|
السيما علمتني ( قصة قصيرة – من الأدب الساخر)
السيما علمتني ( قصة قصيرة – من الأدب الساخر) د. ناصر شافعي " عامر" صبي ورشة ميكانيكا السيارات التي تقع على ناصية الشارع . لم يتجاوزالعاشرة من عمره . أسمر نحيل , ذو ملامح نوبية واضحة , البشرة السمراء , الفم المبتسم , الشعر الأسود المجعد , الأنف الصغير ,العينان الصغيرتان الغائرتان . . صاحب شخصية فريدة متميزة , سريع البديهة , قوي الملاحظة , لبق الحديث . و رغم صغر سنه , يمتلك قدرة عجيبة على فهم الشخصيات التي يتعامل معها .. ويستنتج ردود أفعالها مسبقاً !! لذا فهو قادر على التعامل مع كافة ألوان و أشكال البشر بلباقة وحكمة , ويمتلك موهبة إرضائها بوسائله الخاصة . وهو صبي مجتهد ومكافح و شغال .. وكل شئ من عمل يديه آخر تمام . في نهاية كل يوم من أيام العمل المضني الشاق , يعطي أمه اليومية الكاملة , أجره اليومي الكامل لا ينقص قرشاً . تقبله أمه الحنون الطيبة , وتدعو له من قلبها : "ربنا يحفظ طريقك , ويبعد عنك شياطين الأنس و الجن , ويخليك لنا ياعامر .. راجل زي أبوك الله يرحمه " . "عامر" تعبان و شقيان طوال أيام الإسبوع الستة . من صباح الإثنين و حتى نهاية السبت .. أما يوم الأحد فلا .. وألف لا .. هو يوم الراحة و الإنبساط و الفرفشة . الشئ الذي لا تعلمه الأم , أن "عامر" يحتفظ لنفسه بالبقشيش (الهبات و الإكراميات ) التي يعطيها له بعض الزبائن الكرام , مكافأة له على مجهوده و شطارته و أدبه و جميل حديثه الذي لا ينقطع عن السينما و أفلامها و حكاياتها . حصيلة الأسبوع , مبلغ مالي معقول لفسحة يوم الأحد , وكل أحد . برنامج ترفيهي سينمائي متواصل . من العاشرة صباحاً وحتى الثانية عشرة منتصف الليل .. مشاهدة أفلام سينمائية متنوعة في دور العرض الشعبية الرخيصة , التي تتميز بعرض خمسة أفلام متتالية متلاحقة , بنظام العرض المستمر . و هو أول من يدخل صالة العرض , ليجلس على كرسيه المُفضل .. كرسي في الوسط .. في أول صف ! . وتتنوع الأفلام الخمس في كل دور عرض , بين أفلام الضحك و الحب و العنف و الحركة و المناظر ( المشاهد المبتذلة الخارجة) .. ولابد أن يكون هناك فيلماً هندياً وآخر لنجم الشباك الممثل الكوميدي المشهور . الذي يرى فيه عامر نفسه ومستقبله , ويحقق لعامر رغباته و أمانيه و طموحاته على الشاشة . كبر عامر و تزوج و أنجب نصف دستة من الصبيان و البنات , وأصبح أباً مثالياً حنوناً , عطوفاً .. يتواجد في بيته , بعد نهاية يوم عمله الشاق طوال أيام الإسبوع ماعدا الأحد !! .. إنه يوم راحته ويوم السينما المقدس . يقضي يومه يتحرك من سينما إلى أخرى ليشاهد كل الأفلام المعروضة .. لكن الإختلاف الآن .. أنه بصحبة زوجته و أولاده ..يشاهد الأفلام في قاعات العرض الفاخرة . يقول "عامر" : السيما علمتني ونورتني عن كل حاجة في الحياة .. أنا لفيت العالم كله وإتعلمت وأنا قاعد على كرسي السيما ! . إتعلمت أفرق بين الحلال و الحرام .. بين الشر و الخير .. وإن الخير لابد ينتصر في النهاية . إتعلمت إزاي أحب .. وإزاي ألبس نظيف زي البهوات . إتعلمت أحب شغلي و أحترم لقمة العيش علشان أبقى إنسان محترم بين الناس . يتنهد بحسرة و أسى و لوعة و يكمل حديثه : " السيما علمتني كل حاجة , إلا حاجة واحدة ندمان عليها .. القراية و الكتابة !". إنتهى د. ناصر شافعي . 3 يونية 2009 |
رد: السيما علمتني ( قصة قصيرة – من الأدب الساخر)
أستاذي العزيز د. ناصر شافعي :
سلمت يداك .. أسلوب سهل متميز وهدف واضح .. مما لا شك أن الفنون بمختلف أنواعها وتوجهاتها , تترك أثارها الواضحة الجلية على جميع طوائف وطبقات المجتمع .. فنجد عامر العامل البسيط استمد ثقافته ومبادئه من السينما - الفن السابع - التي لعبت دوراً محورياً في تكوين شخصيته .. فتركت أثارها الإيجابية .. فهي المدرسة التي علمته القيم والأخلاق , وساعدت على ارتقاء أفكاره وأسلوبه في الحياة . تحياتي وتقديري :nic32: |
رد: السيما علمتني ( قصة قصيرة – من الأدب الساخر)
دكتور ناصر /السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
قصة جميلة بس اكيد عامر كان بيشوف السينما القديمه فتعلم منها لأن السينما زمان كانت بتقول حاجة لها هدف انسانى واجتماعى لكن السينما اليوم هى سينما المقاولات والعرى والالفاظ النابية . الفن انحدر .ولا ايه رأيك |
رد: السيما علمتني ( قصة قصيرة – من الأدب الساخر)
يقول "عامر" : السيما علمتني ونورتني عن كل حاجة في الحياة .. أنا لفيت العالم كله وإتعلمت وأنا قاعد على كرسي السيما ! . إتعلمت أفرق بين الحلال و الحرام .. بين الشر و الخير .. وإن الخير لابد ينتصر في النهاية . إتعلمت إزاي أحب .. وإزاي ألبس نظيف زي البهوات . إتعلمت أحب شغلي و أحترم لقمة العيش علشان أبقى إنسان محترم بين الناس . يتنهد بحسرة و أسى و لوعة و يكمل حديثه : " السيما علمتني كل حاجة , إلا حاجة واحدة ندمان عليها .. القراية و الكتابة !". خسارة انه ما تعلم وفقد متعة واهمية القراءة والكتابة لكن ربما استفاد هو أكثر ممن يجيدون القراءة والكتابة لانه بالأصل يريد ان يتعلم ويفهم .. مداركه ترغب بالأتساع استاذي الكريم د. شافعي بدون مجاملة قصة رائعة وجميلة معبرة وهادفة وبأسلوب مشوق وسرد جميل لا أمل من القراءة لكم استاذي وفي انتظار المزيد :nic64: |
رد: السيما علمتني ( قصة قصيرة – من الأدب الساخر)
اقتباس:
الأستاذة العزيزة القديرة مرفت شكري : أشكرك بشدة و احييكِ على ردك الواعي المدرك لهدف القصة الواضح الصريح .. وكما تفضلت في التعليق فإن السينما لها أهداف سامية نبيلة تعليمية و غير تعليمية , ويأتي على رأسها إمتاع المشاهد و إبهاره .. لقد إستفاد( عامر) بطل قصتي من الجوانب الإيجابية للسينما .. ولم تؤثر الجوانب السلبية على شخصيته , مرة أخرى أشكرك . |
رد: السيما علمتني ( قصة قصيرة – من الأدب الساخر)
اقتباس:
الأستاذة القديرة مرمر يوسف : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الأسطي عامر ( ماشاء الله) الآن رجلاً ثرياً , صاحب ورشة ميكانيكا للسيارات كبيرة , شديد الأدب ومحترم , بس هو غالي حبتيين !! مازال يتمتع ببساطته و روحه المرحة , وعشقه الذي لا ينقطع للسينما .. ولكنه يتحسر على أيام السينما الراقية وأفلام الزمن الجميل . ومع ذلك يقول : " برضه مانظلمش شباب اليوم , فيهم كتير مجتهدين و جدعان .. زي .... و زي ........, طب شفت سيادتك فيلم .................." ويسرد لك التفاصيل الدقيقة للفيلم .. وينقده بكل صراحة ودقة. أستاذتي .. الفن الجميل يبقى وتقدره العامة من البسطاء , قبل الخاصة من المتحزلقين و النقاد . تحياتي . د. ناصر شافعي. |
رد: السيما علمتني ( قصة قصيرة – من الأدب الساخر)
اقتباس:
الأستاذة القديرة ميساء البشيتي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كما لاحظت سيادتكم , أنا أحاول نقل أو رسم بعض الشخصيات الواقعية التي تعيش في حياتنا .. وأدرك أن في حياتها الشخصية تجارب حياتية تستحق التوقف و المشاهدة و التأمل . يسعدني دائماً متابعتك الكريمة لجميع النصوص الأدبية في المنتدى . إحترامي و تقديري . د. ناصر شافعي |
رد: السيما علمتني ( قصة قصيرة – من الأدب الساخر)
الأستاذ القدير الدكتور ناصر شافعي كما عودتنا , قصص هادفة , وبأسلوب ممتاز , وطريقة سرد واضحة وجميلة . أما "عامر" فهو شخصية واقعية في كل مجتمعاتنا العربية , وكثير من الأشخاص كانوا يتبعون طريقة عامر بمشاهدة أفلام السينما لعدة أسباب منها المتعة والترفيه والفائدة . وبذلك كانوا يستمدون معرفتهم وثقافتهم عما حولهم من السينما والأفلام وكما يقول عامرأنه تعلم أن يميز بين الخير والشر والحلال والحرام من خلال قصص الأفلام وبدون الرجوع لقراءة القرآن وأمهات الكتب , وكل كتب الثقافة والأدب والسياسة . والنتيجة أنني أراه انسانا مثقفا أخلاقيا رائعا . شكرا جزيلا دكتور ناصر , ومازلنا بانتظار المزيد . مع فائق مودتي واحترامي .:nic91: |
رد: السيما علمتني ( قصة قصيرة – من الأدب الساخر)
اقتباس:
الأستاذة القديرة و الأخت الغالية بوران شما : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تشرفت بردك وتعليقك الكريم على نصي البسيط المتواضع .. هذه نماذج حقيقية من الحياة .. نتعلم منها .. وتتعلم منا !! الحياة نماذج من البشر .. وتجارب في الخير و الشر .. والذكي من يستوعبها و يتعلم منها . تحياتي وتقديري . د. ناصر شافعي |
رد: السيما علمتني ( قصة قصيرة – من الأدب الساخر)
الأستاذ القدير و الأخ العزيز د. ناصر شافعي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سلمت يداك و زناد فكرك .. أمتعتنا وأثريتنا بما كتبت . تحياتي و تقديري . منير الفيشاوي |
رد: السيما علمتني ( قصة قصيرة – من الأدب الساخر)
الأخ العزيز ..الأستاذ القدير منير الفيشاوي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أسعدني و شرفني مرورك الكريم و تعليقك الجميل .. وأتمنى أن تمتعنا بكتاباتك الساحرة في أدب الرحلات و الأدب الساخر . تحياتي و تقديري . د . ناصر شافعي |
| الساعة الآن 04 : 06 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية