![]() |
لصوص الثورة!
لصوص الثورة! بقلم علاء زايد فارس [align=justify] كان يجلس في المقهى يدخن سيجارته بينما كانت حواسه العشر غارقةً حتى النخاع في متابعة آخر الأخبار حتى حفظها حفظاً عن ظهر قلب، وبينما هو كذلك كان يهمس في نفسه: مساكين هؤلاء القابعون تحت البرد يحلمون بالأوهام، هم لا يدركون أن لهيب الصيف سيدركهم أيضاً وهم على هذا الحال، أما الزعيم فهو جالسٌ في قصره يتنعم بمشاهدتهم وهم يتعذبون من أجل إزاحته عن الحكم... لا أمل في نجاح هذه الثورة، من سيجني ثمارها فقط هم الباعة المتجولون الذين يبيعون البليلة والساندويتشات والمشروبات للثوار... الثوار لن يجلبوا للبلد إلا الفوضى وضيق الحال، فالبقاء تحت حكم المستبد هو خيرٌ من الحياة في ظل الفوضى وانعدام الأمن، وتلك الورقة الرابحة التي سيذبحهم بها مكر الزعيم! وبينما هو كذلك جاء صديقه فهمي مسرعاً وقال له وهو يلهث متعباً: ألم تمل من كثرة الاستماع للأخبار؟؟ هيا بنا هذه فرصتنا التاريخية لتحقيق أحلامنا .... - اجلس ولا تتعب نفسك يا فهمي؛ الثورة ستفشل، لأن الزعيم لن يتنحى عن الكرسي حتى لو مات الشعب فرداً فرداً.... - يا رجل فكر معي بالمنطق، لقد نجحت الثورة في تونس وستنجح هنا أيضاً، تعال معي واستمتع بركوب أمواجها! - أنا أفضل ركوب أمواج البحر! - لأنك غبي ولا تقوى على اقتناص الفرص، نحن الآن على عتبة مرحلةٍ تاريخيةٍ جديدة، نظامٌ كاملٌ بخيره وشره في طريقه إلى الزوال؛ سيكون هناك الآلاف من الوظائف الشاغرة، وستتشكل أحزابٌ جديدة ومؤسسات مجتمعٍ مدني، سيفصل الكثير من الموظفين ورجال الأمن السابقين، والوزارات ستكون بلا وزراء ولا مدراء، وحتى منصب رئيس الجمهورية سيكون شاغراً! قم يا صديقي معي قبل فوات الأوان، يجب أن يكون لنا دورٌ في هذه المرحلة الجديدة.. - وماذا لو بقي الزعيم في منصبه وجاء أمن الدولة الآن وأخذنا إلى ما وراء الشمس؟؟ وفجأةً توقفا عن الحوار، وأخذ يحدق كل منهما في الآخر، ثم أخذ فهمي يفرك عينيه ليتأكد من جودة أدائهما وهما يقرءان خبراً عاجلاً مفاده: لقد قرر الرئيس التنحي عن السلطة وتسليم صلاحياته لنائبه والثوار الآن يحتفلون ابتهاجاً بهذا القرار! لم يكملا الاستماع إلى ما تبقى من الخبر، فقد أدركا بيقينٍ لا يقبل الشك أن النظام على وشك الاندثار بخيره وشره وحلوه ومره، فخرج فهمي مسرعاً ليوقف تاكسي ومعه مزلاجه، ثم رمى صديقه سيجارته وجرى مسرعاً وراءه.... ركبا سيارة التاكسي والسائق تبدو على وجهه علامات الاندهاش! ثم ما لبث أن باغتهم بسؤال : هل أنتما ذاهبان للانضمام لصفوف الثوار؟! - نعم - لكن الوقت انتهى، فالرئيس قد تنحى الآن، والثورة لن تجلب لنا إلا الفوضى وتدمير المصالح! - هذا هو أفضل وقت للثورة بالنسبة لنا.... - لماذا تحملا معكما مزلاجاً؟؟! - ضحك فهمي قائلاً: لقد نصحنا أحد الأصدقاء بركوب أمواج الثورة... - وماذا ستستفيدان إن ركبتم أمواجها؟؟! - لدينا الكثير من الوظائف الشاغرة بدءًا من منصب الرئيس مروراً بالوزير حتى نصل إلى أجهزة الأمن المنحلة، على الأقل يمكننا الحصول على وظيفة في جهاز الأمن الجديد! أو من الممكن أن نؤسس حزباً جديداً أو أن نصبح نائبين في البرلمان مستقبلاً... وفجأة غير السائق وجهته وانطلق سريعاً.... - إلى أين تذهب يا رجل؟؟! - لأحصل على مزلاجٍ مثلكما! انطلق الرجلان ومعهما سائق التاكسي إلى الميدان الذي يعج بالثوار المحتفلين بالنصر، ولكن لم يستطيعوا الولوج إلى الميدان من فرط الزحام، فجاء فهمي لرجل يبيع البليلة بالجوار، وقال له: اترك " البليلة" وتعال معنا لربما تصبح مرافق الوزير مستقبلاً! - مرافق الوزير......؟؟؟! - احملني أنا ومزلاجي على كتفيك وألقني على رؤوس الثوار... قفز الرجل على رؤوس الثوار هو ومزلاجه، ثم قفز صديقه بنفس الطريقة، ثم لحق بهما سائق التاكسي، وبعدها تسلق بائع البليلة بعد أن انضم إلى صفوف الثائرين وأخذوا جميعاً يسبحون فوق الأمواج البشرية، والثوار يدفعونهم باتجاه المنصة، خطف سائق التاكسي الميكروفون من يد أحد الثوار وأخذوا يصرخون سوياًّ: الله أكبر الله أكبر دم الشهيد لم يذهب هدراً عاشت الثورة عاشت الثورة فليسقط النظام! فليسقط النظام! [/align] م.علاء زايد فارس 8/4/2012م http://www.17022011libya.com/up/img/...5_51_31_PM.jpg |
رد: لصوص الثورة!
[align=justify]
طرح ناجح يسلط الضوء على جزء مريض من هذا الواقع الذي نعيشه ليتك تسلط الضوء على لوحات أخرى دور الأدب دائماً في أن يعالج المواضيع السياسية من خلال الأدب وليس بشكل فج آني مباشر، ودائماً لجأ الأدباء إلى الشعر والقصة والأدب الساخر وعادوا إلى التاريخ ليعالجوا آفة في الزمن الحاضر واستعملوا التشبيه والرمز، فدخلوا حتى عالم الحيوان نحتاج كثيراً أن نطرح قضايانا بالأسلوب الأدبي شكراً لك وأنتظر منك صوراً أخرى في الأدب الساخر [/align] |
رد: لصوص الثورة!
على فكرة ما شاء الله على هالبنوتة الله يحفظها يارب |
رد: لصوص الثورة!
[align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=center]للأسف موجودون وماأكثرهم وياخوفنا من نجاحهم في ترويض الأمواج.
تحياتي لك أ.علاء[/align][/cell][/table1][/align] |
رد: لصوص الثورة!
ه[align=justify]نا يا أخي علاء ..
إبتعدت عن الكتابة الساخرة ، و كأن انقطاع الكهرباء قد أثر فيك ، كنت أتمنى أن يتطور أسلوبك بالإبتعاد عن المباشرة في الطرح ،و جعل المتلقى ينبهر بالفكرة و السرد و الابتسامة بين الفينة و الأخرى . أنت تعلم أنني لو لم ألمح فيك كاتب واعد لما قلت لك هذا . أنتظر أن تعيد صياغة الفكرة و السرد لكي أنبهر كعادتي بك . تحياتي و تقديري .[/align] |
رد: لصوص الثورة!
اقتباس:
[align=justify] كلام سليم أستاذة هدى لقد طرحت النص وأنا أعلم جيداً أنه مباشر ولربما كان السبب هو أن معظم ما كنت أقرؤه أيام الجامعة في الجرائد كان نصوصاً ساخرة مباشرة... إنها تشبه نوعاً ما مشاهد كوميدية وتركز على الحوارات الكاشفة أكثر من الاستعارات والتشبيهات والرمزية.... وعادة ما كنت أرى هذا النوع من الأدب في الجرائد الحزبية التي كانت تحاول تأطير المجتمع! لذلك فهي بحاجة لإيصال الرسالة بشكل واضح وسلس وممتع لكن على الرغم من كل هذا، أعترف وأقر أن كتابة موضوع ساخر بشكل غير مباشر أمر رائع جدا وأسلم لنا خصوصا إذا ما نوينا التسلل من وسط الألغام لذلك سآخذ بنصيحتك ونصيحة الأستاذ جمال ما استطعت إلى ذلك سبيلا الغريب أن المرة الماضية طرحت موضوعاً كوميديا مباشراً وباللهجة العامية لأول مرة وبعيداً عن السياسة المجال الذي تعودت عليه وقد لاقى الاستحسان! لكن هذه المرة شعرت أن رد الفعل مختلف تماماً، لذلك سأراجع ما حدث، وسأشكل لجنة تحقيق مستقلة- ليست كلجان التحقيق العربية- للوصول إلى نتائج خلال ساعات فقط :-) أستاذة هدى أثق في رأيك ونقدك وسأعمل بنصائحك وعلى فكرة لقد ألهمتني خلال نقاش دار بيني وبينك لكتابة موضوع ما، أتمنى أن ينال إعجابك حينما أطرحه إن شاء الله [/align] اقتباس:
اسمها جيهان ولقبها جيجي، وهي ابنة صديق وقريباً سأعرفكم على كرم الصغير ابن أخي... أحب كثيرا براءة الأطفال وأتأملهم دائما دون كلل أو ملل، وأحزن كثيرا على الطفولة المعذبة والأطفال الذين ولدوا كباراً وحرموا من طفولتهم والأطفال الذين ارتكبت الجرائم بحقهم دون ذنب، وكم أتأثر حينما أقرأ هذه الآية الكريمة " وإذا الموؤودة سئلت ، بأي ذنب قتلت"....، أجمل شيء في هذه الدنيا براءة الأطفال، لأنها بسمة الحياة وعنوان نقائها... شكراً على نقدك البناء أستاذة هدى يشرفني حضورك والحوار معك دائماً لا حرمنا الله هذه الإطلالة المشرقة بالخير والمعرفة |
رد: لصوص الثورة!
[align=justify] الأدب الساخر هو الذي ينتقد الواقع بأسلوب أدبي لاذع كيف نعرف الأدب الساخر لغوياً وأدبياً؟؟ الساخر هو اسم الفاعل من فعل سَخَرَ، والمصدر هو الاسم الثلاثي سخر وغالبا مايأتي الفعل سخر على وزن فعَّل بتضعيف العين بصيغة الزيادة والمبالغة. على غرار قدَّر وعَّلم ودَّرسس. وسخّر الشيئ أي قربه وجعله طوعاً لأمره والمصدر سخرفعله الماضي سَخَرَ والمضارع يسخَرُ والأمر اسخَرْ،على غرار دَرَسَ ويدرسُ وادرسْ إلخ..... يعرف لغوياً أنه الأدب الذي يدني الكلمات ويقهرالمعاني ويجند المواقف ليجعلها طوعاً لأمره وإرادته في سبيل تحقيح اغراضه و أهدافه منها بقالب ساخر يرصد عيوب الواقع والكتابة الساخرة باختصار شديد هي التمرد على هذا الواقع وتسليط الضوء على عيوبه هي الثورة الفكرية ضد البديهيات التقليدية، سواء كانت سياسة أم اجتماعية هدفها أن تعكس صورة الواقع بجماله وقبحه الأدب الساخر هو الكوميديا السوداء التي تعكس أوجاع المواطن سياسية كانت أم اجتماعية و ترصد قيم الإفلاس الإنساني فيصيغها ويعيد تقديمها بأسلوب لاذع ساخر الأدب الساخر ليس هجاءً لكن الهجاء فيه يقدم فيه بأسلوب بعيد عن المباشرة الكاتب الساخر صاحب قضية مهموم بها ولديه رسالة يريد أن يوصلها بأسلوب ساخر يتميز باللذع السريع قد يتجنب كلام مباشر ويكتفي بتلميحات بدلاً من عبارات صريحة، وهذه بدأت كوسيلة لحماية الذات من تبعات قد يدفع ثمنها الكاتب غالياً أتمنى أن يكون النقد دائما بناء [/align] |
رد: لصوص الثورة!
علاء هذا يستأهل 5 نجوم .. والفرق بيني وبينك غنك شاب لطيف ومهذب
واما أبو اييد خشبة بتبج الكيبورد بج .. شفت الفرق ؟ مع انك ساكن مع الرمل وريحة البارود وانا ساكن مع الخضار والوجه الحسن تحية واحترام ومحبة |
رد: لصوص الثورة!
علاء .. كلّ ما بداخلك ثوري .. لا يستطيع الابتعاد عن المصطلحات الثورية المباشرة .. الّتي تخدم الفكرة الواضحة المعلومة لا غير .. لذلك أنت دائما تضع فكرتك و شيئا من نفسك الثائرة بين نصوصك .. و كأنها ثورة حرفية .. قد يكون ما كتبت هنا ينتمي لمجرّد القصة .. كحالة واقعية تدوّن .. قريبة جدا كما قلت مما يكتب في الصحف .. لكن رمزت لها بالادب السّاخر .. و الأدب .. لا يجيد امتطاء السياسة بشكل مباشر .. و لا يعترف بالمصطلحات السياسية البحتة .. الفكرة لديك جميلة و رائعة .. قد تحتاج لبعض الجهد .. حتى تخرجها بشكل يليق بحجمها العظيم .. لست امارس النقد فهو بعيد و بعيد عن نفسي .. لكن رأيت ذلك من وجهة آراء الآخرين .. أنت ناجح أخي .. و أفكارك ناجحة جدا .. تحتاج لبعض التخفي ( عن المخابرات ) فقط .. ههههه ثم لتنطلق و تملأ الدنيا بالنكت الساخرة .. سعيدة لأّني وجدت نفسي من جديد بين سطورك .. تقديري و احترامي أخي الكريم ... و بالتوفيق |
رد: لصوص الثورة!
...نعم يا علاء..يمكن أن أصنّف هذا النص على أنه (الأدب الجاد الساخر أو الساخر الجاد) !!! أما المباشرة أو الرمزية فللنقاد رأيهم في ذلك...فالمزلاج أنساني الأسماء الواردة في النص..توظيف أكثر من رائع !! مودتي ولدي الرائع!!!
|
الساعة الآن 28 : 01 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية