منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   قاعة الندوات والمحاضرات (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=438)
-   -   اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=30594)

محمد الصالح الجزائري 25 / 08 / 2016 19 : 04 AM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
[align=justify]شكرا لك أختي الدكاورة رجاء على إضافة تثري هذا الملف المهم ، ومن خلالك أجدد شكري لسيدة النور الأولى على ما تبذله من جهد من أجل تقريب وجهات النظر..محبتي لكما واحترامي وتقديري..[/align]

هدى نورالدين الخطيب 03 / 09 / 2016 17 : 07 AM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
[align=justify]
تحياتي لك أخي الشاعر الأستاذ محمد الصالح.. العفو والشكر لك..
صديقتي الأديبة د. رجاء تحياتي وعميق شكري وامتناني

القراء الأفاضل
توقفنا بضعة أيام بسبب عطب الكيبورد عندي ، فأرجو المعذرة..
في هذا المجال وبما أننا ما زلنا في الملف المغاربي ، وبعد ما قمنا بنشره بخصوص الإسفين الذي دقه الغرب ولم يزل يعمل على مخطط التفرقة بين العرب والأمازيغ ، ننتقل إلى جانب آخر من جوانب مخطط التفتيت:
ما يعرف ببعثات التبشير أو "عمليات التنصير " ..
قبل أن نتحدث عن مشروع التنصير في البلاد المغاربية و
المشرق الإسلامي عموماً وبين الصحراويين والأمازيغ خصوصاً، لا بد أن نضع لمحة عامة لمشاريع وأهداف التنصير والإستشراق، ونشر المسيحية الغربية ذات الأهداف الاستعمارية التي نحن بصددها هنا غير المسيحية المشرقية الدينية التاريخية في بلادنا.
الأهداف الغربية الاستعمارية، ليس إقامة دين الله في في مختلف أنحاء العالم وإلا كان الملاحدة في بلادهم أولى ، والدين عموماً ليس بحاجة للمفسدين في الأرض ، إنما هم يلجؤون إلى الدين ليكون أداة لتحقيق مصالحهم ، وظلاً يحتمون به حتى يتمكنوا من الزحف في الأرض بأسلحتهم المدمرة لكل من يقف في طريق سيطرتهم على العالم ، وهي بالتأكيد ليست دعوة دينية منزهة عن المطامع والمصالح الاستعمارية والاقتصادية.
[/align]

هدى نورالدين الخطيب 03 / 09 / 2016 39 : 09 PM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
الاستعمار و التبشير
[align=justify]
الاستعمار و التبشير كتاب قيّم صدر في لبنان من تأليف الدكتوران مصطفى خالدي و عمر فروخ يتحدثان فيه عن بواعث التبشير في الشرق و إفريقية ووسائله الخبيثة ويكشفان عن حقيقة التبشير كوسيلة للاستعمار الغربي، وأدناه نضيف من فصول هذا الكتاب على شكل مقالات مختصرة .

الفصل الأول

بواعث التبشير

يظن الكثير أن المبشرين يسعوَن في نشاطاتهم إلى نشر حياة روحية وسلام ديني في بقاع الأرض و لكن لو نظرنا إلى البلاد الأصلية لهؤلاء المبشرين لوجدنا أنهم يعيشون حياةً مادية لا وجود للدين فيها إلا رمزاً و تقليداً لا يحمل أي معنى روحي فالغرب يعبد المال .. المادة .. فكيف يجتهد المبشرون في بلاد الشرق و يتركون بلادهم التي هي أولى من الشرق (بتعاليم المسيح) و (دين السلام) ... ؟؟!!

و سنجد فيما يلي من نقولات (من كتاب ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين) كيف هي الحياة الغربية .

يقول الأستاذ الألماني المهتدي محمد أسد في كتاب "الإسلام على مفترق الطرق" :

(( لا شك أنه لا يزال في الغرب أفراد يعيشون و يفكرون على أسلوب ديني ويبذلون جهدهم في تطبيق عقائدهم بروح حضارتهم و لكنهم شواذ , إن الرجل العادي في أوربا ديمقراطياً كان أو فاشياً , رأسمالياً كان أم اشتراكياً عاملاً باليد أو رجلاً فكرياً إنما يعرف ديناً واحداً , و هو عبادة الرقي المادي و الاعتقاد بأنه لا غاية في الحياة غير أن يجعلها الإنسان أسهل ))أ.هـ


و يحدثنا الأستاذ جود (Joad ) رئيس قسم الفلسفة و علم النفس في جامعة لندن في كتابه (Guide to Modern Wickedness ) عن تجربته مع عشرين طالباً و تلميذة سألهم ((كم منهم مسيحي بأي معنى من معاني الكلمة)) و النتيجة إجابة ثلاثة منهم بالإيجاب و سبعة لم يفكروا في المسألة و العشرة الباقية صرحوا بمعاداتهم للمسيحية .. و لا يرى الدكتور (Joad ) أي غرابة في هذه النتيجة و يقول : ((إن الأحوال و الآثار في هذه البلاد لتدل على أن الكنيسة النصرانية ستموت في القرن الآتي !! ))

و ينقل لنا الأستاذ ( Joad) خبراً من صحيفة يومية عن رجل اخترع آلة تحوّل نُسخ الكتاب المقدس إلى حشو للبنادق و الحرير الصناعي و اللدائن ... هذه قيمة الدين في الغرب , لا بل إن الغرب استبدل هذا الدين بدين آخر و هو عبادة المال يقول الأستاذ (Joad ) في كتاب آخر (Philosophy for times ) : (( إن نظرية الحياة التي تسود هذا العصر و تحكم عليه هي النظر في كل مسألة و شأن من ناحية المعدة و الجيب ( stomach and poeket view of life) و يقول الصحفي الأمريكي المشهور ( Jhon Gunther) في كتابه ( Inside Europe) : (( إن الإنجليز إنما يعبدون بنك انكلترا سنة أيام في الأسبوع و يتوجهون في اليوم السابع إلى الكنيسة ))أ.هـ

و إلى جانب هذا الإفراط في الحياة المادية و اضمحلال أي أثر للحياة الدينية الروحية في الغرب ظهرت النزعات القومية و الوطنية لتكون أهم سبب من أسباب الحروب التي راح ضحيتها ملايين البشر .. يقول البروفسور أترني ((لأي شيء يدرس أولادنا تاريخ أمة أجنبية و لماذا يقص عليهم قصص إبراهيم و إسحاق ؟ ينبغي أن يكون إلهنا أيضاً ألمانياً ! ))

و تبع الترك الألمان في هذا الاتجاه فمجدوا أوصولهم و زعموا أنهم والمغول من أصل واحد و غالى بعضهم في ذلك حتى بحثوا عن عبادات أجدادهم و عن الذب الأبيض الذي كانوا يعبدونه ليحيوا هذه العبادات ! ..
فإذا كانت صورة المجتمع الغربي قاتمة بهذا الشكل فلماذا ينشط المبشرون في الشرق و إفريقيا ؟ ..

إن الأهداف المباشرة و القريبة التي يسعى المبشرون كأفراد إليها في عملهم هي حب المغامرات و الأسفار و السيطرة الشخصية للمبشر على من حوله و فرض رأيه ... و الوسيلة الوحيدة لتحقيق هذه الأطماع هي الجمعيات التبشيرية فالمبشر يغادر من جمعية إلى أخرى حسب أهواءه فإن وليم بلغراف الإنكليزي قد دعته أطماعه الخاصة إلى أن ينقلب راهباً يسوعياً و يجادل البروتستانت قومه , و لمّا استغنى عن اليسوعيين عاد بروتستانتياً حتى أنه سمي الحرباء . و لكن المبشرون كلهم على اختلاف أهدافهم متفقين على عداوة المسلمين و لكنها عداوة سياسية دنيوية لا عداوة دينية ! ..

يقول القس زويمر رئيس مؤتمر المبشرين الذي انعقد في جبل الزيتون في القدس عقب الاحتلال الإنكليزي لفلسطين يقول مخاطباً جمع من المبشرين : (( مهمة التبشير التي ندبتكم دول المسيحية للقيام بها في البلاد المحمدية ليست هي إدخال المسلمين في المسيحية فإن هذا هداية لهم و تكريماً و إنما مهمتكم أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقاً لا صلة له بالله و بالتالي لا صلة تربطه بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها و بذلك تكونون أنتم بعملكم هذا طليعة الفتح الاستعماري في الممالك الإسلامية و هذا ما قمت به في خلال الأعوام المائة السالفة خير قيام و هذا ما أهنئكم عليه و تهنئكم دول المسيحية و المسيحيين أحسن تهنئة لقد قبضنا أيها الإخوان في هذه الحقبة من الدهر ثلث القرن التاسع عشر إلى يومنا هذا على جميع برامج التعليم في الممالك الإسلامية و نشرنا في تلك الربوع مكامن التبشير و الكنائس و الجمعيات و المدارس المسيحية الكثيرة التي تهيمن عليها الدول الأوربية و الأمريكية إنكم أعددتم نشأ (في ديار الإسلام) لا يعرف الصلة بالله و لا يريد أن يعرفها و أخرجتم المسلم من الإسلام و لم تدخلوه في المسيحية و بالتالي جاء النشء الإسلامي طبقاً لما أراده الاستعمار الأوربي )) .

هذه هي بواعث التبشير الحقيقية باعتراف المبشرين أنفسهم .. إن الإسلام عندما يحكم الشعوب يعمل على توحيدها و تذوب في ظله العصبيات للجنس و القومية و العرق فلا فرق لعربي على عجمي إلا بالتقوى و هذا ما يخافه الغرب لأنه يقف في وجه أطماعهم الاستعمارية و التبشير خير وسيلة لإضعاف المسلمين و إبعادهم عن إسلامهم .

يصرح القس سيمون ( Rev. G .Simon) بهذا الرأي بصراحة ووقاحة : (( إن الوحدة الإسلامية تجمع آمال الشعوب السمر (كذا) و تساعدهم على التملص من السيطرة الأوربية و لذلك كان التبشير عاملاً مهماً في كسر شوكة هذه الحركة)) .. و يكمل : (( إذا كانت الوحدة الإسلامية تكتلاً ضد الاستعمار الأوربي ثم استطاع المبشرون أن يظهروا الأوربيين في غير مظهر المستعمر فإن الوحدة الإسلامية حينئذ تفقد حجة من حججها و سبباً من أسباب وجودها ))

و بهذا نعرف أن هدف التبشير ليس هداية المسلمين إلى الديانة المسيحية باعتراف المبشرين أنفسهم فهم يرمون إلى إبعاد المسلم عن دينه لما عملوا من خطر المسلمين إذا رجعوا إلى دينهم و تمسكوا بتعاليم الإسلام و اتحدوا في وجه المستعمر .

و من أهم وسائل المبشرين في ذلك هي الافتراءات على الإسلام و أهله و الاستهزاء والتهكم بمظاهر الإسلام فهذا لطفي ليفونيان ألف كتباً تهكم فيها على أركان الإسلام و عاب تنزيههم لله سبحانه و تعالى !! و يزعم المبشر نلسن أن الإسلام مقلد أحسن ما فيه مأخوذ من النصرانية و يقول المبشر جون تاكيلي : ((يجب أن نستخدم كتابهم – أي القرآن الكريم – و هو أمضى سلاح في الإسلام ضد الإسلام نفسه لنقذي عليه تماماً وأن نري هؤلاء الناس أن الصحيح في القرآن ليس جديد و أن الجديد فيه ليس صحيح )) .

و زعموا أن الإسلام انتشر بالسيف و أنه قام على سفك الدماء و إخضاع الشعوب للإسلام بالقوة أم الذين يتعرضون لشخص الرسول صلى الله عليه و سلم فهم كثر فيقول هاربر أن محمد (صلى الله عليه و سلم ) كان عابد أصنام و سماه بعضهم كذاب مكة و يقول جسب أن الإسلام حكم على المرأة بالجهل و أفسدها و ضربها على فسادها .. إلخ من الافتراءات التي تنم عن جهل عميق و بهذا يشككون المسلم بدينه و يحرضونه على ترك الإسلام و لا يهم إن اعتنق النصرانية أم لا طالما أنه بعيد عن الله و عن أي رقيب على تصرفاته في حياته .. كما اعتمدوا على الجمعيات و الهيئات التبشيرية الخيرية و لكن هذه الوسائل لا تجدي نفعاً كبيراً ظاهراً يرضي أطماع المستعمر , فقد ظهر في عام 1932 كتاب اسمه "التفكير الجديد في أمر الإرساليات" ينص على وسائل عجيبة للتبشير , فالمبشرون وفقاً للأساليب الجديدة يفرضون على أنفسهم أن يكونوا مستعدين لأن يقبلوا بأمور تخالف العقيدة المسيحية فهم يقولون بوحدانية الله و يقبلون الرأي القائل بتعدد الإله على اعتبار أن الله يتشكل في مظاهر مختلفة .. و يقبلون تأويل عقيدتهم في بنوّة المسيح تأويلاً روحياً و لا يرون مانع من مصادقة عدوة النصرانية "الشيوعية" فالغاية تبرر الوسيلة , يقول تشارلس واتسون : ((يجب أن يظلوا – أي المبشرون – برآء كالحمام و لكن هذا لا يمنعهم أيضاً من أن يكونوا حكماء كالثعابين )) .

و مما يؤكد أن التبشير وسيلة استعمارية أن المبشرون لا يتفقون أبداً و إنما يتناحرون دائماً فالبروتستانت لا يكتفون بأن يظل المسيحي أرثوذكسي بل يجب أن يصبح بروتستانتياً و أن هوى الكاثوليك مع فرنسا و هوى الأرثوذكسي مع روسيا فإذا انتقل هوى هذان إلى البروتستنتية أصبح هواهما مع أمريكا بالدرجة الأولى و مع انكلترا بالدرجة الثانية و بهذا نرى أن أهداف المبشرين تبع لحكوماتهم الاستعمارية ....
التطبيب وسيلة للتبشير

حينما يتخرج الطبيب في كليته يقسم بقسم يسمى يمين أبقراط , مضمونه أن الطبيب يقصد في عمله نفع المريض فقط و يتعهد أن لا يستغل مهنته في ظلم أو جور إلخ ...
أما المبشرون فقد تعهدوا أن يخونوا الأمانة و يستغلوا آلام البشر في أعمالهم التبشيرية و أول من نقض العهد هم الأمريكيون في تركيا بإنشائهم عيادة طبية في سيواس (1) عام 1985 .
يقول الطبيب بول هاريسون في كتابه " الطبيب في بلاد العرب " ص277 :
((إن المبشر لا يرضى عن إنشاء مستشفى ولو بلغت منافع ذلك المستشفى منطقة (عُـمان) بأسرها , لقد وُجدنا نحن في بلاد العرب لنجعل رجالها و نساءها نصارى ! ))
و في عام 1924 أقام المبشرون مؤتمراً في القدس و اسطنبول و حلوان (مصر) و برمّانا (لبنان) و بغداد , و بحثوا خلاله التطبيب كوسيلة للتبشير (2)
و حين يقيم المبشرون المستوصفات و المشافي فقد سَهُلت المهمة و يستطيع الطبيب أن يطرح أفكاره الخبيثة بحريّة فيتودد للمريض و يزوره في بيته و يجتمع بزوّار المريض و يقص لهم حكاياه مستغلاً حال المريض و زواره ..
و التطبيب لازم التبشير و سبق المؤسسات التبشيرية في الظهور خاصة في سورية فقد أقيمت المراكز الطبية و ما لبثت أن تحولت إلى جمعيات تبشيرية ..
و لا عجب إذا علمنا أن كبار الأطباء الغربيين الذين اشتهروا في بلاد العرب و أفنوا حياتهم فيها لم يأتوا إلا للتبشير !! منهم : آسا دودج , فورست , كارنيليوس , فانديك , جورج بوست , تشارلس كلهون , ماري أدي , و الدكتور تومسون (3)
من خداعهم للمرضى أنهم كانوا لا يعالجونهم حتى يعترفوا بأن الشافي هو المسيح كما فعلوا في بلدة الناصر في السودان , و في الحبشة لا تبدأ المعالجة قبل أن يركع المرضى (4)
و قد أعلن المبشرون عن هذه الأساليب بصراحة في كتبهم فهذا
Richter
يقول : (( في هذه المناسبات من التطبيب في مستوصف أو مستشفى يمكن للطبيب أن يخاطب المسلمين بكلام كثير لو سمعوا بعضه في مكان غير المستشفى و من شخص غير الطبيب لامتلأ غيظاًَ و غضباً (5)

و هذه غيرا هاريس تنصح الطبيب المبشر قائلة : (( لعل الشيطان يريد أن يفتنك فيقول لك : إن واجبك التطبيب لا التبشير , فلا تسمع منه (6) فاحترام المهنة عندهم وساوس شيطان واستغلال المرضى عمل طيب فليستحضر القارئ قسم أبقراط .
وركز المبشرون الأطباء على العناصر الهامة في المجتمع و ذلك للاستفادة من تأثيرها على أكبر عدد من أفراد المجتمع كما أنهم اعتنوا بالعنصر النسائي فأرسلوا الطبيبات المبشرات إلى المنازل و أقاموا مدارس التمريض على اعتبار أن الممرضة لا تعمل على تخفيف الألم عن المرضى فقط بل تحمل إليهم أيضاً رسالة المسيح (7)
-----------
(1) Addison
(2) Christian Workers 32-4
(3) cf Jeesup 37 . 108 . 804
(4) Milligan 101 – 32
(5) Richter 25 cf . Methods Of Missoins54
(6) Methods Of Missoins 105
(7) Cf MW Oct 1936 p283
[/align]

هدى نورالدين الخطيب 03 / 09 / 2016 41 : 10 PM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
الفصل الثالث

التعليم ميدان فسيح للتبشير (التعليم عموماً)


و لو أن أهل العلم صانوه صانهم = و لو عظموه في النفوس لعُظِّما
و لكن أهانوه فهان و دنسوا = مُحيَّاه بالأطماع حتى تجهّما


استخدم المبشرون العلم و التعليم في سبيل غايات صغيرة و شغلوا أنفسهم بتبديل عقائد الأفراد الدينية باذلين جهوداً كباراً في سبيل منافسة غير نبيلة : عداوة على تجاذب الأشخاص بين اليسوعيين والبروتستانت و مكائد بين فرق البروتستانت أنفسهم ثم رياء لا حد له في تزيين الآراء و تسويد صفحات التاريخ ..
ويدور هذا البحث حول نقطتين :
1- استغلال المبشرين العلم بطرق لا تنكشف إلا عن ضيق في الأفق .. و هذا قليل الأهمية لأن الإنسان لا يلبث أن يرى هذا الأفق الضيق فيجازي أصحابه .
2- حرص المبشرين على إفساد النبل الإنساني و جعل العلم وسيلة لاستعباد الأفراد و الأمم ثم سوقهم بسيف الاستعمار إلى الاستكانة أمام سلطان السياسة المادي .
ليس للتعليم عندهم غاية سوى التبشير
قال نفر من المبشرين :
((إن أهداف المدارس والكليات التي تشرف عليها الإرساليات في جميع البلاد كانت دائماً متشابهة، إن المدارس و الكليات تعتبر في الدرجة الأولى واسطة لتمرين قسس للكنيسة .. حتى إن الموضوعات العلمانية التي تعلم ، من كتب غربية و على يد مدرسين غربيين، تحمل معها الآراء التنصيرية )) (1)
ويرى هنري جسب : (( أن التعليم في –مدارس- الإرساليات المسيحية إنما هو واسطة إلى غاية فقط، هذه الغاية هي قيادة الناس إلى المسيح و تعليمهم حتى يصبوا أفراداً مسيحيين وشعوباً مسيحية و لكن حينما يخطو التعليم وراء هذه الحدود ليصبح غاية في نفسه و ليخرج لنا خيرة علماء الفلك و طبقات الأرض و علماء النبات وخيرة الجراحين والأطباء في سبيل الزهو العلمي ... فإننا لا نتردد حينئذ في أن نقول إن رسالة مثل هذه قد خرجت عن المدى التبشيري المسيحي إلى مدى علماني محض، إلى مدى علمي ينوي مثل هذا العمل يمكن أن تقوم به جامعات هايدلبرغ و كمبردج و هارفرد و شيفيلد لا الجمعيات التبشيرية التي تسعى إلى أهداف روحية فحسب )) (2)
و تجدر الإشارة إلى أن هذه الآراء التي تدعي أن هدف التبشير والتعليم روحي محض لا تناقض كلام القس زويمر الذي أوردناه في أول الكتاب الذي يرى أنه لا ضرورة لتنصير المسلم و يكفي فصله عن دينه .. فكلا الأسلوبين هو جعل الشعوب الإسلامية تبع لحكومات المبشرين الاستعمارية و هو الغاية من التبشير ..
حيث ير البعض أن المدارس قوة لجعل الناشئين تحت تأثير التعليم المسيحي أكثر من كل قوة أخرى (3)


كيف تختار المدارس أساتذتها
يقول المؤلف دانبي – في كتاب ألفه عقب مؤتمر للمبشرين كملخص لما توصل إليه المؤتمر - :
((ثم يتسع الشك على كل حال حينما نأتي إلى استخدام معلِّم غير مسيحي ليعلم موضوعات لا نجد لتعليمها معلماً مسيحياً، أجل إن البراعة في التعليم لا صلة لها بدين المعلم و مما لا ريب فيه أن معلماً مسلماً ذا خبرة بمهنته وذا كفاية يمكن أن يكون له من الجانب الشخصي وقوة الخلق و الشعور بالواجب ما يجعل منه معلماً يبعث الحياة في طلابه أو مربياً صالحاً ثم هو يمكن أن يؤثر في طلابه أكثر من المعلم المسيحي المجرد من الصفات التي يتصف بها ذلك المعلم المسلم و لكن إذا كانت الغاية من التعليم في المدارس المسيحية (كما يجب أن تكون ) إنما هي تزويد الطلاب باستشراف مسيحي للحياة و تمرين لهم على ممارسة المبادئ المسيحية و تقريبهم من اختبار شخصي للإيمان المسيحي فكيف يمكن للمسلم الأمين أن يعاوننا على بلوغ هذه الغاية ؟ ثم إذا كان هو يعتقد بهذه الغاية – لأنه ضعيف الشخصية خنوع – و لكنه لا يخطو خطوة يصبح بها مسيحياً , أفلا يكون له حينئذ على تلاميذه تأثير سلبي فيستنتجون من سلوكه أن الدين ليس موضوعاً ذا أهمية حاسمة (ص 62.68-67)

و يعتمد المبشرون على التعليم كوسيلة غير مباشرة خاصة حينما رأوا أن التبشير رأساً لم يجعل أحداً من المسلمين يصبأ إلى المسيحية الغربية.
كما أنهم يستغلون جهل الشعوب ... يقول بنيامين ماراي : (( شمالي نيجيرية ميدان للتبشير )) و استعرض ما عليه الشعب النيجيري من تخلف و أمية ثم قال : (( و هذا يتيح فرصة عظيمة للتعليم التبشيري المسيحي))


وسائل التبشير في أثناء التعليم

(إن المبشر الأول هو المدرسة)

1-أن يكون ثمة مدارس لكي يستطيع المبشر الاتصال بالناس عن طريقها .
2-أن يكون المعلم في هذه المدارس أجنبي غير وطني , أو وطني و بكن مسيحي بالدرجة الأولى (4) و متمرن على التبشير (5)
3-التدرج في تدريس التوراة ثم تدريس التاريخ و الجغرافية و لكن من ناحية صلتهما بالتوراة فقط ثم أضافوا إلى ذلك كله موضوعات مشابهة (6)


الكتب المدرسية خاصة و الطعن على الإسلام

من الكتب التي شوهت الإسلام و مُلأت بالحقد عليه كتاب " البحث عن الدين الحقيقي" (7)
و هو محاضرات في التعليم الديني تأليف المنسنيور كولي و قد صدر عن اتحاد مؤسسات التعليم المسيحي في باريس و نال رضا البابا ليون الثالث عشر مما جاء فيه : (( الإسلام – في القرن السابع للميلاد برز في الشرق عدو جديد ذلك هو الإسلام الذي أسس على القوة و قام على أشد أنواع التعصب لقد وضع محمد السيف في أيدي الذين اتبعوه و تساهل في أقدس قوانين الأخلاق ثم سمح لأتباعه بالفجور و السلب ووعد الذين يهلكون في القتال بالاستمتاع الدائم بالملذات و بعد قليل أصبحت آسية الصغرى و إفريقية و اسبانية فريسة له , حتى إن إيطاليا هددها بالخطر و تناول الاجتياح نصف فرنسا. لقد أصيبت المدنية ، و لكن اجتياح هؤلاء الأشياع – المسلمين – تناول في الأكثر كلاب النصارى ..... الخ )) ص220

هذا أحد نماذج الكتب الغربية التي تُدرّس في المدارس الشرقية و تزرع الأحقاد و تشوّه الحقائق .

واجب الحكومات الوطنية
واجبها إزالة أسباب التنافر و الشقاق بإزالة هذا النوع من الكتب فالكتاب السابق دُرّس في الصف الرابع من المدرسة البطريركية في بيروت و هناك كتب أخرى مثل كتاب "تاريخ فرنسة" تأليف هـ غيومان وف لوستير لصفوف الشهادة الابتدائية و فيه ما فيه من الإساءة و التشويه .
4-يٌلحق بهذه الكتب و التي تتضمن التهجم على الإسلام كتب أخرى تتضمن ردوداً على الإسلام و اعتراضات على عقائده و تاريخه .
5-إقامة الخطب و المناظرات و المجادلات ذات الصلة ...

6-بناء كنيسة إلى جانب كل مدرسة ..
7-دراسة مشاكل الشباب للنفوذ إلى نفوسهم و اجتذابهم و توجيههم للمسيحية . (8)

نشاط المبشرين من طريق التعليم


قم للمعلم وفه التبجيلا = كاد المعلم أن يكون رسولا !
أعلمت أشرف أجل من الذي = يبني و ينشئ أنفساً و عقولا ؟


هذا الذي ظنه شوقي و ظنه الناس كلهم أما المبشرون فقد استغلوا العلم النبيل ستاراً لغاياتهم المتمثلة في استعباد الشعوب و استغلاله سياسياً و اقتصادياً
إن التبشير هو مشروع بابوي متميز ! فإن غريغوريوس السادس عشر الذي أصبح بابا عام 1831 م شجع اليسوعيين على المجيء إلى سورية و العمل فيها وكذلك أعطى البابا ليون الثالث عشر لليسوعيين في سوريا عام 1881 م حق منع الشهادات بأنواعها أما بيوس الحادي عشر الذي جاء إلى عرش رومية عام 1922 م فقد كان يسمى بابا التبشير ! (9)
و اعتمد المبشرون في الشرق على تعليم الأطفال في المدارس التبشيرية وركزوا على المدارس الابتدائية و رأوا في ذلك وسيلة تأتي بأحسن الثمار في تنصير المسلمين و هي تعليم أولادهم الصغار (10)

التبشير و قادة البلاد في المستقبل

و التعليم العالي لا يقل أهمية عن سائر درجات التعليم و ذلك للوصول إلى الطبقة المثقفة المؤثرة في المجتمع (11) فأسسوا كليات في المراكز الإسلامية و أرادوا أن يكون لهم كلية في القاهرة إلى جانب الأزهر (12) فكانت الكلية الأمريكية في القاهرة و كان للمبشرين الفرنسيين كلية لاهور في الهند (13)

إجبار المسلمين على دخول الكنيسة في مدارس المبشرين
كما في مدراس الإرساليات الفرنسية و يجبرون أيضاً على حضور قداس الوعظ يوم الأحد و يصرون على تعليم التوراة و حضور دروس تفسيره .

التبشير بين الأميين
واتفق المبشرون على أن يبدأ الكلام مع الأميين على مقام عيسى عليه السلام في القرآن الكريم و على المبشر أن يقول أمام الأميين "القرآن الكريم" و أن يذكر الشفاعة و الجنة و ما إلى ذلك من الألفاظ الإسلامية استمالةً للسامعين الأميين فإذا وثَقَ من آذانهم صبَّ فيها تبشيره (14)

التعليم السمي و التبشير
رأى المبشرون أن المدارس الرسمية في البلاد التي تكثر فيها المذاهب الدينية لا تتشدد في تعليم الدين بل تتساهل حتى لا تنفر أحداً من مواطنيها و حتى لا يحمل بعض المواطنين كرهاً لبعض و لقد رأى المبشرون في ذلك ثغرة أحبوا أن ينفذوا منها إلى عقائد الطلاب في مثل هذه المدارس .
و استغل الانتداب الغربي على الدول العربية كسورية و لبنان قدرته في فرض القوانين و سن الدساتير .. استغلها في وضع مناهج تعليمية تساعد المبشرين في أعمالهم ..

التعليم النسائي خاصة
قال جسب : (( إن مدرسة البنات في بيروت في بؤبؤ عيني , لقد شعرت دائماً أن مستقبل سورية إنما هو بتعليم بناتها و نسائها , لقد بدأت مدرستنا للبنات ولكن ليس لها بعد بناء خاص بها و ها هي قد أثارت اهتماماً شديداً في أوساط الجمعيات التبشيرية (15)
و اعتمدوا أيضاً على جذب البنات في الأسر المعروفة لأن نفوذ هؤلاء يكون في بيتهن أعظم .


التبشير بين الدارسين في الخارج
مما لا ريب فيه أن ذهاب الطلاب الشرقيين إلى أوربة و أمريكة يكسبهم شيئاً من أساليب الحياة الغربية و الاتجاه الغربي في التفكير و التعلم و السلوك و ما إلى ذلك مما يكون نافعاً أو ضاراً و لكن المبشرون يريدون أن يستغلوا الطلاب الشرقيين في أمر خبيث .. يريدون أن يجعلوهم نصارى أو ممالئين للنصرانية (16)
و يدخل في هذا الباب زواج المسلمين بالغربيات ؛ الأوربيات و الأمريكيات ...

ملخص الفصل :

إن المبشرين و من ورائهم يستخدمون التعليم ظاهراً و باطناً للتبشير ..

ظاهره : دعوة لسلوك هم لا يسلكونه و تلك دعوة لم تتم ففاقد الشيء لا يعطيه ..

باطنه : تفكيك أواصر القربى الروحية في لأمة الإسلامية خاصة حتى يستطيع الغرب أن يحكم الشعوب و يستغل بلادها اقتصادياً و حربياً .

----
(1) Re – thinking Missions 118

(2) Jessup 592 . 567

(3) Anna A . Milligan , Milligan 108

(4) Jessup 304.518.519


(5) Jessup 593,Bilss –R- 334

(6) Jessup 593 , Bilss –r- 334 : Re-thinking Missons 204

(7) Recherche de la vraie religion

(8) Re-thinking Mission 163 f . 264

(9) Page de Mission cf Les Jesuites en Syrie 1:7

(10) Christian Workers 5

(11) Milligan 124-5

(12) Milligan 123f

(13) Gairdner 245

(14) Methods of Mission 36f


(15) Jessup 280

(16) Missionary Outlook 276

محمد الصالح الجزائري 03 / 09 / 2016 58 : 10 PM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
[align=justify]الآن دخلنا في أهم معترك (التعليم) !! أشكرك أختي الغالية الأستاذة الأديبة هدى نور الدين الخطيب على هذين المحثين الهامين..سأعود إن شاء الله للمشاركة..أتابعك باهتمام بالغ..[/align]

محمد توفيق الصواف 03 / 09 / 2016 22 : 11 PM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
[align=justify]الأستاذة هدى، أسعد الله مساءك..
فُوجئتُ وسُررتُ، في وقت واحد، حين رأيتُ جهدك الأخير في هذا الموضوع.. وهو جهدٌ مشكور ومفيد إن شاء الله..، سأحاول رفده ببيان جوانب أخرى لعملية التبشير والبعثات التبشيرية وعلاقتها بأهداف الاستعمار الغربي والأمريكي، مع بعض التركيز على العلاقة بين جهود المبشرين ونشاطاتهم وبين الصهيونية ومخططاتها ضد الأمتين العربية والإسلامية..
أرجو أن أنتهي من إعداد هذه المادة خلال اليومين التاليين، آملاً أن تكون تتمة لما بدأتِ نشرَه اليوم حول هذا الموضوع..
ختاماً.. لي رجاء أتمنى أن يحظى بالاهتمام، وهو أن يحاول المشاركون في هذا الموضوع تنسيق جهودهم وتوزيع مادة البحث بينهم، تجنباً للتكرار..
دمتِ، ودام جهدكِ السامي النابع من غيرتك على الأمة العربية وانتصارك لقضاياها..
مع محبتي واحترامي..[/align]

هدى نورالدين الخطيب 04 / 09 / 2016 10 : 02 AM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
[align=justify]
الأخ العزيز الشاعر الأستاذ محمد الصالح تحياتي..
لا شكر على واجب..
أحاول التقصي غالباً عبر الانترنت.. والبحث ودراسة المواد ومقارنتها والتدقيق وجمع المواد وتنسيقها قدر استطاعتي، فكما تعرف لا يمكنني الوصول لكثير من المراجع والمصادر، خصوصاً حول دراسة بهذه الخطورة...
يهمني ويشرفني تعاونك..
بالتأكيد.. مجال التعليم في صميم اهتمامك ومتابعتك ولديك فيه الكثير المفيد

جزيل شكري وامتناني على دعمك وتحفيزك وتعاونك في إنشاء وتقديم هذه الدراسة
تفضل بقبول فائق آيات تقديري واحترامي
[/align]

هدى نورالدين الخطيب 04 / 09 / 2016 52 : 02 AM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
[align=justify]
أديبنا الباحث المتألق والأخ الغالي أستاذ توفيق تحياتي..
إنه لمن دواعي شرفي وسروري وضع بصمتك المميزة في هذا الملف الذي سيزداد قيمة وأهمية بما يمكن لك إضافته.. وأنت الباحث الذي له شأن وباع طويل في هذا المجال..
بالنسبة للدور الصهيوني تحديداً لا يمكن ولا يجوز البحث عن مراجع، والأستاذ توفيق الصواف بيننا - الرقم واحد - والأبرز في العالم العربي في هذا المجال .. راجية الاستفادة من أبحاثك القيّمة حول التنصير والأدوار الاستعمارية والصهيوغربية في هذا المجال ، وسأكون والقراء والمتابعين بانتظارك بكثير من الاهتمام ..
ريثما تتفضل وتحضر مادتك الهامة، سأقوم بنشر بقية ملخص فصول الكتاب أعلاه ، ولدي في هذا المجال أيضاً بعض المواد البحثية للباحث المتخصص في مجال التنصير في بلاد المغرب العربي تحديداً ، الأستاذ بجامعة مكناس في المملكة المغربية الدكتور "محمد السروتي"..
بالإضافة لما سيزودنا به أخي الشاعر الأستاذ محمد الصالح شرفية وما ستزودنا به صديقتي الأديبة دكتورة رجاء بنحيدا.. راجية مشاركة ومتابعة المزيد من المهتمين.
جزيل شكري وامتناني أستاذ توفيق لدعمك وتشجيعك وما ستتفضل بتزويدنا به من إضاءاتك البالغة الأهمية في هذا الملف
[/align]

هدى نورالدين الخطيب 04 / 09 / 2016 26 : 05 AM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
الفصل الرابع
التعليم ميدان فسيح للتبشير
(2) المؤسسات التبشيرية (الكليات و الجامعات خاصة)


[align=justify]
شهد لبنان قيام أحزاب ذات طابع قومي كالحزب القومي السوري الذي نشأ عام 1932 م يحمل أفكاراًَ تدعو إلى قيام الدولة السورية التي تضم السوريين كأمة و من ضمنها لبنان (1) , و نشأت منظمة "الكتائب" اللبنانية المسيحية التي تقول بأن اللبنانيين لوحدهم أمة فينيقية ولبنان وحدة سياسية تاريخية جغرافية و أن نظرية سورية الجغرافية التي تبناها الحزب القومي السوري هي من صنع المستشرقين المسخرين لسياسات الاستعمار (2) لسنا هنا في مقام الموازنة بين عقيدة الحزب القومي وبين عقيدة الكتائب بل ما يهمنا هو الجامعة الأميركية و الجامعة اليسوعية الأجنبيتان، فأكثر الذين ينتمون للحزب القومي السوري هم بالأصل طلاب في الجامعة الأمريكية الأجنبية لذلك رأت منظمة الكتائب أن هذه الجامعة يجب أن تزول ..
و هنا يُطرح سؤال , ما مقام المدارس الأجنبية في حياتنا القومية ؟
إن الجامعات أداة توجيه في البلاد من أجل ذلك لا يجوز أن تكون في أيد أجنبية مهما كانت هذه الأيادي نظيفة و لكن الإنسان قد يٌدفع أحياناً إلى اختيار أهون الشرين و إن كان لا تفاضل في الشر من الناحية النظرية على الأقل .
فالحزب القومي السوري جمع المسلم مع المسيحي و ذابت الطائفية و هذا جيد بالنظر إلى حال لبنان الطائفي و المجتمع الممزق و لكن هذا لا يغير من أفكار الحزب القومي و دعوته إلى القومية السورية مدعوماً بطلاب الجامعة الأمريكية ! .
* * *
يعترف القائمون على المؤسسات الأجنبية بأن هذه المؤسسات كانت في أول أمرها تبشيرية ولكنها اليوم لا تُعنى بالتبشير على أن هذا مخالف للواقع، وإنما هو قول يتسترون به لأن العصر الذي نعيش فيه أصبح يأبى هذا التعبير : (( في سبيل التبشير)) .
رأى المبشرون أن التبشير يجب ألا يقف عند انتهاء مرحلة التعليم الابتدائي أو الثانوي ، بل يجب أن يستمر إلى مرحلة التعليم العالي لأنه هو الذي يهيّئ قادة الشعوب، فإذا استمال المبشرون بعد هؤلاء الذين ينتظر أن يكونوا قادة في بلادهم ، فقد كفلوا التأثير على الشعب كله .
من أجل ذلك تبلورت سياسة الإرساليات الأمريكية حول إقامة كليات مجهزة تجهيزاً جيداً في اسطنبول و بيروت و إزمير و القاهرة و غيرها من مراكز البلاد الشرقية (3)
ومع الأيام أصبح الأمريكيون يعتقدون أن المؤسسات التبشيرية سواء أكانت معاهد علمية أم مؤسسات أخرى , إنما هي ((مصالح أميركية)) تجب المحافظة عليها و هم لا ينكرون أن هذه المصالح كلها قد نشأت من التبشير و على أيدي المبشرين (4)
و من هذه المدارس التي أنشأها المبشرون :

1- مدرسة عبية (لبنان) : تأسست عام 1846 على يد د.كرنيليوس فان ديك (5) و ظلت تمثل دورها حتى تأسست الكلية السورية الإنجيلية عام 1865 في بيروت ...
2- كلية روبرت في اسطنبول ..
3- الجامعة الأمريكية في بيروت :
و هي الكلية السورية الإنجيلية (الجامعة الأمريكية) اليوم تأسست عام 1865 في بيروت بعد اجتماعات متكررة عقدها مبشرون و قرروا أخيراً إنشاء هذه الجامعة بحضور قنصل الولايات المتحدة في بيروت و أجمعا على ما يلي :
((نحن نصر على الطابع التبشيري للكلية ، و على أن يكون كل أستاذ فيها مبشراً مسيحياً)) و أن تكون مؤسسة بروتستانتية (6) فهي نتاج التعليم البروتستانتي ووليد الإرسالية الأميركية للتبشير (7) و لما زار المبشر جون موت الكلية السورية الإنجيلية عام 1895 أسست الكلية فرعاً لجمعية الشبان المسيحيين إلا أن الاسم (جمعية الشبان المسيحية) كان محرجاً أمام غير المسيحيين فغيرته الكلية و جعلته الأخوية (8) و هذه الأخوية لا تزال قائمة و تدعى بأسماء مختلفة بحسب الأدوار المختلفة !
و يرى المبشرون أنفسهم أن الجامعة الأميركية ما هي إلا محاولة مدروسة لتمهيد الطريق أمام المصالح الأمريكية و التجارية منها خاصة .
إن القائمين على أمر الجامعة في بيروت لم يكتفوا من أول أمرهم بأن يكون رئيس هذه المؤسسة مبشراً , بل أصروا على أن يكون جميع المدرسين فيها مبشرين، و كان على هؤلاء المدرسين أن يوقعوا يميناً يقسمون فيه بأن يوجهوا جميع أعمالهم نحو هدف واحد و هو التبشير ( و مع الأيام ألغت الجامعة توقيع هذا اليمين و لكنها لم تلغ مؤداه) .
وكانت الجامعة تحرص على أن يظهر جميع أساتذتها بمظهر المبشرين ثم تحملهم على أن يحضروا المؤتمرات التبشيرية، و مع أن الجامعة الأميركية لم تعلن سياستها التبشيرية في مطلع حياتها خوفاً من أن يعلقها العثمانيون فإنها لم تأل جهداً في التبشير في كل درس حتى في الدروس التي لا صلة خاصة بينها وبين الدين ، كانت المبادئ المسيحية موضع أكيد و تزيين كلما سنحت لذلك الفرصة، فمن أمثال ذلك أن درس اللغة الإنكليزية كان يستغل في نقل نصوص التوراة الإنكليزية إلى اللغة العربية و في هذه الأثناء كان الأستاذ ينتقل إلى مناقشة المشاكل الدينية من الزاوية التبشيرية (9)
و هذا أمر غير مستغرب فلقد قرر مؤتمر القد المنعقد عام 1935 م أن يستغل كل درس في سبيل تأويل مسيحي لفروع العلوم كالتاريخ و علم النبات .. الخ (10)
4- سائر المدارس الأميركية :
و منها كلية جيرارد أو كلية الأميركان في صيدا (11) و سبب نشأتها أن من يتخرج من الكلية السورية الإنجيلية لا يصلح لأن يعمل مبشراً في القرى لأنه في الأصل يأتي من بيئة بعيدة عن القرى و يدرس في بيئة حضرية لذلك أسست كلية جيرارد في مكان قريب من البيئة القروية لإعداد معلمين و مساعدين على التبشير في القرى نفسها (12)
و مثل هذا يقال في الكليات الأميركية المختلفة في خربوط و عينتاب و مرعش و طرسوس (13) و في طرابلس و القاهرة و حلب و سواها .

- كلية غوردون في الخرطوم (الإنكليزية) أسسها الانكليز عام 1903 و هي باسم ضابط انكليزي (تشارلس غوردون) ؟؟

6- المؤسسات الفرنسية : تختلف المؤسسات الفرنسية عن المؤسسات الأميركية في أنها تحمل اسمها على ثيابها سواءً أكانت بروتستانتية أم كاثوليكية و قد يجوز لنا أن نستثني المؤسسات العلمانية التي تهتم ببسط السياسة و الثقافة الفرنسيتين أكثر من بسط المذهب الكاثوليكي أو البروتستانتي .
و لا نحب هنا أن نسهب في الكلام على المؤسسات اليسوعية (ذات اللون الفرنسي) و لا المؤسسات الشبيهة بها فالغايات اليسوعية معروفة ... علينا أن نقتدي بأمم الغرب التي لم تستطع بلادها أن تسير في معارج الاستقلال و الرقي إلا بعد أن وضعت اليسوعيين خارج حدودها : يجب أن نتعلم من غيرنا ما ننفع به أنفسنا .

لقد تعثر الشرق في حياته السياسية و القومية لأن المدارس الأجنبية المختلفة قد فرقت أبناء الوطن الواحد طرائق مختلفة فشتتت أهدافهم وباعدت بين الطرق إلى تلك الأهداف، إن التعليم قوة توجيهية عظيمة ، فلا يجوز أن تكون في أيد أجنبية تلعب بها و تستغلها لمآرب و أغراض أجنبية .

إن التعليم الوطني الموحد، ولو كان ناقصاً بعض النقص، أفضل من التعليم الأجنبي المتنافر ولو كان كاملاً كل الكمال .

--------------


(1) بلاغ زعيم السوريين القوميين إلى الرأي العم 8 حزيران 1963 . ص10-11
(2) أهدافنا (الكتائب اللبنانية , مصلحة الدعاية و النشر ) 1936 – 1944 ص 7, 8 ,12
(3) cf Enc of Missins 600

(4) cf MW Apr 1939 pp 121 ff

(5) Jessup 96 , Bliss 111

(6) Bliss 163-

(7) cf Jessup 298 , Bliss ® 32

(8) Bliss 217 – 8 Brotherhood

(9) Peneose 46

(10) Danby 31 etc .

(11) cf Jessup 313 : Richter 222

(12) cf Bliss

(13) Richter 74
[/align]

محمد الصالح الجزائري 04 / 09 / 2016 52 : 05 AM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
الاستعمار و التبشير (في الجزائر)
[align=justify] (الكاردنال لافيجري) الذي قرر أن يلعب دوراً لصالح الصليب بعد أن قام بدوره القذر في المشرق وبالضبط في تمويل نصارى الشام وتغذية الحرب الطائفية هناك، وقد اكتسب خبرة كبيرة في إشعال النعرات الطائفية والعنصرية، وقد اقترحه الجنرال ماكمهون على نابليون، فتسلم مهمته أواخر سنة 1866م، وكان واضحاً من اليوم الأول أن الكاردينال جاء لينصر الشعب الجزائري وليس لمهمة أخرى. يقول في مراسلته لوزير الشؤون الدينية بعد قرار تعيينه: إني الوحيد الذي أبديت اهتماماً بنشر المسيحية وسط العرب، وقد كانت ولازالت لي علاقة طيبة مع مسيحي المشرق العربي، وهؤلاء يجب استدعاؤهم إلى الجزائر. وكان واضحاً في ذهنه أنه قادم إلى الجزائر لإحياء الكنيسة الإفريقية وأمجاد الكنيسة الرومانية الاستعمارية، وقد صرح بذلك في رسالته التي وجهها إلى رهبان الجزائر يوم 5 مايو 1867م والتي جاء فيها:
سآتيكم إخواني في ساعة مشهورة لتاريخ إفريقيا المسيحية، إن الكنيسة وفرنسا متحدتان على إحياء الماضي.
بذل لافيجري جهوداً جبارة في تنصير الأطفال الجياع، إلا أن الأطفال كانوا بمجرد شفائهم أو حصولهم على القوت يفرون من المراكز التنصيرية، الأمر الذي حير الكاردينال فصرح في جنون وهسيتريا:
يجب إنقاذ هذا الشعب، وينبغي الإعراض عن هفوات الماضي، ولا يمكن أن يبقى محصوراً في قرآنه.. يجب أن تسمح فرنسا بأن يقدم له الإنجيل، أو تطرده إلى الصحاري بعيداً عن العالم المتمدن.
وهذه السياسة استلهمها لافيجري من سياسة الأمريكيين مع الهنود الحمر الذين رفضوا عادات ومفاسد الرجل الأبيض!!
ونظراً لتفاني لافيجري في التنصير كافأه البابا بيوس بتعيينه مندوباً للإرساليات التنصيرية في الصحراء يوم 2 أغسطس 1868م، وهكذا توسع نشاطه ليشمل الصحراء وإفريقيا، وفي نوفمبر 1868م اشترى لافيجري أراضي واسعة بالعطاف بسهل شلف وأسس به قريتين فلاحيتين هما: قرية القديس سبريان والقديس مونيك.
وكان الهدف من إنشاء القريتين عزل الجزائريين الذين تنصروا خوفاً من عودتهم إلى أهاليهم فيعودون إلى الإسلام. ومما قاله عن أهداف القريتين: ستتكون في كل قرية عائلات مسيحية عن طريق التزويج بين اليتامى واليتيمات، ثم قام بإنشاء فرقة خطيرة كان لها دور أسود في تاريخ الجزائر هي فرقة الآباء البيض سنة 1869م وهذه الفرقة هي التي ستأخذ على عاتقها مهمة تنصير الجزائر أولاً، ثم تونس والمغرب ثانياً، ثم إفريقيا أخيراً، وإعادة أمجاد الكنيسة الإفريقية!!!
وبالموازاة أسس حركة الأخوات البيض التي حملها مسؤولية تنصير النساء عن طريق التطبيب والتعليم والخدمات الخيرية.
كما قام لافيجري بتأسيس حركة تنصيرية مسلحة هي: جمعية إخوان الصحراء المسلحين التي أسسها ببسكرة.
*******************



*الكاردينال شارل مارسيال ألمان لافيجري (31 أكتوبر 1825 - 18 نوفمبر 1892) هو كاردينال فرنسي ولد في ببايون (Bayonne) بالبيرني الأطلنطية، عمل أستاذ تاريخ بجامعة السربون بباريس فيما بين 1854 و1856. ثم اتجه إلى سوريا لمساندة الحركة التبشيرية عن طريق التعليم. ثم احتل خطة أسقف بمدينة نانسي (Nancy) الفرنسية سنة 1863.
* العطّاف ، الشلف ، بسكرة : مدن جزائرية.



[/align]


الساعة الآن 15 : 09 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية