منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   فيض الخاطر على أنغام البوح (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=529)
-   -   سلسلة حافية القدمين والبحر . (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=23856)

ميساء البشيتي 14 / 02 / 2013 52 : 03 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 

8

نعم يا بحر كان يملأ هذا المكان .. والأهم أنه كان يملأ هذه الروح المعذبة .. هذه الروح المشتاقة .. التواقة .. لخبر تحمله إليَّ قبرتنا المدللة فتقول كان هنا .. أو مرِّ من هنا منذ أيام ..
أركض إلى الطرقات .. أتفحصها جيداً .. أنادي بملء القلب .. هل هذا أنتَ يا قلب .. أم هو ظلك .. فيجيبني الصدى ..
ومع ذلك لا أقطع حبال الأمل الذائبة .. وأظل أسأله وأواصل السؤال هل أنتَ في طريق العودة .. أم أنك في طريق الغياب .. ويجيبني مرة أخرى الفراغ ..
هل أفقد الأمل فيه يا بحر ؟
هل أغلق على قلبي نوافذ الاشتياق .. وأعلن وفاته سريرياً في قلبي وفي روحي وفي حياتي .. وماذا إن كان على قيد الحياة وأتتني أنفاسه تلهث في صباح الغد .. كيف أفسر لهذه الروح هذا الاستعجال ؟
أنا تعبت يا بحر .. وما أصعب أن يتعبك الفراغ ..
الفراغ لا لغة له يتحدث فيها .. وليس لديه أي شارات يلوح فيها فأفهم منها أنه لا يزال يربض هناك .. ويتنفس .. ولو هواءً خانقاً .. لكنه لا يزال على قيد الحياة .. وأنه لا يزال يحتفظ بقلبٍ يردد اسمي عند مطلع كل شمس وعند غياب كل نهار ..
أم أنني أحلم يا بحر وما كان قد كان .. ولم يعد يطل علينا من الماضي إلا شبح الذكريات .
لماذا يغيبون .. إنه القدر ..
لماذا يموتون .. إنه القدر ..
ولماذا نبقى ننتظر من لا يعودون .. أهو القدر يا بحر .. أم أنه الغباء ؟
اليوم وفي ظلال هذه الفوضى التي عصفت بها وبنا آخر رياح .. يزيفون ما تبقى لنا من الوقت .. فلم نعد نعرف أنحن نشرق في ضياء الصباح أم بتنا نقبع في ظلال المساء .. كل ما نعرفه أننا مسيجون بالانتظار.. على لوائح لا تعرف معنى الوقت ..
وأن أوراق الياسمين لم تعد تُهدى للعشاق .. ولم تعد تصلح لكتابة حروف النثر وقصائد الغزل .. لأنها أصبحت متشحة بالسواد .. وأن الياسمين يبكي طِوال الوقت .. فهل أهديك دموع الياسمين عطراً .. أم تكفيك دموع قلبي التي لا تجف وهي تركض من نافذة إلى أخرى ومن شباك إلى شباك .. تسأل الغيم وتلحُّ في السؤال .. هل تحمله إليَّ يا غيم .. أم أنه لا عودة منتظرة في هذه الأيام ؟
وأنتَ يا بحر ألم تره ؟
كنتُ فيما مضى رسمت إليه على باطن كفه اليمين طريق البحر .. قلتُ له بالحرف الواحد إن ضِعتُ منك .. أو بعثرتني رياح الغدر .. ستجدني هناك في بيت البحر .. هناك يمكنك أن تجدني وتضم شتاتي إليك .. وتعيد إليَّ متكئي في قلبك وفي عينيك .
إن أتاك يا بحر قل له كم حاصرتني عينيه .. وكم أطبقت عليَّ الحصار.. وكم قرأتني كما أنا .. وليس كما أود أن أبدو في عينيه .. وكم أخفيت وجهي حتى لا يرى حُمرة الخجل وهي تتورد على وجنتيِّ حين يأتيني همسه مفضوحاً تردده عصافير الحدائق والغابات .. أحبك يا عصفورة .. هل تملكين يا عصفورتي أي جواب ؟
أملك الجواب اليوم لكنه قد فات الأوان .. فات أوان الحب يا بحر .. أخبره يا بحر أنني أملك الجواب الآن .. لكنه فات الأوان .

سلمان الراجحي 14 / 02 / 2013 01 : 07 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 
أستاذه ميساء مساء الخير

حديث شيق ذو شجن مع البحر

نسمع ويسمع معنا البحر لهاث

حافية القدمين..ولكن وقد أكون

مخطأ أقول لم يفت الاوان.!!

فأنّ الامة تضعف ولكنها لاتموت

تحياتي وتقديري لحرفك النابض

أخوك سلمان الراجحي

ميساء البشيتي 02 / 03 / 2013 12 : 08 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 
وتحياتي الحارة وتقديري الكبير لك أخي سلمان
دائما أنت رفيق الحرف والكلمة والبوح
شكرا لك دائما ودمت بكل الخير كل الوقت .

ميساء البشيتي 15 / 06 / 2013 11 : 05 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 

9
" أشعل شمعة بدلاً من أن تلعن الظلام "
نعم يا بحر وأنا سأشعل شمعة لأبدد هذه الظلمة من حولي .. سألملم الأبجدية في حضني من جديد بعد أن تبعثرت مني جراء بعض الهزات .. وسأشعل الحروف حرفاً تلو الآخر لأبدد ظلمتي ..
أتعبني هذا الظلام يا بحر .. وأنهك انتظاري .. فكان لا بد أن أشعل أول حرف وأرسله خلف البحار .. وخلف المحيطات ليُحضر إليَّ بين يديه قبساً من نور وضياء ..
الشمس هنا باردة .. كان لا بد من شمس أخرى مضيئة .. مشعة .. ملتهبة .. آتي فيها .. أستعيرها .. لو من خلف البحار .. لو من خلف المحيطات .. لو من عين السماء .. لا يهم من أين .. المهم أنني أشعلت أول حرف .. وأتاني بقبس من نور لكن من شمس أخرى ..
قد يكون لهذه الشمس أبجدية أخرى .. أبجدية مختلفة عني .. وعن أبجديتي التي ترعرعت في كنفها .. لكني لم أعد أعير اهتماماً لموطن الشمس الأصلي .. أو لجذورها .. أين رُبيّت في طفولتها الغضة .. أين ترعرعت .. وأين هو منبت رأسها .. ومن من أي كوكب كان ..
تعبت من الدوران في فلك الشمس التي تقربني .. والشمس التي تشبهني .. والشمس التي تحمل رائحة وطني .. والشمس التي تتكلم لغة الياسمين .. والتي لها عبير الزعتر وأريج البرتقال كما هو في تلك البلاد .. تعبت من الدوران في فلك الشمس القادمة من هناك .. من بلاد تركت فيها صوري محفورة على أعمدة الانتظار .. وتركت لهم وعوداً لا حصر لها بالعودة إليهم مع خيوط الشمس ..
ها قد خانتني الشمس ..
أو لنقل يا بحر .. الشمس لم تخنّي .. لكنها تخلت عني .. وتركتني وحيدة أسبح في بحيرة من الظلام ..
ما جدواه الوطن الآن ..
لماذا لم يهبَّ لنجدتي .. لماذا لم يمسك بيدي ويقطع بيَّ كل البحور التي أطبقت على صدري وخنقتني بأصابع من حجر .. لماذا لم يحملني هذا الوطن إلى النور وإلى الضياء ؟
لماذا لم ينقذني من براثن الظلمة هذا الوطن .. وأين غاب وجهه عني وأنا أتخبط على وجهي في بحيرات الشتات وبحيرات العدم .. أين أنتَ يا وطن .. أين أنتَ ؟
اشتقت أن أرى وجهك صباحاً وأنت ترتدي ثياب الشمس .. اشتقت أن أنظر في عينيك هل لا تزال صافية .. شفافة .. صادقة .. ناطقة .. حيّة .. كما كانت في صباي .. وكما تركتها في ساعة غضب .. اشتقت إليه يا بحر .. اشتقت لابتسامته الساحرة التي تغسل القلب .. وللغمازات المستديرة التي تطوق شفتيه بحرارة عن الشمال وعن اليمين .. وترسم إليَّ الطريق المعبد بالفرح ..
اشتقت إليه يا بحر ..
اشتقت أن أرى هذا الوطن يفتح عينيه على ضوء الشمس .. ويستقبل النهار في حدائق الشمس ويشرب قهوة الصباح برفقة جدائل الشمس الذهبية .. يقبل جبينها عند كل خبر مفرح .. ويستأذنها عند الغياب .. ويودعها كل غروب عند شاطىء البحر ..
لذلك يا بحر أنا أشعلت أول حرف من أبجديتي وأرسلته خلف المحيطات ليحضر إليَّ في كفيه قبساً من نور .. وقبساً من ضياء .. أريد أن أرى الوطن .. أريد أن أراك يا وطن وأنت تخرج إليَّ شاباً فتياً في ثياب الصباح .. تحملُ إليَّ بين يديك عقداً من الياسمين .. وتضمني إليك بعد كل اشتياق .. وتكتب إليَّ في دفتر مذكراتي .. لم يضع انتظارك هباء .. لم يضع انتظارك هباء ..
لهذا .. لكل هذا يا وطن أشعلت أول حرف كي أراك .. كي أراك .

سلمان الراجحي 16 / 06 / 2013 01 : 12 AM

رد: سلسلة حافية القدمين والبحر .
 
مساء الخير أ.ميساء...

لاأدري دائما تشدني حافية القدمين والبحر للحديث...

سألت الوطن هناك من ينادي أيها الوطن...أجابني...

ألا تراني أصنع لها من ورود الياسمين عقدا...

ومن أشعة الشمس أعمدة من نور لتهتدي اليّ.!!

قال: كلامها يبعث الروح في أشلائي...

فأنتظرها على أمل لقاء قريب...

تحياتي للحس المرهف...

ميساء البشيتي 16 / 06 / 2013 24 : 10 PM

رد: سلسلة حافية القدمين والبحر .
 
أهلا بك أخي سلمان
وإنسان مرهف الحس مثلك أخي سلمان كيف لا يشده البحر وحافية القدمين
للحديث ولمتابعة الحديث ولانتظار الحديث
البحر دائما ملهم الشعراء وملهم الكتاب وملهم ذوي الأحاسيس المرهفة
شكرا لهذا المرور الذي أعتز به أخي سلمان ودمت بألف خير .

نصيرة تختوخ 22 / 06 / 2013 20 : 12 PM

رد: سلسلة حافية القدمين والبحر .
 
تساؤلات إنسانية وتأملات مشوبة بالحيرة. الفراغ والغياب وطيف الأمل وحافة الاستسلام...يبدو الإنسان مخلوقا ضئيلا أمام القدر وبعض الظروف لكنه دائم البحث عن مايسعد ويريح النفس ومن أجل ذلك يقاوم.
تحيتي لك وطابت أوقاتك أستاذة ميساء.

ميساء البشيتي 29 / 06 / 2013 43 : 07 PM

رد: سلسلة حافية القدمين والبحر .
 
وهي الحياة يا نصيرة إن توقفنا نكون وقعنا بأيادينا شهادات وفاتنا
علينا مجارة الريح حتى لا تقتلعنا من جذورنا ولا تدفننا أحياء
شكرا لك ودومي لنا .

ميساء البشيتي 30 / 06 / 2013 22 : 02 PM

رد: سلسلة حافية القدمين والبحر .
 

10
هل تعود مراكبي ؟
سألت النجوم كثيراً .. ولم تجبني .. وبقي السؤال يدور في حلقي كغصة لا أعرف كيف أتقيؤها .. ولا أستطيع أيضاً أن أبتلعها ..
لماذا غادرتُ إن كنتُ سأعود مرة أخرى لأقف في طابور الانتظار ؟
يئست من الانتظار .. نعم وهذا من حقي ولا ينكره عليَّ أحد .. الشمس تشرق كعادتها كلَّ يوم .. أحيانا يهاجمها الضباب بضراوة .. لكنه لا يقوى عليها أبداً .. فعين الشمس جريئة .. وقوية .. وتشرق كل يوم .. عين الشمس أقوى من أن تهزمها حزمة ضالة من الضباب ..
هل أردت أن أكون كالشمس مثلاً ؟!
إذا لماذا تنوي مراكبي العودة .. وهل هي فعلاً تنوي العودة يا بحر .. أم أنها حزمة الضباب الضالة هي من هزمتها وأجبرتها على تغيير مسارها وتوجيه بوصلتها نحو مرافئ الانتظار من جديد ..
الانتظار مرة أخرى ..
كم أكره هذا الانتظار العبثي .. وكم أكره فكرة أن أقف فقط من أجل الانتظار ..
هل أصبحت قاسية القلب إلى هذا الحد .. أم أنها رياح الفشل هي من تبعثر الكلمات عن شفتيِّ .. وتخرجها من قلبي دون أن أدري ؟
أنا ظننتُ أنني هادنت زوابع الريح لو لفترة بسيطة من الوقت .. كنت أود أن أستريح قليلاً .. أردت لبراكين الثورة في قلبي أن تهدأ .. أردت أن تستريح هذه الأقدام المتعبة .. وتكف عن الوقوف طويلاً على أبواب الانتظار .. أردت أن أعفيها لو لبعض الوقت من عناء الانتظار .. واستجداء الانتظار .. بلا أية جدوى ..
أنا كنتُ أريد هدنة !
تحدثت مع النجوم مطولاً .. هذه المرة النجوم التزمت الصمت .. ظننتها شارة الموافقة منها .. فانطلقت مراكبي وأبحرت .. ربما ابتعدت قليلاً لكنّي كنتُ أعرف وجهتي جيداً .. انطلقت نحو الشمس .. أردت أن أشرق كما هي تشرق ..
أردت أن أذيب كل ما علق بيَّ من أثارك .. أردت لأنفاسك أن تخرج مني .. وألا أبقى ممتلئة بك بلا جدوى .. أردت أن أتحرر منك .. وألا أبقى محتلة من الفراغ ..
كانت النجوم معي وتبارك مسيرتي .. وكان الضباب يمرُّ عن يميني وعن يساري .. لا يحدثني ..ولا يقترب من مراكبي .. ابتعدت قليلاً .. نعم ابتعدت .. كنت أحتاج جرعة كبيرة من الشمس فاقتربت .. اقتربت .. خيّل إليَّ أنني اقتربت ..
خيّلَ إليَّ أن الشمس تمدُّ إليَّ يمينها بالمصافحة .. وظننتُ أنني والشمس أصبحنا رفاق درب .. وأنني أستطيع أن أمدَّ أقدامي وأفترش بساطي هناك على عتبة دارها .. وأن أستقبل يومي من صحن دارها .. بل وأتناول قهوة الصباح برفقتها .. وأحدثها عن طفولتي المنسية .. وعن أماكن خلعت فيها وقع خطاي كتذكار عتيق لها .. وعن وجوه كانت في يوم لي وأعتقتها بلحظة تخلٍ .. وأنني لم يعد يهزمني الضباب أبداً .. وأنني كالشمس أشرق كل يوم وليس كما كان يؤذن لي .. وأنه لم تعد تكسرني ملامح الغياب .. ولا عدت أنطوي على قلبي حين تغلق نوافذ الصباح في وجهه .. وأنني الآن ملكتُ الشمس في يميني وأصبحت وهي توأمين ..
الضباب غدّار ..
أعرف هذه الحقيقة المرّة .. وأعرف أيضاً أنه مباغت بل ويجيد فن المباغتة .. كنتُ أظن أن أيلول وحده من يلعب معي لعبة الضباب .. لكنّي تذكرت على الفور أن الشتاء يجيد هذا النوع من اللعب بالأقدار .. لذلك أنا نسيتُ الضباب .. ونسيتُ النجوم التي صمتت طويلاً في بداية المشوار .. كنت أظنها قد أصبحت هي صديقتي الصدوق التي لا تخفي عني شيئاً .. وإذ بها تخفي عني غدر الضباب .. وكيف كان يتربص بيَّ .. ويسير خلفي دون أن أدري .. بل ويمحو كل أثر لي هناك .. وأنني لن أتمكن حتى من خلع وقع خطاي هناك .. ولا ترك أي تذكار عتيق يشي بأنني كنتُ في يوم ما هناك .. أو حتى رسم بصمة لي على جدران الوهم .. وأنني كنت هنا لو بأحلامي وأوهامي .. وأنني قد تناولت قهوتي السمراء برفقة الشمس .. وكنت أواعد النهار هناك في صحن دارها .. وكانت تحدثني بلهجة المحبِّ .. وكنت أستمع إليها بأذن المحبِّ أيضاً .. لكنها ثورة الضباب اللعينة أفسدت كل أحلامي .. وحطمت كل أوهامي .. وهاجمتني دون ميعاد .. فمحت ببطشها كل السطور التي كتبتها على جبين الشمس .. وجميع قصائد الغزل التي زينت بها جدائلها الشقراء ..
وأعادتني إلى الوراء ..
إلى زمن الانتظار .. إلى مرافئ الانتظار ..إلى عقارب الانتظار .. وها أنا يا بحر أنتظره فهل يحضره إليَّ هذا الضباب ؟


الساعة الآن 33 : 12 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية