![]() |
بوح الياسمين
|
رد: بوح الياسمين
صباح الياسمين لن ألقي بمفردات اللغة جزافاً .. ولن أسجل تواريخاً وهمية لا قيمة لها ولا معنى .. ولن أقول أيضاً من هنا فليكتب التاريخ أول حروفه ..ومن هنا فلتُسطر جميع العناوين .. سأدع اللحظة تكتب نفسها بنفسها .. تكتب نفسها بياسمينها وصباحها الذي أمطر يوماً بالياسمين . كان يوماً من أقصرأيام العمر .. يزحف ليله البارد على نهاره المشمس فيقضم منه كل ما هو عذب وجميل ومشرق ودافىء .. كان يوماً وجلاً .. مترقباً .. زاحفاً يحمل عبء الأيام على كتفيه ويجر سنين العمرعلى عضلات قلبه .. كان يوماً مهملاً .. مغفلاً من حسابات البشر .. معلقاً على جدائل النسيان .. مطروحاً من جميع ثمار الحياة وفاكهة الصيف المنتظر .. تناولته بيد ترتجف من البرد وقلب مات قلبه منذ دهر .. كان هناك ينتظر على رف من رفوف مسجاة طالتها عنوة براثن الهجر في مفكرة هذا الزمان .. وألقيت إليه دون أن ألتفت إلى ملامحه إن كانت تراني وأنا ألقي إليها بعضاً من الكلمات الباردة .. تمتمات شاردة من ذيل ليلي الذي يغمره صقيع الوحدة والضجر وتكسو أشجاره ثلوج الارتياب من كل ما هو مشع وبراق . لم أكن أدري أن الياسمين له أوراق كباقي الزهر .. لم أكن أدري أن الياسمين له أوراق خضراء يستريح على أكفها ويستظل بظلالها .. لم أكن أصلاً أهوى جمع أوراق الياسمين في دفاتر مذكراتي أو نقش اسمي عليها قبل أن أرسلها إليك في رسائلي مخفورة بعبارات الشوق التي لا تنطفىء .. كل ما كان يهمني من الياسمين أن أجمع عبيره بين كفيِّ حين آتيك للقاء .. كل ما كان يهمني هو أن تشم عبير الياسمين تنبعث نسائمه من ضفيرة قلبي حين كانت تهجع مستكينة بين نبضات قلبك في لحظات المساء .. كل ما كان يعنيني هو أن تكتبني ياسمينة لا تذبل في مفرداتك .. كل ما كان يهمني هو أن أتسلق شرفات قلبك بنرجسية لا تذبل قبل أن تصل إليك أعناق ورودهن الفواحة وأذبل أنا من فرط الانتظار وغيرة النساء التي كانت تأكلني قطعة فقطعة حتى تحولت لسطر ذائب في ورقة إصفرَّ لونها ولم يعد بانتظارها إلا أيلول عاصف يلقي بها إلى حدائق النسيان . كيف جادت بك السماء ذات صباح وأمطرت على حدائق قلبي ياسميناً حقيقياً لا يذبل .. كيف نبتت أوراق الياسمين في قلبي من جديد .. كيف غابت كل التواريخ الكاذبة من مخيلتي .. وكيف أصبحت صورتك باهتة جداً أمام ياسمين السماء ؟ كل هذا لا يهم .. ما يهم الآن أنني لم أعد أغتسل بالياسمين حين أحضر لللقاء .. ياسمين السماء نبتت أغصانه داخل حدائق الروح وأصبحت تزهر أوراقه في كل صباح .. في كل صباح أصافح ياسمينة جديدة لا تذبل .. في كل صباح أعانق أوراق الياسمين وأكتب عليها تاريخاً لا يرحل عن ذاكرة الشرفات .. في كل صباح أواعد ياسمينة لا يذبل عبيرها حين تشرق عليه شمس الورود الأخرى بل يذوب عطرها على شرفات قلبي التي لم يعد لديها ما يهم سوى انتظار هذا الصباح . كل ما يهم الآن هو انتظار صباح الياسمين . . |
رد: بوح الياسمين
ورطة عذراً منك يا نهر الوفاء فأنا لم تكن الخيانة طبعي في يوم ولا مسلكي .. عيناه هبطت عليَّ من سابع سماء .. عينان تشعان ربيعاً اخضراً جميلاً تحوم من حوله فراشات ملونة لا تكل ولا تمل من الطواف حول قلبه والتسبيح بسحره وبهائه .. وعيناك يا نهر الوفاء لم تعد تحمل إلا الضباب وضيق الأفق ولا يطوف من حولهما إلا القهر والانكسار .. تعثرت به ذات صباح غائم يميل إلى الانعزال حين كنت أفتح النوافذ بكسل لأرتشف بعض قطرات الحياة .. فبرقت السماء ورعدت وجادت بعينين أضاءت ليَّ الكون وأمطرت صباحي بأجمل ورطة .. أبحرت مراكبي خلفه .. وتورطت حتى أذنيِّ في تتبع إثره .. وتقاذفتني ريح الأسئلة من أي الكواكب هو .. وهذا السحر الذي ينبعث من عينيه شرقيٌّ أم غربيٌّ .. أم تراه ينبعث من رياض الجنة ؟ كيف اختلت موازين الوقت .. فأصبح الثقل بالثواني والانتظار أجمل مشوار .. وأصبح الليل مدرجاً لهبوط الأحلام والنهار عصافير تطير إليه بلا أجنحة .. والشمس رفعت قبعتها وانحنت لذلك السحر الذي هبط عليَّ فجأة من سابع سماء ؟ لم أكن خائنة في يوم .. ولا كانت الخيانة طبعي ومسلكي .. لكن عينيه بوصلة تجذب الأنظار .. بوصلة تخطف الأبصار .. وما كان ذنبي أن رفعت بصري بالدعاء فكانت هبة السماء تستريح على كف يدي .. وكانت عيناه تبعث الربيع في كوني وكنت أنا أملأ جرار قلبي من سحره فإن كان تغلغل سحره في قلبي خيانة .. فأنا خائنة وبامتياز .. |
رد: بوح الياسمين
سيد المكان يا سيد المكان .. وشت عصفورة النافذة بك .. أخبرتني كم كنت في حالة اشتياق .. كم ذابت على لسانك حروف اسمي .. وكم تبعتها تنهيدات وزفرات .. يا سيد المكان .. أعددت لك قهوتك السمراء .. ومنفضدة السجائر .. وولاعتك المذهبة .. وأشعلت لفاف سجائرك التي تحترق رائحتها في أنفي منذ أول لقاء .. كم بقي من الوقت ؟ لم تخبرني عصفورة النافذة كم بقي من الوقت .. تركتني والشوق يغلي بقلبي وهربت إليك .. وأنا كالطفلة التي تتعلم النطق .. تتلعثم الحروف على شفتي .. ترتجف آنية الورد في يدي .. أتعثر بخيالي الذي يسبقني إليك ثم أنهض لأرتطم بجدار الظلال .. كم بقي من الوقت لأعيد ترتيب الحروف على شفتي وأعيد ارتداء ملامح الفرح على وجهي .. وأعيد تثبيت أناملك على خاصرتي ورجع الفيروزيات يحاصر المكان والمدى ؟ وصورتك على الحائط تنظر إليّ ببراءة .. تضحك على حيرتي .. تمدُّ يدها وتنتشلني من أرضي التي لم تعد قادرة على حملي .. أرغب في الطيران إليك .. مع أن العصفورة وشت بك .. قالت أنك تسابق الريح إليَّ .. ما الذي أخر الريح في الخارج .. وكم بقي من الوقت ؟ امتلأت رئتاي برائحة سجائرك وغفت الفرحة على ملامحي بعد أن أعياها التعب وأنا أركض من نافذة لنافذة أنتظر الريح التي تحملك .. أظن أن عصفورة النافذة قد وشت أيضاً بيَّ إليك .. يا سيد المكان كم أحن إليك ؟ |
رد: بوح الياسمين
جرار العسل لو كانت ليلى تدري .. لو كانت ليلاي تدري أن قيس بن الملوح بالباب .. يشكل من حبات الياسمين قصائده وعند غروب الشمس يلقها على قلوب العذارى فترتد إليه مخفورة بالحسان .. هل كانت ليلاي ترسلني وقيس بالباب لأملأ لها الجرار بالماء ؟! قالت لي ونظرات الحيرة تسكن مقلتيها .. ورود القبيلة عطشى .. والأزهار تراود نفسها الخضراء على الذبول .. لا ماء في القبيلة يروي عطشنا .. وعين الماء تبكي في الجوار .. ترجونا أن نملأ الجرار ونسقي عطش القبيلة .. فهلا لبيت النداء ؟ ليلى وما أدراك ما ليلى فلحظ سهامها ترمي قلوب فرسان القبيلة وهي معتكفة في خيمتها تلملم أوراق الورد على وسادة الليل .. تصنع حلماً غريباً .. ترسم على صفحات الحلم فارساً مغواراً .. يحمل سيفاً من العصور القديمة .. يتسلق النجوم .. يقطع الصحراء .. يمزق الضباع .. ويعود إليها ذات مساء يحمل بين يديه قلب الوطن السليب . في كل ليلة تنام ليلى على وسادة الحلم وتنام معها أوراق الورد الحالمة وسيف الفارس الذي لا يسكن غمده .. وأنات الوطن الجريح تذرع بقوة شوارع المنام . جرار الماء تستغيث وعين الماء سلسبيلاً وسبيلاً .. تسألني أن أمرَّ بتلك الديار .. أن أملأ الجرار .. وأن ألقي السلام .. وأن أحيي فارس الفرسان قيس بن الملوح .. قرب تلك الغدران . قيس مات قبل ألف دهر .. هكذا قالوا لي فكيف ألقي السلام على من مات وشبعت عقارب الموت من أشلائه وجسده .. وحدها قصائده لم تمت .. تآكلت حوافها .. لكن قلبها بقي حيّاًينبض بالحياة .. يستلقي على حائط القبر .. ينتظر يداً حنونة تضع عليه إكليل سلام .. قلت سلام قيس بن الملوح .. سلام عليك وعلى شعرك وعلى ليلاك وعلى القبيلة .. نفض قيس عباءة الموت عن جسده ورد قلبه عليَّ السلام .. ونهض من موته يحمل إليَّ بين يديه أعذب الأشعار.. يا قيس أنا جئت أملأ الجرار بالماء ولم يكن قصدي الشهد الذي ينداح من هذه الأشعار .. لو تدرين يا ليلى .. لقد ملأت جرار الماء بالعسل فهل تفهم ورود القبيلة لغة الشهد أم أبقى حيث أنا أسيرة الشعر .. أسيرة الشهد المنداح .. أسيرة قيس بن الملوح أمير الشعراء .. وللقبيلة رب يحميها .. وما أكثرها عيون الماء .. |
رد: بوح الياسمين
يدك التي تكتبني . لم أكن أعلم أن الحروف كسائر البشر تسافر لكن دون حقائب .. وتترك مكانها فارغاً إلا من الأشواق والحنين .. ودعتني الحروف لكنها لم تكن على سفر .. حروفي لم تسافر عني .. بل هجعت ساكنة .. خاشعة .. متعبدة في محراب الورق . دائماً كانت الدموع تسبقني .. والحروف ترسمني .. وعينيك وحدها من تقرأني .. وكنت أنا لا أكلف نفسي عناء الحديث إلى الحروف وإلى الدموع وإلى عينيك .. كنت أرتشف القهوة على مهلي ويحدثني طيفك هامساً بأذني كل الوقت .. لم يكن الوقت يغادرني .. ولا أنت .. كنا دائماً ترتشف القهوة المحلاة بالسكر من الصبح إلى ما بعد العصر . كم كان عمرك .. لا أدري ؟ كم هو عمرك اليوم .. وكم هو عمر هذا الوقت .. أنا لا أعرف ؟ فمذ وعيت ذات صباح مشرق على هذه الحياة حضرت الشمس ولادتي وألبستني قلادة الوقت وطيفك .. منذ ذلك الحين وأنا أراك معي .. يدك في يدي الصغيرة التي لا تقوى وحدها على حمل أوراق العمر .. فكانت يدك تغمر يدي الصغيرة وتقلب عنهاالصفحة.. كانت يدك القلم الذي أكتب به تاريخ الوطن مذ شُردت عنه قبل آخر رحيل لي عن عين الشمس . كانت يدك المداد الذي يسيل على صفحاتي فيترك بسمة هنا ودمعة هناك .. ليقترب الفضوليون من قصة حياتي أكثر فأكثر .. ليحاولون فك شيفرة الحروف وسرّك .. ثم يعييهم التعب والإجهاد ويغمزون بطرف العين " أنه حصرم وليس عنباً " .. إنها أضغاث أحلام عصفورة .. وأطياف تتراءى لشاعرة .. وحروف من وحي الخيال .. ويغيبون .. وأنا أراهم .. أنظر إليهم في قعر الفنجان يتلصصون ويتربصون ويشتمون القهوة والمداد .. يريدون القبض عليك وأنت تسري في دمي .. ويخفقون .. ويسألون السماء بتذرع واهٍ .. هل ينطق المداد يا سماء ؟ فينهمر المطر من كبد السماء وتتفتح أزرار الياسمين عبر الصفحات .. يقطفون ويقطفون ويقطفون ويذهبون .. فهذا الياسمين أمطرته السماء .. ليس له تربة في قلبي ولا يترك له ظلالاً على الورق .. والوقت يضيع منهم ويأتي إليّ .. يحملك كما إعتاد أن يحملك إليّ كل هذه السنين لتطبطب بحنية على كتفي وتحمل عني ثقل الحروف وتنطق الحروف بين يديك وأنا أقرؤها في عينيك رسائل شوق ومحبة وأسمعها في أنينك بكاء ياسمين السماء وأرسمك في فنجان قهوتي رمزاً من رموز الوفاء . لكنهم يريدون أن يقرأوك في عيوني .. وألوذ بك إلى أعماق الفؤاد حيث لا تصل أياديهم ولا يجرؤن ..هناك حيث تكتبني كما تشاء وأشاء وتقرأني كما تهوى وأهوى ويغيبون هم بالبحث عنك بين الحروف .. حروفي اليوم ودعتني .. هجعت للتعبد ..وتركتهم يفتشون عنك في ظلهم فلا يجدون إلا مطر وياسمين وقهوة لذة للشاربين .. ويدك التي تكتبني كما تشاء وأشاء .. |
رد: بوح الياسمين
حضورك المستبد
حضورك المستبد .. يجس نبض اشتياقي .. يتآمر مع الوقت .. يغافلني .. فيُهديني حضوره الطاغي باقات .. باقات .. في ذروة اشتياقي . حضورك المستبد .. تزحف أنامل حضوره على مساحات الوقت .. على مسامات التفكير .. وتتغلغل في ذبذبات الشهيق والزفير .. وتضرم في قلبي النيران . في كل غياب لك أقلب صورتك إلى الحائط وألقي بباقات البنفسج التي أهديتني إلى قطة في الجوار .. كي تعبث بها .. تتأرجح بها .. أمزق رسائلك وأبيات الشعر التي رسمتني بها وأمحو آثار حبرك عن أوراقي . ساعة الحائط أهجرها .. الوقت في غيابك تتساوى ثوانيه بالأيام .. نهارها أرق .. قلق .. ترقب وانتظار .. ومساؤها تعبث فه عقارب الاشتياق . أوراقي تارة جمرة من نار تلهب قلبي وأناملي فتفرُّ الحروف مني إليك حارة .. تغلي .. وتارة كتلة جليدية ترزخ على أنفاسي .. يتجمد على سطحها مداد قلبي وتتحنط الحروف من الألف إلى الياء .. ويبقى اسمك فقط مشتعلا ً في رأسي .. في فكري .. في ليلي ونهاري .. أناديك دون وعيٍ ّ مني فيهب إليَّ حضورك المستبد ليعيد ساعة الزمن إلى الوراء .. ويعيد إليَّ مداد قلبي وأنفاسي .. ويعيد إليَّ أشواقي موشحة بقبل اشتياقك وحضورك الطاغي .. أيها المستبد .. أعشق حضورك المستبد ..الممتد من رأسي حتى أخمص قدمي . . |
رد: بوح الياسمين
فاكهة الكلمات النار فاكهة الشتاء .. وأنت فاكهة الكلمات .. أنت شهد الحروف .. وأريجها المخملي .. وعبير ياسمينها .. أنت دفء الربيع يزهر في حناياها .. ورسائل الشوق تسافر عبر مسافات الاغتراب لتبث في قلبها همسات الشوق والحنين .. أنت نسيم صيفها العليل الذي يمسح عن خديِّ الياسمين دمعه .. ويطبع على جبينه قبلة الصباح .. وأنت خرير مائها يغدق في حدائق العمر .. يروي فلَّ بساتينها .. وظمأ عبهرها المتسلق حواف الشرفات . أنت ندى الصباح يعانق أجنة الزهور في مهدها .. يوقظها بخفة الريش .. ويلبسها تيجان الإشراق .. أنت الملاك الحارس لفراشات زهرها .. أنت نور عينها .. نور قلبها .. نور روحها .. تضمها بين راحتيك حين تكل من الطواف في أفقها الوردي .. حين تثقل أجنحتها فتكف عن الطيران في رياض الزهر وجنان الرياحين .. تلجأ إلى قلبك الكبير .. .. تغفو بين وسائد الضلوع تغمض عينيها وتحلم بأن السماء تمطر عنباً .. والأرض تتشقق عن أنهار من العسل واللبن .. والزهر يأتيها زاحفاً على رئتيه.. والرطب تهبط برفقٍ تحت قدميها .. والعصافير البرية ما عادت تنقر نوافذ صباحاتها وتفسد لها شباك الحلم .. والليل وردي اللون داخل أقبية قلبك .. وأنت ملاكها الحارس .. تغذيها بفاكهة الكلمات .. وتحلّيها بشهد الحروف .. وهي تهمس بأذنيك .. ليت الليل معك يطول .. ولا تنتهي منك الأحلام .. ولا تنتهي أنت .. ولا تنتهي فاكهة الكلمات .. |
رد: بوح الياسمين
قصيدة . أسرق الوقت .. كي أسرق القصيدة .. أغلق الربيع كتابه في وجهي وبقيت وحيدة خارج سطور الحكاية . أتى الربيع وغادر هذا العام دوني .. لم أشاهد تفتّح الزهر على يديك .. ولم أحضر مواسم اللوز معك .. كنت وحدك تغيب في أفقك السرمدي .. تنسج حكايات من الماء وتغرق فيها وحدك . كم قلت لك فلنجعل هذا الليل أبهى .. فلنجعل هذا النهار أطول .. تعال نعيش على فتات الأمل .. في الوطن بقايا أمل تكفينا .. دعنا ننسج حكاية جميلة نعيش داخل أقبيتها ما تبقى لنا من العمر . أغلقت كتابك في وجهي .. وفنجان قهوتك انتظر طويلاً بين يديِّ .. لم يشأ أن يتركني وحدي وأنت تعيش دور الرحالة .. تحمل أشعارك وترحل .. وتبعث لي مع الحمام الزاجل خارطة قلبك .. وكم من العابثات سكنت فيه .. وكم نظمت فيهن أشعاراً .. وكم أرسلت إليهن قبلاً فارغة في الهواء .. الربيع رحل من دوني .. وكتابك مغلق في وجهي .. وفنجان قهوتك نفد صبره منك .. وضاق ذرعاً بانتظارك .. والوقت طويل جداً في غيابك وضفائره معقدة وجامدة .. والوطن بعيد .. بعيد .. فلا تلمني إن أغلقت عينيِّ في وجهك.. ونسجت حلماً آخر من دونك .. وشربت قهوتي من دونك .. واستدعيت الوقت على عجل وطلبت إليه أن يغادر مع طيفك .. لا حاجة لي بالوقت .. لم يعد يعنيني أن أعدَّ الساعات في غيابك .. لم يعد يعنيني أن أعدَّ لك قهوتك وأنتظر ربيعاً تلو الآخر علَّ نوافذ قلبك تستقبلني ذات ربيع .. أنت رحلت .. وأنا أيضاً رحلت .. وهذه ساعة الوقت أكسرها خلفك .. لم يعد يعنيني الوقت .. أمامي كتاب طويل أحتاج ما بقي من عمري في قراءته .. لا ترسل إليَّ أشعارك .. فجداول الشعر تغفو على باب بيتي .. وعناقيد الشعر أنجبت لها حدائقاَ من الياسمين على شرفات عمري .. تدعوني كل صباح لأحضر تفتّح براعمها على صدر كفي .. وأشهد معها تفتح أزهار اللوز والعبهر في أيام عمري .. تدعوني لأكتب بأناملها العاشقة أطول قصيدة في سماء الوطن وعنوانها ما تبقى لنا من فتافيت الأمل .. أنا سرقت الوقت .. أنا سرقت الوقت في غيابك .. وسرقت ما تبقى لي من عمر ودخلت القصيدة .. لا تسأل عني .. ولا ترسل الحمام الزاجل خلفي .. لم تعد خارطة عمرك تعنيني .. أنا في قلب القصيدة .. أنا سرقت القصيدة .. والقصيدة سرقتني منك .. وما تبقى من الوقت فهو لك افعل به ما تشاء . |
رد: بوح الياسمين
كفي
كفي ثقيلة .. كفي أثقل من أن أرفعها اليوم في وجهك للوداع ! كفي التي كانت تركض إليك قبل أن تستوي الشمس في كبد السماء لتنزع عن عينيك كوابيس الليل .. وتفرش صباحاتك بالياسمين المكلل بالندى .. وتسقيك من كفيها أكواب الأمل وكؤوس الحياة . كفي التي كانت تحتضن ألمك كما تحضن الأم فلذة الكبد .. فتمرُّ بأناملها الغضة على وجعه القاسي علّه يشفى .. وتداعب وجنتيه الباكيتين علّها تضحك .. كفي التي كانت تنام بين ظلال جفنيك .. تلملم دمعك حين يفرُّ من مقلتيك لحظة قهر .. وتمسح الآهة قبل أن تبني لها أعشاشاً على أغصان قلبك .. كفي التي كانت تثبت النهار بين حاجبيك .. وتدغدغ بأناملها المرتجفة خاصرة البسمة علّها تكون عنواناً لك .. منارة لك .. أفقاً لك .. ولا تغادر . كفي التي كنت تمطرها بقبل الاشتياق عند كل صباح .. تكتب على باطنها برموش عينيك أعذب الأشعار .. وترسم أبجديتك التائهة على ظاهرها .. ورموزاً وحدك تعرفها .. تشرح لنا ما بقيَّ من المشوار .. كفي أثقل من أن أرفعها في وجهك للوداع . لم أقلب فنجان قهوتي هذا الصباح .. ولم أقرأ الطالع لأعرف إن كانت الأيام تخفي لي خنجراً مسموماً بين الأوراق .. تناولت قهوتي على عجل .. وقلبت اليوم على عجل .. وكنتَ أنتَ تستوقفني عند كل محطة وتلقي إليَّ بخبر .. وأنا أرفع القلم بوجهك وأقلب الصفحة.. لكن السّم وصل إلى كفي .. كفي ثقيلة .. أثقل من أن أرفعها في وجهك اليوم للوداع . |
رد: بوح الياسمين
لن أكون ظلاً . قبل ألف عام من هذه اللحظة تحديداً حدّقت في المرآة .. مرآتي كانت مشروخة بعض الشيء .. بدى لي من خلال هذا الشرخ أن هناك ظلاً يتبعني .. اقتربت منه .. حاولت التحقق منه .. حاولت الإمساك به .. لكنه كان يحضر ثم يغيب كالسراب .. لم أيأس .. تابعت التحديق في المرآة .. وعندما لم يُجدِني ذلك ألقيت بمرآتي المشروخة إلى الجحيم وأخذت أنظر في مرآة جديدة لامعة .. أريد أن أراك بوضوح .. لم تكن صورتك تظهر في كل الأوقات .. لم تكن تظهر في جميع الفصول .. لذلك أصبحت متيقظة طوال الوقت .. بل أنني لفصول عديدة لم أنم .. خشيت أن تحجبك عني في نومي غيمة شتاء حبلى بالكوابيس .. أو ضباب خريف مشاكس فتفوتني فرصة الإمساك بك .. لا يهم النعاس الذي أخذ يداعب جفوني ..لا يهم الإرهاق الذي أخذ يعتريني ويهدد كياني .. لا يهم الأرق والقلق والخوف والتوجس والترقب وطول التحديق في المرآة .. المهم ألا ينفد صبري في انتظارك .. المهم ألا أفقد انتظاري لك .. المهم ألا أملُّ من انتظاري لك .. لكني في لحظة ضعف .. لحظة يأس .. لحظة شك .. قلبت مرآتي للحائط .. هل أردت أن أتلذذ بطول صبري ؟ هل أردت أن أتلذذ بآخر قطرة من قطرات صبري ؟ أم أني فقدت الأمل فيك ؟ شعاع قوي ارتسم فجأة على الحائط .. شعاع بثته مرآتي المقلوبة إلى الجدار .. مرآتي التي قلبت وجهها للحائط في لحظة يأس .. لحظة ضعف .. لحظة شك .. لحظة غيرة .. لحظة اندفاع .. لحظة ندم .. لحظة قهر .. لحظة فقدت فيها الصبر .. ركضت إلى مرآتي ألتمس منها العذر .. ألتمس منها العفو والصفح .. حضنتها بقلب كفي .. داعبت وجنتيها بدلال .. قلبتها برفق حتى لا أفقدك .. حتى لا أفقد أثر الشعاع .. أمسكت بك .. أمسكت به .. أمسكت بطرف الشعاع .. هو أيضاً أمسك بيّ .. سألته عن اسمه .. هل يعرفني .. هل كان فعلاً يتبعني .. يطارد أنفاسي .. يلاحق خطواتي .. هل كان ينتظرني منذ ألف عام ؟ أجابني بأجمل نعم سمعتها أذني في حياتها فأين كنت إذاً ؟ أتبعك .. كنت أتبعك .. كنت ظلكِ .. لكنكِ في أخر أيام قسوتِ جدا وألقيتِ بوجهي إلى الحائط .. ألقيت بوجهي إلى جدار بارد مظلم قاسٍ فلم أحتمل ذلك وقررتُ .. ألا أكون ظلاً بعد اليوم .. يكفيني أنني كنت ظلكِ لألف عام مضت .. من هذه اللحظة أنا حقيقة .. حقيقة ولست ظلاً .. ولك أن تتكئي عليَّ ما تبقى من العمر .. أنا سنديانتك يا عصفورة الشجن .. أنا أيلول الذي أنجبك .. أنا عالمك .. أنا وطنك .. أنا سندبادك الذي ملَّ من الترحال وعاد أخيراً إلى ياسمينته الشرقية .. أنا أمرؤ القيس .. أنا عنترة .. أنا جميع من احترق بلظى العشق ومات قبل أن يحظى به .. أنا لن أموت .. أنا سأثأر لجميع من مات قبلي .. أنا سأكون الحقيقة الوحيدة التي لا تموت .. أنا لن أكون ظلاً بعد اليوم .. لن أكون ظلكِ . |
رد: بوح الياسمين
لوحة تعشق الألوان الزاهية أنتَ .. وتعشق جمع الصور .. وأنا منذ الصغر أهوى رسم الوجوه .. الوجوه الناطقة .. لا يهم إن كانت وجوه ضاحكة .. وجوه باكية .. وجوه باسمة .. وجوه مستبشرة .. وجوه مقهورة .. المهم أنها وجوه ناطقة . حتى وجهك الملائكي لم ينجو من ريشتي .. لم يسلم من خطوط الرسم المتعرجة حول جفنيه .. وتدفق الألوان على حدائق وجنتيه .. فقد كانت هوايتي منذ الصغر .. رسم ملامح وجهك ومحادثتها .. وانتظارها بين الفينة والأخرى حتى تظهر لي هاشة باشة من محراب الصور . كنت أمرُّ على ياسمين وجنتيك في كل مرحلة من مراحل عمري .. أرشه بالندى .. وأقتلع ما تجرأ من أشواك بريّة حاولت مدَّ جسور لها من المحبة حول حدائق عينيك .. وقبل أن أغادر أترك بصمة خفية بأنامل ريشتي بين حاجبيك .. ثم أودع الصورة في محراب الصور . اليوم بعد أن أطفأت شموع الميلاد وأصبح عمري دهر من الزمان عدت لأرسم لك بين عينيك همسة بألوان الطيف التي تحب .. ولأضع لك على وجنتيك لمسة ندية بريشتي التي تقطر منها أزهى الألوان .. أخرجت الصورة من محرابها .. نظرت إليها ملياً كمن يفتش عن عمر تاه منه وسط زحف السنين .. حدقت في الألوان .. ثم دغدغتها بفرحة اللقاء .. ضحكت الصورة .. نهضت من محرابها .. ورفعت إلى عينيَّ عيناها .. ومرّت كلمح بالبصر بأناملها المرتجفة على خدي وطبعت قبلة اشتياق .. ثم تمتمت متمنية لي أطيب عام .. نطقت الصورة .. سمعت صوتها هامساً في يوم عيدي .. وتواطأت مع همساتها دقات قلبي وتمايلت لها كغصن الريحان .. لا تهزي قلبي .. جاءني صوتها محذراً ... أخشى أن تتساقط رطب قلبي منك وتقع في علبة الألوان .. إنها رطب قلبي .. إنها عصية على الألوان .. هي لك .. عتقتها دهراً بأكمله .. خبأتها عن عين الشمس القائظة .. وعن ضوء القمر الساهر .. وعن عواصف أيلول الرمادية .. وعن غدر نيسان .. هي لك .. ارسميها كما تشائين .. وإن سألوك عنها .. قولي لهم وردة جورية نبتت على شرفات العمر.. قولي لهم ياسمينة هاجرت معي من تلك البلاد .. قولي لهم إنها فراشة عمري .. تحرسني من نظرات الحاسدين .. وغيرة النساء .. قولي لهم ما تشائين .. لكنها نبضات قلبي وهبتها لك .. لأنها لك .. خلقت لك .. رقصت لك .. ضحكت لك .. مالت وتمايلت لك .. وما ثارت في يوم إلا لك .. ما دقت في يوم إلا حين مرت بها أناملك ذات صباح وداعبتها بريشة زاهية الألوان .. هي لك مهما كان اسمها .. فهي صورة في لوحة عمرك تنتظرك في قلبي منذ ألف صباح . |
رد: بوح الياسمين
ليل وعسكر في مدينتي يهبط المساء فجأة .. يحمل بين يديه ستائر العتمة وينشرها على ملامح المدينة عنوة .. يهجع الحمام الزاجل إلى أقفاص النوم باكراً .. وتداس رسائل السلام تحت أقدام العسكر . وأنا كعصفورة غريبة نبتت على شرفات المنافي أمارس رياضة القفز من نافذة إلى أخرى بعد أن رفع الشتات راياته في وجهي .. وحاصرتني ألسنته بوابل من جحيم السؤال . أين أنت من كل هذه العتمة ؟ أين أنت من مساءات مكفهرة تفرض ليلها الغاصب على جبهتي .. وأفواه الشتات تمدُّ إليَّ ألسنتها بازدراء وترسم بيمينها على جبيني لعنة التهجير ؟ أين أنت والحمام محاصر على أبواب المنافي .. والسلام مضرج بدمائه وسماؤه مشحونة بالعواصف السوداء تهطل من أحداقها الجراح ؟ لا مقابر لدينا تكفي لدفن الجراح .. لا سنابل خضراء لدينا لنزرعها على أضرحة الشهداء . أين أنت من عواصم الفرح التي أغتيلت في مدينتنا وشيعت جثامينها إلى خبر كان .. وإلى الممنوع من الصرف .. والمجرور إلى بداية النهايات ؟ أين أنت من باقات الورد الجوري المغردة وأكاليل الياسمين الصباحية ورسائل المساء التي كانت تحبل بحروف الغزل وتنهيدات الاشتياق ؟ أين أنت من مساءات عامرة بالحب ونوافذ يداعب ليلها برق ورعد وزخات مطر سخية وصباحات ندية تداعب بأناملها أهداب اللوز والدحنون والعنبر ؟ أين أنت وقد غاب الشتاء عن مدينتنا وغاب عنها الربيع وأتاها صيف حارق من أتون الجحيم فذبلت ياسمينتها على شرفات القلب وماتت أشجار اللوز على صدر أمها .. واحترقت في الإناء جميع حبات الكستناء ؟ وأنا كعصفورة نبتت على شرفات المنافي أنتظر منك رسالة داستها اقدام العسكر في مدينة طال ليلها عرش الصباح وغابت ورودها من أبجدية الشعراء وذُبح ما تبقى من أزهار الاشتياق على أضرحة الشهداء .. لا سنابل خضراء في مدينتنا .. لا رسائل حب منثورة على قارعة الطرقات وعلى جذوع الأشجار .. لا زخات مطر حالمة تداعب وجنات الورود .. لا عصافير برية توشوش لي بفرح وتكتب عني همسات الصباح .. في مدينتي ليل وعسكر وصباح لا يأتي . |
رد: بوح الياسمين
ماذا تقول عيناك ؟ لأنني بارعة جداً في قراءة الفنجان دعوتك لفنجاني هذا الصباح .. كنت أريد أن أقرأ ما فاتني في رحلة غيابك الأخير ورست خطواته في قعر هذا الفنجان .. كنت أريد أن أتلذذ بارتعاش شفتيك على حافة الشوق ولهفة عينيك حين تصافح قهوة الصباح من فنجان طالما حلمتَ به وراودتك قراءته ذات منام .. أقرأ الفنجان أنا .. نعم أنا أقرأ الفنجان .. وأقرأ الكف .. وأقرأ الطالع .. وأقرأ النجوم .. حتى رسائل القمر أقرأها .. أمواج البحر أقرؤها .. تلافيف السحر أقرؤها .. لكن ما عجزت عن قراءته هو بريق عينيك حين عانقت تلك الكلمات . لأول مرة أقف حائرة أمام لغة الأعين .. حتى أسعفني صوتها الملائكي الفيروزي يشدو " وتعطلت لغة القوافي وخاطبت عيني في لغة الهوى عيناك " .. أنا خاطبت عينيك .. في تلك اللحظة الاستثنائية من عمري خاطبت أنا عينيك .. عيناك .. آه منها عيناك .. غابتان من السحر .. غابتان من الحب .. غابتان من الدفء .. آه منها عيناك .. كم صارعت من أمواج البحر في حياتي لكنها لم تصرعني .. عيناك قد صرعتاني .. بل وأردتاني قتيلة ؟ كم قرأت فناجيناً .. وكم قرأت أكفاً وسطوراً .. لكنني عجزت عن قراءة عينيك ؟ كيف استطاعت هاتان العينان وبهذا الخجل الوردي الذي يكتنفهما أن تذيبا قلباً من الصخر كان ذات يوم لي ؟ كيف تحولت أنا إلى كتاب مفتوح وسطور مقروءة .. وأخذت أنت تقرأ لي الفنجان والكف والطالع والنجوم وأنا هجعت أتعبد في محراب عينيك .. لن أقرأ الفنجان بعد اليوم .. سأكتفي أن أغفو في سحر عينيك .. وأنت عليك أن تقرأ كل ما فاتك من عمري .. وهاهي فناجين عمري بانتظارك فاقرأ منها ما تشاء .. أما أنا فدعني أغفو في غابات السحر في عينيك . دعني أغفو في عينيك . |
رد: بوح الياسمين
موعدك الحائر غريبة أنا في حدائق حروفي .. أتجول في حدائق الصباح وشمس الغربة تحرق أنفاسي .. كل الورود التي نبتت في غيابك ليست لها رائحة الورود .. كأنها خلقت بلا قلب ينبض ولا رئة تتنفس أكسجين الصباح .. كل ما بقيَّ لها من طقوس تمارسها نحو هذه الحياة هو أن تشرئب أعناقها نحوي .. تحاول أن تطال بأناملها الغضة جدران روحي .. لكنَّ الروح هناك .. تشرئب متوثبة لموعدك الحائر .. تشرئب متوثبة إليك . لم يعد يستهويني قطف الورود ولا إهداؤها إليك ملفوفة بأشرطة من الحرير الأحمر أو الليلكي .. لم يعد يستهويني قطف أوراقها وكتابة بعض الحروف الثائرة على سطور ياسمينها .. أصبحت أهوى رسم اسمي وإلقائه على صفحات وجهك وملامح طيفك فقط . فنجان قهوتك ينتظر موعدك الحائر .. وناياً فتية تسللت من سحابة صيف عابر تعزف لك ألحاناً شجية ولدت أجنتها على ضفاف الزمن العتيق .. فكبرت وتسكعت ذات صبا وردي الخطوات في أزقة مرَّ منها طيفك على عجل .. وغاب في دهاليز تلك االأزمنة .. لم تبقَ نافذة تطل على الربيع إلا وأنهكت عتباتها من كثرة التجوال .. جيئة وذهاباً أزرع خطوات خضراء على شرفات الحياة .. أرسلت زوارق قلبي تجاه يمك .. علها تحملك إليَّ .. علها تحمل خبراً منك .. خبراً عنك .. خبراً إليَّ .. لكن القوارب جميعها عادت بخفيِّ حنين .. كأن صفحات اليم خلَت من وجودك .. كأنك لا تنتظر موعدي وقهوتي ورسائلي المطوية بقلب الغمام ولا تنتظر الحمائم التي تحمل السنابل مني إليك .. كأن نوافذ عمرك ما زالت مغلقة وعيناك لا تسترق النظر إليَّ من خلف ستائر الاشتياق .. كأنك تستطيع قراءة الأبجدية وحدك دون أن أرسم لك ظلالها بالكحل وأضع لك علامات الشدة أوالسكون على جفون بعض الحروف الناعسة .. فما بالك لا تأتي ؟ ما بالها حدائق حروفي خالية من وقع خطواتك وعبير أنفاسك ورائحة الصيف المعتق في رسائلك للغروب .. ما باله هذا السكون الصاخب يستفز قلبي كل ثانية بأنك على موعدك .. ستأتيني في موعدك .. ربما عكس عقارب الوقت .. ربما خلف سحابة صيف .. أو تحت مظلة الشمس ..أوعلى ذيل القمر.. وربما داخل أجنة هذه الورود .. أوعلى خدود ذلك الياسمين لكنك ستأتي .. ستأتيني .. ويأتيني موعدك الحائر . |
رد: بوح الياسمين
حبات المطر عادات لا أتركها منذ الصغر .. جمع حبات المطر في كفي .. ولعق فنجان قهوة الصباح برأس الأصبع .. هذا حين كنت طفلة غرّة لا تدرك من جماليات الحياة شيئاً .. حين كنت طفلة تهرب من شبح الانكسارات والهزائم التي رافقت مولدها إلى حضن الأمان في قعر الفنجان ووسائد الراحة على أكف حبات المطر .. وكانت هذه هي أجمل عاداتها .. وأحلى أمانيها . كبرت الطفلة ونضجت وأصبحت امرأة لا يشق لها غبار .. امرأة تشرب القهوة كل صباح دون أن تخشى عين الرقابة .. فالقهوة في عرف الشرق ممنوعة للصغار وعادة غير مستحبة لهم .. لذلك كانت تحاك بحبال سرية بعيداً عن عيون الكبار المتوجسين قلقاً وخوفاً من رشفة القهوة .. كنت أتسلل كل صباح إلى غرفة الجلوس وأنتظر في حضن أمي ريثما تنتهي من شرب قهوة الصباح مع أبي ثم أسرق الفنجانين وألعق ما تبقى في قعرهما وأتسلل بعدها إلى فراشهما الدافىء لأكمل رحلة النوم بعد شعور بالغ بالأمان . اليوم وأنا أجمع عاداتي وأحصيها وجدت أنني أعد قهوة الصباح بنفسي .. نعم .. لكنني تركت عادة جمع حبات المطر في كفي .. بل أكثر من ذلك لطالما تعمدت أن أواجهها بمظلة تقيني منها .. وكأنها شر مستطير يقع على رأسي وليس خيراً وفيراً يغسلني من حزن تراكمت فصوله ذات صيف جائر . نكتشف أحياناً بعد أن أصبحنا نساءً لا يشق لهن غبار .. بعد أن أصبحنا نساءً تشرب القهوة دون وجل .. وتتلذذ بها على الملأ .. بل وتواعد فناجين القهوة على الشرفة وفي الحديقة وعلى ضوء القمر .. نكتشف عادة جميلة جداً وهي كيف لم يخطر لنا في البال يوماً أن نشرب القهوة مع المطر .. كما لم يخطر في البال يوماً أن أجمل عادة في الدنيا كانت هي جمع حبات المطر . اليوم فكرت أن أدعو حبات المطر إلى فنجان قهوتي .. اليوم أريد أن أعود لعادتي منذ الصغر أن أجمع حبات المطر في كفي وأن أغتسل بها من حزن قديم عصف بيّ ذات صيف جائر .. أن أغسل وجهي بحبات المطر .. وأن أرشها كاالعطر على ملامحي علها تنتعش وتصحو من سبات طالت إقامتها الجبرية فيه .. وأن أمسح عن عينيِّ غشاوة ألمت بهما لدهر من الزمن وأن أوكد لهما أن ما تريانه الآن صحيحاً وليس هذياناً من وقع المطر .. وأنك لست طيفاً يتراقص على صفحات الخيال .. ولست وهماً من الأوهام التي أرتديها في نزهات البوح الربيعية كي تمنحني بعض الاستمرارية في هذه الحياة .. أنا اليوم عدت لعادتي القديمة .. جمع حبات المطر في كفي .. أنا اليوم أواعد حبات المطر .. أنا اليوم أواعد حبات المطر وأدعوها لتلعق معي برأس أصبعها قعر فنجان قهوتي .. |
رد: بوح الياسمين
هي الروح أنا التي خانتني الحروف وأذاقتني مرارة الخيانة لم أكترث حين تسلل ذلك الحرف مني إليك .. لم أقف في وجه تسلله .. ولم أعترض على هكذا تسلل .. هي الروح ذلك النسيم الذي يداعب أوراق القلب ما بين ربيع العمر وخريفه .. تنساب روحه العذبة على سطورها كشلال ماء صافٍ يروي ظمأها .. دون أن تعبث أنامله الندية بفحوى هذه الفصول .. أو تهدد أوراقها الخضراء بالطرد من ساحة الجنان . قالت ليَّ الروح ذات صباح لا تغيب إشراقته عن البال .. خذي يدي وارسمي بها وردة جورية لا يتغير لونها مهما اعترتها العواصف الغاشمة واستبدت بها الرياح السوداء .. خذي يدي وارسمي بها وجه من الفرح أرتديه على ملامحي حين يهل عليَّ فصل الصيف .. فأنا لم أعد أستقبل الصيف إلا بوجه عارٍ من جميع أشكان وألوان الفرح .. خذي يدي وازرعيني ياسمينة بيضاء على شرفات الوطن .. الوطن لم يعد ينجب الياسمين منذ أصبح الياسمين مثلي لاجئاً .. يدفع معي ضريبة المكوث فوق أي تراب . كانت حقائب الروح فارغة إلا من انتظارك .. كانت حقائب الروح منذ الأزل معّدة لاستقبالك .. كانت تَعِدُ النفس وتمنيها بقدومك الأسطوري لو بعد نفاد كاسات العمر .. كانت تنتظرك وتنتظرك وتنتظرك منذ ألف ربيع مضى .. اليوم أطلَّت روحك اللاجئة على باب المخيم .. تخبىء لي بين حناياها ياسمينة صغيرة .. هاجرت معها قبل أن يتغير لون الوطن .. تطلب مني بخجل وردي القسمات .. أن أزرع ياسمينتها العذراء على شرفات الروح .. هي الروح يا روحي تتسلل دون أمر منا أواستئذان .. هي الروح يا روحي كانت عطشى لعبق الياسمين يملأ المكان .. ولندى الصيف يداعب منها زهر الوجنات .. هي الروح يا روحي كانت ثائرة كأنامل طفل يرسم بفرح دوائر قوس قزح .. كانت حانية كغصن زيتون يحبل بالأمل .. دافئة كأعواد البخور والمسك والعنبر .. كانت عيناها براقتين كعين الشمس في أول بزوغ لها على مشارف الحلم .. وشفتاها مكتنزة بمداد الحياة الذي يكتب أسماءنا لحظة الميلاد .. وكان عطرها يشبه رائحة تراب الوطن لحظة تبادله القبلات مع زخات المطر .. هي الروح كانت هناك .. هي الروح تريدني أن أرسمها وردة فتية لا يذوب أريجها الجوري على مرّ السنين ولا يذبل .. هي الروح تريدني أن أزرعها ياسمينة من تراب بلادي على شرفات الروح .. هي الروح تريدني أن أن أروي ظمأها بندى القلب .. وأظللها برمش العين .. وأسكنها مهجة الفؤاد .. وفعلت .. هي الروح يا روحي .. هي الروح . |
رد: بوح الياسمين
يا الله يا ميساء
تحيرت فيك سيدتى وجعلتنى أندم كثيرا لأنى لم أقترب من حرفك, فمى أى نبع تغترفين هذا الجمال؟ وأى أنامل تلك التى رسمت هذه الصور البديعة فشكلتها نصا لايهم شكل ولا تصنيفة قصة أو شعراأو خاطرة؟ إنه الجمال بعينه هيكل متجسد يطل من حروف كتبت من نور وهذه المافرق العجيبة التى تبرز شدة التعلق عبر التضاد والتقابل بين تدوير الصورة والقاء الورود الى القطة وهذا الشوق الذى يكاد يطل من الحرف للمستبد جمال فى التشكيل ووعى فى البناء الدرامى وبناء هندسى محكم كم انت جميلة ورائعة ايها النقية النبيلة وليتنى كنت المسبد !1!!! |
رد: بوح الياسمين
يا سمينة قلبى / ميساء
دمت دائما زهرة فواحة........ متألقة ........ معطاءة . |
رد: بوح الياسمين
موانىء الذكرى
حاضرة أنت رغم رياح الغربة التي تهيج بي وتحاصر كل الذكريات ثقي تماما أنني على خصام دائم مع الملل والكسل والكلل والنسيان أستحضر روحك وأستحضرك معها نجلس بيني وبيني أسامرك’ أسمع ضحكاتك الخجولة وأنا أمر بأصبعي على خدك حمرة خديك تزحف بي إليك أنفاسك ,بحة همساتك,أنين صدرك,آهاتك, ذبول عينيك من قال إنك بعيدة عني؟!! وأنت مني سافري أنى شئت,فلن تبتعدي عني, وحلقي حيث شئت ,فأنت محاصرة في قلب لا مفتاح له لديك ولا لدي فليذهب الفاني وليبق الخالد لكن عيونك تخطىء عيوني تسيء فهمها تتهمين عيوني وتبرئين عيونك سيدتي أنا المخطىء دوما!!!!!!!!!!!!!! وعيونك المصيبة دوما!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! رجل أنا وحواء بين يديك تصرخ في وجه آدمها لا تكذب,مسكين آدمك, وحواؤك في جنتها كما انت اليوم كأن شيطانا يسكن عينيك المسافرتين عبر بحر الظنون (إن كيد الشيطان كان ضعيفا)(إن كيدكن عظيم ) لكنني فيك أسكن لأطهر ما ران من غبار الظنون على ميناء اليقين أيهتا الغائبة الحاضرة أيهتا الحاضرة الغائبة كل دفاتري القديمة أحرقتها على وهج قلبي كل ذكرياتي وأدتها في مقابر النسيان ورصفت لك موانىء على كل شطآن روحي وقلبي ونفسي هل تذكرين يا –ليلايَ – ذاك الشفق الممتد على طول سواحل قلبي كم زنبقة زرعناها هناك كم قبلة قبلناها بعد ذاك كانت شفاهنا ترجف كلما رجفت شفتا زنبقتنا وكنت تبتعدين كلما تلامس خدانا وكنت أبتعد كلما تهامست شفاهنا كنت تقولين أحب من الوردة عطرها ولونها وهمستها, وكنت كذاك انا أحب فيك همسك لا لمسك,سحرك لا عطرك كنت وما زلت وستبقين روحا تعانق روحي بلا ملل ولا كسل عناق بلا فراق, وهل تفارق الأصابع كفها, وهل تفارق الجفون عيونها!!! لن أصوم عنك رغم رؤية هلاليك فوق عينيك سأبقى مقيما على مرمى عينيك وعلى امتداد راحتيك سأبقى قاب قوسين من شفتيك على صدرك سترسو سفينة عمري لأنك مينائي وذكرياتي |
رد: بوح الياسمين
اقتباس:
أهلا وسهلا بك في بوح الياسمين شكرا على هذه الزيارة الرقيقة وكله من لطفك وذوقك أخي لم يفتك شيء أخي فالمشوار ما زال في بدايته أهلا وسهلا بك دائما ورمضان كريم |
رد: بوح الياسمين
اقتباس:
غاليتي الأستاذة مرمر اهلا وسهلا بك غاليتي في بوح الياسمين أشرقت أنوارك يا غالية وشكرا على هذا الحضور الجميل والكلام الرقيق .. كله من لطفك وذوقك يا غالية ورمضان كريم |
رد: بوح الياسمين
اقتباس:
شاعرنا العزيز .. أستاذي الفاضل صبحي ياسين مساء الورد شكرا على هذه المساحة الرقيقة من البوح أمتعتنا جدا أستاذي ونأمل بالمزيد من هذا الإبداع ننتظرك دائما مع مزيد من هذا البوح الصافي وكل عام وأنت بألف خير ورمضان كريم |
رد: بوح الياسمين
[align=justify]
اخترت المرورهنا فقط لاستنشاق عبير الياسمين و نحن نودع السادس عشر من أيلول لنستقبل 17 منه غدا إن شاء الله . فهل يحمل اليوم 17 الجديد لصاحبة أيلول ولصاحبة هذا اليوم المميز ؟ ما قولك ميساء ؟ تحياتي و مودتي . [/align] |
رد: بوح الياسمين
اقتباس:
أهلا يا رشيد لا أعلم كيف أتعامل مع أيلول الحاضر فكل نسمة فيه مختلفة عما ألفته ومع ذلك سأحاول يا رشيد وأتمنى أن أكون عند حسن الظن دوماً شكرا لك أخي وبارك الله فيك . |
رد: بوح الياسمين
أشياء لا تموت . الإهداء .. إلى اسمك الذي حفرت حروفه على جدران القلب قبل آخر رحيل . هناك أشياء تبقى حية في ذاكرتنا .. في قلوبنا .. في ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا .. هناك أشياء لا يمكنها أن تموت .. فليسمح لي اسمك الذي كان يظن نفسه إلى عهد قريب أنه يرقد بين الأموات .. هناك أسماء لا تموت .. هذا الزمن غريب الأطوار .. على قسوته الظاهرة على محياه يفترش اللين مساحات واسعة من حدائق قلبه .. ينثر غبار الطلع على ملامحك فيغيبها قسراً .. ويبعثر الزهور التي كنت تحملها إليَّ في كل لقاء وينثرها على مفارق الطرقات .. ومع ذلك فهو لا يزال للحظة يحتفظ بك داخل غيمة حبلى بالأمطار .. سيهطل مطرها على حقول السنابل هناك في يوم من الأيام . هذا الزمن غريب الأطوار .. يغطي الذكريات الجميلة التي زرعناها أنا وأنت على شرفات تلك الأطلال بشال من الحرير الهندي .. وسقف متين من القش .. ومع أول نسمة ربيعية تلفح سماء القلب .. وتدغدغ جفون اللقاء .. يميط بكفيه القاسيتين شال الحرير عن عينيك .. فتراني بوضوح .. وترى معي صور ذلك الزمن الجميل تتراقص كالبجعات السبع على صفحات الماء .. وترى اسمك يتلألأ من جديد .. كنجمة صيفية حالمة .. لا شيء يثنيها عن الضياء .. ولا قوة تثنيني عن غزل أطواق الشعر الجاهلي المتمترس على أبواب اللغة قبل ألف أبجدية وعام .. ولفها تعويذة حول عنقك وقلبك لتطهرك من براثن الحسد بعد كل غياب .. أنتَ أنت .. أنتَ أنت بعد كل غياب .. وأسمك يتلألأ في الذاكرة ..لا شيء يمحوه .. لا شيء يجرؤ أن يمحوه .. ولا شيء يجرؤ على الاقتراب من ناصيته .. لكنّي مع كل هذه الحفاوة بك وباسمك لن أدعوك الليلة للاحتفال معي بعيد مولد القمر .. فهناك أشياء لا تموت حقاً .. لكنها لا تعيش بين الأحياء أيضاً .. هناك أشياء لا تموت .. ولا تعيش أيضاً . |
رد: بوح الياسمين
أين أنت مني ؟ في كل يوم أقلب فيه مفكرة الأيام أضع ضمادة جديدة على جرح الذكرى .. أريده أن يشفى نعم .. لكنني أريده أيضاً أن يُمحى .. لماذا تحديّتُ العالم .. وتحديّتك .. وتحديّتُ نفسي .. بأنني أسير وبخطى أكيدة على أرصفة النسيان .. وأن عناقيد الفرح التي كانت تظللنا أصبحت بالية .. ممزقة .. آيلة للنسيان .. ولم يبقَ منها إلا هذه الذكرى المجروحة ؟ هروبي المتكرر منك .. وطردي لك من ساحة الأحلام .. لم يُفدني في شيء .. وها أنا عند أول زلزلة صغيرة أطرق باب بيتك لأقول لك " أشتقتك " ! ذلك الهروب ما كان إلا مضيعة للوقت .. ومضيعة للعمر .. ومضيعة للفرح .. والجرح في قلبي لم تزل دماؤه تنزف بحرارة .. لم يمت هو .. ولم تمت أنت .. وماهذه الحماقات التي ارتكبتها في غيابك إلا حجارة صغيرة ألقيتها في بحيرة بائسة من الأوهام .. وأن حضورك هو الحقيقة الوحيدة .. ليس فقط في ساحة أحلامي بل في مساحات أيامي كلها .. حضورك بالنسبة إليَّ هو كأس الحياة .. وزهرها الذي لا يذبل .. ورحيقها العذب الذي لا ينضب .. تبادل مثل هذه الأدوار بات يرهقني .. وهذه النافذة التي فتحناها أنا وأنت على أبواب الجحيم يجب أن نغلقها .. كم كنا حمقى حين ظننا أن الهروب سهل .. وأن حضورك كان ثانوياً في حياتي .. وحضوري في حياتك كان مجرد علامة استفهام ؟ أكاليل الفرح تنزف دمع الاشتياق .. والعمر انتحر شنقاً على أبواب الغياب .. حضوري وحضورك هما أكليلا فرح .. لن تقوى على تمزيقه الأيام .. أين أنت من أكاليل الفرح .. أين أنت مني ؟ |
رد: بوح الياسمين
بوح الياسمين
من قال بأن الياسمين لن يألم من غدرك ؟ من قال بأن الياسمين لا روح له تبكي وتجهش بالبكاء من توالي طعناتك على قلبه ؟ من قال بأن الياسمين ليس له قلب يحبك .. قلب يعشقك .. قلب يشتاقك .. قلب ينتظرك ؟ من قال بأن الياسمين لا يبكي لحالك .. لا ينوح من هجرك .. لا يذبل من فراقك .. لا يموت من سطوة عذابك .. من قال بأن الياسمين خلق لعذابك ؟ هل كنت تظن بأنك إن ارتديتني قلادة حب على صدرك بأنني لن أذبل .. لن أموت .. كم كنت مخطئا ً في ظنك يا عمري .. فالياسمين أقصر عمرا ً مما تخيلت .. وهذا الطوق الذي كنت تختال به وتتبختر ذات يوم أصبح حزينا ً .. ذابلا ً .. لم يعد يليق بك .. وأن كفيك الناعمة لا بد أن تتنزع هذا الطوق الذابل الحزين وتودعه كذكرى .. ذكرى جميلة .. ذكرى عبقة .. ذكرى عطرة .. ذكرى ندية .. لكنها مجرد ذكرى بين طيات دفترك .. دفترك المهجور .. دفترك المركون في تلك الزاوية .. الزاوية التي لن تصل إليها يدك بعد اليوم . وإني أراك من نافذة قلبي المهجور تغزل طوقا ً جديدا ً من الياسمين ..تداعبه بحنان .. تشتمه برفق .. تبكي على أوراقه بدموعك الكاذبة .. تقص عليه حكايات المساء وتروي له الأساطير والخرافات .. وترتديه قلادة حب .. تقرأ عليه في الصباح أشعارك .. وتنفث عليه في المساء سحر حروفك .. كي يتسلق .. ويتسلق .. ويتسلق أكثر .. تعرجات نزواتك والتواءات نبضك . كم طوقا ً من الياسمين الذابل قد خبأت هنا قبلي .. قد هجرت قبلي .. أنت لا تعلم ؟ ولكنني أعلم .. وأعلم أيضا ً أنك لن تكف عن غزل أطواق جديدة من الياسمين .. عنقك الجميل هذا لا يليق به إلاَّ أن يزينه طوق ٌ من الياسمين .. الياسمين الذي تظن أنه يكفيه من نعيم هذه الحياة أن يلامس جدران قلبك .. أن يعيش بزفراتك .. أن يرويه دمعك .. دمعك الكاذب .. الياسمين هذا الزهر البريء الذي وجد نفسه يتسلق نبضات قلبك .. ويلاحق أنفاسك ويذوب مع كل تنهيدة تشق صدرك .. ينصهر مع كل آه تبكيها رئتيك ..لا يعلم .. لم يكن يعلم بأنه ذات يوم سيلقى به إلى رف من رفوف النسيان .. لينتظرك هناك بين طيات الدفتر .. الدفترالذي لن تفتحه في يوم .. يشاهدك وأنت تغزل أطواق الياسمين التي تزين وتكلل بها عنقك الجميل .. ويعيش على أمل أن ترويه دمعة كاذبة من دموعك .. ولكنك قد تنسى هذه .. قد تنسى أن تبكي عليه . |
رد: بوح الياسمين
آه منه الياسمين يذبل و يموت و يظل وفيا لبياضه ونقاءه ويأبى أن يغدر و يخون.
بوح جديد جميل أستاذة ميساء ينضاف إلى خواطرك الرقيقة. دمت و دام بوحك |
رد: بوح الياسمين
اقتباس:
ومع ذلك لا يبخل عليهم بعبيره وشذاه وبياض قلبه غاليتي نصيرة شكرا لك على هذا المرور الرقيق ودمت بكل المحبة والسعادة . |
رد: بوح الياسمين
[align=center][table1="width:95%;background-color:green;border:4px groove white;"][cell="filter:;"][align=center]إذا تكلم الياسمين بين أناملك أُستاذتي
تحدث عطرا ،،بوداعة انثى عنفوانها وفاءا معذرة إن أربكت تسلسل عقد الياسمين بما يحمله من مفردات لن أُطيل الشتاء هنا طويل ،،وكلما اشتقت لرائحة ياسمين الربيع سأزور المكان واستمتع ببوح الياسمين[/align][/cell][/table1][/align] |
رد: بوح الياسمين
اقتباس:
مجرد حضورك الكريم يحيل الوقت إلى ربيع دائم لك باقات من الياسمين وأمنيات بالسعادة والهناء لا تتنتظري الشتاء ولا الربيع كوني هنا دائما شكرا لك غاليتي عروبة ودمت بخير . |
رد: بوح الياسمين
دينا .. عروس تشرين دينا يا عيون ماما أيتها السعادة المنتشرة مع خيوط الفجر .. كم كنت أعشق الصباح لأنه كان ينبثق من بين عينيك .. كنت أنتظره بفارغ الصبر حتى آتيك إلى سريرك وأداعبك من خصلات شعرك المنثورة على الوسادة بفوضى جميلة .. وأدندن بأذنك تلك الكلمات التي تحبين سماعها والتي لا يمكن أن تستيقظي دون سماعها .. وحين أجد أن الابتسامة بدأت ترتسم بخفة على شفتيك أدرك أنني في الطريق السليم وأنه لم يبق أمامي الكثير حتى تنزعي الغطاء عن وجهك وتفتحي عينيك للصباح وللنهار بأسره . أحيانا كنت أمعن في دلالك وأعيد وأزيد على مسامعك تلك الجمل والعبارات التي تحبين سماعها والتي ألفتها لأجلك خصيصاً .. ربما لم يكن لها أي مكان في اللغة العربية أو في لوائح الأبجدية لكنها كانت مفهومة جداً لك .. وكنا نتواصل بها بشكل عفوي جميل .. كم أتوق إلى تلك اللحظات وإلى مداعبة وجنتيك كل صباح .. وكم أفتقد ابتسامتك الغاضبة بعض الشيء حين تودين الحصول على ساعة أخرى من النوم الإضافي لأنك لم تنامي ليلتها من أجل إتمام مشروعك الدراسي . كم أشتاق لتلك الجولات المكوكية التي كنت أقضيها بين غرفتي وغرفتك طوال الليل حتى أتأكد أنك لحظة غفوت لم تشدي الغطاء إلى وجهك .. وأزيحه برفق عن جبهتك ووجنتيك وأنفك .. وأحياناً أهدد بصوت عالٍ " دينا انتبهي كي لا يخنقك الغطاء " وأنت تقولين : " لم أنم بعد يا ماما .. كفي عن الحركة من حولي والعبث بدائرة الأحلام " . أحياناً كنت أهرع في الصباح وأعدُّ لك قهوتك .. أريد أن يكون صباحك جميلاً ومميزاً .. وكم أسعد حين يأتيني صوتك عبر الهاتف في منتصف النهار " ماما هذا اليوم كان جميلاً عليّ .. ادعي لي يا ماما أن يبقى جميلاً " . أنا يا حبيبتي لا زلت أدعو الله أن يحمييك في غربتك ويوفقك في دراستك ويردك إلينا بالسلامة وأنت مكللة بالنجاح والسعادة وأقول لك يا دينا هذا أول عيد ميلاد لعروس تشرين لا أقبل وجنتيها عن كثب ولا أضمها لصدري كما اعتدت طوال السنوات الفائتة ومع ذلك فكل قبلات العالم أرسلها إليك يا عمري وكله في سبيل مستقبلك الدراسي يهون ويصغر . كل عام وأنت بألف خير يا عيون ماما . كل عام وأنت بألف خير يا عروس تشرين وعروس عمري كله . |
رد: بوح الياسمين
[align=center][table1="width:95%;background-color:white;border:4px groove green;"][cell="filter:;"][align=center]تشرين حبي أنا ،ودينا عروسته تلك الطفلة التي تصفينها برموز ربيعية
ستعود تلك الطفلة طويلة ضفائرها ،،خبرة خطواتها ،،ألق جبينها وستفخرين بها ،،ونقوم بتقديم التهاني لكما ويبقى تشرين حبي أنا لك محبتي[/align][/cell][/table1][/align] |
رد: بوح الياسمين
اقتباس:
انتماؤه هو إليك وبالنهاية أقدمه لك على طبق من محبة وأسرق منه أول يوم فيه وأهديه إلى عروسة قلبي وعروسة عمري دينا ابنتي فهذا اليوم ينتمي لها وتنتمي له وكلاهما وطن للآخر غاليتي عروبة بكل المحبة تلقيت ودينا تهنئتك الغالية وربي يبارك فيك وفي تشرينك ويسعدكما إلى أبد الآبدين .. يا رب .. شكرا عروبتي ودمت . :nic50: |
رد: بوح الياسمين
هنيئا لدينا عيد ميلادها و هنيئا لك ميساء بزينة حياتك و زهراتها الأربع.
وفقهن الله جميعا. |
رد: بوح الياسمين
اقتباس:
والله يبارك بعمرك ويسعد أيامك شكرا يا حبيبة ودمت بألف خير . :nic108: |
رد: بوح الياسمين
فداء .. عصفورة كانون . وعلى غير عادته أمطرَ كانونُ عصفورة شقية اسمها فداء .. هطل ثلج كانون على الكون .. وكان هطوله غريباً ذلك العام .. كان هطولاً رقيقاً ناعماً يداعب الوجنات برقة الفراشات وينشر الفرح على ملامح الكون .. وبزغ فجر الكون على مهلِ في تلك الليلة الباردة حاملاً إليَّ بين يديه البشرى .. إنها عصفورة قلبي الشقراء .. عندها سمعت ضحكة الكون .. سمعت الكون وهو يضحك .. وزغردت لحظتها أهازيج الفرح في قلبي وأماطت عن عينيَ الكون ذلك الحجاب .. فرفعت ذراعيَّ إلى الله وقبّلتُ السماء .. شكراً أيتها السماء على أجمل هدية ندية حملها إليَّ كانون .. شكراً أيتها السماء على عصفورة كانون . أضاء الفرحُ له قنديلاً في قلبي ومع كل حرف تلعثمت فيه صغيرتي كنت أنسج منه وشاحاً لعمري .. ومع كل خطوة صغيرة لعبتها عصفورتي كنت أكتب على عين الشمس بأنامل أم يملؤها الحبور ويغمرها الفرح كانونٌ أفلَ .. وكانونٌ أزهرَ .. وكانونٌ أثمرَ .. وكانونٌ أحال العصفورة الندية إلى صبية تفوق جميع الحسان ذكاءَ وجمالاَ وبهاء . أحببتُ كانونَ وأحببتُ ثلوج كانون التي كانت تطبق على صدري .. وعلى باب البيت .. وباب المدينة .. كنت أضيء شموع الفرح كلَّ كانون أذيب بعضاً من الصقيع المتراكم خلف البيت والطرقات تتماوج برداً وتنكمش صقيعاً وأنا أحضن الفرح بحضن قلبي وأضيء له شموع الميلاد . كنتُ على ميعاد مع تلك الثلوج البيضاء .. حين تهبط من السماء لتعانق الأرض ويتلون ليل السماء ليصبح أحمرَ عوضاً عن سواد الليل .. وتكتسي الأرض بزهر البياض .. وأنا داخل عمري أُعدُّ كعكة العيد وأصابع الشوكولاتة وهدايا الميلاد .. وأوزع الشموع على الأحبة .. وأفرش بساط التمنيات بعام كله خير ومحبة ونجاح لعصفورة كانون التي أضاءت لنا ذلك المساء وكل مساء . كل عام وأنت بخير وحب وسعادة يا عصفورة قلبي .. يا عصفورة كانون .. يا عصفورة حملتها إليَّ عاصفة الثلج ذات مساء .. وفتحت عليّ أبواب عمري دون استئذان .. كل عام وأنتِ قنديل محبة ووفاء .. كل عام وأنتِ شمعة أمل في صدر الأيام .. كل عام وأنتِ الشمس التي تذيب صقيع كانون ومظلة للعمر من هطول كان أجمل هطول يحمل عصفورة شقراء اسمها فداء .. كل عام وأنت بخير يا ابنتي فداء . |
رد: بوح الياسمين
سوزان .. سنبلة آذار .
أتاني الربيع .. هلّت عليَّ أنواره الخضراء .. هاجت السنابل الممتلئة حباً وحنيناً وشوقاً إلى تلك الديار .. وزارني الربيع في بيتي .. زارني الربيع مبكراً ذلك العام .. لم يحمل إليَّ ياسمينه أو فلّه .. لم يحمل إليَّ عناقيد اللوز والمشمش .. بل حملَ إليّ سنبلة .. أجمل سنبلة .. حملَ إليَّ الربيع سنبلة آذار .. آذار الحب الذي لا يُعرفُ له نهاية .. آذار أسطورة العشق التي تبدأ حروفها من هناك .. من تلك الأرض التي أنجبت السنابل .. كانت هدية الربيع إليَّ سنبلة من تلك الأرض .. سمراء كتلك الأرض .. مُحبة كتلك الأرض .. مِعطاءة كتلك الأرض .. أحضروها إليَّ .. عروس آذار .. نجمة آذار .. سوسنة آذار .. ربيع آذار .. سنبلة آذار .. إنها سوزان .. إنها سنبلة عمري .. وسنبلة تلك الديار .. لم أدرِ كيف ركضت بيَّ الأيام وأنا كل صباح أسرح خصلات سنبلتي وأراها تلك الصغيرة التي لا زالت لا تعرف كيف تتهجأ الأبجدية لتفاجئني بقصة عشق سرمدية لتلك الأرض .. ولا عجب فهي ابنة تلك الديار .. كيف .. ومتى بدأ هذا العشق .. وكيف تحول إلى أسطورة ممتدة من جذور العائلة حتى الوريقات الصغيرة التي تراود نفسها الخضراء على الظهور ؟ وجدتها هناك .. في أولى خطواتها .. زحفت إلى هناك .. قالت لي ماما هذه غزة التي أعشق .. وهذا بحر غزة الذي يروي ظمأي .. وهذا شاطئ غزة .. ومدن غزة .. وهؤلاء السواعد السمر في غزة .. وكنت أول مرة أشاهد غزة في عينيِّ صغيرتي .. كنت أول مرة أتعرف إلى غزة من سنبلة آذار .. كانت ترسم خريطة غزة على جدران قلبها .. وترفع كل صباح ذلك العلم الحلم .. العلم الأمنية .. على جدران الغربة .. وتتزين بكوفية تلك الأرض .. وتقول سيأتي يوم ويعرفون أنا من أكون .. يا سنبلة قلبي كبُرتِ كثيراً .. كبُرتِ أكثر من أمك وأبيك .. كبُرتِ قبل الربيع وقبل كل الفصول .. لا عجب يا سنبلة آذار فأنتِ ابنة تلك الأرض السمراء .. والعشق في ديارنا يولد معنا في الدماء ويسري في الشرايين .. وينبض مع أجمل دقات .. لا عجب أنك أسطورة عشق ممتدة من تلك الأرض إلى عنان السماء .. فأنتِ .. أنتِ سنبلة آذار .. أنتِ سنبلة ذلك الربيع وكل ربيع . |
رد: بوح الياسمين
اقتباس:
إذا فلاكن يا ميساء ولاكن يا سوزانة أمك سوزانة غزة سوزانة فلسطين اول المعيوبين فما إستطعت كبح جماح تلك الدموع التي تتهافت امام تلك التساؤلات سامحونا يا ابنائنا ويا بناتنا كنا فاشلين تأمر علينا الجميع وتخاذلنا وكانت حجتنا وما باليد حيلة فتبا الف تبا لتلك اليد في عيونكم فقط أشاهد غزة أشاهد القدس وحيفا وصفد فلسطين كل فلسطين وفي عيوننا عار وخوف وجبن سامحونا على تقصيرنا أستحلفكم رب غزة هاشم سامحيني سوزانتي أنا غير قادر أن أهنئك في ميلادك فقلبي جرحه صدقك |
الساعة الآن 25 : 08 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية