![]() |
البحث عن ظبية شاردة
[align=justify]البحث عن ظبية شاردة
ابتدأ موسم القنص .. والتأم شمل القناصين على مقربة من الطرق المؤدي للغابة الكثيفة الممتدة على مد البصر . يقهقهون وهم يدخلون آخر اللمسات على أسلحتهم النارية .. أذهانهم شاردة لكنها تلتقي عند هدف واحد ، الفوز بالظبية التي استعصت على كل قناص يغامر بمطاردتها .. في نفس كل واحد منهم توجس وخيفة من أن تكون هذه الظبية لعنة على كل من يفكر في قنصها .. لكن روح التحدي طغت على الجميع واندفع الرجال بخطى ثابتة ليوغلوا بين الأشجار حتى لم يعد يسمع منهم سوى تلك القهقهة التي ربما يبددون بها هذا التوجس . رافقتهم تلبية لدعوة من قريب لي رغم أني لا ناقة لي ولا جمل بالقنص .. حرصت على أن أراقب حركاتهم ونظرات عيونهم .. اعتراني شعور بالرهبة لما بدا لي منها من قسوة إن لم أقل وحشية .. لو تعلق الأمر بحيوان مفترس لاعتبرته مقارعة الند للند . لكن أن يكون هذا التصميم وهذا التحدي يخص ظبية وديعة، فإني لزمت الصمت مشمئزا بعض الشيء . تمثل لي منظر الظبية بوداعتها ونظرة عينيها الهادئة .. قد تكون أما وقد تكون على وشك الولادة .. المهم أنني كنت أشعر بقلق يكبر كلما توغلنا أكثر في الغابة وبدأ صياح القناصين يستنفرون الوحيش عله يغادر جحره . تعمدت أن أبطئ الخطو حتى أتملى بمنظر ما حولي من أشجار ونبات .. ولذ لي الاستلقاء لحظات بين الأعشاب .. التفت الي رفيقي ضاحكا : - هنيئا لك يا صديقي .. لا قنص ولا تعب .. لا تتأخر باللحاق بنا فلن نعود من هذه الطريق .. وإذا شاهدت شيئا ما عليك إلا المناداة أو الصفير .. - حسنا .. لكن لا تقلق .. فأنا أعرف الطريق .. هل كنت في تخلفي عن الركب أمنع نفسي من رؤية الظبية مضرجة بالدماء ؟ قد يكون هذا صحيحا مع هذا الشعور بالغثيان وأنا أتخيلها جثة هامدة وقد تخضب وبرها بالدم .. في تلك اللحظة تناهي إلي صوت حفيف ورق الشجر .. التفت عن يميني .. كانت هناك تقف في جلال .. صيحات القناصين من بعيد تزيد من اضطرابها البادي في عيونها الجميلتين وفي التفاتها .. كانت هي كما وصفوها لي .. بنية اللون مائلة للصفرة .. صدرها أبيض ناصع .. وقد رسم على طول وجهها خطان أسودان . لم أتحرك وحاولت ألا يبدر مني ما يجعلها تنفر .. فإلى جانب خشيتي من أن تثير انتباه الرجال كانت فرحتي كبيرة بقربها مني .. واعتبرت ذلك فوزا لي .. نظراتها الي يشوبها حذر .. لكن جمودي يعطيها ثقة وطمأنينة . هاهي تقترب مني رويدا رويدا . تحني بخطامها إلى الأرض تتشمم ثم ترفع رأسها عاليا وأذناها تتحركان في كل الاتجاهات . مددت يدي بحذر فأجفلت قليلا لكنها بقيت بالقرب مني .. اقتلعت بعض الأعشاب وقدمتها لها بحركة بطيئة .. فتشممتها لكنها لم تأكلها .. كانت فرصة لي للمسها .. وكأنها استلذت لمسي فأخذت تحك عنقها براحتي .. "آه ما أجملك أيتها الظبية البهية .. كم أشعر بخوفك ، وكم أحس بأنني مسؤول عنك وعن سلامتك .. لكن لا تخشي شيئا ، فقد بددت وحدتي ومنحتني ثقتك .. وعلي أن أحميك . ستكونين من اليوم ظبيتي ، وسأعود كلما سنحت لي الفرصة لأبحث عنك . لم أدر كم لبثت أناجيها حين رأيتها تجفل لصياح قريبي على مقربة مني ، وتركض نحو الأدغال .. لكن قبل أن تختفي ، توقفت في إباء والتفتت .. أحسست أنها تكلمني .. هل تشكرني أم على العكس من ذلك تعاتبني ؟ ربما تشك في أنني متوطئ مع الآخرين بغية الإيقاع بها .. لكني كنت أرى نظراتها تدعوني للعودة يوما ما ، قبل أن تختفي . - لازلت هنا ؟ .. ألا تريد الاستمتاع بمنظر القنص ؟ - أنت تعرف أنها ليست هوايتي ، ثم من قال لك إني لم أستمتع ؟ .. لكن قل لي ، هل ظفرتم بما تبحثون عنه ؟ - تعني الظبية ؟ .. اللعنة .. أذاقتنا المر ولازالت شاردة وكأنها شبح . ضحكت في سري وأنا أنظر ناحية الأدغال حيث اختفت الظبية وتخيلتها هناك تنظر إلي . في تلك اللحظة التحق بنا باقي الرجال وهم يحملون طرائد عديدة .. لكن الوجوه كانت محبطة ويعتريها الوجل . في طريق العودة كنت أترنم وأنا أتبع فريق القناصين المهرولين نحو القرية وكأنهم يستعجلون الوصول لإخفاء فشلهم في قنص ظبية استعصت على الجميع . ومن جديد تباطأت في المشي حتى لم أعد اسمع سوى همهماتهم ، ووقفت على تلة تشرف على الغابة الفسيحة أمعن النظر لعلي ألحظ شيئا بنيا يتحرك . منذ ذلك اليوم ، صارت هوايتي التوغل في الغابة مقتفيا آثار الظبية الشاردة ، بعيدا عن كل الأعين ، ممنيا النفس بلقائها . [/align] |
رد: البحث عن ظبية شاردة
التصميمي الوحشي على افتراس الضعيف ،،ولو كان حيوانا
في البراري الشاسعة ،،وخلف التلال البعيدة هناك موسم خاص لاقتناص البراءة بحجة الهواية سرد ممتع ا.رشيد تحيتي لك ولظبيتك الشاردة |
رد: البحث عن ظبية شاردة
[align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=center]وأظل عند رأيي أن قلمك أكثر تميزا في القصة القصيرة أستاذ رشيد.
سررت بإضافتك هذه القصة القصيرة لملفك القصصي واستمتعت بقراءتها. تحيتي لك وكل الخير أتمناه لك.[/align][/cell][/table1][/align] |
رد: البحث عن ظبية شاردة
سعيد جدا بهذا التعليق المميز أختي عروبة وأملي أن أكون دوما عند حسن ظنك .
مودتي وتقديري لشخصك الكريم . |
رد: البحث عن ظبية شاردة
أختي العزيزة نصيرة ..
أسعدني جدا عودتك المتألقة بعد ظروفك المؤلمة وأود أن اعبر لك عن عميق شكري وامتناني لتجاوبك مع قصصي . كل المودة والتقدير لك . |
رد: البحث عن ظبية شاردة
كالعادة أستاذ رشيد إلهام وخيال واسع يسبح بنا في شاطئ حتى وإن كانت أمواجه عالية وحالة الطقس متردية ، شكرا لأنك تخلق لنا من خيالك متعة يكون فيها قلمك رائعا . تحياتي لقدراتك الفكرية .
|
رد: البحث عن ظبية شاردة
العزيزة فتيحة ..
لا أدري كيف أعبر لك عن مدى سعادتي وامتناني لتجاوبك الرائع الذي تترجمه كلمات ثنائك البهي هذا . باقة ورد تليق بك مع حاص مودتي . |
رد: البحث عن ظبية شاردة
سرد قصصي شيق ، شدنا بأسلوبه السلس الرائع ، وكأني شعرت بوجودي في تلك الغابة .. دمت ودام قلمك "أ. رشيد الميموني " ودي ووردي |
رد: البحث عن ظبية شاردة
العزيزة فاطمة ..
أن تنال القصة إعجابك فهذا ما أرومه .. لكن أن تحسي بنفسك كأنك هناك في الغابة فإن هذا يعطي للقصة نكهة خاصة ويؤكد لي مدى تجاوبك معها .. سعيد بهذا التجاوب وبهذا المرور الذي حمل ثناء سيحفزني أكثر . لك ودي وكل ورودي . |
رد: البحث عن ظبية شاردة
الرائع دوما وصنو الروح ورفيق الحرف الأصيل الأستاذ رشيد..سيد القصة القصيرة بلا منازع !! استمتعتُ حقا بحرفك الماتع..الحمد لله لأنك عدتَ إلى نشاطك..فالمنتدى من غير رموزه موحش موحش..مودتي..
|
رد: البحث عن ظبية شاردة
القاص رشيد الميموني
سرد جميل وقصة شفيفة بامتياز بعض الكلمات أراها تحتاج مراجعة سعدت كثيرا بقراءة هذه القصة لك |
رد: البحث عن ظبية شاردة
محمد الصالح الجزائري
[align=justify] الأستاذ رشيد..سيد القصة القصيرة بلا منازع !! عتبي عليك شديد يا أخ الصالح الأخ رشيد قاص يكتب بشكل جيد في مجال السرد لكن سيد القصة بلا منازع ( واسعة) و فيها تجني شديد على من يكتبون القصة القصيرة ولهم باع طويل وأسماء لها وزنها في هذا المجال الابداعي وأساليب رائعة في هذا المنتدى أتمنى أن نكون أكثر إنصافا وحيادية ولا نغمط أي مبدع حقه [/align] |
رد: البحث عن ظبية شاردة
اقتباس:
|
رد: البحث عن ظبية شاردة
أخي الغالي محمد الصالح ..
سأعتبر شهادتك في حقي وساما أفتخر به ما حييت .. كل مفردات الشكر تبقى قاصرة عن إيفائك حقك من الحب والتقدير .. دامت لك الأفراح والمسرات .. ولك كل الحب والمودة . |
رد: البحث عن ظبية شاردة
الأخت د. فادية ..
شكرا جزيلا على مرورك وتعليقك .. احترامي وتقديري لشخصك الكريم . |
رد: البحث عن ظبية شاردة
القلم الجميل رشيد الميموني
يبدو بأنّ الظبية تبحث عنك كذلك، فلا تختفي طويلا عن الأنظار يا صاحبي. الظبية تعرف لمن تولي ثقتها، وتعرف بأنّك ستحميها بصدرك عند الضرورة يا صديقي. بالمناسبة هناك غابة بالقرب من الدانوب وفيها الكثير من الظباء، ما رأيك؟ |
رد: البحث عن ظبية شاردة
الحبيب خيري ..
وكأنك تستفز القلم والقلب معا للانطلاق في رحلة بحث عن ظباء في متاهات غابة الدانوب .. لكني على يقين من أن أجمل الظباء تلك التي أفرزتها خواطرك وقصصك وإن لم تسمها . فعلا أخي .. أشعر بشهية لأرى قلمي ينزف من جديد . شكرا لكرمك . حبي لك . |
رد: البحث عن ظبية شاردة
وماذا تنتظر يا صاحب القلم الذهبي. إذا كانت الظباء مشتركة فلا بأس، فكلّنا في الهمّ شرقُ. الدكتورة فادية عبد الرحيم والشاعر محمد الصالح الجزائري وضعا مسحة من الجمال على هذه الصفحة.
تحيّة لكما من القلب. |
رد: البحث عن ظبية شاردة
خيال انزاح عن الأفكار المألوفة ,فتجلى ابداعا ودقة متناهية
حبكة تكثفت مواردها في هذه القصة الجميلة . رشيد الميموني ...سجل اعجابي ببديع منثورك . |
رد: البحث عن ظبية شاردة
أجدد لك شكري أخي الغالي خيري وأعدك أن انطلق في رحلة البحث هذه .
لك محبتي . |
رد: البحث عن ظبية شاردة
الأخت الكريمة صليحة ..
تشرفت بمرورك واسعدني ثناؤك على القصة .. آمل أن تنال كل كتاباتي إعجابك . مع كامل المودة والتقدير . |
رد: البحث عن ظبية شاردة
إنها لقصة جميلة بالفعل تستحق أن تكون حديث القصة القصيرة
والزجل المشرقي وربما عما قريب الشعر التفعيلي رشيد يا رشيد أسلوبك لا يضاهى ودائماً أجد نفسي منجذبة لآخر حرف شكرا لك ودمت مبدعا ودامت ظبيتك شاردة حتى يستمر الإبداع والتجلي . |
رد: البحث عن ظبية شاردة
ميساء .. لن أنسى أبدا أنك كنت دائما سباقة لتحفيزي وتشجيعي على الكتابة سواء في مجال القصص أو الخواطر .
وها أنت تأبين إلا أن تواصلي تحفيزك وتشجيعك . شكرا لك من كل قلبي ودامت لك مودتي . مع باقة ورد تليق بك . (لو كان إدراج الصور مسموحا) / ابتسامة . |
رد: البحث عن ظبية شاردة
أجد نفسي اليوم أمام احدى روائعك القصصية -البحث عن ظبية شاردة- أمام سرد متميز و شيق، أستمتعت فعلا جزاك الله كل خير أخي أستاذ رشيد أشكرك على التقاسم |
رد: البحث عن ظبية شاردة
العزيزة الغالية ناجية ..
دعيني أهنئك بسلامة العودة وبشفائك الذي أدعو الله أن يكون تاما .. ودعيني أهنئ نفسي على ما حظيت به قصتي من تجاوبك وتشجيع منك .. شكرا لك من كل قلبي وأتمنى أن أجدك دائما هنا على متصفحي لأسعد ببصمتك . محبتي وورودي . |
رد: البحث عن ظبية شاردة
اقتباس:
يبدو أنك كنت قاصا فأردت نظم الشعر بعد رؤيتك للظبية الجميلة وانطلقت إلى سرد الخواطر.. جميلة قصتك وجميل سردك ووصفك للظبية لكني أتساءل هل التقيت بها بعد تردد المستمر على البحث عنها أم أنها كانت فعلا تشعر بتواطئك مع رفاقك فقررت ألا تعود لك أيضا |
رد: البحث عن ظبية شاردة
لا أخفيك خولة أن بحثي عن الظبية كان مضنيا .. ومررت بالكثير من الإحباط واليأس .. فمن جهة تعلقت بالظبية ، ومن جهة أخرى كانت لهفتي كبيرة لكي لا أبدو أمامها كقناص .
طالت مدة البحث ، لكني فعلا وجدت بعد الإرهاصات التي تنبئ بقرب ظهورها لتضع حدا لحالة الترقب هذه .. تعليقك هذا جعلني اعود لقراءة القصة من جديد وأعيش كل حرف كتبته بكل مشاعري . شكري ومودتي وباقة ورد تليق بك خولة |
رد: البحث عن ظبية شاردة
[QUOTE=رشيد الميموني;243052][size="6"][color="navy"]لا أخفيك خولة أن بحثي عن الظبية كان مضنيا .. ومررت بالكثير من الإحباط واليأس .. فمن جهة تعلقت بالظبية ، ومن جهة أخرى كانت لهفتي كبيرة لكي لا أبدو أمامها كقناص .
طالت مدة البحث ، لكني فعلا وجدت بعد الإرهاصات التي تنبئ بقرب ظهورها لتضع حدا لحالة الترقب هذه .. تعليقك هذا جعلني اع:nic60:ود لقراءة القصة من جديد وأعيش كل حرف كتبته بكل مشاعري . شكري ومودتي وباقة ورد تليق بك كنت أظنها مجرد قصة لكنها بدت الآن قصة تخفي رموازا واقعية ربما.. وقد يجعلك ظهورك إن ظهرت تنشئ قصة أكثر واقعية وأحسن سردا.. ننتظر سردك الجميل.. |
رد: البحث عن ظبية شاردة
اقتباس:
ما أجملها من قصة ! وأبرز ما فيها أنك كنت إنسانا بتعاطفك مع الظبية , وقد غلّبت حمايتها , عن شهوة القنص التي لهث ورائها أقرباؤك , وآثرت هروبها بعيدا,على بقاءها كجثة مضرجة بالدماء , ومن يدري لعلها تبحث عنك لتسدي إليك معروفا يضارع معروفك , أو أنها ترسل إليك في كل يوم سلاما ولا تنسى أنك أنقذتها من السقوط في شرك القناصين يوما . أعجبتني القصة كثيرا وعشت مع أحداثها بخيالي .. فلك كل التحية والتقدير . |
رد: البحث عن ظبية شاردة
اقتباس:
وهذا الثناء تحفيز لي على مواصلة العطاء . شكرا لك من كل قلبي . مع كل الود |
الساعة الآن 42 : 11 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية