منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   فيض الخاطر على أنغام البوح (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=529)
-   -   سلسلة حافية القدمين والبحر . (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=23856)

ميساء البشيتي 21 / 09 / 2012 05 : 07 PM

سلسلة حافية القدمين والبحر .
 
[BIMG]http://www.oman0.net/attachment.php?attachmentid=62811&d=1306517404[/BIMG]

ميساء البشيتي 21 / 09 / 2012 06 : 07 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 
سلسلة حافية القدمين والبحر
1
سلام من الله عليك أيها البحر العظيم ..
أعود إليك والعود أحمد ..
بعد أن هدأت أمواجك الآن إثر آخر ثورة عارمة قمت بها فوصلت عنان السماء .. اقتربَت منك قدميَّ الحافيتين لتلقي عليك كما اعتادت تحية الصباح .. وتغرقها أنتَ بقبلاتك الندية في صباح جديد من صباحات الخير لو كادت تخلو منها رائحة المطر ..
على صفحة الماء وجدت منك رسالة .. التقطتها على عجل قبل أن تَغير عليها أمواجك وتسحبها من جديد إلى ذلك الأفق البعيد الذي لا أصل إليه أبداً .. خطفتها وحملتها بين يديِّ وركضت بها إلى جارتي الشمس ..عرضتها عليها .. وتوسلت إليها أن تجفف منها كل ما طالته أيادي البلل .. كي أمتع عيوني بحروفك من جديد .. وتهدأ روحي الثائرة حين أمنيها بحلمها الوحيد .. أنها ستقرؤك ..
ما أن شعرت الحروف بوهج الشمس يقترب منها حتى انتصبت كنخيل بلادي واقفة .. شامخة .. خضراء العينين والقلب .. وخلعت عن جسدها المرتجف كل ما علق به من قطرات متطفلة .. كان ذاك في يوم شهدت له فيه الشمس والقمر.. والطير والمطر .. والبشر والحجر.. أنه كان حلو المذاق .. بل كان مذاقه أحلى من الشهد ..
ارتجفت الحروف لكن ليس من لسعات البرد .. بل كانت هي عادتها حين تنوي أن تبوح بسرٍّ من الأسرار .. كانت تريد أن تتقدم إليَّ بباقة اعتذار منك وتطلب الصفح الجميل من حافية القدمين التي ما كلّت في يوم من عناء الانتظار .. ولا جففتها شمس الغياب الحارقة .. ولا أرهقتها نظرات الموانىء الساخرة .. ولا أثنتها خيبات الرجاء .
البحر العظيم يطلب الصفح الجميل !
وكيف لا أصفح .. كيف لا أسامح .. وأنا التي ساقايا هاتان من عُشب الانتظار .. وأنفاسي من رذاذه .. فكيف بعد كل هذا الانتظار لا أغفر له .. وكيف لا أسامح .. وكيف أمنع قدميِّ الحافيتين من أن تركضا إليه فيقبلهما كما اعتاد واعتادتا .. ويعانقهما .. وتغيبان في أحضانه ؟

Arouba Shankan 21 / 09 / 2012 52 : 08 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 
[align=center][table1="width:95%;background-image:url('http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit4/backgrounds/52.gif');border:4px inset orange;"][cell="filter:;"][align=center]
يا لروعة صفحك أيتها الانثى الوفية
إنها غزليات ايلول ،،التي طالما سحرتنا
وأمتعتنا
[/align]
[/cell][/table1][/align]

شيماء البلوشي 22 / 09 / 2012 12 : 05 AM

رد: حافية القدمين والبحر .
 
وللبحر حكايات وحكايات ..
كيف لا وانا ابنة البحر .. ترعرعت في احضانه ..
وكبرت على شواطئه .. استنشقت عبيره .. وبعثت برسائلي الحائرة مع النوارس ..
ياااااه كم اشتقت للبحر ..
ابلغيه سلامي عزيزتي استاذة ميساء ..
واهمسي له ان هناك قلبا خلف المحيط يحمل له شوقا تخطى حدود الكون ......

متابعون معكِ غاليتي ..
ودمتِ بخير وعافية :)

ميساء البشيتي 22 / 09 / 2012 00 : 08 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Arouba Shankan (المشاركة 159026)
[align=center][table1="width:95%;background-image:url('http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit4/backgrounds/52.gif');border:4px inset orange;"][cell="filter:;"][align=center]
يا لروعة صفحك أيتها الانثى الوفية
إنها غزليات ايلول ،،التي طالما سحرتنا
وأمتعتنا
[/align]
[/cell][/table1][/align]

يا هلا بعروبة وطلتها الحلوة
إنه أيلول له علينا الكثير
ولنا فيه أكثر وأكثر
دمت يا غالية .

:nic50:

ميساء البشيتي 22 / 09 / 2012 05 : 08 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شيماء البلوشي (المشاركة 159063)
وللبحر حكايات وحكايات ..
كيف لا وانا ابنة البحر .. ترعرعت في احضانه ..
وكبرت على شواطئه .. استنشقت عبيره .. وبعثت برسائلي الحائرة مع النوارس ..
ياااااه كم اشتقت للبحر ..
ابلغيه سلامي عزيزتي استاذة ميساء ..
واهمسي له ان هناك قلبا خلف المحيط يحمل له شوقا تخطى حدود الكون ......

متابعون معكِ غاليتي ..
ودمتِ بخير وعافية :)

حاضر يا شيماء سأبلغه سلامك الحار
وهو بكل تأكيد لم ينسكِ يا شيماء
فأنت ابنته والبحر وفي ومخلص لأبناءه
ولا يهمك يا غالية وكوني بالجوار دائما
:nic83:

ناهد شما 22 / 09 / 2012 02 : 09 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 
الغالية أستاذة ميساء
لاأدري لماذا كلمة بحر تجرفني الى عالم آخر رغم محاولتي أن أكون ثابتة الخطا
كم تمنيت أن أعيش في كوخ على البحر ورغم عشقي وولعي به
إلا أني أخاف منه وأشعر بغدره كالموت تماماً
اطلبي من حافية القدمين أن تدعو لنا ولأهل سورية بالفرج
فأنا أنتظر بفارغ الصبر كيف ستكون حافية القدمين
سعيدة بوجودي في صفحتك

ميساء البشيتي 22 / 09 / 2012 46 : 09 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 
هي مفاجأة سارة لحافية القدمين عزيزتي ناهد وجودك هنا
ناهد في الأسفل لم يبقَ لنا إلا البحر
وفي الأعلى السماء
أما الأرض فلم تعد لنا
هي للصراع .. صراع الغاب
تعالي معي إلى البحر قبل أن نصعد إلى السماء
الموت لا يخيف .. الحياة هي التي أصبحت مخيفة .
ربنا يحمي سوريا وأحبتنا في سوريا ويحمينا من الضياع
وكوني هنا يا ناهد فلدينا أحاديث مطولة مع البحر .

ميساء البشيتي 23 / 09 / 2012 09 : 02 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 
2
هل أبدأ الشكوى في يوم بهيج كهذا .. وهل أفسد فرحة اللقاء وأقدم إليك المنغصات في فنجان القهوة ؟
لكنك يا بحر تعرفني حين أود البوح تظهر على وجهي علاماته .. وترتعش على شفتيِّ كلماته .. فكيف لا أشكوهم إليك .. ولا أبكي بين ذراعيك .. ولا تهدهدني أمواجك الناعمة حتى أغفو كطفلة في أحضانك ..
ما الذي يؤرقني يا بحر وأنا بين ذراعيك وأمواجك راضية عني كل الرضى ..
لمَ لا أبوح يا بحر ..
ولمَ لا أشكو إليك غدر الأيام ؟
لن أعاتبك الآن .. فأنا حين أسامح لا أسمح لضغائن العتاب أن تحتل كرسياً لها وتجلس قبالتنا إلى مائدة الكلام .. العتاب عادة بغيضة تفتح جراح الغياب على مصراعيها بعد أن تكون قد التئمت وأوشكت على الشفاء ..
النسيان نعمة كبرى لأنه أقصر الطرق إليك يا بحر .. ولا وقت لدينا كي نضيعه في العتاب .. ومن فينا كان الملام .. إن كنت أنا لا أعرف طعماً للراحة إلا بين ذراعيك .. وإن كانت روحي لا يلفُها السلام كوشاح من الحرير إلا حين تضمها إليك .. فلمَ العتاب .. ولمَ الملامة .. ولمَ فتق الجِراح ؟
تضحك عليَّ في سرِّك يا بحر وتقول ..
نضجت حبيبتي في الغياب ..
ربما ..
هل ربما إجابة شافية .. ربما ..
وربما لأنها ترضي غرورك الآن ولستُ بحاجة أن أمس غرورك اليوم فلك أن تغتّرَ اليوم كما تشاء .. ومن غيرك يا بحر يحلو له الغرور ويطيب إليه الاغترار ..
ضاقت بيَّ دنياهم في الخارج .. العالم أصبح ضيقاً جداً ونفد منه أكسجين الحياة والشيخوخة ارتسمت تجاعيدها الحمراء على كل الأزهار .. لا تضحك يا بحر .. ليس لهذا السبب لم أُحضر إليك باقة من الزهر بين يديِّ .. خيل إليَّ أنني اليوم زهرتك المفضلة .. وأنني لا أزال سوسنة عمرك .. وأنني تلك الجورية المعتقة التي زرعتها ذات خريف سابق لسنوات الميلاد لتقبلها كل خريف وتتمنى لها أسعد اللحظات وتكتب بأنامل اليمين على أوراقها ..
كل عام وأنتِ للبحر ..
كان يوماً جميلاً حين وُلدت على يديك .. وكانت أولى صلواتي في محرابك .. كنتَ تنظر إليَّ بغرابة واندهاش كيف تؤدي هذه الزهرة الرقيقة كل هذه الصلوات .. ولا يبدو عليها التعب .. ولا يكسوها الوهن ؟
هل أبوح إليك بسرٍّ ..
إذاً أغمض عيناك في الحال .. أخجل أن أبوح في حضورهما الملائكي .. أخشى هذا النور الذي يشع منهما فيطوقني ويذيبني كالسحر ويسكبني في قارورة تبقى عائمة على السطح وكتب عليها هي للبحر ..
كنت يا بحر أفتعل الصلوات كي أبقى بقربك كل الوقت .. السماء تعلم جيداً وتدرك طهر قلبي ونقاءه .. لذلك كنت أنت همي ومبتغاي ومناي .. كنت أطمع بمزيد من الوقت قربك .. كنت أقولها إليك وأرددها دائماً .. الصلاة تأخذ الكثير من الوقت وعليك أن تصبر يا بحر .. وتمنع .. تمنع عنك كل الثورات أثناء الصلاة ..
وكنت تسمع يا بحر وتقنع ..
وكنتُ أنا في قمة الرضى .

رشيد الميموني 23 / 09 / 2012 30 : 02 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 
ميساء ..
لا ألومك حين يتعدد بوحك للبحر ولا مناجاتك له .. لأني أعرف ما يحدثه البحر في النفوس ..
وأذكر لحد الآن رسالتك إليه وتجاوبك مع مده وجزره ..
أستمتع جدا بما يخطه قلمك المتألق دوما .
دام إبداعك ووهج حروفك .
مع كامل المودة .

ميساء البشيتي 24 / 09 / 2012 44 : 03 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 
طبعا رشيد فالبحر يحتل نصيب الأسد في قلبي وروحي
وإليه دائماً ألجأ في كل لحظات الضيق
البحر يسمع كل شكواي وهمومي لذلك تجد ني دائما على ضفافه
شكرا لحضورك الجميل يا رشيد
وشكرا لقراءتك الراقية للحروف
ودمت بألف خير أخي رشيد

ناهد شما 25 / 09 / 2012 13 : 03 AM

رد: حافية القدمين والبحر .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ميساء البشيتي (المشاركة 159157)
هي مفاجأة سارة لحافية القدمين عزيزتي ناهد وجودك هنا
ناهد في الأسفل لم يبقَ لنا إلا البحر
وفي الأعلى السماء
أما الأرض فلم تعد لنا
هي للصراع .. صراع الغاب
تعالي معي إلى البحر قبل أن نصعد إلى السماء
الموت لا يخيف .. الحياة هي التي أصبحت مخيفة .
ربنا يحمي سوريا وأحبتنا في سوريا ويحمينا من الضياع
وكوني هنا يا ناهد فلدينا أحاديث مطولة مع البحر .


آه يا غالية ميساء ... نعم أصبحت الأرض وما عليها هي صراع الغاب !!
سأرافقك الى البحر الذي طالما تمنيت الحياة قريبة منه
أما بالنسبة للموت صدقيني يا بخت الذي يموت ويموت بكرامة ويموت ويدفن ويجد من يدفنه ويصلي عليه
يكفي كلام موت لا أريد أن أضيع فرحتنا في السفر الى عالم البحر
أنا معك وبانتظار المزيد

ميساء البشيتي 26 / 09 / 2012 13 : 02 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 
غاليتي ناهد
لا أريدك أن تبقي حزينة هكذا
كل إنسان يأخذ نصيبة من هذه الحياة
لكن بشكل عام الأيام القادمة لا أسف عليها ومع ذلك
تعالي معي للبحر هناك أحاديث مطولة بيننا وأنا واثقة
أنها ستعجبك وستفرج عنك قليلاً
ناهد .. حبيبتي كوني بخير .

ميساء البشيتي 28 / 09 / 2012 42 : 06 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 

3
أتدري يا بحر .. بالرغم من قسوة هؤلاء البشر .. وفي قمة العذاب الذي يخلّفونه وراءهم كإعصار هائج حين يقلبون الطاولة رأساً على عقب .. ويمضون في طريقهم كأن شيئاً لم يكن .. وكأننا وراءهم ما كنا إلا أشباحاً أو ظلالاً .. ولم نكن أفئدة تعشقهم وفي هواهم تحتضر ..
على الرغم من كل ذلك وعلى الرغم أيضاً من أن هذا القلب أصبح كالصخر .. والمسافات غدت بعيدة جداً بين بني البشر .. والجدران ارتفعت أكثر فأكثر .. فما عادت الأعين تقوى على التلصص على ما يجري في حدائق الآخر وعلى شرفاته .. وما عاد يصلنا صدى أصواتهم في المساء حين يهدأ الكون ويهجع للنوم .. وما عادت تتسلل رنة ضحكاتهم إلينا ونحن في مخادعنا نسّبِح ونصلي وندعو الله أن يرحمنا من قسوة الآخر وعذابه .. قد تستغرب يا بحر أنه في هذا الأثناء نلتقي بأناس هم كذلك من بني البشر .. لكنهم ليسوا من بني البشر .. يمرون من أمام أعيننا كالسحر .. كالخيال .. كالحلم .. كالطيف .. كالنسيم .. كالسراب ..
يمسحون بأياديهم الطيبة على جراحنا فتشفى !
هل هم قادمون من زمن المعجزات يا بحر .. هل هم ممن يشفون المريض والضرير والمتيم بلا حبيب .. أم هم مجرد عابرون .. ونحن مجرد واهمون ؟
لست أدري يا بحر لكن وفي وسط هذا البركان الهائج من الحقد والسخط على الآخر نجد آخراً لا يشبهه من هؤلاء البشر أي أحد .. كأنه من عالم آخر .. كأنه من صنف آخر .. الملائكة مثلاً .. لكن بلا أجنحة .. ويسيرون على قدمين .. وقد يكونون ممن لا يجيدون الكلام .. لا بل قد لا ينطقون أبداً .. لكن حضورهم يكون ملائكياً بامتياز .. والنظرة الأولى منهم تشفي كل الجراح ..
هم كالحلم يا بحر .. يقطعون مسافة الحلم فقط .. يقفون بالخلف كالظلال .. يسحروننا كالسراب .. هم يرتقون كل ما ثقَبَه الآخر ومزقه من أوردة القلب .. ويرأبون كل ما تصدع بسببه من شغاف الروح .. ويزرعون البسمة على شفاه مزقتها الأعاصير وملامح شوهتها أصابع الغدر والخيانة ..
ويمضون !
هؤلاء يمضون ..
وهؤلاء يمضون ..
لكن البعض يجرح .. والآخر يداوي ..
وأنا أقص عليك يا بحري حكايتهم .. لكنك وحدك يا بحر من تشفيني وتشفي قلبي وروحي وملامحي من كل الجراح .. وحدك الحقيقة الكاملة في حياتي وكلهم مجرد عابرون . مجرد عابرون .

شيماء البلوشي 28 / 09 / 2012 28 : 10 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 
نعم عزيزتي استاذة ميساء ..
كلهم عابرون .. والبحر حقيقة ..
متابعون معكِ وحكايات حافية القدمين وانصات البحر ..

تحياتي ومودتي :)

ميساء البشيتي 29 / 09 / 2012 16 : 08 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 
أهلا شيماء
ما أجمل هذا الحضور
أنتِ والبحر هذا كثير عليَّ
شكرا لحضورك الذي أشتاقه
وكوني بالجوار يا غالية .

ميساء البشيتي 05 / 10 / 2012 00 : 08 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 
4
من الغرائب يا بحر ومن العجائب ولا أريد أن أطيل عليك الحكاية .. أخشى من زوبعة صغيرة تداعب أمواجك ربما تكون زوبعة في فنجان قهوة الصباح ليس إلا .. لكنك غبت طويلاً في آخر غياب لك .. وأنا لدي الكثير مما أقوله .. ولولا أن امتدت هذه الموجة الناعمة من تحت إبطك الآن وضمتني إليك بحنان لقلت في نفسي ملَّ البحر مني كما ملَّ مني سائر البشر ..
ولظننت نفسي قبيحة حقاً ..
ومتطفلة على قلوبهم ..
كما تراودني الظنون في غيابك يا بحر ..
لولا هذه الموجة الحنونة التي داعبت خصلات شعري .. وغرست نبضة حب جديدة في قلبي لخفت يا بحر .. لخفت من موجة كبيرة تحملني مرة أخرى وتلقي بيَّ إلى رمال الشاطىء فأعود من جديد لممارسة تمارين الانتظار .. والتي أجهل تماما كم ستطول هذه المرة ..
صبرك عليَّ يا بحر فأنا لا أبوح إلا إليك .. سأقول ولن أطيل عليك .. مقربة مني .. توأم روحي .. رفيقة الحلو والمرُّ من أيامي .. ترسل إليَّ كل يوم ياسمينة أو وردة .. تحبني وأحبها .. لا أبدأ الصباح إلا من حدائقها .. ولا أنهيه إلا على باب بيتها ..
في الأمس قالت لي على حين غرة .. دون أي مقدمات .. وبلا أية أسباب تذكر .. هل تريد أن تعرف يا بحر ماذا قالت لي ؟
فاجأتني أثناء حديثنا الصباحي المعتاد .. قالت لي هل تعلمين ماذا قال لي في الأمس .. هل تدرين ماذا يقول اليوم عني .. هل تودين معرفة ماذا أصبحت في ناظريه ؟
وأخذت يا بحر تتلو وترتل على مسامعي كل عبارات الغزل التي أهداها إياها.. عبارات الغزل التي كان يهديني إياها أيام الشوق الأولى .. والتي بت افتقدها منذ آخر غياب له .. كنت أقول لنفسي وأواسيها في غيابه الطويل .. تاه في زحمة العمر .. أخذته رياح غريبة إلى غير ديار .. هرم في الغربة .. أصابته شيخوخة مبكرة .. وأقنع نفسي بكل تلك الحجج .. وهو كما هو لم يهرم أبداً .. بل ازداد شباباً .. وامتلأ حباً .. وها هو يمطرها غيمات وغيمات من العشق و الهيام والغزل ..
بلعتُ دهشتي وصدمتي .. وسكتُ .. لم أدرِ ماذا أقول لها .. وبماذا أجيبها .. فالصدمة يبست كل الكلمات في حلقي .. وتشظت الحروف .. وتناثرت في فضاء روحي كالسراب .. واحترقتُ أنا بلهيب الآه ثم تصاعدت روحي في السماء أبخرة سوداء ..
قلتها لك يا بحر .. يمضون كإعصار .. ويخلفون وراءهم قلوباً ممزقة .. مزقها إعصار ..
هل تستطيع يا بحر بكل ما أوتيت من قوة أن تمحو الظلم .. أن تمحو الأعاصير والزلازل والبراكين التي يحدثها عن غير قصد بنو البشر .. قل يا بحر هل تقدر وتقوى على مواجهة مكرهم وخداعهم وجبروتهم .. أم أنني أحتمي في الحبيب الخطأ ..

ناجية عامر 06 / 10 / 2012 01 : 03 AM

رد: حافية القدمين والبحر .
 
العزيزة أستاذة ميساء،
سررت بتواجدي على متصفحك و بحديثك الشيق و الممتع للبحر
كعادتك أختي، سلسلة حافية القدمين كسابقاتها تحمل الشيء
الكثير مما يعاني و طننا العربي.
أتمنى من الله أن يجود على سوريا و كل بلداننا العربية بالحرية
و الأمان.
دمت متألقة كما عاهدناك

ميساء البشيتي 08 / 10 / 2012 34 : 02 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 
اهلا بك غاليتي ناجية وأسعدني جدا مرورك الرائع
على سلسلة حافية القدمين والبحر
نعم غاليتي هي حروف مبطنة تحمل في داخلها الكثير من الهموم
التي حاصرتنا في الآونة الأخيرة
ربي يفرجها على الجميع
شكرا لك عزيزتي وكوني بالجوار .

ميساء البشيتي 06 / 12 / 2012 55 : 01 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 

5
أنتَ أين كنت ؟
أنا لا أسألك بقصد الحساب أو المعاتبة ..لا .. لكنني أريد أن تحدثني عنك وعن رحلة غيابك الأخيرة .. هذه المرة شعرت بقسوة غيابك أكثر من كل مرة سبقتها .. ربما لأنك غبت في الوقت الخطأ .. أعلم أن غيابك كان غير مقصود .. وأنك لا تنوي أبداً هجري .. وأن هنالك من الظروف القاهرة ما يمنعك من الحضور الدائم في حياتي .. ومع ذلك فقد كان غيابك هذه المرة غياب في الوقت الخطأ .
أحياناً تبلغ حساسيتنا لبعض الأمور ذروتها فنفتقد أبسط الأشياء ونبكي لغياب أقلها حضوراً في حياتنا .. ربما لأن بساط الأمان سُحِب عنوة من تحت أقدامنا ..
أنا فقدت الأمان يا بحر في الآونة الأخيرة فأصبحت أتوجس خيفة من كل ريح عابرة حتى لو مرت عني مرور النسيم ..
كنت أخشى كثيراً أن أفقد قوة الجاذبية التي تربطني بهذه الأرض ..
لا أريد أن أصبح عائمة في الهواء ..
أتضحك يا بحر !
أضحكك لفظي " عائمة في الهواء " .. أنتَ تريدني فقط أن أعوم في محيط قلبك .. لكن صدقني أحياناً نعوم ورغماً عنا في الهواء .. ولأننا لسنا كالطيور نملك أجنحة التحليق والهروب إلى الفضاء .. نحن بلا أجنحة يا بحر.. ومن كان بلا أجنحة لا يطير وإن طار لا يحلق .. مهما خف وزنه .. ومهما كان ماهراً في اختراق الآفاق .. لذلك حين تلفظنا الجاذبية الأرضية نبقى معلقين ومتأرجحين في الهواء .. عندها لا بد من العوم .. لا بدَّ أن نتعلم فن العوم .. وفي الهواء .. في بحر من الهواء ..
أرأيت كيف أخذت الأمور تصعب عليَّ في غيابك .. حتى الأزهار يا بحر أخذت تنكمش على ذاتها .. هي أيضاً تسلل إليها الخوف .. كل شيء حولي تسربل بالخوف .. هذا الصباح الذي تراه وديعاً .. جميلاً .. هادئاً .. مستكيناً .. كانت أيضاً تبدو عليه علامات الذعر والخوف حين يفاجئه النهار بقدوم آخر غير متوقع ..
الحياة خارج هذا البحر صعبة الآن يا بحر .. اللغة التي ولدت معنا أو ربما قبلنا بقليل لم أعد أذكر بالضبط تاريخ مولدها .. هجرتنا جميعاً .. فما عدنا نقدر على النطق بها .. وإن قُدِّر إلينا ذلك ونطقنا بعض الحروف تكون حروفاً من رصاص .. تنزف دماً .. وليس حبراً على ورق ..
والموت أصبح زائرنا الدائم الذي لا يبارح ..
وأنا وسط كل هذه الفوضى وهذا الخراب كنت أشتاق إليك يا بحر .. وأفتقدك جداً .. ولا أخفي عليك أحياناً كانت تعلو وتيرة الحقد في داخلي عليك .. مع أنك كنت تغيب رغماً عنك !
لكنه الشوق يا بحر حين يتأجج وتعتريه فوضى الاشتياق تضيق الدنيا في وجهه ثم تصغر وتتلاشى حتى تصبح غير مرئية له .. ولا يبقى في ذاكرته مشتعلاً إلا طريق البحر .. الشوق لا يعرف له طريقاً إلا طريق البحر

علاء زايد فارس 06 / 12 / 2012 53 : 02 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 
شكرا لك أستاذة ميساء على هذا البوح الرائع
كثيراً ما أشعر أن الكثير من أسرار الحياة موجودة في البحر
لذلك يكثر الكثير من البشر التأمل في البحر علهم يفهمون ما يجري لهم في حياتهم!
وإذا لم يخرجوا بنتيجة سيكتفون بالقاء همومهم عليه....

شكرا لك مرة أخرى على هذا البوح الرائع

ميساء البشيتي 06 / 01 / 2013 02 : 07 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 
نعم علاء البحر يجذب الآخرين إليه لأنه يوحي إليهم بالحضن الكبير
الذي يتسع لكل همومهم وشكواهم ..
البحر يتسم بالعطاء والحب الكبير لذلك يبقى هو ملاذاً للكثيرين
شرفتني علاء بزيارتك الكريمة
شكراً ابني وكن بالجوار

ميساء البشيتي 06 / 01 / 2013 03 : 07 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 

حافية القدمين والبحر
6
في الأمس انتابتني نوبة كآبة غريبة لا أدري لها سبباً يا بحر .. خرجت دون وعيٍّ مني ودون إرادة إلى الطبيعة .. أردت أن أرمي بنفسي إلى أحضان الطبيعة .. بعيداً عن البشر وعيون البشر وأحاديث البشر .. أردت أن تكون سهرتي مع الطبيعة .. وفي حضرة صاحب الرفعة والسمو .. القمر ..
كان القمر كبيراً جداً ومشعاً كثيراً في ليلة الأمس .. ربما كان يريد أن يوصل إليَّ رسالة سرية مفادها أنني مرحب بيِّ في حدائق الطبيعة وبين أجفان القمر .. وأنَّ كل هذا الضوء الجميل المنبعث من قلبه فقط لأهتدي إليه على عجل .. وأنه على استعداد تام للسهر معي في هذه الليلة .. والتفرغ لي دوناً عن سائر البشر ..
كنت هاربة من شيء ما .. لا أدري ما هو .. أو ربما كنت أدري ولكنني لا أريد أن أفصح .. ليس لأنني أخفي عنك شيئاً يا بحر فهذا مستحيل .. فأنتَ روحي يا بحر وأنتَ قلبي وأنتَ عمري وأنتَ نوافذ الأكسجين في حياتي .. لكني كنتُ أخفي عن نفسي .. كنتُ لا أريد مصارحتها بما يقلق .. لا أريد أن أنبهها لما يحيط بها من قلق ..
أشياء كثيرة يا بحر تكون بعيدة جداً أو يخيّل إلينا أنها بعيدة عنا .. ونفاجأ بأنها تحلُّ علينا .. والآن هي في عقر دارنا .. بل وتهدد سلامتنا .. ونحن نقف عاجزين أمامها .. مبهورين بجبروتها وغطرستها .. مذهولين كيف تسللت بغفلة من الزمن إلينا .. وماذا نفعل لمواجهتها وهي الأقوى الآن .. ونحن الأضعف .. نحن يا بحر الآن الحلقة الأضعف وربما يتوجب علينا أن نغادر ..
ومع ذلك يا بحر فهذا لن يغير من الحقيقة شيء .. القلوب لم تعد صافية .. بل إنها لا تنبئ بأية مساحة من مساحات من الصفاء أو الرخاء ..
كيف أصبحنا بهذه القسوة ؟
كيف سمحنا لأقدامنا أن تدوس بنعليها على كل الصور الجميلة في حياتنا .. كيف أصبحنا نتجاهل نداء القلب .. ولا نلبي رجاء العين .. ولا نضعف أمام توسل الشفاه .. ولا نحنُّ .. أو نلين أمام غمزات الدموع ؟
كيف أصبحنا ننمو ونتغلغل ونتشعب داخل أطر مفرغة من الهواء النقي .. محشوة فقط بالوحدة والقسوة والعناد والجهل والتجاهل ..
هل هذه هي علامات الفوضى يا بحر ؟
أم هي بداية النهاية لكل شيء جميل عشناه معنا ثم دُسنا عليه بأقدامنا .. ومشينا من فوقه دون أن نلتفت إليه أو إلى الوراء قليلاً .. دون أن نرى قلوباً طُرحت أرضاً كقطع بالية .. داستها أقدام الخريف وبعثرتها رياحه العابثة بلا هوادة .. وأمطرت عليها زخات رعدية من الحقد والغبن فذابت أوصالها في شتاء مجهول النسب والهوية ..
هل هذه هي نتائج الفوضى يا بحر ؟
أنا لست أدري .. لذلك خرجت هاربة من عمري وأوصدت خلفي الباب بفزع .. كنت أريد أن أرى ظلي كيف يمشي .. قد يكون ظل اهتدى حين أضعت أنا الطريق .. لكني لم أجد لي ظلاً أبداً ..
وجدت القمر فاتحاً ذراعيه لاستقبالي بحب ولهفة المشتاق التي افتقدتها منذ عصور مضت .. لكن وللأسف الشديد نباح كلب لم أره وهو يقترب مني .. إلا حين ظهر على حين غرة .. وعلى غفلة من ذلك المساء الهادىء .. وحاصرني بوحشية قاتلة .. ففررت منه دون أن أدري إلى أين .. وبقي القمر وحيداً هناك فاتحاً إليَّ قلبه وذراعيه ..
وينتظر ..
وأنا وليتُ هاربة من نباح شرس .. دون أن أنبس بكلمة وداع للقمر ..
أو حتى كلمة شكر !

رشيد الميموني 06 / 01 / 2013 26 : 08 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 
العزيزة ميساء ..
حين تبوحين ، أستشف دائما ذاك القلق المتغلغل بين ثنايا الكلمات وذاك الترقب المندس بين الحروف ..
حقا ، هناك أشياء جميلة نفتقدها حين تضيع منا في لحظة نكون أحوج ما نكون إليها .. فيطبعنا الحزن وتظللنا كآبته فلا نجد غير الأمل نتشبث به مستشرفين غدا أفضل .
تحيتي لإبداعك المتدفق دوما .
ودامت لك مودتي وباقات أجمل الورود .

سلمان الراجحي 07 / 01 / 2013 51 : 11 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 
يقولون أن البحر غدار

ولكن البحر عند الاستاذه

ميساء البشيتي مستودع أسرار

أنك لاتحملينا همومك بل تحمليها للبحر

ما أروع نفسك..وما أعظم حملك

أنك تحملين هموم وطن كامل

شكرا أختي العزيزه على هذا

الادب الراقي

أخوك سلمان الراجحي

ميساء البشيتي 10 / 01 / 2013 10 : 04 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 
أخي العزيز رشيد
مساء الورد
نعم رشيد بالتأكيد هناك أموراً كثيرة بداخلي من الصعب أن
يستطيع البوح أو النثر أو الخواطر أن تترجمها كما هي
لكن كما ترى أخي نحاول أن نفتح نافذة صغيرة وسط هذا الزحام
لنطرد منها الهواء السام ونستقبل هواءً جديدا منعشا
شكرا لحضورك الياسميني العبق ودمت بألف خير أخي

ميساء البشيتي 10 / 01 / 2013 12 : 04 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 
مساء الورد أخي سلمان
نعم أخي البحر يمتاز عن البشر أنه يسمع ولا يتكلم
ونحن بحاجة لمن يسمعنا .. نحن بحاجة أن نتكلم ..
لم أجد أفضل من البحر ألقي إليه بكل هذه الأعباء
لكن أتمنى ألا يصيبه الضجر مني ومن همومي
شكرا لك على هذا الحضور المميز ودمت بألف خير وسعادة

وسام أحمد 10 / 01 / 2013 34 : 08 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 
وكم نحتاجه البحر يستمع ويبتلع ما سمع
كسر عميق فكيف لانعشقه
كأجمل ما يكون هنا البوح بينك وبين البحر
حكايا بين مد وجزر كما الحياة لاتنتهي
تقديري لك

ميساء البشيتي 17 / 01 / 2013 26 : 03 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 
نعم غاليتي وسام
قلب البحر كبير وعميق وما أحوجنا لقلب بهذه السعة وهذا العمق
كوني معي يا غاليتي في هذه السلسلة من البوح
مع الأحبة يطيب لنا البوح
شكرا لك وكمشة ياسمين لأرق وسام

ميساء البشيتي 17 / 01 / 2013 27 : 03 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 

7
عدت إليك يا بحر .. هل انتظرتني .. هل أطلت عليك الغياب ؟
يسكننا الآخر .. يذوب في دواخلنا .. نظن أننا نسيناه .. نظن أننا نمضي أيامنا من دونه .. نظن أننا انتصرنا على هزيمة الآخر لنا لنفاجأ عند أول هزة أن الآخر في داخلنا حيٌّ ينبض .. وأنه أبداً لم يغادر ولكنه مع الأسف مفارق ..
كيف نحتفظ بالآخر وهو ليس لنا ؟
هذا هو السؤال يا بحري .. وهذا هو ما أخرني عنك لأيام .. وما أعادني إليك اليوم مثقلة بالهموم والأوجاع والاستفسارات ..
متى نتحرر من الآخر ؟
وهل في تحررنا هذا الخلاص .. أم هي النواة لعبودية أخرى ولا تلمني على لفظ " عبودية " ؟
صدقني يا بحر هي ليست عبارات أضخها لأفتح حواراً جديداً معك هذا الصباح فأنا أستطيع أن ألتزم الصمت في حضورك .. فأنت سيد من احترم صمتي وسيد من أبوح له بنقاط ضعفي .. لكنني هذه المرة لست ضعيفة .. أو ربما كنت ضعيفة دون أن أدري .. موازين القوة والضعف اختلت لديَّ كما اختلت لدى سائر البشر ..
هل النداء على الأحبة ضعفاً .. هل الاشتياق إليهم ضعفاً .. إذا ما هي القوة يا بحر ؟
أهي الفراق .. الهجر .. الصدُّ .. التخلي .. الجحود .. النكران .. الكذب .. الخيانة ؟
أهذه هي القوة يا بحر .. إذا فاشهد يا بحر أني ضعيفة .. وضعيفة جداً .. بل أنني أعتز بضعفي .
في الصباح .. في كل صباح .. أفتح نافذة الأمل وأبقى على الشرفات أنتظر .. وحين ينتصف النهار أنكمش على ذاتي قليلاً لأن العصافير مرت من أمامي وحيدة بلا رفيق تحمله على جناحيها وتحلق به في السماء .. وفي المساء أسدل الستائر بغضب وأسدل معها أملاً أودعته ذلك النهار .. وفي الليل .. في آخر ساعات الليل أحدث الوسادة وأسألها هل بقي لنا أحلام نحلم بها طِوال رحلة المنام .. أم أننا سنغمض العيون على هالة من الفراغ كما سنفتحها على هالة أكبر وأكبر وأكبر من الفراغ ؟
هل حقاً كان يملأ المكان ..
وإلا لمَ كل هذا الفراغ ؟
لمَ كل هذا الفراغ يا بحر ؟
أجبني يا بحر إن لم يكن يملأ المكان .. ويملأ الحياة .. ويملأ الروح ..
فمن أين يأتي كل هذا الفراغ ؟

ميساء البشيتي 14 / 02 / 2013 52 : 03 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 

8

نعم يا بحر كان يملأ هذا المكان .. والأهم أنه كان يملأ هذه الروح المعذبة .. هذه الروح المشتاقة .. التواقة .. لخبر تحمله إليَّ قبرتنا المدللة فتقول كان هنا .. أو مرِّ من هنا منذ أيام ..
أركض إلى الطرقات .. أتفحصها جيداً .. أنادي بملء القلب .. هل هذا أنتَ يا قلب .. أم هو ظلك .. فيجيبني الصدى ..
ومع ذلك لا أقطع حبال الأمل الذائبة .. وأظل أسأله وأواصل السؤال هل أنتَ في طريق العودة .. أم أنك في طريق الغياب .. ويجيبني مرة أخرى الفراغ ..
هل أفقد الأمل فيه يا بحر ؟
هل أغلق على قلبي نوافذ الاشتياق .. وأعلن وفاته سريرياً في قلبي وفي روحي وفي حياتي .. وماذا إن كان على قيد الحياة وأتتني أنفاسه تلهث في صباح الغد .. كيف أفسر لهذه الروح هذا الاستعجال ؟
أنا تعبت يا بحر .. وما أصعب أن يتعبك الفراغ ..
الفراغ لا لغة له يتحدث فيها .. وليس لديه أي شارات يلوح فيها فأفهم منها أنه لا يزال يربض هناك .. ويتنفس .. ولو هواءً خانقاً .. لكنه لا يزال على قيد الحياة .. وأنه لا يزال يحتفظ بقلبٍ يردد اسمي عند مطلع كل شمس وعند غياب كل نهار ..
أم أنني أحلم يا بحر وما كان قد كان .. ولم يعد يطل علينا من الماضي إلا شبح الذكريات .
لماذا يغيبون .. إنه القدر ..
لماذا يموتون .. إنه القدر ..
ولماذا نبقى ننتظر من لا يعودون .. أهو القدر يا بحر .. أم أنه الغباء ؟
اليوم وفي ظلال هذه الفوضى التي عصفت بها وبنا آخر رياح .. يزيفون ما تبقى لنا من الوقت .. فلم نعد نعرف أنحن نشرق في ضياء الصباح أم بتنا نقبع في ظلال المساء .. كل ما نعرفه أننا مسيجون بالانتظار.. على لوائح لا تعرف معنى الوقت ..
وأن أوراق الياسمين لم تعد تُهدى للعشاق .. ولم تعد تصلح لكتابة حروف النثر وقصائد الغزل .. لأنها أصبحت متشحة بالسواد .. وأن الياسمين يبكي طِوال الوقت .. فهل أهديك دموع الياسمين عطراً .. أم تكفيك دموع قلبي التي لا تجف وهي تركض من نافذة إلى أخرى ومن شباك إلى شباك .. تسأل الغيم وتلحُّ في السؤال .. هل تحمله إليَّ يا غيم .. أم أنه لا عودة منتظرة في هذه الأيام ؟
وأنتَ يا بحر ألم تره ؟
كنتُ فيما مضى رسمت إليه على باطن كفه اليمين طريق البحر .. قلتُ له بالحرف الواحد إن ضِعتُ منك .. أو بعثرتني رياح الغدر .. ستجدني هناك في بيت البحر .. هناك يمكنك أن تجدني وتضم شتاتي إليك .. وتعيد إليَّ متكئي في قلبك وفي عينيك .
إن أتاك يا بحر قل له كم حاصرتني عينيه .. وكم أطبقت عليَّ الحصار.. وكم قرأتني كما أنا .. وليس كما أود أن أبدو في عينيه .. وكم أخفيت وجهي حتى لا يرى حُمرة الخجل وهي تتورد على وجنتيِّ حين يأتيني همسه مفضوحاً تردده عصافير الحدائق والغابات .. أحبك يا عصفورة .. هل تملكين يا عصفورتي أي جواب ؟
أملك الجواب اليوم لكنه قد فات الأوان .. فات أوان الحب يا بحر .. أخبره يا بحر أنني أملك الجواب الآن .. لكنه فات الأوان .

سلمان الراجحي 14 / 02 / 2013 01 : 07 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 
أستاذه ميساء مساء الخير

حديث شيق ذو شجن مع البحر

نسمع ويسمع معنا البحر لهاث

حافية القدمين..ولكن وقد أكون

مخطأ أقول لم يفت الاوان.!!

فأنّ الامة تضعف ولكنها لاتموت

تحياتي وتقديري لحرفك النابض

أخوك سلمان الراجحي

ميساء البشيتي 02 / 03 / 2013 12 : 08 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 
وتحياتي الحارة وتقديري الكبير لك أخي سلمان
دائما أنت رفيق الحرف والكلمة والبوح
شكرا لك دائما ودمت بكل الخير كل الوقت .

ميساء البشيتي 15 / 06 / 2013 11 : 05 PM

رد: حافية القدمين والبحر .
 

9
" أشعل شمعة بدلاً من أن تلعن الظلام "
نعم يا بحر وأنا سأشعل شمعة لأبدد هذه الظلمة من حولي .. سألملم الأبجدية في حضني من جديد بعد أن تبعثرت مني جراء بعض الهزات .. وسأشعل الحروف حرفاً تلو الآخر لأبدد ظلمتي ..
أتعبني هذا الظلام يا بحر .. وأنهك انتظاري .. فكان لا بد أن أشعل أول حرف وأرسله خلف البحار .. وخلف المحيطات ليُحضر إليَّ بين يديه قبساً من نور وضياء ..
الشمس هنا باردة .. كان لا بد من شمس أخرى مضيئة .. مشعة .. ملتهبة .. آتي فيها .. أستعيرها .. لو من خلف البحار .. لو من خلف المحيطات .. لو من عين السماء .. لا يهم من أين .. المهم أنني أشعلت أول حرف .. وأتاني بقبس من نور لكن من شمس أخرى ..
قد يكون لهذه الشمس أبجدية أخرى .. أبجدية مختلفة عني .. وعن أبجديتي التي ترعرعت في كنفها .. لكني لم أعد أعير اهتماماً لموطن الشمس الأصلي .. أو لجذورها .. أين رُبيّت في طفولتها الغضة .. أين ترعرعت .. وأين هو منبت رأسها .. ومن من أي كوكب كان ..
تعبت من الدوران في فلك الشمس التي تقربني .. والشمس التي تشبهني .. والشمس التي تحمل رائحة وطني .. والشمس التي تتكلم لغة الياسمين .. والتي لها عبير الزعتر وأريج البرتقال كما هو في تلك البلاد .. تعبت من الدوران في فلك الشمس القادمة من هناك .. من بلاد تركت فيها صوري محفورة على أعمدة الانتظار .. وتركت لهم وعوداً لا حصر لها بالعودة إليهم مع خيوط الشمس ..
ها قد خانتني الشمس ..
أو لنقل يا بحر .. الشمس لم تخنّي .. لكنها تخلت عني .. وتركتني وحيدة أسبح في بحيرة من الظلام ..
ما جدواه الوطن الآن ..
لماذا لم يهبَّ لنجدتي .. لماذا لم يمسك بيدي ويقطع بيَّ كل البحور التي أطبقت على صدري وخنقتني بأصابع من حجر .. لماذا لم يحملني هذا الوطن إلى النور وإلى الضياء ؟
لماذا لم ينقذني من براثن الظلمة هذا الوطن .. وأين غاب وجهه عني وأنا أتخبط على وجهي في بحيرات الشتات وبحيرات العدم .. أين أنتَ يا وطن .. أين أنتَ ؟
اشتقت أن أرى وجهك صباحاً وأنت ترتدي ثياب الشمس .. اشتقت أن أنظر في عينيك هل لا تزال صافية .. شفافة .. صادقة .. ناطقة .. حيّة .. كما كانت في صباي .. وكما تركتها في ساعة غضب .. اشتقت إليه يا بحر .. اشتقت لابتسامته الساحرة التي تغسل القلب .. وللغمازات المستديرة التي تطوق شفتيه بحرارة عن الشمال وعن اليمين .. وترسم إليَّ الطريق المعبد بالفرح ..
اشتقت إليه يا بحر ..
اشتقت أن أرى هذا الوطن يفتح عينيه على ضوء الشمس .. ويستقبل النهار في حدائق الشمس ويشرب قهوة الصباح برفقة جدائل الشمس الذهبية .. يقبل جبينها عند كل خبر مفرح .. ويستأذنها عند الغياب .. ويودعها كل غروب عند شاطىء البحر ..
لذلك يا بحر أنا أشعلت أول حرف من أبجديتي وأرسلته خلف المحيطات ليحضر إليَّ في كفيه قبساً من نور .. وقبساً من ضياء .. أريد أن أرى الوطن .. أريد أن أراك يا وطن وأنت تخرج إليَّ شاباً فتياً في ثياب الصباح .. تحملُ إليَّ بين يديك عقداً من الياسمين .. وتضمني إليك بعد كل اشتياق .. وتكتب إليَّ في دفتر مذكراتي .. لم يضع انتظارك هباء .. لم يضع انتظارك هباء ..
لهذا .. لكل هذا يا وطن أشعلت أول حرف كي أراك .. كي أراك .

سلمان الراجحي 16 / 06 / 2013 01 : 12 AM

رد: سلسلة حافية القدمين والبحر .
 
مساء الخير أ.ميساء...

لاأدري دائما تشدني حافية القدمين والبحر للحديث...

سألت الوطن هناك من ينادي أيها الوطن...أجابني...

ألا تراني أصنع لها من ورود الياسمين عقدا...

ومن أشعة الشمس أعمدة من نور لتهتدي اليّ.!!

قال: كلامها يبعث الروح في أشلائي...

فأنتظرها على أمل لقاء قريب...

تحياتي للحس المرهف...

ميساء البشيتي 16 / 06 / 2013 24 : 10 PM

رد: سلسلة حافية القدمين والبحر .
 
أهلا بك أخي سلمان
وإنسان مرهف الحس مثلك أخي سلمان كيف لا يشده البحر وحافية القدمين
للحديث ولمتابعة الحديث ولانتظار الحديث
البحر دائما ملهم الشعراء وملهم الكتاب وملهم ذوي الأحاسيس المرهفة
شكرا لهذا المرور الذي أعتز به أخي سلمان ودمت بألف خير .

نصيرة تختوخ 22 / 06 / 2013 20 : 12 PM

رد: سلسلة حافية القدمين والبحر .
 
تساؤلات إنسانية وتأملات مشوبة بالحيرة. الفراغ والغياب وطيف الأمل وحافة الاستسلام...يبدو الإنسان مخلوقا ضئيلا أمام القدر وبعض الظروف لكنه دائم البحث عن مايسعد ويريح النفس ومن أجل ذلك يقاوم.
تحيتي لك وطابت أوقاتك أستاذة ميساء.

ميساء البشيتي 29 / 06 / 2013 43 : 07 PM

رد: سلسلة حافية القدمين والبحر .
 
وهي الحياة يا نصيرة إن توقفنا نكون وقعنا بأيادينا شهادات وفاتنا
علينا مجارة الريح حتى لا تقتلعنا من جذورنا ولا تدفننا أحياء
شكرا لك ودومي لنا .

ميساء البشيتي 30 / 06 / 2013 22 : 02 PM

رد: سلسلة حافية القدمين والبحر .
 

10
هل تعود مراكبي ؟
سألت النجوم كثيراً .. ولم تجبني .. وبقي السؤال يدور في حلقي كغصة لا أعرف كيف أتقيؤها .. ولا أستطيع أيضاً أن أبتلعها ..
لماذا غادرتُ إن كنتُ سأعود مرة أخرى لأقف في طابور الانتظار ؟
يئست من الانتظار .. نعم وهذا من حقي ولا ينكره عليَّ أحد .. الشمس تشرق كعادتها كلَّ يوم .. أحيانا يهاجمها الضباب بضراوة .. لكنه لا يقوى عليها أبداً .. فعين الشمس جريئة .. وقوية .. وتشرق كل يوم .. عين الشمس أقوى من أن تهزمها حزمة ضالة من الضباب ..
هل أردت أن أكون كالشمس مثلاً ؟!
إذا لماذا تنوي مراكبي العودة .. وهل هي فعلاً تنوي العودة يا بحر .. أم أنها حزمة الضباب الضالة هي من هزمتها وأجبرتها على تغيير مسارها وتوجيه بوصلتها نحو مرافئ الانتظار من جديد ..
الانتظار مرة أخرى ..
كم أكره هذا الانتظار العبثي .. وكم أكره فكرة أن أقف فقط من أجل الانتظار ..
هل أصبحت قاسية القلب إلى هذا الحد .. أم أنها رياح الفشل هي من تبعثر الكلمات عن شفتيِّ .. وتخرجها من قلبي دون أن أدري ؟
أنا ظننتُ أنني هادنت زوابع الريح لو لفترة بسيطة من الوقت .. كنت أود أن أستريح قليلاً .. أردت لبراكين الثورة في قلبي أن تهدأ .. أردت أن تستريح هذه الأقدام المتعبة .. وتكف عن الوقوف طويلاً على أبواب الانتظار .. أردت أن أعفيها لو لبعض الوقت من عناء الانتظار .. واستجداء الانتظار .. بلا أية جدوى ..
أنا كنتُ أريد هدنة !
تحدثت مع النجوم مطولاً .. هذه المرة النجوم التزمت الصمت .. ظننتها شارة الموافقة منها .. فانطلقت مراكبي وأبحرت .. ربما ابتعدت قليلاً لكنّي كنتُ أعرف وجهتي جيداً .. انطلقت نحو الشمس .. أردت أن أشرق كما هي تشرق ..
أردت أن أذيب كل ما علق بيَّ من أثارك .. أردت لأنفاسك أن تخرج مني .. وألا أبقى ممتلئة بك بلا جدوى .. أردت أن أتحرر منك .. وألا أبقى محتلة من الفراغ ..
كانت النجوم معي وتبارك مسيرتي .. وكان الضباب يمرُّ عن يميني وعن يساري .. لا يحدثني ..ولا يقترب من مراكبي .. ابتعدت قليلاً .. نعم ابتعدت .. كنت أحتاج جرعة كبيرة من الشمس فاقتربت .. اقتربت .. خيّل إليَّ أنني اقتربت ..
خيّلَ إليَّ أن الشمس تمدُّ إليَّ يمينها بالمصافحة .. وظننتُ أنني والشمس أصبحنا رفاق درب .. وأنني أستطيع أن أمدَّ أقدامي وأفترش بساطي هناك على عتبة دارها .. وأن أستقبل يومي من صحن دارها .. بل وأتناول قهوة الصباح برفقتها .. وأحدثها عن طفولتي المنسية .. وعن أماكن خلعت فيها وقع خطاي كتذكار عتيق لها .. وعن وجوه كانت في يوم لي وأعتقتها بلحظة تخلٍ .. وأنني لم يعد يهزمني الضباب أبداً .. وأنني كالشمس أشرق كل يوم وليس كما كان يؤذن لي .. وأنه لم تعد تكسرني ملامح الغياب .. ولا عدت أنطوي على قلبي حين تغلق نوافذ الصباح في وجهه .. وأنني الآن ملكتُ الشمس في يميني وأصبحت وهي توأمين ..
الضباب غدّار ..
أعرف هذه الحقيقة المرّة .. وأعرف أيضاً أنه مباغت بل ويجيد فن المباغتة .. كنتُ أظن أن أيلول وحده من يلعب معي لعبة الضباب .. لكنّي تذكرت على الفور أن الشتاء يجيد هذا النوع من اللعب بالأقدار .. لذلك أنا نسيتُ الضباب .. ونسيتُ النجوم التي صمتت طويلاً في بداية المشوار .. كنت أظنها قد أصبحت هي صديقتي الصدوق التي لا تخفي عني شيئاً .. وإذ بها تخفي عني غدر الضباب .. وكيف كان يتربص بيَّ .. ويسير خلفي دون أن أدري .. بل ويمحو كل أثر لي هناك .. وأنني لن أتمكن حتى من خلع وقع خطاي هناك .. ولا ترك أي تذكار عتيق يشي بأنني كنتُ في يوم ما هناك .. أو حتى رسم بصمة لي على جدران الوهم .. وأنني كنت هنا لو بأحلامي وأوهامي .. وأنني قد تناولت قهوتي السمراء برفقة الشمس .. وكنت أواعد النهار هناك في صحن دارها .. وكانت تحدثني بلهجة المحبِّ .. وكنت أستمع إليها بأذن المحبِّ أيضاً .. لكنها ثورة الضباب اللعينة أفسدت كل أحلامي .. وحطمت كل أوهامي .. وهاجمتني دون ميعاد .. فمحت ببطشها كل السطور التي كتبتها على جبين الشمس .. وجميع قصائد الغزل التي زينت بها جدائلها الشقراء ..
وأعادتني إلى الوراء ..
إلى زمن الانتظار .. إلى مرافئ الانتظار ..إلى عقارب الانتظار .. وها أنا يا بحر أنتظره فهل يحضره إليَّ هذا الضباب ؟


الساعة الآن 36 : 12 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية