منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   قاعة الندوات والمحاضرات (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=438)
-   -   اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=30594)

هدى نورالدين الخطيب 18 / 08 / 2016 26 : 10 PM

اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
1 مرفق
اكتمال دائرة الانهيار والتفتت- ما أشبه اليوم بالأمس- ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
[align=justify]
بنظرة سريعة على تاريخ الأندلس من الفتح إلى السقوط، وحقبة ملوك الطوائف وثورة الأمازيغ ، كيف بدأت البلاد بالتفكك، نفهم مسار ما يجري في الوطن العربي اليوم؟!.
ما يرد عن أسباب سقوط الأندلس مختصراً في المراجع التاريخية
في العقدين1020 ،1030سقطت الخلافة بسبب ثورة الأمازيغ ونشوء ملوك الطوائف الذين قسموا الدولة إلى 22 دويلة، منهم غرناطة وأشبيلية والمرية وبلنسية وطليطلة وسرقسطة والبرازين والبداجوز ودانية والبليار ومورو...
وبينما ورثت تلك الدويلات ثراء الخلافة، إلا أن عدم استقرار الحكم فيها والتناحر المستمر بين بعضها البعض جعل منهم فريسة لمسيحيي الشمال، ووصل الأمر إلى أن ملوك الطوائف كانوا يدفعون الجزية للملك ألفونسو السادس، وكانوا يستعينون به على أخوانهم.

يعلق يوسف أشباخفي كتابه (تاريخ الأندلس على عهد المرابطين والموحدين) على موقعة الزلاقة بقوله:
إن يوسف بن تاشفين لو أراد استغلال انتصاره في موقعة الزلاقة، لربما كانت أوروباالآن تدين بالإسلام، ولدُرّس القرآن في جامعات موسكو، وبرلين، ولندن، وباريس
والحقيقة أن المؤرخين جميعا يقفون حيارى أمام هذا الحدث التاريخي الهائل الذي وقع في سهل الزلاقة، ولم يتطور إلى أن تتقدم الجيوش الإسلامية لاسترداد طليطلة من أيدي الإسبان، خاصة وأن الملك الإسباني كان قد فقد زهرة جيشه في هذه المعركة، ولا يختلف أحد في الرأي بأن الطريق كان مفتوحا تماما وممهدا لكي يقوم المرابطون والأندلسيون بهذه الخطوة.
نستطيع أن نلخص أسباب ضياع الأندلس إذاً بثلاث مسارات رئيسية وتحت راية (( فرِّق تَسُد)):
1- بداية التفكك أو ثورة الأمازيغ وهي بسبب:
الخلاف بين العرب والأمازيغ الذي كان في توحدهم تحت راية الدين أندلس قوية موحدة صدّرت الحضارة لأوروبا ( ولهذا أسباب مشابهة لواقعنا تماماً)
2- انهيار الخلافة
3- الاستعانة بالعدو على الأخ في مجال النزاع بين أمراء أو ملوك الطوائف.
من وجهة نظري، أرى أننا نعيش حالة متقدمة مشابهة لبداية تفكك الأندلس!..
ليس سراً التناحر الحاصل بين ملوك الطوائف ودفع الجزية بأشكال مختلفة، إضافة للقواعد العسكرية الأجنبية في كل أجزاء عالمنا العربي والإسلامي..
الاستعانة بالعدو على الشعب وبالغريب على القريب، يحدث بصورة أوضح حتى مما كانت عليه في الأندلس
ليس سراً أن البعض وعلى الطرفين ينسق أمنياً مع العدو الصهيوني، ليعينه على أخ أو ابن عم، دين ، شعب إلخ..
التفكك القومي والعرقي والديني والمذهبي على أشدّه ، ومثال لما كان عليه الحال في الأندلس، نجد المشكلات الواقعة في هذا المجال بين العرب والأمازيغ في بلاد المغرب، وبين العرب والأكراد في المشرق، وتناحر شديد داخل الأّمة الإسلامية واختراق الدين، ناهيك عن المذهبي والطائفي والعشائري إلخ..
- الجميع يتشارك بتشويه وطعن الثور الأبيض وإسقاطه، والذي هو عماد الأّمة وقاعدتها الأساسية والعريضة ، مع تهيئة الأرضية المناسبة والتشجيع على التغيير العرقي والديمغرافي.
- على سبيل المثال لا الحصر، محاولة الإنقلاب في تركيا، جميعنا نعرف عن المليارات التي دفعتها بعض الدول الإسلامية العربية للإنقلاب إلخ..
هناك من كان يدفع للعدو الصهيوني لقصف غزة، وهناك من يدعم المستوطنات إلخ..
لتكون لدينا دراسة جيدة بعيداً عن الإحراج، يفضل عدم ذكر قطر بعينه أو ملك أو رئيس بالاسم ، ونكتفي بالمقارنة والدراسة والبحث بشكل عام ، والبحث عن آلية لإفشال هذه المخططات التي لو نجحت لأودت بنا جميعاً، الشعوب والحراس الذين وضعهم الاستعمار منذ منحنا الاستقلال المنقوص والسيادة الاسمية.
ما المشكلة الحقيقية بين العرب والأمازيغ ، وكيف يمكن حلها دون تفتيت البلاد؟!
ما المشكلة بين العرب والأكراد، وكيف يمكن رأب الصدع؟!
ما المشكلة بين المسيحييين والمسلمين؟!
ما المشكلة في الفكر السلفي؟!
هل نحن كعرب سنّة كان لدينا نهج إقصائي ساعد بجرنا إلى العداوات؟!
العالم كله يتجه للتطرف كما يبدو، وأنا مثلاً أرجّح فوز ترامب في أميركا، ونحن نعرف أن العدو العالمي اليوم هو الإسلام!..
كيف نعالج ونتصدى بشكل صحيح لهذا التطرف والحرب ، والحرب على الإرهاب التي باتت تعني الحرب على الإسلام ، بما يعرف: الإسلام = الإرهاب؟؟!..
كيف نحمي شبابنا من اصطيادهم لصالح التطرف المشبوه والمخترق، من قبل كثير من المخابرات في هذا العالم في حربه على الإسلام بشكل عام؟!!
هذا الملف يمكنك إضافة ما تجده ملائماً لتغذية هذه الدراسة ورفدها
بانتظاركم..
تفضلوا بقبول فائق آيات تقديري واحترامي
[/align]

محمد الصالح الجزائري 18 / 08 / 2016 51 : 11 PM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
[align=justify]أسجّل الأسئلة ولي عودة إن شاء الله..[/align]
[align=justify] ما المشكلة الحقيقية بين العرب والأمازيغ ، وكيف يمكن حلها دون تفتيت البلاد؟!
ما المشكلة بين العرب والأكراد، وكيف يمكن رأب الصدع؟!
ما المشكلة بين المسيحييين والمسلمين؟!
ما المشكلة في الفكر السلفي؟!
هل نحن كعرب سنّة كان لدينا نهج إقصائي ساعد بجرنا إلى العداوات؟!
العالم كله يتجه للتطرف كما يبدو، وأنا مثلاً أرجّح فوز ترامب في أميركا، ونحن نعرف أن العدو العالمي اليوم هو الإسلام!..
كيف نعالج ونتصدى بشكل صحيح لهذا التطرف والحرب ، والحرب على الإرهاب التي باتت تعني الحرب على الإسلام ، بما يعرف: الإسلام = الإرهاب؟؟!..
كيف نحمي شبابنا من اصطيادهم لصالح التطرف المشبوه والمخترق، من قبل كثير من المخابرات في هذا العالم في حربه على الإسلام بشكل عام؟!!
[/align]

هدى نورالدين الخطيب 19 / 08 / 2016 46 : 10 PM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
[align=justify]
أخي الغالي الشاعر الأستاذ محمد الصالح تحياتي..
معك أخي أنتظر المداخلات والإضافات التي يمكن أن يضيفها الأدباء الكرام لتفعييل هذا الملف ورفده..
يمكن لنا أيضاً أن نبدأ .. وأنا فعلاً أنتظر مداخلتك تحديداً لما أعرفه من عقلك الراجح وقراءتك الواعية وحسك السليم في التحليل.
تقبل أعمق آيات تقديري واحترامي
[/align]

محمد توفيق الصواف 19 / 08 / 2016 22 : 11 PM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
الأخت الغالية هدى،
تحية أشاركك فيها ما تكابدين من قلق وألم على مستقبل الأمتين العربية والإسلامية
وقد دأبت على بحث أسباب تردي المسلمين المعاصرين مدة سبع سنوات متواصلة، أثمرت كتابي الذي تعرفين وهو (راهن العالم الإسلامي) الذي لم أجد دار نشر تتبناه، لأن نتائج بحثي تفضح جانبا كبيرا من المؤامرة الدولية والصهيونية على المسلمين عموما والعرب منهم خصوصا..
أقول هذا الآن على أمل أن يجد الكتاب المذكور قراء على هذا الموقع الكريم، ليس لرغبتي في الشهرة بل عسى أن يخرج من بين قرائه من يستطيع ان يوقظ امة يوشك أعداؤها أن يقوموا بذبحها وهي نائمة..
آسف للإطالة، وآسف لاستغلال فرصة التعليق على نصك بالحديث عن كتابي، لكن ما حدث لي كان تطبيقا للمثل المشهور القائل: الشيء بالشيء يذكر..
مع ذلك سأشارك في هذا الحوار حول هذا الموضوع الذي أشاركك الرأي بأن ليس ما هو أخطر منه اليوم..
أشكر صبرك على مداخلتي الطويلة وتطفلي على نصك،
وتقبلي مني كل محبة وتقدير لشخصك الكريم إنسانة وباحثة مبدعة..

محمد الصالح الجزائري 20 / 08 / 2016 06 : 03 PM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
[align=justify]..وأعود علّي أسهم بعض الشيء في إثراء هذا الملف الهام مقدما وجهة نظر فيما يتصل بوطني الجزائر كعينة ليس إلا..
1 ـ ما المشكلة الحقيقية بين العرب والأمازيغ ، وكيف يمكن حلها دون تفتيت البلاد؟!
[frame="13 98"] نص الدستور الساري المفعول مع التعديلات المقترحة(28 ديسمبر 2015)
المادة 3: اللغة العربية هي اللغة الوطنية والرسمية.
تظل العربية اللغة الرسمية للدولة.
يُحدث لدى رئيس الجمهورية مجلس أعلى للغة العربية.
يكلف المجلس الأعلى للغة العربية على الخصوص بالعمل على ازدهار اللغة العربية وتعميم استعمالها في الميادين العلمية والتكنولوجية والتشجيع على الترجمة إليها لهذه الغاية.
المادة 3 مكرر: تمازيغت هي كذلك لغة وطنية ورسمية.
تعمل الدولة لترقيتها وتطويرها بكل تنوعاتها اللسانية المستعملة عبر التراب الوطني.
يُحدث مجمع جزائري للغة الأمازيغية يوضع لدى رئيس الجمهورية.
يستند المجمع إلى أشغال الخبراء ويكلّف بتوفير الشروط اللازمة لترقية تمازيغت قصد تجسيد وضعها كلغة رسمية فيما بعد.
تحدد كيفيات تطبيق هذه المادة بموجب قانون عضوي.
[/frame]

..ولا يعدّ هذا مجرّد حبر على ورق بل هو مجسّد ميدانيا ، والأمازيغية تُدرّس في مدارس الجزائر ولها مجلس أعلى ..إلا أنّ المشكل الوحيد الذي يعترضها هو الحرف الذي تُكتب به من جهة ومن جهة أخرى هناك أطراف أخرى تعمل على تأجيج الخلافات وتوسيع الهوّة بين المتكلّمين بها و غيرهم من أبناء الجزائر..ومشكلة أخرى مناداة البعض بالمساواة بين اللغة العربية والأمازيغية..فالجزائر دولة عربية أمازيعية مسلمة..وليس أصدق هنا مما قاله العلاّمة ابن باديس رحمه الله ـ نحن أمازيغيون عرّبنا الإسلام !! كما أراد البعض من أذناب فرنسا في الداخل والخارج بتدعيم من فرنسا الإستدمارية قديما وحديثا تاجيج الخلاف وتعميق هوة الخلافات بين أبناء الوطن الواحد بإثارة النعرات الجهوية مستغلّة ذلك التنوع في اللهجات المحلية فبدلا من أن يكون ثراء أراد ت تحويلة إلى عامل تنافر وتناحر متبعة سياسة قديمة جديدة (فَرِّقْ تَسُدْ) وبدلا من جعل الأمازيغية والعربية عامليْ ثراء ونهضة راح البعض وحتى من (المثقفين) يؤجّجون نار الخصومة بين العربية والأمازيغية والهدف هو ضرب ـ الإسلام ـ في الجزائر ليس إلا ، وهذا يفتّت الوطن الواحد ويعمّق الهوة بين تلك الأخوة التي بسطها الإسلام السمح ..فمهما حاولت السياسات المتبعة هنا وهناك ضرب أصالة أي شعب وهويته لن تفلح إلا إذا حوّلت مثقفيه إلى معاول هدم وشغلتهم بالتوافه عن العظائم وببعضهم عن العدو الحقيقي ، ففي الإسلام يذوب كلّ شيء في بوتقة واحدة (الاخوة في الدين) فالإسلام هو المستهدف الأول والاخير..وصدق ابن باديس رحمه الله حين قال:
شعب الجزائر (مسلم)...وإلى (العروبة ) ينتسبْ
مَنْ قال حادَ عن أصله ..أو قال ماتَ فقد كذبْ
لأنّ المليون ونصف المليون وأكثر من شهداء الجزائر ماتوا من أجل إعلاء كلمة الله ولكي يعيش الوطن حرّا ويعيش فيه الجزائريون أحرارا بجميع أطيافهم : الشاوي والتارقي والقبائلي ووووو..فالعدو دائما وأبدا يثير النعرات ويغذي مثل هذه الاختلافات ..وفرنسا الرسمية مازالت تمارس سياستها القديمة الجديدة في دول المغرب العربي فأسستْ لمؤتمرات فروكفونية لتخلق بالضرورة معارضة أخرى عربفونية ومعارضة ثالثة أمازيغفونية لتتحوّل فيما بعد إلى تناحر ليس على مستوى اللسان بل الفكر والاعتقاد أي بين فروكُفيلي وعربُفيلي وامازيغُفيلي ..ومن هنا بدأ التناحر والانقسام فظهرت في الجزائر جهة أخرى اتخذت من الإسلاموية منهجا وسياسة فحدث ما حدث في جزائر التسعينات فاقتتل أبناء الوطن الواحد ، أبناء الدين الواحد ، أبناء الأمة الواحدة ..
ويمكن للأخت الدكتورة رجاء وللأخ الأستاذ رشيد أن يتحدّثا عن واقع الأمازيغية في المغرب مثلا..[/align]

هدى نورالدين الخطيب 20 / 08 / 2016 19 : 11 PM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
[align=justify]أستاذ توفيق أديبنا وباحثنا القدير تحياتي..
كتابك القيّم ( راهن العالم الإسلامي ) قيمة كبيرة ، ومن وجهة نظري مرجع بالغ الأهمية لكل عاقل راشد ضنين بأمّته، ويجب أن يطلع عليه أكبر قدر ممكن من أبناء الوطن الكبير، وهذا ما سأحرص عليه وأسعى له لاحقاً وأكتب عنه أيضاً وأسلط الضوء بقدر ما أستطيع.. وأكيد لا تتحدث عنه رغبة في شهرة لا تنقصك أساساً، فاسم : " محمد توفيق الصوّاف" بحد ذاته وسام، وأنت أشهر من أن تعرّف في عالم الثقافة والأدب والأبحاث.
من جهة دور النشر ، معك حق.. ولعله من واجبي أن أسأل أكثر عن بعض دور النشر التي تتبنى الكتب الإسلامية في بيروت، لديّ صديقة فلسطينية حائزة على دكتوراة في الشريعة، تنزل إلى عمّان لنشر كتبها في دار نشر تتبنى الكتب الإسلامية تحديداً.
الكتاب سبصدر بالشكل اللائق به وإن شاء الله فأنا فعلياً بصدد الحصول على ترخيص دار نشر قريباً جداً ، تكون على الأقل لكتبنا الالكترونية في نور الأدب بشكل نظامي معترف به ويحمل رقم إيداع إلخ.. وسيكون لدينا لجنة تتابع إصدارات دار النشر بعد حصولي على الترخيص.

بالنسبة لهذا الملف الذي أتمنى أن يتحول إلى دراسة مفيدة ومرجعاً هاما إذا أعطيناه حقه، لا شك وأنت الباحث الكبير والأبرز في هذا المجال، في تاريخ بلاد الشام القديم عموماً وفي الشأن الإسرائيلي خصوصاً ، سيكون هذا الملف بأمّس الحاجة لجهودك وإشرافك وإضافاتك..
لو تذكر أستاذ توفيق منذ عشر سنوات ربما، أيام أوراق99 والعنقاء ، حين أردتُ إنشاء ( الرابطة الفلسطينية لتوثيق الجرائم الصهيونية) كنا تحدثنا أنت وأنا، حول تزوير تاريخ منطقتنا الذي نعاني منه كثيراً ، وكل شيء بات يبنى ويتراكم للأسف بناء على قاعدة التزوير الفاسدة هذه.

أرجوك.. لا تتعب منا ومن تقصيرنا، فنحن بأمسّ الحاجة لفكرك وأدبك وأبحاثك..
تفضل بقبول فائق آيات تقديري واحترامي[/align]

محمد توفيق الصواف 21 / 08 / 2016 12 : 12 AM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
سيدتي الكريمة، الأستاذة الأديبة هدى...
لن أزيد على أن أقول في هذا المقام مُوجِزاً:
لقد طَوَّقْتِنِي بكلماتكِ هذه التي رسمتِ لي بها صورة أرجو أن أكون في قامتها واقعاً..
كما أرجو أن يقوى كاهلي الذي أَثْقَلَتْهُ سنوات عمري التي تجاوزَتْ الستين على النهوض بهذه المهمة التي أَنَطْتِها بي، والتي لا أظنني قادراً على الاعتذار عن القيام بها، ليس حياءً منك فقط، بل حياء من شعبي العربي الذي أحبّ كذلك، إنْ أنا قَصَّرتُ بحقه وكنتُ قادراً..
لكِ مني دائماً وافر التقدير والاحترام..

هدى نورالدين الخطيب 21 / 08 / 2016 31 : 02 AM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
[align=justify]
الأخ الغالي الشاعر الأستاذ محمد الصاح تحياتي..
ها أنت تبدأ البحث بشكل بالغ الأهمية وشديد التميز، أشدّ على يديك راجية الاستمرار..
لا يوجد أدنى شك بالدور الغربي عموماً والفرنسي خصوصاً في إثارة هذه النعرات وغسل الأدمغة لاعتبار العرب أعداء محتلون، بالإضافة للدور السلبي للمتحجرين من العرب.. كما تعرف في مونتريال لدينا جالية كبيرة مغاربية عموماً وجزائرية خصوصاً ، لكون مونتريال في المقاطعة الفرنسية..
الحقيقة هذه أول مرة أوروي عن ما صفعني عدة مرات ، حول كم غسيل الأدمغة والكراهية لدى بعض الأخوة الأمازيغ للعرب ( البعض فقط ) وهؤلاء يرفضون رفضاً تاماً الحديث باللغة العربية ويصرّون على الفرنسية تحديداً ويعتبرونها بكل حب لغتهم، والانكليزية في أسوأ الأحوال، ومنهم من ينكر معرفته للغة العربية أصلاً ، وسأروي لك إذا سمحت لي باختصار بعض المواقف منها:
أخبرتني سيّدة عدم معرفتهم اللغة العربية أو أي من مفرداتها رغم إسلامهم، أن والدها وقسم كبير من المتدينين مثله قامواً بترجمة القرآن والصلاة وبما فيها من التحيات والإبراهيمية وحتى التسليم إلى الأمازيغية، حتى لا يصلّوا بالعربية، مما أثار حينها استهجاني ، وقلت لها: تجدين في هذا البلد من كل الجاليات الإسلامية في العالم ، والعربية عندهم جميعاً اللغة المقدسة وحتى من المسلمين أمثال أهل أندونيسيا والصين رغم الصعوبة يصلّون بالعربية ويحفظون القرآن الكريم ، فكيف ابتدعتم مثل هذا؟!
الحقيقة لا أعرف مدى دقة هذا الأمر ، ولم أستطع التأكد من صحته، لكن بعض المواقف وصلت إلى حد الصدام ومواجهة عنصرية حقيقية - والحق يقال - أني لم أجد مثل هذا عند أمازيغ المملكة المغربية في مونتريال، ولهذا هناك عصي أخرى توضع في الدواليب وسعي حثيث في مجال بعثات التنصير في المغرب وكم المال الذي يخصص لها ( تغيير الأدوات) وبالتأكيد أهل تونس يعتزون بقرطاج والعِرق الفينيقي الذي يصل عبر التاريخ بين المشرق والمغرب ، لكن أخبرتني صديقة عربية جزائرية أن هذا موجود فقط عند شريحة بعينها تأثرت بفرنسا والثقافة الفرنسية، بينما كثير من الأمازيغ لا يتعصبون ولا يفرقون لأنهم كما تفضلت يفتخرون بإسلامهم ونبيهم العربي وكتابهم العربي المقدس !!.
دور فرنسا والثقافة الفرنكوفونية واضح جداً بتأثيره على بعض إخواننا الأمازيغ والإيقاع بيننا وبينهم..فنحن في مرحلة تفكيك وتفتيت الأمّة.
كثير من المؤرخين يؤكدون أن الأمازيغ الحقيقيون من نفس أصول العرب ويعودون بحذورهم إلى اليمن، ولا بد لي هنا أن أذكر المراجع التي أرشفتها الأديبة نصيرة تختوخ في نور الأدب في مجال الأصول العرقية للأمازيغ عند فتحي لملف مشابه عام 2009 ، هذا وكنت قرأت كثيراً في الأبحاث الجينية أننا جميعاً نعود لعرق واحد يعتمد جينياً على الجنس المعروف بحرف(j) وتفرعاته في المشرق والمغرب ، ما عدا طبعاً الأكراد ، هم من الجنس الهندو أوروبي وتعود أصولهم إلى جزيرة الخرز والقرم ودخلوا البلاد واستوطنوا فيها أثناء بعض الحقب التاريخية الحديثة نسبياً، من بينها الأيوبية وصولاً إلى العثمانية.
تعرف تأثير الفرنكوفونية السلبي حتى عندنا في المشرق العربي عموماً ولبنان خصوصاً
والعزف على وتر الطائفية، والحرب الأهلية التي حصلت وتنصل قسم كبير من اخواننا الموارنة من العروبة وإصرارهم على اللبننة الفينيقية التي لا صلة لها بالجوار إلى حد تزوير ما يعرف بخارطة شجرة "فروع السامية" نسبة لسام بن نوح، رغم أن الموارنة تحديداً معظمهم عرب غساسنة.
أخي الغالي أضم صوتي لصوتك بدعوة الأديبة دكتورة رجاء بن حيدا والأديب الأستاذ رشيد الميموني.
واسمح لي بتوجيه دعوة خاصة في هذا المجال للشاعر الأستاذ عادل سلطاني، لكوني أعرف مدى تمسكه واعتزازه بالأمازيغية واللغة الأمازيغية، وكلنا بالتأكيد نعتز بالأمازيغية أو تمازيغ والفسيفساء الجميلة في بلادنا، والدليل أني قد أكون الوحيدة التي افتتحت قسماً خاصاً للترجمة الأدبية من وإلى الأمازيغية في صرح أدبي عربي.
أتابعك الشاعر الأستاذ محمد الصالح بكثير من الاهتمام.
تفضلوا بقبول فائق آيات تقديري واحترامي
[/align]

هدى نورالدين الخطيب 21 / 08 / 2016 00 : 08 AM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
[align=justify]حفظك الله ورعاك أستاذ توفيق..
هذا والله تواضع الكبار.. هو كتواضع سنابل القمح الذهبية الملأى بحبوب القمح..
عميق تقديري لك[/align]

د. رجاء بنحيدا 21 / 08 / 2016 01 : 07 PM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
الأديبة الفضلى هدى نور الدين الخطيب
للأسف الشديد صديقتي ، صحيح ما أشرت إليه في عرضك وأنت تتحدثين عن اكتمال دائرة الانهيار والتفتت ، ليتم التأكيد دور العامل الداخلي في توسيع هذه الدائرة ،ودعمها أكثر..!!
أجل ، إنه عامل التعصب والانحياز العرقي داخل القطر الواحد ،وللأسف تم تسخير هذه النقطة وتوظيفها لزرع مزيد من التفتت وإحياء العصبية خاصة من طرف المستعمر ، وهذا مانجده واضحا جليا في سياسة المستعمر وفي العديد من الدراسات الفرنسية والتي ترمي إلى تعزيز سيادة فرق تسد بفكرة مفادها أن العرب غزاة دخلاء .. في شمال إفريقية .
محرك واحد وسياسة استعمارية فكرية لازالت مستمرة تبنت وتتبنى " أطروحة " التعارض بين " البدوي " والحضري ( الأمازيغي ) ببلاد المغرب هي "آسطورة ليست ثمرة صدفة / كما يقول - ( إيف لاكوست ) -وقد حيكت بوعي ، وانطبعت في إطار الإيديولوجيا الكولونيالية ... فالجنرالات الفرنسيونمنذ بداية احتلال الجزائر جهدوا في تفريق " لعرب " وأهل القبائل .." 1-

والواقع أن هذه الأسطورة كانت تهدف إلى إظهار العرب والإسلام كقوى استعمارية ، تسلطت على السكان الأصليين ، الأمازيغ لتسلب منهم ممتلكاتهم وهويتهم ، وليأتي بعد هذا دور الحماية الفرنسية للدفاع عن ممتلكاتهم وحقوقهم ، وإعادة الاستقرار وأمجاد روما ،،
بل تطاول الأمر وتعداه إلى اعتبار أن المغرب وخاصة الجزائر .. ما هي إلا قطعة من الغرب الأوروبي ،عاشت فترات مظلمة تحت الاستبداد الشرقي ( الإسلامي ) قبل أن يسترجعها الفرنسيون ،والذين يعتبرون أنفسهم آ خر الفاتحين ،وأكثرهم تحضرا وإنسانية "
هي مفاهيم اختلقها ونسجها المستعمر الطاغية ليتستر تحت غطاء التحضر والتقدم .. بل الأغرب من كل ذلك تحت غطاء الإنسانية..
أي إنسانية ... هذه حين يتم ترسيخ مثل هذه المغالطات ، وتحوير المفاهيم والمصطلحات ، لصالح أطماع همجية ..!!
إلى أي إنسانية يشيرون .. في ظل فوضى ودمار وتخريب .. وشتات !!
وعن أي إنسانية يتحدثون .. وهم يسعون إلى تغذية النفوس بمشاعر الحقد والكره .. !!
أي شبيه لإنسانية مثل هذه..!! حين نجد أحد ألمع منظري الاستعمار ( إيميل فيليكس غوتيي )
يسجل على صفحات التاريخ المغلوط " إن تاريخ إفريقية الشمالية بأسرها ، ليس منذ القدم سوى مبارزة شاسعة ودائمة بين جنسين متعارضين أساسا من وجهة بيولوجية ، في تصرفهما الأبدي ،... فخلال ألفين كاملين من السنين ، ومنذ القدم حتى يومنا هذا ، كان المغرب دائماً منقسما قسمين لا يتحدان ،هما البدو والحضر ، ذلك لأن غرائزها البدوي تختلف تماماً عن غرائزها الحضري ، فهو شيوعي من خلال نمط حياته ،.. أمن من وجهة سياسية ، فهو فوضوي ، عدمي ، وعميق الاختيار للتخريب ، الذي يفتح له آفاقا ، إنه المدمر ، المنكر ، حتى انتصاره ليس بمنجزة "2-

والواقع هي أيديولوجية حاضرة في صميم الأبحاث التاريخية الفرنسية ،إذ تعمّد المؤرخون الفرنسيون الخلط بين كلمتي عرب وأعراب .. فاستغلواهذا الخلط ليظهروا أن العربي مخرّب بطبعه .. وهنا نجد تساؤل مفكرنا والباحث المغربي الكبيرة عبد الله العروي منتقدا ذلك قائلا :
" بأي عصى سحري ،مثلا ، يتحول البدوي مخرب الأمصار وهادم الدول عندما يكون زناتيا أو هلاليا، إلى مخطط حواضر ومؤسس امبراطوريات عندما يكون لمتونيا أو مرينيا أو زيانيا ..؟"

فسياسة فرق تسد .. لم تنته بخروج المستعمر ولم تبدأ بصدور الظهير البربري سنة 1930 .. هي سياسة ترسخت مبادؤها في عقول خصبة، واستوطن مفعولها .. مداد أقلام لازال أصحابها يهتفون بها ..
وهنا أستحضر قصيدة علال الفاسي التي تفوح مقاومة ووطنية ، من قلم شكل نبراس مقاومة ونضال في ظل شريعة إسلامية موحدة لجميع المغاربة دون ميز عرقي ..
صـوت يـنـادي الـمــغــربـي
مــــن مـــــــازغ ويـــــــعــــــرب

يـحـدو الـشـبـاب الـمغربي
لـلـمـوت مــن دون الـــوطـــــن

لـبـّـيـك يـا صـوت الجدود
إنـــا لـــشــعـبــنــــــا جـــنــــود

كــل يــرى حـفـظ الـعـــهود
في الذبّ عن حوض الوطن

لا نـرتـضـي بــالـتـفـــــرقـــــه
ولـــو عـــلـــونــــــا الـمـشـنـــقه

ولــــو غـــدت مــــمـــزّقـــــه
أشــلاؤنــــا فــدى الــــــوطــن

فـلـيـغـضـب الخصم العنيد
ولـيـرهــب الـصـوت الشّديد

لـسـنـا نـخـاف أو نـحــيـد
إنـــّــــا خُـلـقـنـــا لـــلـــــــوطـــن

////////////
1--ناصر الدين سعيدوني : دراسات وأبحاث في تاريخ الجزائر ، 1984، ص 35، ، التوجه المعادي للعربية والإسلام في السياسة الفرنسية والجزائر " مجلة التاريخ العربي ، الرباط ، العدد 32، خريف 2004- ص 107

2-إيف لاكوست : العلامة ابن خلدون المترجم : ميشال سليمان الناشر : دار ابن خلدون ، بيروت ، 1982ص 84 -85
3-عبد الله العروي ،: مجمل تاريخ المغرب ، ج2ص 97

هدى نورالدين الخطيب 23 / 08 / 2016 27 : 01 AM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
[align=justify]صديقتي الأديبة الناقدة دكتورة رجاء تحياتي..
مداخلتك، بغاية الأهمية..
- الدراسات الفرنسية والتي ترمي إلى تعزيز سيادة فرق تسد بفكرة مفادها أن العرب غزاة دخلاء .. في شمال إفريقية.
- تثبيت التعارض بين " البدوي " والحضري ( الأمازيغي ) ببلاد المغرب هي "آسطورة ليست ثمرة صدفة / كما يقول - ( إيف لاكوست ) -وقد حيكت بوعي ، وانطبعت في إطار الإيديولوجيا الكولونيالية ... فالجنرالات الفرنسيون منذ بداية احتلال الجزائر جهدوا في تفريق " لعرب " وأهل القبائل .."
-الأسطورة - تسلط العرب على السكان الأصليين ، الأمازيغ لتسلب منهم ممتلكاتهم وهويتهم ، وليأتي بعد هذا دور الحماية الفرنسية للدفاع عن ممتلكاتهم وحقوقهم ، وإعادة الاستقرار وأمجاد روما ،،
- تطاول الأمر إلى اعتبار أن المغرب وخاصة الجزائر .. ما هي إلا قطعة من الغرب الأوروبي ،عاشت فترات مظلمة تحت الاستبداد الشرقي ( الإسلامي ) قبل أن يسترجعها الفرنسيون والذين يعتبرون أنفسهم آ خر الفاتحين ،وأكثرهم تحضرا وإنسانية "

- يسجل على صفحات التاريخ المغلوط " إن تاريخ إفريقية الشمالية بأسرها ،
ليس منذ القدم سوى مبارزة شاسعة ودائمة بين جنسين متعارضين أساسا من وجهة بيولوجية ، في تصرفهما الأبدي ،... فخلال ألفين كاملين من السنين ، ومنذ القدم حتى يومنا هذا ، كان المغرب دائماً منقسما قسمين لا يتحدان ،هما البدو والحضر ، ذلك لأن غرائزها البدوي تختلف تماماً عن غرائزها الحضري ، فهو شيوعي من خلال نمط حياته ،.. أمن من وجهة سياسية ، فهو فوضوي ، عدمي ، وعميق الاختيار للتخريب ، الذي يفتح له آفاقا ، إنه المدمر ، المنكر ، حتى انتصاره ليس بمنجزة "2-

أتوقف هنا صديقتي بكثير من الاهتمام والاحترام لثقافتك الواسعة وتسليطك الضوء على دور فرنسا تحديداً
ولعلي سأتوجه ببعض الأسئلة لاحقاً

بانتظار المزيد من الاهتمام بهذا الملف والمداخلات البنّاءة
عميق تقديري واحترامي
[/align]


هدى نورالدين الخطيب 24 / 08 / 2016 45 : 03 AM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
[align=justify]
البربر أصلهم يمني..والأمازيغية خليط من العربية ولغات إفريقية قديمة


أكد د. محمد العروسي أستاذ الآثار والعمارة اليمنية بجامعة صنعاء أن البربر هم من العرب وأن لغتهم هي خليط من العربية القديمة ولغات إفريقية قديمية.
وقال العروسي في دراسته "تزودنا الكثير من مؤلفات المؤرخين والرواة العرب والمسلمين بمعلومات غزيرة عن هؤلاء اليمنيين الذين استقروا في مختلف بلدان العالم الإسلامي وخاصة في بلاد المغرب العربي وبلاد الأندلس، وللأسف بأن هذا الموضوع لم يحظ في العصر الحديث بعناية واهتمام الباحثين، وقليلة هي الدراسات والبحوث العلمية المنشورة في هذا الموضوع، ويُعَد المؤرخ محمد الفرح 'رحمه الله'، وبحسب علمنا، من أوائل المؤرخين اليمنيين الذين كتبوا في العصر الحديث عن اليمنيين الأصل في بلاد المغرب وتحديداً عن الجذور اليمنية لقبائل البربر ( الأمازيغ).
وأضاف : بدأ اهتمامي بهذا الموضوع خلال سنوات دراستي في جمهورية فرنسا '1988-1994م'، حينها تعرفت على عدد من الأخوة الزملاء القادمين من بلدان المغرب العربي ' المملكة المغربية وتونس وليبيا والجزائر وتشاد وموريتانيا' إلى فرنسا للدراسة، وكان من بينهم زملاء وزميلات من قبائل الأمازيغ من المملكة المغربية والجمهورية التونسية ومن أبناء القبائل من جمهورية الجزائر ؛ ذكر لي البعض منهم بأن أصولهم من اليمن من قبائل يمنية هاجرت قبل مئات السنين إلى المغرب واستقرت فيها ويذكرون لي أسماء بعض المصادر والمراجع وكتب النسابة التي توضح وتؤكد صحة ذلك، والحقيقة أن أول ما لاحظته هو أن أسماء وألقاب أسر هؤلاء الزملاء والزميلات من أبناء قبائل البربر الذين تعرفت إليهم في فرنسا هي أسماء قبائل وأسر يمنية معروفة قديماً وغالبيتها لا تزال موجودة في اليمـن وتعرف بهذه الأسماء حتى اليوم.
وقال لقد شعرت بالسعادة بتعرفي إليهم وشعرت بالتشويق والحماس والاندفاع نحو البحث عن إجابات لأسئلة واستفسارات تبادرت إلى ذهني ودارت في رأسي عن موضوعين أولهما عن الهجرات اليمنية إلى بلاد المغرب العربي عبر العصور ؛ وعن أسماء وتاريخ القبائل والأسر اليمنية التي استقرت في تلك البلاد؟ و تراثها وعاداتها وتقاليدها ؛ ما هي المعلومات التي تزودنا بها المصادر التاريخية عن الشخصيات التاريخية التي اشتهرت وذاع صيتها من أبناء هذه القبائل والأسر ونبغت في المجالات المختلفة؟

وثانيهما عما إذا كانت قد حدثت هجرة أو هجرات عكسية: بمعنى آخر هل هاجرت قبائل وأسر من بلاد المغرب العربي إلى اليمن واستقرت فيها؟ إذا كان ذلك قد حدث فعلاً فينبغي أن يتم دراسة هذا الموضوع ودراسة علمية دقيقة ؟ ولابد من الرد على نفس الاستفسارات التي نحاول الإجابة عليها حول الموضوعين.
وأخيراً يجب دراسة العلاقات اليمنية المغاربية عبر التاريخ؟
ويهدف هذا البحث إلى تسليط الضوء على ما تمكنا من جمعه حتى الآن من المعطيات والشواهد التاريخية والمادية الدالة على الأصول والجذور اليمنية لقبائل الأمازيغ في بلاد المغرب العربي، ومناقشة وتحليل هذه المعطيات بأسلوب علمي ومنطقي بعيداً عن التحيز والتعصب. سنبدأ أولاً بالتعريف بالبربر.

البربر أو الأمازيغ مجموعة من القبائل تشكل جزاءً هاماً من سكان دول المغرب العربي الكبير؛ منذ العصور القديمة سكن الجزء الأكبر من هذه القبائل في المناطق الداخلية وسكنت بعض القبائل الصغيرة منها في المدن والمناطق الساحلية في بلاد المغرب العربي، ومن أشهر وأكبر قبائل البربر: صنهاجة وكتامة وعهامة ولواته وزناته وزويلة، وتعتبر قبيلة صنهاجة أكبر وأشهر القبائل التي انتشرت وسكنت على مساحة الأرض الواقعة بين المغرب الأدنى 'الجمهورية التونسية' والمغرب الأقصى 'المملكة المغربية'.

هل نستطيع تأكيد وإثبات أو نفي يمنية قبائل البربر في بلاد المغرب العربي من خلال الأدلة التاريخية والمادية المتوفرة لدينا في الوقت الحالي؟
وهل يمكن أن نبني استنتاجاتنا في هذا الموضوع للخروج برؤية حاسمة على المعلومات التي تزودنا بها أقدم مؤلفات المؤرخين والنسابة والرواة العرب المسلمين، والمراجع والدراسات والتقارير التي نشرت في العصر الحديث؟
هل تم فحص وتحليل هذه المعطيات ومقارنتها بالمصادر المادية الموجودة في تراث هذه القبائل كالتراث المعماري واللغوي والثقافي والغنائي ومقارنته مع ما يماثله من التراث اليمني؟

أمـا عن أصول وجذور هذه القبائل فالحقيقة أن انتساب قبائل البربر إلى اليمن قضية أثيرت منذ عصور ما قبل الإسلام ؛ ففي بداية العصر الإسلامي التقى المسلمون الفاتحون بأبناء قبائل البربر الذين قالوا لهؤلاء الفاتحين بثقة واعتزاز نحن من حُمَير هاجر أجدادنا من اليمـن أتوا إلى هذه البلاد.

هذه القضية تناولها العديد من العلماء والنسابة والرواة العرب المسلمين في مؤلفاتهم وتركزت نقاشاتهم وتحليلاتهم بدرجة رئيسة على موضوع انتساب قبائل البربر إلى قبائل حُميرية، وفي العصر الحديث ظهرت بعض النظريات والآراء حول أصل قبائل البربر ، فبينما يرى عدد من الباحثين بأن قبائل البربر يمانية من حُمير يعتقد عدد آخر منهم بأن أصولها ترجع إلي قبائل سكنت بعض مناطق حوض البحر الأبيض المتوسط، ويطلق هؤلاء علي أبناء البربر الجنس المتوسطي وهذا مصطلح جديد ظهر في القرن الماضي، والرأي الثالث يؤيد هذه الافتراضية والتسمية 'الجنس المتوسطي'، وذهب فريق ثالث من باحثين، أوروبيين في الغالب ( بهدف استعماري) إلى التأكيد بأن أصل قبائل البربر أوروبي، وأخيراً هناك من الباحثين من يفترض بأن البربر هم من الجنس الحامي 'من الأفارقة الزنوج'، وهذه الآراء الأخيرة حديثة ويعتقد بأنها بعيدة عن الواقع والحقيقة ولا توجد أية أدلة تؤكد صحتها.

يذكر عدد من المؤرخين في العصر الحديث منهم'الألماني ماينهوف' بأنه يوجد جنس حامي قدم من الجزيرة العربية واستقر في السودان وفي أماكن أخرى منها بلاد المغرب العربي، ويذكر العالم الفرنسي دو لافوس الذي صنف اللغات الأفريقية في سنة 1923م بأن اللغة الحامية هي لغة سامية تشمل البربرية والمصرية والكوشية، ومن خلال ذلك يؤكد بعض الباحثين في العصر الحديث بأن لغة البربر هي من اللغات السامية منهم العالم الألماني "روسلر" الذي يؤكد بأن اللغة الأمازيغية هي إحدى اللغات السامية ويقول ' إن مجرد التفكير في إرجاع السامية والبربرية إلى أصلين مختلفين غير معقول' وذلك نظراً للتطابق والتشابه الموجود بينهما.
وقالت الدراسة أن هناك بعض الأدلة التاريخية والمادية التي تدل علي أن أصل قبائل البربر من اليمن، ومنها ان الدراسات الحديثة تؤكد بأنه حدثت موجات هجرات كبيرة من شبه الجزيرة العربية في فترات مختلفة من عصور ما قبل الإسلام ؛ ويقـول العالم المصري الدكتور أحمد فخري " هناك حقيقة مهمة وهي أنه في الألف الرابع قبل الميلاد وصلت هجرات من جنوب الجزيرة العربية إلى مصر" ؛ ويذكر الدكتور أسعد أشقر بأنه : ليس من قبيل المصادفة أن تقع عام 3500 ق.م موجة هجرة من الجزيرة العربية إلي بلاد الرافدين وموجة هجرة إلى سورية ومصر في وقت واحد.
ورد في المصادر التاريخية العربية والإسلامية معلومات غزيرة عن استقرار جنود وعشائر يمنية في قرطاجة ومدن ومناطق مختلفة في شمال إفريقيا في عصر ما قبل الإسلام، يقول الشاعر الحميري :

ومنـا بأرض الغرب جنـدٌ تعلــقوا إلى بربـر حتى أتـوا أرض بربـر

ويذكـر العالم عبد الرحمن ابن خلدون في صفحة 96 في الجزء السادس من كتابه العبر ..بأن البربر ينتسبون إلى بربر الذي ينتسب إلى يعرب بن قحطان، وهو هنا يتفق مع ما ذكره العالم الهمداني في القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي الذي يقول في الجزء الأول من كتابه الإكليل: بأن قبائل صنهاجة وكتامة وعهامة ولواته وزناته تنتسب إلى بنو مرة بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن جيدان بن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير بن سباء بن يشجب بن يعرب بن قحطان.

يجمع النسابة والمؤرخون العرب المسلمون على أن معظم قبائل البربر تنتسب إلي أمازيغ بن كنعان، ويذكر المؤرخ والنسابة أبو محمد الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني- توفي بعد سنة 334هـ/945م- في الجزء الأول من كتابه الإكليل 'ص 45' بأن كنعان هو أحد أولاد عويلم بن سام وبأن موطن الكنعانيون الأصلي هو جنوب الجزيرة العربية.
( الكنعانيون والفينيقيون اسم لشعب واحد)

يؤكد أشهر وأقدم العلماء والنسابة والرواة العرب المسلمين في مؤلفاتهم بأن غالبية قبائل البربر ينحدرون من أصول يمنية حميرية ، ومنهم العالم ابن خلدون.
وجود تشابه لغوي أكثر من مائة كلمة في لغة البربر ولا تستخدم هذه الكلمات إلا في اليمن والجزيرة العربية تحديداً.

وجود تشابه بين كل من الأغاني والموسيقى الشعبية في بعض المناطق اليمنية وأغاني وموسيقى البربر، وقد أكدت هذا التشابه الكبير دراسات حديثة لعلماء أوروبيين في مجال الموسيقي أقدمهم "روبرت لخمان" سنة 1922م ؛ و"هانس هلفرتس" الذي قام في النصف الأول من القرن العشرين '1933-1935م' باختيار أغنيتين يمنيتين من محافظة صنعاء : الأغنية الأولى من منطقة بني إسماعيل في مديرية حراز والأغنية الثانية من منطقة بني مطر وتمت مقارنتهما بأغنيتين من أغاني البربر من منطقة القبائل في الجزائر، فوجد تشابه كبير بينها وتماثل في الإيقاع والترنيمة وذكر هؤلاء العلماء بأن وجود هذا التشابه الكبير لا يحدث مصادفة بل يحتم وجود علاقة حميمة بين البربر واليمنيين وأصل مشترك، فالسمات الموجودة في الأغاني والألحان التراثية اليمنية موجودة تماماً في الأغاني والألحان التراثية البربرية 'والتصفيق والمُحجرة'، وتظهر بوضوح كامل في طرق أدائها وألحانها التي تتطابق تماماً.
وجود تشابه بين فنون وأساليب وطرز العمارة والزخرفة في اليمن وفي مدن مناطق مختلفة في بلاد المغرب العربي منها المناطق التي تسكنها قبائل البربر، مثال ذلك تشابه العمائر السكنية المتعددة الطوابق في جبال اليمن مع مثيلاتها في جبال أطلس المنطقة الرئيسة لقبائل البربر، وهذه المباني السكنية ذات سمات معمارية واحدة.

وجود تشابه في طرق وأساليب الزراعة والري وبناء المدرجات الزراعية وقنوات الري في كل من اليمن وبعض المناطق في دول المغرب العربي.

واختتم الباحث قوله بأنه في كل بلاد المغرب العربي حالياً توجـد الكثير من القبائل والأسر التي يعود أصلها إلى اليمن، بعضها هاجرت من اليمن في عصور قديمة قبل الإسلام والبعض الآخر هاجرت إليها في العصر الإسلامي من هذه القبائل قبائل البربر التي انتشرت في البوادي والحواضر في بلاد المغرب العربي ومارس ويمارس أبنائها حياتهم الاجتماعية والاقتصادية على نحو يشبه كثيراً حياة القبائل اليمنية، لقد ساهمت هذه القبائل جميعها في الفتوحات ونشر الدين الإسلامي والعلم والثقافة والبناء والتنمية وتطوير البلدان والمناطق التي استقرت فيها، وأثبتت هذه الهجرات عبر التاريخ مقدرة اليمني الفائقة على الاندماج والتعايش والانسجام مع كل المجتمعات والثقافات والأمم والشعوب في كل العصور، وبرغم مرور مئات السنين على آخر هجرات اليمنيين واستقرارهم في تلك البلدان لم يستطع الزمن محو وطمس هويتهم اليمنية ومساهماتهم الرائدة في بناء وتعمير وتطوير البلاد ؛ لليمنيين تأثيرات وبصمات جميلة وإبداعية تظهر حتى اليوم بوضوح على العمائر والمنشآت التاريخية التي شيدوها أو شاركوا في بنائها في بلدان المغرب العربي كالجوامع والمساجد والمدن والقصور والحصون والقلاع والمنشات التجارية والسكنية والخدمية، كما تظهر في الفنون والآداب واللغة وفي العادات والتقاليد.

المعلومات عن يمنية أصول قبائل البربر كتبها الكثير من المؤرخين والنسابة العرب والمسلمين بالإضافة لنتائج توصلت إليها دراسات لعدد من الباحثين العرب والمسلمين والأوروبيين في العصر الحديث عن أصل قبائل البربر الذي يعتز ويفخر الكثير من أبنائها حتى اليوم بانتسابهم إلى اليمن بعيداً عن الاسفين الذي نصبته فرنسا عكسته زوراً وبهتاناً لتفتيت الأمّة؛ هذه البحوث يجب أن تكون حافزاً لإنجاز دراسات علميـة متعمقة في هذا الموضوع وفي موضوع الهجرات اليمنية عبر العصور وإنجازات اليمنيين في البلدان التي هاجروا إليها واستقروا فيها عبر التاريخ، ولكي تكون هذه الدراسات كاملة لابد من البحث والإطلاع على كثير من الوثائق والمصادر والمراجع، وكل ما كتب عنهم في تلك البلدان قديماً وحديثاً.

إن إقامة جسر تواصل دائم، مع إخواننا في بلدان المغرب العربي بشكل عام وأبناء البربر بشكل خاص، أصبح في وقتنا الحاضر أمراً هاماً وضرورة ملحة تساعد في إعادة كتابة تاريخ اليمـن والمنطقة بكامل حلقاته وتاريخ اليمانيون في كل مكان وإبراز أدوارهم ومساهماتهم العظيمة في صنع التاريخ والحضارات الإنسانية عبر العصور، ونحن على يقين من أن إخواننا اليمنيين في بلاد المغرب يمتلكون وثائق تاريخية ومادية هامة ومفيدة تساعدنا في كتابة تاريخ اليمن وتاريخ أبائهم وأجدادهم ، بعيداً عن التزوير الذي حاولت فرنسا ومن خلفها الغرب ترسيخه ، الذي يشكل جزء هاماً من تاريخ اليمــن والتاريخ الإنساني ؛ ومن خلال هذا التواصل بالإمكان كذلك الاستفادة من علم وخبرات الذين نبغوا منهم وبرعوا في مجالات العلوم المختلفة.

استعان الباحث بعدة كتب ومراجع تاريخية منها هوامش عرضها المؤرخ الفرح في مقدمة كتابه: أنظر الفرح، عروبة البربر، ص 5 و 6 ومراجع للدكتور أحمد فخري، دراسات في تاريخ الشرق القديم، ص 124 وللدكتورأسعد أشقر، تاريخ سورية والهمداني، صفة جزيرة العرب، ص 369 ؛ الفرح، عروبة البربر، ص 19 وبَرْبَرْ على وزن حِمْـيَـرْ والهمداني، صفة جزيرة العرب، ص 369 ؛ الفرح، عروبة البربر، ص 19 وهانس هلفرتس، رحلة إكتشاف في العربية الجنوبية، ص 113 والفرح، عروبة البربر، ص 100

[/align]

محمد الصالح الجزائري 24 / 08 / 2016 05 : 04 AM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
[align=justify]بحث هام جدا أختي الغالية الأستاذة الأديبة هدى نور الدين الخطيب.. مازلتُ أنتظر عودة أخي النّحّات فلديه ما يضيفه وهو من المطّلعين المهتمّين بالهوية .. لأنه ابن منطقة ضاربة الجذور في تاريخ أسلافنا الأمازيغ..شكرا لك على هذا الملف الحميمي جدا جدا..مودتي وتقديري واحترامي..[/align]

د. رجاء بنحيدا 24 / 08 / 2016 23 : 05 AM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
شكرًا لك أديبتنا الغالية هدى نور الدين الخطيب على هذه المعلومات القيمة ، التي ستفتح باب النقاش ، وستحفزنا أكثر إلى تبادل الآراء وتقاسمها وإن اختلفت ..
جزيل الشكر لك .. مع فائق المحبة والاحترام.

محمد الصالح الجزائري 24 / 08 / 2016 56 : 06 AM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
[align=justify](والحق الذي لا ينبغي التعويل على غيره في شأنهم أنهم من ولد كنعان بن حام بن نوح كما تقدم في أنساب الخليقة، وأن اسم أبيهم مازيغ وإخوتهم أركيش وفلسطين إخوانهم بنو كسلوحيم بن مصرايم بن حام، وملكهم جالوت سمة معروفة له. وكانت بين فلسطين هؤلاء وبين بني إسرائيل بالشام حروب مذكورة. وكان بنو كنعان واكريكيش شيعاً لفلسطين فلا يقعن في وهمك غير هذا، فهو الصحيح الذي لا يعدل عنه. ولا خلاف بين نسابة العرب أن شعوب البربر الذي قدمنا ذكرهم كلهم من البربر إلا صنهاجة وكتامة. فإن بين نسابة العرب خلافاً والمشهور أنهم من اليمنية، وأن أفريقش لما غزا إفريقية أنزلهم بها. أما نسابة البربر فيزعمون في بعض شعوبهم أنهم من العرب، مثل لواتة يزعمون أنهم من حمير، ومثل هوارة يزعمون أنهم من كندة من السكاسك، ومثل زناتة تزعم نسابتهم أنهم من العمالقة فروا أمام بني إسرائيل. وربما يزعمون فيهم أنهم من بقايا التبابعة ومثل غمارة أيضاً وزواوة ومكلاتة يزعم في هؤلاء كلهم نسابتهم أنهم من حمير حسبما نذكره عند تفصيل شعوبهم في كل فرقة منهم، وهذه كلهما مزاعم. والحق الذي شهد به المواطن والعجمة أنهم بمعزل عن العرب إلا ما تزعمه نسابة العرب في صنهاجة وكتامة. وعندي أنهم من إخوانهم والله أعلم. وقد انتهى بنا الكلام إلى أنسابهم وأوليتهم فلنرجع إلى تفصيل شعوبهم وذكرهم أمة بعد أمة. ونقتصر على ذكر من كانت له منهم دولة ملك أو سالف شهرة أو تشعب نسل في العالم وعدد لهذا العهد وما قبله من صنفي البرانس. والبتر منهم وترتيبهم شعباً شعباً حسبما تأدى إلينا من ذلك واشتمل عليه محفوظنا، والله المستعان.)
[ كتاب العبر ج6 ، ص 126/127/128]
[/align]

محمد الصالح الجزائري 24 / 08 / 2016 05 : 07 AM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
[align=justify]في خلاصة لدراسة حول (الأمازيغ/ البربر) بعنوان :
ازدواجية التسمية ووحدة الأصل:
إذا كانت كلمة الأمازيغ ذات شحنة لغوية ومعرفية يطبعها الصدق التاريخي، سواء من حيث لفظها الذي يعكس هويتها بكل تلقائية، أم من حيث دلالتها التي تنطوي على مدلول شريف لا يزاحمه في ذلك مدلول آخر منحرف، فإن مصطلح البربر بالرغم من حمولته المعنوية المزيفة لا يضر الشخصية الأمازيغية المسلمة في شيء، بقد رما يشرف الإنسان الأمازيغي، الذي كلما تذكر تاريخ نشأة هذا المصطلح إلا وتبادر إلى ذهنه مشهد أسلافه وهم يناطحون الرومان بقوة وبسالة، ويتحدون الذوبان في بوتقة ثقافته المستبدة بكل ما أتوا حينذاك من قوة. على هذا الأساس يتأكد لنا أن مصطلحي البربر والأمازيغ إنما في جوهرهما محملين بدلالة واحدة تحيل على الحرية والوطنية والمقاومة، أو بالأحرى فهما ملمحين لعملة واحدة أو مسمييْن لحقيقة واحدة؛ ادعها ما تشاء: الأمازيغية أو البربرية![/align]
[align=justify]عن مجلة بيان اليوم .[/align]

هدى نورالدين الخطيب 24 / 08 / 2016 46 : 07 AM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
[align=justify]الحمد لله أن وصلنا لنقاط هامة في هذا الملف..

اسم البربر فعلاً مشرّف أخي الغالي الشاعر الأستاذ محمد الصالح ، فهو أولاً نسبة لاسم بربر بن حام ابن سام (شام) بن نوح
ثانياً: هو عنوان للمقاومة الوطنية الشريفة ضد الرومان

أراد الرومان إهانة من قاوموهم بشرف وبطولة فأطلقوا الإسم على كل من يخرج عن الانصياع لهم ولاحتلالهم، من غير الشعب الأبيض .. وللأسف نحن كثيراً ما نتأثر بالبروبوغندا الغربية!..
تاريخنا يسطر ببطولة وعنفوان ومجد وننسى ما سبق لنا وصدرناه ، ونعيد استيراده منهم مشوهاً ممسوخاً مليئا بالأكاذيب.. وللأسف كثيراً ما نتأثر ونقبل بتشويههم لنا ولتاريخنا ونسلّم به!..
البربر مسمى نبيل في حقيقة الأمر، ووسام شرف وعطاء وتضحية ، وسيبقى كذلك..

تفضلا الأديبة الحبيبة دكتورة رجاء وأخي الشاعر الأستاذ محمد الصالح بعميق تقديري واحترامي[/align]

هدى نورالدين الخطيب 24 / 08 / 2016 38 : 08 PM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
[align=justify]
عبد المجيد الحمداوي
في كتابهم: (تاريخ المغرب1) حاول مؤلفون هولنديون ثلاثة، أن يوجزوا تاريخ المغرب، من مئات السنين قبل الميلاد إلى القرن الواحد والعشرين. ويفيدنا الإطلاع على ما يُكتب حول تاريخ الوطن خاصة إذا تعلق الأمر بأقلام باحثين من بلد بعيد عن حدود المغرب الجغرافية كما هو الشأن بمؤلفي هذا الكتاب الذي لا يخلو من أهمية.
نحن في هذه العجالة سنتحدث عن 'المؤلف' أو 'الكاتب' كصيغة مفرد ابتغاء لليسر. كما سنسلط الضوء هنا فقط على بعض ما جاء في بداية الكتاب حول أصول ولغة سكان المغرب الأقدمين. يتعلق الأمر هنا بصفحات الكتاب من الرقم 19 إلى23 من الكتاب. ومن يدري، ربما يكون لهذه البداية ما يليها لإضاءة جوانب أخرى تهم تاريخنا وتاريخ بلدنا. 'تاريخ المغرب' هو كتاب من الحجم الكبير، قد صدر في ثلاث طبعات عن دار 'بولاك للنشر' باللغة الهولندية.

أمازيغ أو بربر:
حاول المؤلف توضيح وجهة نظره في تفضيله استعمال كلمة 'بربر' للإشارة لسكان المغرب الأقدمين رغم هجر المغاربة شبه التام لهذا الاستعمال الذي لم يعد مستساغا في كل ربوع المملكة. ولعل أكبر الحجج التي ساقها في خضم تبريراته تلك هي حقيقة تشبث أمازيغ القبائل الجزائرية، سواء في الداخل أو الخارج، باستعمال لفظ 'بربر' التي لا يريدون لها بديلا. وهذا موقف فاجأ إبن الريف هذا أكثر مما فاجأه موقف مؤلف الكتاب. إذ كيف يعقل أن يفضل أمازيغ القبائل، نعْتَ أنفُسِهم بما نعَت به الرومان أجدادَهم!
يقول المؤلف في الصفحة الثانية والعشرين: "يسمي البربر أنفسهم غالبا 'إمازيغن' ويسمون لغتهم 'الأمازيغية'. كلمة 'بربر' أصلها لاتيني: 'بربارُس' وتنحدر هي الأخرى من اللغة الإغريقية: 'برباروس'. هذه الكلمة تعني في الحقيقة 'أعجمي'، أي الذي يتحدث لغة غير مفهومة ."2 ويضيف بعد أن يقول أن هذا اللفظ قد اتخذ مع مرور الأيام صبغة سلبية: "سأستعمل في هذا الكتاب رغم كل ذلك لفظ 'بربر'. أولا لأن هذا اللفظ لا يتضمن في اللغة الهولندية معنى قدحياً، وإيحاء الكلمة يقود بالدرجة الأولى إلى نوعية من أنواع الزرابي المتوفرة في الأسواق. وفوق ذلك كله فإن كلمة 'بربر' هي في كل الأحوال الكلمة الهولندية المتداولة. ثم إن كلمة ' بربر' في فرنسا أيضا الكلمة المتداولة حتى لدى الجمعيات البربرية نفسها. "*322 للأمانة العلمية نترجم هنا ما جاء في الكتاب، روحا وقالبا، سواء اتفقنا مع مؤلفه أم لم نتفق، كما نلتزم بالترجمة الحرفية لكلمة 'بربر' من الهولندية إلى العربية حفاظا على هذه الأمانة، رغم رفضنا لهذه التسمية كمغاربة.
بدايات أمازيغ شمال إفريقيا:
يعترف المؤلف منذ البداية بصعوبة الحديث عن البدايات الأولى للسكان الأصليين في شمال إفريقيا عموما، وذلك مرده في نظره إلى قلة المراجع التاريخية التي كانت تهم المنطقة وسكان المنطقة. يقول: "ينبغي أن تكون قد قامت حضارة في المغرب حوالي ألف سنة قبل الميلاد أَطلق عليها المؤرخون اسم 'الحضارة الليبية البربرية'. سكان تلك الفترة التاريخية هم أجداد البرابرة الحاليين. المؤرخون لا يعرفون الكثير عن تلك الساكنة ولا عن تلك المرحلة. فأول ما دون عن شمال إفريقيا قام به مدونون إغريق قدماء، لكن تلك النصوص لم تكن دقيقة أبدا وكانت تتعلق بالمناطق الساحلية فقط. هيرودوت الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد، هو أول من كتب فعلا عن سكان المنطقة. هؤلاء السكان سُموا بالليبيين أو النوميديين، أي، الرُحَّل ".
ويصل المؤلف إلى نقطة أكثر أهمية وهي المتعلقة بأصل الأمازيغ وبالتصنيف الأنتروبولوجي لسكان شمال إفريقيا الأقدمين. إلى درجة أنه لا يستبعد بتاتا أن يكون الموطن الأصلي للأمازيغ، هو الشرق الأوسط وشبه الجزيرة العربية. يقول المؤلف: "أصل أجداد البرابرة - هل هم شعب هاجر من فلسطين، بعد سيطرة الإسرائيليين عليها، عبر البحر الأبيض المتوسط وصولاً إلى شمال إفريقيا، كما يذهب الى ذلك أوغوسطينوس في القرن الرابع؟ أم أن البربر أتوا من جنوب اليمن؟ فمن هم الأجداد الأولون يا ترى؟ ولعله كلاهما، فهل تمزغ عرب بعد قدومهم إلى شمال إفريقيا ثم تعرب بعضهم من جديد ولم يتعرب آخرون؟".
المؤلف يعتقد فعلا أن هناك هجرات متعددة قديمة حدثت من المشرق العربي إلى شمال إفريقيا، إذ يواصل: "ستة آلاف قبل الميلاد حدثت هجرات جديدة قادمة من المشرق. أجزاء من أواني طينية وبقايا عظام تشير إلى أوجه التشابه بين المناطق الشرقية لشمال إفريقيا والشرق الأوسط وفلسطين تحديداً". ويتطرق أيضا للنصوص التاريخية العربية واليهودية، يقول: "حسب ابن خلدون (1332-1406) فإن البربر من سلالة كنعان بن شام حفيد نوح. قد يكونون فروا من فلسطين بعد أن هزم داود غريمه جوليات. هذه النظرية نجدها أيضاً في النصوص اليهودية القديمة. ربما يكون ذلك نتيجة للتواجد الطويل للفينيقيين في شمال إفريقيا. ويبقى من المؤكد في كل الأحوال أن هناك الكثير من التأثيرات الشرق أوسطية في المنطقة. فهناك تشابه للمخطوطات التي وجدت على لوحات القبور الحجرية في مصر وبلاد النوبا والجزيرة العربية وشمال إفريقيا. ثم إنه لمن المثير للانتباه أيضا التشابه الموجود بين طرق البناء في كل من اليمن وجنوب المغرب."
يضيف المؤلف: "في القرن التاسع عشر بعد احتلال فرنسا للجزائر، روجت فرنسا نظرية مفادها أن البربر قد يكونون من أصول أوربية. للبرهنة على صحة تلك النظرية جيء بتشابه الخناجر القديمة التي عثر عليها في كل من فرنسا وشمال إفريقيا. وكون قسم من البربر يتصفون بشعر فاتح اللون، استُعمل أيضا لخدمة هذا الطرح. لكن هذه النظرية هي نظرية ذات خلفية سياسية استعمارية مزيفة. فهي انبنت على اعتبار أن البربر سهل الفرنسة و' الفَرَنْجة' من العرب الذين اعتبروهم دخلاء و غرباء عن المنطقة. هذه النظرية تعتبر البربر جنسا بربريا خالصا، غير أن الاحتمال الأكبر هو أن سكان شمال إفريقيا الأصليين هم في الحقيقة نتاج هجرات كثيرة من مناطق مختلفة، كونت خليطا كان لكل منها إضافاتها الخاصة بها. "


هوامش:
Herman Obdeijn, Paolo De Mas, Philip Hermans : المؤلفون .Geschiedenis van Marokko.1
(
Amsterdam) Bulaaq : دار النشر
الطبعة الثانية: 2002
Barbaros -Barbarus . 2
[/align]

محمد الصالح الجزائري 24 / 08 / 2016 00 : 11 PM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
[align=justify]شكرا جزيلا لك أختي الغالية الأستاذة الأديبة هدى نور الدين الخطيب على إثراء هذا القسم من الملف الهام والهام جدا جدا..تقبلي مني احترامي وتقديري..[/align]

د. رجاء بنحيدا 24 / 08 / 2016 59 : 11 PM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
أصـــول الأمازيغ... د/ جميل الحمداوي

يختلف كثير من الدارسين في تحديد جذور الأمازيغ، فقد جمع محمد خير فارس آراء مجموعة من الأنتروپولوجيين، فحصرها في عدة نماذج بربرية:" أحد هذه النماذج يمت إلى شعوب البحر المتوسط، والثاني يعود إلى أصول مشرقية، والثالث إلى أصول آلبية. وكما يقول ديبوا: هناك أيضا نموذج رابع هو النموذج الأبيض الأشقر، ولايمكن ربطه بالاحتلال الوندالي، فهو موجود منذ القديم".

إذاً، هناك من الباحثين من يرى بأن الأمازيغ من أصول مشرقية عربية حميرية هاجروا بسبب الجفاف وتغير المناخ وكثرة الحروب إلى شمال أفريقيا من اليمن والشام عبر الحبشة ومصر، فاستقروا في شمال أفريقيا وبالضبط بالمغرب، والجزائر، وتونس، وليبيا، وغرب مصر، وشمال السودان، ومالي، والنيجر، وبوركينا فاصو، وجزر الكناريا، والأندلس، وجزر صقلية بإيطاليا.

وقديما قال ابن خلدون: إن الأمازيغ كنعانيون تبربروا، أي إن البربر هم أحفاد مازيغ بن كنعان. وفي هذا المقام يقول ابن خلدون:" والحق الذي لاينبغي التعويل على غيره في شأنهم؛ إنهم من ولد كنعان بن حام بن نوح؛ كما تقدم في أنساب الخليقة. وأن اسم أبيهم مازيغ، وإخوتهم أركيش، وفلسطين إخوانهم بنو كسلوحيم بن مصرايم بن حام".

وقد قال قديما القديس الجزائري الأمازيغي أوغسطين قولة مأثورة وهي أن الأمازيغ كنعانيو الأصل:" إذا سألتم فلاحينا عن أصلهم؛ سيجيبون: نحن كنعانيون" ويؤيد هذا الطرح الباحث الفلسطيني الدكتور عزالدين المناصرة الذي أرجع الأمازيغيين وكتابتهم إلى أصول كنعانية إما فلسطينية وإما فينيقية لبنانية: " لقد أخذت الأمازيغية نظام تربيع الحروف من هذه اللغات(يقصد اللغات السامية) كما أخذت نظام الحركات (الإشارات والتنقيط) من النظام الفلسطيني والنظام الطبراني. لكن أقرب مصدر للأمازيغية (حروف التيفيناغ التواركية) هواللغة الكنعانية الفينيقية القرطاجية. فالمصدر الأساسي للأمازيغية – إذا-ً هو الألفبائية الكنعانية التي تفرعت منها كل لغات العالم.

وقد أثرت الكنعانية مباشرة في اليونانية، ومن اليونانية، ولدت اللاتينية والسلاﭭية. فالأمازيغية لغة سامية حامية. والكنعانية هي اللغة الأولى في العالم التي مكنت الإنسان من تصوير كل صوت من أصوات اللغة برمز(المبدأ الأكروفوني). وصارت مجموعة الرموز تعكس كلمات بألفاظها وأصواتها. واحتفظ اليونانيون بأسماء الحروف الكنعانية. ولا خلاف على جغرافية بلاد كنعان فهي(فلسطين ولبنان وسوريا والأردن)، لكن فلسطين كانت هي المركز...."

ويرى الدكتور أحمد هبو أن الكتابة البربرية القديمة (تيفيناغ) استوحت مبادئها من الكنعانية الفينيقية. ولا علاقة للأمازيغية باللاتينية من قريب أو بعيد."

وهناك من يقول بأن الأمازيغ شعب أتى من أوروپا والدليل على ذلك شعرهم الأشقر،وفي هذا يقول عثمان الكعاك:" يذهب البعض من العلماء إلى أن البربر من أصل هندي أوروپي،أي من الأصل اليافتي المنسوب إلى يافت بن نوح عليه السلام، خرجوا في عصور متقادمة من الهند ومروا بفارس ثم بالقوقاز، واجتازوا شمال أوروپا من فينلاندا إلى إسكندينافيا ثم بريطانيا الفرنسية ثم إسپانيا، ويستدلون على ذلك بالمعالم الميغالينية أو معالم الحجارة الكبرى من المصاطب(الدولمين) والمسلات(المنهيد) والمستديرات(الخرومليكس) التي بثوها على طول هذه الطريق وهي توجد بشمال أفريقيا وتنتهي بالمفيضة. كما يستدلون بأسماء قبائل الكيماريين بفينلاندا والسويد وبني عمارة في المغرب وخميس بتونس فالأسماء متشابهة جدا؛ أو بالحرف الروني المنقوش على المعالم الميغالينية فإنه يشبه الخط اللوبي المنقوش على الصخور بشمال أفريقيا ولبعض الخصائص البشرية كبياض القوقازي وزعرة الشعر المتصف بها الشماليون.".

بيد أن هناك من الدارسين من يدافع عن الأصول الأفريقية للسكان الأمازيغ، ويعتبرونهم وحدهم السكان الأقدمين الذين استوطنوا شمال أفريقيا منذ زمن قديم. وأنه من العبث البحث في جذور الأمازيغيين مثل ماذهب إلى ذلك محمد شفيق حينما قال:" إن المؤرخين العرب كادوا يجزمون، في العصر الوسيط، أن" البربر" من أصل يماني، أي من العرب العاربة الذين لم يكن لهم قط عهد بالعجمة؛ وعلى نهجهم سار المنظرون للاستعمار الفرنسي الاستيطاني في القرن الماضي وأوائل هذا القرن، فأخذوا يتمحلون البراهين على أن البربر أورپيو المنبت، خاصة الشقر والبيض منهم. ومن الواضح أن الحافز في الادعاءين كليهما سياسي، سواء أكان صادرا عن حسن نية أم كان إرادة تبرير للاستيطان.

ومع تراجع الاستعمار الأوروپي عن أفريقية الشمالية، أخذت هذه المسألة العلمية تفرض على الباحثين كل تحفظ لازم، لاسيما تجاه المصادر المكتوبة، مالم تدعهما معطيات أخرى أكثر ضمانا للموضوعية.

وقد عمل بجد، خلال الأربعين سنة الأخيرة، على استغلال الإمكانيات الأركيولوجية والأنتروپولوجية واللسنية في البحث عن أصل الأمازيغيين، أو عن أصول المغاربة على الأصح. والنتائج الأولى التي أفضت إليها البحوث أن سكان أفريقية الشمالية الحاليين في جملتهم لهم صلة وثيقة بالإنسان الذي استقر بهذه الديار منذ ماقبل التاريخ، أي منذ ما قدر بــ9.000 سنة، من جهة؛ وأن المد البشري في هذه المنطقة، كان دائما يتجه وجهة الغرب انطلاقا من الشرق، من جهة أخرى. وبناء على هذا، يمكن القول إن من العبث أن يبحث لــ" بربر" عن موطن أصلي، غير الموطن الذي نشأوا فيه منذ مايقرب من مائة قرن. ومن يتكلف ذلك البحث يستوجب على نفسه أن يطبقه في التماس موطن أصلي للصينيين مثلا، أو لهنود الهند والسند، أو لقدماء المصريين، أو لليمانيين أنفسهم وللعرب كافة، ليعلم من أين جاؤوا إلى جزيرة العرب. "

وهناك رأي آخر يقول بالأصل المزدوج للبربر، فهم حسب هذا الرأي يجمعون بين السلالتين: السلالة السامية والسلالة الهندو أورپية،" فالسلالة الأولى هي الهندية الأوروپية التي نزحت إلى إفريقيا من آسيا ثم أوروپا على الطريق الذي ذكرنا وبالأسلوب الذي ذكرناه في قولة سابقة ؛ والسلالة الثانية سامية أولى كما وصفنا، ثم التقت السلالتان بالمغرب، وهذا مايفسر لنا اختلاف الخصائص البشرية عند البربر في السحنة ولون الشعر والعيون وشكل الجمجمة وحتى اللهجات، وهذا مايفسر أيضا الخلاف القائم بين مصمودة وصنهاجة مثلا."

وعلى أي، فالأمازيغ والعرب - في اعتقادنا - من جذور سلالية وجينيولوجية واحدة وهي الجذور الكنعانية السامية، ومن موطن واحد هو شبه الجزيرة العربية. وفي هذا السياق يقول ليون الأفريقي في كتابه " وصف أفريقيا":" لم يختلف مؤرخونا كثيرا في أصل الأفارقة، فيرى البعض أنهم ينتمون إلى الفلسطينيين الذين هاجروا إلى أفريقيا حين طردهم الأشوريون، فأقاموا بها لجودتها وخصبها، ويزعم آخرون أن أصلهم راجع إلى السبئيين(أي الحميريين) الذين كانوا يعيشون في اليمن قبل أن يطردهم الأشوريون أو الإثيوبيون منها، بينما يدعي فريق ثالث أن الأفارقة كانوا يسكنون بعض جهات آسيا، فحاربتهم شعوب معادية لهم، وألجأتهم إلى الفرار إلى بلاد الإغريق الخالية آنذاك من السكان، ثم تبعهم أعداؤهم إليها، فاضطروا إلى عبور بحر المورة واستقروا بإفريقيا، بينما استوطن أعداؤهم بلاد الإغريق. كل هذا خاص بالأفارقة البيض القاطنين في بلاد البربر ونوميديا.

أما الأفارقة السود بمعنى الكلمة فإنهم جميعا من نسل كوش بن حام بن نوح. ومهما اختلفت مظاهر الأفارقة البيض والسود، فإنهم ينتمون تقريبا إلى نفس الأصل، ذلك أن الأفارقة البيض، إما أتوا من فلسطين – والفلسطينيون ينتسبون إلى مصرائيم بن كوش-، وإما من بلاد سبأ، وسبأ بن هامة بن كوش-." وعلى العموم، فالأمازيغ يشتركون مع العرب في الأصل السامي الكنعاني وفي موطن الانحدار والانطلاق الذي يتمثل في الجزيرة العربية. وهذا الرأي هو أقرب إلى الصواب في رأينا المتواضع، وبعد ذلك تفرق سكان الجزيرة العربية شذر مذر لأسباب مناخية واجتماعية ودينية، وأيضا بسبب الحروب والنزاعات الفردية والجماعية وبسبب الفتوحات والهجرات شرقا وغربا وشمالا وجنوبا.

محمد الصالح الجزائري 25 / 08 / 2016 19 : 04 AM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
[align=justify]شكرا لك أختي الدكاورة رجاء على إضافة تثري هذا الملف المهم ، ومن خلالك أجدد شكري لسيدة النور الأولى على ما تبذله من جهد من أجل تقريب وجهات النظر..محبتي لكما واحترامي وتقديري..[/align]

هدى نورالدين الخطيب 03 / 09 / 2016 17 : 07 AM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
[align=justify]
تحياتي لك أخي الشاعر الأستاذ محمد الصالح.. العفو والشكر لك..
صديقتي الأديبة د. رجاء تحياتي وعميق شكري وامتناني

القراء الأفاضل
توقفنا بضعة أيام بسبب عطب الكيبورد عندي ، فأرجو المعذرة..
في هذا المجال وبما أننا ما زلنا في الملف المغاربي ، وبعد ما قمنا بنشره بخصوص الإسفين الذي دقه الغرب ولم يزل يعمل على مخطط التفرقة بين العرب والأمازيغ ، ننتقل إلى جانب آخر من جوانب مخطط التفتيت:
ما يعرف ببعثات التبشير أو "عمليات التنصير " ..
قبل أن نتحدث عن مشروع التنصير في البلاد المغاربية و
المشرق الإسلامي عموماً وبين الصحراويين والأمازيغ خصوصاً، لا بد أن نضع لمحة عامة لمشاريع وأهداف التنصير والإستشراق، ونشر المسيحية الغربية ذات الأهداف الاستعمارية التي نحن بصددها هنا غير المسيحية المشرقية الدينية التاريخية في بلادنا.
الأهداف الغربية الاستعمارية، ليس إقامة دين الله في في مختلف أنحاء العالم وإلا كان الملاحدة في بلادهم أولى ، والدين عموماً ليس بحاجة للمفسدين في الأرض ، إنما هم يلجؤون إلى الدين ليكون أداة لتحقيق مصالحهم ، وظلاً يحتمون به حتى يتمكنوا من الزحف في الأرض بأسلحتهم المدمرة لكل من يقف في طريق سيطرتهم على العالم ، وهي بالتأكيد ليست دعوة دينية منزهة عن المطامع والمصالح الاستعمارية والاقتصادية.
[/align]

هدى نورالدين الخطيب 03 / 09 / 2016 39 : 09 PM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
الاستعمار و التبشير
[align=justify]
الاستعمار و التبشير كتاب قيّم صدر في لبنان من تأليف الدكتوران مصطفى خالدي و عمر فروخ يتحدثان فيه عن بواعث التبشير في الشرق و إفريقية ووسائله الخبيثة ويكشفان عن حقيقة التبشير كوسيلة للاستعمار الغربي، وأدناه نضيف من فصول هذا الكتاب على شكل مقالات مختصرة .

الفصل الأول

بواعث التبشير

يظن الكثير أن المبشرين يسعوَن في نشاطاتهم إلى نشر حياة روحية وسلام ديني في بقاع الأرض و لكن لو نظرنا إلى البلاد الأصلية لهؤلاء المبشرين لوجدنا أنهم يعيشون حياةً مادية لا وجود للدين فيها إلا رمزاً و تقليداً لا يحمل أي معنى روحي فالغرب يعبد المال .. المادة .. فكيف يجتهد المبشرون في بلاد الشرق و يتركون بلادهم التي هي أولى من الشرق (بتعاليم المسيح) و (دين السلام) ... ؟؟!!

و سنجد فيما يلي من نقولات (من كتاب ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين) كيف هي الحياة الغربية .

يقول الأستاذ الألماني المهتدي محمد أسد في كتاب "الإسلام على مفترق الطرق" :

(( لا شك أنه لا يزال في الغرب أفراد يعيشون و يفكرون على أسلوب ديني ويبذلون جهدهم في تطبيق عقائدهم بروح حضارتهم و لكنهم شواذ , إن الرجل العادي في أوربا ديمقراطياً كان أو فاشياً , رأسمالياً كان أم اشتراكياً عاملاً باليد أو رجلاً فكرياً إنما يعرف ديناً واحداً , و هو عبادة الرقي المادي و الاعتقاد بأنه لا غاية في الحياة غير أن يجعلها الإنسان أسهل ))أ.هـ


و يحدثنا الأستاذ جود (Joad ) رئيس قسم الفلسفة و علم النفس في جامعة لندن في كتابه (Guide to Modern Wickedness ) عن تجربته مع عشرين طالباً و تلميذة سألهم ((كم منهم مسيحي بأي معنى من معاني الكلمة)) و النتيجة إجابة ثلاثة منهم بالإيجاب و سبعة لم يفكروا في المسألة و العشرة الباقية صرحوا بمعاداتهم للمسيحية .. و لا يرى الدكتور (Joad ) أي غرابة في هذه النتيجة و يقول : ((إن الأحوال و الآثار في هذه البلاد لتدل على أن الكنيسة النصرانية ستموت في القرن الآتي !! ))

و ينقل لنا الأستاذ ( Joad) خبراً من صحيفة يومية عن رجل اخترع آلة تحوّل نُسخ الكتاب المقدس إلى حشو للبنادق و الحرير الصناعي و اللدائن ... هذه قيمة الدين في الغرب , لا بل إن الغرب استبدل هذا الدين بدين آخر و هو عبادة المال يقول الأستاذ (Joad ) في كتاب آخر (Philosophy for times ) : (( إن نظرية الحياة التي تسود هذا العصر و تحكم عليه هي النظر في كل مسألة و شأن من ناحية المعدة و الجيب ( stomach and poeket view of life) و يقول الصحفي الأمريكي المشهور ( Jhon Gunther) في كتابه ( Inside Europe) : (( إن الإنجليز إنما يعبدون بنك انكلترا سنة أيام في الأسبوع و يتوجهون في اليوم السابع إلى الكنيسة ))أ.هـ

و إلى جانب هذا الإفراط في الحياة المادية و اضمحلال أي أثر للحياة الدينية الروحية في الغرب ظهرت النزعات القومية و الوطنية لتكون أهم سبب من أسباب الحروب التي راح ضحيتها ملايين البشر .. يقول البروفسور أترني ((لأي شيء يدرس أولادنا تاريخ أمة أجنبية و لماذا يقص عليهم قصص إبراهيم و إسحاق ؟ ينبغي أن يكون إلهنا أيضاً ألمانياً ! ))

و تبع الترك الألمان في هذا الاتجاه فمجدوا أوصولهم و زعموا أنهم والمغول من أصل واحد و غالى بعضهم في ذلك حتى بحثوا عن عبادات أجدادهم و عن الذب الأبيض الذي كانوا يعبدونه ليحيوا هذه العبادات ! ..
فإذا كانت صورة المجتمع الغربي قاتمة بهذا الشكل فلماذا ينشط المبشرون في الشرق و إفريقيا ؟ ..

إن الأهداف المباشرة و القريبة التي يسعى المبشرون كأفراد إليها في عملهم هي حب المغامرات و الأسفار و السيطرة الشخصية للمبشر على من حوله و فرض رأيه ... و الوسيلة الوحيدة لتحقيق هذه الأطماع هي الجمعيات التبشيرية فالمبشر يغادر من جمعية إلى أخرى حسب أهواءه فإن وليم بلغراف الإنكليزي قد دعته أطماعه الخاصة إلى أن ينقلب راهباً يسوعياً و يجادل البروتستانت قومه , و لمّا استغنى عن اليسوعيين عاد بروتستانتياً حتى أنه سمي الحرباء . و لكن المبشرون كلهم على اختلاف أهدافهم متفقين على عداوة المسلمين و لكنها عداوة سياسية دنيوية لا عداوة دينية ! ..

يقول القس زويمر رئيس مؤتمر المبشرين الذي انعقد في جبل الزيتون في القدس عقب الاحتلال الإنكليزي لفلسطين يقول مخاطباً جمع من المبشرين : (( مهمة التبشير التي ندبتكم دول المسيحية للقيام بها في البلاد المحمدية ليست هي إدخال المسلمين في المسيحية فإن هذا هداية لهم و تكريماً و إنما مهمتكم أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقاً لا صلة له بالله و بالتالي لا صلة تربطه بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها و بذلك تكونون أنتم بعملكم هذا طليعة الفتح الاستعماري في الممالك الإسلامية و هذا ما قمت به في خلال الأعوام المائة السالفة خير قيام و هذا ما أهنئكم عليه و تهنئكم دول المسيحية و المسيحيين أحسن تهنئة لقد قبضنا أيها الإخوان في هذه الحقبة من الدهر ثلث القرن التاسع عشر إلى يومنا هذا على جميع برامج التعليم في الممالك الإسلامية و نشرنا في تلك الربوع مكامن التبشير و الكنائس و الجمعيات و المدارس المسيحية الكثيرة التي تهيمن عليها الدول الأوربية و الأمريكية إنكم أعددتم نشأ (في ديار الإسلام) لا يعرف الصلة بالله و لا يريد أن يعرفها و أخرجتم المسلم من الإسلام و لم تدخلوه في المسيحية و بالتالي جاء النشء الإسلامي طبقاً لما أراده الاستعمار الأوربي )) .

هذه هي بواعث التبشير الحقيقية باعتراف المبشرين أنفسهم .. إن الإسلام عندما يحكم الشعوب يعمل على توحيدها و تذوب في ظله العصبيات للجنس و القومية و العرق فلا فرق لعربي على عجمي إلا بالتقوى و هذا ما يخافه الغرب لأنه يقف في وجه أطماعهم الاستعمارية و التبشير خير وسيلة لإضعاف المسلمين و إبعادهم عن إسلامهم .

يصرح القس سيمون ( Rev. G .Simon) بهذا الرأي بصراحة ووقاحة : (( إن الوحدة الإسلامية تجمع آمال الشعوب السمر (كذا) و تساعدهم على التملص من السيطرة الأوربية و لذلك كان التبشير عاملاً مهماً في كسر شوكة هذه الحركة)) .. و يكمل : (( إذا كانت الوحدة الإسلامية تكتلاً ضد الاستعمار الأوربي ثم استطاع المبشرون أن يظهروا الأوربيين في غير مظهر المستعمر فإن الوحدة الإسلامية حينئذ تفقد حجة من حججها و سبباً من أسباب وجودها ))

و بهذا نعرف أن هدف التبشير ليس هداية المسلمين إلى الديانة المسيحية باعتراف المبشرين أنفسهم فهم يرمون إلى إبعاد المسلم عن دينه لما عملوا من خطر المسلمين إذا رجعوا إلى دينهم و تمسكوا بتعاليم الإسلام و اتحدوا في وجه المستعمر .

و من أهم وسائل المبشرين في ذلك هي الافتراءات على الإسلام و أهله و الاستهزاء والتهكم بمظاهر الإسلام فهذا لطفي ليفونيان ألف كتباً تهكم فيها على أركان الإسلام و عاب تنزيههم لله سبحانه و تعالى !! و يزعم المبشر نلسن أن الإسلام مقلد أحسن ما فيه مأخوذ من النصرانية و يقول المبشر جون تاكيلي : ((يجب أن نستخدم كتابهم – أي القرآن الكريم – و هو أمضى سلاح في الإسلام ضد الإسلام نفسه لنقذي عليه تماماً وأن نري هؤلاء الناس أن الصحيح في القرآن ليس جديد و أن الجديد فيه ليس صحيح )) .

و زعموا أن الإسلام انتشر بالسيف و أنه قام على سفك الدماء و إخضاع الشعوب للإسلام بالقوة أم الذين يتعرضون لشخص الرسول صلى الله عليه و سلم فهم كثر فيقول هاربر أن محمد (صلى الله عليه و سلم ) كان عابد أصنام و سماه بعضهم كذاب مكة و يقول جسب أن الإسلام حكم على المرأة بالجهل و أفسدها و ضربها على فسادها .. إلخ من الافتراءات التي تنم عن جهل عميق و بهذا يشككون المسلم بدينه و يحرضونه على ترك الإسلام و لا يهم إن اعتنق النصرانية أم لا طالما أنه بعيد عن الله و عن أي رقيب على تصرفاته في حياته .. كما اعتمدوا على الجمعيات و الهيئات التبشيرية الخيرية و لكن هذه الوسائل لا تجدي نفعاً كبيراً ظاهراً يرضي أطماع المستعمر , فقد ظهر في عام 1932 كتاب اسمه "التفكير الجديد في أمر الإرساليات" ينص على وسائل عجيبة للتبشير , فالمبشرون وفقاً للأساليب الجديدة يفرضون على أنفسهم أن يكونوا مستعدين لأن يقبلوا بأمور تخالف العقيدة المسيحية فهم يقولون بوحدانية الله و يقبلون الرأي القائل بتعدد الإله على اعتبار أن الله يتشكل في مظاهر مختلفة .. و يقبلون تأويل عقيدتهم في بنوّة المسيح تأويلاً روحياً و لا يرون مانع من مصادقة عدوة النصرانية "الشيوعية" فالغاية تبرر الوسيلة , يقول تشارلس واتسون : ((يجب أن يظلوا – أي المبشرون – برآء كالحمام و لكن هذا لا يمنعهم أيضاً من أن يكونوا حكماء كالثعابين )) .

و مما يؤكد أن التبشير وسيلة استعمارية أن المبشرون لا يتفقون أبداً و إنما يتناحرون دائماً فالبروتستانت لا يكتفون بأن يظل المسيحي أرثوذكسي بل يجب أن يصبح بروتستانتياً و أن هوى الكاثوليك مع فرنسا و هوى الأرثوذكسي مع روسيا فإذا انتقل هوى هذان إلى البروتستنتية أصبح هواهما مع أمريكا بالدرجة الأولى و مع انكلترا بالدرجة الثانية و بهذا نرى أن أهداف المبشرين تبع لحكوماتهم الاستعمارية ....
التطبيب وسيلة للتبشير

حينما يتخرج الطبيب في كليته يقسم بقسم يسمى يمين أبقراط , مضمونه أن الطبيب يقصد في عمله نفع المريض فقط و يتعهد أن لا يستغل مهنته في ظلم أو جور إلخ ...
أما المبشرون فقد تعهدوا أن يخونوا الأمانة و يستغلوا آلام البشر في أعمالهم التبشيرية و أول من نقض العهد هم الأمريكيون في تركيا بإنشائهم عيادة طبية في سيواس (1) عام 1985 .
يقول الطبيب بول هاريسون في كتابه " الطبيب في بلاد العرب " ص277 :
((إن المبشر لا يرضى عن إنشاء مستشفى ولو بلغت منافع ذلك المستشفى منطقة (عُـمان) بأسرها , لقد وُجدنا نحن في بلاد العرب لنجعل رجالها و نساءها نصارى ! ))
و في عام 1924 أقام المبشرون مؤتمراً في القدس و اسطنبول و حلوان (مصر) و برمّانا (لبنان) و بغداد , و بحثوا خلاله التطبيب كوسيلة للتبشير (2)
و حين يقيم المبشرون المستوصفات و المشافي فقد سَهُلت المهمة و يستطيع الطبيب أن يطرح أفكاره الخبيثة بحريّة فيتودد للمريض و يزوره في بيته و يجتمع بزوّار المريض و يقص لهم حكاياه مستغلاً حال المريض و زواره ..
و التطبيب لازم التبشير و سبق المؤسسات التبشيرية في الظهور خاصة في سورية فقد أقيمت المراكز الطبية و ما لبثت أن تحولت إلى جمعيات تبشيرية ..
و لا عجب إذا علمنا أن كبار الأطباء الغربيين الذين اشتهروا في بلاد العرب و أفنوا حياتهم فيها لم يأتوا إلا للتبشير !! منهم : آسا دودج , فورست , كارنيليوس , فانديك , جورج بوست , تشارلس كلهون , ماري أدي , و الدكتور تومسون (3)
من خداعهم للمرضى أنهم كانوا لا يعالجونهم حتى يعترفوا بأن الشافي هو المسيح كما فعلوا في بلدة الناصر في السودان , و في الحبشة لا تبدأ المعالجة قبل أن يركع المرضى (4)
و قد أعلن المبشرون عن هذه الأساليب بصراحة في كتبهم فهذا
Richter
يقول : (( في هذه المناسبات من التطبيب في مستوصف أو مستشفى يمكن للطبيب أن يخاطب المسلمين بكلام كثير لو سمعوا بعضه في مكان غير المستشفى و من شخص غير الطبيب لامتلأ غيظاًَ و غضباً (5)

و هذه غيرا هاريس تنصح الطبيب المبشر قائلة : (( لعل الشيطان يريد أن يفتنك فيقول لك : إن واجبك التطبيب لا التبشير , فلا تسمع منه (6) فاحترام المهنة عندهم وساوس شيطان واستغلال المرضى عمل طيب فليستحضر القارئ قسم أبقراط .
وركز المبشرون الأطباء على العناصر الهامة في المجتمع و ذلك للاستفادة من تأثيرها على أكبر عدد من أفراد المجتمع كما أنهم اعتنوا بالعنصر النسائي فأرسلوا الطبيبات المبشرات إلى المنازل و أقاموا مدارس التمريض على اعتبار أن الممرضة لا تعمل على تخفيف الألم عن المرضى فقط بل تحمل إليهم أيضاً رسالة المسيح (7)
-----------
(1) Addison
(2) Christian Workers 32-4
(3) cf Jeesup 37 . 108 . 804
(4) Milligan 101 – 32
(5) Richter 25 cf . Methods Of Missoins54
(6) Methods Of Missoins 105
(7) Cf MW Oct 1936 p283
[/align]

هدى نورالدين الخطيب 03 / 09 / 2016 41 : 10 PM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
الفصل الثالث

التعليم ميدان فسيح للتبشير (التعليم عموماً)


و لو أن أهل العلم صانوه صانهم = و لو عظموه في النفوس لعُظِّما
و لكن أهانوه فهان و دنسوا = مُحيَّاه بالأطماع حتى تجهّما


استخدم المبشرون العلم و التعليم في سبيل غايات صغيرة و شغلوا أنفسهم بتبديل عقائد الأفراد الدينية باذلين جهوداً كباراً في سبيل منافسة غير نبيلة : عداوة على تجاذب الأشخاص بين اليسوعيين والبروتستانت و مكائد بين فرق البروتستانت أنفسهم ثم رياء لا حد له في تزيين الآراء و تسويد صفحات التاريخ ..
ويدور هذا البحث حول نقطتين :
1- استغلال المبشرين العلم بطرق لا تنكشف إلا عن ضيق في الأفق .. و هذا قليل الأهمية لأن الإنسان لا يلبث أن يرى هذا الأفق الضيق فيجازي أصحابه .
2- حرص المبشرين على إفساد النبل الإنساني و جعل العلم وسيلة لاستعباد الأفراد و الأمم ثم سوقهم بسيف الاستعمار إلى الاستكانة أمام سلطان السياسة المادي .
ليس للتعليم عندهم غاية سوى التبشير
قال نفر من المبشرين :
((إن أهداف المدارس والكليات التي تشرف عليها الإرساليات في جميع البلاد كانت دائماً متشابهة، إن المدارس و الكليات تعتبر في الدرجة الأولى واسطة لتمرين قسس للكنيسة .. حتى إن الموضوعات العلمانية التي تعلم ، من كتب غربية و على يد مدرسين غربيين، تحمل معها الآراء التنصيرية )) (1)
ويرى هنري جسب : (( أن التعليم في –مدارس- الإرساليات المسيحية إنما هو واسطة إلى غاية فقط، هذه الغاية هي قيادة الناس إلى المسيح و تعليمهم حتى يصبوا أفراداً مسيحيين وشعوباً مسيحية و لكن حينما يخطو التعليم وراء هذه الحدود ليصبح غاية في نفسه و ليخرج لنا خيرة علماء الفلك و طبقات الأرض و علماء النبات وخيرة الجراحين والأطباء في سبيل الزهو العلمي ... فإننا لا نتردد حينئذ في أن نقول إن رسالة مثل هذه قد خرجت عن المدى التبشيري المسيحي إلى مدى علماني محض، إلى مدى علمي ينوي مثل هذا العمل يمكن أن تقوم به جامعات هايدلبرغ و كمبردج و هارفرد و شيفيلد لا الجمعيات التبشيرية التي تسعى إلى أهداف روحية فحسب )) (2)
و تجدر الإشارة إلى أن هذه الآراء التي تدعي أن هدف التبشير والتعليم روحي محض لا تناقض كلام القس زويمر الذي أوردناه في أول الكتاب الذي يرى أنه لا ضرورة لتنصير المسلم و يكفي فصله عن دينه .. فكلا الأسلوبين هو جعل الشعوب الإسلامية تبع لحكومات المبشرين الاستعمارية و هو الغاية من التبشير ..
حيث ير البعض أن المدارس قوة لجعل الناشئين تحت تأثير التعليم المسيحي أكثر من كل قوة أخرى (3)


كيف تختار المدارس أساتذتها
يقول المؤلف دانبي – في كتاب ألفه عقب مؤتمر للمبشرين كملخص لما توصل إليه المؤتمر - :
((ثم يتسع الشك على كل حال حينما نأتي إلى استخدام معلِّم غير مسيحي ليعلم موضوعات لا نجد لتعليمها معلماً مسيحياً، أجل إن البراعة في التعليم لا صلة لها بدين المعلم و مما لا ريب فيه أن معلماً مسلماً ذا خبرة بمهنته وذا كفاية يمكن أن يكون له من الجانب الشخصي وقوة الخلق و الشعور بالواجب ما يجعل منه معلماً يبعث الحياة في طلابه أو مربياً صالحاً ثم هو يمكن أن يؤثر في طلابه أكثر من المعلم المسيحي المجرد من الصفات التي يتصف بها ذلك المعلم المسلم و لكن إذا كانت الغاية من التعليم في المدارس المسيحية (كما يجب أن تكون ) إنما هي تزويد الطلاب باستشراف مسيحي للحياة و تمرين لهم على ممارسة المبادئ المسيحية و تقريبهم من اختبار شخصي للإيمان المسيحي فكيف يمكن للمسلم الأمين أن يعاوننا على بلوغ هذه الغاية ؟ ثم إذا كان هو يعتقد بهذه الغاية – لأنه ضعيف الشخصية خنوع – و لكنه لا يخطو خطوة يصبح بها مسيحياً , أفلا يكون له حينئذ على تلاميذه تأثير سلبي فيستنتجون من سلوكه أن الدين ليس موضوعاً ذا أهمية حاسمة (ص 62.68-67)

و يعتمد المبشرون على التعليم كوسيلة غير مباشرة خاصة حينما رأوا أن التبشير رأساً لم يجعل أحداً من المسلمين يصبأ إلى المسيحية الغربية.
كما أنهم يستغلون جهل الشعوب ... يقول بنيامين ماراي : (( شمالي نيجيرية ميدان للتبشير )) و استعرض ما عليه الشعب النيجيري من تخلف و أمية ثم قال : (( و هذا يتيح فرصة عظيمة للتعليم التبشيري المسيحي))


وسائل التبشير في أثناء التعليم

(إن المبشر الأول هو المدرسة)

1-أن يكون ثمة مدارس لكي يستطيع المبشر الاتصال بالناس عن طريقها .
2-أن يكون المعلم في هذه المدارس أجنبي غير وطني , أو وطني و بكن مسيحي بالدرجة الأولى (4) و متمرن على التبشير (5)
3-التدرج في تدريس التوراة ثم تدريس التاريخ و الجغرافية و لكن من ناحية صلتهما بالتوراة فقط ثم أضافوا إلى ذلك كله موضوعات مشابهة (6)


الكتب المدرسية خاصة و الطعن على الإسلام

من الكتب التي شوهت الإسلام و مُلأت بالحقد عليه كتاب " البحث عن الدين الحقيقي" (7)
و هو محاضرات في التعليم الديني تأليف المنسنيور كولي و قد صدر عن اتحاد مؤسسات التعليم المسيحي في باريس و نال رضا البابا ليون الثالث عشر مما جاء فيه : (( الإسلام – في القرن السابع للميلاد برز في الشرق عدو جديد ذلك هو الإسلام الذي أسس على القوة و قام على أشد أنواع التعصب لقد وضع محمد السيف في أيدي الذين اتبعوه و تساهل في أقدس قوانين الأخلاق ثم سمح لأتباعه بالفجور و السلب ووعد الذين يهلكون في القتال بالاستمتاع الدائم بالملذات و بعد قليل أصبحت آسية الصغرى و إفريقية و اسبانية فريسة له , حتى إن إيطاليا هددها بالخطر و تناول الاجتياح نصف فرنسا. لقد أصيبت المدنية ، و لكن اجتياح هؤلاء الأشياع – المسلمين – تناول في الأكثر كلاب النصارى ..... الخ )) ص220

هذا أحد نماذج الكتب الغربية التي تُدرّس في المدارس الشرقية و تزرع الأحقاد و تشوّه الحقائق .

واجب الحكومات الوطنية
واجبها إزالة أسباب التنافر و الشقاق بإزالة هذا النوع من الكتب فالكتاب السابق دُرّس في الصف الرابع من المدرسة البطريركية في بيروت و هناك كتب أخرى مثل كتاب "تاريخ فرنسة" تأليف هـ غيومان وف لوستير لصفوف الشهادة الابتدائية و فيه ما فيه من الإساءة و التشويه .
4-يٌلحق بهذه الكتب و التي تتضمن التهجم على الإسلام كتب أخرى تتضمن ردوداً على الإسلام و اعتراضات على عقائده و تاريخه .
5-إقامة الخطب و المناظرات و المجادلات ذات الصلة ...

6-بناء كنيسة إلى جانب كل مدرسة ..
7-دراسة مشاكل الشباب للنفوذ إلى نفوسهم و اجتذابهم و توجيههم للمسيحية . (8)

نشاط المبشرين من طريق التعليم


قم للمعلم وفه التبجيلا = كاد المعلم أن يكون رسولا !
أعلمت أشرف أجل من الذي = يبني و ينشئ أنفساً و عقولا ؟


هذا الذي ظنه شوقي و ظنه الناس كلهم أما المبشرون فقد استغلوا العلم النبيل ستاراً لغاياتهم المتمثلة في استعباد الشعوب و استغلاله سياسياً و اقتصادياً
إن التبشير هو مشروع بابوي متميز ! فإن غريغوريوس السادس عشر الذي أصبح بابا عام 1831 م شجع اليسوعيين على المجيء إلى سورية و العمل فيها وكذلك أعطى البابا ليون الثالث عشر لليسوعيين في سوريا عام 1881 م حق منع الشهادات بأنواعها أما بيوس الحادي عشر الذي جاء إلى عرش رومية عام 1922 م فقد كان يسمى بابا التبشير ! (9)
و اعتمد المبشرون في الشرق على تعليم الأطفال في المدارس التبشيرية وركزوا على المدارس الابتدائية و رأوا في ذلك وسيلة تأتي بأحسن الثمار في تنصير المسلمين و هي تعليم أولادهم الصغار (10)

التبشير و قادة البلاد في المستقبل

و التعليم العالي لا يقل أهمية عن سائر درجات التعليم و ذلك للوصول إلى الطبقة المثقفة المؤثرة في المجتمع (11) فأسسوا كليات في المراكز الإسلامية و أرادوا أن يكون لهم كلية في القاهرة إلى جانب الأزهر (12) فكانت الكلية الأمريكية في القاهرة و كان للمبشرين الفرنسيين كلية لاهور في الهند (13)

إجبار المسلمين على دخول الكنيسة في مدارس المبشرين
كما في مدراس الإرساليات الفرنسية و يجبرون أيضاً على حضور قداس الوعظ يوم الأحد و يصرون على تعليم التوراة و حضور دروس تفسيره .

التبشير بين الأميين
واتفق المبشرون على أن يبدأ الكلام مع الأميين على مقام عيسى عليه السلام في القرآن الكريم و على المبشر أن يقول أمام الأميين "القرآن الكريم" و أن يذكر الشفاعة و الجنة و ما إلى ذلك من الألفاظ الإسلامية استمالةً للسامعين الأميين فإذا وثَقَ من آذانهم صبَّ فيها تبشيره (14)

التعليم السمي و التبشير
رأى المبشرون أن المدارس الرسمية في البلاد التي تكثر فيها المذاهب الدينية لا تتشدد في تعليم الدين بل تتساهل حتى لا تنفر أحداً من مواطنيها و حتى لا يحمل بعض المواطنين كرهاً لبعض و لقد رأى المبشرون في ذلك ثغرة أحبوا أن ينفذوا منها إلى عقائد الطلاب في مثل هذه المدارس .
و استغل الانتداب الغربي على الدول العربية كسورية و لبنان قدرته في فرض القوانين و سن الدساتير .. استغلها في وضع مناهج تعليمية تساعد المبشرين في أعمالهم ..

التعليم النسائي خاصة
قال جسب : (( إن مدرسة البنات في بيروت في بؤبؤ عيني , لقد شعرت دائماً أن مستقبل سورية إنما هو بتعليم بناتها و نسائها , لقد بدأت مدرستنا للبنات ولكن ليس لها بعد بناء خاص بها و ها هي قد أثارت اهتماماً شديداً في أوساط الجمعيات التبشيرية (15)
و اعتمدوا أيضاً على جذب البنات في الأسر المعروفة لأن نفوذ هؤلاء يكون في بيتهن أعظم .


التبشير بين الدارسين في الخارج
مما لا ريب فيه أن ذهاب الطلاب الشرقيين إلى أوربة و أمريكة يكسبهم شيئاً من أساليب الحياة الغربية و الاتجاه الغربي في التفكير و التعلم و السلوك و ما إلى ذلك مما يكون نافعاً أو ضاراً و لكن المبشرون يريدون أن يستغلوا الطلاب الشرقيين في أمر خبيث .. يريدون أن يجعلوهم نصارى أو ممالئين للنصرانية (16)
و يدخل في هذا الباب زواج المسلمين بالغربيات ؛ الأوربيات و الأمريكيات ...

ملخص الفصل :

إن المبشرين و من ورائهم يستخدمون التعليم ظاهراً و باطناً للتبشير ..

ظاهره : دعوة لسلوك هم لا يسلكونه و تلك دعوة لم تتم ففاقد الشيء لا يعطيه ..

باطنه : تفكيك أواصر القربى الروحية في لأمة الإسلامية خاصة حتى يستطيع الغرب أن يحكم الشعوب و يستغل بلادها اقتصادياً و حربياً .

----
(1) Re – thinking Missions 118

(2) Jessup 592 . 567

(3) Anna A . Milligan , Milligan 108

(4) Jessup 304.518.519


(5) Jessup 593,Bilss –R- 334

(6) Jessup 593 , Bilss –r- 334 : Re-thinking Missons 204

(7) Recherche de la vraie religion

(8) Re-thinking Mission 163 f . 264

(9) Page de Mission cf Les Jesuites en Syrie 1:7

(10) Christian Workers 5

(11) Milligan 124-5

(12) Milligan 123f

(13) Gairdner 245

(14) Methods of Mission 36f


(15) Jessup 280

(16) Missionary Outlook 276

محمد الصالح الجزائري 03 / 09 / 2016 58 : 10 PM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
[align=justify]الآن دخلنا في أهم معترك (التعليم) !! أشكرك أختي الغالية الأستاذة الأديبة هدى نور الدين الخطيب على هذين المحثين الهامين..سأعود إن شاء الله للمشاركة..أتابعك باهتمام بالغ..[/align]

محمد توفيق الصواف 03 / 09 / 2016 22 : 11 PM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
[align=justify]الأستاذة هدى، أسعد الله مساءك..
فُوجئتُ وسُررتُ، في وقت واحد، حين رأيتُ جهدك الأخير في هذا الموضوع.. وهو جهدٌ مشكور ومفيد إن شاء الله..، سأحاول رفده ببيان جوانب أخرى لعملية التبشير والبعثات التبشيرية وعلاقتها بأهداف الاستعمار الغربي والأمريكي، مع بعض التركيز على العلاقة بين جهود المبشرين ونشاطاتهم وبين الصهيونية ومخططاتها ضد الأمتين العربية والإسلامية..
أرجو أن أنتهي من إعداد هذه المادة خلال اليومين التاليين، آملاً أن تكون تتمة لما بدأتِ نشرَه اليوم حول هذا الموضوع..
ختاماً.. لي رجاء أتمنى أن يحظى بالاهتمام، وهو أن يحاول المشاركون في هذا الموضوع تنسيق جهودهم وتوزيع مادة البحث بينهم، تجنباً للتكرار..
دمتِ، ودام جهدكِ السامي النابع من غيرتك على الأمة العربية وانتصارك لقضاياها..
مع محبتي واحترامي..[/align]

هدى نورالدين الخطيب 04 / 09 / 2016 10 : 02 AM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
[align=justify]
الأخ العزيز الشاعر الأستاذ محمد الصالح تحياتي..
لا شكر على واجب..
أحاول التقصي غالباً عبر الانترنت.. والبحث ودراسة المواد ومقارنتها والتدقيق وجمع المواد وتنسيقها قدر استطاعتي، فكما تعرف لا يمكنني الوصول لكثير من المراجع والمصادر، خصوصاً حول دراسة بهذه الخطورة...
يهمني ويشرفني تعاونك..
بالتأكيد.. مجال التعليم في صميم اهتمامك ومتابعتك ولديك فيه الكثير المفيد

جزيل شكري وامتناني على دعمك وتحفيزك وتعاونك في إنشاء وتقديم هذه الدراسة
تفضل بقبول فائق آيات تقديري واحترامي
[/align]

هدى نورالدين الخطيب 04 / 09 / 2016 52 : 02 AM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
[align=justify]
أديبنا الباحث المتألق والأخ الغالي أستاذ توفيق تحياتي..
إنه لمن دواعي شرفي وسروري وضع بصمتك المميزة في هذا الملف الذي سيزداد قيمة وأهمية بما يمكن لك إضافته.. وأنت الباحث الذي له شأن وباع طويل في هذا المجال..
بالنسبة للدور الصهيوني تحديداً لا يمكن ولا يجوز البحث عن مراجع، والأستاذ توفيق الصواف بيننا - الرقم واحد - والأبرز في العالم العربي في هذا المجال .. راجية الاستفادة من أبحاثك القيّمة حول التنصير والأدوار الاستعمارية والصهيوغربية في هذا المجال ، وسأكون والقراء والمتابعين بانتظارك بكثير من الاهتمام ..
ريثما تتفضل وتحضر مادتك الهامة، سأقوم بنشر بقية ملخص فصول الكتاب أعلاه ، ولدي في هذا المجال أيضاً بعض المواد البحثية للباحث المتخصص في مجال التنصير في بلاد المغرب العربي تحديداً ، الأستاذ بجامعة مكناس في المملكة المغربية الدكتور "محمد السروتي"..
بالإضافة لما سيزودنا به أخي الشاعر الأستاذ محمد الصالح شرفية وما ستزودنا به صديقتي الأديبة دكتورة رجاء بنحيدا.. راجية مشاركة ومتابعة المزيد من المهتمين.
جزيل شكري وامتناني أستاذ توفيق لدعمك وتشجيعك وما ستتفضل بتزويدنا به من إضاءاتك البالغة الأهمية في هذا الملف
[/align]

هدى نورالدين الخطيب 04 / 09 / 2016 26 : 05 AM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
الفصل الرابع
التعليم ميدان فسيح للتبشير
(2) المؤسسات التبشيرية (الكليات و الجامعات خاصة)


[align=justify]
شهد لبنان قيام أحزاب ذات طابع قومي كالحزب القومي السوري الذي نشأ عام 1932 م يحمل أفكاراًَ تدعو إلى قيام الدولة السورية التي تضم السوريين كأمة و من ضمنها لبنان (1) , و نشأت منظمة "الكتائب" اللبنانية المسيحية التي تقول بأن اللبنانيين لوحدهم أمة فينيقية ولبنان وحدة سياسية تاريخية جغرافية و أن نظرية سورية الجغرافية التي تبناها الحزب القومي السوري هي من صنع المستشرقين المسخرين لسياسات الاستعمار (2) لسنا هنا في مقام الموازنة بين عقيدة الحزب القومي وبين عقيدة الكتائب بل ما يهمنا هو الجامعة الأميركية و الجامعة اليسوعية الأجنبيتان، فأكثر الذين ينتمون للحزب القومي السوري هم بالأصل طلاب في الجامعة الأمريكية الأجنبية لذلك رأت منظمة الكتائب أن هذه الجامعة يجب أن تزول ..
و هنا يُطرح سؤال , ما مقام المدارس الأجنبية في حياتنا القومية ؟
إن الجامعات أداة توجيه في البلاد من أجل ذلك لا يجوز أن تكون في أيد أجنبية مهما كانت هذه الأيادي نظيفة و لكن الإنسان قد يٌدفع أحياناً إلى اختيار أهون الشرين و إن كان لا تفاضل في الشر من الناحية النظرية على الأقل .
فالحزب القومي السوري جمع المسلم مع المسيحي و ذابت الطائفية و هذا جيد بالنظر إلى حال لبنان الطائفي و المجتمع الممزق و لكن هذا لا يغير من أفكار الحزب القومي و دعوته إلى القومية السورية مدعوماً بطلاب الجامعة الأمريكية ! .
* * *
يعترف القائمون على المؤسسات الأجنبية بأن هذه المؤسسات كانت في أول أمرها تبشيرية ولكنها اليوم لا تُعنى بالتبشير على أن هذا مخالف للواقع، وإنما هو قول يتسترون به لأن العصر الذي نعيش فيه أصبح يأبى هذا التعبير : (( في سبيل التبشير)) .
رأى المبشرون أن التبشير يجب ألا يقف عند انتهاء مرحلة التعليم الابتدائي أو الثانوي ، بل يجب أن يستمر إلى مرحلة التعليم العالي لأنه هو الذي يهيّئ قادة الشعوب، فإذا استمال المبشرون بعد هؤلاء الذين ينتظر أن يكونوا قادة في بلادهم ، فقد كفلوا التأثير على الشعب كله .
من أجل ذلك تبلورت سياسة الإرساليات الأمريكية حول إقامة كليات مجهزة تجهيزاً جيداً في اسطنبول و بيروت و إزمير و القاهرة و غيرها من مراكز البلاد الشرقية (3)
ومع الأيام أصبح الأمريكيون يعتقدون أن المؤسسات التبشيرية سواء أكانت معاهد علمية أم مؤسسات أخرى , إنما هي ((مصالح أميركية)) تجب المحافظة عليها و هم لا ينكرون أن هذه المصالح كلها قد نشأت من التبشير و على أيدي المبشرين (4)
و من هذه المدارس التي أنشأها المبشرون :

1- مدرسة عبية (لبنان) : تأسست عام 1846 على يد د.كرنيليوس فان ديك (5) و ظلت تمثل دورها حتى تأسست الكلية السورية الإنجيلية عام 1865 في بيروت ...
2- كلية روبرت في اسطنبول ..
3- الجامعة الأمريكية في بيروت :
و هي الكلية السورية الإنجيلية (الجامعة الأمريكية) اليوم تأسست عام 1865 في بيروت بعد اجتماعات متكررة عقدها مبشرون و قرروا أخيراً إنشاء هذه الجامعة بحضور قنصل الولايات المتحدة في بيروت و أجمعا على ما يلي :
((نحن نصر على الطابع التبشيري للكلية ، و على أن يكون كل أستاذ فيها مبشراً مسيحياً)) و أن تكون مؤسسة بروتستانتية (6) فهي نتاج التعليم البروتستانتي ووليد الإرسالية الأميركية للتبشير (7) و لما زار المبشر جون موت الكلية السورية الإنجيلية عام 1895 أسست الكلية فرعاً لجمعية الشبان المسيحيين إلا أن الاسم (جمعية الشبان المسيحية) كان محرجاً أمام غير المسيحيين فغيرته الكلية و جعلته الأخوية (8) و هذه الأخوية لا تزال قائمة و تدعى بأسماء مختلفة بحسب الأدوار المختلفة !
و يرى المبشرون أنفسهم أن الجامعة الأميركية ما هي إلا محاولة مدروسة لتمهيد الطريق أمام المصالح الأمريكية و التجارية منها خاصة .
إن القائمين على أمر الجامعة في بيروت لم يكتفوا من أول أمرهم بأن يكون رئيس هذه المؤسسة مبشراً , بل أصروا على أن يكون جميع المدرسين فيها مبشرين، و كان على هؤلاء المدرسين أن يوقعوا يميناً يقسمون فيه بأن يوجهوا جميع أعمالهم نحو هدف واحد و هو التبشير ( و مع الأيام ألغت الجامعة توقيع هذا اليمين و لكنها لم تلغ مؤداه) .
وكانت الجامعة تحرص على أن يظهر جميع أساتذتها بمظهر المبشرين ثم تحملهم على أن يحضروا المؤتمرات التبشيرية، و مع أن الجامعة الأميركية لم تعلن سياستها التبشيرية في مطلع حياتها خوفاً من أن يعلقها العثمانيون فإنها لم تأل جهداً في التبشير في كل درس حتى في الدروس التي لا صلة خاصة بينها وبين الدين ، كانت المبادئ المسيحية موضع أكيد و تزيين كلما سنحت لذلك الفرصة، فمن أمثال ذلك أن درس اللغة الإنكليزية كان يستغل في نقل نصوص التوراة الإنكليزية إلى اللغة العربية و في هذه الأثناء كان الأستاذ ينتقل إلى مناقشة المشاكل الدينية من الزاوية التبشيرية (9)
و هذا أمر غير مستغرب فلقد قرر مؤتمر القد المنعقد عام 1935 م أن يستغل كل درس في سبيل تأويل مسيحي لفروع العلوم كالتاريخ و علم النبات .. الخ (10)
4- سائر المدارس الأميركية :
و منها كلية جيرارد أو كلية الأميركان في صيدا (11) و سبب نشأتها أن من يتخرج من الكلية السورية الإنجيلية لا يصلح لأن يعمل مبشراً في القرى لأنه في الأصل يأتي من بيئة بعيدة عن القرى و يدرس في بيئة حضرية لذلك أسست كلية جيرارد في مكان قريب من البيئة القروية لإعداد معلمين و مساعدين على التبشير في القرى نفسها (12)
و مثل هذا يقال في الكليات الأميركية المختلفة في خربوط و عينتاب و مرعش و طرسوس (13) و في طرابلس و القاهرة و حلب و سواها .

- كلية غوردون في الخرطوم (الإنكليزية) أسسها الانكليز عام 1903 و هي باسم ضابط انكليزي (تشارلس غوردون) ؟؟

6- المؤسسات الفرنسية : تختلف المؤسسات الفرنسية عن المؤسسات الأميركية في أنها تحمل اسمها على ثيابها سواءً أكانت بروتستانتية أم كاثوليكية و قد يجوز لنا أن نستثني المؤسسات العلمانية التي تهتم ببسط السياسة و الثقافة الفرنسيتين أكثر من بسط المذهب الكاثوليكي أو البروتستانتي .
و لا نحب هنا أن نسهب في الكلام على المؤسسات اليسوعية (ذات اللون الفرنسي) و لا المؤسسات الشبيهة بها فالغايات اليسوعية معروفة ... علينا أن نقتدي بأمم الغرب التي لم تستطع بلادها أن تسير في معارج الاستقلال و الرقي إلا بعد أن وضعت اليسوعيين خارج حدودها : يجب أن نتعلم من غيرنا ما ننفع به أنفسنا .

لقد تعثر الشرق في حياته السياسية و القومية لأن المدارس الأجنبية المختلفة قد فرقت أبناء الوطن الواحد طرائق مختلفة فشتتت أهدافهم وباعدت بين الطرق إلى تلك الأهداف، إن التعليم قوة توجيهية عظيمة ، فلا يجوز أن تكون في أيد أجنبية تلعب بها و تستغلها لمآرب و أغراض أجنبية .

إن التعليم الوطني الموحد، ولو كان ناقصاً بعض النقص، أفضل من التعليم الأجنبي المتنافر ولو كان كاملاً كل الكمال .

--------------


(1) بلاغ زعيم السوريين القوميين إلى الرأي العم 8 حزيران 1963 . ص10-11
(2) أهدافنا (الكتائب اللبنانية , مصلحة الدعاية و النشر ) 1936 – 1944 ص 7, 8 ,12
(3) cf Enc of Missins 600

(4) cf MW Apr 1939 pp 121 ff

(5) Jessup 96 , Bliss 111

(6) Bliss 163-

(7) cf Jessup 298 , Bliss ® 32

(8) Bliss 217 – 8 Brotherhood

(9) Peneose 46

(10) Danby 31 etc .

(11) cf Jessup 313 : Richter 222

(12) cf Bliss

(13) Richter 74
[/align]

محمد الصالح الجزائري 04 / 09 / 2016 52 : 05 AM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
الاستعمار و التبشير (في الجزائر)
[align=justify] (الكاردنال لافيجري) الذي قرر أن يلعب دوراً لصالح الصليب بعد أن قام بدوره القذر في المشرق وبالضبط في تمويل نصارى الشام وتغذية الحرب الطائفية هناك، وقد اكتسب خبرة كبيرة في إشعال النعرات الطائفية والعنصرية، وقد اقترحه الجنرال ماكمهون على نابليون، فتسلم مهمته أواخر سنة 1866م، وكان واضحاً من اليوم الأول أن الكاردينال جاء لينصر الشعب الجزائري وليس لمهمة أخرى. يقول في مراسلته لوزير الشؤون الدينية بعد قرار تعيينه: إني الوحيد الذي أبديت اهتماماً بنشر المسيحية وسط العرب، وقد كانت ولازالت لي علاقة طيبة مع مسيحي المشرق العربي، وهؤلاء يجب استدعاؤهم إلى الجزائر. وكان واضحاً في ذهنه أنه قادم إلى الجزائر لإحياء الكنيسة الإفريقية وأمجاد الكنيسة الرومانية الاستعمارية، وقد صرح بذلك في رسالته التي وجهها إلى رهبان الجزائر يوم 5 مايو 1867م والتي جاء فيها:
سآتيكم إخواني في ساعة مشهورة لتاريخ إفريقيا المسيحية، إن الكنيسة وفرنسا متحدتان على إحياء الماضي.
بذل لافيجري جهوداً جبارة في تنصير الأطفال الجياع، إلا أن الأطفال كانوا بمجرد شفائهم أو حصولهم على القوت يفرون من المراكز التنصيرية، الأمر الذي حير الكاردينال فصرح في جنون وهسيتريا:
يجب إنقاذ هذا الشعب، وينبغي الإعراض عن هفوات الماضي، ولا يمكن أن يبقى محصوراً في قرآنه.. يجب أن تسمح فرنسا بأن يقدم له الإنجيل، أو تطرده إلى الصحاري بعيداً عن العالم المتمدن.
وهذه السياسة استلهمها لافيجري من سياسة الأمريكيين مع الهنود الحمر الذين رفضوا عادات ومفاسد الرجل الأبيض!!
ونظراً لتفاني لافيجري في التنصير كافأه البابا بيوس بتعيينه مندوباً للإرساليات التنصيرية في الصحراء يوم 2 أغسطس 1868م، وهكذا توسع نشاطه ليشمل الصحراء وإفريقيا، وفي نوفمبر 1868م اشترى لافيجري أراضي واسعة بالعطاف بسهل شلف وأسس به قريتين فلاحيتين هما: قرية القديس سبريان والقديس مونيك.
وكان الهدف من إنشاء القريتين عزل الجزائريين الذين تنصروا خوفاً من عودتهم إلى أهاليهم فيعودون إلى الإسلام. ومما قاله عن أهداف القريتين: ستتكون في كل قرية عائلات مسيحية عن طريق التزويج بين اليتامى واليتيمات، ثم قام بإنشاء فرقة خطيرة كان لها دور أسود في تاريخ الجزائر هي فرقة الآباء البيض سنة 1869م وهذه الفرقة هي التي ستأخذ على عاتقها مهمة تنصير الجزائر أولاً، ثم تونس والمغرب ثانياً، ثم إفريقيا أخيراً، وإعادة أمجاد الكنيسة الإفريقية!!!
وبالموازاة أسس حركة الأخوات البيض التي حملها مسؤولية تنصير النساء عن طريق التطبيب والتعليم والخدمات الخيرية.
كما قام لافيجري بتأسيس حركة تنصيرية مسلحة هي: جمعية إخوان الصحراء المسلحين التي أسسها ببسكرة.
*******************



*الكاردينال شارل مارسيال ألمان لافيجري (31 أكتوبر 1825 - 18 نوفمبر 1892) هو كاردينال فرنسي ولد في ببايون (Bayonne) بالبيرني الأطلنطية، عمل أستاذ تاريخ بجامعة السربون بباريس فيما بين 1854 و1856. ثم اتجه إلى سوريا لمساندة الحركة التبشيرية عن طريق التعليم. ثم احتل خطة أسقف بمدينة نانسي (Nancy) الفرنسية سنة 1863.
* العطّاف ، الشلف ، بسكرة : مدن جزائرية.



[/align]

محمد توفيق الصواف 08 / 09 / 2016 24 : 11 PM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
[align=justify]المداخلة الأولى
تمهيد لابدَّ منه..
ـــــــــــــــــــــــــ
[/align]
[align=justify]ثمة فعاليات تبدو، للوهلة الأولى، مستقلة منفصلة عن بعضها، لا صلةَ ظاهرةً بين أيٍّ منها والأخرى، لكنَّ الدراسة المُعَمَّقَة لكلٍّ منها على حدة، ثم لها مجتمعة، تكشفُ عن علاقات قوية جداً تربط بينها، حتى لتبدو للعين الخبيرة منظومةً متكاملة لا يمكن لأيِّ فعاليةٍ منها أن تُؤدِّي وظيفتَها منفردة؛ كما تكشف دراسة هذه الفعاليات عن وجود تسلسل تاريخي لظهورها؛ وعن كَونِ الأسبق ظهوراً منها، في الغالب، سبباً في ظهور الفعالية التي تليها، تلك التي كانت سرعان ما تتحوَّلَ، بدورها، إلى عامل داعم للفعالية التي أنتجَتها، وذلك في إطار آلية تفاعلية مستمرة. ومن أهم هذا النوع من الفعاليات:[/align]
[align=justify]1) الاستشراق

2) البعثات التبشيرية في العالَمَين العربي والإسلامي.
3) الاستعمار الغربي وحملاته القديمة والحديثة للسيطرة على العالم الإسلامي.
4) الحركة الصهيونية وإسرائيل.
5) الحرب العالمية الحالية على ما يُسمَّى "الإرهاب".
[/align]

[align=justify]في الواقع، ثمة ضرورة معرفية وأخرى منهجية تقتضيان إلقاء حزمة ضوء، ولو سريعة، على كلِّ واحدة من الفعاليات الخمس الآنف ذكرها، بُغية بيان العلاقة بينها من جهة، وبيان العلاقة بين المخططات التي رسمها مهندسو كلِّ فعالية مع مخططات الفعاليات الأربع الأخرى من جهة ثانية، ثم بيان الهدف الاستراتيجي المشترك لهذه المخططات كلها من جهة ثالثة، والمُتمَثِّل في تفتيت العالَم الإسلامي عموماً والعربي خصوصاً إلى دويلات وكيانات صغيرة ضعيفة تَسهُل الهيمنة عليها جميعاً، عن طريق إشعال الفتن والخلافات الطائفية والدينية والمذهبية بين أبنائها، وإثارة النزعات بين أعراقهم المتعددة، بُغيَةَ إشغالهم ببعضهم لإلهائهم تماماً عن محاربة عدوهم المشترك المتمثل بالاستعمار والصهيونية.[/align]

لكنْ، وتَجَنُّباً للخروج عن إطار مداخلتي، في هذا البحث المُتَشَعِّب،، فسأكتفي بالتركيز على موضوعها الرئيس وهو علاقة الصهيونية وإسرائيل بالاستعمار الغربي، ودورهما الوظيفي في تنفيذ مخططاته الرامية إلى تفتيت العالَمَين العربي والإسلامي، لتحقيق أهداف دينية واقتصادية؛ لاسيما وأنَّ الأستاذة هدى الخطيب قد أَلْقَتْ، في إطلالاتها التي ضَمَّنَتْها هذا البحث، ضوءاً ساطعاً على التبشير وإرسالياته وأهدافه وأهم وسائله وطرقه، وقد تَضَمَّنَت هذه الإطلالة أيضاً إلماحات سريعة، ولكن غنية، إلى الاستشراق وصلته الوثيقة بالتبشير والاستعمار وأهدافهما؛ ثم أَثْرَى الأستاذ محمد الصالح الجزائري مداخلةَ الأستاذة هدى بما قدَّمه من معلومات حول التبشير وطَرَفاً من طُرُقِهِ وأساليبه في الجزائر، وكذلك فعلت الدكتورة رجاء بنحيدا في مداخلتها الثرية أيضاً، ولذلك لم أَرَ التوسُّعَ في موضوعَي الاستشراق والتبشير بشكل عام، بل الانتقالَ مباشرة إلى تقديم إطلالة سريعة على علاقة التبشير بالصهيونية، يُمكن التمهيد بها مع إطلالة سريعة أخرى على علاقة الاستعمار بالصهيونية، للحديث عن الدور الوظيفي للصهيونية وإسرائيل في مخططات الاستعمار الغربي لتفتيت العالم العربي..

حزمة ضوء على العلاقة بين التبشير والصهيونية
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــ

[align=justify]على الرغم من العداء التاريخي المزمن بين المسيحيين واليهود، اتفق مسيحيو أوروبا مع يهودها الصهاينة على عداء العرب المسلمين، ولم يُصِرّ المبشرون على إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين إلا لأن إنشاءه يضعف العرب إضعافاً شديداً ويفتح أبواب بلاد الشام أمام حملات التبشير وإرسالياته، ويحول فلسطين إلى أهم نقطة هجوم لهم على العالمين العربي والإسلامي.
إلى ذلك، فكَّرَ مبشرو الغرب وساسته أن تعاونهم مع الصهيونية على إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين لن يوفر لهم مركز هجوم متقدم على العالم العربي فحسب، بل سيخلصهم من يهود أوروبا أيضاً، أولئك الذين سيشجعهم الأوروبيون على الهجرة إلى فلسطين.. فمن خلال معايشتهم الطويلة لليهود عرفوا أنهم قوة هدم عظيمة خافتها امبراطورياتهم القديمة وحاولت التخلص منها بشتى الوسائل، وبالتالي، فإذا نجح الغرب بتجميعهم في فلسطين، يكون قد ضرب عصفورين بحجر واحد، كما يقال، فمن جهة يتخلص منهم، ومن جهة ثانية يُوظِّفُهم في حربه على العرب والمسلمين..
ويطول الحديث جداً عن بدايات التعاون بين المبشرين الغربيين والصهاينة، خصوصاً وأن بداياته تعود إلى ما قبل القرن التاسع عشر.. وثمة من يُعيدها إلى بدايته حين أسَّس المبشرون الإنكليز عام 1809 (الجمعية اللندنية لنشر النصرانية بين اليهود) التي كان هدفها تهجير ما أمكن من يهود العالم إلى فلسطين، بُغيَةَ استخدامهم لإضعاف نفوذ العرب والمسلمين في الشرق الأوسط. وقد استغل المبشرون فترة حكم محمد علي في مصر بعد توسيع رقعة نفوذه إلى بلاد الشام التي بسط سيطرته فيها على سوريا وفلسطين وعين ابنه حاكماً عليها، فنشطوا في إرسالياتهم التبشيرية وفي تعاونهم مع اليهود، مُطمئنين إلى ما اشتُهر به محمد علي من تسامح مع الإرساليات التبشيرية. وقد أثمر نشاطهم في تلك الفترة عن عدة نجاحات من أهمها وَضْع أساس أول كنيسة بروتستانتية في الإمبراطورية العثمانية، وهي تلك التي أطلقوا عليها اسم (كنيسة صهيون).. لكن ما لبث أن تَوَقَّف نشاطهم إِثرَ انسحاب محمد علي من بلاد الشام عام 1840 وعودة العثمانيين إلى موقفهم المتشدد من المبشرين وإرسالياتهم.
على هذا، وفي ضوء معطيات أخرى كثيرة، يمكن توصيف علاقة الصهاينة بالمبشرين أنها علاقة تبادل منافع، أو علاقة مصلحية براغماتية، بالدرجة الأولى، تمت على خلفية تحييد الطرفين لمشاعرهم العدائية الدينية تجاه بعضهما، ولو بشكل مؤقت، ريثما يتمُّ لهما إنجاح مخططهما المشترك ضد المسلمين العرب بشكل خاص.. لكن هذه العلاقة، على قوتها، لم تُغيِّر من نظرة طَرَفَيها العدائية لبعضهما، فقد ظلَّ اليهود يضمرون الكراهية والشر لأتباع عيسى عليه السلام، كما يضمرونه للمسلمين والناس أجمعين، كما أن القيادات المسيحية في أروبا مازالت تضمر الكراهية لليهود والحقد عليهم لقناعة معظم المسيحيين بأنهم قَتَلَة المسيح عليه السلام، وقد ظلت هذه الكراهية مستمرة، لكن تحت السطح، حتى بعد إعلان الفاتيكان براءة اليهود من دم المسيح. وثمة كتابات كثيرة تؤكِّد هذا الزعم، سأشير إلى بعضها لاحقاً..
ولعل من الضروري الإشارة هنا إلى أنَّ اليهود كانوا أقدر على كسب القدر الأكبر من المنافع، في إطار هذه العلاقة، ويكفي لتأكيد صحة هذا المعطى القول إنه مقابل كل الخدمات التي قدمتها الصهيونية وإسرائيل للقيادات المسيحية الدينية والسياسية في أوروبا والولايات المتحدة، وخصوصاً في العالَمَين العربي الإسلامي، على الصعيد الاستعماري بكافة أشكاله وصوره، فقد كان ربح الصهيونية من نتائج هذا الاستعمار أكبر، على مختلف الصعد، هذا فضلاً عن تغلغلها إلى دوائر القرار السياسية والدينية في أوروبا والولايات المتحدة، ووصولها إلى حدِّ الإمساك بدفة القرار في الفاتيكان وتوجيهها لصالح إسرائيل والصهيونية..
سأكتفي بهذا القدر من الحديث عن علاقة المبشرين المسيحيين بالصهيونية وإسرائيل، وقد أعود إلى توسيع الحديث في هذا المنحى لاحقاً، إن وجدتُ ضرورة لذلك، في سياق البحث، أو حتى على شكل استطراد اراه مفيداً في كل الأحوال، لكن سأخصص المداخلة التالية لي في هذا البحث عن الدور الوظيفي للصهيونية وإسرائيل في مخططات الاستعمار لتفتيت العالم العربي بشكل خاص..
[/align]
يتبع....

هدى نورالدين الخطيب 09 / 09 / 2016 13 : 07 AM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
[align=justify]الأديب العزيز والباحث الكبير أستاذ محمد توفيق الصوّاف تحياتي..
إضاءة هامة ومداخلة بغاية الأهمية ، وهذا دأبك...
أرجوك تابع ، فهذا الملف بدأ يأخذ دوره التوثيقي وسيغدو مع ما تتفضل وتزودنا به مرجعاً هاماً لكل باحث في هذا المجال، ووسط الجحيم الذي يعيشه كل الناس في بلادنا على اختلاف مشاربهم...
ما تزودنا به هنا بالإضافة لما زودنا به الأستاذ الصالح والدكتورة رجاء ، وما أعمل شخصياً عليه، يؤسس لما تمنيته منذ سنوات كدور لقسم قاعة الندوات والمحاضرات..
أتابعك بكثير من الاهتمام، ولو تذكر.. كنت أتمنى دائماً أن نستفيد من تخصصك وتفوقك على كل الباحثين في هذا المجال الهام..

أتوقف مؤقتاً عن نشر تتمة ملخص الكتاب الذي كنت أنشره وبقية الأبحاث التي هيأتها حتى لا أشوش على أبحاثك وما تفيدنا به في مجال دور الصهيونية والارتباط الوثيق بين المسيحية الغربية الاستعمارية والصهيونية، أو ما تعارف على تسميته بالمسيحية الصهيونية واليهودية الصهيونية وارتباطهما الوثيق ومشروعهما المشترك..
للأسف والأسى ولسوء أقدارنا!...
أساطير سيطروا بها على عقول العامّة في الغرب ومخططات خبيثة .. مثل القضاء على المسلمين كشرط لعودة المسيح عليه السلام!..
شرط ضرورة هدم الأقصى وبناء هيكلهم الثالث المزعوم لعودته!..
معركة هيرمجدون التي ستنهي الوجود الإسلامي والعربي ليعود الخير والسلام إلى العالم ..بزعمهم!!..

معك أديبنا وباحثنا الكبير بكل الاهتمام..
عميق تقديري وامتناني..[/align]

علاء زايد فارس 10 / 09 / 2016 41 : 12 AM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
صدقت فيما تفضلت به أستاذة هدى
فما يحدث الآن يشبه إلى حد كبير ما حدث في عهد ملوك الطوائف، بل في بعض الأحيان تفوقنا عليهم سوءً
وبشكل عام لقد شخص أمير المؤمنين عمر بن الخطاب المشكلة قبل أن تحدث بقوله:
نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله ))
تخلي المسلمين عن رابطة الدين أدى إلى تفوق روابط العصبية والقبلية والطائفية والمذهبية مما فاقم المشكلة وجذرها في المجتمعات الاسلامية أكثر فأكثر.
فالكردي يدعو للقومية الكردية ويعتبر العربي عدواً
والعربي يدعو للقومية العربية ويهمل المكونات الأخرى
والتركي يعتز بقوميته على حساب المكونات الأخرى
وكل طائفة تريد أن تلقي الطوائف الأخرى في البحر
وهذا ينقسم المجتمع المسلم أكثر فأكثر
وكلما انقسم أكثر استعان بالعدو البعيد على العدو القريب كي يستمر في السيطرة على قطعة أرض صغيرة!
وكلما استعان بالعدو البعيد أكثر كلما استعمرت أرضه من قبله أكثر....
وتستمر المأساة ولن تنتهي إلا بقائد عظيم شجاع مثل صلاح الدين الأيوبي يوقف الأمور عند حدها ويؤدب المتمردين ويجمع الجزء في الكل تحت راية واحدة...

آسف على الإطالة
هذا توصيفي للمشكلة
تحياتي لكم

محمد توفيق الصواف 24 / 09 / 2016 31 : 10 PM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
المداخلة الثانية

الدور الوظيفي لإسرائيل وإعادة تفتيت المنطقة العربية


[align=justify]ألمحتُ في ختام مداخلتي السابقة، في هذا البحث، إلى الدور الوظيفي للصهيونية وإسرائيل في مخططات الاستعمار الغربي لتفتيت العالم العربي وتمزيقه، بهدف السيطرة عليه وعلى سكانه من مسلمين وغير مسلمين..
ولأن الحديث عن الدور الوظيفي معقد جداً، رأيت أن أُمهد له بإطلالة سريعة على حزمة المصالح والأهداف التي جمعت بين اليهود الصهاينة وأعدائهم التاريخيين من المسيحيين الغربيين الراغبين باستعمار الشرق العربي المسلم.
في الواقع، إنَّ هذه المصالح ذات نوعيتين مصلحية مادية وعدائية دينية.. فمن الناحية الدينية تكاد تذوب عدائية الغرب المسيحي لليهود أمام عدائيتهما معاً للإسلام والمسلمين، وسأعرض تالياً بعض النماذج من أقوال الطرفين التي تبين مبلغ عدائهما المشترك للإسلام. ومن الناحية المصلحية، فإن حركة الاستعمار الغربي كانت بحاجة إلى الصهيونية من ناحيتين أيضاً، فمن ناحية تقبض من اليهود الصهاينة ثمن أرض فلسطين التي ستمنحها لهم، ومن ناحية ثانية ستقوم بزرعهم كجسم ديموغرافي غريب وسط محيط عربي غالبيته من المسلمين، وستربط بين استمرار دعمها لهذا الجسم الكياني الغريب وبين استمرار قيامه بدور وظيفي مُحدَّد قابل للتطوير في المنطقة، هدفه الغائي هو حماية مصالح الغرب في الشرق الأوسط وصونها من أيِّ محاولة للإضرار بها مستقبلاً..
وربَّما انطلاقاً من هذا التصوُّر لدور إسرائيل، دفع الغربُ مستشرقيه ومبشريه، في البداية، إلى الترويج لوجود "صلة تاريخية" بين اليهود أرض فلسطين، ثم الترويج لما سُمِّيَ "حقهم في إقامة وطن قومي لهم" على تلك الأرض.. ومن اللافت أنَّ تيارَ الدعوة إلى التسامح مع قتلة المسيح قد سار مُزامِناً لخط تشجيع هجرتهم إلى فلسطين، وكانت هذه الدعوة تتنامى كلما تنامت مصالح الغرب في الشرق، حتى قام الفاتيكان أخيراً، بتبرئة اليهود من دم المسيح..
في ضوء جملة المعطيات السابقة، وبعيداً عن أيِّ مبالغة، ربَّما ليس خطأً القول: إنَّ الدور الوظيفي لإسرائيل كان السببَ الحقيقي لإيجادها، أصلا، ثم صار المُسَوِّغَ الأقوى لاستمرار دعم بقائها إلى الآن، وفي المستقبل. ولكي نستطيع أن ندرك أهمية هذا الدور، أرى إلقاء حزمة ضوء على طبيعته وعوامل تكونه، ثم على أهم أهدافه وآليات السعي إلى تحقيقها...[/align]


طبيعة الدور الوظيفي لإسرائيل وعوامل تكونه:

[align=justify]من المعروف أن إسرائيل لم تظهر ككيان سياسي بقدرات اليهود وحدهم، كما أن القوى الاستعمارية التي دعمت قيامها واستمرارها لم تفعل ذلك حبّاً باليهود، أو نتيجة القناعة بما اختلقوه، بموافقتها ومشاركتها، من ذرائع لإقامة كيان مستقل لهم فوق أرض فلسطين تحديداً؛ بل كان قيام إسرائيل تلبيةً، بالدرجة الأولى، لمطامع القوى التي أوجدَتْها، وخدمةً لأهداف هذه القوى ومصالحها، في المنطقة العربية..
ولعلَّ أقدمَ الإشارات إلى هذه الحقيقة التي تُعَدُّ جوهر الدور الوظيفي للكيان الصهيوني، تلك التي أَثْبَتَها (ثيودور هرتسل)، في كتابه (الدولة اليهودية) الصادر عام 1896، وذلك في معرِض رَبْطِه بين إقامة (دولة) مستقلة لليهود، وبين اختيار فلسطين كموقع لهذه (الدولة)، ثم بين كليهما والمصالح الاستعمارية لأوروبا في الوطن العربي؛ فقد قال، في وصفه المشهور لهذه (الدولة)، بأنها ستكون (جزءاً من حائط لحماية أوروبا في آسيا، يكون عبارة عن حصن منيع للحضارة في وجه الهمجية)(1)، محاولاً بهذا الوصف تمويه المهمة الحقيقية لهذه (الدولة) فوق أرض فلسطين، بإسباغ طابع حضاري عليها..
ولأنَّ هرتسل، وجميع مؤسسي الحركة الصهيونية، كانوا على يقين بأن أوروبا، أو أي قوة عالمية أخرى، لن تضمن وجود (الدولة اليهودية) دون مقابل، وأن الثمن الوحيد، لضمان وجود (الدولة) التي يتطلع إليها، هو قيامها بخدمة مصالح تلك الدول في المكان التي ستقام فيه، فقد أضاف مبيناً ماهية العلاقة التي يجب أن تكون بين هذه (الدولة) وقوى الاستعمار الأوروبي، فقال: (ويتوجب علينا كدولة محايدة ـ يقصد غريبة في المحيط العربي ـ أن نبقى على اتصال مع أوروبا التي ستضمن وجودنا بالمقابل)(2).... ثم ما لبث أن كشف طبيعة هذا الاتصال بصراحة، في محادثاته عام 1902، مع (تشمبرلين) وزير المستعمرات البريطاني واللورد (لاندزون) وزير الخارجية حين قال: (إن الإمبريالية البريطانية عندما ترعى الصهيونية سوف لا تكون أكبر فحسب، بإضافة مستعمرة غنية، وإنما سوف ينتمي عشرة ملايين يهودي إلى إنجلترا بقلوبهم، إذا هي قامت بمثل هذا........ فيكون لإنجلترا عشرة ملايين عميل من أجل عظمتها وسيطرتها، وهذا الولاء لابد أن يكون على الصعيدين السياسي والاقتصادي)(3).
وقد بنى هرتسل تصوره لدور (الدولة اليهودية) الوظيفي في خدمة مصالح القوى الاستعمارية، على خلفية قناعته بأن هذه القوى، في آسيا وإفريقيا، كانت على يقين بأن اللحظة الحاسمة التي عليها أن تغادر فيها البلدان التي تحتلها في هاتين القارتين آتية لا ريب فيها... ولذلك فعليها أن تَعُدَّ العدة، لاستمرار تأمين مصالحها في تلك البلدان، قبل قدوم تلك اللحظة...
في ضوء هذه الإشارات الواردة في كتاب هرتسل آنف الذكر، والتي نجد مثيلاً لها أو مشابهاً في كتابات غيره من مهندسي المشروع الصهيوني الأوائل، يمكن القول: إن جملة العوامل والأهداف التي تضافر مجموعها ليؤدي، في النهاية، إلى تَشَكُّلِ الصهيونية كفكرة أولاً، ثم كأيديولوجية، ثم كمشروع استعماري إحلالي تَمَّ اختيار فلسطين، دون غيرها، مسرحاً لتنفيذ مرحلته الأولى، متمثلةً بإقامة إسرائيل عام 1948، هي نفس العوامل والأهداف التي حددت طبيعة الدور الوظيفي لإسرائيل في المنطقة العربية وما يجاورها. وستتضح أكثر حقيقة التلازم بين أهداف القوى الاستعمارية من إقامة إسرائيل وأهداف الدور الذي أناطته تلك القوى بها، من خلال الإطلالة السريعة التالية على أهم العوامل التي صنعت تلك الأهداف لإسرائيل ودورها الذي يرى البعض أنه العقبة الحقيقية التي تمنع إسرائيل من الموافقة على صنع سلام عادل وشامل ودائم مع العرب.[/align]


أهم العوامل التي كونت أهداف القوى الاستعمارية من إقامة إسرائيل ورسمت لها دورها الوظيفي:

[align=justify]1) ما نجم عن اشتداد النزعة القومية بين شعوب القارة الأوربية، في القرن التاسع عشر الذي سُمي بعصر القوميات (4).. تلك النزعة التي أدَّت، في النهاية، إلى تحويل هذه القارة إلى دول قومية ذات حدود جغرافية واضحة، ومصالح اقتصادية متباينة غالباً، إضافة إلى ظهور عدد من الدول الجديدة فيها، على أساس قومي بالدرجة الأولى.
2) انتشار الثورة الصناعية وتعاظمها، في العديد من الدول الأوروبية، خلال هذا القرن، الأمر الذي أدى إلى بروز حاجة تلك الدول إلى مناطق نفوذ جديدة خارج حدودها، تَمُدُّ سيطرَتها عليها فتمتصّ منها المواد الخام اللازمة لمصانعها، وتحوِّلها إلى أسواق جديدة ومضمونة لتصريف منتجاتها؛ هذا فضلاً عن الحاجة إلى حماية طرق المواصلات البرية والبحرية بين أوروبا ومناطق النفوذ تلك..
3) تزامن هذه التطورات التي شهدتها القارة الأوروبية، بتأثير تعاظم الثورة الصناعية وتنامي النزعة القومية، مع تطورات من نوع آخر طرأت على أوضاع اليهود الموجودين فيها، وأحدثَت تغييرات نوعية بالغة التأثير في هذه الأوضاع، كان في مقدمتها، كَبْحُ تيار اندماج اليهود في مجتمعاتهم، هذا التيار الذي أحدثَتْه البروتستانتية، بعد نجاحها في تحطيم وصاية الكنيسة الكاثوليكية وسلطانها المطلق الذي ظلَّ مُهَيْمِناً على جميع مسيحيي العالم، حتى القرن السادس عشر، تاريخ ظهور هذه الحركة الدينية التي وُصفت بالتحررية...
ولعلَّ من أهم ما ساعد الصهيونية على هزيمة تيار الاندماج الذي دعت إليه بعض حركات اليهود العلمانيين مثل حركة (الهسكلاه) - وهي كلمة عبرية معناها ثقافة، أُطلِقَت على ما سُمِّيَ آنذاك "حركة التنوير اليهودية الأوروبية" - أنَّ التطور الصناعي السريع والواسع، في الدول الأوروبية، قد أدى إلى نموٍّ رأسمالي مماثل، برز فيه العديد من اليهود، بشكل واضح، في عالم المال، وخصوصاً في المجال المصرفي، إذ كان معظم مؤسسي البنوك الكبرى، في أوروبا، يهوداً.(5). وقد أدى هذا الوضع المستجد إلى ظهور موجة من الكراهية ضد اليهود على مستويين، مستوى الطبقة الرأسمالية المسيحية التي خشيت من منافسة اليهود لها في السيطرة على عالم المال، ومستوى الطبقات الفقيرة في أوروبا التي نظرت بعين الحسد لثراء بعض اليهود، واعتبرتهم مسؤولين عن تدهور أوضاعها الاقتصادية، ثم اتسع نطاق الكراهية هذا ليشمل يهود أوروبا بأسرهم مع أن أكثريتهم كانت تنتمي إلى نفس الطبقة الفقيرة، وخصوصا يهود أوروبا الشرقية. وقد استفادت الحركة الصهيونية من نمو هذه الكراهية لليهود، إلى أبعد الحدود، وخصوصا بعدما عملت على تغذيتها وزيادتها، فيما بعد، تنفيذاً لمخططاتها، ولاسيما في مجال الهجرة...
4) في ظل هذه الأوضاع المستجدة التي أحاطت باليهود في أوروبا، تَشَكَّلَ العامل الرابع الذي ساهم في ولادة المشروع الصهيوني، متمثلاً في ظهور عدد من المثقفين اليهود الذين لَفَتَ نظرَهم قيامُ دول أوروبية جديدة على أساس قومي، فبدأوا يتطلعون إلى إقامة دولة مماثلة خاصة بيهود العالم، تجمعهم في مكان واحد مستقل، وتُعتبر حلاً (قومياً) ذا بُعد عنصري(6) يكون بديلاً لاندماجهم وذوبانهم في المجتمعات التي يعيشون فيها. وسرعان ما تلاقى هذا التطلُّع الذي نما في أوساط بعض المثقفين اليهود، في أوروبا، مع تفكير قادة الدول الاستعمارية فيها، وجعل المسؤولين في تلك الدول يرون في هذا التطلع تفكيراً مقبولاً لسببين:
فمن ناحية، تتخلص الدول الاستعمارية من اليهود الموجودين فيها، وخصوصاً بعدما تزايدت الأصوات الأوروبية التي راحت ترتفع قوية، في تلك الفترة، داعيةً إلى تفريغ البلدان الأوروبية من يهودها غير المنتجين؛ ومن ناحية ثانية، يمكن استثمار فكرة توطين اليهود، في ما سُمي بـ (أرضهم الموعودة)، ضمن إطار المخطط الاستعماري لأوروبا الرأسمالية...
وهذا يعني أن الانعطاف الجديد في مسار الموقف الأوروبي من اليهود، لم يكن ذا خلفية دينية، هذه المرة، ولا فكرية، بل سياسية/ مصلحية تحكمها الدوافع والمصالح الاقتصادية ذات الطابع الاستعماري، بالدرجة الأولى... إذ يمكن للقوى الاستعمارية التي كانت أوروبية، في معظمها، آنذاك، أن تُوظِّف الدولة اليهودية التي ستقيمها، لحماية مصالحها الاستعمارية، في منطقة إقامتها.. ومن هنا كانت البداية في العلاقة التي ربطت بين مهندسي الفكرة الصهيونية من اليهود وغير اليهود أولاً، ثم بين هذه الفكرة وأرض فلسطين، ثانياً، التي تم اختيارها لإقامة "وطن قومي لليهود" من بين مناطق أخرى في العالم، مثل أوغندة والأرجنتين، في المؤتمر الصهيوني الأول الذي انعقد في (بال) بسويسرا عام 1897... وذلك بعد أن تم التلاقي بين تطلعات الاستعمارِيِّين الأوروبيِّين وتطلعات مؤسسي الصهيونية، في بؤرة الأطماع الأوروبية بالوطن العربي التي بدأت بالظهور، منذ بداية تعاظم الثورة الصناعية، في أوروبا، نظراً لما تحتويه الأرض العربية من ثروات طبيعية هائلة، من جهة، تعتبر جميعها من المواد الخام التي لا غنى عنها للصناعة الأوروبية، ولِمَا تشتمل عليه البلدان العربية من أسواق لامثيل لها لتصريف منتجات هذه الصناعة، من جهة ثانية، ولما تتمتع به هذه البلدان من موقع استراتيجي هام يجعل منها عقدة مركزية بين القارات الثلاث (آسيا وإفريقيا وأوروبا)، من جهة ثالثة... وهذا ما أوضحه المفكر الفرنسي (مكسيم رودنسون) بقوله: (إن تشكيل دولة إسرائيل على أرض فلسطين هو نتيجة لتطوُّر يمكن إدراجه تماماً في سياق حركة التوسع الأوروبية/الأمريكية الكبرى في القرنين التاسع عشر والعشرين، للإسكان، أو للسيطرة اقتصادياً وسياسياً على الشعوب الأخرى) (7)...
على هذا، وطمعاً في الإفادة من جميع الميزات آنفة الذكر للوطن العربي، بدأ التنافس بين القوى الاستعمارية لبسط نفوذها على بلدانه، فكان الاستعمار العسكري المباشر أولاً، ثم وجد قادة القوى الاستعمارية أنَّ الوسيلة الأفضل والأقل كلفة، تتمثل في إقامة كيان غريب في المنطقة يقوم بدور الحارس لمصالحها، ومن هنا تولَّدَت نقطةُ الالتقاء بين تطلعات بعض المثقفين والرأسماليين اليهود إلى إقامة دولة قومية لليهود في مكان ما من العالم، والقوى الاستعمارية التي رأت في فلسطين المكان الأمثل لإقامة هذه الدولة، فأقاموا إسرائيل فيها، ورسموا لها دورها الوظيفي على ضوء مصالحهم، وجعلوا استمرارها رهناً باستمرار أدائه..
إذاً، يبدو أنَّ الهدف الرئيس، وربما الوحيد، من إقامة إسرائيل هو نفس الهدف الرئيس لدورها الوظيفي، أي ضمان الهيمنة الاستعمارية على مقدرات الأمة العربية وثرواتها، واستنزاف طاقاتها لضمان استمرارية تبعيتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية وحتى الثقافية لدول الغرب الاستعمارية، وللوصول إلى هذا الهدف/الغاية، كان لابد أن يسبقه تحقيق هدفين استراتيجيين ينبغي أن يكون لِتَحَقُّقِهما صفة الديمومة والثبات، وهما:[/align]


أولاً، مَنْعُ قيام وحدة عربية من أيِّ نوع

[align=justify]فعلى الرغم من التنافس الاقتصادي الذي خلقته الثورة الصناعية بينها، أدركت دول أوروبا الاستعمارية، آنذاك، أنَّ تنافسَها هذا يجب أن لا يؤدي إلى الحيلولة دون اتفاقها على ضرورة بذل كل الجهود الممكنة لمنع قيام وحدة من أي نوع بين البلدان العربية، خشية أن تتطور هذه الوحدة إلى دولة عربية قوية تقف في وجه أطماعها ومخططاتها الاستعمارية...
وقد وجد قادة الدول الاستعمارية أن الوسيلة الأفضل لمنع قيام الوحدة العربية هي زرع كيان غريب بين الدول العربية.. فمن جهة يمكن توظيف هذا الكيان كمخفر متقدم لحماية مصالحها الاستعمارية في الوطن العربي، على أن يظلَّ أداؤه لهذا الدور الوظيفي هو الحبل السري الذي يمده بكلِّ أسباب البقاء والاستمرار الذي لابد أن يعارضه الشعب العربي؛ ومن جهة ثانية تتخلص الدول الأوروبية من يهودها على حساب غيرها؛ ومن جهة ثالثة، يوفر الارتباط الديني بين أرض فلسطين والمعتقدات الدينية التي يؤمن بها الكثير من يهود العالم عاملَ جَذْبٍ قوي يُشجِّعُ معظمَهم بالهجرة إلى فلسطين بدافع ذاتي، وهو ما أشار إليه هرتسل، بصراحة، في كتابه الدولة اليهودية، حين قال: (فلسطين هي وطننا التاريخي الذي لا يمكننا نسيانه، ومجرد الاسم هو صرخة جامعة عظيمة )(8).[/align]


ثانيا، منع قيام اتحادات أو تكتلات أو أحلاف بين أيِّ دولة أو مجموعة دول عربية، وبين أيٍّ من الدول غير العربية المحيطة بها،

[align=justify]وذلك خوفاً من أن تؤدي هذه التكتلات أو الأحلاف إلى تهديد مصالح القوى الاستعمارية في هذه المنطقة من العالم. وبالمقابل، تشجيع قيام مثل هذه الأحلاف والتكتلات بين إسرائيل والدول غير العربية في منطقة الشرق الأوسط. [/align]
[align=justify]على ضوء السعي لتحقيق هذين الهدفين، رسمت القوى الاستعمارية الدور الوظيفي لإسرائيل التي أوجدتها، وحددت لهذا الدور آليات تنفيذه ومهامه التي يمكن إيجازها بالنقاط التالية:[/align]

1ً ـ توليد الصراع في المنطقة على ثلاثة مستويات:

[align=justify]أ ـ صراع عربي/إسرائيلي.
ب ـ صراعات عربية/عربية.
ج ـ صراعات عربية/إقليمية مع الدول غير العربية المحيطة بالوطن العربي.[/align]


جعل ميزان القوى العسكرية في المنطقة راجحاً بشكل مطلق ودائم لصالح إسرائيل،

[align=justify]بحيث تظل متفوقة بما تملكه من أسلحة على ما تملكه الدول العربية مجتمعة. وذلك لتظل إسرائيل قادرة على القيام بمهمة حراسة المصالح الاستعمارية في الوطن العربي من جهة، ولتظل عامل تهديد فعال يمنع أي دولة أو مجموعة دول عربية من شقِّ عصا الطاعة على الاستعمار، أو محاولة الاستقلال عن سيطرته. وأبرز مثال على هذا النمط العدوان الثلاثي الذي شنته على مصر كلٌّ من بريطانيا وفرنسا وربيبتهما إسرائيل، حين أعلن عبد الناصر قراره بتأميم قناة السويس.[/align]

3ً ـ إفساد العلاقات بين الدول العربية وجيرانها في المحيط الإقليمي،

[align=justify]وعلى ضوء هذا التوجه يمكن تفسير العلاقات الخليجية/الإيرانية الدائمة التوتر قبل قيام ثورة الخميني وبعدها.. وكذلك فساد العلاقات العربية/التركية، وخصوصاً بين تركيا وكلٍّ من سوريا والعراق. وضَرْب العلاقات العربية/الهندية والعربية/الباكستانية.[/align]

4ً ـ شن الحروب المتتالية ضد الدول العربية المحيطة بإسرائيل،

[align=justify]لزيادة إنفاقها العسكري على نحو يؤمِّن استنزافاً دائماً لطاقاتها الاقتصادية والبشرية، ويَحُولُ بالتالي، دون تَوَجُّهِها لاستثمار ثرواتها وطاقاتها في مجال تطوير بناها الحضارية ورفاهية شعوبها.[/align]

5ً ـ توفير فرصة دائمة أمام قوى الاستعمار للتدخل في شؤون المنطقة بحجة التوسُّط في الصراعات الدائرة فيها،

[align=justify]سواء منها الصراع العربي/الإسرائيلي نفسه، أو الصراعات العربية/العربية، أو الصراعات العربية/الإقليمية، مما يكفل لتلك القوى استمرار الهيمنة على المسارات السياسية والثروات والطاقات الاقتصادية لدول المنطقة، ومساعدة إسرائيل في مهمتها بتوليد الصراع بين هذه الدول بدلاً من إنهائه...[/align]
[align=justify]وبعد، فهذه باختصار أبرز مهمات الدور الوظيفي المطلوب من إسرائيل استمرار القيام به لصالح القوى التي أنشأتها، ثم لصالح الولايات المتحدة الأمريكية التي ما تزال تمدها بكل أسباب الاستمرار والقوة إلى الآن...
ومن الواضح أن إسرائيل لا يمكنها التوقف عن أداء هذا الدور، لأنَّ تَوقُّفَها عن أدائه يعني تخلي القوى الاستعمارية عن دعمها في مختلف المجالات ولاسيما في المجالين الاقتصادي والعسكري. ولأنَّ مهمات دورها الوظيفي تُشكِّلُ النقيض الكامل لمفهوم السلام العادل والشامل والدائم في المنطقة، فمِمَّا يبدو مستحيلاً أن تقبلَ إسرائيل بتحقيق هذا النوع من السلام، لأنَّ تحقيقه هو النقيض لوجودها ومبرراته من وجهة نظر القوى التي تضمن هذا الوجود وتدعمه. وهذا لا يعني تبرئة القيادات الإسرائيلية من رفض السلام، وإلقاء كامل التبعية في هذا المجال على عاتق القوى الاستعمارية، بل لا بد من التنبه إلى أمر في غاية الأهمية، وهو أن إسرائيل ليست كياناً مستقلاً أصلاً عن هذه القوى، بل هي جزء منها وامتداد متقدم لها في المنطقة، الأمر الذي يقودنا إلى نفي الطرح السطحي المتضمَن في السؤال التالي:
إذا كانت إسرائيل مجرد ثكنة أو قاعدة عسكرية متقدمة للقوى الاستعمارية في المنطقة العربية، وأنها بمجرد توقفها عن القيام بدورها الوظيفي لصالح تلك القوى، تفقد مسوغ وجودها ودعمها، وتبدأ في رحلة الزوال، فلماذا لا يقوم بهذا الدور أي طرف عربي أو غير عربي من داخل المنطقة؟
إن تأكيد سطحية مثل هذا الطرح، لا ينبع من موقف مضاد لتعزيز العلاقات العربية مع الدول الاستعمارية في العالم، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، بل ينبع من طبيعة المنطق الناظم والمهيمن على العلاقة الخاصة جداً، العلاقة الوظيفية، بين تلك القوى وإسرائيل، وهو ما أشار إليه (جابوتنسكي)، بصراحة ووضوح تامين، في عبارته الشهيرة التي يقول فيها: (ليس في الشرق أفضل للغرب من الغرب نفسه، مُمَثَّلاً في إسرائيل). بمعنى أن حلول أي بديل آخر، من داخل المنطقة نفسها، مكان إسرائيل ليلعب دورها الوظيفي، سوف يُفْقِد القوى التي أوجدتَها الكثير من مبررات تدخلها في شؤون المنطقة العربية، ولو بصفة الوسيط، على الأقل، بين إسرائيل وأطراف الصراع معها، وهذا ما ترفضه تلك القوى رفضاً مطلقاً، وخصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية، الضامن الأول والرئيس، في الوقت الراهن، لوجود إسرائيل واستمرارها بوصفها ثكنة أمريكية متقدمة في الشرق الأوسط، وهو ما أشار إليه بإفاضة الباحث الفلسطيني (الدكتور الياس شوفاني) في كتابيه: (الثكنة تمرحل أهدافها)(9) و (العلاقة بين الثكنة والمركز)(10)...
وبعد، فمن مجمل ما سبق، وعلى ضوئه، ربَّما يجوز القول: إنَّ معظم ما تشهده المنطقة العربية حالياً، وتحديداً بعد ما عُرِف بـ (ثورات الربيع العربي)، ذو صلة وثيقة بدور إسرائيل الوظيفي في الوطن العربي.. وفي رأيي، قد يكون ما يجري مقدمةً لتنفيذ مخططات استعمارية تهدف إلى تقسيم بعض الدول العربية، وخصوصاً الدول التي يشملها مصطلح (الربيع العربي)، أي سوريا ومصر واليمن وليبيا وتونس بالإضافة إلى العراق الذي تمَّ تقسيمه فعلاً، ولكن دون إعلان.. بل ثمة معطيات أخرى كثيرة وأكيدة تُبيِّنُ أن مخططات التقسيم تنتظر دول الخليج، في مرحلة قريبة قادمة، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية..
وسأحاول، في إضافة تالية لهذا البحث، أرجو أن أنجزها قريباً، إلقاء ضوء على أهم مخططات التقسيم الاستعمارية والإسرائيلية الموضوعة للمنقطة العربية والتي تمَّ البدء بتنفيذ بعضها فعلاً..
وما دامت إسرائيل ضالعة في مخططات التقسيم تلك، بل واضعة لبعضٍ من أهمها، فقد لا يكون خطأً القول: إنَّ تحقيق ما يجري الكلام عنه من (تسوية شاملة وعادلة ونهائية) بين العرب وإسرائيل، ضَرْبٌ من الوهم أو المحال، في المنظورين الإسرائيلي والأمريكي بالإضافة إلى المنظور الأوروبي طبعاً.. وهذا بديهي جداً، لأن تحقيق مثل هذه التسوية، فضلاً عن كونه منافياً لطبيعة الدور الوظيفي لإسرائيل، فإنَّ تحقيقَها يعني تخلي إسرائيل، بِمَحْضِ إرادتها، عن مقومات وجودها ومسوِّغه الرئيس المتمثل بهذا الدور الذي يعتبر الحبل السري الذي يمدها بكل أسباب البقاء والاستمرار، وبالتالي، فإن توقفها عن أدائه يعني قبولها بالانتحار الطوعي، وهو ما لا يمكن أن تُقدِم عليه مقابل تحقيق السلام، بل مقابل أي ثمن مهما ارتفع...
[/align]


هوامش:

[align=justify]1 ـ الفكرة الصهيونية، النصوص الأساسية، ترجمة لطفي العابد وموسى عنز، سلسلة كتب فلسطينية ـ 21، إصدار مركز الأبحاث، بيروت، 1970، ص: 120.
2 ـ نفس المصدر السابق، ونفس الصفحة.
3 ـ الصهيونية والعنصرية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1977، المجلد الثاني، ص: 16.
4 ـ للتوسع في موضوع النزعة القومية في أوروبا، راجع:
أ ـ صبري جريس، تاريخ الصهيونية، ج1، 1862 ـ 1917، مركز الأبحاث، بيروت، 1977.
ب ـ كمال الخالدي، الأرض في الفكر الاجتماعي الصهيوني، 1948 ـ 1973، الاتحاد العام للكتال والصحفيين الفلسطينيين، ط1، 1984.
ج ـ بديعة أمين، المشكلة اليهودية والحركة الصهيونية، دار الطليعة، بيروت، ط1، 1974.
5 ـ صبري جريس، مرجع سابق، ص: 46.
6 ـ وهو ما أشار إليه الدكتور عبدالوهاب المسيري في معرض تحليله للعلاقة بين تنامي المشاعر القومية، في أوروبا إلى حد الانحراف إلى العنصرية، وخصوصا خلال القرن التاسع عشر، وبين الصهيونية وبدعة (اللاسامية) وذلك بقوله”كانت العنصرية إذاً من أهم الأطر المرجعية للحضارة والمجتمع الغربي في القرن التاسع عشر، وقد ولدت الصهيونية داخل هذا الإطار، وكان لابد أن تتأثر به وتستفيد منه، فالرجل الأبيض المتفوق له حقوق متميزة، والصهيونية التي تبنت الحل الاستعماري كان لابد وأن تتبنى النظرة العنصرية أيضا، لأنهما وجهان لنفس العملة”) عبد الوهاب المسيري، الحركة الصهيونية، مجلة عالم الفكر، المجلد/14/، العد/1/، 1983، الكويت، ص: 39.
7 ـ مكسيم ردودنسون، إسرائيل واقع استعماري، ترجمة إحسان حقي، منشورات وزارة الثقافة بدمشق، 1967، ص: 115.
8 ـ الفكرة الصهيونية، مصدر سابق، ص: 120.
9 ـ د. الياس شوفاني، الكيان الصهيوني: الثكنة تمرحل أهدافها، مركز الدراسات الفلسطينية، ط1، 1990.
10 ـ د. الياس شوفاني، العلاقة بين الثكنة والمركز/الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية، دار الحصاد للنشر والتويع، دمشق، 1992، ط1.
[/align]

محمد الصالح الجزائري 25 / 09 / 2016 56 : 01 AM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
[align=justify]الباحث والأديب الدّكتور الصواف..مداخلتان قد تغنيان عن كثير من الأبحاث..أجبتَ عمّا كان يدور في أذهاننا من تساؤلات ..حتى الهوامش هي في غاية الأهمية لمن أراد الاستزادة أكثر..شكرا لك ..محبتي التي تعرف..[/align]

هدى نورالدين الخطيب 21 / 10 / 2016 00 : 09 PM

رد: اكتمال دائرة الإنهيار والتفتت- - ملوك طوائف الأندلس والأقطار العربية
 
[align=justify]تحياتي
لم أنس طبعاً هذا الملف وسأتابع رفده بإذن الله في أقرب فرصة ..
حتى يكتمل.
شكراً[/align]


الساعة الآن 42 : 04 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية