![]() |
الأجنحة
[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:95%;background-image:url('http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/22.gif');border:4px ridge green;"][CELL="filter:;"][ALIGN=justify]
خطت على الجدار اسم فلسطين… ركضت في شوارع المخيم.. جنود الاحتلال أطلقوا الرصاص.. وصلت إلى البيت لاهثة.. قالت الأم: “ما بك يا نجوى؟؟”. جلست الطفلة على الكرسي الخشبي الصغير ولم تجب.. كانت مشغولة بترتيب الطبشور حسب الألوان.. قالت الأم: “اغسلي يديك لتأكلي”.. نظرت نجوى إلى أصابعها الغارقة بذرّات الطبشور وضحكت.. كانت تتمنى أن تملأ كل جدران المخيم بكلمات تعبر عن حبها لفلسطين.. ولكن أولاد الأبالسة يبرزون فجأة ويلاحقونها في كل مكان.. وتذكرت كيف قتلوا الصغير عروة لأنه أصرَّ على الكتابة ولم يهرب.. تذكرته وبكت.. كم من المرات علّمها كيف ترسم العلم بالألوان.. من خلال الدموع ارتسمت ملامح عروة.. مثل عصفور أخذ يطير في شوارع المخيم وأزقته الضيقة.. ركضت خلفه وتمنت أن تطير مثله.. قال: “إذا أردت أن تطيري فعليك أن تملكي جناحين” فسألت بشغف: وكيف؟؟.. لم يجب.. كان مشغولاً بالنظر إلى أطفال الانتفاضة وهم يضربون الحجارة.. نادته.. قالت: “ألا تعيرني ريشة من جناحيك؟؟”.. حمل بمنقاره الصغير حجراً ووضعه بين يديها.. فرحت وأطلقت الحجر قذيفة في الهواء.. ارتطم بوجه الجندي.. انقلب الجندي وانطرح على الأرض.. فجأة تحول إلى ثعبان وأخذ يلاحقها.. أخذت تلهث.. والجندي الثعبان خلفها.. حطَّ عروة على الأرض وحملها بعيداً فوق جناحيه.. أخذ الثعبان ينفث السم.. والنار.. قالت الأم: “ نجوى.. قلت لك اغسلي يديك” قالت لأمها: “هل يستطيع عروة أن يطير مثل العصافير؟”.. تركت الأم عملها واقتربت منها مندهشة.. قالت: “عروة استشهد منذ مدة.. ما الذي ذكرك به الآن؟” سألت نجوى “وكيف يستطيع أن يطير؟” أجابت: “الأطفال طيور الجنة..” وذهبت لمتابعة عملها بعد لأن طلبت من نجوى أن تغسل يديها.. لكن كان لا بد من فهم هذا السر.. حدثت الصغيرة نفسها “أستطيع أن أكون مثله.. كل يوم أراه في المخيم عصفوراً بجناحين جميلين”.. نظرت إلى الطباشير وهزت رأسها.. قالت أولاً سأرسم العلم.. ثانياً سأكتب أغنيتي.. ثالثاً سأطير في الجو.. فجأة قفزت إلى ذهنها فكرة مدهشة قالت: “لماذا لا أرسم جناحين كبيرين؟”.. أعجبتها الفكرة.. قامت.. ركضت نادتها الأم لم تجب.. أخذت تجري في شوارع المخيم.. بالطبشور كتبت “أنا أحب العصافير والأطفال” ثم أخذت ترسم.. نسيت كل شيء.. كانت ترسم الريشة وتلونها، ثم الريشة الثانية وهكذا.. قالت: “لا بد أن أطير مثل عروة.. معاً سنملأ الدنيا زقزقة” نفضت يديها.. تطاير غبار الطبشور.. مدت يدها إلى جيب فستانها وتناولت واحدة.. الآن عليها أن ترسم الجناح الآخر.. سمعت هتافات ووقع خطوات سريعة.. التفتت كان أطفال المخيم يركضون هنا وهناك.. جنود الاحتلال يطلقون الرصاص في الهواء حيناً، وعلى الأطفال حيناً آخر.. الحجارة تنقض من كل الجهات.. حجارة.. رصاص.. حجارة.. تمنت أن تنتهي من رسم الجناح الآخر لتطير بعيداً وتنقض بحجارتها على جنود الاحتلال.. تصورت كيف ستحمل الحجر بمنقارها.. أعجبتها الصورة فضحكت.. تحركت يدها.. امتدت إلى جيبها وأخرجت الطباشير الملونة.. أخذت تعمل بسرعة.. الأطفال يركضون.. الجناح يكبر ويمتد.. الرصاص يعوي.. عروة يحوم فوق رأسها ويصفق بجناحيه.. اقترب الجنود.. اقترب الأطفال.. امتد الجناح.. نظرت إلى الألوان وابتسمت.. فردت يديها.. اشتد وقع الرصاص.. تداعى أحد الأطفال وسقط.. امتلأ ريش العصافير بالدم.. صرخت.. أغرقت الطبشورة بالدم وكتبت على الجدار “تحيا فلسطين” وقبل أن تفرد أحلامها، صادرها الرصاص وطرحها جثة هامدة على الأرض. [/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN] |
رد: الأجنحة
كم من الأحلام الصغيرة اغتالها رصاص الاحتلال وكم من طفل فلسطيني وجد نفسه في عالم غير عالم الطفولة تسير فيه الدبابة و وتحوم حوله المقاتلات..
قصة معبرة , حزينة أبدعت في رسم مشاهدها أستاذ طلعت. لك تقديري |
رد: الأجنحة
يالروعة أجنحتك بالرغم من مأساتها و ألامها ...الا أنها حلقت بي عاليا في سماء فلسطين الأبية.....تمتعت
برقة كلماتك و سحر معانيك الكبيرة ....وكل المشاعر العميقة ....جعلتني أعيش القصة ...حالمة بأن اكون بطلتها دام قلمك بكل خير ....وحفظه الله لك. |
رد: الأجنحة
اقتباس:
لك كل شواطئ الياسمين وأمنيات طيبة وسيبقى الذين يغتالون أحلامنا على فوهة بندقية ما لم نقدم ذات صباح عودتنا اليقين اسلمي طلعت |
رد: الأجنحة
اقتباس:
دمت وسلمت وجعل الله أيامك كلها آيات جمال حين نداخل الحرف ويكون الوطن حبر القصيدة تنهمر الضلوع نداء لكل شجرة أشكر حروفك وأشكرك طلعت |
رد: الأجنحة
نصّك أخي الغالي طلعتْ ذكّرني بيوميات خيمة للأديب بديع حقي في سحره وجماله !! ومن القصص ما يبكينا دما ويشعرنا نحن الكبار بالضعف حينا وبالتقصير حينا آخر...لقد جعلتَ مني في لحظة طفلا أعدو في المخيمات طورا وطورا آخر عصفورا محلقا رفقة عروة !!! أبدعتَ سيدي الفاضل أبدعت...
|
رد: الأجنحة
الأستاذ طلعت , لايتبدل الثعبان , بتبديل ثوبه , والجدران في فلسطين دفاتر المقاومين , والحجارة السجيلية ستبقى في مناقير الطير , وسنرى الشروق رؤية اليقين !
بليغ نصك , ومؤثر , وخاتمته بهذ الوتيرة موفقة جدًا , والله ليشعر المرء بالقشعريرة , والرعدة وهو يتهيأ مسبقــًا , للنهاية المحتومة والمتخيلة ! فقد أخذت نجوى القرار , قرار أن تطير لجوار عروة , وعودتها للرسم , ليست انفعالية , أو عبثية ..... بل بكامل , وعيها وإرادتها قررت أن تطير ....وهنا سر العودة التي نراهن عليها.. سنعود ...... أخوك حسن |
رد: الأجنحة
أيها المبدع الراقي
ليتني عروة فأحلق في سماء الشهادة ليتني أختم كما ختم الصغار فأكبر في عين الوطن كما كبروا ليتني أقابلك فأقبل تلك اليد التي خطت كل هذا البهاء حقا أنت رائع ياسيدي ودون قامتك تقصر القامات . مع خالص التحية والتقدير . |
رد: الأجنحة
رحلة جميلة في فضاءات اسطر ذهبية تحكي ماساة لاكرامة لامتنا ما لم تعالج نتائجها
|
رد: الأجنحة
أحساس بإدراك وجود الوطن قبل الوعي بالذات أحيانا ... شيزوفرانيا الموت والحياة .....تتأتى ولادة الإدراك العسيرة ... بين أحلام صغيرة ترسم العناد والإصرار والمواجهة ... رحلة في أغوار نفس صبية... علمها الرصاص والحجارة ... رسم أجنحة كبيرة كبيرة ..من أجل الحب والحرية...
رائعة من روائع الأديب طلعت القصصية تثير في القارئ إرهاصا وإحساسا حقيقيا لجماليته وتصوير واقعي وحقيقي لقضية أشكرك جزيل الشكر |
الساعة الآن 42 : 06 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية