآنست من نظره عمقاً بعيد الغور كأنه الطريق الذي مرت منه نفسه ، فهل يمكن أن يكون في يقظة هذا الإنسان نوع من الحلم ؟

ولَعمري أيها القمر إني لأشكو إليك بَثّي وحزني، وأناجيك بأحلام النفس الإنسانية، وإنك لَتُجيبني الجواب الصامت البليغ فتطرح أشعتك في قلبي آخذُ من بعضها قولاً وأُرجع إليك بعضها قولاً، كالعاشق يرى في ألحاظ حبيبته بالنظرة الواحدة ما في نفسه وما في نفسها.

ولقد أرى لك في جانب من قلبي شعاعاً غريباً قد استبهم عليّ فلستُ أعلمه، وكأنه ينبعث من أبعد سَمْتِ في السماء إلى أعمق غوْر في القلب، وإنما انحدر في أشعتك ليمتزج بشيء من الغزل يستأذن به على هذا القلب الذي فيه من الحب أكثر مما فيه من الجمال.

وما أدري ما أمر ذلك الشعاع؛ غير أني أحسُّ أنه ينير في حَلَك الظلمة الخالدة التي فصلت بيني وبين أيام وُلِدت فيها الدنيا معي؛ فأراه يقابل نفسي بمعانٍ رقيقةٍ كأنها أرواح تلك الأيام الماضية، كأنه اتَّسق أسطراً نورانيةً أقرأ بها فصلاً من تاريخ الطفولة الذي تضحك كلماته لأنه من لغة الضحك.
تلك اللغة الخاصة بالأطفال والتي يضحك منها الرجال أحياناً إذا استمعوا لها لأنّ في أنفسهم بقيةً من أثرها.

تلك اللغة الموسيقية التي تفيض ألحاناً حتى في الحزن، والتي تُوقِّع أنغامها على كل شيءٍ تصادفه كأن كل شيء ينقلب في يد الطفل أوتاراً مُرِنَّةٍ ولو كان العصا التي يُضرب بها…

بل تلك اللغة التي يُوفَّق بعضُ القلوب السعيدة إلى الاحتفاظ بشيءٍ منها على الكبر فتكون فيه ينبوعاً للفلسفة الحقيقة يشرب منها الحب الظمآن، وتستريح إليه الحياةُ المجهودةُ التي ما تكاد تتنفس، وتبترد عنده الأحزانُ الملتهبة، وتصغر لديه كلُّ المصائب فتخرج عن طبيعتها إلى طبيعته حتى ليستحيل بها دموعاً حارةً؛ وهو في الإنسان بقيةُ الريِّ من ماء الجنة قبل أن يخرج منها ويومَ كان لا يظمأ فيها ولا يضحى.

ولشدَّ ما اجتهد العلماء والفلاسفة في تعريف السعادة، ولكنهم عرّفوها بتنكيرها، إذ ألبسوها من لغة البؤس كانت لها كثياب الحداد التي هي أكفانُ الحيّ المتصل بالموت، أو الميت الذي لم يمت، فإذا أردت السعادة من تعريفاتهم وابتغيتها من أوصافهم فإنك تكون سعيداً جداً بل أسعد الناس كافة، لأن كل واحدٍ منهم يتوهَّمك سعيداً متى ما لبستَ تعريفه، فتسعد بعشرين أو ثلاثين سعادةٌ متباينةٌ، ولا ضيرَ أن تبقى بإزاء كل هذا النعيم بائساً في يقينك الذي لا دليل عليه إلا ما تحسّ به أنت، وما يقينك هذا، أيها الأحمق، بجانب ثلاثين ظناً من ظنون الفلاسفة؟؟

إنهم لا يعتدُّونك شقياً ألبتَّةَ حتى تشقى بثلاثين نوعاً من البؤس كما سعدت بثلاثين نوعاً من السعادة…*

كلمتان هما تعريفُ السعادة التي ضلَّ فيها ضلال الفلاسفة والعلماء، وهما من لغة السعادة نفسها، لأن لغتها قليلة المقاطع كلغة الأطفال التي ينطوي الحرف الواحد منها على شعور النفس كلّها. أتدري ما هما؟ أفتدري ما السعادة، طفولةُ القلب..

ذاك، أيها القمر، وإني لأَحس كذلك أن قلبي يطرح على ساحل أشعتك بقايا ما فيه من الآمال المتحطمة التي طال مثواها في لُجَج الهم، كبقايا الغرقى في أعماق اليم، وليت شعري ما عسى أن تُجدي هذه البقايا؟ إنها أثرٌ من رجاءِ ماضٍ في زمنٍ وقع وانقطع، أو كلمةٌ طيبةٌ قد مات أهلها، أو شعاعُ ابتسامةٍ أخلدها الحب في قلبي لأنها روحُ شبابي والأرواحُ خالدة، أو معنىً حزينٌ تعشقه الدموع فلا تزال تنازع إليه، أو قطعةٌ مُثَلَّمة من الذكرى تمرُّ الأحزان من صدوعها، أو آمالٌ في المستقبل البعيد كأنها أحلامٌ يعِدُ بها النائم نفسه قبل أن ينام.. ويكسوها الهمُّ البليغُ ثوبَ الاستعارة فيتخيلها ابتسامات من السعادة، كما يرى المدمن في عناقيد الكرْم سحابة من الخمر، أو بقيةً من حياةٍ معذّبة.

يقول فلاسفة البؤس:إن القدر أبقى عليها لأنها من حصة القضاء، ويقول حكماء الإيمان: إنها بقيةُ معلومةٍ لغايةٍ مجهولةٍ متى انتهينا في طريق العذاب إليها ( أي الغاية) رأينا ثمَّة عناية الله..

فدعني أيها القمر أحمل بقايا عمري؛ إني كلما قطعتُ مرحلةً في سبيل الحياة وضعت عندها أحمالي وعدت أدراجي لأجمع ما يكون قد تناثر مني.. فاقطع كل مرحلة ثلاث مرّات؛ أما إحداهما فأكون فيها كالشيخ الفاني يَدلُف مثقلاً بأيامه، وأما الثانية فامضي فيها خفيفاً لا أحمل إلا النومَ في أجفاني، وأما الأخرى فأعود منها بأثارةِ [معناها الفعل الحميد] من الأحلام تخفُّ على نفسي لولا ما يخالطها من ثقل الفكرِ في قطع مرحلة النهار الجديد
هذه مقالة صرفت فيها وجهَ الحديث إلى القمر وبعثت إلى الكون في أشعة الفجر كلماتها.ولقد كان القمر بضيائه كأنه ينبوع ٌ يتفجر في نفسي ، فكنت أشعر بمعاني هذا الحديث كما يشعر الظمآن اللهِفُ قد بلغ الري وتندّى الماء كبده فأحس بروحه تتراجع كأنما تخدرها قطرات الماء .

ونشرتُ على خيوط القمر ليلاً من ليال الجمال دونه شباب الشاعر الغزل يمتد من ألحاظ فاتنته الحسناء كلما استطار في آفاقه ابتسامُها.
وكنت أرى الطبيعة وقد شفت لعيني كأنها أخرجت حقائقها لتغسلها من ظنون الناس وأوهامهم بهذا الضياء الساكن المرتعد كأنه عرقٌ يرفضّ من جبين السماء وقد تخشعت من جلال الله وخشيته إذ يتجلّى عليها فما فرغت من تصوير الأثر الذي تركته تلك الرؤية في نفسي حتى رأيت هذه المقالة في يدي وكأني أحملها رسالة تعزية من الطبيعة إلى العالم.

د. ناصر شافعي 28 / 01 / 2010 33 : 03 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
من شعر الأديب الكبير مصطفى صادق الرافعي .. عن شهر رمضان :



[poem=font=",6,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit4/backgrounds/28.gif" border="ridge,4,purple" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
فديتـك زائـرًا في كـل عـام=تُحَيّـا بالسـلامة والســـلام
وتُقْبِـل كالغمـام يفيـض حِينًا = ويبقـى بعـده أثــر الغمـام
وكم في الناس من كَلِف مَشُـوقٍ = إليـك وكـم شجـيٍّ مسـتهام
رمــزت لـه بألحـاظ الليـالي= وقـد عـيّ الزمـان عن الكلام
فظـل يعـدّ يومـًا بعـد يـومٍ = كمـا اعتـادوا لأيـام السـقام
ومــدّ لـه رواق الليـل ظـِلاًّ = تـرف عليـه أجنحـة الظـلام
فبـات ومـلء عينـيه منــام = لتنفض عنهمـا كسـل المنــام
ولم أر قبـل حبـك مـن حبيب = كفـى العشـاق لوعـات الغرام
فلـو تـدري العـوالم مـا درينا = لحنّــت للصــلاة وللصيـام
بَنِي الإسلام هـذا خـير ضـيف = إذا غشـي الكـريم ذرا الكـرام
يلُمُّكـم علـى خيـر السـجايا = ويجمعكـم علـى الهمـم العظام
فشـدوا فيـه أيديـكم بعـزم = كمـا شـدَّ الكميّ على الحسام
وقومـوا فـي لياليـه الغـوالي = فمـا عـاجت عليكـم للمقـام
وكـم نفـر تغـرهـم الليـالي = ومـا خلقـوا ولا هـي للـدوام
وخلـوا عـادة السـفهاء عنكم = فتلـك عوائـد القـوم اللئـام
يحلــون الحـــرام إذا أرادوا = وقـد بـان الحـلال من الحرام
ومـا كـل الأنـام ذوي عقول = إذا عَـدُّوا البهائـمَ في الأنــام
ومـن روّتـه مرضعـة المعاصي = فقد جاءتـه أيـام الفطـام[/poem]

د. ناصر شافعي 28 / 01 / 2010 41 : 06 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر
( 26 )
صالح جودت
الإبداع الأدبي .. و تألق أنشودة الفن


شاعر مصري ولد في 12 ديسمبر عام 1912، القاهرة. وتوفى بها عام 1976

• بكالوريوس التجارة، جامعة القاهرة، عام 1939.
• دبلوم الدراسات العليا في العلوم السياسية، عام 1948.
• دبلوم الدراسات المتخصصة من مقر الأمم المتحدة بنيويورك ، عام 1959.

عمل صالح جودت في وظائف متعددة :
• مدير الدعاية لبنك مصر وشركاته.
• محرر بجريدة الأهرام.
• رئيس تحرير مجلة الإذاعة المصرية .
• مراقب البرامج الثقافية ومدير صوت العرب بالإذاعة المصرية.
• مدير تحرير مجلة الاثنين.
• عضو مجلس إدارة دار الهلال ورئيس تحرير الهلال ، وروايات الهلال ، وكتاب الهلال .
• عضو مجلس إدارة جمعية الأدباء.
• نائب رئيس مجلس إدارة جمعية المؤلفين والملحنين.

نال العديد من الجوائز والأوسمة :

• وسام النهضة الأردنى ، عام 1951.
• وسام العرش المغربى ، عام 1958.
• وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى ، عام 1959.
• ميدالية العلوم والفنون.
• جائزة أحسن قصيدة غنائية في السد العالى ، عام 1965.
• جائزة الدولة التشجيعية في الآداب من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية ، عام 1958.

أعماله الشعرية
ظهرت عليه علامات النبوغ وبوادر موهبته الشعرية منذ كان طالباً بالمرحلة الثانوية. وتعرف في المنصورة على الشعراء علي محمود طه وإبراهيم ناجي والهمشري حيث تصادف إقامتهم فيها إما للعمل أو للدراسة في الفترة من سنة 1927 إلى سنة 1931. وعاصر صالح ثورة 1919، وانفعل بها فصقلت وجدانه وألهبت روحه، فأحب ديوان صالح جودت (جمعية أبوللو)، عام 1932.
• ليالى الهرم، عام 1957.
• أغنيات على النيل، عام 1961.
• حكاية قلب، عام 1967.
• ألحان مصرية، عام 1969.
• الله والنيل والحب، عام 1974.

أعماله النثرية

الرواية
• شريين، عام 1947.
• عودى إلى البيت، عام 1957.
• وداعا أيها الليل، عام 1961.
• الشباك، عام 1972.

مجموعة القصص القصيرة
• في فندق الله، عام 1954.
• كلام الناس، عام 1955.
• كلنا خطايا، عام 1962.
• أولاد الحلال، عام 1972.

أدب الرحلات
• قلم طائر، عام 1965.
• أساطير وحواديت، عام 1966.

التراجم
• بلابل في الشرق، عام 1966.
• ملوك وصعاليك، عام 1964.
• ناجى: حياته وشعره، عام 1965.
• شعراء المجون.

ترجمات لهمنجواى
• العجوز والبحر، عام 1965.
• سيدتى الجميلة.
• روميو وجوليت، عام 1946.

د. ناصر شافعي 28 / 01 / 2010 47 : 06 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
مقال للأستاذ المؤرخ: وجدي الجافي، نشر بجريدة الأخبار المصرية يوم الأحد الموافق 25 يونيو من عام 2006 :

الفن مين يعرفه إلا اللي عاش في حماه والفن مين يوصفه إلا اللي هام في سماه والفن مين أنصفه غير كلمة من مولاه والفن مين شرفه غير الفاروق ورعاه.

كانت هذه بداية أنشودة الفن التي صاغها وأبدعها شاعرنا الرقيق الجميل الأصيل وعبر فيها خير تعبير عن قيمة الفن وأهميته في حياتنا انه الأديب الكبير الناقد الصحفي الحر اللامع وشاعر الملوك والزعماء والعظماء صالح جودت..

ولد في تاريخ عجيب يحمل رقم '12' ثلاث مرات فقد ولد يوم الخميس 12/12/1912 بمدينة الزقازيق حيث كان والده كمال الدين جودت يعمل مهندسا وتلقي صالح دراسته الابتدائية في مدرسة مصر الجديدة ثم الثانوية في المنصورة وبدأ يقرض الشعر وهو طالب بكلية التجارة واتجه في شعره نحو الرومانسية وكان من جماعة أبوللو، وعقب تخرجه عمل مديرا للدعاية في بنك مصر مراسلا صحفيا لمجلة الصباح ثم عمل في الإذاعة المصرية وكان رئيسا لتحرير مجلة الراديو وشارك في إنشاء إذاعة صوت العرب يوم 4 يوليو 1953 .

وفي الصحافة عمل في جريدة الأهرام ودار الهلال محررا ثم مديرا فرئيسا للتحرير ونائبا لمجلس الإدارة وكتب في الرواية وأدب الرحلات وله العديد من التراجم الادبية مثل سناجي، الهمشري، شعراء المجون، ملوك وصعاليك وبلابل من الشرق'.. ومن دواوينه الشعرية 'ليالي الهرم.. اغنيات 'علي النيل'.

وكتب قصصا وحوار أفلام مثل 'أيام شبابي' لشادية، 'المظ وعبده الحامولي' لوردة وعادل مأمون و'حواء لا أنام' لفاتن حمامة

وكتب أغاني لملك مصر فاروق الأول التي شدا بها موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب مثل 'الفن، الشباب، هل السلام' كما كتب للملك عبد العزيز آل سعود ملك السعودية عندما زار مصر واستقبله الملك فاروق أغنية 'التاجين' وكتب أغنية 'يا أغلي من أمانينا وأحلي من أغانينا يا زين الدنيا يا دنيا' التي احيابها الموسيقار الكبير فريد الاطرش حفل زفاف جلالة الملك حسين بن طلال ملك الأردن علي الملكة 'المصرية' دنيا في ابريل عام 1955

وكتب '3' قصائد لكوكب الشرق أم كلثوم 'أذكروه خلدوه' عن الزعيم الاقتصادي محمد طلعت حرب باشا وابق يا حبيب الشعب عندما طالب الشعب الرئيس جمال عبدالناصر في البقاء رئيسا لمصر بعد التنحي يوم 9 يونيو 1967 ثم الرائعة الثلاثية المقدسة وكلهما من ألحان العملاق رياض السنباطي

وكتب صالح جودت لعمالقة الغناء مثل قصائد فريد الاطرش 'يا زهرة في خيالي، اسال الفجر، والغروب' ولفايزة أحمد 'قاهرتي، شارع الأمل' وللرشيق محمد فوزي 'يا جارحة القلب، ¬اسم الهوا، ¬ لغة الورد' وشادية 'أحبك' لعبدالوهاب، 'بنات الفن' للقصبجي، الله أكبر للسنباطي' وكان صالح سببا في شهرة أحمد صدقي عندما لحن كلماته التي شدت بها ليلي مراد 'رايداك، المية والهوا' وكتب لكارم محمود 'ما اسمك بين الاسامي' ولسعاد محمد 'يا حبيبي يا رسول الله'!..

وبعد صراع طويل مع المرض لبي صالح جودت نداء ربه يوم الثلاثاء 22/ يونيو عام .1976
__________________

د. ناصر شافعي 28 / 01 / 2010 04 : 07 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
الثلاثية المقدسة
الكلمات : صالح جودت

[poem=font=",6,black,bold,italic" bkcolor="skyblue" bkimage="http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit4/backgrounds/15.gif" border="inset,4,indigo" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
رحاب الهدى يا منار الضياء = سمعتك في ساعة من صفاء
تقول أنا البيت ظل الإله = وركن الخليل أبي الأنبياء
أنا البيت قبلتكم للصلاة = أنا البيت كعبتكم للرجاء
فضموا الصفوف و و لوا الوجوه= إلى مشرق النور عند الدعاء
و سيروا إلى هدف واحد = و قوموا إلى دعوة للبناء
يزكي بها الله إيمانكم = و يرفع هاماتكم للسماء
طلع البدر علينا=من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا =ما دعى لله داع
أيها المبعوث فينا = جئت بالأمر المطاع
يا عطاء الروح من عند النبي = و عبيرا من ثنايا يثرب
يا حديث الحرم الطهر الذي = يطلع النور به في اللهب
قم و بشر بالمساواة التي= الفت بين قلوب العرب
و الإخاء الحق و الحب الذي = وحد الخطو لسير الموكب
و الجهاد المؤمن الحر الذي = وصل الفتح به للمغرب
امة علمها حب السماء = كيف تبني ثم تعلو بالبناء
فمضت ترفل في وحدتها = و تباهي في طريق الكبرياء
بيد توسع في ازراقها = و يد تدفع كيد الأشقياء
سادت الأيام لما آمنت = أن بالإيمان يسمو الأقوياء
فإذا استشهد منهم بطل = كانت الجنة وعد الشهداء
من مهبط الإسراء في المسجد = من حرم القدس الطهور الندي
اسمع في ركن الأسى مريما = تهتف بالنجدة للسيد
و اشهد الأعداء قد احرقوا = ركنا مشت فيه خطى احمد
و أبصر الأحجار محزونة= تقول و اقدساه يا معتدي
لا و الضحى و الليل أن ما سجى = و كل سيار به نهتدي
لن يطلع الفجر على ظالم = مستغرق في حقده الأسود
سترجع الأرض إلى أهلها = محفوفة بالمجد و السؤدد
و المسجد الأقصى إلى ربه = مزدهيا بالركع الســـجد
ستشرق الشمس على امة = لغير وجه الله لن تسـجد[/poem]

د. ناصر شافعي 28 / 01 / 2010 10 : 07 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
قصيدة :ظمآن
للشاعر : صالح جودت


أجل ظمآن يا ليلى و ماء الحب في نهرك
خذيني في ذراعيك و ضميني إلى صدرك
دعيني أشرب النور الذي ينساب من شعرك
و روي لهفة الظمآن بالقبلة من ثغرك
هبي لي ليلة أثمل يا ليلاي من خمرك
* * *
تقولين جمعت السحر يا ظمآن في شعرك
و أنت قصيدتي الكبرى و هذا الشعر من سحرك
كأني راهب الفتنة يستشهد في ديرك
و قد يشرك هذا القلب إلا بك لا يشرك
على أني عرفت الله لكن حرت في أمرك
* * *
أجل ! ظمآن يا ليلى و ماء الحب في نهرك

د. ناصر شافعي 28 / 01 / 2010 38 : 08 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر
( 27 )
محمد فريد وجدي
كنز العلوم و اللغة


محمد فريد وجدي (1878 - 1954) كاتب إسلامي مصري الجنسية من أصول شركسية ولد في مدينة الإسكندرية بمصر سنة 1878م / 1295 هـ وتوفى بالقاهرة سنة 1954م / 1373 هـ.

عمل على تحرير مجلة الأزهر لبضع وعشر سنوات، له العديد من المؤلفات ذات طابع ديني ووثائقي ومن أهم كتبه كتاب كنز العلوم واللغة وكتاب دائرة معارف القرن الرابع عشر الهجري (العشرين الميلادي) ويقع في عشرة مجلدات, له كتاب مهم بعنوان صفوة العرفان في تفسير القرآن أعيد طبعه عدة مرات، وله كتاب رائع في السيرة اسمه (السيرة المحمدية تحت ضوء العلم والفلسفة )، وله كتاب في شرح مباديء الإسلام ورد الشبهات عنه اسمه (الإسلام دين عام خالد).

لم يقتصر نشاطه على الدين فحسب ولكن كان له نشاط سياسي واضح حيث عارض الزعيم الوطني مصطفى كامل في الذهاب إلى فرنسا بعد حادثة دنشواي 1906م وكان يرى أن السفر كان يجب ألا يقتصر على فرنسا فحسب ولكن للعديد من الدول الأوروبية.
من أنبغ تلامذته د / محمد رجب البيومي عميد كلية اللغة العربية الأسبق - جامعة الأزهر وهو الذي جمع له مجموعة كتب من كتبه حيث أن جزء كبير من كتبه كان يكتب على هيئة مقالات .
من مؤلفاته المهمة أيضا: (الإسلام في عصر العلم) وهو كتاب جيد بين فيه التوافق بين العلم والدين، ومنها أيضا رده العلمي المتين على (الشعر الجاهلي) لطه حسين.

من مؤلفاته :
1. المدنية والإسلام (ألفه وهو ابن عشرين عاما وقد ألف بالفرنسية ثم ترجم للعربية وغيرها).

2. دائرة معارف القرن العشرين ( ألفه في عشر سنين) .

3. من معالم الإسلام (مجموعة مقالات كتبت بمجلة الأزهر ثم جمعت ككتاب) .

4. على أطلال المذهب المادى ( 3 أجزاء).

5. الوجديات (كتاب في أصول الحوار).

6. المرأة المسلمة (ألف بغرض الرد على أفكار قاسم أمين التي خالفت في بعضها رأى الإسلام) .

7. مهمة الإسلام في العالم( يحتوى على 24 مبحث) .

8. السيرة النبوية تحت ضوء العلم والفلسفة ( يحتوى على 40 فصلا ) .

9. ليس من هنا نبدأ.

10. في معترك الفلسفيين.

11. المستقبل للإسلام.

12. أوقات الفراغ.

13. له كتاب موجز في تفسير القران ترجم للغات عديدة.

د. ناصر شافعي 29 / 01 / 2010 34 : 08 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر
( 28 )
صلاح عبد الصبور
أحد رموز الحداثة الأدبية العربية في الشعر و الأدب والتأليف المسرحي


محمد صلاح الدين عبد الصبور يوسف الحواتكى، ولد في 3 مايو1931 بمدينة الزقازيق و توفي عام 1981 م .
شاعر و أديب و كاتب مسرحي معروف .. يثعد أحد رموز الحداثة و التجديد في الأدب العربي .. ترك بصماته الأدبية في الشعر الحر .. و الشعر الحديث و التأليف المسرحي . إلتحق بكلية الآداب جامعة القاهرة قسم اللغة العربية في عام1947 وفيها تتلمذ علي يد الشيخ أمين الخولي الذي ضمه إلى جماعة (الأمناء) التي كوّنها, ثم إلى (الجمعية الأدبية) التي ورثت مهام الجماعة الأولى. كان للجماعتين تأثير كبير على حركة الإبداع الأدبي والنقدي في مصر.

وقد عمل بالوظائف التالية :
• مدرساً للغة العربية بوزارة التربية والتعليم
• محرراً ثم نائب لرئيس تحرير مجلة روزاليوسف
• عضوا متفرغا بمجلس إدارة المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر .
• محرراً بجريدة الأهرام .
• مديراً عام بدار الكتاب العربى ؟، رئيسا لتحرير مجلة الكاتب
• وكيلا للوزارة لشئون الثقافة الجماهيرية .
• رئيسا لمجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للكتاب فى الفترة من 1979 إلى 1981

جوائز
جائزة الدولة التشجيعية عن مسرحيته الشعرية (مأساة الحلاج) عام 1966،
حصل بعد وفاته على جائزة الدولة التقديرية عام 1982،
الدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعة المنيا في نفس العام.

مؤلفاته

مؤلفاته الشعرية

• الناس في بلادي (1957) هو أول مجموعات عبد الصبور الشعرية, كما كان ـ أيضًا ـ أول ديوان للشعر الحديث ( أو الشعر الحر, أو شعر التفعيلة ) يهزّ الحياة الأدبية المصرية في ذلك الوقت . واستلفتت أنظارَ القراء والنقاد ـ فيه ـ فرادةُ الصور واستخدام المفردات اليومية الشائعة, وثنائية السخرية والمأساة، وامتزاج الحس السياسي والفلسفي بموقف اجتماعي انتقادي واضح.
• أقول لكم (1961).
• تأملات في زمن جريح (1970).
• أحلام الفارس القديم (1964).
• شجر الليل (1973).
• الإبحار في الذاكرة (1977).

مؤلفاته المسرحية
كتب خمس مسرحيات شعرية:
• الأميرة تنتظر (1969).
• مأساة الحلاج (1964).
• بعد ان يموت الملك (1975).
• مسافر ليل (1968).
• ليلى والمجنون (1971) وعرضت في مسرح الطليعة بالقاهرة في العام ذاته.

مؤلفاته النثرية:
• على مشارف الخمسين.
• و تبقي الكلمة.
• حياتي في الشعر.
• أصوات العصر.
• ماذا يبقى منهم للتاريخ.
• رحلة الضمير المصري.
• حتى نقهر الموت.
• قراءة جديدة لشعرنا القديم.

وفاته : توفي بسكتة قلبية عام 1981 .

د. ناصر شافعي 29 / 01 / 2010 43 : 08 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
من أشعار الشاعر الكبير الراحل صلاح عبد الصبور :
أغنية للشتاء
ينبئني شتاء هذا العام
أنني أموت وحدي
ذاتَ شتاء مثله, ذات شتاء
يُنبئني هذا المساء أنني أموت وحدي
ذات مساء مثله, ذات مساء
و أن أعوامي التي مضت كانت هباء
و أنني أقيم في العراء
ينبئني شتاء هذا العام أن داخلي
مرتجف بردا
و أن قلبي ميت منذ الخريف
قد ذوى حين ذوت
أولُ أوراق الشجر
ثم هوى حين هوت
أول قطرة من المطر
و أن كل ليلة باردة تزيده بُعدا
في باطن الحجر
و أن دفء الصيف إن أتى ليوقظه
فلن يمد من خلال الثلج أذرعه
حاملة وردا
ينبئني شتاء هذا العام أن هيكلي مريض
و أن أنفاسيَ شوك
و أن كل خطوة في وسطها مغامرة
و قد أموت قبل أن تلحق رِجلٌ رِجلا
في زحمة المدينة المنهمرة
أموت لا يعرفني أحد
أموت لا يبكي أحد
و قد يُقال بين صحبي في مجامع المسامرة
مجلسه كان هنا, و قد عبر
فيمن عبر
يرحمُهُ الله
ينبئني شتاء هذا العام
أن ما ظننته شفاىَ كان سُمِّي
و أن هذا الشِعر حين هزَّني أسقطني
و لستُ أدري منذ كم من السنين قد جُرحت
لكنني من يومها ينزف رأسي
الشعر زلَّتي التي من أجلها هدمتُ ما بنيت
من أجلها خرجت
من أجلها صُلبت
و حينما عُلِّقتُ كان البرد و الظلمة و الرعدُ
ترجُّني خوفا
و حينما ناديته لم يستجب
عرفتُ أنني ضيَّعتُ ما أضعت
ينبئني شتاء هذا العام أننا لكي نعيش في الشتاء
لابد أن نخزُنَ من حرارة الصيف و ذكرياتهِ
دفئا
لكنني بعثرتُ في مطالع الخريف
كل غلالي
كل حنطتي, و حَبِّي
كان جزائى أن يقول لى الشتاء انني
ذات شتاء مثله
أموت وحدي
ذات شتاء مثله أموتُ وحدي

د. ناصر شافعي 29 / 01 / 2010 52 : 08 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
مرثية رجل عظيم

صلاح عبد الصبور


كان يريد أن يرى النظام في الفوضى
و أن يرى الجمال في النظام
و كان نادرَ الكلام
كأنه يبصر بين كل لفظتين
أكذوبة ميّتة يخاف أن يبعثها كلامُهُ
ناشرة الفودين, مرخاة الزمام
و كان في المسا يطيل صحبةَ النجوم
ليبصر الخيط الذي يلمُّها
مختبئا خلف الغيوم
ثم ينادي اللهَ قبل أن ينام
الله, هب لي المقلة التي ترى
خلف تشَتُّتِ الشكول و الصور
تغيُّر الألوان و الظلال
خلف اشتباه الوهم و المجاز و الخيال
و خلف ما تسدله الشمس على الدنيا
و ما ينسجه القمر
حقائقَ الأشياء و الأحوال
و تسألونني: أكان صاحبي؟
هل صحبة تقوم بين سيدٍ عظيم
و خادمٍ محتال؟
مرثية صديق كان يضحك كثيرا
كان صديقي
حين يجىء الليل
حتى لا يتعطَّن كالخبز المبتل
يتحول خمرا
تتلامس ضحكته الأسيانة في ضحكته الفرحانة
طينا لمَّاعاً أسود
أو بلورا
و يخشخش في صوت الضحكات المرسَل
صوت كتكسُّر قشر الجوز المثقل
كنا نتلاقى
أو بالأحرى نتوحد, كل مساء
في قاع الحانة
كالأكواخ المتقاربة المنهارة
و الريح من الشباك المترب للشباك المترب
تتسكّع بين فراغات الأشياء
يتنحَّى كلٌّ منا عن موضعه للجار الأقرب
لا عن أدب و حياء
بل خوفا أن تختل الدورة
إذ نتصادم أو نتلاقى
كلمات, أو أذرعة, أو آلاما, أو أهواء
حذرا أن نهتز و نتفتَّح
يتقارب كلٌّ منا في داخله كالأجَمِ الفارغ
فإذا مال تنحنح
كان صديقي في ساعات الليل الأولى
يتجول في بلدتهِ
كانت بلدتُه ساعات الليل الأولى
و يجمِّع من مهجته المنثورة
أو من بهجته المكسورة
ما ذاب نهارا في أسفلت الطرقات
يترشَّفُه قطرات...قطرات
حتى يمتلىء كما تمتلىء القارورة
يتعمَّمُ بالختم الطينيِّ اللمَّاع على عينيه الطيبتين
ينقش فوق نداوته المحبورة
صورةَ كون فياض بالضحكات
يتدحرج نحو الحانة
يتعثَّر في أيدينا مختارا
يهوي مسفوحا
يتأرَّج عطرا, ريحا, روحا
يجعلنا أحيانا نضحك كالخمر الصفراء
إذ ندرك أان الأشياء المبذولة, مبذولة
و الأشياء العادية, عادية
و الأشياء الملساء, مجرد أشياء ملساء
يجعلنا أحيانا نضحك, إذ يضحك كالخمر السوداء
إذ يبصر في ورق الشجر المتهاوي
موتَ البذرة
أو يتحسَّسُ بلسان الحكمة, و اللامعنى
حين يمصُّ ثنايا امرأة في قُبلتها الأولى
جدرانَ الجمجمة النخِرة
كنا, و صديقي, في آخر ساعات الليل
نتحول عاصفة مخمورة
تتخدد فوق ملامحنا
تجعلنا نهتزُّ و نتفتَّح
تجعلنا نتكسَّر
حتى نبدو كتلا متشابهة, متكررة, متآلفةً
من إنسان فرد متكثِّر
مات صديقي أمس
إذ جاء إلى الحانة, لم يُبصر منا أحدا
أقعى في مقعدهِ مختوما بالبهجة
حتى انتصف الليل
لم يُبصر منا أحدا
سالت من ساقيهِ البهجة
و ارتفعت حكمته حتى مسَّت قلبَه
فتسمَّم بالحكمة
غاب الندماء, فلم يقدر أن يتحول خمرا
و تفتَّت مثل رغيف الخبز

د. ناصر شافعي 29 / 01 / 2010 58 : 08 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
رؤيــــا
صلاح عبد الصبور


في كل مساء،
حين تدق الساعة نصف الليل،
وتذوي الأصوات
أتداخل في جلدي أتشرب أنفاسي
و أنادم ظلي فوق الحائط
أتجول في تاريخي، أتنزه في تذكاراتي
أتحد بجسمي المتفتت في أجزاء اليوم الميت
تستيقظ أيامي المدفونة في جسمي المتفتت
أتشابك طفلاً وصبياً وحكيماً محزوناً
يتآلف ضحكي وبكائي مثل قرار وجواب
أجدل حبلا من زهوي وضياعي
لأعلقه في سقف الليل الأزرق
أتسلقه حتى أتمدد في وجه قباب المدن الصخرية
أتعانق و الدنيا في منتصف الليل.

حين تدق الساعة دقتها الأولى
تبدأ رحلتي الليلية
أتخير ركنا من أركان الأرض الستة
كي أنفذ منه غريباً مجهولاً
يتكشف وجهي، وتسيل غضون جبيني
تتماوج فيه عينان معذبتان مسامحتان
يتحول جسمي دخان ونداوه
ترقد أعضائي في ظل نجوم الليل الوهاجة و المنطفأة
تتآكلها الظلمة و الأنداء، لتنحل صفاء وهيولي
أتمزق ريحا طيبة تحمل حبات الخصب المختبئة
تخفيها تحت سراويل العشاق.
و في أذرعة الأغصان
أتفتت أحياناً موسيقى سحرية
هائمة في أنحاء الوديان
أتحول حين يتم تمامي -زمناً
تتنقل فيه نجوم الليل
تتجول دقات الساعات

كل صباح، يفتح باب الكون الشرقي
وتخرج منه الشمس اللهبية
وتذوّب أعضائي، ثم تجمدها
تلقي نوراً يكشف عريي
تتخلع عن عورتي النجمات
أتجمع فاراً ، أهوي من عليائي،
إذ تنقطع حبالي الليلة
يلقي بي في مخزن عاديات
كي أتأمل بعيون مرتبكة
من تحت الأرفف أقدام المارة في الطرقات.

د. ناصر شافعي 31 / 01 / 2010 28 : 12 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر
( 29 )
يوسف ادريس
الطبيب .. الأديب .. القاص ..



يوسف إدريس علي ، طبيب و أديب و كاتب مسرحي، وروائي مصري 1927-1991. أثرى الأدب المصري و العربي بروائع القصص و الروايات و المقالات الأدبية و الفكرية .. ورشح عدة مرات لنيل العديد من الجوائز الأدبية العالمية .

ولد عام : 1927 في البيروم (قرب دمياط)، مصر.توفى عام 1991 . عن عمر يناهز 64 عاماً . تخرج من كلية الطب عام 1947 .
عمل طبيبا بالقصر العيني، القاهرة، 1951-1960؛ حاول ممارسة الطب النفساني سنة 1956، مفتش صحة، صحفي محرر بالجمهورية، 1960، كاتب بجريدة الأهرام، 1973 حتى عام 1982.

حصل على كل من وسام الجزائر (1961) ووسام الجمهورية (1963 و 1967) ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى (1980).
عضو كل من نادي القصة وجمعية الأدباء واتحاد الكتاب ونادي القلم الدولي.

مؤلفاته:

قصص:
- أرخص ليالي ، القاهرة، سلسلة "الكتاب الذهبي"، روز اليوسف، ودار النشر القومي، 1954.
- جمهورية فرحات ، قصص ورواية قصة حب، القاهرة، سلسلة "الكتاب الذهبي" روز اليوسف، 1956. مع مقدمة لطه حسين. صدرت جمهورية فرحات بعد ذلك مستقلة، ثم مع ملك القطن، القاهرة، دار النشر القومية، 1957. وفي هذه المجموعة رواية: قصة حب التي نُشرت بعدها مستقلة في كتاب صادر عن دار الكاتب المصري بالقاهرة.
- البطل، القاهرة، دار الفكر، 1957.
- حادثة شرف، بيروت، دار الآداب، والقاهرة، عالم الكتب، 1958.
- أليس كذلك؟، القاهرة، مركز كتب الشرق الأوسط، 1958. وصدرت بعدها تحت عنوان: قاع المدينة، عن الدار نفسها.
- آخر الدنيا، القاهرة، سلسلة "الكتاب الذهبي" روز اليوسف، 1961.
- العسكري الأسود، القاهرة، دار المعارف، 1962؛ وبيروت، دار الوطن العربي، 1975 مع رجال وثيران والسيدة فيينا.
- قاع المدينة ، القاهرة، مركز كتب الشرق الأوسط، 1964.
- لغة الآي آي، القاهرة، سلسلة "الكتاب الذهبي" ، روز اليوسف، 1965.
- النداهة، القاهرة، سلسلة "رواية الهلال"، دار الهلال، 1969؛ ط2 تحت عنوان مسحوق الهمس، بيروت، دار الطليعة، 1970.
- بيت من لحم، القاهرة، عالم الكتب، 1971.
- المؤلفات الكاملة، ج 1:القصص القصيرة، القاهرة، عالم الكتب، 1971.
- ليلة صيف، بيروت، دار العودة، د.ت. والكتاب بمجمله مأخوذ من مجموعة: أليس كذلك؟
- أنا سلطان قانون الوجود، القاهرة، مكتبة غريب، 1980.
- أقتلها، القاهرة، مكتبة مصر، 1982.
- العتب على النظر، القاهرة، مركز الأهرام، 1987.

روايات:
- الحرام، القاهرة، سلسلة "الكتاب الفضي"، دار الهلال، 1959.
- العيب، القاهرة، سلسلة "الكتاب الذهبي"، دار الهلال، 1962.
- رجال وثيران، القاهرة، المؤسسة المصرية العامة، 1964.
- البيضاء، بيروت، دار الطليعة، 1970.
- السيدة فيينا، بيروت، دار العودة 1977. (انظر رقم 5 أعلاه) .
- نيويورك 80، القاهرة، مكتبة مصر، 1980.

مسرحيات
1- ملك القطن (و) جمهورية فرحات، القاهرة، المؤسسة القومية. 1957 مسرحيتان.
2- اللحظة الحرجة، القاهرة، سلسلة "الكتاب الفضي"، روز اليوسف، 1958.
3- الفرافير، القاهرة، دار التحرير، 1964. مع مقدمة عن المسرح المصري.
4- المهزلة الأرضية، القاهرة سلسلة "مجلة المسرح" 1966.
5- المخططين، القاهرة، مجلة المسرح، 1969. مسرحية باللهجة القاهرية.
6- الجنس الثالث، القاهرة، عالم الكتب، 1971.
7- نحو مسرح عربي، بيروت، دار الوطن العربي، 1974. ويضم الكتاب النصوص الكاملة لمسرحياته: جمهورية فرحات، ملك القطن، اللحظة الحرجة، الفرافير، المهزلة الأرضية، المخططين والجنس الثالث.
8- البهلوان، القاهرة، مكتبة مصر، 1983.

مقالات
1- بصراحة غير مطلقة، القاهرة، سلسلة "كتاب الهلال" ، 1968.
2- مفكرة يوسف إدريس، القاهرة، مكتبة غريب، 1971.
3- اكتشاف قارة، القاهرة، سلسلة "كتاب الهلال"، 1972.
4- الإرادة، القاهرة، مكتبة غريب، 1977.
5- عن عمد اسمع تسمع، القاهرة، مكتبة غريب، 1980.
6- شاهد عصره، القاهرة، مكتبة مصر، 1982.
7- "جبرتي" الستينات، القاهرة، مكتبة مصر، 1983.
8- البحث عن السادات، طرابلس (ليبيا)، المنشأة العامة. 1984.
9- أهمية أن نتثقف .. يا ناس، القاهرة، دار المستقبل العربي، 1985.
10- فقر الفكر وفكر الفقر، القاهرة، دار المستقبل العربي، 1985.
11- خلو البال، القاهرة، دار المعارف، 1986.
12- انطباعيات مستفزة، القاهرة، مركز الأهرام للترجمة والنشر، 1986.
13- الأب الغائب، القاهرة، مكتبة مصر، 1987.
14- عزف منفرد، القاهرة، دار الشروق، 1987.
15- الإسلام بلا ضفاف، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1989.
16- مدينة الملائكة، القاهرة، الهيئة المصرية…، 1989.
17- الإيدز العربي، القاهرة، دار المستقبل العربي، 1989.
18- على فوهة بركان، محمود فوزي، القاهرة، الدار المصرية اللبنانية، 1991. حوار.
19- ذكريات يوسف إدريس، القاهرة، المركز المصري العربي للنشر والصحافة والتوزيع، 1991

د. ناصر شافعي 31 / 01 / 2010 26 : 02 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 

"قصة نظرة" .."قصة قصيرة"
بقلم الأديب يوسف ادريس


كان غريبًا أن تسأل طفلة صغيرة مثلها إنسانًا كبيرًا مثلي لا تعرفه في بساطة وبراءة أن يعدل من وضع ما تحمله وكان ما تحمله معقدًا حقًا، ففوق رأسها تستقر صينية بطاطس بالفرن وفوق هذه الصينية الصغيرة يستوي حوض واسع من الصاج مفروش بالفطائر المخبوزة وكان الحوض قد انزلق برغم قبضتها الدقيقة التي استماتت عليه، حتى أصبح ما تحمله مهددًا بالسقوط.

ولم تطل دهشتي وأنا أحدق في الطفلة الصغيرة الحيرى، وأسرعت لإنقاذ الحمل وتلمست سبلاً كثيرة، وأنا أسوي الصينية فيميل الحوض، وأعدل من الصاج وتعود فتميل الصينية، ثم اضبطهما معًا فيميل رأسها هي، ولكنني نجحت أخيرًا في وضع تثبيت الحمل، وزيادة في الاطمئنان نصحتها أن تعود إلى الفرن، وكان قريبًا حيث تترك الصاج وتعود فتأخذه.ولست أدري ما دار في رأسها، فما كنت أرى لها رأسًا وقد حجبه الحمل، كل ما حدث أنها انتظرت قليلاً لتتأكد من قبضتها، ثم مضت وهي تغمغم بكلام كثير، لم تلتقط أذني منه إلا كلمة ستي.

ولم أحول عيني عنها وهي تخترق الشارع العريض المزدحم بالسيارات ولا عن ثوبها القديم الواسع المهلهل الذي يشبه قطعة القماش التي يـُنظف بها الفرن أو حتى من رجليها اللتين كانتا تطلان من ذيله الممزق كمسمارين رفيعين.وراقبتها في عجب وهي تنشب قدميها العاريتين كمخالب الكتكوت في الأرض وتهتز وهي تتحرك ثم تنظر هنا وهناك بالفتحات الصغيرة الداكنة السوداء في وجهها وهي تخطو خطوات ثابتة قليلة، وقد تتمايل بعض الشيء ولكنها سرعان ما تستأنف المضي.

راقبتها طويلاً حتى امتصتنني كل دقيقة من حركاتها، فقد كنت أتوقع في كل ثانية أن تحدث الكارثة، وأخيرًا استطاعت الخادمة الطفلة أن تخترق الشارع المزدحم في بطء كحكمة الكبار.استأنفت سيرها على الجانب الآخر، وقبل أن تختفي، شاهدتها تتوقف ولا تتحرك، وكادت عربة تدهمني وأنا أسرع لإنقاذها، وحين وصلت كان كل شيء على ما يرام، والحوض والصينية في أتم اعتدال.

أما هي فكانت واقفة على ثبات تتفرج، ووجهها المنكمش الأسمر يتابع كرة من المطاط يتقاذفها أطفال في مثل حجمها وأكبر منها، وهم يهللون ويصرخون ويضحكون ولم تلحظني ولم تتوقف كثيرًا، فمن جديد راحت مخالبها الدقيقة تمضي بها، وقبل أن تنحرف ، استدارت على مهل، واستدار الحمل معها وألقت على الكرة والأطفال نظرة طويلة، ثم ابتلعتها الحارة.

د. ناصر شافعي 31 / 01 / 2010 39 : 02 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
" البقرة " .. قصة قصيرة
الأديب : يوسف إدريس



ما كادت الفاتحة تقرأ ويسترد يده من يد الرجل، ومبروك! ويتأمل مليًـا البقرة التي حصل عليها، ثم يتوكل ويسحبها خارجًا، حتى بعد خطوات قليلة وضع فلاح شاب طويل مهول يده فوق اليد الممسكة بالحبل، وبقوة الضغط والعضلات أوقفه قائلاً:
ألا قول لي يا شيخ.. بالذمة والأمانة والديانة.. وقعت بكام؟ وحتى لو لم يذممه فقد كان يريد قول الحقيقة لكي يعرف من وقع الرقم إن كان هو الخاسر أم الكاسب في الصفقة، أجاب:
بالذمة والأمانة والديانة بسبعة وتمانين جنيه وربع وبريزة للسمسار.. ولم يتح له أن يقرأ شيئاً في وجه الشاب الضخم، فما كاد يقول الرقم حتى كان الشاب وكأنما انتهى غرضه منه تمامًا، فسحب يده ومضى إلى حاله مغمغماً بكلام مضغوط لا يلوي على شيء.

وبعد باب السوق بخطوة اندفع ناحيته رجل بشارب هائش وصوت مزعج عال وكرش، قائلاً:
سلام عليكم
سلام ورحمة الله.
بالذمة والأمانة يا شيخ بكام؟ وبصوت واضح، وحرص شديد هذه المرة على ألا تفوته بادرة، فالبقرة أيام جده كانت بثلاثة جنيهات، وكان أبوه رحمة الله عليه يقول له أن أول بقرة اشتراها في حياته كانت بخمسة، قال:
بالذمة والأمانة بسبعة وتمانين وربع وبريزة للسمسار.
قال الرجل من تحت شاربه المهوش:
هم.. هيه.. فيها لبن؟ أجاب وأمره إلى الله:
ما فيهاش.
وراها عجل؟
ما وراهاش.
معشرة ؟
طالبة عشر.
ومرة أخرى قال الرجل، بغيظ مكتوم لا يعرف سببه، وبحزن لا يعرف سببه أيضًا:
هم.. هيه.. مبروكة عليك. ومشى.

وعند أول منعطف للطريق الجانبي الماضي إلى الطريق الزراعي العام، رفع فلاح كان يعزق الأرض المجاورة صوته سائلاً:
بتقول بالذمة والأمانة بكام؟ فقال: بسبعة وتمانين جنيه وربع وبريزة للسمسار.
فعاد الفلاح يصيح مرة أخرى:
بتقول بكام؟ ورفع صوته عاليًا جدًا أعلى بكثير مما يجب، لا ليسمعه الفلاح فقط إنما ليصل إلى كل الرجال القريبين والبعيدين حتى يكفوه مئونة رد آخر:
- بسبعة.. وتمانين.. جنيه.. وربع.. وبريزة للسمسار…
وقبل أن يسمح لنفسه أن يسمع الرد أو التعليق كان قد أغلق أذنيه ومشى.

وحين وصل إلى الطريق الزراعي الموصل إلى بلده كان قد سئل ثلاث مرات، وأجاب ثلاث إجابات، نقض الذمة والأمانة في ثالثتهما حين كسل أن ينص على بريزة السمسار.
كانت الدنيا لا تزال ضحى، والسوق منتصبة منذ الشروق هذا صحيح، ولكن كان هناك على الطريق قادمون كثيرون، أولئك الذين لا يريدون ضياع اليوم فأنهوا بسرعة أعمالهم ثم اقبلوا مهرولين يلحقون السوق. وعلى أول الطريق الزراعي سأله شيخ معمم بجبة كالحة وقفطان:
دفعت فيها كام بالذمة والأمانة والديانة إن شاء الله ؟ فقط لو أنهم لا يذممونه ويستحلفونه بالأمانة والدين!
سبعة وتمانين جنيه وربع وبريزة للسمسار. وبعد خطوة واحدة إذا برجل وكأنه عمدة، يمتطي ركوبة ويستظل بشمسية يزعق بصوت مسلوخ:
بتقول بكام.
سبعة وتمانين وربع وبريزة للسمسار.
غالية شوية إنما تتعوض.

وما كاد يخرج عليه الدخان ويبدأ في لف السيجارة حتى حود عليه رجل مسن له لحية اختلط فيها السواد بالبياض:
سلام عليكم.
سلام ورحمة الله..
دستورك منين؟
- من هرية.
شارى ولا بايع؟
مانتاش شايفني راجع، شاري.
واصل ع الشيخ منصور؟
واصل إن شاء الله.
طب بذمتك وحياة الشيخ منصور على قلبك، بكام؟
بسبعة وتمانين جنيه وربع وبريزة للسمسار.
يا راجل أنا ذممتك وحلفتك بالشيخ منصور؟
وحياة الشيخ منصور والذمة والأمانة والديانة، وحياة شيخ العرب السيد بسبعة وتمانين جنيه وربع وبريزة للسمسار.
يا راجل أنت اشتريت وخلاص، برئ ذمتك وقول الحق.
وأنا يعني ح اكدب عليك ليه، ما قلت لك الحق.
بقى بذمتك وديانتك والأمانة عليك وبركة الشيخ منصور وديتها رقبتك بسبعة وتمانين جنيه وربع؟ - وديني وما أعبد وحياة ربنا اللي أكبر من الشيخ منصور ومني ومنك ومن الدنيا كلها بسبعة وتمانين جنيه وربع وبريزة للسمسار.
طب روح يا شيخ الهي إن كنت كدبت ما توعى تعلقها في المحرات.
وتركه ومضى.

ولو كان قد بقى أمامه لحظة أخرى لما كان قد استطاع كبح جماح الخاطر الذي كان يلح عليه باستمرار.. أن ينتف ذقنه شعرة شعرة.
وما كاد يمشي أربع أو خمس قصبات حتى- برجاء حار- استوقفه شخص كان منتحيًا جانبًا، يعمل مثل الناس على حافة الخليج الموازي للطريق، وحتى قبل أن ينتهي وهو لا يزال القرفصاء لوى رقبته وسأله:
بالذمة والأمانة بقد إيه؟
بسبعة وتمانين وربع وبريزة.
إيه اللي سبعة وتمانين وبريزة. هم مش يبقوا سبعة وتمانين وخمسة وتلاتين صاغ؟
طب يا سيدي ما تزعلش سبعة وتمانين وخمسة وتلاتين صاغ.
أمال الأول قلت وبريزة ليه؟
عشان هي بسبعة وتمانين وربع وبريزة للسمسار.
بقة أبقى محلفك بالذمة والأمانة وتكذب.
أنا كدبت؟
مش قلت بريزة للسمسار. هي البريزة تخش في التمن؟
ما دام دفعتها تخش.
لا ما تخشش.
تخش.
لا ما تخشش.
تخش.
أنت كداب.
أنت بارد.
تفوه عليك نفر.
تفوه عليك وعلي خلفوك.

وهو لا يزال متشبثًـا باستماتة في حبل البقرة اندفع ناحية الرجل يريد أن يطبق عليه وينتهي منه، وكان الرجل هو الآخر قد أوقف ما كان يقوم به واندفع ناحيته ويده مستميتة هي الأخرى على (دكة) السروال المفكوك. وبيد متشبثة والأخرى طليقة تريد أن تغور في زمارة رقبة الآخر، كادا أن يتماسكا، لولا أن أولاد الحلال وما أكثرهم على الطريق حالوا بينهما في آخر لحظة، وبعد محاولات لصلح فاشل، اندفع كل منهما، الرجل إلى حافة الخليج، وهو ناحية بلده، وبينهما حبل طويل غليظ من الشتائم ظل يمتد ويرق كلما ابتعدا حتى انقطع وسكت مخنوقـًا. ومد يده يبحث عن العلبة ليلف السيجارة غير أنه اكتشف أنه فقدها في الخناقة، وبلغ الغيظ حد أنه لم يحتمل مجرد فكرة العودة للبحث عنها في مكان الخناقة. وهو في قمة غيظة إذا برجل، يرتدي في عز الحر عباءة، مؤدب وقصير، وما كاد يفتح فمه ويقول: بالذمة والأمانة عليك، حتى كان قد رفع يده إلى آخرها دون أن يدري ثم هوى بها على صدغ صاحب العباءة الممددة في أدب ووقار.
وارتاع الرجل حتى سقطت العباءة من فوق كتفيه، وفكر أن يمسك بخناقه ولكنه في اللحظة التالية كان قد راجع نفسه، وحين تلفت حوله فلم يجد أحدًا من المحتمل أن يكون قد رآه وهو يصفعه عاد للسير وكأن شيئاً لم يحدث وهو يقنع نفسه أن الرجل لا بد مجنون هارب من مستشفى المجاذيب.
وما كاد هذا يحدث حتى وجد صاحب البقرة نفسه يضحك ضحكًا عاليًا متواصلاً وكأنه قد جن فعلاً، وبلغ به الاستهتار حد أنه حين سمع السؤال يلقى عليه من جانب الطريق، اندفع ناحية السائل ورفع يده يحاول أن يهوي بها على صدغه، ولكنه فوجئ بيد حديدية تقيد يده في مكانها، وبكف كأنها من بلوط تهوي على صدغه هو بأربعة أقلام سخية نظيفة جعلت عينيه تقدحان شررًا، بل أعمته إلى درجة لم ير معها ضاربه، ولا فطن إلى أنه ضرب إلا بعد أن أصبح بينه وبين المعتدى مشوار ومشوار.

وعند كشك المرور تمامًا سأله تاجر قمح تخين كان يفرش على جانب الطريق يشتري بالأقداح والشروات من الذاهبات إلى السوق:
إلا قولي يا شيخ العرب، بالذمة والأمانة بكام؟ ولم يكن عربياً أو شيخ عرب، ولكنه بمنتهى التأدب أو بهدوء غريب لا اثر مطلقًا لأية ثورة فيه أجاب: - بسبعة وتمانين وربع وبريزة للسمسار.
وكأنه لأول مرة يدرك- وبصفاء أيضًا- أنه باع كل شيء ليشتري هذه البقرة بعدما ماتت جاموسته في أول شعبان، بل فطست ولم يلحقها الجزار بالسكين حتى، ولثلاثة أشهر وهو يدبر، وعلى المحصول الذي لا تزال أمامه أربعة أشهر طويلة، ومحفظته إن كانت لم تسرق في الخناقة فليس بها غير جنيه وربع هي آخر ما تبقى معه من نقود الحياة.
بسبعة وتمانين جنيه وربع وبريزة للسمسار. قالها مرة أخرى، وبصوت مخنوق أعلى حتى حدق فيه التاجر مذهولاً لا يستطيع النطق. وما كاد يلتفت حتى هبط من فوق جسر السكة الحديد رجل كان يحمل عنزة فوق كتفه، وما أن فتح فمه لينطق حتى قال:
بسبعة وتمانين وربع وبريزة للسمسار. وبعد برهة قابلته امرأة تحمل مقطفًـا ثقيلاً وتنوء بحمله، وقبل أن يصلها أو تدرك وجوده رفع صوته وقال:
بسبعة وتمانين وربع وبريزة للسمسار. وقالت المرأة (يه) ثم حثت الخطو وكأنها تهرب من شبح. وعند التابوت كانت جماعة قادمة من طريق التوت بعضها راكب وبعضها ماش، ورفع صوته إلى أقصى ما يستطيع وقال:
بالذمة والامانة بسبعة وتمانين وربع وبريزة للسمسار. وضحكوا، وقال واحد:
الناس انهبلت.


بينما تخلف ولدان راحا يشبعانه تريقه وسخرية. وعلى مدخل البلدة رأى جاموسة ترعى على حافة " القيد" فصرخ فيها:
بسبعة وتمانين وربع وبريزة للسمسار. واستدارت الجاموسة ناحيته، ورمقته في بلادة وكسل، ثم عادت تعسعس بشفتيها وأسنانها على الحشيش.
وحين دخل بلده، كان يصيح، سواء سأله أحد أم لم يسأله، قابل شخصاً أم لم يقابل، يقولها هكذا للزرع وللحيطان، وللحر أو للسما، وللأوز وللجنيه وربع، وللأربعة أشهر والأربعة أولاد والولية، وللبهيمة التي ماتت، وللبقرة التي يسحبها، وللشيخ منصور، ولنفسه، وللدنيا كلها:
بالذمة والأمانة والديانة، وبكل كتاب انزل، بسبعة وثمانين جنيه وربع وبريزة للسمسار..

د. ناصر شافعي 02 / 02 / 2010 39 : 11 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر
( 30 )
يوسف السباعي

الأديب العاشق .. شهيد الواجب


يوسف محمد محمد عبد الوهاب السباعي (17 يونيو 1917 - 18 فبراير 1978)، أديب ووزير مصري.

تخرج السباعي في الكلية الحربية في سنة 1937. منذ ذلك الحين تولي العديد من المناصب منها التدريس في الكلية الحربية. تم تعيينة في سنة 1952 مديرا للمتحف الحربي و تدرج في المناصب حتى وصل إلى رتبة عميد.

شغل منصب وزير الثقافة سنة 1973، ورئيس مؤسسة الأهرام ونقيب الصحفيين. قدم 22 مجموعة قصصية وأصدر 16 رواية آخرها العمر لحظة سنة 1972. نال جائزة الدولة التقديرية سنة 1973 وعددا كبيرا من الأوسمة. لم يكن أديباً عادياً، بل كان من طراز خاص وسياسياً على درجة عالية من الحنكة والذكاء.

رأس تحرير عدد من المجلات منها الرسالة الجديدة وآخر ساعة والمصور وجريدة الأهرام.

عينه الرئيس المصري أنور السادات وزيراً للثقافة، وظل يشغل منصبه إلى أن اغتيل في قبرص في 18 فبراير 1978 على أيدي رجلين فلسطينيين في العاصمة القبرصية "نيقوسيا" عندما ذهب إلى هناك على رأس وفد مصري لحضور مؤتمر منظمة التضامن الآفروآسيوي. بسبب تأييده لمبادرة السادات بعقد سلام مع إسرائيل منذ أن سافر إلى القدس سنة 1977.

أهم أعماله الأدبية :

• نائب عزرائيل- رواية 1947.
• يا أمة ضحكت - قصص - 1948.
• أرض النفاق- رواية 1949.
• إني راحلة - رواية 1950.
• أم رتيبة- مسرحية 1951.
• السقامات- رواية 1952.
• بين أبو الريش وجنينة ناميش- قصص- 1950.
• الشيخ زعرب وآخرون- قصص 1952.
• فديتك يا ليل- رواية 1953.
• البحث عن جسد- 1953.
• بين الأطلال- رواية.
• رد قلبي- رواية 1954.
• طريق العودة- رواية 1956.
• نادية- رواية 1960.
• جفت الدموع- رواية 1962.
• ليل له آخر- رواية 1963.
• أقوى من الزمن- مسرحية 1965.
• نحن لا نزرع الشوك- رواية 1969.
• لست وحدك- رواية 1970.
• ابتسامة على شفتيه- رواية 1971.
• العمر لحظة- رواية 1973.
• أطياف- 1947.
• أثنتا عشرة امرأة- 1948.
• خبايا الصدور - 1948.
• اثنا عشر رجلاً- 1949.
• في موكب الهوى- 1949.
• من العالم المجهول- 1949
• هذه النفوس- 1950.
• مبكى العشاق- 1950

د. ناصر شافعي 03 / 02 / 2010 14 : 12 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 

امرأة طيبـــة
قصة قصيرة - يوسف السباعي


كنت في حيرة من أمرهما .. وكنت أسائل نفسي وأسائل الناس كيف يستطيعان التفاهم ؟ وأية سخرية من سخريات القدر ألقت بأحدهما في طريق الآخر ، وأرغمتهما على رفقة العمر ، وشركة الحياة ؟!

وأعجب ما في الأمر .. ذلك الحب العنيف بينهما .. فلقد كنت أفهم أن زواجهما – برغم ما فيه من تناقض يبعث على الدهشة – قد يكون وليد منفعة أو جاء خبطة عشواء من صنع الظروف الخرقاء أو فرضته أسباب خفية قاهرة ، فلم يستطيعا سوى الإذعان والامتثال .. أجل .. كنت أفهم أن زواجهما العجيب .. ليس سوى وضع شاذ لغرض من الأغراض ، والحياة مليئة بالأوضاع الشاذة المقلوبة . وكل هذا كان يمكن أن يبرر زواجهما ، أما أن يكون بينهما حب ، وحب عميق قوي متين ، فذلك ما لم أجد له في ذهني ما يبرره .

وكيف يقوم حب .... بين أعمى وبكماء .... حب استطاع أن يدفع كلا منهما رغم ما به إلى المغامرة بزواج صاحبه ؟

لو أنهما تزوجا وهما صحيحان ، ثم أصيب كل منهما بما أصيب به .. لما كان هناك ما يبعث على الدهشة .. بل لما وجدت في حبهما القوي سوى صلة طبيعية زادتها المصائب والنوازل توثقا وارتباطا . ولكنهما تحابا وأقدما على الزواج وبكل منهما ما به . كيف أحب كل منهما الآخر ؟ كيف استطاعا التفاهم ؟ وكيف تبادلا العواطف والمشاعر ؟

لو كان كل منهما أبكم .. لقلنا أنهما تفاهما بالعيون ، ولو تعطلت – برغمهما – لغة الكلام ، لخاطبت " عينيه في لغة الهوى عيناها "
ولو كان كلاهما أعمى ، لقلنا جرى بينهما الحديث فعشق كلاهما الآخر بسمعه وأذنه " والأذن تعشق قبل العين أحيانا "
أما أن يجمعا بين العمى والبكم ويتحابا .. فذلك ما حيرني ، وملأني عجبا !

ولقد بقيت أسائل نفسي كيف يعيشان ؟ وكيف يتفاهمان ؟ حتى جمعتني بهما أواصر صداقة ، وزادت بيننا الصلة حتى استطعت أن أعرف الكثير عن حياتهما الخاصة .. فعلمت كيف يتفاهمان .
شيء عجيب لقد كانا يتفاهمان كأصح صحيحين ، وكأن العاهة التي بكل منهما لا أثر لها .
فهل كان التفاهم صنيع الحب ؟ أم طول العشرة والتعود ؟!

كنت أظن قبل أن أعرفهما أن الأبكم ، دائما لا يسمع ، أما هي فقد كانت تبدو لي كأنها تسمع .. أو أنها كانت تلتقط الحديث من مجرد حركة الشفاه .. فكان هو يتحدث .. وهي تفهم كل ما يقول .. وتلبي كل ما يطلب ، بلا لبس ولا خطأ .
وكان هو شخصا غريبا .. يبدو لي أن حاسة السمع أو اللمس كانت لديه خارقة للعادة ، ومن يدري ربما كانت لديه حاسة سادسة . يفهم منها ما تريد ويقرأ بها خبايا رأسها وصدرها دون أن تفصح عنه .

على أية حال .. سواء أكان هذا أم ذاك ، أو كان شيئا أخر مما لست أدري ، لقد كان الشيء الذي أستطيع أن أجزم به .. هو أني ما رأيت التفاهم بينهما يتعثر قط .. بل كانا يتفاهمان كإنسانين سليمين .
ولقد هدأت حيرتي بعض الشيء بطول معرفتي لهما .. ولكن حب الاستطلاع لم يخمد في نفسي .. بل بقيت أتلهف إلى معرفة قصتهما .. كيف التقيا ؟ وكيف تحابا ؟ إن حبهما – بلا أدنى شك – أمرا يستحق أن يعرف !

وسنحت لي الفرصة ذات ليلة ، وقد خلوت به في شرفة الدار .. نستمر بحديث هادئ ، وبدأت أحدثه عن نفسي حديثا رقيقا مستفيضا استطعت به ، وبسكون الليل ونسيمه ورقته .. أن أستدرجه إلى الحديث هو الآخر ، وإذا به يمد ساقيه في استرخاء ويدفع رأسه إلى الوراء كأنه ينظر إلى السماء ويقول :
- أحببت مرتين .. حبا قديما وحبا جديدا ، أما القديم فقد نوى ، ولم تبق منه سوى ذكريات باهتة .. تبدو كأنها بقايا سحب في الأفق البعيد .. لقد فقدت صاحبته ، أو لكيلا نظلمها فقدت أنا منها ، وافترقنا على عهد وميثاق ، وذهبت إلى الميدان بعد أن وعد كل منا الآخر أن يكون لصاحبه ، ولكن الظروف أضاعت العهد ومزقت الميثاق ، فلم نلتق بعد ذلك أبدا .
لم أحاول أن ألقاها .. فلقد كنت أعلم أني بالنسبة لها لن أكون سوى إنسان مفقود ميت .. هالك .. وكنت أفضل أن أكون كذلك .. من أن أبدو بهذا الشكل البشع .. ضريرا مشوها !

كنت أرى أن أبقى في ذاكرتها ذكرى جميلة بدلا من أن أكون في حاضرها واقعا مرا ثقيلا .. كنت غير واثق من نفسي ، وكنت أكره أن أكون فرضا بغيضا عليها .
ثم إنه لا حق لي عليها – وهي ناضرة كالزهرة ، وهبتني شذاها وأنا إنسان سليم – في أن أتعلق بها فأشدها لتقضي بقية عمرها مع ضرير خابي العينين مظلم الحياة . كان حبي لها يدفعني عنها .

وهكذا عدت من ميدان القتال وكأني لم أعد .. لقد سبق أن أعلنوا أني مفقود ، ولا أظن أحدا قد اهتم لفقدي اللهم إلا هي ، فقد نشأت يتيم الأبوين ، وقضيت حياتي وحيدا ، منطويا على نفسي .. لا أُحِب ولا أُحَب ، حتى لقيتها ، فأحسست نحوها بما يحسه ضال في بيداء مقفرة أقبل على واحة منحته الظل والثمر والماء ، فوقته من هجير ، وأطعمته من جوع ، وسقته من ظمأ .
عدت من القتال ضريرا ، أو على الأصح ميتا مفقودا لأنطوي على نفسي مرة أخرى وأعود لأضرب في بيداء الحياة وأفقد الظل والماء والثمر ، وأفقد معهما البصر والأمل .

ومرت بي الأيام لتزيدني يأسا على يأس ، ومللت الحياة وهممت – لولا بقية من إيمان – بالتخلص منها .. حتى كان ذات يوم ، أحسست أني بعثت من العدم .
أجل مرة أخرى .. أحسست أني وهبت الملجأ بعد طول ضلال ، ولقيت المقر بعد طول سعي وكد .
لقد أحببت ثانية ؟!
لست أدري لم أحببتها ، التوافق بين نفسينا .. أ/ لأنها كانت ذات عاهة وكنت ذا عاهة ، فألف المصاب بين قلبينا ؟ أم لأنها كانت أول من منحني عطفا وحبا ؟

الواقع أنني كنت على استعداد لأن أحب أية مخلوقة تمنحني قلبها .. أيستطيع طاوي الصحراء الجرداء .. أن يرفض .. قدرا من الماء مهما حقر ، وقدرا من الظل مهما ضؤل ؟
لقيتها في ظروف عجيبة .. لو لقيت بها غيرها لما فكرت قط في أن أتزوجها .. أما هي .. فما كنت لأتردد في زواجها حتى ولو لقيتها في أسوأ مما لقيتها فيه .
لقيتها في ..... بيت من بيوت الهوى ..... دفعني إليه صاحب للترفيه والتسلية ، ووجدتها صامتة لا تتحدث ، ولكني أحسست أنها مخلوقة رقيقة جميلة طيبة ، وسألت عنها صاحبة البيت فأنبأتني أنها فتاة بكماء .

ونشأ بيننا ود سريع ، وأحسست منها عطفا كثيرا ، ووجدت المشاعر تتدفق من قلبي نحوها ، وفي نهاية السهرة أوصلتني إلى الدار .
وفي اليوم التالي أقبلت تزورني ، وتكررت الزيارة يوما بعد يوم ، ولم تمض بضعة أيام حتى انتهى الأمر بيننا بالزواج .
لقد تمت المسألة في غاية السرعة .. فلم يمض بين أول لقاء وبين الزواج أكثر من أسبوع .
قد يبدو الأمر تهورا مني واندفاعا .. أن أتزوج امرأة من بنات الهوى لا أعرف عنها كثيرا ولا قليلا ، ولكني أؤكد لك إنني لم أندم قد على فعلتي هذه ، فلقد أحسست منذ لقيتها أن شيئا خفيا يشدني إليها ، واستطعت أن أجزم لنفسي أنها – على كل ما بها – خير من ألف امرأة شريفة .
لست أدري ما رأيك أنت .. أني أحس أنها عوضتني عن حياتي الماضية ويبدو أنني لو تزوجت صاحبتي الأولى وأنا سليم البصر ، لما كنت أسعد حالا مما أنا عليه الآن ، ففي كثير من الأحيان يبدو لي أنني لم أفقد شيئا ، وأني ألمس صاحبتي الأولى فيها .. وأحس بها بين ذراعي ، وأني أبصرها كما كنت أبصرها فيما مضى .. حتى ليخيل إلى أني أحب الاثنتين في واحدة ، وأن فقدي البصر جعلني أتوهم صاحبتي الأولى فيها .. أترى النساء يتشابهن جميعا .. إذا ما تحسسناهن بأيدينا ؟

وصمت الرجل ، ولم أدر بأي شيء أجيبه ، ولم أشك من حديثه في أن كل ما به من حنين مبعثه حبه الأول ، الذي خشي عليه من أن يتحطم إذا ما التقى بصاحبته ، وأن فضل طول الحرمان على مرارة الهزيمة ، وحرص على أن يحتفظ في ذهنه بأوهامه الجميلة .. ليعيش عليها .
فلما التقى بأول امرأة .. أبدت له عطفا ، بعد أن أضناه الحرمان ، وهبها ما اختزنه من الحنين وأقبل عليها ، فأحب فيها صاحبته ، ولم أشك في أن الوهم قد رسمها له صورة طبق الأصل منها .

ماذا يضيره .. ما دام ضريرا ، لا يبصر شكلها الحقيقي ولا يميز الفارق بينها وبين صاحبته الأولى ؟
ونهضت من مقعدي فشددت على يده مودعا وهممت بالخروج عندما وجدت الزوجة مقبلة من الحجرة المجاورة ، وبدا لي من نظرتها أن في رأسها أشياء كثيرة ، وسرت وإياها مجتازين الحجرة إلى الصالة ، إلى الردهة ، لتوصلني إلى الباب .
وفي الردهة وجدتها تتوقف ثم ترفع بصرها إلى وتهمس قائلة فجأة :
- هل سمعت القصة ؟

وتملكني الذهول ، فلقد كنت على استعداد لأي شيء إلا أن أسمع البكماء تتحدث .
وهمست متسائلا في دهش شديد :
- أتتكلمين ؟!!
وهزت رأسها مشيرة " أجل " وأردفت قائلة :
- يبدو لي من الإنصاف أن تسمع القصة من الناحية الأخرى .. إني وصاحبته الأولى .. مخلوقة واحدة .. إني هي .. التقيت به أول مرة ، وأنا على وشك الانزلاق إلى الهاوية فأحببته كما لم أحب من قبل ، وأحسست أنه أنقذني من التردي ، واتفقنا – كما قال لك – على أن يكون كل منا لصاحبه .
ثم سافر إلى الميدان ، وأخذت أنتظر ، ولما علمت من صحبه أنه فقد ، تملكني اليأس وأحسست بالانهيار ، ووجدتني أندفع مرة أخرى إلى الهاوية .. دون أن أجد ما ينقذني ، ومرت بي الأيام وأنا أتجر في الهوى .. حتى كان ذات يوم التقيت به .. فكأني رأيت ميتا بعث ، وأحسست بالحنين إليه ، ولكني كرهت أن أحطم في ذهنه صورتي الحلوة الشريفة ، وخشيت – كما خشي هو من قبل – أن أبدو له بهذه الصورة البشعة .. امرأة مدنسة ، ولم أتكلم ، حتى لا يعرفني ، ورجوت صاحبة البيت أن تنبئه أني بكماء ، وحاولت تجنبه والابتعاد عنه ، ولكنه أقبل علي في لهفة وشوق كأنما قد أحس بي ، ولم أستطع إلا أن أبادله اللهفة على أنني مخلوقة أخرى جديدة غير صاحبته الأولى ، ومنذ ذلك اليوم .. لم أنبس ببنت شفة .

وعرض علي الزواج كما أنا .. بكماء من بنات الهوى .. ولم أتردد في القبول .. وعشت معه بشخصيتي الجديدة ، فكسبت الحاضر ولم أهدم الماضي .
إني أمامه واقع سعيد هنئ ، وفي ذهنه ذكرى جميلة ممتعة ...

يوسف السباعي

د. ناصر شافعي 03 / 02 / 2010 21 : 12 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
من أعلام الأدب العربي في مصر
( 31 )
صالح مرسي
اشهر من كتب فى أدب الجاسوسية باللغة العربية



صالح مرسي (وفاة 17 فبراير 1997)، كاتب وروائي مصري له العديد من الأعمال المتميزة، وهو أشهر من كتب في أدب الجاسوسية العربية.

قام في الثمانينات من القرن العشرين بتأليف قصة رأفت الهجان.
كان يعمل مع جهاز المخابرات العامة المصرية فيما يخص الروايات الخاصة بالجهاز، ويعتبر من المدنيين الذين عملوا مع المخابرات المصرية.

من أعماله :

• الثعلب
• وادي الفيران
• دموع في عيون وقحة
• رأفت الهجان
• سامية فهمي
• نساء في قطار الجاسوسية
• الحفار
• الصعود إلى الهاوية
• حرب الجوسيس
• هم و أنا
• انا قبلي دليلي

د. ناصر شافعي 03 / 02 / 2010 26 : 12 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
صالح مرسي.. البحار الذي أصبح أديب الجاسوسية الأول

نجلاء ابو النجا .. جريدة الفجر


لم يكن يتوقع احد ان يتحول البحار ذو الميول الرومانسية الي اشهر كاتب مصري عن الجاسوسية.. وان يتحول صالح مرسي الي أهم علامة في تاريخ المسلسلات والاعمال الوطنية..

بداية من فيلم «الصعود الي الهاوية ودموع في عيون وقحة ورأفت الهجان والحفار» وحتي سامية فهمي او «حرب الجواسيس» الذي يعرض الان بنجاح كبير ..

صالح مرسي ذلك الرجل الذي اطلق عليه المقربون منه لقب «المتفائل» لانه كان دائم الابتسامة والبشاشة مهما كانت الظروف والمصاعب ولد في كفر الزيات عام 1929 وعمل كضابط بحري لسنوات طويلة ثم عاد ودرس الفلسفة والتاريخ في كلية الاداب وعمل لسنوات في الصحافة في مجلة «صباح الخير» ثم في مجلة «المصور» وكان من ابرز الصحفيين الذين برعوا في الكتابة في مختلف فروع الصحافة ودروبها..


واطلق عليه لقب الصحفي الشامل، لكن صالح لم يكتف بالصحافة لكنه احترف الكتابة الادبية وكتب روائع من الاعمال والقصص والروايات التي تكلمت عن البحر وحياته خاصة انه تأثر كثيرا بالفترة التي قضاها كضابط بحري.. وتقول شريكة حياته السيدة وجيهة فاضل.. إنه كان رجلاً رقيقاً جداً ومرهف الحس ومولعاً بالادب والتفاصيل والمشاعر والاحاسيس وكان يستغرق ساعات طويلة في الكتابة يظل ملازما فيها مكتبه الخاص ومكتبته لاكثر من 16 ساعة.. ولم يكن يبدو عليه أبدا انه سيكون كاتبا محترفا عن الجاسوسية وقصص المخابرات..


والمفاجأة كما روت لنا السيدة وجيهة ان صالح مرسي لم يكن يفكر ابدا في تحويل اي عمل روائي له حتي تلك التي كتبها عن الجاسوسية الي مسلسلات او اعمال تليفزيونية او سينمائية لكن نقلة حقيقية حدثت في حياة صالح مرسي بعد رواية «الصعود إلي الهاوية» التي تحولت لعمل سينمائي قدمه محمود ياسين ومديحة كامل وحقق نجاحاً كبيراً جداً وكان سابقة في عالم السينما وبعدها اتسعت شهرة صالح مرسي كأديب للجاسوسية.. وكتب بعدها رواية «دموع في عيون وقحة» واعتمد علي ملفات حقيقية من المخابرات العامة المصرية..


وتهافت المنتجون علي تلك الرواية وتحولت لمسلسل شهير جدا احدث ضجة هائلة ومع ذلك لم يكن صالح سعيدا بقدر ما تحقق من نجاح لان الرواية تعرضت لبعض التدخل ولم تنفذ مثلما كتبها بالضبط ورغم ضيقه كان يتفهم انه من حق المبدع في عالم الدراما ان يغير ما يراه صالحا للتقديم التليفزيوني لكن ظل يهاجمه الاحساس بأن هناك شيئاً ناقصاً في الاعمال التليفزيونية التي تنقل رواياته وانها لم تنفذ ابدا كما يريد..

ثم جاءت رائعة رأفت الهجان التي كتبها صالح مرسي في اكثر من عامين وكان يلازم حجرة مكتبه لما يقرب من 20 ساعة يوميا يجمع المجلدات والملفات ويراجع كلمة كلمة من اكثرمن مجلد وكان يعيد المشهد اكثر من عشر مرات وكثيرا ما يعيد كتابة الحلقة من الالف الي الياء دون تسرب الملل ثم كتب رواية «الحفار» وقدمت ايضا كمسلسل..

واخيرا سامية فهمي الذي يقدم حاليا باسم «حرب الجواسيس».. اما قصة حياة ليلي مراد والتي تقدم حاليا في مسلسل «قلبي دليلي» فهي ايضا كانت خارج حسابات صالح ولم يكن يكتبها او يحاول اعدادها وفي باله ان تكون مسلسلاً او فيلماً حيث جلس طويلا مع السيدة ليلي مراد قبل وفاتها وكان يسجل قصة حياتها بكل دقة ثم كتبها في مؤلف ضخم.

د. ناصر شافعي 04 / 02 / 2010 56 : 12 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر
( 32 )
محمود حسن إسماعيل
نداء الشرق


ولد بقرية النخيلة بمحافظة أسيوط في 2/7/1910، وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي بين مدارس أسيوط والقاهرة.
ثم لحق بكلية دار العلوم جامعة القاهرة وتخرّج منها عام 1936 حيث حصل على ليسانس العلوم العليا، وقد اكتسب ثقافة واسعة وأُتيح له من التجارب ما لم يتح لزملائه، فعمل أول ما عمل محرراً بالمجمع اللغوي، ولم يلبث أن انتقل مستشاراً ثقافياً بالإذاعة المصرية وعمل فيها عدة سنوات، سافر بعدها في أواخر السبعينيات إلى الكويت بعد أن أُحِيلَ إلى التقاعد حيث عمل مدة سنتين أو ثلاثاً إلى أن توفي إلى رحمة الله بالكويت في 25 نيسان سنة 1977م، فنقل جثمانه إلى مصر حيث دفن في ثراها، وكانت مصر في وجدانه طوال فترة غربته عنها.

ومحمود حسن إسماعيل شاعر كبير متميز له لونه الشعري الخاص به، وقد أثار شعره الكثير من الجدل، فأشاد به بعض النقّاد باعتباره شعراً ذا أبعاد عميقة، وهاجمه آخرون باعتباره شعراً غامضاً بعيداً عن أرض الواقع، يجسد أخيلة مغرقة في الرمزية.
وقد تشكّل وجدان محمود حسن إسماعيل بكل صور الطبيعة الجميلة التي شاهدها في قريته النخيلة، وبكل أحزان الفلاحين البسطاء ومعاناتهم، أولئك الذين نشأ بينهم وعاشرهم وتأثّر بهم فتشرّب كل هذه الصور التي عكسها في شعره طوال حياته.

أشهر أعماله:
أصدر عدة دواوين هي على التوالي:
- أغاني الكوخ، 1935.
- هكذا أغني، 1937.
- الملك، 1946.
- أين المفر، 1947.
- نار وأصفاد، 1959.
- قاب قوسين، 1964.
- لا بد، 1966.
- التائهون، 1967.
- صلاة ورفض، 1970.
- هدير البرزخ، 1972.
- صوت من الله، 1980.
- نهر الحقيقة، 1972
- موسيقى من السر، 1978.
- رياح المغيب، نشرته دار سعاد الصباح لأول مرة عام 1993.
وقد صدرت منذ بضع سنوات مجموعة أشعاره الكاملة.

من قصائد الشهيرة المغنّاة:
تغنى بشعره كبار المطربين، ومن أشهر قصائده «النهر الخالد»، «ودعاء الشرق»، اللتان شدا بهما الموسيقار محمد عبد الوهاب، وأنشودة «يد الله» للمطربة نجاح سلام، وأغان أخرى مختلفة.

ندوات ومحاضرات:
- الاشتراك في مؤتمرات الأدباء والشعر العربي، والمحافل الأدبية في مصر والبلاد العربية منذ عام 1935.
- الاشتراك في الندوة العالمية لموضوع الالتزام في الأدب بيوغسلافيا عام 1969.
- تمثيل مصر في مهرجان الشعر العالمي بيوغسلافيا عام 1969.
- الاشتراك في مهرجان الكواكب بمدينة «حلب».

جوائز تقديرية وأوسـمة:
حصل على عدة جوائز منها :
- وسام الجمهورية من الطبقة الثانية عام 1963.
- وسام الجمهورية من الطبقة الثانية عام 1965.
- جائزة الدولة التشجيعية عام 1964.
- وسام تقدير من الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة.

أعمال أدبية :
- له كتاب «الشعر في المعركة » الذي صدر الجزء الأول منه عام 1957، والجزء الثاني عام 1967.

دراسات أدبية ومقالات وقصائد نشرت في المجلات والصحف:
له عدد من الدراسات الأدبية والمقالات والقصائد التي نشرت في العديد من الدوريات العربية مثل: السياسة الأسبوعية، أبوللو، النهضة الفكرية، الرسالة، الهلال، المصور، الإذاعة، الأقلام العراقية، البيان الكويتية، الرسالة الجديدة، الأدباء العرب، الوعي الإسلامي الكويتية، المسلمون، الأديب اللبنانية، مجلة المجلة، مجلة الشعر- مع الإشراف على تحريرها. وفي الصحف مثل: الأهرام، البلاغ، المصري، الدستور، الأخبار، الجمهورية.
(منقول )

د. ناصر شافعي 04 / 02 / 2010 05 : 01 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
قصيدة : دعاء الشرق

( محمود حسن اسماعيل )


يا سماء الشرق طوفى بالضياء...وانشرى شمسك فى كل سماء
ذكّريه واذكرى أيامه ................بهدى الحقّ ونور الأنبياء
* * * *

كانت الدنيا ظلاما حوله............وهو يهدى بخطاه الحائرين
أرضه لم تعرف القيد ولا............خفضت الا لباريها الجبينا
كيف يمشى فى ثراها غاصب.........يملأ الأفق جراحا وأنينا
كيف من جناتها يجنى المنى ؟........ونرى فى ظلها كالغرباء

يا سماء الشرق طوفى بالضياء

أيها السائل عن راياتنا .............لم تزل خفّاقة فى الشهب
تشعل الماضى وتسقى ناره.........عزة الشرق وبأس العرب
سيرانا الدهر نمضى خلفها..............وحدة مشبوبة باللهب
أمما شتى ولكن للعلا..................جمعتنا أمة يوم النداء

ياسماء الشرق طوفى بالضياء

نحن شعب عربى واحد ........ضمّه فى حومة البعث طريق
الهدى والحق من أعلامه......... واباء الروح والعهد الوثيق
أذّن الفجر على أيامنا...........وسرى فوق روابيها الشروق
كل قيد حوله من دمنا.............. جذوة تدعو قلوب الشهداء

يا سماء الشرق طوفى بالضياء

د. ناصر شافعي 04 / 02 / 2010 15 : 02 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
النهر الخالد

محمد حسن إسماعيل
مسافر زاده الخيال والسحر والعطر والظلال
ظمآن والكأس في يديه والحب والفن والجمال
شابت على ارضه الليالي وضعت عمرها الجبال
ولم يزل ينشد الديارا ويسأل الليل والنهارا
والناس في حبه سكارى هامو على افقه الرحيب
آه على سرك الرهيب وموجك التائه الغريب
يانيل ياساحر الغيوب

ياواهب الخلد للزمان ياساقي الحب والاغاني
هات اسقني ودعني اهيم كالطير في الجنان
ياليتني موجة فاحكي الى لياليك ما شجاني
واغتدي للرياح جارا واحمل النور للحيارى
فأن كواني الهوى وطار كانت رياح الدجى نصيبي
آه على سرك الرهيب وموجك التائه الغريب
يانيل ياساحر القلوب

سمعت في شطك الجميل ماقالت الريح للنخيل
يسبح الطير ام يغني ويشرح الحب للخميل
واغصن تلك ام صبايا شربن من خمرة الاصيل
وزورق بالحنين سارا ام هذه فرحة العذارى
تجري وتجري هواك نارا حملت من سحرها نصيب
آه على سرك الرهيب وموجك التائه الغريب
يانيل ياساحر الغيوب

د. ناصر شافعي 04 / 02 / 2010 57 : 03 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر
( 33 )
محمد التابعي
أمير الصحافة

صحفي مصري شهير .. ولد محمد التابعي محمد وهبة في بورسعيد في خليج الجميل في (18 مايو 1896 –وتوفي في 24 ديسمبر 1976) . أسس مجلة آخر ساعة ولقب بأمير الصحافة.

بدأ محمد التابعى عام 1924 بكتابة مقالات فنية في جريدة الأهرام تحت توقيع حندس. كان التابعي في البداية يكتب في روزاليوسف بدون توقيع، فقد كان يعمل موظفا في البرلمان المصري. وكادت مقالاته السياسية تحدث أزمة سياسية بين الدستوريين والسعديين. استقال التابعي من وظيفته الحكومية وتفرغ للكتابة في روزاليوسف وكان ثمنها في ذلك الوقت خمسة مليمات مصرية، وتسببت مقالات التابعي السياسية القوية في زيادة توزيعها حتى أصبح ثمنها قرش صاغ.

أسس التابعي مجلة أخر ساعة الشهيرة عام 1934 و شارك في تأسيس جريدة المصري مع محمود أبو الفتح و كريم ثابت كما كان محمد التابعى هو الصحفى المصري الوحيد الذى رافق العائلة الملكية في رحلتها الطويلة لأوروبا عام 1937 وكان شاهدا ومشاركا للعديد من الأحداث التاريخية آنذاك. اشتهر التابعي بأنه صحفي يتحقق من معلوماته قبل نشرها وكان يحصل علي الأخبار من مصادرها مهما كانت. وكان أسلوبه ساخرا عندما يهاجم. لكنه كان رشيقا مهذبا وأصبح مدرسة خاصة في الكتابة الصحفية. من ضمن أسلوب التابعى الساخر أن أطلق أسماء هزلية على بعض الشخصيات السياسية المعروفة، و كان يكفى أن يشير التابعى في مقال إلى الاسم الهزلى ليتعرف القراء على الشخصية المقصودة.

تم تأليف العديد من الكتب عنه و منها سيرته الذاتية فى جزئين بقلم الكاتب الصحفى الراحل صبرى أبو المجد، و كذلك -من أوراق أمير الصحافة- بقلم الكاتب الصحفى محمود صلاح كما ألف عنه الاستاذ حنفى المحلاوي كتاب - غراميات عاشق بلاط صاحبة الجلالة- وهو يحكي عن أشهر غراميات الاستاذ التابعى ففى مصر وفى أوروبا فقد كان الاستاذ التابعى دون جوان الصحافة المصرية كما كان أميرها و مؤسسها وله العديد من العلاقات المقربة مع مشاهير وأمراء في كل بلاد الدنيا.

كما قال عنه تلميذه مصطفي أمين: «كانت مقالاته تهز الحكومات وتسقط الوزارات ولا يخاف ولا يتراجع، وكلما سقط علي الأرض قام يحمل قلمه ويحارب بنفس القوة ونفس الإصرار. تتلمذ على يديه عمالقة الصحافة والسياسة والأدب مثل حسنين هيكل، مصطفى و علي أمين، كامل الشناوي، إحسان عبد القدوس، أحمد رجب و غيرهم.

من أعماله :
1950 -بعض من عرفت
من أسرار الساسة و السياسة-1959
أسمهان تروى قصتها-1961
1964-ألوان من القصص
1966-أحببت قاتلة
1969 - عندما نحب
1969- لماذا قتل
1969- ليلة نام فيها الشيطان
جريمة الموسم - 1960
1970 - صالة النجوم
1970 -رسائل و اسرار
1972 - حكايات من الشرق و الغرب
- ثلات قصص كما قام بترجمة كتاب مذكرات المرحوم اللورد سسيسل1922-
توفي عام 1976 م .

( منقول )

د. ناصر شافعي 04 / 02 / 2010 06 : 04 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
اقوال في الأدب الصحفي لأمير الصحافة محمد التابعي


" لقد خلعوا على الصحافة لقب صاحبة الجلالة، لكن صاحبة الجلالة تحمل على رأسها تاجا من الأشواك ! فالصحفى يكتب وسيف الأتهام مسلط فوق راسه و قليلون منا نحن الصحفيون هم الذين أوتوا الشجاعة لأبداء رأيهم و لا يبالون فى أن يتهموا فى نزاهتم و أنهم ماجورون ينالون ثمن مقالتهم من دولة ما أو من جهة ما....أذا كتب الصحفى أتهم فى نزاهته و أذا لم يكتب اتهم فى شجاعته بأنه لا يؤدى واجبه و رسالته".

"رسالتي الصحفية أن أحارب الظلم أياً كان وأن أقول ما أعتقد أنه الحق ولو خالفت في ذلك الرأي العام" .

"أنا لا أسكت على الحال المايل، رأيى ان الصحافة تستطيع أن توجه الرأى العام و ليست أن تتملقه أو تكتب ما يسره أو يرضيه."
"ان يفوتك 100 سبق صحفى افضل من ان تنشر خبرا كاذبا"

في كلمة قصيرة منسوبة لمحمد التابعي في مجلة «الجيل الجديد» عام ١٩٥٦، تحت عنوان «الاسم النظيف» يقول إن باب النجاح مفتوح للصحفي الشاب، الذي لا يتملق الرأي العام والذي يؤمن بقضيته مادام علي حق.

ويضيف أنه لو بدأ شريط حياته من أول الطريق، فإنه سيختار الصحافة ليدخل من باب النجاح، والنجاح في الصحافة هو «الاسم النظيف».. ويقول:
«والنجاح يختلف برغبة كل شخص فهناك من يقيس النجاح بالفلوس، أما بالنسبة لي فهو (الاسم النظيف) وهو أهم من الثروة، فلو أنني شاب أريد أن أنجح في الصحافة فلن أحيد عن الخطوات التي سرت فيها، وسوف أفرغ ما في صدري ولن يهمني الرأي العام، مادمت أقف بجانب الحق وأناصر المظلوم، فإذا كان الرأي العام لا يتقبل فلن أنزل علي رأيه، فمن واجب الصحفي أن يفرض رأيه، وكذلك المثابرة علي العمل هي سر نجاح الصحفي».
محمد التابعي.

د. ناصر شافعي 04 / 02 / 2010 31 : 06 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر
( 34 )
محمد عبد الحليم عبد الله



هو أحد رموز الرواية في الأدب العربي الحديث .

ولد الكاتب الروائي محمد عبد الحليم عبد الله بقرية "بولين" التابعة لمركز كوم حمادة بمحافظة البحيرة، في الثاني من مارس سنة 1913
تخرج في مدرسة " دار العلوم " العليا عام 1937. نشرت أول قصة له وهو ما يزال طالبا في عام 1933، وعمل بعد تخرجه محررا بمجلة "مجمع اللغة العربية" حتى أصبح رئيسا لتحرير مجلة المجمع .

• عين مساعدا لسكرتير عام نادي القصة، وجمعية الأدباء في 21/4/1963 ، وعين عضوا لمجلس إدارة جمعية الأدباء في 1/11/1967.
• ترجم العديد من أعماله إلي اللغات الفارسية، والإنجليزية، والفرنسية، الإيطالية، والصينية، والألمانية، كما تحولت معظم رواياته إلي أفلام سينمائية

• الجوائز التي حصل عليها الكاتب الروائي محمد عبد الحليم عبد الله :

1. جائزة المجمع اللغوي عن قصته "لقيطة" عام 1947
2. جائزة وزارة المعارف عن قصة "شجرة اللبلاب" عام 1949
3. جائزة إدارة الثقافة العامة بوزارة المعارف عن روايته "بعد الغروب"عام 1949
4. جائزة الدولة التشجيعية عن قصة "شمس الخريف" عام 1953
5. أهدي الرئيس الراحل أنور السادات لاسم محمد عبد الله وسام الجمهورية

أشهر أعماله :

غرام حائر
لقيطة
الجنة العذراء
غصن الزيتون ( تحول إلى فيلم سينمائي بطولة سعاد حسني - أحمد مظهر)
شجرة اللبلاب ( تحول إلى فيلم سنيمائي بعنوان " عاشت للحب" بطولة زبيدة ثروت - كمال الشناوي)
شمس الخريف
للزمن بقية
الضفيرة السوداء
بعد الغروب
الوشاح الابيض
الماضي لايعود
كما كتب العديد من القصص القصيرة. ترجم العديد من أعماله إلي اللغات الفارسية، والإنجليزية، والفرنسية، الإيطالية، والصينية، والألمانية، كما تحولت معظم رواياته إلي أفلام سينمائية.

يعد الدكتور حلمى محمد القاعود أول من قام بتأليف عمل يتناول أدب محمد عبدالحليم عبدالله بكتابه (( الغروب المستحيل : سيرة كاتب محمد عبدالحليم عبدالله )) 1973م .

• توفى محمد عبد الحليم عبد الله ( يرحمه الله ) فى 30 يونيو 1970 ، وقد أنشئت مكتبة أدبية باسمه في قريته "بولين" التابعة لمركز كوم حماده بمحافظة البحيرة، وأقيم متحف بجوار ضريحه في قريته، وأبرز ما يوجد في المتحف المخطوطة الأولي لقصته "غرام حائر"

د. ناصر شافعي 04 / 02 / 2010 36 : 06 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر
( 35 )
حسين فوزى
السندباد المصري العصري - من رواد أدب الرحلات



تاريخ ومحل الميلاد 11 يوليو عــام 1900 ، القاهرة .. وتوفي عام 1988 .

المؤهـــلات العلمية :
- حصل على الشهادة الابتدائية من مدرسة محمد على الابتدائية
- شهادة التوجيهية من مدرسة السعيدية الثانوية
- دبلوم الطب والجراحة من مدرسة الطب المصرية ، عام 1923
- دبلوم الدراسات العليا للأحياء المائية من جامعة تولوز بفرنسا
- ليسانس الدراسات العليا فى العلوم الطبية من جامعة باريس

الوظائف التى تقلدها :
- طبيب بالمستشفيات الحكومية
- مدير معهد الأحياء المائية
- وكيل مصلحة مصايد الأسماك
- عميد كلية العلوم ، جامعة الإسكندرية ، عـــام 1954
- أستاذ علم الحيوان
- أستاذ علوم البحار
- وكيل جامعة الإسكندرية ، عــام 1942
- وكيل وزارة الثقافة والإرشاد القومى عام 1955 حتى سن التقاعد عام 1960

أوجــه نشاطه :
- اشترك فى مؤتمرات كثيرة أهمها : المؤتمرات العامة لليونسكو
- زار معظم البلاد العربية والأفريقية والأوروبية
- له عديد من المقالات بالصحف والمجلات العربية.
- له أحاديث موسيقية للإذاعة : البرنامج العام , البرنامج الثانى , البرنامج الموسيقى .
- له أبحاث علمية بالدوريات المختصة : العربية , الفرنسية ، الإنجليزية ، الألمانية.
الهيئات التى ينتمى إليها :
- عضو اللجنة القومية لليونسكو
- عضو نقابة المهن الطبية
- عضو مجلس إدارة مؤسسة الأهرام
- عضو المعهد العلمى المصرى.
- عضو أكاديمية العلوم.
- عضو المجمع المصرى للثقافة العلمية
- عضو المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية ومقرر لجنة الموسيقى به
- عضو المجلس القومى للثقافة والإعلام
- عضو المجلس الأعلى للثقافة .

إنجازاته:
- إنشاء " البرنامج الثانى " بالإذاعة منذ مايو 1957
- تنظيم أوركسترا القاهرة السيمفونى
- إنشاء كورال الأوبرا من الشباب المصرى
- إنشاء معهد الفنون الشعبية " الفولكلور "
- وضع أساس فن مسرح العرائس لأول مرة فى مصر
- تكوين أول فرقة للفن الشعبى
- إعادة الحياة الى الفرقة القومية
- إصلاح المسرح الشعبى وتطويره
- إنشاء مجلة " المجلة " منذ عام 1957
- كان فى طليعة الداعين والعاملين لفكرة إنشاء المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية وكان له دور مرموق فى نشاطه

مــــؤلفــــــاته :
- سندباد عصرى ، القاهرة ، عام 1938
- كتاب تذكارى عن بعثة الباخرة " مباحث " فى المحيط الهندى ، القاهرة ، عام 1938
- حديث السندباد القديم ، القاهرة ، عام 1943
- سندباد إلى الغرب ، القاهرة ، عام 1950
- الموسيقى السيمفونية ، القاهرة ، عام 5119
- سندباد مصرى ، القاهرة ، عام 1961 0
الجـــــوائز والأوسمة :
- وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى من الجمهورية العربية المتحدة
- وسام الاستحقاق الإيطالى بدرجة كوماندور
- وسام الجمهورية من الطبقة الأولى ، عام 1965
- جائزة الدولة التقديرية فى الفنون من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية ، عام 1965
________________________________________

د. ناصر شافعي 04 / 02 / 2010 41 : 06 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 

الولع الحضاري لدى السندباد العصري (د. حسن فوزي )
بقلم الدكتور/ صلاح فضل

يعلن حسين فوزي في كتابه الأول ضمن سلسلة سندبادياته التي بلغت سبعة كتب، وقد نشره عام 1938 بعنوان (سندباد عصري): جولات في المحيط الهندي يعلن استراتيجيته الثقافية دون مواربة، في هذا الإهداء الذي يمهره بتوقيعه الخطّي:

درجت على حب الغرب، والإعجاب بحضارة الغرب، وقضيت أهم أدوار التكوين من عمري في أوربا، فتمكّنت أواصر حبي، وتقوّت دعائم إعجابي. فلما ذهبت إلى الشرق: عدت إلى بلادي وقد استحال الحب والإعجاب إيمانا بكل ما هو غربي.
ومن يومها أصبح حسين فوزي، بين أبناء جيله من رواد النهضة الثقافية، نموذجا للمفكر المصري المولع بحضارة الغرب، يتغنى بعلومها وآدابها وفنونها على السواء، ويبقى رحيق إيمانه لقرّاء مقالاته وكتبه، ومستمعي برامجه الإذاعية في التحليل المدهش لروائع فنون الموسيقى الغربية.
وإذا كانت علاقتنا اليوم بالغرب، تمر فكريا وثقافيا بأزمة ثقة متبادلة، تتجاوز في خطورتها ما شهدته إبان المد الاستعماري في مطلع العصر الحديث، من تجاور العناق والطعن، فإن لنا أن نتساءل عن حدود هذا الإيمان وبواعثه، وشروطه ونتائجه، وعلاقته برؤية الهوية وتمثل المصير، وكيف أسهم في تشكيل وعينا بالماضي والمستقبل.

بذرة الافتتان:

كان حسين فوزي قد ولد في تباشير مطلع القرن العشرين عام 1900في حيّ الحسين بالقاهرة المعزّية. وقد حفظ القرآن الكريم في الكتاب بعد انتقال أسرته إلى حيّ باب الشعرية المجاور، ثم حصل على الشهادة الإبتدائية من المدارس المدنية، ومن بعدها التوجيهية عام 1917، ودخل مدرسة الطب، ولم تلبث أن أدركته ثورة 1919 فاشترك فاعلا في أحداثها ومظاهراتها، ثم حصل على بكالوريوس الطب عام 1923 وعمل طبيبا للعيون في القاهرة وطنطا، ولكن مسيرة حياته لم تلبث أن تبدلت عندما ابتعث إلى فرنسا في عام 1925 لدراسة الأحياء المائية وعلوم البحار. وحصل على بكالوريوس العلوم من جامعة السوربون، وتزوج من زميلة دراسة فرنسية، رافقته خلال رحلة حياته، وعند عودته إلى الوطن أوائل الثلاثينيات أسس معهد علوم البحار والبيطرة، ثم اشترك بعد بعثته في رحلة الباخرة ((مباحث)) التي جابت البحر الأحمر والمحيط الهندي لمدة تسعة شهور، لإجراء أبحاث علمية متعددة سجلها في كتابه الذي أشرنا إليه، وظل يعمل في ميدان العلوم البحرية حتى أسند إليه تأسيس أول كلية للعلوم بجامعة الاسكندرية تحت إشراف طه حسين عام 1942، وبعد قيام الثورة عين عام 1955 وكيلا لوزارة الثقافة، ثم اشترك مع ثروت عكاشة في تأسيس أكاديمية الفنون وعمل رئيسا لها عام 1965، وانتقل إلى رئاسة الأكاديمية المصرية عام 1968 قبل أن يتفرغ للتأليف العلمي والريادة الموسيقية حتى وفاته عام 1988.

ولأنه قد سجل تاريخ حياته الفكري والروحي في كتابه الشائق ((سندباد في رحلة الحياة))الذي أصدره في يونيو 1968 فقد كشف فيه عن بذرة افتتانه بالثقافة الأوربية منذ مراحل تعليمه الأولى في العقد الثاني من القرن العشرين، ويجدر بنا أن نتأمل هذه الجذور لندرك طبيعتها المشتركة لدى أبناء جيله، والأجيال التالية حتى يومنا هذا، وتقف على مستويات التناغم في المكونات الأولى للشخصية المصرية والعربية المعاصرة. وإذا كان تحليله المتأخر لهذه المكونات يصطبغ برؤيته في الشيخوخة، إذ لم يتم إبان شرخ الشباب كما فعل طه حسين في ((أيامه)) فإنه يكتسب بذلك طابع الاعتراف الصادق دون مكابرة أو تأنق أدبي. يحكي حسين فوزي أنه ما إن بدأ بدراسة الأدب العربي في ((السعيدية الثانوية)) حتى اندفع يطالع أعلام هذا الأدب في دواوينهم وخطبهم ورسائلهم، ثم حدث أن اتسعت معارفه في اللغة الانجليزية حتى استطاع أن يطالع القصص والقصائد المشهورة فيها، ولم يكتف بما وضعت نظارة المعارف بين يديه من مجموعات شعرية، بل اقتنى ((الخزانة الذهبية)) جمع ((بالجريف)) والتهم منتخباتها التهاما، بفهم ناقص يكمله تأثره بموسيقى الشعر وأوزانه. وكلما تقدمت بنا الدراسة، واتسع الاطلاع نضج الفهم فإذا بالأدب الأجنبي يجتذب التلميذ إليه بقوة، ولا غرابة في هذا لأن الأدب الأجنبي الذي ألقى إليه يرتد إلى القرن السابع عشر، وأغلبه من التاسع عشر فالقرن العشرين، بينما الأدب العربي يعبر عن مشاعر ويصوّر أفكار قرون غابرة، ربما كان أقربها إلينا القرن الحادي عشر، والأمر هنا لا علاقة له بقومية أو وطنية، فلغتنا هي العربية، آمنا، وكنوز العربية ما أروعها وأبلغها!ولكنها تعبر عن وجدان أهل لنا بعيدين عنا جدا في الزمان، فالفارق هنا ليس بين شعب وشعب، بل هو فارق إدراك وإحساس، وطريقة في التعبير عن خوالج الإنسان: أقرب إلينا في الأدب الأوربي لمجرد تقارب الزمان الذي تعبر عنه، ويضيف حسين فوزي إلى هذا العامل التاريخي عوامل فنية أخرى تتصل بتنوع الآداب الغربية من قصة ورواية ومسرحية، إلى جانب الشعر الذي يقف وحده في الثقافة المدرسية العربية، ويطالب بأن تشمل مختارات النصوص العربية صفحات وضيئة تحفل بجوانب الحضارة العربية الإسلامية، من التاريخ والفلسفة والعلوم والفنون والرحلات، حتى تضارع تلك النصوص الثرية بعوالمها وتجاربها في الثقافات الأجنبية، وأعتقد أن بوسعها أن نذهب إلى أبعد من ذلك في تقديمنا للجوانب الفاتنة من تراثنا الأدبي في المناهج التعليمية حتى يتوازى التكوين العقلي والوجداني للشباب العربي، بوسعنا أن نعدل عن هذا النموذج التاريخي الصارم في البدء بالعصور القديمة فحسب، مما يباعدالشقّة ويجافي الألفة، بأن نضع إلى جانب الشعر بدايات القصة والمسرح والفنون الأخرى في المراحل المختلفة، مما يحبب الشبيبة في تراثها، ويكشف عن مذحورها الحضاري المنوع الخلاق، لا لنتفادى بذرة الإعجاب بالغرب التي كشف حسين فوزي عن تربتها، ولكن لنمد دائرة الإعجاب لتشمل الإنجاز الحضاري للإنسان في الشرق والغرب معا، والوعي التاريخي العميق بإسهامنا المبدع في هذا الإنجاز، فتكوين الكفاءة اللغوية والأدبية العالية وبلورة منظومة القيم الرفيعة لا تتأتى بالتجهيل بالآخر وغمطه دوره ومناجزته بالتفاخر المعيب.

قناع السندباد

اتكأ حسين فوزي طيلة حياته العلمية والفكرية على قناع أسطوري اكتشفه في التراث العربي المصري، ووظّفه بمهارة عالية، لتمثيل شغفه بالعلم، وتوقه إلى رحلات البحر، وإمعانه في كشف أسرار عجائبه ومخلوقاته في عصر الأنوار الإنسانية. مضمرا بذلك حسّا أدبيا رفيعا، وقدرة فنية عالية. وقصة السندباد كما يرى حسين فوزي هي القصة البحرية الكبرى في الأدب العربي طبقا لألف ليلة وليلة. وهي فوق هذا واحدة من أهم قصص البحار في آداب العالم. ولو لم يحتو كتاب ألف ليلة على قصة عبدالله البري والبحري لكانت قصة السندباد هي القصة البحرية الكاملة الوحيدة في اللغة العربية. بيد أن البحر في قصة عبدالله كان وسيلة إلى غاية هي العرض الفلسفي، أما البحر في قصة السندباد فهو الغاية التي تنتهي إليها القصة، البحر هو بطلها، أو هي على حد تعبيره حوار بين اثنين: البحر والسندباد. حوار يتطور من الهدوء إلى العنف، ومن تبادل الود إلى تداول الكلمات والمناجزة والصراع.

وقد بذل حسين فوزي جهدا علميا فائقا في كتابه (حديث السندباد القديم) 1943 لتأصيل رحلات السندباد، طبقا للمعارف الجغرافية وكتب العجائب السابقة عليه في الثقافة العربية، ليثبت أن من قام بتأليفه على هذه الصورة المكتملة ينتمي إلى هذه الثقافة الغنية، إذ يتبين له من مجموع النصوص التي اختبرها أنه صاحب القصة قد ألفها وفي ذهنه صورة جغرافية للبحر الشرقي الكبير (المحيط الهندي) إن لم تكن شديدة الوضوح، فهي ليست أكثر إبهاما من الصورة التي تنطبع في أذهاننا من مطالعة كتب الرحلات والعجائب والمسالك والممالك. ومعنى هذا في تقديم حسين فوزي بعد البحث العلمي المستفيض أن مصادر كتب الجغرافيا العربية وكتب العجائب ومصادر قصة السندباد واحدة: مجموعة المعارف المتداولة عن البحر الشرقي الكبير فيما بين القرن التاسع والرابع عشر الميلاديين. مثل كتاب (المسالك والممالك) لابن خرداذبة، صاحب بريد الخليفة المعتمد على الله في القرن التاسع الميلادي، و(مروج الذهب ومعادن الجوهر) للمسعودي في العاشر، والآثار الباقية من القرون الخالية (للبيروني في القرن الحادي عشر)، و(نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) للإدريس في الثاني عشر، و(عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات) للقزويني في الثالث عشر، ثم (فريدة العجائب) لابن الوردي في الرابع عشر، على سبيل المثال وليس الحصر.

وقد انتهى في جهده التوثيقي المقارن إلى أن قصة (السندباد البحري) - وهي نموذج لبقية قصص ألف ليلة وليلة - عربية مستحدثة، لا يرجع تأليفها إلى ما قبل القرن الحادي عشر الميلادي، وأسلوبها ولغتها الدارجة - كما تبدو في النصوص المنشورة - قد تنزل بتأليفها إلى القرن الرابع عشر أو بعد ذلك، وليست مترجمة عن أصول هندية أو فارسية، ولا يستبعد أن يكون مؤلفها مصريا أو على الأقل عارفا باللهجة القاهرية في تلك الحقبة كما تداولتها المؤلفات الشعبية الأخرى. وأيا كان مؤلف السندباد، فردا أو جماعة، فقد استطاع أن ينشئ قصته الخلابة من أشتات المعارف الجغرافية، وحكايات الرحالين المتداولة في عصره، دون أن ينتقص هذا من قدره كفنان بارع، فللقصة تخرج على لسان بطلها مفعمة بالحياة، تتدافع أحداثها بعضها في إثر بعض، >كأنها أمواج البحر الزاخر الذي لجّ فيه السندباد، وعرف مرّه أكثر من حلوه، ورضي مع هذا أن يكون أمير سحره، فلا سبيل إلى العجب أن احتضنتها آداب العالم، منذ نشر (جالان) ترجمتها الفرنسية في مطلع القرن الثامن عشر، ونشأت عليها أجيال من الشباب، وتأثر بها كبار الكتّاب الخياليين، أمثال (ديفو) و(سويفت) و(هوفمان) و(إدجار آلان بو) و(لاموت – فوكيد) و(هانس أندريسون) و(جريم) ولا أحسبني مبالغا إذ ألاحظ أثرها في طائفة كبرى من الأدب البحري في العالم. وقد رفعها الناقد (ريتشارد هول)إلى مكانة (الأودية) قياسا مع الفارق.
والقصة طبقا لتحليل حسين فوزي الممتع تبدأ سهلة السرد هادئة، لا تنم على ما تخبئه من روائع، ثم تترادف أحداثها وتتشعّب حتى تصل إلى عقدتها الكبرى عندما يدفن السندباد حيا - ثم تعود بعد ذلك رويدا إلى هدوئها، كما تعود حياة السندباد سيرتها بين خدمه وأعوانه كأني بها مقطوعة سيمفونية تبدأ هادئة اللحن ثم ترتفع أنغامها وتتفرع عن لحنها الأساسي شتى الألحان، تتلقفها آلات الأوركسترا أفرادا وجماعات حتى تدوي بها كل الآلات الوترية والهوائية والنحاسية، ويعلو لحن البحر والعاصفة وصوت الأمواج المضطربة ، وقعقعة السفينة وشرعها تضرب ممزقة في صواريها وحبالها تلهب ظهرها كالسياط، ثم هي ترتد إلى هدوئها الأول لتنتهي فوق الأوتاد دبيبا وحفيفا، لا تلبث أن تحمله على أجنحتها أخف النسمات.

د. ناصر شافعي 04 / 02 / 2010 57 : 08 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر
( 36 )
لطيفة الزيات
مناصرة قضايا المرأة


لطيفة الزيات (1923 - 1996)
روائية ، وأديبة وناقدة , أولت اهتماماً خاصاً لشئون المرأة وقضاياها. ولدت لطيفة الزيات، في مدينة دمياط بمصر، في 8 أغسطس، عام 1923،في مدينة دمياط (مصر), وتلقت تعليمها بالمدارس المصرية،ثم بجامعة القاهرة. بدأت عملها الجامعي منذ عام 1952, وحصلت على دكتوراه في الأدب من كلية الآداب، بجامعة القاهرة عام 1957.

شغلت مناصب عديدة، فقد انتخبت عام 1946، وهي طالبة، أميناً عاماً للجنة الوطنية للطلبة والعمال، التي شاركت فى حركة الشعب المصري ضد الاحتلال البريطاني. تولت رئاسة قسم اللغة الإنكليزية وآدابها خلال عام 1952، إضافة إلى رئاسة قسم النقد بمعهد الفنون المسرحية، وعملها مديراً لأكاديمية الفنون. كما شغلت منصب مدير ثقافة الطفل، رئيس قسم النقد المسرحي بمعهد الفنون المسرحية 1970 - 1972، ومديرة أكاديمية الفنون 1972 - 1973.

كانت لطيفة عضو مجلس السلام العالمي، وعضو شرف اتحاد الكتاب الفلسطيني، وعضو بالمجلس الأعلى للآداب والفنون، وعضو لجان جوائز الدولة التشجيعية في مجال القصة، ولجنة القصة القصيرة والرواية. كما أنها كانت عضوا منتخبا في أول مجلس لاتحاد الكتاب المصريين، ورئيس للجنة الدفاع عن القضايا القومية 1979، ومثلت مصر في العديد من المؤتمرات العالمية.

أشرفت على إصدار وتحرير الملحق الأدبي لمجلة الطليعة ، ونالت لطيفة الزيات الجائزة الدولية التقديرية في الآداب عام 1996.
ومثلما اهتمت لطيفة الزيات بالعمل الثقافي, كان لها اهتمام بالعمل السياسي العام, فانتخبت -وهي طالبة- عام 1946 أمينًا عامّا للجنة الوطنية للطلبة والعمال التي قادت حركة الشعب المصري ضد الاحتلال البريطاني.

وفي عام 1979, شاركت في تأسيس لجنة الدفاع عن الثقافة القومية وتولت رئاستها.
تابعت الكاتبة الإنتاج الأدبي في مصر بالنقد والتحليل والتقييم, وأولت اهتمامًا خاصّا لشؤون المرأة وقضاياها.

وحصلت على جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1996.

تتسم أعمال لطيفة الزيات القصصية والروائية بمعرفة حميمة بالحياة: بالتكوين النفسي للنماذج الإنسانية, وبالتناقضات الاجتماعية التي تتحرك في إطارها وتتفاعل معها.

وفي تلك الأعمال, تعيد الكاتبة إنتاج الواقع الاجتماعي, وتدخل معه في حوار, وتعلن موقفًا إزاءه.
فضلاً عن عدد من المؤلفات النقدية والمؤلفات الأكاديمية والترجمات,

أشرفت على إصدار وتحرير الملحق الأدبي لمجلة الطليعة ، ونالت لطيفة الزيات الجائزة الدولية التقديرية في الآداب عام 1996.
نشر لها العديد من المؤلفات الأكاديمية، والترجمات، كما صدر لها مؤلفات إبداعية، منها:

(الباب المفتوح) (رواية, 1960),
(الشيخوخة وقصص أخرى)
(مجموعة قصصية, 1986),
(حملة تفتيش - أوراق شخصية)
(سيرة ذاتية, 1992),
(بيع وشرا) (مسرحية, 1994),
(صاحب البيت) (رواية, 1994),
(الرجل الذي عرف تهمته) (رواية قصيرة, 1995) .
إضافة إلى العديد من الأبحاث، في النقد الأدبي الإنكليزي والأمريكي، وساهمت بالكتابة في المجلات الأدبية.
توفيت لطيفة الزيات عام 1996.
( منقول )

د. ناصر شافعي 05 / 02 / 2010 13 : 04 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي المعاصر
( 37 )
صبري موسي
أدب الرحلات .. و صرخة فساد الأمكنة


صبري موسي كاتب روائي و صحفي و سيناريست ولد بمحافظة دمياط عام 1932 ، عمل مدرساً للرسم لمدة عام واحد ، ثم صحافياً في جريدة الجمهورية، وكاتباً متفرغاً في مؤسسة «روز اليوسف»، وعضواً في مجلس إدارتها، ثم عضواً «في اتحاد الكتاب العرب»، ومقرراً للجنة القصة «في المجلس الأعلى للثقافة» وقد ترجمت أعماله لعدة لغات .
• جائزة الدولة للسيناريو والحوار عام 1968 .
• جائزة الدولة التشجيعية في الأدب عام 1974 .
• وسام الجمهورية للعلوم والفنون من الطبقة الأولى عن أعماله القصصية والروائية عام 1975 .
• وسام الجمهورية للعلوم والفنون عام 1992 .
• جائزة «بيجاسوس» من أميركا، وهي الميدالية الذهبية للأعمال الأدبية المكتوبة بغير اللغة الإنجليزية عام 1978 .
• جائزة الدولة للتفوق عام 1999 .
• جائزة الدولة التقديرية عام 2003.




أشهر أعماله
1. سيناريوهات أفلام * البوسطجي * الشيماء * قنديل أم هاشم * قاهر الظلام * رغبات ممنوعة * أين تخبئون الشمس .
2. قصص قصيرة * القميص * وجهاً لظهر * حكايات صبري موسي * مشروع قتل جارة .
3. روايات * حادث نصف المتر * فساد الأمكنة * السيد من حقل السبانخ .
4. أدب الرحلات * في البحيرات * في الصحراء * رحلتان في باريس و اليونان .

د. ناصر شافعي 05 / 02 / 2010 22 : 04 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
بعد 36 عاما ..
طبعة جديدة من رائعة صبري موسى " فساد الأمكنة "

بقلم : سميرة سليمان


أعادت دار الشروق للنشر طبع رواية الأديب الراحل صبري موسى " فساد الأمكنة " بعد نحو 36 عاما على صدور طبعتها الأولى عن مؤسسة روزا اليوسف ، وقد سبب صدورها دويا هائلا في الساحة الثقافية المصرية حينذاك واعتبرت واحدة من اهم روايات القرن العشرين بشهادة الكثيرين . وفي المقدمة يخبرنا المؤلف أنه قضى سنوات سنوات فى الصحراء الشرقية لكتابة هذه الرواية ، تبدأ من 1963 عندما قام برحلته الأولى إلى جبل الدرهيب قرب حدود السودان، وكانت فكرة الرواية قد تشكلت داخله أثناء هذه الرحلة، ثم عاد إلى الدرهيب مرة أخرى عام 1965 خلال زيارته لضريح المجاهد الصوفى أبى الحسن الشاذلى المدفون عند "عيذاب".

نشرت الرواية مسلسلة بمجلة "صباح الخير" خلال عامي 1969 و1970 حتى صدرت طبعتها الأولى في يوليو عام 1973، ونالت الرواية جائزة بيجاسوس الأمريكية عن الأعمال الأدبية غير المكتوبة بالإنجليزية، أما المؤلف فحصل بها على جائزة الدولة التشجيعية فى الرواية عام 1974، وعلى وسام الجمهورية للفنون من الطبقة الأولى.

صبرى موسى المولود عام 1938 فى دمياط درس الفنون الجميلة، ثم التحق بالعمل الصحفي، وصدرت له أربع مجموعات قصصية هى "القميص" و"وجها لظهر" و"حكايات صبرى موسى" و"مشروع قتل جاره"، وروايتين هى "حادث النصف متر" و"السيد من حقل السبانخ"، كما كتب السيناريو والحوار لعدد من أهم الأفلام المصرية.

ونقرأ من سطور الرواية .. " اسمعوا مني بتأمل يا أحبائي .. أحكي لكم سيرة ذلك المأساوي نيكولا هذا العجوز الذي أعطته أمه اسم قديس قديم حين ولدته في ذلك الزمان البعيد، ذلك الذي كانت فاجعته في كثرة اندهاشه، وكان كل شئ يحدث أمام عينيه جديدا يلقاه بحب الطفل، لدرجة أنه لم يتعلم أبدا من التجارب ".
يتذكر نيكولا بطريقة " الفلاش باك " أحداث حياته المأساوية حيث خرج من قرية روسية صغيرة مهاجرًا إلى "إسطنبول" ثم إلى "إيطاليا" حيث قابل " إيليا " الزوجة .. وأنجب منها " إيليا " الابنة .. ليستقر به الحال عند جبل "الدرهيب" في الصحراء الشرقية ليصبح مالكًا للجبل، وقيامه بالتنقيب عن المادة الخام لمساحيق التجميل أثناء فترة حكم الملك فاروق، لصالح الخواجة أنطون صاحب مصنع أدوات التجميل ويصنع نيكولا عالما خاصا به يتكون من عمال منجم التلك داخل جبل الدرهيب، وميناء بحرى على البحر الأحمر يتم منه نقل خام التلك إلى سفن شريكه.

ايسا الثائر

تحدثنا الرواية عن " ايسا " الذي قاد جمل نيكولا أثناء دخوله الصحراء لأول مرة، فما من مرة يمر فيها ايسا على منجم أو يرى فيها خواجا إلا ويتساءل وهو محنق : لماذا يستأثر الخواجات بالكنوز التي يجهد الرجال لاستخراجها من الجبال ؟ ونتيجة ثورته وحنقه على هؤلاء الخواجات سرق ايسا سبيكة الذهب التي خرجت من الجبل حيث رغب في تأكيد سلطانه على جباله الخاصة، مقابل أن يكسر سلطان هؤلاء الأغراب ويفزع زهوهم الطاووسي هذا.
لم يكن في نيته أبدا أن يحتفظ بالسبيكة ، بل إنه قرر أن يعيدها يوما ، وكان حادث السرقة جللا، جاء له هجانة الحدود الذين عثروا على ايسا ، أما نيكولا فقد اندفع إلى الصحراء ليلا وراء أشباح رجال تغادر المنجم وضل طريقه وتاه ، وعلم أن ايسا انقذه من الموت في الصحراء.
ولتظهر الحقيقة اقترح الشيخ علي عم ايسا الاحتكام إلى شريعتهم وهي النار لتظهر الحق من الباطل، فليمش ايسا على الحطب المشتعل فإن كان صادقا في انه سيعيد السبيكة فسوف ينجو ولن تصيبه النار بضرر، ونجا ايسا من النار وخرج منها سالما مرتميا على الأرض مادا قدميه في وجوه الجميع كأنه يشهدهم على براءته.

تحمل أحداث الرواية مفاجأة حين يموت ايسا أثناء عمله في تطهير بئر قديمة ملية بالعقارب والثعابين السامة، الأمر الذي أحزن نيكولا بشدة وجعله يتخذ من ابن ايسا "أبشر" مرافقا له علّه يعوضه عن والده.
وتمضي الأحداث وتجئ زوجة نيكولا إلى القاهرة لتحاول إقناعه بأن يسافر معها إلى إيطاليا ليدير مشروعاتها الناجحة لكنه يرفض، وكانت إيليا الصغرى قد تعلقت بأبيها وأبدت رغبتها في البقاء معه، وحين رفضت أمها أصرت الابنة في عناد موروث أن تبقى وهكذا عادت إيليا الكبرى إلى ايطاليا وحدها.

بداية المأساة

التحقت ايليا الصغرى بالمدرسة الإيطالية في القاهرة في القسم الداخلي وفي اجازات نهاية كل اسبوع كانت تذهب إلى بيت الخواجة انطون الذي كانت زوجته مصابة بمرض أقعدها عن الحمل والانجاب، وهكذا أصبحت ايليا هي حورية ذلك البيت.
الصيف بأكمله تقضيه ايليا الصغيرة مع ابيها نيكولا الذي يقول مخاطبا نفسه: لقد جاءت إيليا الصغيرة وأضفت على حياتك الخشنة من جمالها وحنانها فأصبحت ربة بيتك وزهرة مدينتك الخشبية الجديدة.
وفكر نيكولا في تجهيز ساحل مدينته الخشبية ليكون ميناء وأقيمت على الشاطئ كبائن خشبية للراحة والإقامة وكانت هذه هي بداية بذور المأساة التي يحصد الجميع ثمارها.

وهكذا تدفق على الميناء علية القوم في القاهرة الذين كان يجتمع بهم انطون بك فيحدثهم عن منجمه في الدرهيب وشاطئه الساحر في برانيس فيتحمسون للرؤية فيهبطون في ذلك الشاطئ وينتشرون على الرمال حول المرساة تاركين أنفسهم للطبيعة البكر.
وزار الشاطئ الملك وحاشيته وكان عبد ربه كريشاب المسئول عن تموين الجبل وعماله بالأسماك ضحية نزق هذا الملك وضيوفه، عبد ربه الذي يهيم الآن بين جبال الصحراء فاقدا عقله بسبب نزوات علية القوم!

كان عبد ربه من الصيادين الذين يخرجون إلى البحر مع الرجال للصيد فيعودون بعد أن يفقدوا أحدهم الذي تأخذه عروس البحر التي نصفها امراة ونصفها سمكة تلك الجنية المسحورة التي لا تشبع أبدا، لقد فقد عبد ربه بهذه الطريقة ثلاثة من عائلته، وأقسم بين الرجال أن يأخذ بثأره وتوعد تلك الجنية المسحورة بأن يغويها ويسحبها إلى عالمه الأرضي.

وظهرت الجنية لعبد ربه إلا حين ذهب يصطاد أسماك الاستاكوزا للضيوف، وتحقق عبد ربه أن العروس جاءته ميتة جراء المتفجرات التي يلقي بها داخل البحر هؤلاء الذين يبحثون عن البترول في قاعه العجيب فاختنقت تلك العروس وطفت وجاءته زاحفة، وهكذا قيدها عبد ربه بالحبال وأبهجه أن يوفي بدينه للناس ويأخذ بثأر من فقدهم، وأوهم قومه حين عاد إلى الشاطئ أنه اصطادها حية.
استولى على الضيوف رغبة مثيرة شاذة أن يروا مرأى العين زفاف عبد ربه إلى عروس الماء، الأمر الذي نفذه عبد ربه وسط صرخاتهم وضحكاتهم المشينة النازقة، وفي لحظات تحول الشاطئ ذو الطبيعة الساحرة إلى منفث للشهوات والرغبات الجامحة، كان ما يحدث في المكان شيئا فوق التصور والعقل.

ملك فاسد

ينهار عالم نيكولا دفعة واحدة، حينما يرى الملك "إيليا" ابنة "نيكولا", الفاتنة ذات الستة عشر عامًا بوجهها الأبيض وشعرها الذهبي، فيطلبها لتخرج معه في رحلة صيد وهمية للنيل منها، ويجد "نيكولا" نفسه مجبرًا على الموافقة وفي صدره تعربد آلاف الانقباضات.
ولم يكن أحد سعيدا بهذه الرحلة أكثر من انطون بك الذي كان يشتهي إيليا فقال مخاطبا نفسه: "وها أنت يا انطون السعيد تضرب عصفورين بحجر واحد فتشترك في تدبير ذهاب ايليا مع صاحب الجلالة فتحصل بذلك على لقب باشا وفي نفس الوقت يتفضل صاحب الجلالة ويكسر ذلك الحاجز المكون من العمر والبراءة الذي يفصلك عن ايليا".

وتأتي المصادفة القدرية والتي في ذات الوقت تمثل مأساة "نيكولا" الحقيقية وتعتبر هي ذروة الرواية، فيحلم "نيكولا" الغارق في الحمى أنه يتزوج ابنته، وأثناء الحلم يأتي الرجال بـ"إيليا" بعد أن فرغ منها الملك فيضعوها بجوار والدها الغارق في الغيبوبة، وعندما يصحو يفجع عندما يرى ابنته منهكة وكأنما هو من فعل تلك الفعلة بها.

وأقنع انطون ذلك الثري إيليا بالزواج منه لتحتمي به من الألسنة التي ستتناول رحلتها مع الملك وما حدث بها، وهكذا زفت إيليا إلى انطون لتحقق حلمه المنتظر ولم يمض القليل حتى تيقنت أن بأحشئها جنين ملكي رحب انطون في أن ينسبه إليه، ورفض نيكولا رؤية طفل ايليا قائلا في نفسه: يا شؤم ما جئت به يا إيليا ولدا يجعلني جدا وأبا في نفس الوقت!.

خطف نيكولا ابن ايليا وألقى به إلى الذئاب والصقور لأنه يتصور أن هذا ابنه من علاقة آثمة بابنته، وأصبحت ايليا خطيئة نيكولا وعقابه لا جنته وثوابه كما كان يقول لها.

وتتوالى الأحداث إلى أن يقتل "نيكولا" ابنته "إيليا" بانهيار صخري غادر بعد أن يحبسها في إحدى مغارات جبل "الدرهيب".
ويتذكر نيكولا أحداث حياته كل يوم ويقول: ايليا الحبيبة ليتني اطعتك وتركت نفسي لصرختك الواعدة تعود بي إليك..فنبقى دائما معا!.

على هامش الرواية
يقول المؤلف في حوار قديم له عن روايته "فساد الأمكنة": المشكلة الحقيقية أن النوع الإنسانى مايزال يحتضر بالغرائز القديمة البدائية التى كانت ضرورة له حينما كان يعيش فى الجبال والغابات بين المخلوقات الأخرى المتوحشة، أما الآن وبعد أن تطور العقل البشري لا زلنا نفاجأ بهذا الإنسان غارقا فى الصراع الدموى المدمر الذى تشعله تلك الغرائز القديمة التى كانت دليله الوحيد للحياة فى الغابة الفطرية المتوحشة، وهذا هو جوهر الرواية التي تريد أن تنتصر للفطرة السليمة على حساب الغرائز والشهوات.

تلك الفطرة المتمثلة في بدو الصحراء الذين اتخذوا من الفضائل سلاحا يواجهون به مخاطر حياتهم اليومية، فإن مئات الخطايا الصغيرة التي نرتكبها بسهولة ويسر في المدينة ضد أنفسنا وضد الآخرين تتراكم على قلوبنا وعقولنا ثم تتكثف ضباب يغشي عيوننا وأقدامنا فنتخبط في الحياة كالوحوش العمياء، فالمدينة زحام، والزحام فوضى وتنافس وهمجية، ولكنهم في الصحراء قلة، والخطايا الصغيرة تصبح واضحة تطارد من يرتكبها ويصب ضبابها على النفس أشد كثافة وثقلا، بينما تحتاج دروب الحياة في الصحراء إلى بصيرة صافية نفاذة لتجنب أخطارها.

وعن النهاية المأساوية لأحداث روايته يقول موسى: أرى ان الحكايات والأحداث ذات النهايات السعيدة غالباً لا تثير انتباه الناس، وسرعان ما تغيب عن ذاكرتهم، أما النهايات الفاجعة فتدفعهم للتوقف والتفكير والتأمل بعد قراءة القصص، وهو ما يتيح الفرصة للأفكار المقصودة من العمل كي تصل إلى وعي القراء.

بقلم : سميرة سليمان - محيط

د. ناصر شافعي 05 / 02 / 2010 30 : 08 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
عزيزي القارئ .. إسمح لي بإضافة علم من أعلام الأدب و الصحافة في مصر .. الراحل موسى صبري .. وقد تعمدت أن أضيفه الآن لعدم الخلط .. وللتفرقة بينه و بين الأديب صبرى موسى ..

أعلام الأدب العربي في مصر
( 38 )
موسى صبري
الكاتب الصحفي


ولد موسى صبري عام 1925 بمحافظة أسيوط.. وتوفي عام 1992 .

في بداية حياته الصحفية اعتُقل لمدة ٩ شهور بتهمة توزيع "الكتاب الأسود" الذي وضعه مكرم عبيد، وبعد خروجه عمل في مجلة بلادي التي أصدرها محمود سمهان ثم سكرتير للتحرير في مجلة الأسبوع التي أصدرها جلال الدين الحمامصي. عمل بعد ذلك مع محمد زكي عبد القادر في مجلته الفصول، ثم انتقل عام ١٩47 للعمل مشرفًا على الصفحات الأدبية بصحيفة الأساس. انتقل بعد ذلك للعمل بصحيفة الزمان التي كان يصدرها إدجار جلاد وعمل سكرتيرًا للتحرير في الوقت الذي كان فيه الحمامصي رئيسًا لتحريرها.

في عام 1950 بدأ موسى صبري مشواره مع أخبار اليوم وعمل محررًا برلمانيًا، ثم اُختير نائبًا لرئيس تحرير صحيفة الأخبار ثم رئيسًا لتحرير مجلة الجيل، ثم رئيسًا لتحرير صحيفة الأخبار. انتقل للعمل فترة بصحيفة الجمهورية ثم عاد مرة أخرى رئيسًا لتحرير الأخبار. وفي عام 1974 عين نائبًا لرئيس مجلس إدارة أخبار اليوم ثم رئيسًا له عام 1975، وظل موسى صبري محتفظًا بمنصبه كرئيس لمجلس إدارة دار أخبار اليوم ورئيس لتحرير صحيفة الأخبار إلى أن حان موعد خروجه على المعاش في نهاية عام 1984ليبداً قي كتابة مذكراته التي دونها قي كتاب باسم 50 عاماً قي قطار الصحافة

توفي في ٨ يناير عام 1992.

كتب موسى صبرى ومؤلفاته :

*** كتاب (السادات الحقيقة والأسطورة ) , كتب هذا الكتاب في سنة 1984م
*** كتاب 50 عاما فى قطار الصحافة ، تأليف: موسى صبرى ، سنة النشر: 1992 ، نبذة: مذكرات الكاتب الشهير "موسى صبرى" أثناء العمل فى حقل الصحافة لمدة لا تقل عن خمسين عاماً. وكيف كانت البداية والمواقف التى تعرض لها أثناء العمل بها.

د. ناصر شافعي 06 / 02 / 2010 38 : 12 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر
( 39 )
نعمان عاشور
فارس الدراما الواقعية المسرحية



أديب ومؤلف مسرحي من أبرز كتاب المسرح الواقعي في مصر و العالم العربي . إستمد الفكر المسرحي لمسرحياته من الواقع المصري .. وكان أبطال أعماله من الشخصيات الواقعية المصرية التي تتميز بالصدق و الوضوح و روح المرح .. لقد إستطاع نعمان عاشور أن يجسد أحاسيس و رغبات رجل الشارع إلى واقع درامي مسرحي ملموس .

ولد نعمان عاشور بمدينة ( ميت غمر ) بمحافظة الدقهلية عام 1918. . و توفي عام 1987 .

تخرج من جامعة فؤاد الأول ( القاهرة حالياً ) سنة 1942 .. حيث حصل على ليسانس الآداب ، قسم اللغة الانجليزية .
كان نعمان منذ طفولته مغرماً بالاطلاع والقراءة، ولعل الحظ أتاح له ذلك حيث أن جده كان يمتلك مكتبة ضخمة تضم العديد من المؤلفات في مختلف العلوم والميادين من كتب التاريخ والأدب والدين وغيرها.

اتصل نعمان بالحركة الأدبيـة التي برزت في مصر في أعقاب الحـرب العالمية الثانية ، والتي اهتمت بمشكلات المجتمع وهمومه، وبرز اسمه بين كتيبةٍ من الأدباء والمثقفين الشباب من طليعة النهضة الأدبية والفنية في الخمسينات والستينات.

صدر لنعمان عاشور مسرحياته في مجلدين عن الهيئة المصرية العامة للكتـاب :

المجلد الأول سنـة 1974 ويحتوي علـى مسرحيات:
المغناطيـس
الناس اللـي تحت
الناس اللي فوق
وسيما أونطة
جنس الحريم
توفي عام 1987 .

والمـجلد الثاني سنة 1976 ويحتوى مسرحيات :
وابور الطحين
عائلة الدوغري
ثلاث ليال
بلاد بره
سرالكون ..

إضافة إلى مسرحيات أخرى:
حملة تفوت ولا شعب يموت
عطوة أفندى قطاع عام
يا حلم يا مصر
بشير التقدم
برج المدابغ

كما صدرت لنعمان عاشور المؤلفات التالية في مجال القصة:
«حواديت عم فرح» (1954)
«فوانيس» (1957)
«سباق مع الصاروخ» (1964)
«بطولات مصرية» (1971).

د. ناصر شافعي 06 / 02 / 2010 09 : 02 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر
( 40 )
إحسان عبد القدوس
أديب الحب و الرومانسية



ولد إحسان عبد القدوس في 1 يناير 1919 - وتوفي في 12 يناير 1990.

هو أديباً وصحفيا وروائيا مصريا .. يعتبر من أوائل الروائيين العرب الذين تناولوا في قصصهم الحب البعيد عن العذرية وتحولت أغلب قصصه إلى أفلام سينمائية. ويمثل أدب إحسان عبد القدوس نقلة نوعية متميزه في الرواية العربية، إذ نجح في الخروج من المحلية إلى حيز العالمية وترجمت معظم رواياته إلى لغات اجنبية متعددة.

ولد في بيت أدبي فني .. والده محمد عبد القدوس فقد كان ممثلا ومؤلفا ووالدته السيدة روز اليوسف اللبنانية المولد والمصرية الجنسية وهي ُمؤَسِسَة مجلة روز اليوسف ومجلة صباح الخير.

نشأ في بيئة ثقافية ، تقدر الأدب و الفن و الثقافة .. كانت والدته الفنانة والصحفية السيدة روز اليوسف تعقد ندوات ثقافية وسياسية يشترك فيها كبار الشعراء والأدباء والسياسيين ورجال الفن . ووالده إحسان "روزاليوسف" اسمها الحقيقي فاطمة اليوسف وهي لبنانية الأصل، نشأت يتيمة إذ فقدت والديها منذ بداية حياتها واحتضنتها أسرة (نصرانية!!) صديقة لوالدها والتي قررت الهجرة إلى أمريكا وعند رسو الباخرة بالإسكندرية طلب أسكندر فرح صاحب فرقة مسرحية من الأسرة المهاجرة التنازل عن البنت اليتيمة فاطمة ليتولاها ويربيها فوافقت الأسرة. وبدأت حياتها في الفن !

درس إحسان في مدرسة خليل آغا بالقاهرة 1927-1931م، ثم في مدرسة فؤاد الأول بالقاهرة 1932م-1937م، ثم التحق بكلية الحقوق بجامعة القاهرة.
وتخرج إحسان من كلية الحقوق عام 1942م وفشل أن يكون محامياً ويتحدث عن فشله هذا فيقول: "كنت محامياً فاشلاً لا أجيد المناقشة والحوار وكنت أداري فشلي في المحكمة إما بالصراخ والمشاجرة مع القضاة، وإما بالمزاح والنكت وهو أمر أفقدني تعاطف القضاة، بحيث ودعت أحلامي في أن أكون محامياً لامعاً.

-تولى إحسان رئاسة تحرير مجلة روز اليوسف، وهي المجلة التي أسستها أمه وقد سلمته رئاسة تحريرها بعد ما نضج في حياته، وكانت لإحسان مقالات سياسية تعرض للسجن والمعتقلات بسببها، ومن أهم القضايا التي طرحها قضية الأسلحة الفاسدة التي نبهت الرأي العام إلى خطورة الوضع، وقد تعرض إحسان للاغتيال عدة مرات، كما سجن بعد الثورة مرتين في السجن الحربي وأصدرت مراكز القوى قراراً بإعدامه.

شارك باسهامات بارزة في المجلس الأعلى للصحافة ومؤسسة السينما. وقد كتب 49 رواية تم تحويلها إلى نصوص للأفلام و5 روايات تم تحويلها إلى نصوص مسرحية و9 روايات أصبحت مسلسلات إذاعية و10 روايات تم تحويلها إلى مسلسلات تليفزيونية إضافة إلى 65 كتابا من رواياته ترجمت إلى الإنجليزية والفرنسية والأوكرانية والصينية والألمانية.

منحه الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى.
منحه الرئيس محمد حسني مبارك وسام الجمهورية .

مؤلفاته:

(i) قصص:
1- صانع الحب، دار روز اليوسف، 1948.
2- بائع الحب، دار روز اليوسف، 1949.
3- النظارة السوداء ، دار روز اليوسف، 1952.
4- أنا حرة، دار روز اليوسف، 1954. قصة طويلة.
5- أين عمري، دار روز اليوسف، 1954.
6- الوسادة الخالية، دار روز اليوسف، 1955.
7- الطريق المسدود، دار روز اليوسف، 1955. قصة طويلة.
8- لا أنام، دار روز اليوسف، 1957. قصة طويلة.
9- في بيتنا رجل، دار روز اليوسف، 1957. قصة طويلة.
10- شيء في صدري، دار روز اليوسف، 1958. قصة طويلة.
11- عقلي وقلبي، دار روز اليوسف، 1959.
12- منتهى الحب، دار روز اليوسف، 1959.
13- البنات والصيف، دار روز اليوسف، 1959.
14- لا تطفئ الشمس، الشركة القومية للتوزيع، 1960. قصة طويلة.
15- زوجة أحمد، دار روز اليوسف، 1961. قصة طويلة.
16- شفتاه، الشركة العربية، 1961.
17- ثقوب في الثوب الأسود، كتبة مصر، 1962. قصة طويلة.
18- بئر الحرمان، الشركة العربية، 1962.
19- لا ليس جسدك، الشركة العربية، 1962.
20- لا شيء يهم، الشركة العربية، 1963. قصة طويلة.
21- أنف وثلاث عيون، جزءان، الشركة العربية، 1964. قصة طويلة.
22- بنت السلطان، مكتبة مصر، 1965.
23- سيدة في خدمتك، دار المعارف، 1967.
24- علبة من الصفيح الصدئ، دار المعارف، 1967.
25- النساء لهن أسنان بيضاء، أخبار اليوم، 1969.
26- دمي ودموعي وابتسامتي، دار الرائد العربي، 1972.
27- لا أستطيع أن أفكر وأنا أرقص، دار الشروق، 1973.
28- الهزيمة كان اسمها فاطمة، دار المعارف، 1975.
29- الرصاصة لا تزال في جيـبي، دار الشروق، 1977.
30- العذراء والشعر الأبيض، دار المعارف، 1977.
31- خيوط في مسرح العرائس، أرجوك خذني في هذا البرميل وعاشت بين أصابعه، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1977.
32- حتى لا يطير الدخان، أقدام حافية فوق البحر، الهيئة المصرية…، 1977. مجموعة قصص.
33- ونسيت أني امرأة، دار المعارف، 1977. قصة طويلة.
34- الراقصة والسياسي وقصص أخرى، الهيئة المصرية…، 1978.
35- لا تتركوني هنا وحدي، روز اليوسف، 1979. قصة طويلة.
36- آسف لم أعد أستطيع، مكتبة مصر، 1980.
37- يا ابنتي لا تحيريني معك، روز اليوسف، 1981.
38- زوجات ضائعات، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1981. قصص طويلة.
39- الحب في رحاب الله، مكتبة مصر، 1986. قصص.

(ii) روايات:
1- لن أعيش في جلباب أبي، مكتبة غريب، 1982.
2- يا عزيزي كلنا لصوص، مكتبة غريب، 1982.
3- وغابت الشمس ولم يظهر القمر، مكتبة غريب، 1983.
4- رائحة الورد وأنف لا تشم، مكتبة غريب، 1984.
5- ومضت أيام اللؤلؤ، مكتبة غريب، 1984.
6- لون الآخر، مكتبة غريب، 1984.
7- الحياة فوق الضباب، مكتبة مصر، 1984.

(ج) مقالات :
1- على مقهى في الشارع السياسي، دار المعارف، 1979-1980.
2- خواطر سياسية، عبد المنعم منتصر، 1979.
3- أيام شبابي، المكتب المصري الحديث، 1980. خواطر
4- بعيداً عن الأرض، القاهرة، الهيئة المصرية….، 1980.

( د ) من الأدب السينمائي.
رواية انا حرة
رواية منتهى الحب
رواية لا شيء يهم
رواية الحياة فوق الضباب
رواية لن اعيش في جلبات ابي
رواية في بيتنا رجل
رواية لا أستطيع أن أفكر وأنا أرقص
رواية الطريق المسدود
رواية زوجة أحمد


الساعة الآن 11 : 02 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية