منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   فيض الخاطر على أنغام البوح (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=529)
-   -   الركن الهادىء (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=7355)

حاتم الأيوبي 08 / 04 / 2010 19 : 08 PM

رد: الركن الهادىء
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ميساء البشيتي (المشاركة 58549)
سفر
لم تمض ِ ساعات على إقلاع الطائرة حتى كان كل شيء يخضع للتغيير .. ديكور المنزل .. الستائر .. أغطية الأسرة .. مناشف اليد .. حتى لون الورق وحبر المداد أحدثت به تغييرا ً شاملا ً ..
لم تكن تنتظر لبرهة من الوقت تسأل نفسها لمَ كل هذا التغيير ؟
كانت تخشى مواجهة الحقيقة الكامنة في ذاتها .. كانت تخشى مواجهة نفسها .. لم تنظر إلى المرآة طوال عملية التغيير .. كانت تخشى صفعة تتلقاها من المرآة حين تخبرها أنها تهرب وتهرب وتهرب ولكن إلى لا مكان .
شعرت ببعض الراحة لهذا التغيير ولكن معالم وجهها لم تكن تنبىء بمظاهر السعادة .. الحرية .. نعم الحرية هي ما كانت تتوق إليه ..
هو يكتم أنفاسها .. يسلبها حريتها ..
لكن هل هذا التغيير هو حريتها ؟؟
لا ليس حريتها ولكن لم َ لا تواجهه ؟ لم َ لا تطلب حريتها إن كانت لها حرية مأسورة بين يديه ؟
لديها حرية مأسورة بين يديه .. لكنها في كل مرة تحاول فيها طلب حريتها منه يأخذها باللين والهوادة ويقنعها بأنها تتمتع بكامل حريتها ..
أحيانا تثور .. تغضب .. فيحتوي غضبها بكلامه المعسول وصدره الرحب .. تحتال عليه .. تحاول اللف والدوران حول الموضوع لكنه لا يفهم ما ترمي إليه .. تفقد أعصابها .. تلقي بكل شيء إلى عرض الحائط .. يضمها إليه كي تهدأ .. تظهر له الهدوء وتعض على وجعها وترسم ابتسامة يحتويها بين ذراعيه كما احتوى سنين عمرها التي كانت لوحة هو أشرف على وضع كل لون فيها ..
سافر اليوم ..
لا بد أن أمارس حريتي .. أن أشعر بها ..
ديكور المنزل لا يعجبه .. لون الستائر لا يعجبه .. حتى الورق الذي أكتب عليه رسائلي له لا يعجبه .. إلى متى سأبقى دمية يحركها كيفما يشاء .. إلى متى أرسم ضحكة مجلجلة وأنا أموت غيظا َ وقهرا ً ؟
في هذا الصباح أشعر ببعض الأرق رغم مظاهر الحرية التي تتلأ لأ من حولي .. أشعر بالأرق .. أفتح التلفاز .. أبحث عن مواضيع جادة كما كان يفعل هو .. أجلس على أريكته .. أتسمر أمام الشاشة .. هل هذا أنا ؟
لا أعلم إن كنت أنا أم أنه قد ألغى وجودي مثلما ألغى لي حريتي .. أبحث عن أنا .. أين أنا ؟
كم كانت سعادتي ستكون أكبر لو أنك في يوم فقط حاورتني دون أن تحاول فرض رأيك علي ّ .. كم كانت سعادتي ستكون أكبر لو كنت تضع طلباتي البسيطة نصب عينيك وتنفذها لي بدلا ً من محاولة إقناعي بتفاهتها أو عدم جدواها .. كم كانت سعادتي ستكون أكبر لو أنك في يوم فكرت أن ترفع سماعة الهاتف لتقول لي كيفك أنت فقط كيفك أنت ..
لدي الكثير لأقوله لك .. لكن صدقني أنا أجبن من أن أجرح مشاعرك أو أصدمك بأنني عشت عمري أتوق أن أقول لك كم ظلمتني .
ومع ذلك أنا متأكدة من أنني سأكون أول شخص يقف في المطار يستقبلك ويهلل لقدومك .. لأنني ببساطة شديدة فقدت أنا ولا أعلم إن كانت الرغبة بداخلي ما زالت موجودة كي ابحث عن أنا بين أوراقك المطوية بعناية ورتابة منذ ألف سنة .


استاذة ميساء

أقف عاجزا أما هذا النص الرائع الذي أسرني وكبلني

شكرا لك من أعماق قلبي

ميساء البشيتي 22 / 04 / 2010 01 : 10 PM

رد: الركن الهادىء
 
رحلة من نوع آخر
أكره المرض ..
هذه حقيقة أصرح بها دائما ً .. لكن الذي لم أصرح به أبدا ً هو أنني أكره سيرة المرض .. أكره أن أصاب بالمرض .. أكره أن يصاب أحبتي بالمرض .. أكره أن يصاب اي مخلوق على وجه الأرض بالمرض .. بل أكثر من ذلك أشعر أنه إذا أحد ما في بلاد الهند أو السند عطس حتما سأصاب بالزكام أنا .
ومع ذلك أنا كثيرة المرض .. كثيرة التوجس منه .. كثيرة القلق .. كثيرة الذعر .. لكنّي بالمقابل شديدة الحرص على الشفاء بأسرع وقت .. ومع ذلك تهاوني في أخذ العلاج اللازم واستهتاري بعض الشيء جعلني أدفع ثمنا ً أغلى من كل مرة وجعلني أشعر بمرارة الألم وقسوة الوجع وحرقة انتظار الشفاء .
المرض عدا عن أنه قضاء وقدر وابتلاء من رب العالمين فهو نقمة .. المرض نقمة على المريض وعلى أهله ..
لكنه بنفس الوقت نعمة ..
هذا ما توصلت إليه في رحلتي البسيطة والقصيرة مع مرض بسيط .. جعلني أراه نهاية الدنيا .. جعلني أعيد النظر في كل ما حولي ومن حولي .. فتحت صفحة جديدة من الحسابات ..
وبدأت بمسائلة نفسي أسئلة لم تخطر في البال يوما ً ..
هل شعرت يوما ً بمن مرض قبلي وتألم وعانى بصمت أو حتى بصوت مسموع .. لو لم نسمع صراخه ؟
في الوقت الذي كنت فيه أتألم تذكرت أمي .. الحضن الدافىء الذي احتواني كل العمر وما زال يحتويني .. تذكرت آلامها وصراخها من ذات الوجع ..
ماذا فعلت لها لأخفف عنها ؟
هل شعرت بها حقا ً ؟
هل يشعر الجميع بألمي بحق ؟
هل سأبقى أنتظر أن يشعر الجميع بألمي ؟
لماذا أوصلت نفسي إلى هنا ؟
الصحة هي الحياة ويجانب الصواب من يقول غير أو يظن غير هذا .. فكيف نسمح بهدر صحتنا وعافيتنا لأتفه الأسباب ؟
أسئلة كثيرة جالت بخاطري وفكري .. رسمت مشاريعا ً على ورق .. إن شفيت سأسارع بتنفيذها .. حلمت بشوارع قديمة أشتاق إليها وأتمنى العودة لها صبية فتية تركض فيها بخطى قوية وليست مهترئة .. رأيت العالم كله أمامي كشريط متحرك ووجدت أنني ركنت إلى العزلة والهدوء أكثر من اللازم وأن الحياة هي الحياة ولا تصح بغير هذا .. أدركت أنني انغلقت على نفسي لدرجة أن مرضا ً بسيطا ً اقعدني وألزمني الفراش بل وألزمني أن أعيد النظر بكل ما هو حولي وكل من هم حولي ..
وجدت بالتلفاز صديقا ً مؤنسا ً.. وجدت بالكتاب رفيقا ً دائما ً لا يتخلى .. لا يتأخر .. متوافر دائما ً .. حتى في أحلك الأوقات .. وجدت بالزهور عالما ً من الصفاء والجمال والخيال .. وجدت بالعصافير أحبابا ً يملأون فضاء الحياة من حولي حبا ً .. فرحا ً .. صخبا ً .. اشتياقا ً دون مقابل ..
وجدت عالما ً آخر كنت أمر ّ عنه مرور الكرام أو ربما لم أمرّ به أبدا ً .
المرض كما قلت قد يكون نعمة ولكن لا أعلم في حال شفيت منه هل سأبقى بعالمي الجديد .. أم ستعود حليمة لعادتها القديمة وستنسى عالمها الجديد الذي قد لا تعود إليه إلا إذا لوح إليها المرض مجددا ً ؟
كانت رحلة من نوع آخر ..
كل ما فيها مختلف ..
وأكثر ما فيها مختلف كان أنا .

ميساء البشيتي 23 / 04 / 2010 08 : 04 PM

رد: الركن الهادىء
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حاتم الأيوبي (المشاركة 67188)
استاذة ميساء
أقف عاجزا أما هذا النص الرائع الذي أسرني وكبلني
شكرا لك من أعماق قلبي


اهلا بك اخي العزيز حاتم

شكرا على مرورك البهي

في انتظارك دوما

:nic92::nic92::nic92:

ميساء البشيتي 23 / 04 / 2010 14 : 04 PM

رد: الركن الهادىء
 
ورق
هات الورق يا سيدي .. أعطني كل الورق كي أملأه لك ..
كي أجيبك على أسئلتك الحائرة ..
أنا اليوم أملك كل الإجابات لكل الأسئلة التي كانت تدور في مخيلتك والتي كانت لا تجرؤ أن تدور .
قد لا تذكر الورق .. ولا تذكر الأسئلة .. وربما لم تعد تذكر الموضوع ..
مضى زمن طويل على ذلك الورق الذي ينتظرني بتلك الزاوية وينتظر مني الإجابة
بينما كنت أناغارقة أؤدي مسرحية هزلية على مسرح الحياة أبطالها أنت وأنا وهو وهي ومجموعة
ممن يرتدون النفاق وجوها ً لهم ويقيمون بيننا أحبة لنا ..
هكذا كان دورهم ودورنا على مسرح هذه الحياة ..
اليوم تبدلت الأدوار وأنت لم تعد تطيق التمثيل أكثر مما مضى وأنا مللت كل الأدوار التي وهبتني إياها هذه الطبيعة ..
مللت أن أكون المثال والقدوة والضحية ..
مللت أن أكون الرقم الصعب كما كنت تسمينني ..
مللت أن أكون أصلا ً رقما ً في أية مسرحية وعلى أي مسرح حتى لو كان مسرح الحياة .
ماذا تنتظر أن أقول لك ؟
هل أعلن عن مسابقة جديدة على الملأ بعنوان
من سيربح قلبي ؟
كل الأمور اليوم تقاس بالربح .. بالجوائز .. بالصور .. بالألوان .. بالإحتيال .. بالكذب .. بالنفاق ..
الرقم الصعب الذي كنت تتحدث عنه فيما سبق ولى إلى غير رجعة
على مسرح لا يفهم أصلا لغة الأرقام مع أنه يقصد الربح في كل اتجاه .
وأنت .. أنت لم تعد تفهم شيئا ً ..
تتخبط في كل خطوة وتغرق في شبر من الماء وتغوص في ضحالات لتنشد العدالة والرقي والحضارة فيها ..
أين أنت من العدالة والرقي والحضارة وأنت أصبحت مجرد رقم في سلسلة من يربح ؟
"من يربح " أصبحت عنوان هذا المسرح الذي أصبح أجوفا ً ولا يحتوي بداخله إلا على الفراغ ..
وأنت لا داع ٍ كي تستل سيفك كل لحظة ..
الحرب انتهت وما تراه أنت اليوم ليس حربا ً إنما هي مهزلة بكل المقاييس
وأنت أصبحت جزءا ً من هذه المهزلة ..
هل ما زلت تريدني أن أملأ لك الورق ؟
أنا هذا المسرح لم يعد يعجبني ..
لكن قبل أن أغادرخشبته اسمح لي أن أستل سيفك وأطيح بكل الأقنعة ..
بكل هذه الوجوه التي لا تضحك إلا على نفسها ..
أنا كشفتها منذ زمن ..
لكنني كنت أرجىء تعبئة هذا الورق ..
كنت أخشى عليك من هذا الورق ..
لكن اليوم .. بعد أن أصبحت أنت مجرد رقم ..
ورقم هزيل في هذه المسرحية فتفضل ..
هذا هو كل الورق ..
وهذا سيفك ..
رحل عنترة وأمرؤ القيس وكل من كان هو الرقم الصعب في زمن الحب فلا داعي لأن تستل سيفا ً بعد اليوم ..
يكفيك فقط قراءة هذا الورق .

ميساء البشيتي 18 / 05 / 2010 31 : 07 PM

رد: الركن الهادىء
 
خوف
لم ألتقط أنفاسي بعد ولم أحصل على لحظة استقرار حتى كانت تطرق الباب عليّ وبيدها طبق من الحلوى " صنع يدها " على حد قولها .. فاجئتني بالزيارة بل أربكتني جدا َ .. لا تتكلم العربية وهي أصلا ليست عربية ولا تدين ديانة أنا أعرفها أو أفهمها أو حتى أسمع بها من قبل ..
شعرت بعدم ارتياح لها من أول نظرة .. بل شعرت بنوع من القلق .. شعرت بها تتسلل إلى حياتي فتربكها وأنا لا أحب من يقتحم حياتي بهذا الشكل ..
دعتني لزيارتها في منزلها وذلك بعد يومين من الآن .. للتعرف على جميع سكان الحي ّ .. لم أعدها بذلك .. لكني داخليا ً كنت أرفض هذه الدعوة السريعة .. وعندما غادرتني شعرت بكراهية مطلقة لها ومنذ النظرة الأولى ..
مضى يومان وأنا أفكر كيف أتنصل من زيارتها ولكني ولله الحمد حصلت على مخرج ولم أذهب .. ومع ذلك بقيت في حالة من القلق أن تعاود هي زيارتها وأن تحمل لي مزيدا ً من الأطباق التي سيكون مصيرها سلة النفايات مباشرة ..
بعد فترة طويلة طرقت عليّ الباب مرة أخرى لتسأل عني وتعاتبني على عدم الحضور .. طبعا ً قدمت لها مبررات واهية جدا ً تظاهرت هي بأنها صدقتها ثم قلت لها بصريح العبارات أنا لست ممن يقومون بهذه الزيارات الصباحية .. أنا مشغولة جدا ً ولا أجد الوقت أبدا ً لمثل هذه الزيارات .. كنت أخشى أنها من الصنف الذي لا يقتنع ولا ييأس من المحاولة .. لكنها اقتنعت .. ويأست مني ..
بعد فترة من الزمن .. مرضت أنا .. وعلمت هي بمرضي ولكن كان لا بد من رد الزيارة لها وأخذ طبق من الحلوى " صنع بيتي " لأنها ترفض تناول أية أطعمة جاهزة من السوق ..
ذهبت لزيارتها كمن يُجر لحبال المشنقة .. جلست معها متوجسة .. خائفة .. كنا نفتح أحاديثا ً عديدة .. بدأت تكلمني عن نفسها وعن بلادها وعن عادتها وتقاليدها وعن ديانتها .. بدأت أشعر أنها حرة في اعتناق الديانة التي تريد .. هي ديانتها وهي حرة بهذا وعليّ أنا تقبل هذا الشيء طالما أنها لا تتعارض مع ديانتي ولا تؤذيني ..
بعد فترة طال بيّ المرض والجلوس وحدي .. سألت عنها فقالوا مشغولة جدا ً .. بدأت أعيد حساباتي وأعيد النظر بما هو حولي وبمن هم حولي .. هي إنسانة طيبة .. اجتماعية .. تريد أن تتفاعل مع الجميع .. ربما أنا خفت منها زيادة عن اللزوم .. ربما أنا بالغت في خوفي ..
كانت تتصل بيّ هاتفيا ً بكل مناسبة لتهنئني وأنا حينما حاولتالإتصال بها مرة واحدة لأهنئها بمناسبة عندها لم ينجح الإتصال بها .. ثم تركت الموضوع ..
اتصلت بيّ في الأمس تدعونني لزيارتها من أجل الوداع .. تريد أن تعود لوطنها .. شعرت بالحزن .. قلت لها أنني بدأت أعتاد عليها وإنني بصدد دعوتها للنادي الذي أرتاده كي نمضي أوقاتا ً جميلة معا ً .. قالت لي .. أنها سترحل وأن عليّ أن أكون في حفلة الوداع في الغد .. وألا أختلق الحجج والأعذار الواهية وأنها تعلم أنني لم أذهب إليها في المرة السابقة لأنها من جنسية غير عربية وديانتها غريبة عليّ بعض الشيء وأنني فعلا ً لم أتقبل هذا الشيء أو تخوفت منه ..
جن جنوني وأنكرت وحاولت أن أوضح لها ولكنني وجدت نفسي أقول لها الصدق .. قلت لها .. كنت غريبة وخائفة جدا ً .. ببساطة شديدة أنا خفت منك ومن التعامل معك لكنني أدركت الخطأ لاحقا ً وحاولت أن أصحح هذا الخطأ لكن الوقت لم يسعفني ..
ربما تفهمت خوفي .. ربما عذرتني .. لكنّي أنا لم أسامح نفسي ولم أسامح هذا الخوف الذي يستأسد عليّ دائما ويقف كالسد في وجه كل خطوة أخطوها ..
متى أتحرر منك يا خوف .. متى ؟

رشيد الميموني 24 / 07 / 2010 46 : 07 PM

رد: الركن الهادىء
 
هفت نفسي في هذا الأصيل الجميل إلى لحظات تأمل ، أستجمع فيها أفكاري و استمع فيها إلى نبضاتي وأهيم في ملكوت الكون متاملا معتبرا ..
أترك العنان لمخيلتي لتعانق الشطآن و تذرع الربى و الغدران ..
ما أحوجني للحظات سكون أرى فيها نفسي و أفك الأغلال عن قلبي ليفضفض و يبوح و يناجي دون رادع يردعه أو عائق يمنعه ..
إلى هذا الركن الهادئ لجأت لأتفيأ ظلاله ..
هي فقط استراحة محارب قبل استئناف المسير .

ميساء البشيتي 01 / 08 / 2010 51 : 06 PM

رد: الركن الهادىء
 
رشيد

نحن متى نكتب ؟

نكتب حين نرغب بأن يصل صوتنا للآخر ..

عندما نملك الجرأة بالإفصاح عما نكتب ..

عندما تتدفق مشاعرنا كشلال هادر فيفيض المداد على الورق كما تفيض الدموع

وتنسكب على الوجنات .. عندها فقط نكتب ونكتب ونكتب ولكن إن فقدنا الآخر أو التواصل مع الآخر

وإن ارتفع منسوب الخوف في صراحة وشفافية الحروف وإن أصبحنا نجد أننا نكتب حروفا ً ميتة

لا حياة فيها ولا تبث الحياة بأحد عندها فقط تتوقف الكتابة .. ولا يوجد إجابة متى نعود للكتابة ..

رشيد هذا الركن الهادىء ليس لي وحدي بل لكل من جال بخاطره البوح عن مكنونات النفس

أهلا بك دائما .. ودمت بألف خير ..

ميساء البشيتي 28 / 10 / 2010 49 : 12 AM

رد: الركن الهادىء
 
أريد حريتي .
سعيدة .. نعم أنا سعيدة .. عقلي سعيد .. فكري سعيد .. لكن قلبي يبدو غير سعيد ..
هو القلب هذا الركن الثائر من الجسد .. الركن المتمرد .. الركن المشاكس .. الركن الرفضوي لجميع أوامر العقل .. ومع ذلك فهو ينقاد كالأسير المكبل أمام رغبات العقل وأوامره ..
فلماذا يتمرد القلب إن كان لا يقوى على شيء ؟
كنت حتى فترة قريبة أظن أنني أسيرة قلبي .. لكنّي اليوم بعد أكملت اللوحة وعلقتها على الجدار وجدت ما كان ينقصني .. لم يكن ينقصني أن أكون بجانبك .. بل أن أكون بعيدة عنك ..
طوال الوقت كنت أظن أن وجودنا في نفس اللوحة هو التحدي وهو الهدف ولأجله كان النضال وكان السعي وكان العذاب وكان المرار .. وما أن اكتملت اللوحة وعُلقتُ أنا وأنت على الجدار حتى وجدت أن ما كنت أبحث عنه هو عكس ما أفنيت الوقت برسمه .. وأنك جميل جدا ً وألوانك جميلة جدا ً وزاهية جدا ً .. وأنا أيضا ً جميلة جدا ً ولكن ليس بقربك .. ليس بجانبك .. ليس على نفس اللوحة .
البعاد الذي كان يخيفني والغياب الذي كان يهزني والصراع الذي كان ينهشني أن أخسر هذه اللوحة .. أن أبقى وحدي معلقة على الجدار .. هذا الخوف دفعني ربما لبعض الحماقات .. كنت أظن في وقتها أنها حماقات .. وأنها مجرد وسيلة أقطع فيها الوقت أثناء غيابك المتكرر والمفاجىء .. لكن على ما يبدو هذا الحماقات أصبحت جزءا ً لا يتجزء مني وأنني قد تعايشت معها ووهبتها الوقت الذي كنت أهبك إياه وأنها قد احتلت مكانها في جدول حياتي ..
ربما لم أضفها إلى اللوحة لأن اللوحة كانت لك وكانت تنقصك أنت ..
لكن عندما عُدتَ أنت وأكتملت اللوحة اكتشفت أن حماقاتي استولت عليّ بالكامل وأنها أخذت مكانك .. وأنك لن تستوعبني أنا وحماقاتي معا ً .. حماقاتي التي يصعب الآن أن أتنازل عنها ..
لذلك أنا أريد حريتي ..
أريد حريتي كي أعيش مع هذه الحماقات التي أصبحت ونيسي وجليسي في غيابك ..
عُد أنت لغيابك ..
اللوحة الكاملة أصبحت ناقصة بعد أن اكتملت .. اللوحة لم تكتمل بك .. يجب أن تعود الآن إلى غيابك .. وأعود أنا إلى حماقاتي ..
نعم أنا أريد حريتي .

ميساء البشيتي 30 / 01 / 2011 16 : 01 PM

رد: الركن الهادىء
 
ماذا تعني هذه الحياة ؟
هذه ليست دعوى للانتحار الجماعي ولا حتى للانتحار الفردي ..
هي بمثابة إعلان عن الموت ..
الموت البطيء بتأثير السموم.. ولكنها ليست السموم التي تعطى بالفم
بل السموم التي تخترق الوريد ..
السموم التي تسري بالشرايين ..
التي تنفذ للقلب .. للفكر .. للعقل .. للأمل .. للطموح .. للروح .. للحب .. للفرح .. للحياة .
ماذا تعني هذه الحياة ؟
الحياة تعني الحياة .. الحياة بكل ما في الكلمة من معنى حياة .. الحياة ولدت من رحم يحيا ..
تحيا الحياة .. تحيا الروح .. يحيا الجسد .. يحيا العقل .. يحيا القلب .. يحيا الفكر ..
يحيا الأفق .. يحيا الأمل .. يحيا الإيمان .. يحيا الفرح .. يحيا الحب ..
تحيا الحواس .. كل الحواس ..
الحياة تعني الحياة ..
فأين إذاً هذه الحياة ؟
أين الحياة بروح مكبلة بقيود لا تنصهر ولا تذوب ولا تتآكل ولا تفنى ؟
أين الحياة بجسد ميت ؟
أين الحياة بعقل مسجون بين أربعة جدران وسقف يلامس فروة الرأس ؟
أين الحياة بقلب لا يجرؤ على أن ينبض أو يعلن على الملأ أنه نبض في يوم ما ؟
أين الحياة بفكر لا يتجاوز قارعة الطريق لأن الطريق محفوف بحراس العقل والفكر والإدراك ؟
أين الحياة بأفق يكاد يطبق على أنفاسنا ..
أين الحياة بأمل مخنوق ..
أين الحياة بإيمان فاتر لا يسري في أوصاله الدفء ولا القناعة ولا الصبر ..
أين الحياة في الفرح الذي ترجل عن صهوة فرسه ..
أين الحياة في الحب الذي أصبح ساحة وملعباً للهروب من جميع تحديات الحياة ..
أين الحياة في حواس لا تجرؤ على النظر .. السمع .. الشم .. اللمس .. التذوق .. لأنه من المحرمات عند سعادة السلطان ..
أين الحياة في هذه الحياة ؟
هي ليست دعوى للانتحار الجماعي بل هي إعلان عن موت بطيء بسموم هذه الحياة
التي تخلو من الحياة .

ميساء البشيتي 26 / 05 / 2011 47 : 08 PM

رد: الركن الهادىء
 
صباح الياسمين
لن ألقي بمفردات اللغة جزافاً ..
ولن أسجل تواريخاً وهمية لا قيمة لها ولا معنى ..
ولن أقول أيضاً من هنا فليكتب التاريخ أول حروفه ومن هنا فلتُسطر جميع العناوين ..
سأدع اللحظة تكتب نفسها بنفسها ..
تكتب نفسها بياسمينها وصباحها الذي أمطر يوماً بالياسمين .
كان يوماً من أقصرأيام العمر .. يزحف ليله البارد على نهاره المشمس فيقضم منه كل ما هو عذب وجميل ومشرق ودافىء ..
كان يوماً وجلاً .. مترقباً .. زاحفاً يحمل عبء الأيام على كتفيه ويجر سنين العمرعلى عضلات قلبه ..
كان يوماً مهملاً .. مغفلاً من حسابات البشر .. معلقاً على جدائل النسيان ..
مطروحاً من جميع ثمار الحياة وفاكهة الصيف المنتظر ..
تناولته بيد ترتجف من البرد وقلب مات قلبه منذ دهر ..
كان هناك ينتظر على رف من رفوف مسجاة طالتها عنوة براثن الهجر في مفكرة هذا الزمان ..
ألقيت إليه دون أن ألتفت إلى ملامحه إن كانت تراني وأنا ألقي إليها بعضاً من الكلمات الباردة ..
تمتمات شاردة من ذيل ليلي الذي يغمره صقيع الوحدة والضجر وتكسو أشجاره ثلوج الارتياب من كل ما هو مشع وبراق .
لم أكن أدري أن الياسمين له أوراق كباقي الزهر ..
لم أكن أدري أن الياسمين له أوراق خضراء يستريح على أكفها ويستظل بظلالها ..
لم أكن أصلاً أهوى جمع أوراق الياسمين في دفاتر مذكراتي
أو نقش اسمي عليها قبل أن أرسلها إليك في رسائلي مخفورة بعبارات الشوق التي لا تنطفىء ..
كل ما كان يهمني من الياسمين أن أجمع عبيره بين كفيِّ حين آتيك للقاء ..
كل ما كان يهمني هو أن تشم عبير الياسمين تنبعث نسائمه من ضفيرة قلبي حين كانت
تهجع مستكينة بين نبضات قلبك في لحظات المساء ..
كل ما كان يعنيني هو أن تكتبني ياسمينة لا تذبل في مفرداتك ..
كل ما كان يهمني هو أن أتسلق شرفات قلبك بنرجسية لا تذبل قبل أن تصل إليك
أعناق ورودهن الفواحة وأذبل أنا من فرط الانتظار وغيرة النساء التي كانت تأكلني
قطعة فقطعة حتى تحولت لسطر ذائب في ورقة إصفرَّ لونها
ولم يعد بانتظارها إلا أيلول عاصف يلقي بها إلى حدائق النسيان .
كيف جادت بك السماء ذات صباح وأمطرت على حدائق قلبي ياسميناً حقيقياً لا يذبل ..
كيف نبتت أوراق الياسمين في قلبي من جديد ..
كيف غابت كل التواريخ الكاذبة من مخيلتي ..
وكيف أصبحت صورتك باهتة جداً أمام ياسمين السماء ؟
كل هذا لا يهم ..
ما يهم الآن أنني لم أعد أغتسل بالياسمين حين أحضر لللقاء ..
ياسمين السماء نبتت أغصانه داخل حدائق الروح وأصبحت تزهر أوراقه في كل صباح ..
في كل صباح أصافح ياسمينة جديدة لا تذبل ..
في كل صباح أعانق أوراق الياسمين وأكتب عليها تاريخاً لا يرحل عن ذاكرة الشرفات ..
في كل صباح أواعد ياسمينة لا يذبل عبيرها حين تشرق عليه شمس الورود الأخرى
بل يذوب عطرها على شرفات قلبي التي لم يعد لديها ما يهم سوى انتظار هذا الصباح .
كل ما يهم الآن هو انتظار صباح الياسمين .


الساعة الآن 16 : 12 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية