![]() |
اكتب سيرة كاذبة
كانت تدرس بالسنة الثانية باك آداب.. اتصلت بأخيها ذات ليلة تخبره أن أستاذ مادة الانجليزية طلب منهم أن يتحدثوا عن أنفسهم في سطور لكن باللغة العربية.. وهي لم تعرف كيف يمكن أن تفعل ذلك..لهذا لجأت لأخيها الحاصل على الإجازة في الأدب العربي ليسرد حياتها بدلا عنها.. لكنه طلب من زوجه خولة أن تفعل ذلك على أساس أنه لا يميل إلى السرد والحكي وووووو........ استغربت خولة كيف لأستاذ الانجليزية أن يطلب من تلاميذه سرد شيء من حياتهم في سطور، وباللغة العربية أيضا.. بدأت بعض التساؤلات تراودها؛ ربما لأنه لاحظ ضعف مستواهم وتدنيه في مادته فأراد اختبارهم في اللغة العربية التي يدرسونها منذ وضعوا أقدامهم بالمؤسسات التعليمية لأول مرة.. ثم كيف لها أن تكتب هي عن حياة شخص لا تعرفه حق المعرفة والمفروض أن تتحدث بلسانه.. ماذا نسمي هذا سيرة غيرية ذاتية؟! سيرة ذاتية كاذبة ؟! قصة سيرة؟! حسنا بتوسل من زوجها وافقت... تسأله عن أخته.. وبم يمكن أن يفيدها عنها وماذا يريد هذا الأستاذ تحديدا فيقول: اكتبي أي شيء تريدينه أنت.. المهم تحدثي بلسان سلمى.. أف! ما هذا؟! كيف يعقل......؟! كيف يمكن للساني أن يصبح لسان غيري.. والمثير أن هذا الغير لا أعرف عنه إلا أشياء قليلة.. حسنا سأتحدث عما ألاحظه فقط عن هذا الغير أثناء صمتي وأنا أرقب تحركاته وكلماته.... وما لم أعرفه سألونه بشيء من خصوصياتي...؛ وهكذا وجدتني أخذت قلما وورقة وشرعت في الكتابة.. وإن حاولت خولة سؤال زوجها عن شيء يخص أخته، قال: المهم أن تكتبي...ما قالته أعدته عليك.. هي نفسها لم تدر ما المطلوب، هي تريد فقط أن تكتب نصا تحكي فيه عن نفسها لاغير...ما إن مرت أقل من عشر دقائق أو على الأكثر ربع ساعة حتى كانت خولة قد أنهت كتابة النص على الورقة، التي أمامها الآن بعد أكثر من أربع سنوات، ( مارس 2016)، وها نص الورقة: "فتاة أنا لا تحب الحديث عن نفسها، ولكني اليوم أخذت قلمي ليتحدث بدلا عني، ويخبركم عن ذاتي ما تعرفونه، أو ما لا تعرفونه: اسمي يوحي بالسلم والسلام الذي هل بداخلي فأنا:" سلمى هليل" ، قبل شهرين قطفت وردتي الثامنةعشرة من الحياة التي أخشى أن تمر علي دون أن أحقق بعض الأهداف، أولها أن أتفوق في الحصول على شهادة الباكالوريا، لذلك أجدني أسهر الليالي من أجل هذا الحلم، وأفيق باكرا للتمكن من تحقيقه، أسعى جاهدة فهم كل الدروس، حتى الدروس التي لا أحب موادها، فأنا لا أميل إلى مواد الحفظ، ولكني أحب أن أتفلسف، أعشق شيئا اسمه الفلسفة، ألأن اسمها يتضمن حرفين من حروف اسمي، أم لأني فعلا معجبة بها؟ عذرا لن أتمكن من إجابتكم لأني نفسي لا أجد جوابا، فكل مرة أرى رأيا، ولعل هذه هي العلاقة التي تجمعني بهذه المادة، أحيانا وأنا أفكر في مستقبلي وفي حفظ الدروس وقراءة المؤلفات العربية والفرنسية ومعرفة تاريخ الحرب العالمية وجغرافية الصين التي لا دخل لي بها أكاد أفقد أعصابي فأذكر فلاسفة انتهت حياتهم بالجنون ك" نيتشه" وغيره.. لأجدني أضحك وأنسى همي ثم أقوم لتقبيل رأس أمي حتى تدعو لي بعض الدعوات وأعود لصوابي. أرجع لمكاني قليلا، ثم أحس فجأة أني لاشك سأخنق في البيت، يجب أن أخرج، أول شيء أقوم به حينها، أحمل جلباب أمي وآخذه إليها، أترجاها حتى تخرج معي لأتنسم عبير هواء مكناسة الزيتون؛ لن أخبركم بحياتي كلها فيكفيكم ما عرفتم." تدرون يا سادة ما حصل بعد ذلك؛ طبعا اتصل بها أخوها وأملى عليها النص، ثم صوره لها مكتوبا لتتأكد من أنها لم تنس شيئا...وفي الغد قرأت سلمى نصها أمام سيادة أستاذ اللغة الانجليزية، فتفاجأ بذلك ونادى على أستاذها الذي يدرسها اللغة العربية وطلب أن تقرأ النص أمامه، هذا الأستاذ حسب قولها كانت سنته الأخيرة وسيحصل على التقاعد ولأنه يسمى شاعر وله أيضا أصابع في النقد فإنه لا يدرس شيئا وإنما يظل يتحدث عن نفسه وابنه وكتاباته... ثم يملي عليهم شيئا له علاقة بالدرس وتنتهي الحصة.. لذلك فهو لا يعرف مستوى تلامذته، وعندما قرأت سلمى نصها تفاجأ أن له تلميذة بالفصل تتحدث عن نفسها بمثل هذه الكلمات التي أعجبته، طلب منها الحضور إلى قاعة الأساتذة وقت الاستراحة ففعلت، ثم طلب أن تقرأ أمام السادة النص، ولحسن حظها أن أستاذ العربية هذا سيحضر بعد يوم أو يومين أمسية شعرية مما جعله يدعوها للحضور معه، وذلك ما كان... وأمام جمهور الشعراء والمثقفين سينادى على سلمى لتقرأ النص ويسمع دوي التصفيقات عاليا، وبإعجاب يقوم أحد الشعراء ويقدم لها ديوانه الشعري الصغير... يااااه! يا خولة أين أنت من هذا؟! لم يحصل شيء شبيه بهذا معك من قبل ولاحتى من بعد ! .. لكن كلماتك حصل معها... لا بأس.. أتعلمت الآن كيف يمكن كتابة سيرة كاذبة؟! وما ينتج عن ذلك؟ |
رد: اكتب سيرة كاذبة
في رأيي .. لم تكن كتابة سيرة ذاتية كاذبة .. أحسست بصدق كل حرف من حروف السيرة . وكأنك كنت تكتبين عن عن نفسك .. أو ربما تقمصت شخصية سلمى فرويت عنها كل ذلك . وهذا منتهى الإبداع . أن نكتب بعفوية حتى وإن كنا لا نكتب عن أنفسنا .. لكن من المؤكد أننا سنجد بين الكلمات أثرا منا . وهذا ما حصل معك خولة .
تحية مودة تليق بك |
رد: اكتب سيرة كاذبة
لم أقرأ لكني مررت لأسجل إعجابي مقدما وسأعود في المساء لنبدأ الحكاية حتى الصباح ....
|
رد: اكتب سيرة كاذبة
وشوشت لي هذه السيرة أن الحيل الأدبية سمتها سيرة كاذبة، وأخبرتني أن الحرف يرتدي الكاتب قبل أن يغطي بياض الورق، وأسر لي حرفها الشفاف عن صدق غير محجوب.
شكرا لك خولة على الإمتاع |
رد: اكتب سيرة كاذبة
اقتباس:
شكرا صديقي على مرورك الذي لم يمر دون إلقاء كلمة جميلة (ابتسامة) |
رد: اكتب سيرة كاذبة
اقتباس:
وأنتظرك عزة بفتح العين |
رد: اكتب سيرة كاذبة
اقتباس:
أنتظر حضورك دائما ليلى فكلماتك تبهجني.. شكرا |
رد: اكتب سيرة كاذبة
قرأتُ ، استمتعتُ..ثم..ماذا؟ لي عودة أيتها المشاكسة (ابتسامة) تليق بهذا النص الماتع ! شكرا لك ـ فراشة المنتدى ـ الأستاذة خولة.. |
رد: اكتب سيرة كاذبة
اقتباس:
متشوقة لعودتك المنتظرة أستاذ.. شكرا لك |
رد: اكتب سيرة كاذبة
وها أنا عدت لأقرأ ، فبدا لي أننا رغم إمكانية حلول الغير بنا ، أو احتلالنا لذاته خيالا لبضع دقائق أو ساعات ، إلا أننا نظل مقيدون بأنفسنا ، فلا نخلعها تماما ، ولا نصل لتمام الحلول ! مهما حاولنا الإنفصال عن ذواتنا لوقت ما ، إلا أننا نظل نتقلب بين إنفصال واتصال عنا وبنا ، وتطغى بالأخير مشاعرنا ومكنوناتنا ! وتخرج ذات ثالثة بمذاق الغير ! لكنها تشبهنا ، أو تشبه الغير بمذاقنا .
جميل خوخة !! أعجبتني الفكرة وذهبت بي !! |
الساعة الآن 58 : 12 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية