منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   مكتبة نور الأدب (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=220)
-   -   الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=13809)

طلعت سقيرق 13 / 01 / 2010 23 : 12 AM

الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
1 مرفق
[align=justify]
تعالوا نبدأ بتأسيس مكتبة شاملة للأدب العربي ، في اثنتين وعشرين دولة، على أن تقدم في كل ملف أدب هذه الدولة أو تلك من خلال كتاب وأدباء هذه الدولة ..
هذا يعني أن نفتح اثنين وعشرين ملفا في مكتبة نور الأدب ليقوم كل كاتب وأديب له عضوية في نور الأدب بالكتابة نقدا وتقديما ، إلى جانب وضع نماذج من إبداعات المبدعين في كل بلد ، ودعوة بعض هؤلاء المبدعين للمشاركة ..
نتمنى في قادم الأيام أن تكبر مؤسسة نور الأدب للإعلام لنقوم بطباعة كل كتاب من هذه الكتب ..هو طموح لكن لا بأس أن نشعل شمعة فذلك خير من أن نلعن الظلام ..
أترك لكل كاتب أن يصمم التقديم حسبما يرى ..
طلعت سقيرق
دمشق ص ب 5663
تلفاكس 6336106
بريد الكتروني
Skairek70@gmail.com
أو على البريد الداخلي هنا
تحياتي
--------------
--------------
ملف الأدب المصري بإشراف الأستاذ :
عبد الحافظ بخيت متولي


[/align]

د. ناصر شافعي 13 / 01 / 2010 48 : 12 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 


جذور الأدب في مصر

الأدب في أرض مصر له جذور عميقة ، تمتد خمسة آلاف سنة قبل الميلاد .. فالمصري هو أول من كتب .. وأول من دون على جدران المعابد و الصخور و أوراق البردي حكمه و مواعظه و آدابه التي أذهلت العالم .. وتركزت على قيم الفكر و العدل و الفضيلة ..

وظهر في مصر القديمة العديد و العديد من الأدباء و الشعراء و حكماء و ادي النيل ، أمثال لقمان الحكيم و بتاح حتب امينموبي و نفررو و خيتي و و ايبورو و أون شيشونقي و كاجميني و آني و مريكارع و ايمحوتب و غيرهم .. عبر هؤلاء الحكماء عن أفكارهم و حكمهم بشتي صنوف الأدب : الشعر و النثر ..الحكم ، الأمثال ، الأدب التاريخي و أدب الرحلات ، القصص الاسطورية الخيالية و القصص الحقيقية الواقعية .. واهتم الأدباء بتسجيلها لتبقى شاهدة على أفكارهم و أعمالهم مدي التاريخ بحفظ الله و رعايته .

الأدب العربي الحديث في مصر كان له قاعدة راسخة صلبة من أسس الأدب و تعاليمه و احترامه ، و هى نابعة من :

أولاً : الأدب المصري القديم .. خاصة بعد اكتشاف حجر رشيد و فك شفرة اللغة الفرعونية الهيروغليفية ، و ترجمة الأعمال الأدبية المصرية القديمة إلى اللغة العربية مع بداية القرن التاسع عشر .

ثانياً : الفكر الديني و العقائدي المتطورو الحكيم و المشبع بالإيمان بالأديان السماوية .. بداية من فكرة توحيد الإله الواحد و التي نادى بها أخناتون والايمان الراسخ بالحياة الأخرى و بالحساب .. ونهاية بإعتناق الإسلام و إعلاء راية التوحيد و النداء ( لا إله إلا الله .. محمد رسول الله ) .

ثالثاً : الانسجام و التناغم الواضح و الصريح بين الأدب المصري و الفن المصري على مدى العصور و الأجيال .. و التي تتمثل في مصر المتحف المفتوح للعالم أجمع و الذي يضم أكثر من ثُلث آثار العالم .. تلك الآثار التي إمتزجت فيها الفنون مع الآداب و الحكمة .

أما ما نتحدث عنه الآن .. وفي هذا الملف تحديداً .. فهو الأدب العربي في مصر ، و الذي أُلف و سجل باللغة العربية بعد الفتح الإسلامي لمصر ..



المراحل التي مر بها الأدب العربي في مصر:
مر الأدب العربي في مصر بخمس مراحل هي :
(1) - مرحلة التمهيد : (ميلاد الأدب) من سنة 20 هـ إلى دخول الفاطميين مصر357 هـ

(2) - مرحلة النضج و الازدهار : من 357 هـ - 656 هـ وفيها تحددت ملامح الأدب المصري وظهرت شخصية مصر واضحة..

(3) - مرحلة التأليف و التجميع من 656 هـ - 923 هـ وفيها طغت الصناعة اللفظية على الأدب نثراً وشعراً..

(4) - مرحلة الضعف و الانهيار حيث أصبحت مصر ولاية تابعة للخلافة العثمانية وانتشرت اللغة العامية .

(5) – مرحلة الحداثة و العالمية : بداية من القرن التاسع عشر الميلادي وحتى وقتنا هذا .. حيث أصبحت مصر مركزاً أساسياً للأدب العربي .. وانتشرت حركة التأليف و الترجمة و الابداع الفكري و الأدبي .

تحياتي .

د. ناصر شافعي

عبد الحافظ بخيت متولى 14 / 01 / 2010 31 : 11 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
الروح الإنسانية عند شوقى



مقدمة
تبدو الروح الانسانية واضحة فى شعر شوقى وهوبذلك يختلف عن الشعراء المعاصرين لانه ابرز فى نصوصه الشعرية على المستوى الدلالى هذه الروح وكأنما يقصد ها قصدا ويعمد اليها وهذا يثير عند المتلقى تساؤلا محيرا :لماذا كان شوقى حريصا على هذه الروح؟ وفيم تمثلت؟ ربما كان حريصا عليها لانه ارتبط بالجمهور والشعب وذاق مرارة الحرمان فى النفى وقد تمثلت فى التعرض لقضيايا التسامح الدينى والمروءة وحب الاخر مهما كان هذا الاخر وقيم الحق والخير والجمال ولقد. أسهمت أشعار شوقي في نشر ثقافة التسامح في الوطن العربي إسهاماً كبيراً، وشاع بعضها على ألسنة الناس، ومنها البيت المشهور في مسرحية مجنون ليلى الذي يعزز الإيمان بالتعددية، وهي ركن من أركان التسامح: اختلاف الرأي لا يفسد للودّ قضيّة
ومثله أيضاً الحكمة الشوقية:
تسامح المرء معنى من مروءته بل المروءة في أسمى معانيها
تخلّق الصفح تسعد في الحياة به فالنفس يسعدها خلقٌ ويشقيها
وهل أجمل تعريفاً للتسامح من مساواته بالمروءة التي هي إنسانية الإنسان، والقيمة الأولى في القيم العربية بوجه عام؟
** شخصية شوقي
حاول الكثيرون اكتشاف شخصية شوقي، ولكن آراءهم فيها تباينت تبايناً واضحاً.
فقد كتب هيكل، فى مقدمة ديوان "الشوقيات"، واقفاعند ازدواج شخصية شوقي، وفي ذلك يقول في المقدمة: "كأنك أمام رجلين مختلفين... أحدهما مؤمن عامر النفس بالإيمان، حكيم يرى الحكمة ملاك الحياة وقوامها، والآخر رجل دنيا يرى في المتاع بالحياة ونعيمها خير آمال الحياة وغاياتها، متسامح مع نفسه الإنسانية، ومع الوجود كلّه، ساخر مع الناس وأمانيهم.
وأما طه حسين فيخالف هيكل ويقول: "ازدواج الشخصية الذي يلمحه هيكل في شعر أمير الشعراء، لا يدلّ في حقيقة الأمر إلا على أن أمير الشعراء يقلد المؤمنين والمستمتعين كما يقلّد غيرهم من أصحاب الشعر."
ويذهب طه حسين إلى أن شخصية شوقي إنما هي شخصية الداهية الماكر الذي يظهر غير ما يخفي، وفي ذلك يقول: "لم ينهض لخصومة ناقد من نقّاده، بل لم يجرؤ على أن يلقى نقّاده بالعتب، وإنما كان يعاملهم معاملة الأراقم... يغرى بهم ويؤلب عليهم ثم يلقاهم باسماً وادعاً... "(حسين، 1923).
وفي اتجاه هيكل ذهب عبد اللطيف شرارة حيث يقول: " الواقع أن شاعرية شوقي انبثقت عن القطب الموجب في اتجاهه وهو حب الحياة، والقطب السالب، وهو الإيمان بالقيم الأخلاقية الدينية، وعاش أيامه على هذه الأرض، وهو يترجح... ولكن بهدوء واتزان بين هذين الجانبين المتعارضين، دون أن يوفَّق إلى صهرهما في وحدة متماسكة." (شرارة، 1969).
مهما يكن القول في شخصية شوقي، وأنها شخصيات: مؤمنة ودنيوية كما يقول هيكل، أو شخصية واحدة لها نعومة الأفعى كما يقول طه حسين، أو شخصية واحدة تمتاز بالوداعة كما يقول عبد اللطيف شرارة، فإن هذه الشخصية كما تتجلى في أشعار شوقي، كانت شخصية محكومة بالبيئة إلى حدّ كبير:
أ‌) التقى في شوقي الدم اليوناني بالدم الكردي والعربي، وامتزجت فيه عناصر المسيحية مع عناصر الإسلام، وفي ذلك يقول شوقي: "أنا إذن عربي، تركي، يوناني، جركسي بجدّي لأبي." (الكيلاني، 1963).
ب‌) ولد شوقي بباب القصر، وقضى شبابه وكهولته في القصر، فلم يكن غريباً كما يقول طه حسين "أن يكسب شوقي في حياته الأدبية والشخصية هذه السياسية – سياسة المداورة المعهودة في القصر- التي تحمي صاحبها، وتضمن له الأمن والسلامة معاً." (حسين، 1923).
ت‌) عاش شوقي تجربة الحياة السياسية المصرية في الثلث الأول من القرن العشرين، وهي تجربة خصبة حقاً، ولم يكن بدّ من انعكاس هذه التجربة على شخصيته وشعره.
ث‌) كان لسيرة حياة شوقي الشخصية أثر مهم في شخصيته وشعره أيضاً، ومن الأمور المهمة التي تذكر بهذا الشأن دراسته الحقوق في فرنسا، والفترة من حياته التي قضاها في المنفى بالأندلس.
مهما يكن من شأن هذه المؤثرات، فإنها لم تستطع أن تلغي مزاج شوقي الذي تعتقد أنه كان مزاجاً هادئاً، بل لعلّها ساعدت على تعزيز هذا المزاج، وقد تحدّث شوقي ضيف عن هذه الظاهرة في حديثه عن شخصية شوقي، حيث يقول: "اعتزل الأحزاب، وعاش مستقلاً، حتى لا يصدم أحداً بكلمة أو همسة... وكل هذا من حقّ شوقي، فالناس يختلفون في مزاجهم، منهم من يحب المصارعة... ولم يعرف شوقي المصارعة فقد جرت حياته في هدوء " (ضيف، 1963).
وفي هذا الاتجاه، يذهب محمد خورشيد بقوله: "اشتهر شوقي بعفة اللسان، فهو لم يهجُ أحداً، ومما عرف عنه التواضع والخجل، وإحجامه عن مقارعة خصومه الذين كانوا يكيلون له من النقد ألواناً " (خورشيد، د. ت.).
وقد تجلت شخصية شوقي هذه في شعره حيث يقول:
وإذا الهجـــــوُ هاجــــــــــــــه لمعــاناتـــــــــــه أبـــــــى
ورآه رذيــــــــــــــــــــــلة تســـــــــــــــتحق التجنّبــا
ما رأى النـاس شــــــــــــــــاعراً فاضــــــــــل الخلق طيّبــا
دسّ للـنـاشـــــــــــــــــقـيـن فـــــي زنــبــق الشـــعر عقربا
وكأنه كان يصف نفسه في رثائه لحافظ إبراهيم:
قلمٌ جرى الحقب الطوال فما جرى يوماً بفاحشة ولا بهجاء بل إن غزل شوقي لم يخل من مثل هذا التسامح، ومن ذلك تعليقه على محبوبه الذي أضاعت يده روح شوقي، فما كان منه إلاّ أن دعا له – لا عليه- بسلامة يده:
مولاي وروحــــي في يـــــــــــده قــد ضـيّعها، سلمت يدهُ
فأي تسامح بعد هذا التسامح؟
** مرحلتان مختلفتان
يُجمع النقاد والدارسون لشعر شوقي – أو يكادون – على وجود مرحلتين متميزتين في شعره من حيث التوجهات والاهتمامات، وهما مرحلة ما قبل النفي إلى الأندلس في عام 1915، والمرحلة التالية لها.
* المرحلة الأولى
اتصفت هذه المرحلة، وبخاصة في بدايتها، بتعاطف قوي مع الترك والخلافة العثمانية، وربما كان هذا راجعاً في بعض أسبابه إلى أصله التركي، ولكنه كان، فضلاً عن ذلك، متأثراً بالخديوي عباس الذي كان مخلصاً لتركيا (ضيف، 1963).
ولا يعني هذا أن شوقياً كان مؤمناً بالجامعة الإسلامية على الصورة التي ارتضاها الخلفاء المستبدون من الأتراك، بل كان يدعو إلى الشورى والحرية، وإصلاح نظام الحكم، والاهتمام برغبات الأمة ومطالبها (الكيلاني، 1963)؛ وهو في القصائد التي ناصر بها الأتراك، إنما كان يمجدهم بالقياس إلى أعدائهم من يونان وغيرهم، ولم يكن، بأي حال من الأحوال، يعلي شأن أحد الدينين الإسلامي والمسيحي على الآخر.
وفي هذه المرحلة كتب شوقي قصائده المشهورة ذات التوجه الديني، مثل: "المولد النبوي" و "نهج البردة" وغيرهما، وكان في هذه القصائد يتحدث عن الإيمان باعتباره وسيلة لنزع التفرقة والتكبر من النفوس، ولمعارضة التفرقة الطائفية والتعصب المذهبي، والظلم، ولتقريب الناس جميعاً في وحدانية الله سماء، وتوحيد المشاعر أرضاً، دون تفريق بين كتاب وآخر (الجرّ، 1992).
ولم يتغير هذا التوجه "التوحيدي" عند شوقي، في أشعاره في المرحلتين، ونكتفي بالتمثيل له، بقوله في قصيدته عن المعلم والتعليم:
أرسلت بالتوراة موسى مرشداً وابن البتـــــول فعلّم الإنجيـلا
وفجرت ينبوع البيان محمــــداً فسقى الحديث وناول التنزيلا
والأمثلة في هذا الشأن كثيرة.
* المرحلة الثانية
تختلف هذه المرحلة التي بدأت مع نفي شوقي إلى الأندلس عام 1915، نتيجة للصراعات بين القصر والإنجليز، اختلافاً جذرياً عن المرحلة السابقة في توجهاته وانتمائه، فلم يعد شوقي ذلك التركي الإسلامي، المطالب بوحدة الإسلام في ظلّ الخلافة التركية، بل تجلى اهتمامه واضحاً بمصر والعروبة، و "أطلّ علينا بعصبية قومية تصرخ بالمستعمر لترك بلاد العرب للعرب" (الجر، 1992).
وفي هذا التغيّر يقول مصطفى الشهابي: "دار دولاب الحرب، فثارت الحرب الكبرى، وما انقشعت غمائمها السود، حتى فصلت البلاد العربية عن البلاد التركية، وحتى طلع علينا شوقي بسينيته المشهورة في الأندلس.. ما إن قرأنا له هذه الأبيات وأشباهها حتى هلّلنا وكبّرنا، وقلنا: الآن بدأ أمير الشعراء يكون شاعر النزعة العربية الكبرى." (خورشيد، د. ت).
وكذلك يقول شوقي ضيف: "حتى إذا رجع إلى وطنه من منفاه، وسقطت الخلافة التركية، أصبح خالصاً لشعبه المصري، والشعوب العربية، فتغنى مشاعرهم وأحاسيسهم، في قصائد تحملها صدورهم، وكأنها تعاويذ سحرية." (ضيف، 1963).
يمكن القول هنا بأن الجانب الوطني، حلَّ عند شوقي محل الجانب الديني، بعد نفيه إلى الأندلس، أو عودته منها إلى مصر، فقد رجع إليها وطنيا يقدس وطنه، ويجعله دينه الذي يقول فيه:
ويا وطنــي لقيتك بعد يأسٍ كأني قد لقيت بك الشبابا
ولو أني دعيت لكنت ديني عليه أقابل الحتم المجابا
أدير إليك قبل البيت وجهي إذا فهت الشهادة والمتابا
ويرى عبد اللطيف شرارة أن توجهه كان إلى الوطنية المصرية، وليس إلى القومية العربية بالمعنى الدقيق، فيقول: "كان من تأثير إسبانيا إذن في تكوين شوقي الأدبي، أن ردّته إلى الحظيرة العربية من الناحية الثقافية، بعد أن كان ولاؤه للتراث والخلافة الإسلامية، غير أن إقباله على الثقافة العربية لم يحوّله نحو التفكير العربي القومي، ولكنه تحوّل مع الأحداث إلى الوطنية المصرية، وراحت هذه الوطنية تتغلب في نفسه شيئاً فشيئاً على ما عداها من نزعات وعاطفات." (شرارة، 1969).
وفي واقع الأمر، لم يكن شوقي مختلفاً في توجهاته وتغيرها عن سواه من الأدباء والمفكرين في المجتمع المصري، الذي برزت فيه الوطنية المصرية بقوة بعد الحرب العالمية الأولى بقيادة حزب الوفد المصري وغيره من الأحزاب الوطنية، واتصف آنذاك بانتشار أفكار التسامح بين المصريين وتلاقيهم على محاولة التحرر من الاستعمار الإنجليزي لمصر، وإقامة المؤسسات الشعبية الدستورية في البلاد.
ومن أجل تبيّن مظاهر التسامح، والتجليات المختلفة لحقوق الإنسان عند شوقي، سنقوم بتتبع هذه المظاهر من خلال القضايا الأساسية التالية التي حفلت بها أشعار شوقي في ديوانه الشوقيات، وبخاصة في المرحلة الثانية من مراحل التطور في حياته وشعره.
** التسامح الديني
ليس الدين عند شوقي طقوساً وشعائر كما هو الحال عند الكثيرين، بل هو مجموعة من المبادئ والقيم الخلقية التي تهدف إلى تحسين العلاقات الاجتماعية بين الناس، فضلاً عن تهذيب علاقات الفرد بالآخرين.
أ‌) الدين عامل توحيد في المستوى الإنساني
الدين عند شوقي، عامل توحيد، وهو حاجة للناس يستضيئون بها بعيداً عن التعصب، والمذهبية البغيضة، ومن هذا المنطلق غنّى الدين المسيحي في شعره، كما غنّى الإسلام، لاعتقاده أنهما دين سماوي واحد، وإن اختلفا في التسمية، ولعلّ تعلمه في مدارس الغرب، ونشأته في أوروبا، أحييا فيه هذه النزعة المؤتلفة مع سائر الأديان. (الجرّ، 1992). والأمثلة على هذا الجانب من جوانب التسامح الديني عند شوقي كثيرة، منها قوله في تهنئة السلطان محمد رشاد:
يفـديـــــك نصـرانـــــيه بصـلـيـبـه والمـنـتـمــي لمحــمــد بهــــلالهِ
وفتى الدروز على الحزون بشيخه والموسويّ على السـهول بمالـهِ
يجــــــدون دولتك التي سعدوا بها من رحمة المولى ومن أفضالـه
ومنها:
رضي المهيمن والمسيح وأحمدٌ عن جيشك الفادي وعن أبطالِـه
ومن ذلك أيضاً قوله:
الديــــــن لله من شـــاء الإله هدى لكل نفس هوىً في الدين داعيها
ما كان مختلف الأديــــان داعيـــة إلى اختلاف البرايــا أو تعـاديها
الكتب والرســل والأديـان قاطبــةً خزائن الحكمة الكبرى لواعـيها
محبــة الله أصـــــلٌ في مراشــدها وخشـــية الله أسٌّ في مبانيـــــها
تسامح النفس معنىً من مروءتــها بل المروءة في أسمى معانيـــها
ب‌) الدين عامل للتآخي في المستوى الوطني
تحظى الدعوة للتآخي بين المسلمين والمسيحيين (الأقباط بوجه خاص) بنصيب كبير من شعر شوقي؛ وهو يحارب بقوة التعصب الديني والمذهبي. يقول مخاطباً المصريين:
لا تجعلوا الديــن باب الشرّ بينكمو ولا محـــلّ مباهـــــــــــــاةٍ وإدلالِ
ما الديــــن إلا تراث الناس بينكمو كــــل امـــرئٍ لأبيــه تابــعٌ تــــالِ
ليس الغــلّو أمينــاً فـي مشــــورته مناهج الرشد قد تخفى على الغالي
ويقول في رسالة الناشئة:
قل إذا خاطبت غير المسلمين لكمو دينٌ رضيتم وَلْيَ دينُ
خـــــــــلّ لــلديــّان فيهم شانهُ إنــــــه خـــالـقهم سبحانــهُ
ويخاطب شوقي القبط في مقتل بطرس غالي:
بني القبط إخوان الدهــور رويدكم هبوه يسوعاً في البرّية ثانيـــــا
تعالوا عسى نطوي الجفاء وعهده وننبذ أسباب الشِّقاق نواحيــــــا
ألم تـك مصــــرٌ مهـــدنا ثم لحدنا وبينهما كانت لكلّ مغانيـــــــــا
ألم نك من قبل المسيح بن مريم وموسى وطه نعبد النيل جاريا
وفي الموضوع نفسه يقول:
أعهدتنــا والقبـــط إلا أمــةً للأرض واحدة تروم مراما
نُعلي تعاليم المسيح لأجلهم ويوقّرون لأجلنا الإســـلاما
الدين للدّيان جـــلّ جلالــه لو شاء ربك وحّد الأقوامــا
ج‌) تلازم الإسلام والمسيحية في شعره:
من الظواهر المميزة لشعر شوقي تلازم استشهاده في الدعوة للتسامح بين كل من النصوص والأفكار ذات الصلة في كل من الإسلام والمسيحية في القصيدة الواحدة أو البيت الواحد، كما في قوله:
عيد المسيح وعيد أحمد أقبلا يتباريان وضــاءة وجمــالا
مـيلاد إحسانٍ وهجرة سؤددٍ قد غيّرا وجه البسيطة حالا
وقوله في الهلال والصليب الأحمرين:
جبريـل أنت هدى السماء وأنت برهان العناية
ابســط جناحيك اللذين هما الطهارة والهدايـــة
وزد الهلال من الكرامة والصليب من الرِّعاية
فهمــا لربــك رايــة: والحرب للشــيطان رايـة
ويقول في رثاء الشيخ سلامة حجازي:
قام يجزي سلامة في ثراه وطـــــنٌ بالجزاء غير بخيلِِ
يدفـن الصــالحين في ورق المصحـف أو في صحائــف الإنجيــلِ
وفي حين ينتقد شوقي أتباع المسيحية بقوله:
عيســى ســــبيلك رحمـةٌ ومحبــةٌ في العالمين وعصمةٌ وسلامُ
يا حامــل الآلام عـن هــذا الورى كثرت عليــه باســـمك الآلامُ
أنــت الذي جعــل العبـاد جميعهمْ رحماً وباسمك تقطع الأرحامُ
نجده ينتقد تعصب الأتراك وسلوك خلفاء المسلمين منذ قيام الدولة الأموية، فيقول في الخلافة:
إنّ الذيـن توارثـوك على الهـــدى بـعد ابن هــندٍ طالما كذبـــوكِ
لم يلبســـوا بــرد النبـــــيّ وإنّمــا لبسوا طقوس الروم إذ لبسوك
إنــي أعيــذك أن تـُـرَيْ جبـــــارةً كالبابويــة في يــدي (ردريك)
د) السلوك الشخصي
لم يكن شوقي ملتزماً بالشعائر الدينية، في حياته الخاصة والعامة، فقد كان يشرب الخمر سرّاً وعلناً، وهو قد أبى السّفر إلى الحج حين دعاه الخديوي إلى مرافقته في سفره إلى الديار الحجازية، وفي ذلك يقول:
ويا ربّ هل تغني عن العبد حجّةٌ وفي العمر ما فيه من الهفوات
وقد أكثر شوقي في أشعاره من طلب العفو والمغفرة من الله، كما فعل من قبله أبو نواس الذي اتخذه شوقي مثالاً له، وسمّى بيته كرمة ابن هانئ باسمه.
* الديمقراطية
إن التناقضات التي عرفتها الحياة السياسية في مصر في عهد شوقي، والثقافة التي تعرف إليها في دراسته الحقوق بفرنسا، وطبيعته النفسية، وغير ذلك من العوامل، تركت أثراً عميقاً في قلب شوقي، مما يتصل بالديمقراطية حرية المواطن، والدليل على ذلك نفوره من حكم الفرد المتسلط، ودعوته إلى حكومة الشورى، والرأي الحر، واحترام الدستور، في قصائد مختلفة، وأبيات متناثرة في شعره (الكيلاني، 1963).
أ‌) حكم الفرد
يقول شوقي في رثاء مصطفى كامل:
أتذكر قبل هذا الجيل جيلاً سهرنا عن معلمهم ونامـــا
مهار الحـــق بغَّضْنا إليهم شكيم القيصرية واللجامـــا
لواؤك كـان يســقيهم بجامٍ وكان الشعر بين يديّ جاما
ويقول:
زمــان الفرد يا فرعون ولّـى ودالت دولة المتجبّرينــا
وأصبحت الرعاة بكل أرضٍ على حكم الرعية نازلينا
ويقول أيضاً:
إنّ الزمـــــــــان وأهلـــــــــه فرغــا من الـفـــــرد اللعينْ
فــإذا رأيـت مشـــــــــــــايخاً أو فتيـةً لــك ســــــــاجدينْ
لاق الزمــــــــان تجـــــدهمو عــن ركبـــــه متخلّفيــــنْ
هــمْ فـي الأواخــــــــر مولداً وعقـــولهم في الأوليـــــنْ
ب‌) البرلمان والانتخابات
يقول شوقي مخاطباً العمال:
أيـــّها الجـــــــمع لقـــد صـرت من المجلــس قابـــــا
فكن الحــــرّ اخـتـيـاراً وكن الحـــرّ انتخابـــــا
إنّ للقــــــوم لـَعـَيـــْــناً ليس تألوك ارتقابــــــــا
فتوقع أن يقـولـــــــــوا مَن عن العمــــال نابـــا
فتخيّـر كـلّ من شــــــبَّ علـى الصـــــدق وشــــــــابا
واذكــر الأنصــــار بالأمــــس ولا تنس الصـــــحابـا
ح‌) الدستور
تطالب بالحقّ في أمةٍ جرى دمه دونها وانتشر
ولم تفتخر بأساطيلها ولكن بدســـتورها تفتخر
** العدل والاشتراكية
مثلما تحدث شوقي عن الديمقراطية والحرية ممجداً لهما، تحدّث أيضاً عن العدل والاشتراكية والمساواة ممجداً لها، كما تحدّث عن الرأسمالية، وما لها من آثار عميقة في الحكم، وعن المال كيف يرفع هذا ويخفض ذاك، وتشترى به المناصب والمراكز، وتحدث أيضاً عن التجارة التي تبتلى بأقوام جشعين، يخلقون السوق السوداء، ويحتكرون البضائع، ليصبح الشعب فريسة للفقر والجوع والحرمان، وتبقى حفنة من التجار الطامعين في بحبوحة العيش الحرام والمال المسروق (الكيلاني، 1963).
وقد اعتبر الناقد الكبير، رجاء النقاش، أحمد شوقي من المؤمنين بالاشتراكية الديمقراطية، حيث يقول: "كان أحمد شوقي المولود في أحد قصور مصر الكبيرة هو، فيما أعلم، أوّل شاعر عربي، على الإطلاق، يستخدم كلمة الاشتراكية في شعره، وذلك عندما قال عن النبي (ص):
الاشـــتراكيـون أنـــت إمــامـــهم لولا دعاوي القــوم والغلــواءُ
داويــت مـتَّـئـــداً وداووا طفــــرةً وأخفّ من بعض الدواءِ الداءُ
أنصـفت أهل الفقر من أهل الغنى فالكل في حقّ الحياة ســـــواءُ
إن شوقي في هذه الأبيات يدعو إلى الإصلاح ولا يدعو إلى الانقلاب والثورة، وينادي بالاشتراكية التي تحقق العدالة والمساواة بين الناس، ولكن دون عنف أو إسالة دماء " (النقاش، 2003).
وفي هذا السياق، يقول شوقي، في قصيدته التي نظمها عند عودته من منفاه في الأندلس:
أمـــَنْ أكــل الـيتـيـم لـه عقـــــابٌ ومن أكل الفقير فلا عقابا
أصيب مـن التجـــار بكـل ضــار أحدّ من الزمان عليه نابا
يكـــــاد إذا غـــــذاه أو كســـــــاهُ ينازعه الحشاشة والإهابا
وفي قصيدته عن مملكة النحل يقول:
المــــال في أتباعهـــــا لا تســتـبـيـن أثـَــرَهْ
لا يعــــرفـون بينهــــم أصــلاً لـه من ثمره
لو عـــــــرفوه عـرفوا من البــــلاء أكثــره
واتخــــــــذوا نقـــــابةً لأمــــرهم مســـيّرة
ويدعو شوقي إلى العدل والإنصاف في ميدان التربية والتعليم، فيقول:
ربّوا على الإنصاف فتيان الحمى تجدوهمُ كهف الحقوق كــهولا
فهــو الـذي يـبني الطــّباع قويمـة وهو الذي يبني النفوس عدولا
كما يقول في قصيدة "نهج البردة":
اترك رعمسيس إن المُلك مظهره في نهضة العدل في نهضة الهرمِ
** المرأة
اختلفت أشعار شوقي في توجهاته نحو المرأة؛ بين المرحلتين الأولى والثانية في تطور شخصيته وشعره، وإن كان موقفه بوجه عام قد ظلّ قريباً من الاعتدال في الحالين: ففي حين دعا قاسم أمين إلى تحرير المرأة لم يشارك شوقي في تلك الدعوة مخافة أن يغضب القصر، غير أن الوضع اختلف تماماً في المرحلة الثانية حين دعا شوقي دعوة صريحة إلى تحرير المرأة، كما في القصيدة التي قالها في إحدى الحفلات برئاسة السيدة هدى شعراوي:
أو كـــل ما عنــد الرجـــــــال له الخواطب والمهور
والسّـــــــجن في الأكــواخ أو سجنٍ يقال له القصورْ
ومنها:
يا قاســـم انظــر كـــيف ســـار الفكـــر وانتقـــل الشـــــعور
جابـت قضـيــتـك البــــــــــلاد كأنـــها مَثـَــــــل يســــــــــير
وفي قصيدة أخرى حول النساء المتجددات في مصر يقول:
هــــذا رســـــول الـــله لم ينـقـص حقــــوق المؤمنـــــــــاتْ
العـــــــــلم كــــان شــــــــريعة لنســـــــائه المـتفـقهاتْ
رُضْـــنَ التجــــارة والســــياســـة والشــــؤون الأخــــريات
مصــــــرٌ تجـــــدد مجـــــــدها بنســـائها المتجــــددات
النافـــــرات مــن الجــــمود كأنـــه شـــــــبح الممـــــــــــات
هــــل بـيـنـهـنَّ جــــــــــوامدا فـرقٌ وبين الموميـــــــــــات؟
ويعلن شوقي في أكثر من قصيدة استنكاره لاستغلال المرأة من خلال تزويجها بكبار السن، ومن ذلك قوله في قصيدته "عبث المشيب":
المـــال حــلّـل كلّ غير محلّلً حتى زواج الشّيب بالأبكار
وفيما بعد، عارض شوقي الحجاب كما عارض عدم مشاركة المرأة في الحياة العامة، والحياة السياسية والإصلاحات الاجتماعية، وكان للسفور من بعد الحجاب غير قليل من عنايته، كما تبين من قراءة قصيدتيه "بين الحجاب والسفور" و "ملك الكنار"؛ ولعلّ لصورة المرأة الغربية والتركية تأثيراً كبيراً في توجهاته، نحو السفور والحرية، ومن ذلك قصيدته في "كوك صو" بتركيا:
فقل للجانحين إلى حجابٍ أتحجب عن صنيع الله نفـــسُ
إذا لم يستر الأدب الغواني فلا يغـني الحرير ولا الدّمَقْسُ
** معارضة العنف
نغمة الهدوء وعدم العنف هي النغمة الأساسية التي تسود في جميع قصائد شوقي، وهو في جميع الحالات، بل في أشدّها قوة كما في حالات النضال والتحرر الوطني، يلوم الطرف الذي يستخدم العنف، ولا يدعو إلى مقابلة العنف بالعنف إلاّ نادراً. ومن ذلك قوله في رثاء المناضل الليبي عمر المختار:
يا ويحهم نصــبوا منــاراً من دمٍ يوحي إلى جيل الغد البغضاءَ
ما ضــرَّ لو جعلوا العلاقة في غدٍ بيــــن الشعــوب مودّةً وإخاءَ
وقوله في القصيدة نفسها:
دفعوا إلى الجلاّد أغلب ماجداً يأسو الجرح ويطلق الأُُسراءَ
ويشاطر الأقران ذخر سلاحهِ ويصفّ حول خوانه الأعداءَ
واتجاه شوقي إلى التسامح والهدوء وعدم العنف اتجاه مميز لشخصيته، وفي ذلك يتحدث ابنه حسين شوقي، حيث يروي الحادثة الطريفة التالية: "مما زاد في محبّة أبي لسعد باشا (سعد زغلول) تفضل دولته بترشيحه (أحمد شوقي) لمجلس الشيوخ عن دائرة سيناء، وقد اختارها له لأنها مهبط الديانات ومسرى الوحي.. وكذلك لأن هذه الدائرة لا تحتاج إلى نضال حزبي (شوقي،د. ت).
وقد برزت في شعر شوقي، في هذا السياق، معارضته لحوادث الاغتيال ذات الصلة بالتعصب على اختلاف أشكاله؛ فقد كان الاغتيال السياسي في تلك الآونة هو الظاهرة غير السليمة للمعارضة وللتعبير عن الرأي، فحمل شوقي على هذا الداء حملة شعواء، وبيّن أن رسالة الشباب، في ذلك الوقت بالذات، ليست اللعب بالسلاح، وتوجيهه إلى صدور مواطنيهم، وإنما عليهم الجدّ، وتحصيل العلم، والهوادة في المعارضة، يقول شوقي:
أرى مصـر يلـهو بحــدّ الســلاح ويلعب بالنــار ولدانُهــا
وراح بغيــــــــر مجـــال العقولِ يجيل السياســة غلمانُها
وما القـتـل تحيــــا عليـه البـــلاد ولا همة القول عمرانُها
ولكن على الجيش تقوى البـــلاد وبالعـلم تشــتدّ أركــانها
وأيـــن مـن الخــلق حـظّ البــلاد إذا قـتل الشــّيب شـبّانها
والاعتماد على العلم والتعليم، كوسيلة للتغير الاجتماعي، ظاهرة قديمة في الحياة السياسية المصرية، نادى بها محمد عبده وغيره من المصلحين الاجتماعيين؛ وقد برزت هذه الظاهرة في شعر شوقي أيضاً؛ يقول مخاطباً أحمد لطفي السّيد:
لمّـا تلاحى الناس لم تنزل إلى المرعى الوخـــــيمْ
كـم شــاتمٍ قـــــــــابلته بترفّع الأسد الشـتيم
وشغلت نفسك بالخصيب من الجهود عن العقيـــم
فخـدمت بالعـلم البــلاد ولم تزل أوفى خديم
** التعددية واحترام الآخر
تضافرت عدة عوامل على تدعيم الإيمان بالتعددية واحترام الآخر عند شوقي، منها أصله المتعدد الأعراق، ومنها الثقافة الديمقراطية التي استفادها في أثناء دراسته بفرنسا، ومنها أيضاً الحياة السياسية والاجتماعية في مصر حيث تلاقى المسلمون والقبط في تلك الحقبة التاريخية على التحرر من الاستعمار الإنجليزي للبلاد.
ومن مظاهر الإيمان بالتعددية عند شوقي، امتداحه وتمجيده لصفات الرحمة والمحبة الإنسانية في الإنسانية، كما في قوله عن المسيحية:
ولـد الـرفـق عند مولد عيسـى والمروءات والهدى والحياءُ
وسرت آيـة المسـيح كما يسـري من الفجر في الوجـود الضيــــاءُ
لا وعـبدٌ، لا صـولةٌ، لا انتقامٌ لا حسامٌ، لا غزوةٌ، لا دمـاءُ
وهذا موضوع متكرر عند شوقي.
ومن مظاهر الإيمان بالتعددية عنده أيضاً، معارضته للصراعات الحزبية العنيفة، وفرحه بلقاء رجالات الأحزاب في محبة الوطن، كما يتضح من قصيدته "المؤتمر"، ومنها:
بشــــــــرى إلى الوادي تهزّ نباته هــزّ الـربـيـــع مــناكـــب الأدواحِ
التامــت الأحــــــزاب بعد تصدّعٍ وتصــافت الأقــــلام بعـد تلاحــي
سحبت على الأحقـاد أذيال الهوى ومشى على الضغن الوداد الماحي
وجرت أحاديث العتـــــابِ كأنـهـا ســـمـــرٌ على الأوتـــار والأقـداحِ
ترمي بطرفك في المجامع لا ترى غـيـر الـتعـــانق واشـــتباك الـراحِ
وكذلك قوله:
جمع السلام الصحف من غاراتها وتألّف الأحـــزاب والزعماءَ
فــي كــلِّ وجـدانٍ وكـلّ ســـريرة خلف الوداد الحبّ والبغضاءَ
قـلبــي يحدثـنـي ولـيس بخائنــــي أن العـقـول سـتقهٍر الأهــواءَ
وفي مثل معنى البيت السابق وفي الحوار والتعددية يقول:
في الرأي تضطغن العقول وليس تضطغن الصدورْ
ولا ينسى شوقي أن يبرز الجوانب الإيجابية في حياة الآخر، وإعجابه بها، كما في بعض قصائده التي تحدث فيها عن الفرنسيين والإنجليز، حيث يشيد بالعبقري الفرنسي (نابليون) وبعبقري الإنجليز (شكسبير)؛ يقول في قصيده بعنوان شكسبير:
من كــلِّ بيتٍ كــآي الله تسكنه حقيقة من خيــال الشــــعر غرّاءُ
وكل معنىً كعيسى في محاسنه جاءت به من بنات الشعر عذراءُ
قُم أيّـد الحقّ في الدنيا، أليس له كتيبة منك تحت الأرض خرسـاءُ
ولنتذكر إعجابه بفرنسا، حتى في ثورته ضد استعمارها لسورية:
دم الثــّوار تعرفه فرنسا وتعـلم أنـّهُ نــورٌ وحـــقُّ
وحرّرت الشعوب على قناها فكيف على قناها تسترقُّ
** حق تقرير المصير
يمكننا تفسير مواقف شوقي في قصائده تجاه حق تقرير المصير، من خلال مرحلتي التطور اللتين تحدثنا عنهما آنفاً.
ففي المرحلة الأولى – قبل عام 1915- كان شوقي متأثراً بالقصر أشدّ التأثر، وكذلك بالمناخ السياسي العام في مصر، ومن ثمّ فقد كانت الغلبة في قصائده لدعم الأتراك على حساب شعوب البلقان واليونان وغيرها من الشعوب الخاضعة لسيطرتهم، وكان يرى في ثورات تلك الشعوب حرباً ضدّ الإسلام أو الأتراك الذين كان تمجيده لهم متصلاً.
ومن هذه القصائد القصيدة التي يخاطب فيها عبد الحميد ومطلعها:
بسيفك يعلو الحق والحق أغلب وينصر دين الله أيان تضربُ
وقصيدته في عبد الحميد أيضاً ومطلعها:
بحـمد الله رب العالمينا وحـمدك يا أمير المؤمنينا
لقينا في عدوّك ما لقينا لقينا الفتح والنصر المبينا
أما في المرحلة الثانية التي امتاز فيها شعر شوقي بالوطنية المصرية، والوطنية العربية، فقد تجلى فيها دفاع شوقي عن حق تقرير المصير واضحاً وقويّاً، سواء أكان ذلك في الحديث عن مصر أم غيرها من البلدان العربية، وهذه القصائد كثيرة ومشهورة، ومنها قصيدته بعنوان "تكريم" لإطلاق السجناء المصريين حيث يقول:
والله ما دون الجلاء ويومه يوم تسميه الكنانة عيدا
وفي قصيدته عن ثورة سوريا ضدّ الاستعمار الفرنسي حيث يقول:
وللحــــرية الحمراء باب بكل يدٍّ مضرجة يدقُ
بل إن شوقي يفتخر بمواقفه من قضايا التحرر الوطني في الوطن العربي كلّه:
كان شعري الغناء في فرح الشرق وكان العزاء في أحزانه
قد قضـــى الله أن يؤلفــنا الجــرح وأن نلتقي على أشجانــه
كلما أنّ بالعراق جريحٌ لمس الشرق جنبه في عمانـه
والواقع أن أيّاً من الشعراء، لم يكتب، ما كتبه شوقي في دفاعه عن حق تقرير المصير ودعم حركات التحرر الوطني في عصره.
** الأطفال
حَظِِيَ الأطفال باهتمام خاص من شوقي، تجلّى في نظمه عدداً من القصائد والمقطوعات على ألسنة الحيوان، وقصائد تربوية أخرى للأطفال؛ ويتبيّن في هذه القصائد وغيرها من قصائد ديوانه "الشوقيات" حرصه على المعاملة اللطيفة للطفل، وعدم تكليفه ما لا يطيق، واحترام سنّه وقدراته وتنميتها بطريقة سليمة.
ويبرز هذا التوجه واضحاً في قصيدته التي يتحدث فيها عن حماية الجدة للطفل من بطش أبيه، وفيها يؤنب شوقي الأب لتأنيبه الطفل وتهديده له، وذلك بقوله على لسان الجدة:
ألم تكن تفعل ما يفعل إذ أنت صبي؟
ولا ينسى شوقي في موضوعات التربوية الحديث عن الطفل، وضرورة رعاية الوالدين له، كما في قصيدته عن المعلم والتعليم:
ليس اليتيم من انتهى أبواه مـن همّ الحيـــاة وخلّفــــاه ذليلا
فأصاب بالدنيا الحكيمة منهمـا وبحسن تربية الزمان بديلا
إنّ الـيـتـيم هو الـذي تلقـى لــه أُمّاً تخـلـّـَت أو أبــاً مشغولا
وفي محبة الطفل يقول شوقي:
أحبب الطفل وإن لم يك لك إنما الطفل على الأرض مَلَكْ
وفي موضوع الطفل يتحدث منتقداً سوء المعاملة التي تلقاها أحد الطلبة المنتحرين:
لامه الناس وما أظلمهم وقليل من تغاضـى أو غفـرْ
ويقولون جفاءٌ راعــــه من أبٍ أغلظ قلباً من حجـر
وامتحانٌ صعبته وطأة شــدّها في العلم أستاذ نكــر
** الضعاف وذوو الحاجات الخاصة
لم تخل قصائد شوقي من التحدث عن الضعفاء كالأيتام، وذوي الاحتياجات الخاصة، وبخاصة الموهوبين منهم، ومن ذلك قوله مخاطباً المسيح عليه السلام:
عيسـى سبيلك رحمـة ومحبـــــــة في العالمين وعصمة وسلامُ
ما كنت ســفّاك الدمـاء ولا امرءاً هـان الضعاف عليه والأيتامُ
وفي رثائه لعبد الحميد أبي هيف، رجل القانون المعوّق، يقول:
فلمحت أعرج، في زوايا الحقّ لم أعـلم عليــه ذمّةً عرجـــــاءَ
ارتدّت العاهـــات عـن أخلاقـــــه لسموِّهن وحلّت الأعضـــاءَ
عطفته عطف القوس يوم رمايــةٍ وثنته كالماضي فزاد مضاءَ
وكذلك قوله في الشاعر محمود أبي الوفا الذي كان أعرج أيضاً، يدعو إلى مساعدته من أجل تزويده بأطراف صناعية:
البلبل الغـــرد الــذي هــزّ الربـى وشجا الغصون وحرّك الأوراقا
ســبّاق غــايات البيــان جرى بلا ساقٍ فكيف إذا اســـترد الســـاقا
لو يطعـم الطــب الصنــاع بيانــه أو لو يســيغ لمــا يقــول مـــذاقا
غالى بقـيمتـه فلــم يصنـــع لـــــه إلاّ الجــــناح محلِّـقاً خفـّــــــــاقا
** خاتمة
تبيّن مما سبق تعدد الموضوعات التي تضمنتها أشعار شوقي في حقوق الإنسان، من مثل: التسامح الديني، والعدالة، والديمقراطية، وحقوق المرأة والتعددية، وغيرها؛ كما تبيّن أيضاً غزارة النصوص ذات الصلة بهذه الموضوعات بالرغم من اقتصار الدراسة على القصائد التي اشتمل عليها ديوان الشوقيات وحده.
وتبيّن أيضاً أن شوقي كان ابن بيئته وعصره في كل موضوع من الموضوعات التي عالجها، وفي النغمة السائدة التي تم في سياقها تناول تلك الموضوعات أيضاً.
ولا يفوتنا هنا التنبيه إلى أمرين مهمين: أولهما أهمية القيام بدراسات مماثلة حول حقوق الإنسان عند شوقي في مؤلفاته الأخرى من مسرحيات وغيرها، والآخر هو القيام بمثل هذه الدراسات حول حقوق الإنسان في الشعر العربي الحديث بوجه خاص، والشعر العربي بوجه عام.
** المصادر:
1- الجرّ، ع. (1992). أحمد شوقي أمير الشعراء ونغم اللحن والغناء. ط1. بيروت: دار الكتب العلمية.
2- حسين، ط. (1933). حافظ وشوقي. القاهرة.
3- خورشيد، م. (د. ت.) أمير الشعراء شوقي بين العاطفة والتاريخ. ط1. فلسطين: مطبعة بيت المقدس.
4- شرارة، ع. (1969). شوقي شاعر العصر الحديث. ط 13. القاهرة: دار المعارف.
5- شوقي، أ. ( د. ت.) الشوقيات.
6- شوقي، ح. (1947). أبي شوقي. القاهرة: مكتبة النهضة المصرية.
7- الكيلاني، ن. (1963). شوقي في ركب الخالدين. ط1. القاهرة: الشركة العربية للطباعة والنشر.
8- النقاش، ر. (2003).تماثيل العباقرة في ميادين القاهرة. العدد . آب، 20
للمزيد من مواضيعي

عبد الحافظ بخيت متولى 14 / 01 / 2010 56 : 11 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
السرد في مصر
يمر المشهد السردى فى مصر بعدة تحولات غير منهجية تدفع بعجلة السرد وبخاصة عند الشباب الى التخبط احيانا او إلى الاغراق فى الفوضى أحيانا بحجة الحداثة والحساسية الجديدة وهذا يجعل المشهد السردى غائما يفتقر الى التروى والتأمل فى تجارب الآخر فى ظل غياب نقد جاد قادر على ضبط مسار السرد فى مصر وأظن أنه من الأجدر بداية أن أثبّت الكثير من علامات الاستفهام والتعجب حول القيمة الجمالية الإنسانية أولا وأخيرا بالطبع لجملة المشهد السردي الجديد في مصر .. بالتأكيد يبدو أن التخلص النهائي من غريزة تحويل الكائنات والأشياء إلى ( قطيع ) يلزمه تخلص العالم من كائناته الذي يعني تخلصه من نفسه بطبيعة الحال !! ...
كي يتمكن ( المشهد ) من تحقيق مقاصده ينبغي له الحصول على خصوصية ما / هوية منفصلة تميّزه عن مشاهد أخرى قد يتحدث أفرادها بنفس الطريقة وربما ـ وهذا قد يبدو مثيرا للدهشة ـ عن نفس الأشياء ونفس التجارب .. هذه الهوية تتطلب مساحة جغرافية محاصرة بأسلاك شائكة وحرس حدود يؤكدون قدرة العناية الإلهية على حراسة شعوب مذنبة بعدم تمكنها الأزلي من تغيير ما بنفسها !! .. الهوية تتطلب مساحة زمنية محددة هي في حقيقتها غير محددة إطلاقا بسبب عدم قدرة الأحياء ـ وهذا طبيعي جدا ـ الذين يعيشون داخل الجغرافيا السابقة على الاتفاق على بداية واحدة لها أو نهاية واحدة أيضا .. تظل هذه المساحة الزمنية هي فقط ما أشعر به / أحاول فهمه عنها فحسب .. الهوية تتطلب مشروعا محددا تظل فكرته الأصلية هي أساس المعتقد الإنساني لدى فئة من الناس .. تظل هي اليقين والهدف والقيمة التي يكون العمل دائما من أجلها والسير دائما حتى في أشد لحظات الصراع والاختلاف وراءها .. هنا يتحقق ( القطيع ) .. إذن يكتمل ( المشهد ) !! .
في المراحل الزمنية السابقة كان ( المشتغلون بالأدب ) : ( الأكاديميون والنقاد ومحررو الصفحات الأدبية والمبدعون أنفسهم وغيرهم ) كانوا يمارسون وظيفتهم الطبيعية في تثبيت نظريات أدبية تنسجم مع الأيدولوجيا الوطنية تحقيقا لمبدأ الحفاظ على المصلحة العامة الذي لا يختلف عليه أي اثنين وطنيين !! .. لم تكن هذه الوظيفة مجرد استجابة لتعليمات الحكوميين الذين هم أكثر الناس فهما بطبيعة الحال لمتطلبات المرحلة والتحولات التاريخية الشرسة والتحديات الحضارية التي يجب الخروج منها بـ ( ثوابت ويقينيات منتصرة ) !!! .. لم يكن الأمر هكذا فحسب .. كانت هذه الوظيفة أيضا استجابة لمنتج أدبي وفني يشمل كافة الأجناس والأنواع وأشكال التعبير المختلفة التي كانت تحقق نفسها إنطلاقا مما تؤمن به حقا دون أي متاجرة أو استغلال وبصدق بصرف النظر عن كونها تتسق فكريا مع أيدولوجيا الوطن مما جعلها تشارك ـ رغما عنها ـ في مجزرة الثقافة الرسمية ولو بحسن نية .. على جانب آخر كان هناك المنتج الأدبي المختلف والذي امتد أيضا إلى كافة الأجناس والأنواع وأشكال التعبير المختلفة والذي عاش طويلا في عتمة الهامش المنبوذ الغير مرضي عنه والذي لم يكن هناك حاجة أو أهمية للاشتغال عليه ومعالجته تنظيريا كي يتم اعتقاله داخل الأيدولوجيا الرسمية طالما أن محاربته وإقصاءه يتمان تلقائيا وببراعة غبية وساذجة للغاية شجعت بشكل عكسي على تثبيت الثقافة المضادة لوجودها وتطوير أدبياتها الأمر الذي سيتجلى بوضوح تام ـ رغم كونه إحدى الممارسات التي تنفذ مهزلة الوجود أولا وأخيرا ـ مع تعاقب سنوات الألفية الثالثة .
منذ ربع قرن وحتى اللحظة الراهنة أثبت المشتغلون بالأدب بدرجة كبيرة أن النظرية الأدبية هي بالأساس احتياج غريزي أكثر من كونها أيدولوجيا فحسب .. أن إخضاع الحياة إلى نظام / سلطة / مسارات محددة لحركة الوعي هو استجابة منطقية لغياب الثابت المثالي والنهائي / الوصفة الأكيدة لتحقق الإنسان بصفته فردا يجابه نواقص وجوده وكذلك بصفته حاملا لهموم الجماعة البشرية التي ينتمي إليها .. منذ ربع قرن وحتى اللحظة الراهنة ومع انهيار ما كان يسمى بالثقافة الرسمية وتحطم أسطورة أيدولوجيا الوطن الهشّة في مقابل صعود الثقافة المضادة وخروجها من الهامش إلى الفراغ الذي خلّفه موت المشروع الحضاري مع بدايات السياسة العالمية الجديدة ولم يتوقف المشتغلون بالأدب عن ممارسة اللعبة الأزلية في تخصيص خنادق للأفكار / تأملات الإنسان في بشاعة المأزق الذي يعيشه في مكان ما وخلال فترة زمنية معينة مختبرا المعنى الكلي للوجود نفسه ومتخلصا من الاعتراف والإيمان بأي ثوابت أو يقينيات تعطّل تساؤلاته تجاه الحكمة !! .. تخصيص خنادق لما لا يصلح للتخصيص ولا للعيش في خنادق !! .
لأن الثقافة المضادة لم تكن أيدولوجيا ولا مشروعا ولا حتى صيغة للتوافق بين أشلاء المجتمع الواحد أو الوطن الواحد أو ماشابه .. لأنها لم تكن كذلك فهي لم تتحول إلى ثقافة رسمية بل إلى حالة إنسانية عامة شرسة كانت هي البديل الحقيقي والمنطقي لبالون القيم الممزق .. البديل الذي كان حاضرا طوال الوقت وإن تغيرت مواقع وأشكال وجوده والذي كان ( السرد ) بالتأكيد أحد نتائجه الهامة .
السرد الجديد في مصر إذن هو بمثابة توثيق متجدد للخيانة الكامنة في أقرب الأشياء وأكثرها انتماء للذات .. اكتشاف دائم ومحاكمة مستمرة للجريمة المتنقلة عبر الزمن المسماة الحياة .. الاحتفاء الأقرب إلى مراقبة الاحتضار بالتفاصيل الحميمة للقسوة حيث لا يوجد قانون يروّض الشك والفزع في كل ما تجلبه الحواس العادية إلى الروح المحبوسة في حجرة التعذيب المسماة الجسد .. إنتاج تاريخ من جماليات اللاجدوى وعدم الفهم والقلق ونفي التقديس عن كل معرفة والرعب من غياب أي تأكيدات عن المصير النهائي .
أتصور إذن أن المشهد السردي الجديد في مصر لا يختلف مع أي مشهد سردي آخر يحمل نفس الهزائم ونفس الأرق والهموم ويمر بنفس الكارثة والتي لا تعني مسألة ( الهوية ) فيها أكثر من أمانة أبناء هذا المشهد أو ذاك في التعبير الصادق عن تجاربهم الشخصية والتي هي بالطبع تجربة العالم نفسه .. تجربة الذهول وعدم تصديق أن الأشياء تحدث بهذه الطريقة الكابوسية وليست تجربة خدمة المطلقات أو الشعارات الزائفة .
مرة أخرى أجد أن فكرة ( تجاوز المنجز السردي السابق ) هي أداة من أدوات تحقق ( القطيع ) حيث تفترض هذه الفكرة أن للكتابة هاجس أساسي ومستقل بانفصال تام عن موضوعها كتأمل إنساني واستدعاء هدف آخر لها بأن تصبح سباقا ومنافسة على تحقيق ( جودة ) أعلى مما حققها ( الآخرون ) !!! .. لماذا لا نفكر في أن قضية ( التجاوز ) هي حدث يتم تلقائيا وبشكل حتمي ومنطقي جدا دون أي قصد أو تعمد من أحد ؟! .. أنه حينما يكتب الإنسان نفسه وحياته والعالم كما يشعر به حقيقة وكما يفكر فيه بصدق فهو هكذا حقق ( اختلافه ) مع الآخر الذي قد يسبقه أو يجاوره أو يخلفه زمنيا ؟! .. أن ( التجاوز ) ليس وصفة للتفوق أو للتعالي على ما أنجزه الآخرون وإنما هو استجابة بديهية لضرورة أن تكون نفسك وليس أي أحد آخر .. أن تكون أمينا وصادقا في التماهي مع تجربتك الخاصة بصرف النظر عن موقعها أو تأثيرها داخل ( القطيع ) .. داخل سياق ( المشهد ) ؟!! .

د. ناصر شافعي 16 / 01 / 2010 34 : 02 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر :
( 1 ) أحمد شوقي.. أمير الشعراء

http://www.nooreladab.com/vb/attachm...1&d=1263593962
المولد والنشأة
ولد أحمد شوقي بحي الحنفي بالقاهرة في (20 من رجب 1287 هـ = 16 من أكتوبر 1870م) لأب شركسي وأم من أصول يونانية، وكانت جدته لأمه تعمل وصيفة في قصر الخديوي إسماعيل، وعلى جانب من الغنى والثراء، فتكفلت بتربية حفيدها ونشأ معها في القصر، ولما بلغ الرابعة من عمره التحق بكُتّاب الشيخ صالح، فحفظ قدرًا من القرآن وتعلّم مبادئ القراءة والكتابة، ثم التحق بمدرسة المبتديان الابتدائية، وأظهر فيها نبوغًا واضحًا كوفئ عليه بإعفائه من مصروفات المدرسة، وانكب على دواوين فحول الشعراء حفظًا واستظهارًا، فبدأ الشعر يجري على لسانه.

وبعد أن أنهى تعليمه بالمدرسة وهو في الخامسة عشرة من عمره التحق بمدرسة الحقوق سنة (1303هـ = 1885م)، وانتسب إلى قسم الترجمة الذي قد أنشئ بها حديثًا، وفي هذه الفترة بدأت موهبته الشعرية تلفت نظر أستاذه الشيخ "محمد البسيوني"، ورأى فيه مشروع شاعر كبير، فشجّعه، وكان الشيخ بسيوني يُدّرس البلاغة في مدرسة الحقوق ويُنظِّم الشعر في مدح الخديوي توفيق في المناسبات، وبلغ من إعجابه بموهبة تلميذه أنه كان يعرض عليه قصائده قبل أن ينشرها في جريدة الوقائع المصرية، وأنه أثنى عليه في حضرة الخديوي، وأفهمه أنه جدير بالرعاية، وهو ما جعل الخديوي يدعوه لمقابلته.

وبعد عامين من الدراسة تخرّج من المدرسة، والتحق بقصر الخديوي توفيق، الذي ما لبث أن أرسله على نفقته الخاصة إلى فرنسا، فالتحق بجامعة "مونبلييه" لمدة عامين لدراسة القانون، ثم انتقل إلى جامعة باريس لاستكمال دراسته حتى حصل على إجازة الحقوق سنة (1311هـ = 1893م)، ثم مكث أربعة أشهر قبل أن يغادر فرنسا في دراسة الأدب الفرنسي دراسة جيدة ومطالعة إنتاج كبار الكتاب والشعر.
عاد شوقي إلى مصر فوجد الخديوي عباس حلمي يجلس على عرش مصر، فعيّنه بقسم الترجمة في القصر، ثم ما لم لبث أن توثَّقت علاقته بالخديوي الذي رأى في شعره عونًا له في صراعه مع الإنجليز، فقرَّبه إليه بعد أن ارتفعت منزلته عنده، وخصَّه الشاعر العظيم بمدائحه في غدوه ورواحه، وظل شوقي يعمل في القصر حتى خلع الإنجليز عباس الثاني عن عرش مصر، وأعلنوا الحماية عليها سنة (1941م)، وولّوا حسين كامل سلطنة مصر، وطلبوا من الشاعر مغادرة البلاد، فاختار النفي إلى برشلونة في إسبانيا، وأقام مع أسرته في دار جميلة تطل على البحر المتوسط.

شعره في هذه الفترة
ودار شعر شوقي في هذه الفترة التي سبقت نفيه حول المديح؛ حيث غمر الخديوي عباس حلمي بمدائحه والدفاع عنه، وهجاء أعدائه، ولم يترك مناسبة إلا قدَّم فيها مدحه وتهنئته له، منذ أن جلس على عرش مصر حتى خُلع من الحكم، ويمتلئ الديوان بقصائد كثيرة من هذا الغرض.
ووقف شوقي مع الخديوي عباس حلمي في صراعه مع الإنجليز ومع من يوالونهم، لا نقمة على المحتلين فحسب، بل رعاية ودفاعًا عن ولي نعمته كذلك، فهاجم رياض باشا رئيس النُظّار حين ألقى خطابًا أثنى فيه على الإنجليز وأشاد بفضلهم على مصر، وقد هجاه شوقي بقصيدة عنيفة جاء فيها:

غمرت القوم إطراءً وحمـدًا وهم غمروك بالنعم الجسـام
خطبت فكنت خطبًا لا خطيبًا أضيف إلى مصائبنا العظـام
لهجت بالاحتلال ومـا أتـاه وجرحك منه لو أحسست دام

وبلغ من تشيعه للقصر وارتباطه بالخديوي أنه ذمَّ أحمد عرابي وهجاه بقصيدة موجعة، ولم يرث صديقه مصطفى كامل إلا بعد فترة، وكانت قد انقطعت علاقته بالخديوي بعد أن رفع الأخير يده عن مساندة الحركة الوطنية بعد سياسة الوفاق بين الإنجليز والقصر الملكي؛ ولذلك تأخر رثاء شوقي بعد أن استوثق من عدم إغضاب الخديوي، وجاء رثاؤه لمصطفى كامل شديد اللوعة صادق الأحزان، قوي الرنين، بديع السبك والنظم، وإن خلت قصيدته من الحديث عن زعامة مصطفى كامل وجهاده ضد المستعمر، ومطلع القصيدة:

المشرقـان علـيـك ينتحـبـا نقاصيهمـا فـي مأتـم والــدان
يا خادم الإسـلام أجـر مجاهـد في الله من خلد ومـن رضـوان
لمّا نُعيت إلى الحجاز مشى الأسىفـي الزائريـن وروّع الحرمـان

وارتبط شوقي بدولة الخلافة العثمانية ارتباطًا وثيقًا، وكانت مصر تابعة لها، فأكثر من مدح سلطانها عبد الحميد الثاني؛ داعيًا المسلمين إلى الالتفات حولها؛ لأنها الرابطة التي تربطهم وتشد من أزرهم، فيقول:

أما الخلافة فهي حائط بيتكم حتى يبين الحشر عن أهواله
لا تسمعوا للمرجفين وجهلهم فمصيبة الإسلام من جُهّالـه

ولما انتصرت الدولة العثمانية في حربها مع اليونان سنة (1315هـ = 1887م) كتب مطولة عظيمة بعنوان "صدى الحرب"، أشاد فيها بانتصارات السلطان العثماني، واستهلها بقوله:

بسيفك يعلو والحق أغلـبو ينصر دين الله أيان تضرب
وهي مطولة تشبه الملاحم، وقد قسمها إلى أجزاء كأنها الأناشيد في ملحمة، فجزء تحت عنوان "أبوة أمير المؤمنين"، وآخر عن "الجلوس الأسعد"، وثالث بعنوان "حلم عظيم وبطش أعظم". ويبكي سقوط عبد الحميد الثاني في انقلاب قام به جماعة الاتحاد والترقي، فينظم رائعة من روائعه العثمانية التي بعنوان "الانقلاب العثماني وسقوط السلطان عبد الحميد"، وقد استهلها بقوله:
سل يلدزا ذات القصورهل جاءها نبأ البـدور
لبكتك بالدمع الغزيرلو تستطيع إجابـة

ولم تكن صلة شوقي بالترك صلة رحم ولا ممالأة لأميره فحسب، وإنما كانت صلة في الله، فقد كان السلطان العثماني خليفة المسلمين، ووجوده يكفل وحدة البلاد الإسلامية ويلم شتاتها، ولم يكن هذا إيمان شوقي وحده، بل كان إيمان كثير من الزعماء المصريين.
وفي هذه الفترة نظم إسلامياته الرائعة، وتعد قصائده في مدح الرسول (صلى الله عليه وسلم) من أبدع شعره قوة في النظم، وصدقًا في العاطفة، وجمالاً في التصوير، وتجديدًا في الموضوع، ومن أشهر قصائده "نهج البردة" التي عارض فيها البوصيري في بردته، وحسبك أن يعجب بها شيخ الجامع الأزهر آنذاك محدث العصر الشيخ "سليم البشري" فينهض لشرحها وبيانها. يقول في مطلع القصيدة:

ريم على القاع بين البان والعلـم أحل سفك دمي في الأشهر الحرم
ومن أبياتها في الرد على مزاعم المستشرقين الذين يدعون أن الإسلام انتشر بحد السيف:
قالوا غزوت ورسل الله ما بعث والقتل نفس ولا جاءوا لسفـك دم
جهل وتضليل أحلام وسفسطـة فتحت بالسيف بعد الفتح بالقلـم

ويلحق بنهج البردة قصائد أخرى، مثل: الهمزية النبوية، وهي معارضة أيضًا للبوصيري، وقصيدة ذكرى المولد التي مطلعها:
سلوا قلبي غداة سلا وتابا لعل على الجمال له عتابًا
كما اتجه شوقي إلى الحكاية على لسان الحيوان، وبدأ في نظم هذا الجنس الأدبي منذ أن كان طالبًا في فرنسا؛ ليتخذ منه وسيلة فنية يبث من خلالها نوازعه الأخلاقية والوطنية والاجتماعية، ويوقظ الإحساس بين مواطنيه بمآسي الاستعمار ومكائده.
وقد صاغ شوقي هذه الحكايات بأسلوب سهل جذاب، وبلغ عدد تلك الحكايات 56 حكاية، نُشرت أول واحدة منها في جريدة "الأهرام" سنة (1310هـ = 1892م)، وكانت بعنوان "الهندي والدجاج"، وفيها يرمز بالهندي لقوات الاحتلال وبالدجاج لمصر.

النفي إلى إسبانيا
وفي الفترة التي قضاها شوقي في إسبانيا تعلم لغتها، وأنفق وقته في قراءة كتب التاريخ، خاصة تاريخ الأندلس، وعكف على قراءة عيون الأدب العربي قراءة متأنية، وزار آثار المسلمين وحضارتهم في إشبيلية وقرطبة وغرناطة.
وأثمرت هذه القراءات أن نظم شوقي أرجوزته "دول العرب وعظماء الإسلام"، وهي تضم 1400 بيت موزعة على (24) قصيدة، تحكي تاريخ المسلمين منذ عهد النبوة والخلافة الراشدة، على أنها رغم ضخامتها أقرب إلى الشعر التعليمي، وقد نُشرت بعد وفاته.
وفي المنفى اشتد به الحنين إلى الوطن وطال به الاشتياق وملك عليه جوارحه وأنفاسه. ولم يجد من سلوى سوى شعره يبثه لواعج نفسه وخطرات قلبه، وظفر الشعر العربي بقصائد تعد من روائع الشعر صدقًا في العاطفة وجمالاً في التصوير، لعل أشهرها قصيدته التي بعنوان "الرحلة إلى الأندلس"، وهي معارضة لقصيدة البحتري التي يصف فيها إيوان كسرى، ومطلعها:

صنت نفسي عما يدنس نفسي وترفعت عن جدا كل جبـس

وقد بلغت قصيدة شوقي (110) أبيات تحدّث فيها عن مصر ومعالمها، وبثَّ حنينه وشوقه إلى رؤيتها، كما تناول الأندلس وآثارها الخالدة وزوال دول المسلمين بها، ومن أبيات القصيدة التي تعبر عن ذروة حنينه إلى مصر قوله:

أحرام على بلابلـه الـدوح حلال للطير من كـل جنـس
وطني لو شُغلت بالخلد عنـه نازعتني إليه في الخلد نفسي
شهد الله لم يغب عن جفوني شخصه ساعة ولم يخل حسي

العودة إلى الوطن
أحمد شوقي و سعد زغلول
عاد شوقي إلى الوطن في سنة (1339هـ = 1920م)، واستقبله الشعب استقبالاً رائعًا واحتشد الآلاف لتحيته، وكان على رأس مستقبليه الشاعر الكبير "حافظ إبراهيم"، وجاءت عودته بعد أن قويت الحركة الوطنية واشتد عودها بعد ثورة 1919م، وتخضبت أرض الوطن بدماء الشهداء، فمال شوقي إلى جانب الشعب، وتغنَّى في شعره بعواطف قومه وعبّر عن آمالهم في التحرر والاستقلال والنظام النيابي والتعليم، ولم يترك مناسبة وطنية إلا سجّل فيها مشاعر الوطن وما يجيش في صدور أبنائه من آمال.
لقد انقطعت علاقته بالقصر واسترد الطائر المغرد حريته، وخرج من القفص الذهبي، وأصبح شاعر الشعب المصري وترجمانه الأمين، فحين يرى زعماء الأحزاب وصحفها يتناحرون فيما بينهم، والمحتل الإنجليزي لا يزال جاثم على صدر الوطن، يصيح فيهم قائلاً:

إلام الخلـف بينكـم إلامـا؟ وهذي الضجة الكبرى علاما؟
وفيم يكيـد بعضكـم لبعـض وتبدون العداوة والخصامـا؟
وأين الفوز؟ لا مصر استقرت على حال ولا السودان دامـا

ورأى في التاريخ الفرعوني وأمجاده ما يثير أبناء الشعب ويدفعهم إلى الأمام والتحرر، فنظم قصائد عن النيل والأهرام وأبي الهول. ولما اكتشفت مقبرة توت عنخ أمون وقف العالم مندهشًا أمام آثارها المبهرة، ورأى شوقي في ذلك فرصة للتغني بأمجاد مصر؛ حتى يُحرِّك في النفوس الأمل ويدفعها إلى الرقي والطموح، فنظم قصيدة رائعة مطلعها:

قفي يا أخت يوشع خبرينا أحاديث القرون الغابرينـا
وقصي من مصارعهم علينا ومن دولاتهم مـا تعلمينـا

وامتد شعر شوقي بأجنحته ليعبر عن آمال العرب وقضاياهم ومعاركهم ضد المستعمر، فنظم في "نكبة دمشق" وفي "نكبة بيروت" وفي ذكرى استقلال سوريا وذكرى شهدائها، ومن أبدع شعره قصيدته في "نكبة دمشق" التي سجّل فيها أحداث الثورة التي اشتعلت في دمشق ضد الاحتلال الفرنسي، ومنها:
بني سوريّة اطرحوا الأماني وألقوا عنكم الأحلام ألقـوا
وقفتم بين مـوت أو حيـاة فإن رمتم نعيم الدهر فاشقوا

ولم تشغله قضايا وطنه عن متابعة أخبار دولة الخلافة العثمانية، فقد كان لها محبًا عن شعور صادق وإيمان جازم بأهميتها في حفظ رابطة العالم الإسلامي، وتقوية الأواصر بين شعوبه، حتى إذا أعلن "مصطفى كمال أتاتورك" إلغاء الخلافة سنة 1924 وقع الخبر عليه كالصاعقة، ورثاها رثاءً صادقًا في قصيدة مبكية مطلعها:

عادت أغاني العرس رجع نواح ونعيت بيـن معالـم الأفـراح
كُفنت في ليل الزفـاف بثوبـه ودفنت عنـد تبلـج الإصبـاح
ضجت عليـك مـآذن ومنابـر وبكت عليـك ممالـك ونـواح
الهند والهـة ومصـر حزينـة تبكي عليـك بمدمـع سحَّـاح

إمارة الشعر
أصبح شوقي بعد عودته شاعر الأمة المُعبر عن قضاياها، لا تفوته مناسبة وطنية إلا شارك فيها بشعره، وقابلته الأمة بكل تقدير وأنزلته منزلة عالية، وبايعه شعراؤها بإمارة الشعر سنة (1346هـ = 1927م) في حفل أقيم بدار الأوبرا بمناسبة اختياره عضوًا في مجلس الشيوخ، وقيامه بإعادة طبع ديوانه "الشوقيات". وقد حضر الحفل وفود من أدباء العالم العربي وشعرائه، وأعلن حافظ إبراهيم باسمهم مبايعته بإمارة الشعر قائلاً:

بلابل وادي النيل بالشرق اسجعي بشعر أميـر الدولتيـن ورجِّعـي
أعيدي على الأسماع ما غردت به براعة شوقي في ابتداء ومقطـع
أمير القوافي قـد أتيـت مبايعًـا وهذي وفود الشرق قد بايعت معي

مسرحيات شوقي
بلغ أحمد شوقي قمة مجده، وأحس أنه قد حقق كل أمانيه بعد أن بايعه شعراء العرب بإمارة الشعر، فبدأ يتجه إلى فن المسرحية الشعرية، وكان قد بدأ في ذلك أثناء إقامته في فرنسا لكنه عدل عنه إلى فن القصيد.
وأخذ ينشر على الناس مسرحياته الشعرية الرائعة، استمد اثنتين منها من التاريخ المصري القديم، وهما: "مصرع كليوباترا" و"قمبيز"، والأولى منهما هي أولى مسرحياته ظهورًا، وواحدة من التاريخ الإسلامي هي "مجنون ليلى"، ومثلها من التاريخ العربي القديم هي "عنترة"، وأخرى من التاريخ المصري العثماني وهي "علي بك الكبير"، وله مسرحيتان هزليتان، هما: "الست هدي"، و"البخيلة".
ولأمر غير معلوم كتب مسرحية "أميرة الأندلس" نثرًا، مع أن بطلها أو أحد أبطالها البارزين هو الشاعر المعتمد بن عباد.
وقد غلب الطابع الغنائي والأخلاقي على مسرحياته، وضعف الطابع الدرامي، وكانت الحركة المسرحية بطيئة لشدة طول أجزاء كثيرة من الحوار، غير أن هذه المآخذ لا تُفقِد مسرحيات شوقي قيمتها الشعرية الغنائية، ولا تنفي عنها كونها ركيزة الشعر الدرامي في الأدب العربي الحديث.

مكانة شوقي
منح الله شوقي موهبة شعرية فذة، وبديهة سيالة، لا يجد عناء في نظم القصيدة، فدائمًا كانت المعاني تنثال عليه انثيالاً وكأنها المطر الهطول، يغمغم بالشعر ماشيًا أو جالسًا بين أصحابه، حاضرًا بينهم بشخصه غائبًا عنهم بفكره؛ ولهذا كان من أخصب شعراء العربية؛ إذ بلغ نتاجه الشعري ما يتجاوز ثلاثة وعشرين ألف بيت وخمسمائة بيت، ولعل هذا الرقم لم يبلغه شاعر عربي قديم أو حديث.
وكان شوقي مثقفًا ثقافة متنوعة الجوانب، فقد انكب على قراءة الشعر العربي في عصور ازدهاره، وصحب كبار شعرائه، وأدام النظر في مطالعة كتب اللغة والأدب، وكان ذا حافظة لاقطة لا تجد عناء في استظهار ما تقرأ؛ حتى قيل بأنه كان يحفظ أبوابًا كاملة من بعض المعاجم، وكان مغرمًا بالتاريخ يشهد على ذلك قصائده التي لا تخلو من إشارات تاريخية لا يعرفها إلا المتعمقون في دراسة التاريخ، وتدل رائعته الكبرى "كبار الحوادث في وادي النيل" التي نظمها وهو في شرخ الشباب على بصره بالتاريخ قديمه وحديثه.
وكان ذا حس لغوي مرهف وفطرة موسيقية بارعة في اختيار الألفاظ التي تتألف مع بعضها لتحدث النغم الذي يثير الطرب ويجذب الأسماع، فجاء شعره لحنًا صافيًا ونغمًا رائعًا لم تعرفه العربية إلا لقلة قليلة من فحول الشعراء.
وإلى جانب ثقافته العربية كان متقنًا للفرنسية التي مكنته من الاطلاع على آدابها والنهل من فنونها والتأثر بشعرائها، وهذا ما ظهر في بعض نتاجه وما استحدثه في العربية من كتابة المسرحية الشعرية لأول مرة.

وقد نظم الشعر العربي في كل أغراضه من مديح ورثاء وغزل، ووصف وحكمة، وله في ذلك أوابد رائعة ترفعه إلى قمة الشعر العربي، وله آثار نثرية كتبها في مطلع حياته الأدبية، مثل: "عذراء الهند"، ورواية "لادياس"، و"ورقة الآس"، و"أسواق الذهب"، وقد حاكى فيه كتاب "أطواق الذهب" للزمخشري، وما يشيع فيه من وعظ في عبارات مسجوعة.

وقد جمع شوقي شعره الغنائي في ديوان سماه "الشوقيات"، ثم قام الدكتور محمد صبري السربوني بجمع الأشعار التي لم يضمها ديوانه، وصنع منها ديوانًا جديدًا في مجلدين أطلق عليه "الشوقيات المجهولة".

وفاته
ظل شوقي محل تقدير الناس وموضع إعجابهم ولسان حالهم، حتى إن الموت فاجأه بعد فراغه من نظم قصيدة طويلة يحيي بها مشروع القرش الذي نهض به شباب مصر، وفاضت روحه الكريمة في (13 من جمادى الآخرة = 14 من أكتوبر 1932م).
( منقول )

د. ناصر شافعي 16 / 01 / 2010 42 : 02 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر
(2 ) طه حسين
عميد الأدب العربي

http://www.nooreladab.com/vb/attachm...1&d=1263595238

شاء الله أن يحرم الأديب من نعمة البصر .. ولكن أنعم الله عليه بنعمة الخيال و البصيرة و الكلمة الحكيمة العالية الرفيعة .. طفل القرية الكفيف العليل أصبح عميداً للأدب العربي .

طه حسين هو عميد الأدب العربي وصاحب البصمة الكبرى في الثقافة العربية استطاع أن يقهر الظلام ويتغلب على إعاقته ليصل إلي ارفع المناصب ويحتل قمة الأدب العربي رغم ما تعرض له من انتقادات بسبب آراءه وكتاباته .

ولد طه حسين عام 1889 ، وعاش طفولته الباكرة في إحدى قرى الريف المصري وكان فاقداً لبصره . ثم انتقل إلى الأزهر للدراسة ، ولم يوفق فيه، فتحول إلى الجامعة المصرية ، وحصل منها على الشهادة الجامعية ، ثم دفعه طموحه لإتمام دراساته العليا في باريس ، وبالرغم من اعتراضات مجلس البعثات الكثيرة ، إلا انه أعاد تقديم طلبه ثلاث مرات ، ونجح في نهاية المطاف في الحصول على شهادة الدكتوراه من جامعة السوربون بفرنسا .

بعد عودته إلي مصر ، أنتج أعمالاً كثيرة قيمة ؛ منها على هامش السيرة ، والأيام ، ومستقبل الثقافة في مصر ، ودعاء الكروان ، ومن أدبنا المعاصر ، والوعد الحق ، والمعذبون في الأرض ، وكتاب في الشعر الجاهلي ، والفتنة الكبرى وغيرها.

وفاة عميد الادب العربي (طه حسين)
توفي الدكتور طه حسين عميد الأدب العربي في يوم 28 اكتوبر عام 1973 وأول عربي يحصل على الدكتوراه. وكان أول وزير عربي للتربية ينقل مبدأ إلزامية ومجانية التعليم إلى الوطن العربي..
وقد تعرض لانتقادات وخاض حروبا كثيرة بسبب آراءه وأفكاره وهو يعتبر بحق "عميد الأدب العربي" نظراً لتأثيره الواضح على الثقافة المصرية والعربية.

د. ناصر شافعي 16 / 01 / 2010 20 : 03 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر
( 3 ) نجيب محفوظ
أديب نوبل .. و عميد الرواية العربية

http://www.nooreladab.com/vb/attachm...1&d=1263597409

نجيب محفوظ عميد الرواية العربية هو نجيب محفوظ بن عبد العزيز بن إبراهيم بن أحمد باشا. فاسمه المفرد مركب من اسمين تقديراً -من والده- للطبيب العالمى الراحل نجيب محفوظ الذى أشرف على ولادته. روائي مصري حائز على جائزة نوبل في الآداب عام 1988. ولد في11 ديسمبر 1911 م في القاهرة، وحصل على ليسانس الآداب قسم الفلسفة من جامعة القاهرة وتدرج بالوظائف الحكومية حتى عمل مديرا عاما للرقابة على المصنفات الفنية عام 1959.
أتم دراسته الإبتدائية والثانوية و عمره 18 سنة وهذا مؤشر على نجابته إذ كان الحصول على شهادة الدراسة الثانوية في هذه السن وفي ذلك الوقت يعتبر علامة بارزة على ذكائه. وقد التحق بالجامعة سنة 1930 ثم حصل على الليسانس في الفلسفة.يعد نجيب محفوظ من الادباء العباقرة في مجال الرواية وقد وهب حياته كلها لهذا العمل، كما انه يتميز بالقدرة الكبيرة على التفاعل مع القضايا المحيطة به، واعادة انتاجها على شكل ادب يربط الناس بما يحصل في المراحل العامة التي عاشتها مصر. يتميز اسلوب محفوظ بالبساطة، والقرب من الناس كلهم، لذلك اصبح بحق الروائي العربي الاكثر شعبية
رغم إن نجيب قد انخرط في عدة أعمال إلا أن العمل الذي التهم حياته هو الكتابة. فقد كتب في مجلة الرسالة قصصا صغيرة، وأثناء ذلك كان يبحث عن مقومات فنه، ويشق طريقه بخطوات ثابته.
ترجمت معظم أعماله إلى جميع اللغات العالمية وحصل على جائزة الدولة التشجيعية في الروايةعام 1959
الأعمال الأدبية :
بدأ نجيب محفوظ بكتابة الرواية التاريخية ثم الرواية الأجتماعية. وتزيد مؤلفاته على 50 مؤلفاً. و ترجمعت معظم أعماله لجميع لغات العالم .. وله العديد من المقالات الفكرية و الأدبية و السياسية .. ومن مؤلّفاته الروائية و القصصية :
• الطريق
•السمان والخريف .
•بدايه ونهاية
•تحت المظلة
•همس الجنون
.•زقاق المدق 1947
•رواية ثرثرة علي النيل
. بين القصرين 1956
. قصر الشوق 1957
. السكرية 1957
•أولاد حارتنا
•اللص والكلاب 1961

د. ناصر شافعي 16 / 01 / 2010 48 : 03 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
محمد تيمور
رائد القصة القصيرة و المسرح في العالم العربي
رائد التحديث الأدبي .. شكسبير العرب

http://www.nooreladab.com/vb/attachm...1&d=1263599024

محمد تيمور (1892 - 1921م)
ابن أحمد تيمور باشا، ومن مؤسسي الأدب القصصي والمسرحي في العالم العربي.
سافر إلى باريس لدراسة القانون، غير أنه عاد منها إلى القاهرة مع اشتعال الحرب العالمية الأولى عام 1914م، وانصرف منذ ذلك الحين إلى كتابة القصص والمسرحيات، متأثراً فيها بالمذهب الواقعي. اشترك في تأسيس ((جمعية أنصار التمثيل)) ومثلت له على المسرح عدة كوميديات اجتماعية، مثل:"العصفور في القفص" و"الهاوية" وأوبريت "العشرة الطيبة" التي لحنها سيد درويش. وله مجموعة من القصص القصيرة بعنوان ((ما تراه العيون)).

نشأ في أسرة عريقة على خلفية أدبية واسعة وعلم وجاه، رحل إلى برلين لدراسة الطب لكن حبه وشغفه بالأدب جعلاه يهاجر إلى فرنسا ليطلع على الأدب الأوربي عموما والأدب الفرنسي خصوصا اللذان تركا الأثر الكبير في حياته وعلى قصصه وأعماله, ليعود إلى مصر بعد ثلاث سنوات عام 1914 فألف فرقة تمثيلية عائلية ووضع مسرحيات.

نهض بسوية المسرح المصري من خلال مقالاته النقدية واقتراحاته التي استخدمها بالتأثير الكبير للمسرح الفرنسي, علاقته القوية بأخيه الأصغر- الكاتب ورائد القصة المصرية محمود تيمور- وقربه منه كانت كقرب الجفن من العين حيث كان محمود يعتبر أخاه الأكبر مثله الأعلى وخير مرشد له من خلال التمسك بنصائحه وتوجيهاته وآرائه السديدة بما يملكه من ثقافة واسعة وبعد النظر وحكمة للرأي, حتى إن محمود تأثر به في كتاباته باتجاهه نحو المذهب الواقعي في الكتابة القصصية وألف مجموعته القصصية الأولى على غرارها.

كتاباته
شكلت كتابات محمد القصصية والمسرحية والشعرية والفكرية منظومة إبداعية متكاملة في مجال تحديث الأدب والفكر العربي حتى أن بعض المؤلفين قسموا الحياة الأدبية إلى عصرين هما عصر ما قبل تيمور وعصر ما بعد تيمور، فكانت كتاباته هي البداية الحقيقية للأدب العصري الحديث وبرع أيضا في مجال القصة بوعي بناء فني ومضمون فكري وإرساء تقاليد القصة القصيرة باعتماده على موهبته الفذة وحسه الفني وثقافته الواسعة والسنين التي أمضاها في ربوع أوروبا بالإضافة إلى التحامه مع قضايا مجتمعه المصري فلم تكن إبداعاته محاكاة شكلية لأنماط الأدب الغربي بل كانت وسيلة لتوظيفها بتجسيد بلورة المضامين التي تهم أبناء شعبه.
يبرز وعي محمد المبكر بتقنيات القصة القصيرة فوقتها لم يكن لفن القصة وحتى الرواية أية تقاليد سابقة في الأدب العربي وربما مواكبته لانجازات رواد القصة كإدجار ألان بو وتشيكوف ومعاصرته لارنست همنغواي التأثير الكبير لوضع القواعد الأساسية للقصة، عمل كمترجم خاص لمحمد علي باشا.

ريادته في المسرح:
بدأت ريادة محمد في المسرح بمسرحية العصفور في القفص عام 1918 حتى مسرحية الهاوية 1921 بأسلوب تحديثي للأدب المصري وبفن المسرحية القومية الأصيلة فلم يكن يلجأ للاقتباس أو الرجوع للتاريخ والتراث كما كان يفعل غيره. جمع بين قراءة التراث العالمي في فنون القصة والمسرحية وبين قراءة الحياة المعاصرة بكل قضاياها وصراعاتها وتفاعلاتها ولعل أهم قضية أو القضايا التي تعامل معه في مسرحياته مفهوم الأسرة والعلاقات الجنسية العاطفية التي يجب النظر إليها في ضوء علمي وموضوعي وعالجها بأسلوب رو منطقي عقلاني فريد حتى تسير في بحر هادئ لا تعكره أمواج الانحراف والتشتت، شغلت الطبقة المتوسطة معظم أعماله بوصفها العمود الفقري للمجتمع وجسرا للتواصل بين الطبقة العليا والدنيا.
لولا مقالات محمد النقدية عن الحياة المسرحية في عصره لما عرفنا الكثير عن نجومها وعروضها بكل ما تشمله معدات المسرح من تأليف، إخراج، ديكور ملابس وإضاءة وربما لم يكن حينها يوجد ناقد مسرحي آخر سوى محمد تيمور.

وفاته :
برع محمد في القصة القصيرة والمسرحية بالإضافة إلى كتابة المقالة والتعليق والتحليل بوصفها أدوات تنير الدرب أمام القارئ وتحدث فكره ولعلنا لا ننسى انه كان شاعرا من الطراز الأول فقد نظم الشعر بطريقة وجدانية رقيقة وبسلاسة جميلة. شعر محمد بدنو اجله وهو في ربيع العمر فقال:

هيئوا لي باطن الأرض قبرا و دعوني أنام تحت التراب
في ظلام القبور راحة نفسي ومن النور شقوتي وعذابي


وافته المنية في 24 شباط عام 1921 عن عمر يناهز التاسعة والعشرين تاركا وراءه إرثا فكريا ضخما وإنجازا أدبيا واسعا بفترة لا تتخطى الثماني سنوات من 1913 وحتى 1921 فكم خسر العالم عبقريا فذا وأديبا رفيع المستوى وهو بعد لم يكمل عقده الثالث. نشرت مؤلفاته بعد مماته في ثلاثة مجلدات وميض الروح (ديوان شعره وكتاباته الأدبية وبعض القصص والخواطر) حياتنا التمثيلية (تاريخ التمثيل, نقد الممثلين،رواية الهاوية) المسرح المصري (عبد الستار أفندي، العصفور في القفص) وما تراه العيون (مجموعة قصصية) الأقاصيص المصرية.

كرمته الحكومة المصرية وتخليدا لذكراه أصدرت جائزة محمد تيمور للإبداع المسرحي العربي.
وهناك كتاب رائع عن الأديب محمد تيمور رائد تحديث الأدب للدكتور نبيل راغب .
( منقول )

د. ناصر شافعي 16 / 01 / 2010 07 : 04 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر
( 5 )
محمود تيمور (1894-1973م)
موباسان مصر .. رائد القصة القصيرة


http://www.nooreladab.com/vb/attachm...1&d=1263600235
محمود تيمور (1894-1973م)
كاتب قصصي، ولد في القاهرة في أسرة اشتهرت بالأدب؛ فوالده أحمد تيمور باشا (1871-1930م) الأديب المعروف، الذي عرف باهتماماته الواسعة بالتراث العربي، وكان "بحاثة في فنون اللغة العربية، والأدب والتاريخ، وخلّف مكتبة عظيمة هي "التيمورية"، تعد ذخيرة للباحثين إلى الآن بدار الكتب المصرية، بما تحوي من نوادر الكتب والمخطوطات"( ) وعمته الشاعرة الرائدة عائشة التيمورية (1840-1903م) صاحبة ديوان "حلية الطراز"، وشقيقه محمد تيمور (1892-1921م) هو صاحب أول قصة قصيرة في الأدب العربي.

وقد ولد محمود تيمور في قصر والده القديم بدرب سعادة بالقاهرة، "وقد نشأ في بيئة أسرية تجمع بين أمرين كان اجتماعهما غريباً في مثل هذه البيئة، الأمر الأول: الغنى والارستقراطية، والثاني: العلم والأدب على الطريقة العربية المأثورة.

كان والده أحمد تيمور باشا قد كرّس حياته لخدمة اللغة العربية ومعارفها، وكان يتردّد على مجالسه بعض أعلام الأدب والفكر، وقد "تعهده الوالد منذ النشأة، وحبّب إليه المُطالعة، ومن حسن حظه أن كان لوالده خزانة كتب كبيرة، يعتني بها، ويبذل في تنميتها وقته وماله، فكانت خير معين له على الاطلاع، وولّدت فيه حب الكتب .

تلقّى محمود تيمور "تعليمه الأول بمدرسة الناصرية الابتدائية والإلهامية الثانوية، ولمرضه لزم داره، واضطر إلى الحصول على البكالوريا عن طريق المنزل لا المدرسة.

سافر للاستشفاء بسويسرة، ولم يتم دراسته. "وكان قد دخل مدرسة الزراعة العليا، ولكنه لم يُتم الدراسة بها، إذ أُصيب بحمى التيقوئيد، ولزم الفراش ثلاثة أشهر، وهو يعد هذا المرض من المؤثرات فيه، إلى جانب ولده وشقيقه محمد، ويبين هذا التأثير فيه بأنه قضى مدة هذا المرض "في ألوات شتى من التفكير وأخلاط الأحلام، واستطعت أن أهضم الكثير من الآراء التي تلقيتها من أخي، أو استمددتها مما قرأته من الكتب.
وقد "انصرف محمود تيمور وشقيقه محمد تيمور إلى الفن القصصي بجميع فروعه، ممّا كان من العسير على شيوخ الأسر تقبله منهما، ولا سيما لأن هذا الفن يُعالج العواطف المشبوبة والمشاعر الوجدانية، وهي موضوعات كانت تُعتبر وقتها موضوعات شائكة، لا يصح لمن ينتسب إلى هذه الأسرة أن يضيع وقته فيها.

بين الرومانسية والواقعية:
كان في بداية حياته يميل إلى الرومانسية، ولميله إلى الرومانسية أقبل بشغف على قراءة مصطفى لطفي المنفلوطي، يقول:
"كانت نزعته الرومانسية الحلوة تملك عليَّ مشاعري، وأسلوبه السلس يسحرني. وكل إنسان في أوج شبابه تُغطِّي عليه نزعة الرومانسية والموسيقا، فيُصبح شاعراً ولو بغير قافية، وقد يكون أيضاً شاعراً بلا لسان!".
كما استهوته في فترة البدايات مدرسة المهجر ـ وعلى رأسها جبران ـ "وقد أعجب محمود تيمور بكتابه "الأجنحة المتكسرة"، وتأثرت به كتاباته الأولى
.
استغلّ فراغه في الاطلاع والدراسة الأدبية، واهتم بقراءات جديدة تجنح إلى الواقعية، مثل "حديث عيسى بن هشام" لمحمد المويلحي، ورواية "زينب" للدكتور محمد حسين هيكل، وكان هذا من توجيه أخيه محمد، الذي قضى بضع سنين في أوربا، اطلع في خلالها على ما جدَّ هناك من ألوان الأدب واتجاهاته، وعاد إلى مصر محملاً بشتى الآراء الجديدة التي يقول عنها محمود تيمور في كتاب "شفاء الروح":

"كان يتحدّث بها ـ أي الآراء الجديدة ـ إليَّ، فأستقبلها بعاطفتين لا تخلوان من تفاوت: عاطفة الحذر، وعاطفة الإعجاب. هذه الآراء كانت وليدة نزعة قوامها جحود القديم … ولكن جدتها أخذت تهدأ على توالي الأيام، ومن ثم اتخذت طريقها الطبيعي في التطور. والأمر الذي كان يشغل فكر أخي، ويرغب في تحقيقه هو إنشاء أدب مصري مبتكر، يستملي من وحيه دخيلة نفوسنا، وصميم بيئتنا".

وانتهى الصراع بين الرومانسية والواقعية في نفس محمود تيمور إلى تغليب الواقعية، فكانت مجموعاته الأولى على غرارها.
على أن الرومانسية لم تذهب تماماً من نفس محمود تيمور، بل نامت في فترة الحماسة للواقعية وأهدافها القومية المصرية، ثم ظهرت بعد ذلك في عدة قصص طويلة وقصيرة، منها قصته الطويلة "نداء المجهول.

قصصه:
توجّه محمود تيمور ـ بفضل توجيهات أخيه ـ محمد تيمور إلى قراءة إبداعات أخيه محمد تيمور ـ إلى قراءة إبداعات الكاتب القصصي الفرنسي جي دي موباسان، فقرأ له وفُتِن به، واحتذاه في كتابته. ومما يُذكر أن جريدة "الفجر" نشرت له سنة 1925م قصة "الأسطى حسن يُطالب بأجرته"، وكتبت تحت العنوان "بقلم صاحب العزة: محمود تيمور، موباسان مصر".
وأول قصة قصيرة كتبها، كانت في عام 1919م بالعامية، ثم أخلص للفصحى، فأعاد بالفصحى كتابة القصص التي كتبها بالعامية، وأصبح من أعضاء مجمع اللغة العربية عام 1949م.
ويزيد عدد ما أصدره من قصص وروايات على خمسين عملاً، تُرجم بعضُها إلى لغات شتى "وتدور حول قضايا عصرية وتُراثية وتاريخية، فضلاً عن روايات استوحاها من رحلاته، مثل: "أبو الهول يطير" و"المئة يوم" و"شمس وليل"، أو روايات أدارها حول الشخوص الفرعونية، مثل "كليوباترة في خان الخليلي.

جوائز:
منح محمود تيمور عددا من الجوائز الأدبية الكبرى في مسيرة حياته الأدبية، منها: جائزة مجمع اللغة العربية عام 1947م، وجائزة الدولة للآداب في عام 1950م، وجائزة الدولة التقديرية في عام 1963م.

قال عنه طه حسين:
"لا أكاد أصدق أن كاتبا مصريا وصل إلى الجماهير المثقفة وغير المثقفة مثلما وصلت إليها أنت، فلا تكاد تكتب، ولا يكاد الناس يسمعون بعض ما تكتب حتى يصل إلى قلوبهم كمايصل الفاتح إلى المدينة التي يقهرها فيستأثر بها الاستئثار كله".


وآثاره متنوعة، منها القصة القصيرة والرواية والمسرحية والبحث والصور والخواطر وأدب الرحلات، ومن كتبه المطبوعة:
*في القصة القصيرة: "أبو علي الفنان" (1934م)، و"زامر الحي" (1936م)، و"فلب غانية" (1937م)، و"فرعون الصغير" (1939م)، و"مكتوب على الجبين" (1941م)، و"شفاه غليظة" (1946م)، و"إحسان لله" (1949م)، و"كل عام وأنتم بخير" (1950م) … وغيرها.
*وفي الرواية: "نداء المجهول" (1939م)، و"سلوى في مهب الريح"، و"المصابيح الزرق" (1959م) … وغيرها.
*وفي المسرحية: "عوالي" (1943م)، و"سهاد أو اللحن التائه" (1943م)، و"اليوم خمر" (1945م)، و"حواء الخالدة" (1945م)، و"صقر قريش" (1963م) … وغيرها.
*ومن كتب الصور والخواطر: "عطر ودخان" (1944م)، وملامح وغضون" (1950م)، و"شفاء الروح" (1951م)، و"النبي الإنسان" (1956م).
*وفي أدب الرحلات: "أبو الهول يطير" (1944م)، و"شمس وليل" (1957م)، و"جزيرة الحب" (1963م).
*ومن دراساته اللغوية والأدبية: "فن القصص" (1945م)، و"مشكلات اللغة العربية" (1956م)، و"الأدب الهادف" (1959م)، و"طلائع المسرح الحديث" (1963م) ... وغيرها.
وقد نُرجِم كثير من مؤلفاته إلى الفرنسية والألمانية والروسية والإيطالية … وغيرها.
مات في لوزان بسويسرة، ونقل جثمانه إلى القاهرة، ودُفِن بها.
( منقول )

د. ناصر شافعي 16 / 01 / 2010 24 : 04 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر
( 6 ) كامل الكيلانى
رائد أدب الطفل في العالم العربي

http://www.nooreladab.com/vb/attachm...1&d=1263601340


يُعد مثال للأدب العربي الحديث وقد سُجلت أعماله الرائعة في تاريخ الأدب وجعلته بحق "رائد أدب الطفل".

وُلد كامل الكيلاني في 20 أكتوبر1897، بإحدى أحياء القاهرة المشهورة ـ القلعة ـ بالقرب من جبل المقطم، نشأ في فترة غلب عليها الأساطير والأغاني، كان يقضي أغلب فترات يومه وحيداً، الأمر الذي أعطاه الفرصة للقراءة، وحفظ أكثر من 20 ألف قصيدة لصفوة الشعراء العرب، حفظ القرآن الكريم بالكُتٌاب (وهي مدرسة دينية ما قبل المرحلة الابتدائية).

التحق الكيلاني بالتعليم الابتدائي والثانوي حتى حصوله علي شهادة البكالوريا، ثم التحق بالجامعة المصرية القديمة، حيث عزم علي دراسة الأدب العربي، والإنجليزي، والفرنسي فحصل على ليسانس الآداب قسم اللغة الإنجليزية، وكان أثناء دراسته بالجامعة قد قرر في نفس الوقت الالتحاق بمدرسة دانتي لدراسة الأدب الإيطالي.

عمل كامل الكيلاني في ميادين عديدة منها التدريس والترجمة، ثم عمل موظفاً بوزارة الأوقاف حيث كان يتولى تصحيح الأساليب اللغوية إلى أن شغل منصب سكرتير المجلس الأعلى للأوقاف وذلك في عام 1954، عمل أيضا في مجال الصحافة والأدب، وحصل علي منصب "رئيس نادي الممثلون الحديث" في عام 1918، ثم رئيس تحرير مجلة الرجاء والتي تأثثت عام 1922، ثم أصبح سكرتير مجمع الأدب العربي في الفترة ما بين 1922 إلي 1932.

وفي عام 1929 وجه اهتمامه إلي فن "أدب الأطفال" ودأب على تحقيق الفكرة التي آمن بها وهى إنشاء مكتبة الأطفال.. وكان يرى أن حوار قصص الأطفال يجب أن يكون بالفصحى، واستخدم مصادر قصصه من الأساطير والأدب العالمي والأدب الشعبي فيحسب له جهوده في تحقيق نشر الكثير من تراثنا مثل ديوان ابن الرومي، ورسالة الغفران، وابن زيدون، كما كان حريصاً على الجانب الأخلاقي في كتابته للأطفال.
وهو يُعد أول من خاطب الأطفال عبر الأثير ـ الراديو ـ، وأول مؤسس لمكتبة الأطفال في مصر، حيث ألف 250 قصة للأطفال منها: شهر زاد ـ جحا ـ ألف ليلة.

ترجمت قصصه إلي اللغات "الصينية، والروسية، والأسبانية، والإنجليزية، والفرنسية". ومن مترجماته للشباب: حي ابن يقظان ـ جاليفر ـ روبنسون كروزو ـ شمشون الجبار.

مُنح كامل الكيلاني شهادات تقدير من الدولة، وحرص علي الإشارة لها في الصفحات الأولى لإصداراته. كما أن هناك جائزة تحمل اسمه يقدمها المجلس الأعلى للفنون والأدب، والتي يتم منحها للأعمال الموجهة لأدب الطفل.

من أبرز مؤلفاته الأخرى: الملك النجار ـ نظرات في تاريخ الإسلام ـ ملوك الطوائف ـ مصارع الخلفاء ـ مصارع الأعيان ـ ذكريات الأقطار الشقيقة.
توفي رائد أدب الطفل كامل الكيلاني في 10 يناير 1959، تاركاً تُراث من الإصدارات في الأدب العربي عامة وأدب الطفل على وجه الخصوص.


منقول من أعلام و شخصيات مصرية .

د. ناصر شافعي 16 / 01 / 2010 59 : 04 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر
( 7 ) محمود سامي البارودي
شاعر السيف و القلم
رائد الشعر العربي الحديث

http://www.nooreladab.com/vb/attachm...1&d=1263645806
محمود سامي باشا بن حسن حسين بن عبد الله البارودي المصري شاعر مصري. .. وهو من قادة الثورة العرابية .. و رفيق أحمد عرابي في كفاحه ضد الاستعمار .

ولد في 27 رجب 1255 هـ / 6 أكتوبر 1839 م في حي باب الخلق بالقاهرة لأبوين من أصل شركسي من سلالة المقام السيفي نوروز الأتابكي (أخي برسباي). . وكان أجداده ملتزمي إقطاعية إيتاي البارود بمحافظة البحيرة ويجمع الضرائب من أهلها. يعتبر البارودي رائد الشعر العربي الحديث الذي جدّد في القصيدة العربية شكلاً ومضموناً، ولقب باسم فارس السيف والقلم.
نشأ البارودي في أسرة على شيء من الثراء والسلطان، فأبوه كان ضابطا في الجيش المصري برتبة لواء، وعُين مديرا لمدينتي بربر ودنقلة في السودان، ومات هناك وكان محمود سامي حينئذ في السابعة من عمره.

تلقى البارودي دروسه الأولى في بيته، فتعلم القراءة والكتابة، وحفظ القرآن الكريم، وتعلم مبادئ النحو والصرف، ودرس شيءًا من الفقه والتاريخ والحساب، حتى أتم دراسته الابتدائية عام 1267 هـ / 1851م، ثم انضم وهو في الثانية عشرة من عمره بالمدرسة الحربية سنة 1268 هـ / 1852م، فالتحق بالمرحلة التجهيزية من المدرسة الحربية المفروزة وانتظم فيها يدرس فنون الحرب، وعلوم الدين واللغة والحساب والجبر، بدأ يظهر شغفًا بالشعر العربي وشعرائه الفحول، حتى تخرج من المدرسة المفروزة عام 1855 م برتبة "باشجاويش" ولم يستطع استكمال دراسته العليا، والتحق بالجيش السلطاني.

عمل بعد ذلك بوزارة الخارجية وسافر إلى الأستانة عام 1857م، وتمكن في أثناء إقامته هناك من إتقان التركية والفارسية ومطالعة آدابهما، وحفظ كثيرًا من أشعارهما، وأعانته إجادته للغة التركية والفارسية على الالتحاق بقلم كتابة السر بنظارة الخارجية التركية وظل هناك نحو سبع سنوات 1857-1863. ولما سافر الخديوي إسماعيل إلى العاصمة العثمانية بعد توليه العرش ليقدم آيات الشكر للخلافة، ألحق البارودي بحاشيته، فعاد إلى مصر في فبراير 1863م، عينه الخديوي إسماعيل معيناً لأحمد خيري باشا على إدارة المكاتبات بين مصر والأستانة.

ضاق البارودي برتابة العمل الديواني وحنّ إلى حياة الجندية، فنجح في يوليو عام 1863م بالانتقال من معية الخديوي إلى الجيش برتبة بكباشي، وأُلحقَ بآلاي الحرس الخديوي وعين قائدالكتيبتين من فرسانه، وأثبت كفاءة عالية في عمله. في أثناء ذلك اشترك في الحملة العسكرية التي خرجت سنة (1282 هـ / 1865م) لمساندة الجيش العثماني في إخماد الفتنة التي نشبت في جزيرة كريت، واستمر في تلك المهمة لمدة عامين أبلى البارودي بلاء حسنًا، وقد جرى الشعر على لسانه يتغنى ببلده الذي فارقه، ويصف جانبًا من الحرب التي خاض غمارها، في رائعة من روائعه الخالدة التي مطلعها:

أخذ الكرى بمعاقد الأجفان وهفا السرى بأعنة الفرسان
والليل منشور الذوائب ضارب فوق المتالع والربا بجران
لا تستبين العين في ظلماته إلا اشتعال أسِنَّة المران

(الكرى: النوم، هفا: أسرع، السرى: السير ليلاً، المتالع: التلال، ضارب بجران: يقصد أن الليل يعم الكون ظلامه).

بعد عودة البارودي من حرب كريت تم نقله إلى المعية الخديوية ياور خاصًا للخديوي إسماعيل، وقد ظل في هذا المنصب ثمانية أعوام، ثم تم تعيينه كبيرًا لياوران ولي العهد "توفيق بن إسماعيل" في (ربيع الآخر 1290 هـ = يونيو 1873م)، ومكث في منصبه سنتين ونصف السنة، عاد بعدها إلى معية الخديوي إسماعيل كاتبًا لسره (سكرتيرًا)، ثم ترك منصبه في القصر وعاد إلى الجيش.

ولما استنجدت الدولة العثمانية بمصر في حربها ضد روسيا ورومانيا وبلغاريا والصرب، كان البارودي ضمن قواد الحملة الضخمة التي بعثتها مصر، ونزلت الحملة في "وارنة" أحد ثغور البحر الأسود، وحاربت في أوكرانيا ببسالة وشجاعة، غير أن الهزيمة لحقت بالعثمانيين، وألجأتهم إلى عقد معاهدة "سان استفانوا" في (ربيع الأول 1295 هـ / مارس 1878م)، وعادت الحملة إلى مصر، وكان الإنعام على البارودي برتبة "اللواء" والوسام المجيدي من الدرجة الثالثة، ونيشان الشرف؛ لِمَا قدمه من ضروب الشجاعة وألوان البطولة.

كان أحد أبطال ثورة عام 1881 م الشهيرة ضد الخديوي توفيق بالاشتراك مع أحمد عرابي، وقد أسندت إليه رئاسة الوزارة الوطنية في 4 فبراير 1882 م حتى 26 مايو 1882م. بعد سلسلة من أعمال الكفاح والنضال ضد فساد الحكم وضد الاحتلال الإنجليزي لمصر عام 1882 قررت السلطات الحاكمة نفيه مع زعماء الثورة العرابية في 3 ديسمبر عام 1882 إلى جزيرة سرنديب (سريلانكا).


عاد إلى مصر يوم 12 سبتمبر 1899م وكانت فرحته غامرة بعودته إلى الوطن وأنشد أنشودة العودة التي قال في مستهلها:
أبابلُ رأي العين أم هذه مصرُ فإني أرى فيها عيوناً هي السحرُ

بعد عودته إلى القاهرة ترك العمل السياسي، وفتح بيته للأدباء والشعراء، يستمع إليهم، ويسمعون منه، وكان على رأسهم شوقي وحافظ ومطران، وإسماعيل صبري، وقد تأثروا به ونسجوا على منواله، فخطوا بالشعر خطوات واسعة، وأُطلق عليهم "مدرسة النهضة" أو "مدرسة الأحياء.

توفي البارودي في 12 ديسمبر 1904م بعد سلسلة من الكفاح والنضال من أجل استقلال مصر وحريتها وعزتها.

من أعماله :
ديوان شعر في جزئين، -
مجموعات شعرية سُميّت مختارات البارودي، جمع فيها مقتطفات لثلاثين شاعرا من الشعر العبّاسي،
مختارات من النثر تُسمّى قيد الأوابد -
نظم البارودي مطولة في مدح الرسول عليه الصلاة والسلام، تقع في أربعمائة وسبعة وأربعين بيتا، وقد جارى فيها قصيدة البوصيري البردة، قافية ووزنا وسماها، كشف الغمّة في مدح سيّد الأمة، مطلعها :
يا رائد البرق يمّم دارة العلم واحْد الغَمام إلى حي بذي سلم

د. ناصر شافعي 16 / 01 / 2010 17 : 05 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
من أشعار محمود سامي البارودي ( شاعر السيف و القلم ) :
عَمَّ الْحَيَا، وَاسْتَنَّتِ الْجَدَاوِلُ

[poem=font="custom ...,6,,normal,normal" bkcolor="black" bkimage="http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit4/backgrounds/3.gif" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
عَمَّ الْحَيَا، وَاسْتَنَّتِ الْجَدَاوِلُ= وَفَاضَتِ الْغُدْرَانُ وَالْمَنَاهِلُ
وَازَّيَّنَتْ بِنَوْرِهَا الْخَمَائِلُ= وَ غردتْ في أيكها البلابلُ
وَ شملَ البقاعَ خيرٌ شاملُ= فصفحة ُ الأرضِ نباتٌ خائلُ
وَجَبْهَة ُ الْجَوِّ غَمَامٌ حَافِلُ= وَ بينَ هذينِ نسيمٌ جائلُ
تندى بهِ الأسحارُ وَ الأصائلُ= كأنما النباتُ بحرٌ هائلُ
وَلَيْسَ إِلاَّ الأَكَمَاتِ سَاحِلُ= و شامخُ الدوحِ سفينٌ جافلُ
مُعْتَدِلٌ طَوْراً، وَطَوْراً مَائِلُ= تهفو بهِ الجنوبُ والشمائلُ
وَالْبَاسِقَاتُ الشُّمَّخُ الْحَوَامِلُ= مشمورة ٌ عنْ سوقها الذلاذلُ
ملوية ٌ في جيدها العثاكلُ= معقودة ٌ في رأسها الفلائلُ
للبسرِ فيها قانئٌ وَ ناصلُ= مُخَضَّبٌ، كَأَنَّهُ الأَنَامِلُ
كَأَنَّهُ مِنْ ذَهَبٍ قَنَادِلُ= منَ العراجينِ لها سلاسلُ
للمجنونِ بينها أزاملُ= تخالها محزونة ً تسائلُ
لَهَا دُمُوعٌ ذُرَّفٌ هَوَامِلُ= كأنها أمُّ بنينَ ثاكلُ
فِي جِيدِهَا مِنْ ضَفْرِهَا حَبَائِلُ= منَ القواديسِ ، لها جلاجلُ
تَدُورُ كَالشُّهْبِ لَهَا مَنَازِلُ= فَصَاعِدٌ، وَدَافِقٌ، وَنَازِلُ
وَ الماءُ ما بينَ الغياض سائلُ= تحنو على شطانهِ الغياطلُ
كَأَنَّهَا حَوَائِمُ نَوَاهِلُ= وَالطَّيْرُ فِي أَفْنَانِهَا هَوَادِلُ
تزهو بها الأسحارُ وَ الأصائلُ= فانهض إلى نيلِ المنى يا غافلُ
وَ انعمْ ، فأيامُ الصبا قلائلُ= وَ المرءُ في الدنيا خيالٌ زائلُ
وَ الدهرُ للإنسانِ يوماً آكلُ= وَ كلُّ شيءٍ في الزمانِ باطلُ[/poem]

د. ناصر شافعي 16 / 01 / 2010 32 : 06 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
نموذج آخر من أشعار محمود سامي البارودي ( شاعر السيف و القلم )


لأمرٍ ما تحيرتِ العقولُ


[poem=font=",6,,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit4/backgrounds/2.gif" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
لأمرٍ ما تحيرتِ العقولُ= فهلْ تدري الخلائقُ ما تقولُ ؟
تغيبُ الشمسُ ، ثمَّ تعودُ فينا= وَتَذْوي، ثُمَّ تَخْضَرُّ الْبُقُولُ
طَبَائِعُ لاَ تُغِبُّ، مُرَدَّدَاتٍ= كَمَا تَعْرَى وَتَشْتَمِلُ الْحُقُولُ
فَسِيَّانِ الْجَهُولُ إِذَا تَنَاهَتْ= بهِ الأيامُ ، وَ الفطنُ العقولُ
يَزُولُ الْخَلْقُ طَوْراً بَعْدَ طَوْرٍ= وَتَخْتَلِفُ الْحَقَائِقُ وَالنُّقُولُ
فَمَا جَرَتِ الظُّنُونُ عَلَى يَقِينٍ =تفيءُ بهِ ، وَ لاَ صحَّ المقلُ [/poem]

د. ناصر شافعي 16 / 01 / 2010 52 : 06 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر
( 8 ) حافظ إبراهيم
شاعر النيل .. و شاعر الشعب

http://www.nooreladab.com/vb/attachm...1&d=1263653316

محمد حافظ بن إبراهيم ولد في محافظة أسيوط 24 فبراير 1872 - 21 يونيو 1932م. شاعر مصري . عاصر أحمد شوقي ولقب بشاعر النيل وبشاعر الشعب.

ولد حافظ إبراهيم على متن سفينة كانت راسية على النيل أمام ديروط وهي مدينة بمحافظة أسيوط من أب مصري وأم تركية. توفي والداه وهو صغير. وقبل وفاتها، أتت به أمه إلى القاهرة حيث نشأ بها يتيما تحت كفالة خاله الذي كان ضيق الرزق حيث كان يعمل مهندسا في مصلحة التنظيم. ثم انتقل خاله إلى مدينة طنطا وهنالك أخذ حافظ يدرس في الكتاتيب. أحس حافظ إبراهيم بضيق خاله به مما أثر في نفسه، فرحل عنه .

بعد أن خرج حافظ إبراهيم من عند خاله هام على وجهه في طرقات مدنية طنطا حتى انتهى به الأمر إلى مكتب المحامي محمد أبو شادي، أحد زعماء ثورة 1919، وهناك اطلع على كتب الأدب وأعجب بالشاعر محمود سامي البارودي. وبعد أن عمل بالمحاماة لفترة من الزمن، التحق حافظ إبراهيم بالمدرسة الحربية في عام 1888 م وتخرج منها في عام 1891 م ضابط برتبة ملازم ثان في الجيش المصري وعين في وزارة الداخلية. وفي عام 1896 م أرسل إلى السودان مع الحملة المصرية إلى أن الحياة لم تطب له هنالك، فثار مع بعض الضباط. نتيجة لذلك، أحيل حافظ على الاستيداع بمرتب ضئيل.

كان حافظ إبراهيم إحدى عجائب زمانه، ليس فقط في جزالة شعره بل في قوة ذاكرته التي قاومت السنين ولم يصبها الوهن والضعف على مر 60 سنة هي عمر حافظ إبراهيم، فإنها ولا عجب إتسعت لآلاف الآلاف من القصائد العربية القديمة والحديثة ومئات المطالعات والكتب وكان بإستطاعته – بشهادة أصدقائه – أن يقرأ كتاب أو ديوان شعر كامل في عده دقائق وبقراءة سريعة ثم بعد ذلك يتمثل ببعض فقرات هذا الكتاب أو أبيات ذاك الديوان. وروى عنه بعض أصدقائه أنه كان يسمع قارئ القرآن في بيت خاله يقرأ سورة الكهف أو مريم أو طه فيحفظ ما يقوله ويؤديه كما سمعه بالروايه التي سمع القارئ يقرأ بها.

يعتبر شعره سجل الأحداث، إنما يسجلها بدماء قلبه وأجزاء روحه ويصوغ منها أدبا قيما يحث النفوس ويدفعها إلى النهضة، سواء أضحك في شعره أم بكى وأمل أم يئس، فقد كان يتربص كل حادث هام يعرض فيخلق منه موضوعا لشعره ويملؤه بما يجيش في صدره.

مع تلك الهبة الرائعة، فأن حافظ صابه - ومن فترة امتدت من 1911 إلى 1932 – داء اللامباله والكسل وعدم العناية بتنميه مخزونه الفكرى وبالرغم من إنه كان رئيساً للقسم الأدبى بدار الكتب إلا أنه لم يقرأ في هذه الفترة كتاباً واحداً من آلاف الكتب التي تذخر بها دار المعارف، الذي كان الوصول إليها يسير بالنسبه لحافظ، تقول بعض الآراء ان هذه الكتب المترامية الأطراف القت في سأم حافظ الملل، ومنهم من قال بأن نظر حافظ بدا بالذبول خلال فترة رئاسته لدار الكتب وخاف من المصير الذي لحق بالبارودى في أواخر أيامه. كان حافظ إبراهيم رجل مرح وأبن نكتة وسريع البديهة يملأ المجلس ببشاشته وفكاهاته الطريفة التي لا تخطأ مرماها.

وأيضاً تروى عن حافظ أبراهيم مواقف غريبة مثل تبذيره الشديد للمال فكما قال العقاد (مرتب سنة في يد حافظ إبراهيم يساوى مرتب شهر) ومما يروى عن غرائب تبذيره أنه استأجر قطار كامل ليوصله بمفرده إلى حلوان حيث يسكن وذلك بعد مواعيد العمل الرسمية.

مثلما يختلف الشعراء في طريقة توصيل الفكرة أو الموضوع إلى المستمعين أو القراء، كان لحافظ إبراهيم طريقته الخاصة فهو لم يكن يتمتع بقدر كبير من الخيال ولكنه أستعاض عن ذلك بجزالة الجمل وتراكيب الكلمات وحسن الصياغة بالأضافة أن الجميع اتفقوا على انه كان أحسن خلق الله إنشاداً للشعر. ومن أروع المناسبات التي أنشد حافظ بك فيها شعره بكفاءة هي حفلة تكريم أحمد شوقى ومبايعته أميراً للشعر في دار الأوبرا الخديوية، وأيضاً القصيدة التي أنشدها ونظمها في الذكرى السنوية لرحيل مصطفى كامل التي خلبت الألباب وساعدها على ذلك الأداء المسرحى الذي قام به حافظ للتأثير في بعض الأبيات، ومما يبرهن ذلك ذلك المقال الذي نشرته إحدى الجرائد والذي تناول بكامله فن إنشاد الشعر عند حافظ.

توفي في 21 يونيو 1932 م
.

د. ناصر شافعي 16 / 01 / 2010 05 : 07 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
روائع ما كتب الشاعر حافظ إبراهيم في عمر بن الخطاب


عمر بن الخطاب
حسب القوافي و حسبي حين ألقيها **** أني إلى ساحة الفاروق أهديها
لاهم هب لي بيانا أستعين به **** على قضاء حقوق نام قاضـيها
قد نازعتني نفسي أن أوفيها **** و ليس في طوق مثلي أن يوفيها
فمر سري المعاني أن يواتيني **** فيها فإني ضعيف الحال واهيها

(مقتل عمر)

مولى المغيرة لا جادتك غادية **** من رحمة الله ما جادت غواديها
مزقت منه أديما حشوه همم **** في ذمة الله عاليها و ماضيها
طعنت خاصرة الفاروق منتقما **** من الحنيفة في أعلى مجاليها
فأصبحت دولة الإسلام حائرة **** تشكو الوجيعة لما مات آسيها
مضى و خلـّفها كالطود راسخة **** و زان بالعدل و التقوى مغانيها
تنبو المعاول عنها و هي قائمة **** و الهادمون كثير في نواحيها
حتى إذا ما تولاها مهدمها **** صاح الزوال بها فاندك عاليها
واها على دولة بالأمس قد ملأت **** جوانب الشرق رغدا في أياديها
كم ظللتها و حاطتها بأجنحة **** عن أعين الدهر قد كانت تواريها
من العناية قد ريشت قوادمها **** و من صميم التقى ريشت خوافيها
و الله ما غالها قدما و كاد لها **** و اجتـث دوحتها إلا مواليـها
لو أنها في صميم العرب ما بقيت **** لما نعاها على الأيام ناعيها
ياليتهم سمعوا ما قاله عمـر **** و الروح قد بلغت منه تراقيـها
لا تكثروا من مواليكم فإن لهم **** مطامع بَسَمَاتُ الضعف تخفيها

(إسلام عمر )

رأيت في الدين آراء موفقـة **** فأنـزل الله قرآنـا يزكيـها
و كنت أول من قرت بصحبته **** عين الحنيفة و اجتازت أمانيها
قد كنت أعدى أعاديها فصرت لها **** بنعمة الله حصنا من أعاديها
خرجت تبغي أذاها في محمدها **** و للحنيـفة جبـار يواليـها
فلم تكد تسمع الايات بالغة **** حتى انكفأت تناوي من يناويـها
سمعت سورة طه من مرتلها **** فزلزلت نية قد كنت تنويـها
و قلت فيها مقالا لا يطاوله **** قول المحب الذي قد بات يطريها
و يوم أسلمت عز الحق و ارتفعت **** عن كاهل الدين أثقالا يعانيها
و صاح فيها بلال صيحة خشعت **** لها القلوب ولبت أمر باريها
فأنت في زمن المختار منجدها **** و أنت في زمن الصديق منجيها
كم استراك رسـول الله مغتبطا **** بحكمـة لـك عند الرأي يلفيـها

(عمر و بيعة أبي بكر )

و موقف لك بعد المصطفى افترقت **** فيه الصحابة لما غاب هاديها
بايعت فيـه أبا بكر فبايعـه **** على الخلافة قاصـيها و دانـيها
و أطفئت فتنة لولاك لاستعرت **** بين القبائل و انسابت أفاعيـها
بات النبي مسجا في حظـيرته **** و أنت مستعـر الاحشـاء دامـيها
تهيم بين عجيج الناس في دهش **** من نبأة قد سرى في الأرض ساريها
تصيح : من قال نفس المصطفى قبضت **** علوت هامته بالسيف أبريها
أنسـاك حبك طـه أنه بشـر **** يجري عليه شـؤون الكون مجـريها
و أنـه وارد لابـد موردهـا **** مـن المنـية لا يعفـيه ساقيـها
نسيت في حق طه آية نزلت **** و قد يذكـّـر بالايـات ناسـيها
ذهلت يوما فكانت فتنة عـمم **** وثاب رشدك فانجابت دياجيـها
فللسقيفـة يوم أنت صاحـبه **** فيه الخلافة قد شيدت أواسيـها
مدت لها الأوس كفا كي تناوله **** فمدت الخزرج الايدي تباريها
و ظـن كل فريـق أن صاحبهم **** أولى بها و أتى الشحناء آتيها
حتى انبريت لهم فارتد طامعهم **** عنها وآخى أبو بكر أواخيها

( عمر و علي )

و قولـة لعلـي قالـهـا عـمر **** أكرم بسامعها أعظم بملقيـها
حرقتُ دارك لا أبقي عليك بها **** إن لم تبايع و بنت المصطفى فيها
ما كان غير أبى حفص يفوه بها**** أمام فارس عدنـان وحامـيها
كلاهما في سبيل الحق عزمته **** لا تـنثـني أو يكون الحق ثانيـها
فاذكرهما وترحم كلما ذكروا **** أعاظما ألِّهوا في الكون تأليـها

( عمر و جبله بن الايهم )

كم خفت في الله مضعوفا دعاك به **** و كم أخفت قويـا ينثنـي تيها
و في حديث فتى غسان موعظة **** لكــل ذي نعـرة يأبى تناسيـها
فما القوي قويا رغم عزته **** عند الخصومة و الفـاروق قاضـيها
وما الضعيف ضعيفا بعد حجته **** و إن تخاصم واليها و راعيها

( عمر و أبو سفيان )

و ما أقلت أبا سفيان حين طوى**** عنك الهدية معتزا بمهديها
لم يغن عنه و قد حاسبته حسب **** و لا معاوية بالشام يجبيها
قيدت منه جليلا شاب مفرقه **** في عزة ليس من عز يدانيها
قد نوهوا باسمه في جاهليته **** و زاده سيد الكونين تنويها
في فتح مكة كانت داره حرما **** قد أمّن الله بعد البيت غاشيها
و كل ذلك لم يشفع لدى عمر **** في هفوة لأبي سفيان يأتيها
تالله لو فعل الخطاب فعلته **** لما ترخص فيها أو يجازيها
فلا الحسابة في حق يجاملها **** و لا القرابة في بطل يحابيها
و تلك قوة نفس لو أراد بها **** شم الجبال لما قرت رواسيها

(عمر و خالد بن الوليد)

سل قاهر الفرس و الرومان هل شفعت **** له الفتوح و هل أغنى تواليها
غزى فأبلى و خيل الله قد عقدت **** باليمن و النصر و البشرى نواصيها
يرمي الأعادي بآراء مسـددة **** و بالفـوارس قد سالت مذاكيـها
ما واقع الروم إلا فر قارحها **** و لا رمى الفرس إلا طاش راميها
و لم يجز بلدة إلا سمعت بـها **** الله أكبـر تـدْوي في نواحـيها
عشرون موقعة مرت محجلة **** من بعد عشر بنان الفتح تحصيها
و خالد في سبيل الله موقـدها **** و خالـد في سبيل الله صـاليها
أتاه أمر أبي حفـص فقبله **** كمــا يقـبل آي الله تاليهــا
و استقبل العزل في إبان سطوته **** و مجده مستريح النفس هاديها
فاعجب لسيد مخزوم وفارسها **** يوم النزال إذا نادى مناديـها
يقوده حبشي في عمامته **** ولا تحـرك مخزوم عواليـها
ألقى القياد إلى الجراح ممتثلا **** و عزة النفس لم تجرح حواشيها
و انضم للجند يمشي تحت رايته **** و بالحياة إذا مالت يفديها
و ما عرته شكوك في خليفته **** ولا ارتضى إمرة الجراح تمويها
فخالد كان يدري أن صاحبه **** قد وجه النفس نحو الله توجيها
فما يعالج من قول و لا عـمل **** إلا أراد به للنـاس ترفيـها
لذاك أوصى بأولاد له عمرا **** لما دعاه إلى الفردوس داعيـها
و ما نهى عمر في يوم مصرعه **** نساء مخزوم أن تبـكي بواكيـها
و قيل فارقت يا فاروق صاحبنا **** فيه و قد كان أعطى القوس باريها
فقال خفت افتتان المسلمين به **** و فتنة النفس أعيت من يداويها
هبوه أخطأ في تأويل مقصده **** و أنها سقطة في عين ناعيها
فلن تعيب حصيف الرأي زلته **** حتى يعيب سيوف الهند نابيها
تالله لم يتَّبع في ابن الوليد هوى **** و لا شفى غلة في الصدر يطويها
لكنه قد رأى رأيا فأتبعه **** عزيمـة منه لـم تثـلم مواضـيها
لم يرع في طاعة المولى خؤولته **** و لا رعى غيرها فيما ينافيها
و ما أصاب ابنه و السوط يأخذه **** لديه من رأفة في الحد يبديها
إن الذي برأ الفاروق نزهه **** عن النقائص و الأغراض تنزيها
فذاك خلق من الفردوس طينته **** الله أودع فيــها ما ينقيـها
لاالكبر يسكنها لا الظلم يصحبها **** لا الحقد يعرفها لا الحرص يغويها

(عمر و عمرو بن العاص)

شاطرت داهية السواس ثروته **** و لم تخفه بمصر و هو واليها
و أنت تعرف عمرا في حواضرها **** و لست تجهل عمرا في بواديها
لم تنبت الأرض كابن العاص داهية **** يرمي الخطوب برأي ليس يخطيها
فلم يرغ حيلة فيما أمرت به **** و قام عمرو إلى الأجمال يزجيـها
و لم تقل عاملا منها و قد كثرت **** أمواله وفشا في الأرض فاشيها

(عمر و ولده عبد الله )

و ما وقى ابنك عبد الله أينقه **** لما اطلعت عليها في مراعيها
رأيتها في حماه وهي سارحة **** مثل القصور قد اهتزت أعاليها
فقلت ما كان عبد الله يشبعها **** لو لم يكن ولدي أو كان يرويها
قد استعان بجاهي في تجارته **** و بات باسم أبي حفص ينميها
ردوا النياق لبيت المال إن له **** حق الزيادة فيها قبل شاريها
و هذه خطة لله واضعها **** ردت حقوقا فأغنت مستميحيها
مالإشتراكية المنشود جانبها **** بين الورى غير مبنى من مبانيها
فإن نكن نحن أهليها و منبتها **** فإنـهم عرفوها قـبل أهليـها

(عمر و نصر بن حجاج)

جنى الجمال على نصر فغـربه **** عن المدينة تبكيـه و يبكيـها
و كم رمت قسمات الحسن صاحبها **** و أتعبت قصبات السبق حاويها
و زهرة الروض لولا حسن رونقها *** لما استطالت عليها كف جانيها
كانت له لمة فينانة عجب *** علـى جبـين خليـق أن يحليـها
و كان أنى مشى مالت عقائلها **** شوقا إليه و كاد الحسن يسبيها
هتفن تحت الليالي باسمه شغفا **** و للحسان تمنٍّ في لياليها
جززت لمته لما أتيتَ به **** ففاق عاطلها في الحسن حاليها
فصحت فيه تحول عن مدينتهم **** فإنها فتنة أخشى تماديها
و فتنة الحسن إن هبت نوافحها **** كفتنة الحرب إن هبت سوافيها

(عمر و رسول كسرى)

و راع صاحب كسرى أن رأى عمرا**** بين الرعية عطلا و هو راعيها
و عهده بملوك الفرس أن لها **** سورا من الجند و الأحراس يحميها
رآه مستغرقا في نومه فرأى **** فيه الجلالة في أسمى معانيها
فوق الثرى تحت ظل الدوح مشتملا **** ببردة كاد طول العهد يبليها
فهان في عينه ما كان يكبره **** من الأكاسر والدنيا بأيديها
و قال قولة حق أصبحت مثلا **** و أصبح الجيل بعد الجيل يرويها
أمنت لما أقمت العدل بينهم **** فنمت نوم قرير العين هانيها

(عمر و الشورى )

يا رافعا راية الشورى و حارسها **** جزاك ربك خيرا عن محبيها
لم يلهك النزع عن تأييد دولتها **** و للمنـيـة آلام تعـانيـها
لم أنس أمرك للمقداد يحمله **** إلى الجمـاعة إنذارا و تنبيـها
إن ظل بعد ثلاث رأيهم شعبا **** فجرد السيف و اضرب في هواديها
فاعجب لقوة نفس ليس يصرفها **** طعم المنية مرا عن مراميها
درى عميد بني الشورى بموضعها **** فعاش ما عاش يبنيها و يعليها
و ما استبد برأي في حكومته **** إن الحكومـة تغري مسـتبديـها
رأي الجماعة لا تشقى البلاد به **** رغم الخلاف و رأي الفرد يشقيها

(مثال من زهده)

يا من صدفت عن الدنيا و زينتها **** فلم يغرك من دنياك مغريها
ماذا رأيت بباب الشام حين رأوا **** أن يلبسوك من الأثواب زاهيها
و يركبوك على البرذون تقدمه **** خيل مطهمة تحـلو مرائيـها
مشى فهملج مختالا براكبه **** و في البراذين ما تزها بعاليـها
فصحت يا قوم كاد الزهو يقتلني **** و داخلتني حال لست أدريها
و كاد يصبو إلى دنياكم عمر **** و يرتضي بيـع باقيه بفانـيها
ردوا ركابي فلا أبغي به بدلا **** ردوا ثيابي فحسبي اليوم باليها

(مثال من رحمته )

و من رآه أمام القدر منبطحا **** و النار تأخذ منه و هو يذكيها
و قد تخلل في أثناء لحيته **** منها الدخان و فوه غاب في فيها
رأى هناك أمير المؤمنين على **** حال تروع لعمر الله رائيها
يستقبل النار خوف النار في غده **** و العين من خشية سالت مآقيها

(مثال من تقشفه و ورعه )

إن جاع في شدة قومٌ شركتهم **** في الجوع أو تنجلي عنهم غواشيها
جوع الخليفة و الدنيا بقبضته **** في الزهد منزلة سبحان موليها
فمن يباري أبا حفص و سيرته **** أو من يحاول للفاروق تشبيها
يوم اشتهت زوجه الحلوى فقال لها **** من أين لي ثمن الحلوى فأشريها
لا تمتطي شهوات النفس جامحة **** فكسرة الخبز عن حلواك تجزيها
و هل يفي بيت مال المسلمين بما **** توحي إليك إذا طاوعت موحيها
قالت لك الله إني لست أرزؤه **** مالا لحاجة نفـس كنـت أبغـيها
لكن أجنب شيأ من وظيفتنا **** في كل يوم على حـال أسويـها
حتى إذا ما ملكنا ما يكافئـها **** شـريتـها ثـم إنـي لا أثنـيها
قال اذهبي و اعلمي إن كنت جاهلة **** أن القناعة تغني نفس كاسيها
و أقبلت بعد خمس و هي حاملة **** دريهمات لتقضي من تشهيها
فقال نبهت مني غافلا فدعي **** هذي الدراهم إذ لا حق لي فيها
ويلي على عمر يرضى بموفية **** على الكفاف و ينهى مستزيدها
ما زاد عن قوتنا فالمسلمين به **** أولى فقومي لبيت المال رديها
كذاك أخلاقه كانت و ما عهدت **** بعـد النبـوة أخلاق تحـاكيها

(مثال من هيبته )

في الجاهلية و الإسلام هيبته **** تثني الخطوب فلا تعدو عواديها
في طي شدته أسرار مرحمة **** تثني الخطوب فلا تعدو عواديها
و بين جنبيه في أوفى صرامته **** فـؤاد والـدة تـرعى ذراريـها
أغنت عن الصارم المصقول درته **** فكم أخافت غوي النفس عاتيها
كانت له كعصى موسى لصاحبها **** لا ينزل البطل مجتازا بواديها
أخاف حتى الذراري في ملاعبها **** و راع حتى الغواني في ملاهيها
اريت تلك التي لله قد نذرت **** انشــودة لرسـول الله تهديـها
قالت نذرت لئن عاد النبي لنا **** من غزوة العلى دفي أغنيــها
و يممت حضرة الهادي و قد ملأت **** أنور طلعته أرجاء ناديها
و استأذنت و مشت بالدف و اندفعت **** تشجي بألحانها ما شاء مشجيها
و المصطفى و أبو بكر بجانبه **** لا ينكران عليها من أغانيـها
حتى إذا لاح من بعد لها عمر **** خارت قواها و كاد الخوف يرديها
و خبأت دفها في ثوبها فرقا **** منه وودت لو ان الأرض تطويها
قد كان حلم رسول الله يؤنسها **** فجاء بطش أبي حفص يخشيها
فقال مهبط وحي الله مبتسما **** و في ابتسامته معنى يواسيها
قد فر شيطانها لما رأى عمر **** إن الشياطين تخشى بأس مخزيها

(مثال من رجوعه إلى الحق )

و فتية ولعوا بالراح فانتبذوا **** لهم مكانا و جدوا في تعاطيها
ظهرت حائطهم لما علمت بهم **** و الليل معتكر الأرجاء ساجيها
حتى تبينتهم و الخمر قد أخذت **** تعلو ذؤابة ساقيها و حاسيها
سفهت آراءهم فيها فما لبثوا **** أن أوسعوك على ما جئت تسفيها
و رمت تفقيههم في دينهم فإذا **** بالشرب قد برعوا الفاروق تفقيها
قالوا مكانك قد جئنا بواحدة **** و جئتـنا بثـلاث لا تباليـها
فأت البيوت من الأبواب يا عمر **** فقد يُزنُّ من الحيطان آتيها
و استأذن الناس أن تغشى بيوتهم **** و لا تلم بدار أو تحييها
و لا تجسس فهذي الآي قد نزلت **** بالنهي عنه فلم تذكر نواهيها
فعدت عنهم و قد أكبرت حجتهم **** لما رأيت كتاب الله يمليها
و ما أنفت و إن كانوا على حرج **** من أن يحجك بالآيات عاصيها

(عمر و شجرة الرضوان)

و سرحة في سماء السرح قد رفعت **** ببيعة المصطفى من رأسها تيها
أزلتها حين غالوا في الطواف بها **** و كان تطوافهـم للدين تشويـها

( الخاتمه )

هذي مناقبه في عهد دولته **** للشاهدين و للأعقـاب أحكيـها
في كل واحدة منهن نابلة **** من الطبائع تغذو نفـس واعـيها
لعل في أمة الإسلام نابتتة **** تجلو لحاضرها مـرآة ماضيـها
حتى ترى بعض ما شادت أوائلها **** من الصروح و ما عاناه بانيها
وحسبها أن ترى ما كان من عمر **** حتى ينبه منها عين غافـيها
__________________

د. ناصر شافعي 16 / 01 / 2010 18 : 07 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
من أشعار شاعر النيل حافظ إبراهيم


لَم يَبْقَ شَىء ٌ مِن الدُّنْيا بأَيْدِينا


[poem=font=",6,,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit4/backgrounds/2.gif" border="solid,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
لَم يَبْقَ شَىء ٌ مِن الدُّنْيا بأَيْدِينا= إلاّ بَقِيّة ُ دَمْعٍ في مآقِينَا
كنّا قِلادَة َ جِيدِ الدَّهْرِ فانفَرَطَتْ= وفي يَمينِ العُلا كنّا رَياحِينا
كانت مَنازِلُنا في العِزِّ شامِخة =ً لا تُشْرِقُ الشَّمسُ إلاّ في مَغانينا
وكان أَقْصَى مُنَى نَهْرِالمَجَرَّة= لو مِن مائِه مُزِجَتْ أَقْداحُ ساقِينا
والشُهْب لو أنّها كانت مُسَخرَّة =ً لِرَجْمِ من كانَ يَبْدُو مِن أَعادِينا
فلَم نَزَلْ وصُرُوفُ الدَّهرِ تَرْمُقُنا= شَزْراً وتَخدَعُنا الدّنيا وتُلْهينا
حتى غَدَوْنا ولا جاهٌ ولا نَشَبٌ= ولا صديقٌ ولا خِلٌّ يُواسِينا [/poem]

د. ناصر شافعي 17 / 01 / 2010 15 : 03 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر
( 9 )
عباس محمود العقاد
عبقري الكلمة و المؤلفات .. صاحب العبقريات


http://www.nooreladab.com/vb/attachm...1&d=1263683539
عباس محمود العقاد، هو من أهم الأدباء المصريين في العصر الحديث، ولد في أسوان في 29 شوال 1306 هـ - 28 يونيو 1889، وتخرج من المدرسة الإبتدائية سنة 1903.

حياته
أسس بالتعاون مع ابراهيم المازني وعبد الرحمن شكري "مدرسة الديوان"، وكانت هذه المدرسة من أنصار التجديد في الشعر والخروج به عن القالب التقليدي العتيق.

عمل العقاد بمصنع للحرير في مدينة دمياط، وعمل بالسكك الحديدية لأنه لم ينل من التعليم حظا وافرا حيث حصل على الشهادة الإبتدائية فقط، لكنه في الوقت نفسه كان مولعا بالقراءة في مختلف المجالات، وقد أنفق معظم نقوده على شراء الكتب، والتحق بعمل كتابي بمحافظة قنا، ثم نقل إلى محافظة الشرقية.

مل العقاد العمل الروتيني، فعمل بمصلحة البرق، ولكنه لم يعمر فيها كسابقتها، فاتجه إلى العمل بالصحافة مستعينا بثقافته وسعة إطلاعه، فاشترك مع محمد فريد وجدي في إصدار صحيفة الدستور، وكان إصدار هذه الصحيفة فرصة لكي يتعرف العقاد بسعد زغلول ويؤمن بمبادئه. وتوقفت الصحيفة بعد فترة، وهو ماجعل العقاد يبحث عن عمل يقتات منه، فاضطر إلى إعطاء بعض الدروس ليحصل على قوت يومه.
لم يتوقف إنتاجه الأدبي أبدا، رغم ما مر به من ظروف قاسية؛ حيث كان يكتب المقالات ويرسلها إلى مجلة فصول، كما كان يترجم لها بعض الموضوعات.

أما عن أعماله الفكرية الأدبية فهي كثيرة للغاية ويصعب حصرها، لكن بداية ظهوره في الإنتاج الأدبي كان في سنة 1916، مع ديوانه الشعري الأول، وصدر له بعد ذلك مجموعات شعرية، مثل: هداية الكروان، أعاصير المغرب، حي الأربعين، عابر سبيل.
من أشهر أعمال العقاد سلسلة العبقريات الاسلامية التي تناولت بالتفاصيل سير أعلام الإسلام، مثل: عبقرية محمد، عبقرية عمر، عبقرية خالد، وغيرها.
ولم يكتب إلا رواية واحدة هي "سارة"، ومن أهم مؤلفاته أيضا: الفلسفة القرآنية، والله، وإبليس، الانسان في القران الكريم ومراجعات في الأدب والفنون.

منحه الرئيس المصري جمال عبد الناصر جائزة الدولة التقديرية في الآداب غير أنه رفض تسلمها .

مؤلفاته:

"الله".
عبقرية المسيح.
عبقرية محمد.
عبقرية الصديق.
عبقرية عمر.
عبقرية عثمان.
عبقرية الإمام علي.
عبقرية خالد.
داعي السماء بلال.
الصديقة بنت الصديق.
أبو الشهداء.
عمرو بن العاص.
معاوية بن أبي سفيان.
فاطمة الزهراء.
الفاطميون.
حقائق الإسلام وأباطيل خصومه.
الفلسفة القرآنية.
التفكير فريضة إسلامية.
مطلع النور.
الديمقراطية في الإسلام.
الإنسان في القرآن الكريم.
الإسلام في القرن العشرين.
مايقال عن الإسلام.
أنا.
أفيون الشعوب.
هذه الشجرة.
جحا الضاحك المضحك.
غراميات العقاد.
روح عظيم المهاتما غاندي.
حياة قلم.
سارة.

وفاته
توفي العقاد في 26 شوال 1383 هـ - 12 مارس 1964 م.

د. ناصر شافعي 17 / 01 / 2010 33 : 03 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
عباس محمود العقاد كان أديباً و مؤرخاً و شاعراً كبيراً .. له عشرة دواوين شعرية ..

ومن أجمل و أرق أشعاره ومن كتابات الشاعر عباس العقاد تلك القصيدة التي ألقيت بمناسبة وفاة الأديبة مي زيادة:



ومن كتابات الشاعر عباس العقاد

ألقيت بمناسبة وفاة الأديبة مي زيادة

آه من التراب


أين في المحفل "مي" يا صحابْ ؟
عودتنا ها هنا فصل الخطاب
عرشها المنبر مرفوع الجناب
مستجيب حين يُدعى مستجاب
أين في المحفل "مي" يا صحاب ؟
***
سائلوا النخبة من رهط النديّ
أين ميَ ؟ هل علمتم أين الندى مي ؟
الحديث الحلو واللحن الشجي
والجبين الحر والوجه السني
أين ولى كوكباه؟ أين غاب ؟
***
أسف الفن على تلك الفنون
حصدتها، وهي خضراء، السنون
كل ما ضمته منهن المنون
غصصٌ ماهان منها لا يهون
جراحات، ويأس، وعذاب
***
شيم غرّ رضيات عِذاب
وججي ينفذ بالرأي الصواب
وذكاء ألمعي كالشهاب
وجمال قدسي لا يعاب
كل هذا في التراب. آه من هذا التراب
***
كل هذا خالدٌ في صفحات
عطرات في رباها مثمرات
إن ذوت في الروض أوراق النبات
رفرفت أوراقها مزدهرات
وقطفنا من جناها المستطاب
***
من جناها كل حسن نشتهيه
متعه الألباب والأرواح فيه
سائغ ميز من كل شبيه
لم يزل يحسبه من يجتنيه
مفرد المنبت معزول السحاب
***
الأقاليم التي تنميه شتى
كل نبت يانع ينجب نبتا
من لغات طوفت في الأرض حتى
لم تدع في الشرق أو في الغرب سمتا
وحواها كلها اللب العجاب
***
يا لذات اللب من ثروة خصبِ
نير يقبس من حس وقلبِ
بين مرعى من ذوي الألباب رحبِ
وغنى فيه، وجود مستحبِ
كلما جاد ازدهى حسنا وطاب
***
طلعه الناضر من شعر ونثر
كرحيق النحل في مطلع فجر
قابل النور على شاطئ نهر
فله في العين سحر أي سحر
وصدى في كل نفس وجواب
***
حي "مياً" إن من شيّع ميا
منصفاً حيا اللسان العربيا
وجزى حواء حقاً سرمديا
وجزى ميا جزاء أريحيا
للذي أسدت إلى أم الكتاب

د. ناصر شافعي 17 / 01 / 2010 50 : 05 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
هذه قصيدة بديعة لعباس محمود العقاد الشاعر .. وهى بعنوان حظ الشعراء ..

و لقد نشرتها في المنتدى .. و يمكن للسادة القراء مطالعتها على الرابط التالي :
http://www.nooreladab.com/vb/attachm...1&d=1263735093

--------------------------------------------------------------------------------


حظ الشعراء - لعباس محمود العقاد

مـلـوكٌ، فـأمّـا حـالُهم فعبيدُ
وطـيـرٌ، ولـكـنَّ الجُدودَ قُعودُ
أقـاموا على متن السحابِ فأرضُهم
بـعـيـدٌ، وأقـطارُ السماءِ بعيد!

مـجـانـينُ تاهوا في الخيال فودَّعوا
رواحـةَ هـذا الـعيشِ وهو رغيد
ومـا سـاء حـظُّ الحالمين لَوَ انّهم
تـدوم لـهـم أحـلامُهم وتجود

فـوا رحـمـتـا للظالمين نفوسَهم
ومـا أنـصـفَتْهم صحبةٌ وجُدود
ويذرون من مسّ العذابِ دموعَهم
فـيُـنـظَـمُ منها جوهرٌ وعقود

بني الأرض كم من شاعر في دياركم
غـبـيـنٍ، وغبنُ الشاعِرينَ شديد
بـنـي الأرض أَوْلـى بالحياة جميلةً
مُـحِـبٌّ عـليها من حُلاه نضود

مُـحـبٌ تُـنـاجيه بأسرار قلبها
ومـهـما تردْ في العيش فهو يُريد
عـلـى أنّه قد يبلغ السُّؤلَ خاطبٌ
خـلـيٌّ ويـزوي عن هواه عميد

بني الأرضِ لا تنضوا له السيفَ إنّهُ
يُـذاد عـن الـدنـيا وليس يذود
أُريـدَ بـه لـلناس خيرٌ فلم يزلْ
بـه عَـمَـهٌ عـن نفسه وشُرود

تـجـمَّـعتِ الأضدادُ فيه فحكمةٌ
وحـمـقٌ، وقـلبٌ ذائب وجُمود
حُـمـاداه صـبرٌ في الحياة وإنّما
هـي الـنـارُ تـخبو ساعةً وتعود

مُـقـيمٌ على عرش الطبيعة حاضرٌ
ولـكـنّـه بـيـن الأنـام فقيد
إذا جـال بـالـعينين فالكونُ بيتُهُ
فـإنْ مـدّ بـالـكفّين فهو طريد

وأقـصـى مـنـاه في الحياة نهارُهُ
وأدنـى مـنـاه فـي الممات خُلود
يرى الغيبَ عن بعد ، فمقبلُ عهدهِ
قـديـمٌ، ومـاضيه القديمُ جديد

إذا عـاش فـي بـأسائه فهو مَيّتٌ
وإنْ مـات عاش الدهرَ وهو شهيد
شـقـاوتُـه في الشعر وهو هناؤهُ
ولـيـس لـه عـن حالتيه مَحيد

جـنـونٌ أحـقُّ الناسِ طُرًّا بهجرهِ
أُولـو الـفهمِ ، لو أنَّ الفُهومَ تُفيد


د. ناصر شافعي 18 / 01 / 2010 24 : 03 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر
( 10 )
توفيق الحكيم
رائد المسرح الذهني .. عصفور من الشرق

http://www.nooreladab.com/vb/attachm...1&d=1263770799

أديب و كاتب مسرحى و روائى مصرى من أكبر كتاب مصر فى العصر الحديث و من رواد الرواية والكتابة المسرحية العربية ومن الأسماء البارزة في تاريخ الأدب العربي الحديث.

ولد فى الاسكندرية، 9 اكتوبر 1898 - توفى 26 يوليه 1987في القاهرة .

كانت مسرحيته "أهل الكهف" في عام 1933 حدثاً هاماًاً في الدراما العربية فقد كانت تلك المسرحية بداية لنشوء تيار مسرحي عرف بالمسرح الذهني،
لصعوبة تجسيدها في عمل مسرحي.

سمي تياره المسرحي بالمسرح الذهني لصعوبة تجسيدها في عمل مسرحي وكان الحكيم يدرك ذلك جيدا حيث قال في إحدى اللقاءات الصحفية :
"إني اليوم أقيم مسرحي داخل الذهن وأجعل الممثلين أفكارا تتحرك في المطلق من المعاني مرتدية أثواب الرموز لهذا اتسعت الهوة بيني وبين خشبة المسرح ولم أجد قنطرة تنقل مثل هذه الأعمال إلى الناس غير المطبعة ".

كان الحكيم أول مؤلف استلهم في أعماله المسرحية موضوعات مستمدة من التراث المصري وقد استلهم هذا التراث عبر عصوره المختلفة، سواء أكانت فرعونية أو رومانية أو قبطية أو إسلامية لكن بعض النقاد اتهموه بأن له ما وصفوه بميول فرعونية وخاصة بعد رواية عودة الروح ولكنه أنكر ذلك ودافع عن تياره الفكري العروبي من خلال روايته عصفور من الشرق وشدد على أن العروبة التي ينتهجها ويطمح إليها هي عروبة أقوى من السياسة، لا عروبة شعارات.

وُلد توفيق إسماعيل الحكيم في 9 أكتوبر 1898، لأب مصري من أصل ريفي يشتغل في سلك القضاء في قرية الدلنجات إحدى قرى مركز إيتاي البارود
بمحافظة البحيرة، ولأم تركية أرستقراطية، عندما بلغ السابعة عشر من عمره التحق بمدرسة دمنهور الابتدائية حتى انتهى من تعليمه الابتدائي سنة 1915، ثم ألحقه أبوه بمدرسة حكومية في محافظة البحيرة حيث أنهى الدراسة الثانوية، ثم انتقل إلى القاهرة لمواصلة الدراسة الثانوية في مدرسة محمد علي الثانوية، وحصل على شهادة الباكالوريا عام 1921.

انضم إلى كلية الحقوق ليتخرج منها عام 1925، عمل محامياً متدرباً فترة زمنية قصيرة، ثم غادر في بعثة دراسية إلى باريس ـ 1925 وحتى 1928
لمتابعة دراساته العليا في جامعتها قصد الحصول على شهادة الدكتوراه في الحقوق والعودة للتدريس، وفي باريس؛ كان يزور متاحف اللوفر وقاعات السينما والمسرح، واكتسب من خلال ذلك ثقافة أدبية وفنية واسعة إذ اطلع على الأدب العالمي واليوناني
والفرنسي.

عاد سنة 1928 إلى مصر ليعمل وكيلاً للنائب العام سنة 1930، في المحاكم المختلطة بالإسكندرية ثم في المحاكم الأهلية، وفي سنة 1934 انتقل
إلى وزارة المعارف ليعمل مفتشاً للتحقيقات، ثم نقل مديراً لإدارة الموسيقى والمسرح بالوزارة عام 1937، ثم إلى وزارة الشئون الاجتماعية ليعمل مديراً لمصلحة الإرشاد الاجتماعي.

بدأ توفيق الحكيم إنتاجه الأدبى فى تلاتينات القرن العشرين، بمسرحيات اجتماعيه، و نشر إبداعاته " أهل الكهف " و " عودة الروح " سنة 1933، و " شهر زاد " (1934)، ، و " يوميات نائب فى الأرياف " (1937)، و " عصفور من الشرق " (1938) ، و " الطعام لكل فم " و " يا طالع الشجرة ".
استقال في سنة 1944، ليعود ثانية إلى الوظيفة الحكومية سنة 1954 مديراً لدار الكتب المصرية، وفي نفس السنة انتخب عضواً عاملاً بمجمع اللغة العربية، وفي عام 1956 عيّن عضوا متفرغاً في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، وفي سنة 1959 عيّن كمندوب مصر بمنظمة اليونسكو في باريس، ثم عاد إلى القاهرة في أوائل سنة 1960 إلى موقعه في المجلس الأعلى للفنون والآداب.
كرمته مصر بجايزة الدولة التقديرية سنة 1961. كما ترأس المركز المصري للمسرح عام 1962. عمل بعدها مستشاراً في جريدة الأهرام ثم عضواً بمجلس إدارتها في عام 1971. وظل يكتب أعماله الأدبية و مقالاته و رواياته حتى مماته .

توفي توفيق الحكيم في 27 يوليو1987عن عمر يناهز 90 عاماً، وترك تراثاً أدبياً رفيعاً وثروة هائلة من الكتب و المسرحيات التي بلغت نحو 100 مسرحية و62 كتاباً.

كتب للأديب الكبير توفيق الحكيم ترجمت و نشرت بلغات أجنبية :
شهر زاد مسرحية 1934 في باريس عام 1936 بمقدمة لجورج لكونت عضو الأكاديمية الفرنسية في دار نشر نوفيل أديسون لاتين وترجم إلى الانجليزية في دار النشر بيلوت بلندن ثم في دار النشر كروان بنيويورك في 1945. وبأمريكا دار نشر ثرى كنتننتزا بريس واشنطن 1981.
عودة الروح رواية 1933 ترجم ونشر بالروسية في لننجراد عام 1935 وبالفرنسية في باريس عام 1937 في دار فاسكيل للنشر وبالانجليزية في واشنطن 1984.
يوميات نائب في الأرياف رواية 1937 ترجم ونشر بالفرنسية عام 1939 (طبعة أولى) وفى عام 1942 (طبعة ثانية) وفى عام 1974 و1978 (طبعة ثالثة ورابعة وخامسة بدار بلون بباريس وترجم ونشر بالعبرية عام 1945 وترجم ونشر باللغة الانجليزية في دار (هارفيل) للنشر بلندن عام 1947 -ترجة أبا إيبان- ترجم إلى الأسبانية في مدريد عام 1948 وترجم ونشر في السويد عام 1955، وترجم ونشر بالالمانية عام 1961 وبالرومانية عام 1962 وبالروسية 1961.
أهل الكهف مسرحية 1933 ترجم ونشر بالفرنسية عام 1940 بتمهيد تاريخى لجاستون فييت الاستاذ بالكوليج دى فرانس ثم ترجم إلى الإيطالية بروما عام 1945 وبميلانو عام 1962 وبالاسبانية في مدريد عام 1946.
عصفور من الشرق رواية 1938 ترجم ونشر بالفرنسية عام 1946 طبعة أولى، ونشر طبعة ثانية في باريس عام 1960.
عدالة وفن قصص 1953 ترجم ونشر بالفرنسية في باريس بعنوان (مذكرات قضائى شاعر) عام 1961.
بجماليون مسرحية 1942 ترجم ونشر بالفرنسية في باريس عام 1950.
الملك أوديب مسرحية 1949 ترجم ونشر بالفرنسية في باريس عام 1950، وبالانجليزية في أمريكا بدار نشر ثرى كنتننتزا بريس بواشنطن 1981.
سليمان الحكيم مسرحية 1943 ترجم ونشر بالفرنسية في باريس عام 1950 وبالانجليزية في أمريكا بواشنطن 1981.

من أعماله المترجمة الأخرى :

نهر الجنون، الشيطان في خطر، بين يوم وليلة، المخرج، بيت النمل، الزمار، براكسا أو مشكلة الحكم، السياسة والسلام ترجم ونشر بالفرنسية في باريس عام 1950. شمس النهار، صلاة الملائكة، الطعام لكل فم، الأيدى النعامة، شاعر على القمر، الورطة ترجم ونشر بالانجليزية في أمريكا (ثرى كنتننتز) واشنطن عام 1981. العش الهادئ، أريد أن اقتل، الساحرة، لو عرف الشباب، الكنز،دقت الساعة ترجم ونشر بالفرنسية في باريس عام 1954، أنشودة الموت ترجم ونشر بالانجليزية في لندن هاينمان عام 1973، وبالاسبانية في مدريد عام 1953. رحلة إلى الغد ترجم ونشر بالفرنسية في باريس عام 1960، وبالانجليزية في أمريكا بواشنطن عام 1981 الموت والحب ترجم ونشر بالفرنسية في باريس عام 1960.
السلطان الحائر ترجم ونشر بالانجليزية لندن هاينمان عام 1973، وبالايطالية في روما عام 1964، ياطالع الشجرة ترجمة دنيس جونسون دافيز ونشر بالانجليزية في لندن عام 1966 في دار نشر أكسفورد يونيفرستى بريس (الترجمات الفرنسية عن دار نشر "نوفيل ايديسيون لاتين" بباريس)، مصير صرصار ترجمة دنيس جونسون دافيز عام 1073 مع كل شئ في مكانه، السلطان الحائر، نشيد الموت لنفس المترجم عن دار نشر هاينمان لندن.
الشهيد ترجمة داود بشاى بالانجليزية جمع محمود المنزلاوى تحت عنوان أدبنا اليوم مطبوعات الجامعة الأمريكية بالقاهرة 1968، محمد ترجمة دز إبراهيم الموجى 1964 بالانجليزية نشر المجلس الاعلى للشئون الاسلامية، طبعة ثانية مكتبة الآداب 1983، المرأة التى غلبت الشيطان ترجمة تويليت إلى الألمانية عام 1976 ونشر روتن ولوننج ببرلين، عودة الوعى ترجمة انجليزية علم 1979 لبيلى وندر .


د. ناصر شافعي 18 / 01 / 2010 50 : 03 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر
( 11 )
محمد حسين هيكل
رائد الرواية العربية
الوزير الأديب و الشاعر والمؤرخ و السياسي القدير

http://www.nooreladab.com/vb/attachm...1&d=1263771936
ولد في 20 أغسطس 1888 في قرية حنين الخضراء في مدينة المنصورة ، محافظة الدقهلية ، مصر.

درس القانون في مدرسة الحقوق الخديوية بالقاهرة وتخرج منها في عام 1909. حصل على درجة الدكتوراه في الحقوق من جامعة السوربون في فرنسا سنة 1912، ولدي رجوعه إلى مصر عمل في المحاماة 10 سنين، كما عمل بالصحافة. اتصل بأحمد لطفي السيد وتأثر بأفكاره، والتزم بتوجيهاته، كما تأثر بالشيخ محمد عبده وقاسم أمين وغيرهم.

كان عضوا في لجنة الثلاثين التي وضعت دستور 1923، أول دستور صدر في مصر المستقلة وفقا لتصريح 28 فبراير 1922. لما أنشأ حزب الأحرار الدستوريين جريدة أسبوعية باسم السياسة الأسبوعية ، عين هيكل في رئاسة تحريرها سنة 1926. اختير وزيرا للمعارف في الوزارة التي شكلها محمد محمود عام 1938، ولكن تلك الحكومة استقالت بعد مدة، إلا أنه عاد وزيرا للمعارف للمرة الثانية سنة 1940 في وزارة حسين سري، وظل بها حتى عام 1942، ثم عاد وتولى هذا المنصب مرة أخرى في عام 1944، وأضيفت إليه وزارة الشؤون الاجتماعية سنة 1945.

اختير سنة 1941 نائبا لرئيس حزب الاحرار الدستوريين، ثم تولى رئاسة الحزب سنة 1943، وظلَّ رئيسًا له حتى ألغيت الأحزاب بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952. تولى رئاسة مجلس الشيوخ سنة 1945 وظل يمارس رئاسة هذا المجلس التشريعي حتى يونيو 1950 حيث أصدرت حكومة الوفد المراسيم الشهيرة التي أدت إلى إخراج هيكل وكثير من أعضاء المعارضة من المجلس نتيجة الاستجوابات التي قدمت في المجلس وناقشت اتهامات وجهت لكريم ثابت أحد مستشاري الملك فاروق.

تولى أيضا تمثيل السعودية في التوقيع على ميثاق جامعة الدول العربية عام 1945، كما رأس وفد مصر في الأمم المتحدة أكثر من مرة.توفي يوم 8 ديسمبر 1956م .

مؤلفاته
• رواية زينب ( التي تحولت لأول فيلم مصري و عربي ناطق ).
• رواية سهيلة في الظلمة - 1914.
• سير حياة شخصيات مصرية وغربية - 1929.
• حياة محمد - 1933.
• في منزل الوحى - 1939.
• مذكرات في السياسة المصرية - 1951 / 1953.
• الصديق أبو بكر.
• الفاروق عمر - 1944 / 1945.
• عثمان بن عفان .
• ولدي.
• يوميات باريس.
• الإمبراطورية الإسلامية والأماكن المقدسة .
• في أوقات الفراغ،
• الشرق الجديد.

د. ناصر شافعي 19 / 01 / 2010 54 : 05 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر
( 12 )
أحمد لطفي السيد
أستاذ الجيل .. وأبو الليبرالية المصرية .. أفلاطون الأدب العربي


http://www.nooreladab.com/vb/attachm...1&d=1263909089
ولد في 15 يناير 1872 بقرية برقين، مركز السنبلاوين بمحافظة الدقهلية وتخرج من مدرسة الحقوق سنة 1894 م.

مفكر وفيلسوف مصري، وصف بأنه رائد من رواد حركة النهضة والتنوير في مصر. وصفه عباس العقاد "بأنه بحق أفلاطون الأدب العربي‏" ‏
أطلق عليه لقب أستاذ الجيل و أبو الليبرالية المصرية، تعرف أثناء دراسته على الإمام محمد عبده وتأثر بأفكاره. كما تأثر بملازمة جمال الدين الأفغاني مدة في استنبول، وبقراءة كتب أرسطو، ونقل بعضها إلى العربية.

عمل وزيرا للمعارف ثم وزيرا للخارجية ثم نائبا لرئيس الوزراء في وزارة إسماعيل صدقي ونائبا في مجلس الشيوخ المصري، ورئيسا لمجمع اللغة العربية ، كما عمل رئيسا لدار الكتب المصرية، ومديرا للجامعة المصرية، كما أسس عددا من المجامع اللغوية والجمعيات العلمية.
كان أحمد لطفي السيد وراء حملة التبرعات الخاصة بانشاء أول جامعة أهلية في مصر العام 1908 "الجامعة المصرية"، والتي تحولت في 1928 إلى جامعة حكومية تحت اسم جامعة فؤاد الأول - جامعة القاهرة فيما بعد.

أسس حزب الأمة –الذي تحوّل فيما بعد إلى حزب الأحرار الدستوريين- ورأس صحيفته المعروفة باسم "الجريدة"، وقد استمرت رئاسته للجريدة سبع سنوات وبضعة أشهر توقفت بعدها تمامًا، بعد أن لفظ حزب الأمة أنفاسه الأخيرة.

مؤلفاته:

للطفي السيد عديد المؤلفات الفكرية منها "صفحات مطوية من تاريخ الحركة الاستقلالية"، "تأملات"، "المنتخبات"، "تأملات في الفلسفة والأدب والسياسة والاجتماع" كما ترجم عدة مؤلفات لأرسطو منها الأخلاق"، علم الطبيعة"، و "السياسة"، إضافة إلى مذكراته بعنوان "قصة حياتي".

توفي أحمد لطفي السيد في 5 مارس العام 1963 بالقاهرة.

د. ناصر شافعي 19 / 01 / 2010 25 : 09 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر
( 13 )
إبراهيم عبد القادر المازني
رائد الشعر الحديث .. و صندوق الدنيا


http://www.nooreladab.com/vb/attachm...1&d=1263921698

ولد سنة 1899 في القاهرة .. وتوفي عام 1949 .

شاعر و روائي وقاص وناقد .. كل من يذكره لابد من أن يذكر روحه المرحة ،ونفسه الطيبة .. فلقد تميز بروح السخرية والفكاهة.

تخرج في مدرسة المعلمين العليا عام ١٩٠٩، ثم عمل مدرسا لمدة عشر سنوات إلى أن عين محررا بجريدة الأخبار ، ثم محررا بجريدة " السياسة الأسبوعية "، ثم رئيسا لتحرير جريدة " السياسة اليومية " ، ثم رئيسا لجريدة "الاتحاد"، كما انتخب وكيلا لمجلس نقابة الصحفيين عام ١٩٤١.
بدأ حياته الأدبية شاعرا، ثم انتقل بعد ذلك إلى كتابة الرواية والقصة القصيرة والتراجم .

أصدر ديوانه الشعري بجزئيه الأول والثاني، ودراسة أدبية عن الشعر عام ١٩١٣. وقام بدور مؤثر مع عباس العقاد وأحمد شكري في إنشاء مجموعة الديوان المدرسية الشعرية الجديدة التي هاجمت الشعر الكلاسيكي ووضعت أساسا للقصيدة الحديثة باعتبارها بناء واحدا متماسكا.

له مجموعة من الروايات من أهمها: إبراهيم الثاني – وعدد من الكتب من بينها: ( حصاد الهشيم – قبض الريح – صندوق الدنيا – خيوط العنكبوت - وغيرها ).

وله أيضا كتابات أخرى لم تجمع .. منها قصائد شعرية بالعشرات موزعة على المجلات الأدبية القديمة ، وهو واحد من جيل وقد وصفه العقاد قائلا : إنني لم أعرف فيما عرفت من ترجمات للنظم والنثر أدبيا واحدا يفوق المازني في الترجمة من لغة إلى لغة شعرا ونثرا.

توفي في ١٠/٨/١٩٤٩ .

د. ناصر شافعي 19 / 01 / 2010 30 : 09 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
من أشعار إبراهيم عبد القادر المزني أقدم لكم :

لا تزر أن قضيت قبري ولا تبك


[poem=font=",6,,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit4/backgrounds/20.gif" border="inset,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]

لا تزر أن قضيت قبري ولا تب= ك عليه كسائر الأصحاب
خل عنك الوفاء واسمع لداعي ال= غدر فينا فلات حين وفاء
وقبيحٌ أن تسحب الذيل مختا= لاً وتشي على رقاب الصحاب
مزعجاً بالسلام روح كريم= غيبته بجوف العراء
قد قضت منكم الليالي هواناً= ونفضنا أكفنا من غرامك
فدع السحب تسحب الذيل فينا= وتروي ثراي وامض لشانك[/poem]

د. ناصر شافعي 19 / 01 / 2010 35 : 09 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
قصيدة أخرى للشاعر الراحل إبراهيم عبد القادر المازني :

ألا ليت شعري فيك هل أنت ذاكري

[poem=font=",6,,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit4/backgrounds/80.gif" border="groove,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]

ألا ليت شعري فيك هل أنت ذاكري= فذكراك في الدنيا إلي حبيب
ويا لتي شعري هل تزورن مرة= فتعفو كلوم للهوى وندوب
لقد طال تحناني إليك ولهفتي= وأنت ضحوك لا تحس طروب
بلى كل حب ليس يخلو من الجوى= ولكن جرحي من هواك رغيب
لقد كنت أدري أن للحب أسهماً= ولكنني لم أدر كيف تصيب
نشدتك يا طير القلوب تجني= شراك الهوى إن الفضاء رحيب
فإنك إن تحدق بكن شراكه= يطل بك عيش بالشقاء خضيب
لقد كنت حراً مثلكن ممتعا= أروح ومالي فكرة وأؤوب
فللَه أيام إذا ما ادكرتها= جننت جنون اليم وهو غضوب
تحدثني الأحلام أنك مسعدي= وتلك ظنون برقهن خلوب
وكيف وقد جفت حياتي وصوح الر= جاء فما بين الغصون رطيب
ذبلت ذبول الزهر أخطأه الحيا= وقد ذبت مثل الشمع وهو لهيب
فيا نور عيشي أن في القلب ظلمةٌ= فلح لي فقد أدجى السماء مغيب
ويا نور عيشي فيم صدك والقلى= وفيم ارتداد الطرف وهو طبيب
ويا طير حبي هل تخاف ودادتي= وتكره أن يصبو إليك أديب
ويا طير حبي إن لحنا تقوله= يرد إلي العيش وهو خصيب
دمى في عروقي ليس يهدا فأجني= فإني من خطب الجنون قريب
وإلّا فصب السم في الكأس واسقني= فإن حياة اليأس ليس تطيب[/poem]

عبد الحافظ بخيت متولى 20 / 01 / 2010 25 : 09 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
الشعراء الساخرون

فى هذا الملف أقدم شعراء الفكاهة والسخرية مثل حسين شفيق المصرى وعبد الحميد الديب وغيرهما وجوانب فكهة فى حياة شعراء جادين أمثال شوقى وحافظ وغيرهما
* حسن شفيق المصرى
- حسين شفيق المصري.. الذي ولد بالقاهرة عام1882م لأبوين تركيين ، وتوفي بالقاهرة عام 1948 م وبين التاريخين عاش شاعرنا حياة الصعاليك بعد أن بدد ثروته التي ورثها عن أبوه فيما لا يفيد ( الهلس ) فقد كان متلافا لحد التهور ( ( كما يقول لنا – محمد رضوان – في مؤلفه " الشعر الحلمنتيشي شعر الفكاهة والظرف ) .. ولم يحظى بقدر من التعليم فقد ترك مدرسة " أم عباس " ولم ينل الشهادة الابتدائية .. لكنه كان شغوفا بالقراءة فانكب على قراءة كتب الأدب حتى أصبح حجة في اللغة والشعر ، وراوية لأدب العرب وشاعرا مجيدا للشعر الشعبي الفكاهي والشعر المقفى – وإن ذاعت شهرته بالأول ) حتى انه تولي رئاسة تحرير مجلة " كل شيء والعالم " ثم مجلة " الفكاهة " التي كانت تصدرهما دار الهلال ، ثم اصدر هو مجلة باسم " الأيام " وقد وصفه الكاتب الساخر – محمود السعدني – بقوله :
( ظل حسين شفيق المصري يتدحرج طول حياته ويتقلب في مهن كثيرة ، من كاتب محام إلى مصحح في الجرائد إلى زبون دائم في مقاهي القاهرة وعلى أرصفتها الشهيرة ، ومن خلال هذه المهن الغريبة استطاع العبقري أن يرى الحياة كما لم يرها احد من قبل )

وقد برع شاعرنا في كشف عورات النظام الاجتماعي .. كان صاحب مدرسة في الأدب والشعر والفكاهة لما يتمتع به من خصوبة خيال واتساع أفق وقدرة على الإبداع ، فظل طيلة خمسين عاما يضحك الناس وهو في قمة الألم والمأساة !! يقول :


تعففت حتى قيل إن له غنى
وأكثر مالي لو علمت قليل
وطولبت بالإحسان ، لست بقادر
عليه ، فقالوا : إنه لبخيل
فأيقنت أن البخل والفقر واحد
وان بخيل الأغنياء ذليل

وقد أثارت ازدواجية حسين شفيق المصري حيرة الناس ، فقد كان متمكنا من العربية وفي نفس الوقت كان من ابرز بل ابرز شعراء العامية
* - الشعر الحلمنتيشي

هو الشعر الفكاهي الضاحك الساخر .. وشاعرنا حسين شفيق المصري هو أول من أطلق عليه " الشعر الحلمنتيشي " حيث كان شاعرنا يعارض مطلع القصائد القديمة بقصائد فكاهية ضاحكة فبدأ معارضة " المعلقات السبع " التي نظمها الشعراء الجاهلين بقصائد أطلق عليها "المشعلقات " ثم نظم قصائد أخرى يعارض بها القصائد المشهورة في الشعر العربي قديمه وحديثه وسناها " المشهورات "
وبدأ – مشعلقاته – بمعارضة للشاعر الجاهلي – طرفة بن العبد – في معلقته التي مطلعها:
لخولة أطلال ببرقد ثهمد
تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد


فعارضها شاعرنا حسين شفيق المصري بقوله :



لزينب دكان بحارة منجد
تلوح بها أقفاص عيش مقدد
وقوفا بها صبحي على هزازها
يقولون لاتقطع هزازك واقعد
أنا الرجل الساهي الذي تعرفونه
حويط كجن العطفة المتلبد
فلما تناغشنا الغداة وهزرت
معانا وأعطتنا " برولا " بموعد
فأقبل زوج البنت يلعن أمها
ويسعى إلينا بالمداس المهربد

و كتبت ـ حنان جناب في مجلة فنون:

(أحد الكتب الساخرة التي عرضت في معرض مسقط الدولي العاشر للكتاب (الشعر الحلمنتيشي) لمؤلفه محمد شفيق المصري، من إصدار دار الراية للنشر والإعلام، يقول صاحب الدار ومديرها احمد فكري: حسين شفيق كامل شاعر فكاهي تناول في شعره العديد من الموضوعات الاجتماعية والسياسية بطريقة فكاهية طريفة .والشعر الفكاهي ليس من السهولة نظمه لأنه يتطلب موهبة خاصة وسليقة ظريفة تستطيع أن تعطي لنا الفكاهة ببساطة وتلقائية، ويضيف احمد فكري: في الكتاب الذي قام الأديب والناقد محمد رضوان بجمعه يقدم سيرة حياة الشاعر ويحلل شعره الجاد والفكاهي بجدية وموضوعية، أما كلمة (الحلمنتيشي) فالشاعر هو الذي أطلق تلك التسمية على هذا اللون من الشعر الساخر الذي يمزج فيه بين الفصحى والعامية بأسلوب يعتمد على المفارقة المفجرة للسخرية مما يجعله فكاهيا لفظا ومعنى. وأساس الشعر أن يأتي في بداية قصيدته الهزلية بمطلع لقصيدة قديمة من أجود الشعر ، ثم ينسج على منوال هذا المطلع شعرا فكاهيا، فكان عمله أشبه بمعارضة هزلية للقصائد القديمة الرصينة التي نظمها كبار الشعراء.)
_________________________________________________

* والآن نستعرض بعضا من شعر شاعرنا الحلمنتيشى
-
قال أبو العلاء المعري:
عللاني فإن بيض الأماني
فنيت واظلام ليس بفان


- فعارضه حسين شفيق المصري – منددا بمن ينتهزون شهر رمضان ليكثروا من الأكل ليلا حتى يصابون بالتخمة.. قال:

نصف شعبان قد مضى ووراء
النصف باقي الأيام من شعبان
فترى كل ما تحب وترضى
من شهي الطعام في رمضان
من كباب ، وكفتة وفطير
وكنافة متقونة في الصواني
وفراخ محمرات بسمن
خير ما يشترى من الفرخاني
وابدأ الأكل عندما يضرب المدفع
والهط واشفط وقربه كماني
غير أني أخاف أن يتخم الأبعد
أو.. قد يصاب بالزوران
ليس معنى الصيام لوكنت تدري
جوعة.. ثم أكلة عمياني

- ومن – مشعلقاته – اللاذعة... التي انتقد بها الاقتصاد المصري في ايامه وخضوعه للأجانب ..يقول :

وم الخواجات تأخذ كل شيء
بأسعار .. تجننا جنونا
فآبوا بالفلوس وبالهنايا
وأبنا بالشقاء مكضمينا
كبائعة مصاغا أو نحاسا
يرن غطاء حلتها رنينا
ولولا أن أوروبا علينا
لكنا قد مشينا عريانينا
إذا بلغ الفطام لنا وليد
يموت بحانة سكران طينا
______________________________


وهناك شعراء شعر حلمنتيشي غير شاعرنا في العالم العربي يغط شعرهم في غياهب النسيان – حتي يسخر له الله من يتولاه بالبحث والتنقيب والنشر
حتى لا نفقد هذه الثروة الأدبية الغالية ! ومن هؤلاء الشعراء
- الشاعر – الشيخ عامر الأنبوطي - ومن شعره:
طناجر الضان ترياق من العلل
وأصحن الرز غيها منتهى أملي
أملي غداء وأكلي في العشاء على
حد سوى إذا اللحم السمين قلي
أريد أكلا نفيسا أستعين به
على العبادات والمطلوب من عملي
والدهر يفجع قلبي من مطاعمه
بالعدس والكشك والبيسار والبصل


* - ويتناول حسين شفيق المصري القصيدة ذاتها مارضها بطريقته فقال :

سعيي أخيرا وسعيي أولا تعب
والمشي في"مهمشا"كالمشي في "القللي"
وتعرض الناس عني عند توسختي
وإن نضفت فكل الناس تزغر لي
دنياك إن قصدت تنغيص عيش فتى
فالرز باللحم مثل المش والبصل


* - معذرة.. فمع أني – أطلت - إلا اني لم استطع تجاوز هذه القصيدة لشاعرنا الساخر- حسين شفيق المصري .. وهذا مقطع منها

أفتش في الديوان عن واحد له
نفوذ لتوظيفي وفكري موزع
يقولون لي هل من وسيط تجيبه
شفاعته عند الرئيس بتنفع
فهل كانت الليسنس لما أخذتها
شهادة تطعيم.. بها أتسكع
اليس حرام أنني على ابوابكم أتلطع
وغيري عشان محسوبكم متوظف
اراه عليكم دائما يتدلع
بغير شهادات ولا فهم عنده
بليد وفي اشغاله يتلكع
ولو لم يكن محسوبكم كان حقه
يكون حمارا أزرقا يتبردع
إذا كنت ذا عقل فكن ذا صناعة
أو اسرح بفجل حين يمضع يبلع
ارى طلب التوظيف ليس براجل
ومن كان ذا شغل فذلك مجدع



*- وقرأت قصيدة حلمنتيشية لشاعر سعودي .. في - الرز - ( الأرز ) أظنه " خالد الروقي " اسماها " ( ثورة الأرز )..يقول:


كيس الأرُزُ ..على مـدى الأزمانـي
هو .. أولاٌ .. وهو الرفيـق الثانـي
قد جاء من بنجاب .. فـوق سفينـةِ
قُبطانهـا روقـي .. مهـب يابانـي
قد كان شمـر .. للسفيـنِ ذراعُـه
حتى أستوى فـي شامـخ البُنيانـي
وساقهـا فـوق الخليـجِ .. كأنهـا
مطيـةً .. تشعـب مـع البـدوانـي
حتى وصل .. حول المواني .. ولفها
لفة هل البـل مـن ورى الصمانـي
وحل.. في أرضٍ يُكافِـحُ .. شعبهـا
من دومـة الجنـدل الـي جيزانـي
شعباً يحب العز والـرز .. والشحـم
ويذوب .. لا .. عرض غصين الباني
همت به .. عوج السنين .. وراعُـه
وجُه الزمـانِ ... ولعنـة الانسانـي
من يوم جات الخصخصه والعولمـه
أغلـت عليـه الحشـو و الطليانـي
ياشاكيـاً .. سعـر الارز ...فذمتـي
أنـك مريضـاً أوغشـاك جنـانـي
هلاااا .. بغير الرز ... أبديت الاسـى
هلااااا .. شُغِلت .. بخُلـة الاخوانـي
أن الأرُز البسمـتـي ... وعبـيـرهُ
سحـراً لأهـل الـدار والضيفـانـي
يربو بقدر الضغط .. حتى ... ينتشي
فيصيُـر قِـدرُك بـعـدهُ مليـانـي
(يعطيك في طرف اللسـان حـلاوة)
تغنيك عـن خبـز وعـن قرصانـي
أن الأرُز .. إذا الــرؤس تمايـلـت
طب الكبـود .. وبهجـت الجوعانـي
لايشتـريـه ولا يـقـدم صحـنـه
الا الكريـم .. وفـارس الفرسانـي
لو زودو .. سعره فبـالله .. الرجاء
أنـه يعـود .. بأرخـص الاثمانـي
عشان شعب قد طوى الجوع .. نِصفهُ
والنصف الاخر ... راقـداً شبعانـي


_________________


ومات شاعرنا - حسين شفيق المصري – فقيرا معدما .. لكنه ترك ثروة شعرية وأدبية ومدرسة في أدب الفكاهة الرفيع ، وفن الإضحاك الراقي.. مات وهو يهمس في أسى دفين :
لم تدع لي الأيام دمعا يراق
فبكائي الذهول والإطراق
ويطاق الحزن الذي يلد الدمع
وليس الحزن العقيم يطاق
ما بقائي من بعد خيرة قومي
وثوائي وكل يوم فراق

د. ناصر شافعي 21 / 01 / 2010 28 : 11 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 

أعلام الأدب العربي في مصر
( 14 )
إبراهيم ناجي
الطبيب الشاعر الرومانسي


http://www.nooreladab.com/vb/attachm...1&d=1264101955

(1898-1953م)
ولد الشاعر إبراهيم ناجي في حي شبرا بالقاهرة في اليوم الحادي والثلاثين من شهر ديسمبر في عام 1898، وكان والده مثقفاً مما أثر كثيراً في تنمية موهبته وصقل ثقافته، وقد تخرج الشاعر من مدرسة الطب في عام 1922، وعين حين تخرجه طبيباً في وزارة المواصلات ، ثم في وزارة الصحة ، ثم مراقباً عاماً للقسم الطبي في وزارة الأوقاف.

- وقد نهل من الثقافة العربية القديمة فدرس العروض والقوافي وقرأ دواوين المتنبي وابن الرومي وأبي نواس وغيرهم من فحول الشعر العربي، كما نـهل من الثقافة الغربية فقرأ قصائد شيلي وبيرون وآخرين من رومانسيي الشعر الغربي.

- بدأ حياته الشعرية حوالي عام 1926 عندما بدأ يترجم بعض أشعار الفريد دي موسييه وتوماس مور شعراً وينشرها في السياسة الأسبوعية ، وانضم إلى جماعة أبولو عام 1932م التي أفرزت نخبة من الشعراء المصريين والعرب استطاعوا تحرير القصيدة العربية الحديثة من الأغلال الكلاسيكية والخيالات والإيقاعات المتوارثة .

- وقد تأثر ناجي في شعره بالاتجاه الرومانسي كما اشتهر بشعره الوجداني ، وكان وكيلاً لمدرسة أبوللو الشعرية ورئيساً لرابطة الأدباء في مصر في الأربعينيات من القرن العشرين .
وقد قام ناجي بترجمة بعض الأشعار عن الفرنسية لبودلير تحت عنوان أزهار الشر، وترجم عن الإنكليزية رواية الجريمة والعقاب لديستوفسكي، وعن الإيطالية رواية الموت في إجازة، كما نشر دراسة عن شكسبير، وقام بإصدار مجلة حكيم البيت ، وألّف بعض الكتب الأدبية مثل مدينة الأحلام وعالم الأسرة وغيرهما.

- واجه نقداً عنيفاً عند صدور ديوانه الأول من العقاد وطه حسين معاً ، ويرجع هذا إلى ارتباطه بجماعة أبولو وقد وصف طه حسين شعره بأنه شعر صالونات لا يحتمل أن يخرج إلى الخلاء فيأخذه البرد من جوانبه ، وقد أزعجه هذا النقد فسافر إلى لندن وهناك دهمته سيارة عابرة فنقل إلى مستشفى سان جورج وقد عاشت هذه المحنة في أعماقه فترة طويلة حتى توفي في الرابع والعشرين من شهر مارس في عام 1953.
- وقد صدرت عن الشاعر إبراهيم ناجي بعد رحيله عدة دراسات مهمة، منها: إبراهيم ناجي للشاعر صالح جودت ، وناجي للدكتورة نعمات أحمد فؤاد ، كما كتبت عنه العديد من الرسائل العلمية بالجامعات المصرية .

ومن أشهر قصائده قصيدة الأطلال التي تغنت بها أم كلثوم ولحنها الموسيقار الراحل رياض السنباطي .

ومن دواوينه الشعرية :
وراء الغمام (1934) ، ليالي القاهرة (1944)، في معبد الليل (1948) ، الطائر الجريح (1953) ، وغيرها . كما صدرت أعماله الشعرية الكاملة في عام 1966 بعد وفاته عن المجلس الأعلى للثقافة.

د. ناصر شافعي 21 / 01 / 2010 53 : 11 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
قصيدة الأطلال( كاملة ) للدكتور إبراهيم ناجي :

[poem=font=",6,,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit4/backgrounds/2.gif" border="solid,4,blue" type=0 line=1 align=center use=ex num="0,black""]
يـا فُؤَادِي رَحِمَ اللّهُ الهَوَى = كَانَ صَرْحاً مِنْ خَيَالٍ فَهَوَى
اِسْقِني واشْرَبْ عَلَى أَطْلاَلِهِ= وارْوِ عَنِّي طَالَمَا الدَّمْعُ رَوَى
كَيْفَ ذَاكَ الحُبُّ أَمْسَى خَبَراً= وَحَدِيْثاً مِنْ أَحَادِيْثِ الجَوَى
وَبِسَــاطاً مِنْ نَدَامَى حُلُمٍ هم تَوَارَوا أَبَداً وَهُوَ انْطَوَى


يَارِيَاحاً لَيْسَ يَهْدا عَصْفُهَا = نَضَبَ الزَّيْتُ وَمِصْبَاحِي انْطَفَا
وَأَنَا أَقْتَاتُ مِنْ وَهْمٍ عَفَا= وَأَفي العُمْرَ لِنِاسٍ مَا وَفَى
كَمْ تَقَلَّبْتُ عَلَى خَنْجَرِهِ = لاَ الهَوَى مَالَ وَلاَ الجَفْنُ غَفَا
وَإذا القَلْبُ عَلَى غُفْرانِهِ= كُلَّمَا غَارَ بَهِ النَّصْلُ عَفَا


يَاغَرَاماً كَانَ مِنّي في دّمي = قَدَراً كَالمَوْتِ أَوْفَى طَعْمُهُ
مَا قَضَيْنَا سَاعَةً في عُرْسِهِ = وقَضَيْنَا العُمْرَ في مَأْتَمِهِ
مَا انْتِزَاعي دَمْعَةً مِنْ عَيْنَيْهِ= وَاغْتِصَابي بَسْمَةً مِنْ فَمِهِ
لَيْتَ شِعْري أَيْنَ مِنْهُ مَهْرَبي=أَيْنَ يَمْضي هَارِبٌ مِنْ دَمِهِ


لَسْتُ أَنْسَاكِ وَقَدْ اَغْرَيْتِني = بِفَمٍ عَذْبِ المُنَادَاةِ رَقِيْقْ
وَيَدٍ تَمْتَدُّ نَحْوي كَيَدٍ= مِنْ خِلاَلِ المَوْجِ مُدَّتْ لِغَرِيْقْ
آهِ يَا قِيْلَةَ أَقْدَامي إِذَا = شَكَتِ الأَقْدَامُ أَشْوَاكَ الطَّرِيْقْ
يَظْمَاُ السَّاري لَهُ = أَيْنَ في عَيْنَيْكِ ذَيَّاكَ البَرِيْقْ

لَسْتُ أَنْسَاكِ وَقَدْ أَغْرَيْتِني = بِالذُّرَى الشُّمِّ فَأَدْمَنْتُ الطُّمُوحْ
أَنْتِ رُوحٌ في سَمَائي = وَأنَالَكِ أَعْلُو فَكَأَنّي مَحْضُ رُوحْ
يَا لَهَا مِنْ قِمَمٍ كُنَّا بِهَا = نَتَلاَقَى وَبِسِرَّيْنَا نَبُوحْ
نَسْتَشِفُّ الغَيْبَ مِنْ أَبْرَاجِهَا = وَنَرَى النَّاسَ ظِلاَلاً في السُفُوحْ


أَنْتِ حُسْنٌ في ضُحَاهُ لُمْ يَزَلْ = وَاَنَا عِنْدِيَ أَحْزَانُ الطَّفَلْ
وَبَقَايَا الظِّلِّ مِنْ رَكْبٍ رَحَلْ = وَخُيُوطُ النُّورِ مِنْ نَجْمٍ أَفَلْ
أَلْمَحُ الدُّنْيَا بِعَيْنيْ سَئِمٍ = وَأَرَى حَوُلِيَ أَشْبَاحَ المَلَلْ
رَاقِصاتٍ فَوْقَ أَشْلاْءِ الهَوَى= مُعْولاَتٍ فَوْقَ أَجْدَاثِ الأَمَلْ


ذَهَبَ العُمْرُ هَبَاءً فَاذْهَبي = لَمْ يَكُنْ وَعْدُكِ إلاَ شَبَحَا
صَفْحَةً قَدْ ذَهَبَ الدَّهْرُ بِهَا = أَثْبَتَ الحُبَّ عَلَيْهَا وَمَحَا
اُنْظُري ضِحْكِي وَرَقْصي فَرِحاً= وَأَنَا أَحْمِلُ قَلْباً ذُبِحَا
وَيَرَاني النَّاسُ رُوحَاً طَائِراً = وَالجَوَى يَطْحَنُنِي طَحْنَ الرَّحَى


كُنْتِ تِمْثَالَ خَيَالي فَهَوَى = المَقَادِيْرُ أَرَادَتْ لاَ يَدِي
وَيْحَهَا لَمْ تَدْرِ مَاذا حَطَّمَتْ = حَطَّمَتْ تَاجي وَهَدَّتْ مَعْبَدِي
يَا حَيَاةَ اليَائِسِ المُنْفَرِد ِ= يَا يَبَاباً مَا بِهِ مِنْ أَحَدِ
يَا قَفَاراً لافِحَاتٍ مَا بِهَا = مِنْ نَجِيٍّ .. يَا سُكُونَ الأَبَدِ


أَيْنَ مِنْ عَيْني حَبِيبٌ سَاحِرٌ= فِيْهِ نُبْلٌ وَجَلاَلٌ وَحَيَاءْ
وَاثِقُ الخُطْوَةِ يَمْشي مَلِكاً= ظَالِمُ الحُسْنِ شَهِيُّ الكِبْرِيَاءْ
عَبِقُ السِّحْرِ كَأَنْفَاسِ الرُّبَى=سَاهِمُ الطَّرْفِ كَأَحْلاَمِ المَسَاءْ
مُشْرِقُ الطَّلْعَةِ في مَنْطِقِهِ= لُغَةُ النُّورِ وَتَعْبِيْرُ السَّمَاءْ


أَيْنَ مِنّي مَجْلِسٌ أَنْتَ بِهِ= فِتْنَةٌ تَمَّتْ سَنَاءٌ وَسَنَى
وَأَنَا حُبٌّ وَقَلْبٌ هَائِمٌ= وَخَيَالٌ حَائِرٌ مِنْكَ دَنَا
وَمِنَ الشَّوْقِ رَسُلٌ بَيْنَنَا=وَنَدِيْمٌ قَدَّمَ الكَاْسَ لَنَا
وَسَقَانَا فَانْتَفَضْنَا لَحْظَةً= لِغُبَارٍ آدَمِيٍّ مَسَّنَا


قَدْ عَرَفْنَا صَوْلَةَ الجِسْمِ الّتِي= تَحْكُمُ الحَيَّ وَتَطْغَى في دِمَاهْ
وَسَمَعْنَا صَرْخَةً في رَعْدِهَا= سَوْطُ جَلاَّدٍ وَتَعْذِيْبُ إلَهْ
أَمَرَتْنَا فَعَصَيْنَا أَمْرَهَا= وَأَبَيْنَا الذُلَّ أَنْ يَغْشَى الجِبَاهْ
حَكَمَ الطَّاغي فَكُنَّا في العُصَاهْ= وَطُرِدْنَا خَلْفَ أَسْوَارِ الحَيَاهْ


يَا لَمَنْفِيَّيْنِ ضَلاَّ في الوُعُورْ= دَمِيَا بِالشَّوْكِ فيْهَا وَالصُّخُورْ
كُلَّمَا تَقْسُو اللَّيَالي عَرَفَا= رَوْعَةَ اللآلامِ في المَنْفَى الطَّهُورْ
طُرِدَا مِنْ ذَلِكَ الحُلْمِ الكَبِيْرْ= لِلْحُظُوظِ السُّودِ واللَّيْلِ الضَّريْرْ
يَقْبَسَانِ النُّورَ مِنْ رُوحَيْهِمَا= كُلَّمَا قَدْ ضَنَّتِ الدُّنْيا بِنُورْ


أَنْتِ قَدْ صَيَّرْتِ أَمْرِي عَجَبَا= كَثُرَتْ حِوْليَ أَطْيَارُ الرُّبَى
فَإِذا قُلْتُ لِقَلْبي سَاعَةً= قُمْ نُغَرِّدْ لِسِوَى لَيْلَى أَبَى
حَجَبَتْ تَأْبى لِعَيْني مَأْرَبَا=غَيْرُ عَيْنَيْكِ وَلاَ مَطَّلَبَا
أَنْتِ مَنْ أَسْدَلَهَا لا تَدَّعي= أَنَّني أسْدَلْتُ هَذي الحُجُبَا


وَلَكَمْ صَاحَ بِيَ اليَأْسُ انْتزِعْهَا=فَيَرُدُّ القَدَرُ السَّاخِرُ: دَعْهَا
يَا لَهَا مِنْ خُطَّةٍ عَمْيَاءَ لَوْ=أَنَّني اُبْصِرُ شَيْئاً لَمْ اُطِعْهَا
وَلِيَ الوَيْلُ إِذَا لَبَّيْتُهَا =وَلِيَ الوَيْلُ إِذا لَمْ أَتَّبِعْهَا
قَدْ حَنَتْ رَأْسي وَلَو كُلُّ القِوَى=تَشْتَري عِزَّةَ نَفْسي لَمْ أَبِعْهَا


يَاحَبِيْباً زُرْتُ يَوْماً أَيْكَهُ=طَائِرَ الشَّوْقِ اُغَنّي أَلَمي
لَكَ إِبْطَاءُ المُدلِّ المُنْعِمِ=وَتَجَنّي القَادرِ المُحْتَكِمِ
وَحَنِيْني لَكَ يَكْوي أَضْلُعي=وَالثَّوَاني جَمَرَاتٌ في دَمي
وَأَنَا مُرْتَقِبٌ في مَوْضِعي =مُرْهَفُ السَّمْعِ لِوَقْعِ القَدَمِ


قَدَمٌ تَخْطُو وَقَلْبي مُشْبِهٌ=مَوْجَةً تَخْطُو إِلى شَاطِئِهَا
أيُّهَا الظَّالِمُ بِاللَّهِ إلَى كَمْ=أَسْفَحُ الدَّمْعَ عَلَى مَوْطِئِهَا
رَحْمَةٌ أَنْتَ فَهَلْ مِنْ رَحْمَةٍ =لِغَريْبِ الرّوحِ أَوْ ظَامِئِهَا
يَا شِفَاءَ الرُّوحِ رُوحي تَشْتَكي =ظُلْمَ آسِيْهَا إِلى بَارِئِهَا


أَعْطِني حُرِّيَتي اَطْلِقْ يَدَيَّ=إِنَّني أَعْطَيْتُ مَا اسْتَبْقَيْتُ شَيَّ
آهِ مِنْ قَيْدِكَ أَدْمَى مِعْصَمي=لِمَ اُبْقِيْهِ وَمَا أَبْقَى عَلَيَّ
مَا احْتِفَاظي بِعُهُودٍ لَمْ تَصُنْهَا=وَإِلاَمَ اللأَسْرُ وَالدُّنْيا لَدَيَّ
هَا أَنَا جَفَّتْ دُمُوعي فَاعْفُ عَنْهَا=إِنّهَا قَبْلَكَ لَمْ تُبْذَلْ لِحَيَّ


وَهَبِ الطَّائِرَ عَنْ عُشِّكَ طَارَا=جَفَّتِ الغُدْرَانُ وَالثَّلْجُ أَغَارَا
هَذِهِ الدُّنْيَا قُلُوبٌ جَمَدَتْ=خَبَتِ الشُّعْلَةُ وَالجِمْرُ تَوَارَى
وَإِذا مَا قَبَسَ القَلْبُ غَدَا=مِنْ رَمَادٍ لاَ تَسَلْهُ كَيْفَ صَارَا
لاَ تَسَلْ واذْكُرْ عَذابَ المُصْطَلي=وَهُوَيُذْكِيْهِ فَلاَ يَقْبَسُ نَارَا


لاَ رَعَى اللّه مَسَاءً قَاسِياً=قَدْ أَرَاني كُلَّ أَحْلامي سُدى
وَأَرَاني قَلْبَ مَنْ أَعْبُدُهُ=سَاخِراً مِنْ مَدْمَعي سُخْرَ العِدَا
لَيْتَ شِعْري أَيُّ أَحْدَاثٍ جَرَتْ=أَنْزَلَتْ رُوحَكَ سِجْناً مُوصَدا
صَدِئَتْ رُوحُكَ في غَيْهَبِهَا=وَكَذا الأَرْوَاحُ يَعْلُوهَا الصَّدا



قَدْ رَأَيْتُ الكَوْنَ قَبْراً ضَيِّقاً=خَيَّمَ اليَاْسُ عَلَيْهِ وَالسُّكُوتْ
وَرَأَتْ عَيْني أَكَاذيْبَ الهَوَى=وَاهِيَاتٍ كَخُيوطِ العَنْكَبُوتْ
كُنْتَ تَرْثي لِي وَتَدْري أَلَمي=لَوْ رَثَى لِلدَّمْعِ تِمْثَالٌ صَمُوتْ
عِنْدَ أَقْدَامِكَ دُنْيَا تَنْتَهي=وَعَلَى بَابِكَ آمَالٌ تَمُوتْ


كُنْتَ تَدْعونيَ طِفْلاُ كُلَّمَا=ثَارَ حُبّي وَتَنَدَّتْ مُقَلِي
وَلَكَ الحَقُّ لَقَدْ عَاِشَ الهَوَى=فيَّ طِفْلاً وَنَمَا لَم يَعْقَلِ
وَرَأَى الطَّعْنَةَ إذْ صَوَّبْتَهَا=فَمَشَتْ مَجْنُونةً لِلْمَقْتَلِ
رَمَتِ الطِّفْلَ فَأَدْمَتْ قَلْبَهُ=وَأَصَابَتْ كِبْرِيَاءَ الَّرجُلِ



قُلْتُ لِلنَّفْسِ وَقَدْ جُزْنَا الوَصِيْدَا=عَجِّلي لا يَنْفَعُ الحَزْمُ وَئِيْدَا
وَدَعي الهَيْكَلَ شُبَّتْ نَارُهُ=تَأكُلُ الرُّكَّعَ فِيْهِ وَالسُّجُودَا
يَتَمَنّى لي وَفَائي عَوْدَةً=وَالهَوَى المَجْرُوحُ يَاْبَى أَنْ نَعُودَا
لِيَ نَحْوَ اللَّهبِ الَّذاكي بِهِ=لَفْتَةُ العُودِ إِذا صَارَ وُقُوداً


لَسْتُ أَنْسَى أَبَدا=سَاعَةً في العُمُرِ
تَحْتَ رِيْحٍ صَفَّقَتْ=لارْتِقَاصِ المَطَرِ
نَوَّحَتْ لِلذّكَرِ=وَشَكَتْ لِلْقَمَرِ
وَإِذا مَا طَرِبَتْ=عَرْبَدَتْ في الشَّجَرِ


هَاكَ مَا قَدْ صَبَّتِ=الرِّيْحُ بِاُذْنِ الشَّاعِرِ
وَهْيَ تُغْري القَلْبَ=إِغْرَاءِ النَّصِيْحِ الفَاجِرِ



أَيُّهَا الشَّاعِرُ تَغْفو=تَذْكُرُ العَهْدَ وَتَصْحو
وَإِذا مَا إَلتَأَمَ جُرْحٌ=جَدَّ بِالتِذْكَارِ جُرْحُ
فَتَعَلَّمْ كَيْفَ تَنْسى=وَتَعَلَّمْ كَيْفَ تَمْحو
أَوَ كُلُّ الحُبِّ في رَأْيِكَ=غُفْرَانٌ وَصُفْحُ


هَاكَ فَانْظُرْ عَدَدَ=الرَّمْلِ قُلُوباً وَنِسَاءْ
فَتَخَيَّرْ مَا تَشَاءْ=ذَهَبَ العُمْرُ هَبَاءْ
ضَلَّ في الأَرْضِ الّذي=يَنْشُدُ أَبْنَاءَ السَّمَاءْ
أَيُّ رُوحَانِيَّةٍ تُعْصَرُ= مِنْ طِيْنٍ وَمَاءْ



أَيُّهَا الرِّيْحُ أَجَلْ لَكِنَّمَا=هِيَ حُبِّي وَتَعِلَّاتِي وَيَأْسِي
هِيَ في الغَيْبِ لِقَلْبي خُلِقَتْ= أَشرَقَتْ لي قَبْلَ أَنْ تُشْرِقَ شَمْسِي
وَعَلَى مَوْعِدِهَا أَطْبَقَتُ عَيْني= وَعَلى تَذْكَارِهَا وَسَّدْتُ رَأْسِي



جَنَّتِ الرِّيْحُ وَنَا= دَتْــهُ شَيَاطِيْنُ الظَّلاَمْ
أَخِتاَماً كَيْفَ يَحْلو=لَكَ في البِدْءِ الخِتَامْ


يَا جَرِيْحاً أَسْلَمَ الـ=جُـرْح حَبِيْباً نَكَأَهْ
هُوَ لاَ يَبْكي إّذَا الـ=ـــــنَّـاعِي بِهَذَا نَبَّأَهْ
أَيُّهَا الجَبَّارُ هَلْ =تُصْـرَعُ مِنْ أَجلِ امْرأَهْ



يَالَهَا مِنْ صَيْحَةٍ مَا بَعَثَتْ= عِنْدَهُ غَيْرَ أَليْمِ الذِّكَرِ
أَرِقَتْ في جَنْبِهِ فَاسْتَيْقَظَتْ= كَبَقَايَا خَنْجَرٍ مُنْكَسِرِ
لَمَعَ النَّهْرُ وَنَادَاهُ لَهُ= فَمَضَى مُنْحَدِراً لِلنَّهَرِ
نَاضِبَ الزَّادِ وَمَا مِنْ سَفَر= دُونِ زَادٍ غَيْرُ هَذَا السَّفَرِ



يَاحَبِيْبي كُلُّ شَيْءٍ بِقَضَاءْ= مَا بِأَيْدينَا خُلِقْنَا تُعَسَاءْ
رُبَّمَا تَجْمَعُنَا أَقْدَارُنَا= ذَاتَ يَوْمٍ بَعْدَمَا عَزَّ الِّلقَاءْ
فَإِذا أَنْكَرَ خِلٌّ خِلَّهُ = وَتَلاَقَيْنَا لِقَاءَ الغُرَبَاءْ
وَمَضَى كُلٌّ إِلَى غَايَتِهِ= لاَ تَقُلْ شِئْنَا! فَإِنَّ الحَظَّ شَاء


يَا نِدَاءً كُلَّمَا أَرْسَلْتُهُ= رُدَّ مَقْهُوراً وَبِالحَظِّ ارْتَطَمْ
وَهُتَافاً مِنْ أَغَاريْد المُنَى= عَادَ لي وَهْوَ نُوَاحٌ وَنَدَمْ
رُبَّ تِمْثَالِ جَمَالٍ وَسَنَا= لاَحَ لِي وَالعَيْشُ شَجْوٌ وَظُلَمْ
إِرْتَمَى اللَّحْنُ عَلَيْهِ جَاثِيَاً= لَيْسَ يَدْرِي أَنَّهُ حُسْنٌ أَصَمْ


هَدَأَ اللَّيْلُ وَلاَ قَلْبَ لَهُ= أَيُّهَا السَّاهِرُ يَدْري حَيْرَتَكْ
اَيُّهَا الشَّاعِرُ خُذْ قِيْثَارَتَكْ =غَنِّ أَشْجَانَكَ وَاسْكُبْ دَمْعَتَكْ
رُبَّ لَحْنٍ رَقَصَ النَّجْمُ لَهُ= وَغَزَا السُّحْبَ وَبِالنَّجْمِ فَتَكْ
غَنِّهِ حَتَّى نَرَى سِتْرَ الدُّجَى = طَلَعَ الفَجْرُ عَلَيْهِ فَانْتَهَكْ


وَإِذا مَا زَهَرَاتٌ ذُعِرَتْ = وَرَأَيْتَ الرُّعْبَ يَغْشَى قَلْبَهَا
فَتَرَفَّقْ وَاتَّئِدْ وَاعْزِفْ لَهَا = مِنْ رَقِيْقِ اللَّحْنِ وَامْسَحْ رُعْبَهَا
رُبَّمَا نَامَتْ عَلَى مَهْدِ اللأَسَى = وَبَكَتْ مُسْتَصْرِخَاتٍ رَبَّهَا
أَيُّهَا الشَّاعِرُ كَمْ مِنْ زَهْرَةٍ =عَوقِبَتْ لَمْ تَدْرِ يَوْماً ذَنْبَهَا[/poem]

د. ناصر شافعي 22 / 01 / 2010 18 : 12 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر
( 15 )
الإمام البوصيري
رائد مدرسة شعر المديح المحمدي

[size="5"][right]
ولد البوصيري بقرية بإحدى قرى محافظة بني سويف من صعيد مصر ( دلاص ) ، في (أول شوال 608هـ = 7 من مارس 1213م) ونشأ بقرية "أبوصير الملق" ببني سويف القريبة من مسقط رأسه، ثم انتقل بعد ذلك إلى القاهرة حيث تلقى علوم العربية والأدب.


اشتهر الإمام "شرف الدين محمد بن سعيد بن حماد الصنهاجي البوصيري" بمدائحه النبوية، التي ذاعت شهرتها في الآفاق، وتميزت بروحها العذبة وعاطفتها الصادقة، وروعة معانيها، وجمال تصويرها، ودقة ألفاظها، وحسن سبكها، وبراعة نظمها؛ فكانت بحق مدرسة لشعراء المديح من بعده، ومثالا يحتذيه الشعراء لينسجوا على منواله، ويسيروا على نهجه؛ فظهرت قصائد عديدة في فن المدائح النبوية، أمتعت عقل ووجدان ملايين المسلمين على مرّ العصور، ولكنها كانت دائمًا تشهد بريادة الإمام البوصيري وأستاذيته لهذا الفن بلا منازع.
وقد تلقى البوصيري العلم منذ نعومة أظفاره؛ فحفظ القرآن[ في طفولته، وتتلمذ على عدد من أعلام عصره، كما تتلمذ عليه عدد كبير من العلماء المعروفين، منهم: أثير الدين محمد بن يوسف المعروف بأبو حيان الغرناطي ، وفتح الدين أبو الفتح محمد بن محمد العمري الأندلسي الإشبيلي المصري، المعروف بابن سيد الناس... وغيرهما.

وتُعد قصيدته الشهيرة "الكواكب الدرية في مدح خير البرية"، والمعروفة باسم "البردة" من عيون الشعر العربي، ومن أروع قصائد المدائح النبوية، ودرة ديوان شعر المديح في الإسلام، الذي جادت به قرائح الشعراء على مرّ العصور، ومطلعها من أبرع مطالع القصائد العربية، يقول فيها:


أَمِنْ تذكّر جيرانٍ بذي سلم مزجتَ دمعًا جرى من مقلـة بـدمْ؟
أم هبت الريحُ من تلقاء كاظمةٍ وأومضَ البرقُ في الظلماء من إِضَمْ؟
فما لعينيك إن قلت اكففا همتا؟ وما لقلبك إن قلت استفـق يهــمْ؟

وهي قصيدة طويلة تقع في 160 بيتًا، يقول في نهايتها:

يا نفسُ لا تقنطي من زلةٍ عظُمتْ إن الكبائرَ في الغفرانِ كاللمَم


وقد ظلت تلك القصيدة مصدر إلهام للشعراء على مر العصور، يحذون حذوها وينسجون على منوالها، وينهجون نهجها، ومن أبرز معارضات الشعراء عليها قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي "نهج البردة"، التي تقع في 190 بيتا، ومطلعها:
ريم على القاع بين البانِ والعلمِ أحلَ سفكَ دمي في الأشهر الحرمِ " وهذا البيت مقتبس من شعر المتنبى


آثار البوصيري الشعرية والنثرية

ترك البوصيري عددًا كبيرًا من القصائد والأشعار ضمّها ديوانه الشعري الذي حققه "محمد سيد كيلاني"، وطُبع بالقاهرة سنة (1374 هـ= 1955م)، وقصيدته الشهيرة البردة "الكواكب الدرية في مدح خير البرية"، والقصيدة "المضرية في مدح خير البرية"، والقصيدة "الخمرية"، وقصيدة "ذخر المعاد"، ولامية في الرد على اليهود والنصارى بعنوان: "المخرج والمردود على النصارى واليهود"، وقد نشرها الشيخ "أحمد فهمي محمد" بالقاهرة سنة (1372 هـ= 1953م)، وله أيضا "تهذيب الألفاظ العامية"، وقد طبع كذلك بالقاهرة.

وتُوفِّي الإمام البوصيري بالإسكندرية سنة (695 هـ= 1295م) عن عمر بلغ 87 عامًا.

د. ناصر شافعي 22 / 01 / 2010 29 : 01 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر
( 16 )
علي محمود طه : (1901- 1949)
شاعر الجندول

http://www.nooreladab.com/vb/attachm...1&d=1264109055
ولد علي محمود طه في الثالث من أغسطس سنة 1901 بمدينة المنصورة عاصمة الدقهلية لأسرة من الطبقة الوسطى وقضى فيها صباه . حصل على الشهادة الابتدائية وتخرج في مدرسة الفنون التطبيقية سنة 1924م حاملاً شهادة تؤهله لمزاولة مهنة هندسة المباني . واشتغل مهندساً في الحكومة لسنوات طويلة ، إلى أن يسّر له اتصاله ببعض الساسة العمل في مجلس النواب .

وقد عاش حياة سهلة لينة ينعم فيها بلذات الحياة كما تشتهي نفسه الحساسة الشاعرة . وأتيح له بعد صدور ديوانه الأول " الملاح التائه " عام 1934 فرصة قضاء الصيف في السياحة في أوربا يستمتع بمباهج الرحلة في البحر ويصقل ذوقه الفني بما تقع عليه عيناه من مناظر جميلة .

وقد احتل علي محمود طه مكانة مرموقة بين شعراء الأربعينيات في مصر منذ صدر ديوانه الأول " الملاح التائه "، وفي هذا الديوان نلمح أثر الشعراء الرومانسيين الفرنسيين واضحاً لا سيما شاعرهم لامارتين .

وإلى جانب تلك القصائد التي تعبر عن فلسفة رومانسية غالبة كانت قصائده التي استوحاها من مشاهد صباه حول المنصورة وبحيرة المنزلة من أمتع قصائد الديوان وأبرزها.

وتتابعت دواوين علي محمود طه بعد ذلك فصدر له : ليالي الملاح التائه (1940)- أرواح وأشباح (1942)- شرق وغرب (1942)- زهر وخمر (1943)- أغنية الرياح الأربع (1943)- الشوق العائد (1945)- وغيرها.

توفى علي محمود طه في 17 نوفمبر سنة 1949.

د. ناصر شافعي 22 / 01 / 2010 33 : 01 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
الجندول

كلمات : علي محمود طه


اين من عيني هاتيك المجالي ياعروس البحر , ياحلم الخيال

اين عشاقك سمار الليالي اين من واديك يامهد الجمال

موكب الغيد وعيد الكرنفال وسرى الجندول في عرض القتال

بين كأس يتشهى الكرم خمره

وحبيب يتمنى الكأس ثغره

التقت عيني به أول مره

فعرفت الحب من أول نظره

أين من عيني هاتيك المجالي ياعروس البحر , يا حلم الخيال

مر بي مستضحكا في قرب ساقي يمزج الراح بأقداح رقاق

قد قصدناه على غير اتفاق فنظرنا , و ابتسمنا للتلاقي

وهو يستهدي على المفرق زهره

ويسوي بيد الفتنة شعره

حين مست شفتي اول قطره

خلته ذوب في كأسي عطره

أين من عيني هاتيك المجالي ياعروس البحر , يا حلم الخيال

ذهبي الشعر , شرقي السمات مرح الأعطاف , حلو اللفتات

كلما قلت له : خذ . قال : هات ياحبيب الروح يا أنس الحياة

أنا من ضيع في الاوهام عمره

نسي التاريخ أو أنسي ذكره

غير يوم لم يعد يذكره غيره

يوم ان قابلته أول مرة

أين من عيني هاتيك المجالي ياعروس البحر , ياحلم الخيال

قال: من اين ؟ وأصغي ورنا قلت : من مصر , غريب ههنا

قال : ان كنت غريبا فأنا لم تكن فينيسيا لي موطنا

أين مني الان أحلام البحيرة

وسماء كست الشطآن نضره

منزلي منها على قمة صخره

ذات عين من معين الماء ثره

أين من فارسوفيا تلك المجالي يا عروس البحر , ياحلم الخيال

قلت, والنشوة تسري في لساني: هاجت الذكرى , فأين الهرمان

أين وادي السحر صداح المغاني؟ أين ماء النيل ؟ أين الضفتان

آه لو كنت معي نختال عبره

بشراع تسبح الأنجم اثره

حيث يروي الموج في أرخم نبره

حلم ليل من ليالي كليوبتره

أين من عيني هاتيك المجالي يا عروس البحر , ياحلم الخيال

ايها الملاح قف بين الجسور فتنة الدنيا وأحلام الدهور

صفق الموج لولدان وحور يغرقون الليل في ينبوع نور

ماترى الاغيد وضاء الاسره؟

دق بالساق وقد اسلم صدره

لمحب لف بالساعد خصره؟

ليت هذا الليل لا يطلع فجره

أين من عيني هاتيك المجالي ياعروس البحر , ياحلم الخيال

رقص الجندول كالنجم الوضي فاشد ياملاح بالصوت الشجي

وترنم بالنشيد الوثني هذه الليلة حلم العبقري

شاعت الفرحة فيها والمسره

وجلا الحب على العشاق سره

يمنة مل بي على الماء ويسره

ان للجندول تحت الليل سحره

اين يافينيسيا تلك المجالي؟ أين عشاقك سما ر الليالي ؟

أين من عيني يامهد الجمال ؟ موكب الغيد وعيد الكرنفال؟

ياعروس البحر , ياحلم الخيال !!

د. ناصر شافعي 22 / 01 / 2010 45 : 01 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
الأستاذ القدير .. و الأديب و الناقد الكبير .. الأستاذ عبد الحافظ بخيت :

إنه لفخر كبير أن يتشرف هذا الملف بإشراف سيادتكم .. ولاشك أن إختيار الأستاذ طلعت سقيرق لإشراف سيادتكم هو إختيار حكيم .. لناقد و أديب مصري كبير في مكانة سيادتكم سوف يكون له الأثر المفيد و الهام في دعم و إثراء هذا الملف القدير ..
بإذن الله سوف أضيف العديد من أعلام الأدب العربي في مصر تباعاً .. و يسعدني و يشرفني أن يشرف الأستاذ عبد الحافظ بخيت على هذا الملف .. خاصة وأنه سوف يحتوي على تراجم للأدباء المصريين الذين أثروا الأدب العربي في جميع فروع الأدب و ألوانه .

خالص شكري و تقديري .

د. ناصر شافعي

د. ناصر شافعي 22 / 01 / 2010 50 : 11 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر
( 17 )
أحمد أمين
مؤرخ الفكر الإسلامي

1886-1954
من رواد النهضة العربية الحديثة فى الأدب والفكر .

أحمد امين أديب ومفكر ومؤرخ وكاتب موسوعى بدأ حياته أزهريا، ثم عمل مدرسا بمدرسة القضاء الشرعي سنوات طويلة، ثم جلس على كرسي القضاء ليحكم بين الناس بالعدل، فصار العدل رسما له إلى جانب رسمه، ثم أصبح أستاذا بالجامعة، فعميدا رغم أنه لا يحمل درجة الدكتوراة .

ساهم في إنشاء أكبر مجلتين في تاريخ الثقافة العربية هما: "الرسالة"، و"الثقافة"، ثم بدأ رحلة من البحث والتنقيب في الحياة العقلية للعرب، فجاء بعد عناء طويل بـ"فجر الإسلام" و"ضحى الإسلام" و"ظُهر الإسلام".

أسس " لجنة التأليف والترجمة والنشر " .

أنشأ مجلة أدبية أسبوعية بإسم " الثقافة " .

أنشأ الجامعة الشعبية التى تحولت إلى الثقافة الجماهيرية وهيئة قصور الثقافة .. الآن .

أنشأ معهد المخطوطات العربية التابع لجامعة الدول العربية .

شغل منصب عميد كلية الآداب .

أما شهرته فقامت على ما كتبه من تاريخ للحياة العقلية في الإسلام في سلسلته عن فجر الإسلام وضحاه وظهره، لأنه فاجأ الناس بمنهج جديد في البحث وفي أسلوبه ونتائجه فأبدى وجها في الكتابة التحليلية لعقل الأمة الإسلامية لم يُبدِه أحدٌ من قبله على هذا النحو لذلك صارت سلسلته هذه عماد كل باحث جاء من بعده ، فالرجل حمل سراجًا أنار الطريق لمن خلفه نحو تاريخ العقلية الإسلامية.

غير أنه كتب فصلا عن الحديث النبوي وتدوينه ووضع الحديث وأسبابه، لم يتفق معه فيه بعض علماء عصره العظام مثل: الشيخ محمد أبو زهرة، والدكتور مصطفى السباعي، فصوبوا ما يحتاج إلى تصويب في لغة بريئة وأدب عف، وقرأ أحمد أمين ما كتبوا وخصهم بالثناء، إلا أن البعض الآخر قال: إنه تلميذ المستشرقين واتهموه بأنه يشكك في جهود المحدثين، والظاهر صحة هذه الاتهامات.

والواقع أن كتابا كـ "فجر الإسلام" يقع في عدة أجزاء كبار عن تاريخ الحياة العقلية في الإسلام منذ ظهوره وحتى سقوط الخلافة الأموية تعرّض فيه كاتبه لآلاف الآراء ومئات الشخصيات، لا بد أن توجد فيه بعض الأمور والآراء التي تحتاج إلى تصويب دون أن يذهب ذلك بفضله وسبقه وقيمته. وجد أحمد أمين صعوبة كبيرة في تحليل الحياة العقلية العربية، ويقول في ذلك: "لعل أصعب ما يواجه الباحث في تاريخ أمته هو تاريخ عقلها في نشوئه وارتقائه وتاريخ دينها وما دخله من آراء ومذاهب".

في كتابه "ضحى الإسلام" تحدث عن الحياة الاجتماعية والثقافية ونشأة العلوم وتطورها والفرق الدينية في العصر العباسي الأول، وأراد بهذه التسمية (ضحى الإسلام) الاعتبار الزمني لتدرج الفكر العلمي من عصر إلى عصر، واستطاع بأسلوب حر بليغ أن يمزج السياسة بالفكر عند الحديث عن الظواهر الجديدة في المجتمع الإسلامي، وكذلك تدرّج اللهو بتدرَج العصور إذ بدأ ضئيلا في العهد الأول ثم استشرى في العصور التالية، وحلل الزندقة وأسباب ظهورها وانتشارها وخصائص الثقافات الأجنبية من فارسية وهندية… إلخ، وهذا الكتاب من أَنْفَس ما كتب وهو من ذخائر الفكر الإسلامي دون نزاع.

أما كتابه "زعماء الإصلاح في العصر الحديث" فاشتهر اشتهارا ذائعا لأنه قُرِّر على طلاب المدارس عدة سنوات ، فكثرت طبعاته وتداولتها الأيدي على نطاق واسع. وكتاب "فيض الخاطر" جمع فيه مقالاته المختلفة في "الرسالة" و"الثقافة" وغيرهما، وبلغت حوالي 900 مقالة في عشرة أجزاء، وكتاب "حياتي" الذي دوّن فيه سيرته الذاتية ، ويقول عن هذا الكتاب: "لم أتهيب شيئا من تأليف ما تهيبت من إخراج هذا الكتاب" ونشر قبل وفاته بأربع سنوات.

أما كتبه الأخرى فهي "ظُهر الإسلام"، و"يوم الإسلام"، و"قاموس العادات والتقاليد المصرية"، و"النقد الأدبي"، و"قصة الأدب في العالم"، و"قصة الفلسفة"... وغيرها.

تعاون مع بعض المحققين في إصدار كتاب "العقد الفريد" لابن عبد ربه، و"الإمتاع والمؤانسة"، لأبي حيان التوحيدي، و"الهوامل والشوامل"، و"البصائر والذخائر"، و"خريدة القصر وفريدة العصر".


توفي عام 1954 م .

د. ناصر شافعي 23 / 01 / 2010 31 : 12 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر
( 18 )
احمد رامي
شاعر الشباب.. الشاعر العاشق


شاعر مصري شهير ، من شعراء العصر الحديث .. أشتهر بشعره الرومانسي العاطفي .. و لقب بشاعر الشباب .. و أطلق عليه البعض لقب الشاعر العاشق. . كتب العديد من القصائد الشعرية باللغة العربية الفصخى و العامية .. و ألف العديد من الأعاني لكوكب الشرق المطربة أم كلثوم بلغت 110 أغنية .

ولد سنة 1892م في حي السيدة زينب ، تدرج في دراسته فأنهى تعليمه الابتدائي عام 1907، ثم التحق بمدرسة الخديوية الثانوية، وتخرج من مدرسة المعلمين العليا عام 1914، وعُين مدرسًا للجغرافيا واللغةالإنجليزية بمدرسة القاهرة الخاصة، أعقب ذلك تعينه أمين مكتبة المدرسين العُليا، وقد أتاح له هذا المنصب الجديد فرصة رائعة للنهل من مؤلفات الشعر والأدب بالعربية والإنجليزية والفرنسية.

وسافر الي باريس في بعثه لتعلم نظم الوثائق والمكتبات واللغات الشرقيةعام 1922 ثم حصل علي شهادة في المكتبات من جامعة السوربون . وعاد من باريس عام 1924، وقد ساعدته دراسته للغة الفارسية في ترجمة رباعيات الخيام بعد ذلك.

عشق رامي الشعر فقدم قصائده بألفاظ سهلة مفعمة بالمعاني والأحاسيس، أخترق الحياة الأدبية عام 1918 فأصدر ديوانه الاول والذي كان مختلفًا تمامًا عن الأسلوب الشعري السائد في هذا الوقت والذي سيطر عليه كل من المدرستين الشعريتين الحديثة والقديمة، وأعقب ديوانه الأول بديوانيين أخرين في عام 1925.

على الرغم من أن شعر رامي قد أبتدى بالفصحى إلا أنه أنتقل للعامية بعد ذلك، ولكنها عامية راقية سلبت لُب من استمع إليه، وتمكن من إبداع صور راقية لم تعهدها العامية المصرية قبله.

فى عام 1952 أُختير أمينًا للمكتبة بدار الكتب المصرية، وعمل على تطبيق ما درسه في فرنسا في تنظيم دار الكتب، تلى ذلك انضمامه إلى عصبة الأمم كأمين مكتبة عقب انضمام مصر إليها، كما عمل رامي كمستشار لدار الإذاعة المصرية، وبعد توليه هذا المنصب لثلاث سنوات عاد لدار الكتب كنائب لرئيسها.

ونال الكثير من التقدير عربياً وعالمياً، فحصل على جائزة الدولة التقديرية عام 1965، وسلمه الملك الحسن الثاني ملك المغرب في نفس العام وسام الكفاءة الفكرية المغربية من الطبقة الممتازة، وبعدها بعامين حصل علي جائزة الدولة التقديرية في الآداب، كما حصل على وسام الفنون والعلوم، وأهداه الرئيس أنور السادات الدكتوراه الفخرية في الفنون، ونوع أخر من التكريم حصل عليه رامي عندمات منح لوحة تذكارية محفور عليها اسمه من جمعية المؤلفين والملحنين بباريس.

من أهـم أعمـاله : -

ديوان رامي بأجزائه الأربعة – أغاني رامي – غرام الشعراء – رباعيات الخيام ) .

ثم مجموعة ضخمة من الأغاني التي تغنت بها كوكب الشرق " أم كلثوم " منها: " جددت حبك ليه " ، " رق الحبيب " ، " سهران لوحدي " .. كما ساهم في ثلاثين فيلما سينمائيا إما بالتأليف أو بالأغاني أو بالحوار ، من أهمها:

( نشيد الأمل – الوردة البيضاء – دموع الحب – يحيا الحب – عايدة – دنانير – وداد ). كما كتب للمسرح أيضا مسرحية "غرام الشعراء" من فصل واحد و ترجم مسرحية "سميراميس" ، في مجال ا! لترجمة ترجم كتاب "في سبيل التاج" عن فرانسوكوبيه" كما ترجم "شارلوت كورداي" ليوتسار ، ترجم "رباعيات الخيام" و عددها ١٧٥ و كانت أولي الترجمات العربية عن الفرنسية .


توفي في 5/6/1981.
__________________

د. ناصر شافعي 23 / 01 / 2010 02 : 01 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
مما قاله الشاعر الكبير الراحل أحمد رامي ، في رثاء أم كلثوم:

ما جال في خاطري أنّي سأرثـيها
بعد الذي صُغتُ من أشجى أغانيها
قد كنتُ أسـمعها تشدو فتُطربني
واليومَ أسـمعني أبكي وأبـكيهــا
وبي من الشَّجْوِ..من تغريد ملهمتي
ما قد نسيتُ بهِ الدنيا ومـا فـيها
وما ظننْـتُ وأحلامي تُسامرنـي
أنّي سأسـهر في ذكرى ليـاليها
يـا دُرّةَ الفـنِّ.. يـا أبـهى لآلئـهِ
سبـحان ربّي بديعِ الكونِ باريها
مهـما أراد بياني أنْ يُصـوّرها
لا يسـتطيع لـها وصفاً وتشبيها

د. ناصر شافعي 23 / 01 / 2010 45 : 11 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
من إبداعات شاعر الشباب أحمد رامي ، أقدم كلمات من الشعر العربي العامي الغنائي .. وهى " حيرت قلبي معاك " .. و هى من أجمل و أرق ما كتب الشاعر الراحل أحمد رامي باللغة العامية .. و تغنت كوكب الشرق بهذه الكلمات من ألحان رياض السنباطي .
كلمات : حيرت قلبي معاك




حيرت قلبى معاك وانا بدارى واخبى

قول لى اعمل ايه وياك والا اعمل ايه ويا قلبى

بدى اشكى لك من نار حبى

بدى احكى لك عا لى فى قلبي

واقول لك عا لى سهرنى

واقول لك عالبكانى

وصورك لك ضنى روحى

وعزة نفسى منعانى



يا قاسي بص في عيني.. وشوف إيه أنكتب فيها

دي نظرة شوق وحنيه .. ودي دمعة بداريها

وده خيال بيين الأجفان.. فضل معاي الليل كله

سهرني بين فكر وأشجان.. وفات لي جوه العين ظله

وبين شوقي وحرماني.. وحيرتي ويا كتماني

بدي اشكي لك من نار حبي

بدي احكي لك ع اللي في قلبي

وأقول لك على اللي سهرني.. وأقول لك ع اللي بكاني

وصور لك ضنى روحي ..وعزة نفسي منعاني



يا ما ليالى انا وخيالى .. افضل اصبر روحى بكلمه يوم قولتها لى

وأبات افكر فى اللى جرى لك واللى جرى لى

واقول ماشافشى الحيره عليه لما باسلم

ولا شافش يوم الشوق فى عنيه راح يتكلم

وارجع واسامحك تانى واحن لك والقانى

بدى اشكى لك من نار حبى

بدى احكى لك عا للى فى قلبى

واقول لك عا لى سهرنى

واقول لك عا لى بكانى

واصور لك ضنى روحى وعزة نفسى منعانى




خاصمتك بينى وبين روحى

وصالحتك .. وخاصمتك تانى !!

واقول أبعد يصعب على روحى تطاوعنى ليزيد حرمانى

هافضل احبك من غير ما قول لك ايه اللى حير افكارى

لحد قلبك ما يوم يدلك على هواى المدارى

ولما يرحمنى قلبك ويبان نعيمى هواك

وتنادى عاللى انشغل بك وروحى تسمع نداك

ارضى اشكى لك من نار حبى وابقى احكى لك عالى فى قلبى

واقول لك عالى سهرنى واقول لك عاللى بكانى

واقول يا قلبى ليه تخبى وليه يا نفسى منعانى

أحمد رامي

د. ناصر شافعي 24 / 01 / 2010 00 : 12 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر
( 19 )
عبدالرحمن الرافعي
مؤسس علم أدب التاريخ الحديث في مصر والعالم العربي


مؤرخ وسياسي ومفكر اجتماعي مصري . وُلد عبدالرحمن الرافعي في 8 فبراير 1889، بحي الخليفة بالقاهرة، تلقى تعليمه في المدارس الحكومية، بالقاهرة، ثم مدرسة رأس التين الابتدائية بالإسكندرية، حتى أنهى المرحلة الثانوية سنة 1904. ثم انتقلت الأسرة إلى القاهرة والتحق الرافعي بمدرسة الحقوق والتي أنهى دراسته بها في 1908. اتجه عقب تخرجه في مدرسة الحقوق إلى العمل بالمحاماة، فترة قليلة لم تتجاوز شهراً واحداً، لبى بعدها دعوة محمد فريد للعمل محرراً بجريدة اللواء لسان حال الحزب الوطني، حيث بدأت معها حياته الصحفية.

بدأ الرافعي نشاطه السياسي عام 1907 حيث انضم إلي الحزب الوطني بزعامة مصطفي كامل. انشغل الرافعي بعلاقة التاريخ القومي بالوعي القومي من ناحية، وبنشوء وتطور الدولة القومية الحديثة من ناحية أخري.. وهو أول من دعا في مصر والعالم العربي إلى (حركة تعاونية) لتطوير الزراعة وتنمية الريف ورفع مستوي الحياة الريفية كشرط للنهوض الاقتصادي والتقدم الاجتماعي وتدعيم أسس الاستقلال السياسي. بدأ الكتابة في سن مبكرة، وأصدر كتابه الأول (حقوق الشعب) عام 1912، وفيه تجلت قدرته كمفكر سياسي وقانوني، ركز فيه علي مبادئ الحكم الدستوري والاستقلال الوطني وحكم القانون وحقوق الإنسان من مزيج الفقه الإسلامي وفكر عصر التنوير الأوروبي.. واصدر كتابه الثاني (نقابات التعاون الزراعي) عام 1914 وفيه نبه إلي أولوية (تحسين)أو تنمية الريف مادياً واجتماعياً وبشرياً، ورأي أن التعليم ينبغي أن تضمنه الدولة وتضمن خدمته المباشرة لهدف أولوية التحسين، وفي عام 1922 أصدر كتاباً استثنائياً بالنسبة له وبالنسبة لسياق الثقافة المصرية الحديثة آنذاك بعنوان (الجمعيات الوطنية) أبصر فيه العلاقة بين كل من التماسك الاجتماعي والسياسي والنمو الاقتصادي.

اشترك الرافعي في أول انتخابات أجريت حسب دستور 1923، حيث رشح نفسه في انتخابات مجلس النواب وفاز أمام مرشح حزب الوفد، وشكل مع من قدر لهم الفوز من أعضاء الحزب الوطني المعارضة في مجلس النواب، وتولى رئاسة المعارضة بمجلس النواب على هدي مبادئ الحزب الوطني. غير أن هذا المجلس لم تطل به حياة بعد استقالة سعد زغلول من رئاسة الحكومة، ثم عاد إلى المجلس مرة أخرى بعد الانتخابات التي أجريت في سنة 1925، ولم يكد المجلس الجديد يجتمع في يوم 23 مارس 1925 حتى حُلّ في اليوم نفسه.

ظل الرافعي بعيداً عن الحياة النيابية قرابة 14 عاماً، عاد بعدها نائباً في مجلس الشيوخ بالتزكية، وبقي فيه حتى انتهت عضويته به سنة 1951، وخلال هذه الفترة تولى وزارة التموين في حكومة حسين سري الائتلافية سنة 1949.

أعماله و مؤلفاته :

بدأ الرافعي تأليف سلسلة كتبه التاريخية بعد أن انسحب من الترشيح لعضوية البرلمان، فأخرج الجزأين الأول والثاني من كتابه "تاريخ الحركة الوطنية وتطور نظام الحكم في مصر" سنة 1929، وأعقبه في السنة التالية بكتابه "عصر محمد علي"، ثم أخرج سنة 1932 كتاباً في جزأين بعنوان "عصر إسماعيل". وبعد 5 سنوات أصدر كتابه "الثورة العرابية والاحتلال الإنجليزي"، أعقبه سنة 1939 بكتابه "مصطفى كامل باعث الحركة الوطنية" استعرض فيه تاريخ مصر القومي من سنة 1892 وحتى 1908، ثم أخرج بعد ذلك كتابه "محمد فريد رمز الإخلاص والتضحية" استعرض فيه تاريخ مصر من سنة 1908 وحتى 1919، ثم أصدر سنة 1942 كتابه "مصر والسودان" في أوائل عهد الاحتلال، تناول فيه تاريخ مصر بين سنتي 1882 وحتى 1892 وهي السنوات الأولى للاحتلال البريطاني.

وفي سنة 1946 أصدر الرافعي في جزأين كتاباً بعنوان "ثورة سنة 1919" تناول فيه تاريخ مصر القومي منذ سنة 1914 وحتى 1921، وتلاه بكتابه الكبير "في أعقاب الثورة المصرية" وصدر في 3 أجزاء بين عامي 1947 وحتى 1951 عرض فيه لتاريخ مصر من سنة 1921 وحتى 1951. وبعد قيام ثورة 1952 أصدر في سنة 1957 كتاباً بعنوان مقدمات ثورة 23 يوليو 1952م تلاه بكتابه ثورة 23 يوليو 1952 عرض فيه لسبع سنوات من عمر مصر بين عامي 1952 وحتى 1957. وله بالإضافة إلى ذلك عدة كتب، منها "مذكراتي"، "والزعيم الثائر أحمد عرابي"، و"شعراء الوطنية"، و"أربعة عشر عاما في البرلمان".

مُنح جائزة الدولة التقديرية عام 1961.

توفي المؤرخ السياسي والمفكر الاجتماعي ومؤسس علم التاريخ الحديث عبدالرحمن الرافعي في 3 ديسمبر 1966.
( منقول )

د. ناصر شافعي 24 / 01 / 2010 22 : 12 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
أعلام الأدب العربي في مصر
( 20 )
يحيى حقي .. و قنديل أم هاشم


يُعد رائداً لفن القصة القصيرة العربية؛ فهو أحد الرواد الأوائل لهذا الفن، وخرج من تحت عباءته كثير من الكُتاب والمبدعين في العصر الحديث، وكانت له بصمات واضحة في أدب وإبداع العديد من أدباء الأجيال التالية.

وُلد يحيى محمد حقي في 7 يناير 1905، ونشأ في بحي السيدة زينب، وكانت عائلته ذات جذور تركية قديمة، وقد شب في جو مشبع بالأدب والثقافة، فقد كان كل أفراد أسرته يهتمون بالأدب مولعين بالقراءة.
تلقى تعليمه الأوليَّ في كُتَّاب السيدة زينب، ثم التحق عام 1912 بمدرسة "والدة عباس باشا الأول" الابتدائية بالقاهرة، وفي عام 1917 حصل على الشهادة الابتدائية، فالتحق بالمدرسة السيوفية، ثم انتقل إلى المدرسة السعيدية لمدة عام، ومن بعدها إلى المدرسة الخديوية والتي حصل منها على شهادة البكالوريا، وكان ترتيبه من بين الخمسين الأوائل على مستوى القطر كله، ثم التحق في أكتوبر 1921 بمدرسة الحقوق السلطانية العليا في جامعة فؤاد الأول، وحصل منها على درجة الليسانس في الحقوق عام 1925، وجاء ترتيبه الرابع عشر.

عمل يحيى حقي معاوناً للنيابة في الصعيد لمدة عامين من 1927 إلى 1928، وكانت تلك الفترة على قصرها أهم سنتين في حياته على الإطلاق، حيث انعكس ذلك على أدبه، فكانت كتاباته تتسم بالواقعية الشديدة وتعبر عن قضايا ومشكلات مجتمع الريف في الصعيد بصدق ووضوح، وظهر ذلك في عدد من أعماله القصصية مثل: "البوسطجي"، و"قصة في سجن"، و"أبو فروة". كما كانت إقامته في الأحياء الشعبية من الأسباب التي جعلته يقترب من الحياة الشعبية البسيطة ويصورها ببراعة وإتقان، ويتفهم الروح المصرية ويصفها وصفاً دقيقاً وصادقاً في أعماله، وقد ظهر ذلك بوضوح في قصة "قنديل أم هاشم"، و"أم العواجز".

التحق يحيى حقي بعد ذلك بالسلك الدبلوماسي، وقضى نحو خمسة عشر عاماً خارج مصر، وقد بدأ عمله الدبلوماسي في جدة، ثم انتقل إلى تركيا، ثم إلى روما، وعندما عاد إلى مصر إبان الحرب العالمية الثانية عُين سكرتيراً ثالثاً في الإدارة الاقتصادية لوزارة الخارجية، وظل بها نحو عشر سنين، رُقي خلالها حتى درجة سكرتير أول حيث شغل منصب مدير مكتب وزير الخارجية، وقد ظل يشغله حتى عام 1949؛ وتحول بعد ذلك إلى السلك السياسي إذ عمل سكرتيراً أول للسفارة المصرية في باريس، ثم مستشاراً في سفارة مصر بأنقرة من عام 1951 إلى عام 1952 ، فوزيراً مفوضاً في ليبيا عام 1953.

وقد أُقِيلَ من العمل الدبلوماسي عام 1954 عندما تزوج من أجنبية، وعاد إلى مصر ليستقر فيها؛ فعُين مديراً عاماً لمصلحة التجارة الداخلية بوزارة التجارة؛ ثم أنشئت مصلحة الفنون سنة 1955 فكان "أول وآخر مدير لها، إذ ألغيت سنة 1958"، فنقل مستشاراً لدار الكتب، وبعد أقل من سنة واحدة أي عام 1959 قدم استقالته من العمل الحكومي، لكنه ما لبث أن عاد في أبريل عام 1962 رئيساً لتحرير مجلة "المجلة" التي ظل يتولى مسئوليتها حتى ديسمبر سنة 1970.

نال يحيي حقي أكثر من جائزة في حياته الأدبية، من بينها جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1969، كما منحته الحكومة الفرنسية وسام فارس من الطبقة الأولى عام 1983، كما نال العديد من الجوائز في أوروبا وفي البلدان العربية، منحته جامعة المنيا عام 1983 الدكتوراه الفخرية؛ وجائزة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته السادسة عشرة؛ جائزة الملك فيصل العالمية ـ فرع الأدب العربي ـ لكونه رائداً من رواد القصة العربية الحديثة، عام 1990.

رحل الأديب يحيى حقي مخلفاً وراءه تركة من الكنوز الأدبية من القصة وفن المقال، منها: (قنديل أم هاشم ـ صح النوم ـ أم العواجز ـ ناس في الظل ـ دماء وطين ـ رجل وامرأة).. وغيرها من مجموعات قصصية وكتب نقدية وأدبية وصحفية.

كان له دور كبير فى تطوير فن الروايه فى مصر و كتب روايات عناوينها باللغه المصريه زى " خليها على الله " و " صح النوم " و " يا ليل يا عين " و " كناسة الدكان " و " تراب الميرى " ، و " عطر الحبايب " التي تمثل محطه مهمه فى فن البورتريه القلمى فى مصر.

في عام 1991 صدر له كتاب "خليها علي الله" مبيناً علي غلافه الداخلي أنه "السيرة الذاتية لأديبنا الكبير يحيي حقي، عاشق اللغة العربية تحدثاً وكتابة وقراءة، وأحد أبرز رواد الرواية والقصة القصيرة واللوحة القلمية في الأدب العربي الحديث والمعاصر والحائز علي أكبر جائزة عالمية تمنح للعلماء والأدباء وهي جائزة الملك فيصل العالمية، التي نالها تكريماًَ وتقديراً لعطائه الإبداعي وجهوده الأدبية".

توفي يحيى حقي رائد وأديب القصة القصيرة في 9 ديسمبر 1992 عن عمر يناهز سبعاً وثمانين عاماً.
( منقول )

د. ناصر شافعي 24 / 01 / 2010 26 : 12 AM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
قنديل أم هاشم
يحيى حقي - مصر

مقطع من رواية قنديل أم هاشم ليحيى حقي.


ومرت سبع سنوات، وعادت الباخرة.

من هذا الشاب الأنيق السمهري القامة، المرفوع الرأس، المتألق الوجه، الذي يهبط سلم الباخرة قفزا؟ هو والله إسماعيل بعينه. أستغفر الله. هو الدكتور إسماعيل، المتخصص في طب العيون، والذي شهدت له جامعات إنجلترا بالتفوق النادر، والبراعة الفذة. كان أستاذه يمزح معه ويقول له:

"أراهن أن روح طبيب كاهن من الفراعنة قد تقمصت فيك يا مستر إسماعيل. إن بلادك في حاجة إليك، فهي بلد العميان."

رأى فيه دراية كأنها ملهمة، وصفاء هو سليل نضج أجيال طويلة، ورشاقة أصابع هي وريثة الأيدي التي نحتت من الحجر الصلد دمى تكاد تحيى.

أقبل يا إسماعيل فإننا مشتاقون. لم نرك منذ سبع سنوات مرت كأنها دهور. كانت رسائلك المتوالية، ثم المتراخية، لا تنفع في إرواء غلتنا. أقبل إلينا قدوم العافية والغيث، وخذ مكانك في الأسرة فستراها كآلة وقفت، بل صدئت لأن محركها قد انتزع منها. آه كم بذلت هذه الأسرة لك! فهل تدري؟

لم ينم إسماعيل ليلة الوصول إلا غرارا. قفز إلى ظهر الباخرة مع الفجر يريد ألا يفوته أول ما يبدو من شاطئ الإسكندرية. لا يرى شيئا على الأفق، ولكن خياشيمه تتشمم في النسيم رائحة لم يألفها من قبل. أول من لقيه من وطنه مخلوقٌ الكونُ كلُه وطنه: طائر ابيض منفرد يحوم حول السفينة، طليق، متعال، نظيف، وحيد. لماذا تتعمد البواخر كل هذا التلكوء عند الوصول؟ وما كان أسرعها عند الفراق! إنها تتهادى بدلال العودة، فما لها وللركاب وما يشعرون.

كتم إسماعيل عن أهله موعد الباخرة حتى لا يكلف أباه مشقة السفر للإسكندرية. في عزمه أن يبرق لهم بموعد وصول قطاره للقاهرة. هذا هو الفنار المتمنطق، وهذا هو الشاطئ الأصفر يكاد يكون في مستوى الماء. أنت يا مصر راحة ممدودة إلى البحر لا تفخر إلا بانبساطها. ليس أمامك حواجز من شعاب خائنة، ولا على شاطئك جبال تصد. أنت دار كل ما فيها يوحي بالأمان.

ها هو أول قارب يظهر، فيه شيخ قد وخط الشيب لحيته، مقوس الظهر، أقعى كالقرد في مقدم قاربه يصطاد. جلبابه الأزرق، أو الذي كان أزرق، ممزق مرقع. وقعت نظرة إسماعيل على سيدة مصرية وقفت بجواره، فرآها مطلة على الصياد، مغرورقة عيونها بالدموع، وسمعها تتمتم:

"مصر. مصر."

كيف ينتبه لها الصياد وهو لم ينتبه للباخرة كلها. مثلها كثيرات داخلات خارجات تكاد تصدم قاربه، ولكن هيهات لها أن تصدم عالمه المقفل، عالم يجري على وتيرة واحدة متكررة يوما بعد يوم. هم إسماعيل بان ينادي هذا الشيخ ويلقي عليه السلام، أو يلوح له بمنديل. كيف تسقط المقاييس، وينهزم المنطق في مثل تلك اللحظات التي تتأجج فيها العواطف وتصفو القلوب!

ورن جرس إيذانا بموت الباخرة، فأصبحت جثتها فريسة لجيش من النمل البشري يهاجمها: جنود وضباط، وإخواننا المحتلون ولو أنهم أخلاط مطربشون، وحمالون وصيارفة وزورا. ثم اندلق الزحام والتدافع، وتعالت النداءات، وكثر العناق والتقبيل، وإسماعيل وسط التيار، غير مغمور، يلتقط بنهم كل ما يصل إليه، وعلى شفتيه ابتسامة حلوة مطمئنة، له أذن فارزة واعية، ونظرة حية يقظة تريد أن ترى كل شيء، وتفهم كل شيء. إذا دققت النظر إليه وجدت تكورات وجهه قد زالت وشد شدقاه في أخدودين. كانت شفتاه مرتخيتين، قلما تنطبقان. أما الآن فقد ضمهما عزم ووثوق. يجتاز الجمرك. وفي العربة يستمع لوقع عجلاتها بين الأسفلت والبلاط، فيذكره تنافر النغم وتناوبه بيوم السفر.

-----


الناشر: دار المعارف، مصر. طبعة خاصة ( 1989 )

د. ناصر شافعي 25 / 01 / 2010 57 : 07 PM

رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
 
عزيزي القارئ :
إسمح لي بأن أكتب اليوم عن شخصية أدبية مصرية ، لها بصمة فريدة في الصحافة عامة و في الصحافة المصرية خاصة .. رجل رحل عن عالمنا منذ أيام قليلة .. ولا أستطيع إكمال هذا الملف دون إعطائه حق قدره في مشواره الأدبي و الصحفي في بلاط صاحبة الجلالة ( الصحافة ).. وهنا أنا لا أنعيه ، بل أقدره و أحاول أن أعرف الأجيال بمثل هذا النموذج الفريد من الرجال الصادقين الأوفياء العاملين في صمت ..

إلتقيت به أول مرة منذ سنوات عديدة ، لازلت أذكر تفاصيلها حتى اليوم .. كنت طالباً في كلية الطب ، و كان هو أستاذاً في كلية الإعلام لمادة الترجمة الصحفية .. طلبت مقابلته ليبدي رأيه فيما أكتب .. وكان له الفضل الكبير في تشجيعي في الاستمرار في الكتابة و الأدب .. وفي تشجيعي في الاستمرار في كلية الطب و إنهاء دراستي بها .. رغم أنه هو شخصياً ترك الدراسة في كلية الطب في السنة الرابعة و التحق بكلية الإعلام قسم صحافة لحبه الشديد للأدب و الصحافة !! .. فهيا معي نتعرف على هذا الأستاذ و الصحفي النبيل .. الأستاذ كمال عبد الرؤوف رحمه الله .

أعلام الأدب العربي في مصر
( 21 )
كمال عبد الرؤوف
رائد الترجمة الصحفية


تخرج من كلية الآداب قسم صحافة في أوائل الستينيات .. بعد تركه دراسة الطب و هو في السنة الرابعة بها .
حاز على ميدلية التفوق في عيد العلم سنة 1961 و تسلمها من الرئيس جمال عبد الناصر .
عمل في فترة دراسته في دار أخبار اليوم منذ عام 1959 .
بعد تخرجه ، أرسلته أخبار اليوم إلى أمريكا للدراسة و التدريب في كبرى الصحف الأمريكية .
أجرى لقاءات صحفية شهيرة مع الرئيس جون كنيدي .
بعد عودته من أمريكا عين نائباً لرئيس تحرير مجلة المختار .. ثم رئيساً لها .
عين أستاذاً لمادة الترجمة الصحفية بكلية الاعلام جامعة القاهرة عام 1971.
ساهم في إصدار جريدة مايو عام 1981 .
له لقاءات صحفية شهيرة ، مثل لقاءه مع المفكر الإنجليزي برنداند راسل و المؤرخ الإنجليزي أرتولد تونبي .
وفاته : يناير 2010 .
من أشهر مؤلفاته :
- كتاب " الدبابات حول القصر "
- ترجمة كتاب عن تارخ حياة الأميرة ديانا .
- ترجمة كتاب " الصحفي المحترف " .
- ترجمة كتاب " المقابلة الصحفية " .
- عموده الصحفي اليومي " قرارات " .
- مقالات و أعمال صحفية متعددة في الصحف ، خاصة جرية أخبار اليوم


الساعة الآن 50 : 11 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية