منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   بلاد الشام والعراق (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=108)
-   -   صحابيون يتامى من أصل بعثي (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=10961)

هيا الحسيني 17 / 06 / 2009 18 : 09 AM

صحابيون يتامى من أصل بعثي
 
صحابيون يتامى من أصل بعثي

(إذا طعنت من الخلف فاعلم أنك في المقدمة)مثل عالمي

صلاح المختار
تلقيت الكثير من الرسائل منذ عام 2004 أرسلها لي مواطنون عرب وأجانب ، من أور
وبا وأمريكا الشمالية واستراليا ، وكان السؤال المشترك والمتكرر فيها هو : ما هو السر الذي جعل البعث يبقى ويتجدد ويتسع شعبيا وتنظيميا ويحمل السلاح ويقاتل الغزاة ، رغم انه تعرض لحملات إبادة لم يتعرض لها إي حزب أو جماعة في الوطن العربي وفي اغلب بلدان العالم وكان يعتقد في كل منها انه زال وأبيد ؟ والبعض تسائل أيضا في رسائله : لم زالت أحزاب وطواها النسيان ، بعضها كان أقدم من البعث وبعضها كان اكبر من البعث تنظيميا ، وبعضها كانت لها عقائد معروفة ، وبقي البعث كالعنقاء ينبعث من رماده كلما احرق وأبيد الآلاف من مناضليه ، ويقدم للشعب العربي أجيالا من القادة العظام كلما اغتيل القادة أو ماتوا ، ويغذ السير على طريق تحرير الأمة العربية وبناء حضارتها الجديدة تحت راية الله اكبر ؟
هذا السؤال المتكرر يدور ، دون ادني شك ، حول هوية البعث والتي تحدد حقيقته ومكوناته ( الجينية ) وأسرار بقاءه رغم الحملات الدموية الشاملة والمتكررة التي شنت ضده في العقود الخمسة الماضية ، خصوصا حملات أمريكا وإيران والكيان الصهيوني التي اتخذت ، في أخر طبعة لها ، شكل غزو مشترك ، أمريكي – إيراني – صهيوني ، للعراق في عام 2003 وتنفيذ اخطر وأوسع هولوكوست ضد الأمة العربية هو هولوكوست البعث ، كانت ابرز مظاهره وصول عدد شهداء البعث إلى أكثر من 150 إلف شهيد بعد غزو العراق فقط ، وهي خسارة لم يتعرض لها إي حزب أو جماعة عربية على الإطلاق ، بل انه رقم اكبر من أعضاء إي حزب في الوطن العربي ، دون أي استثناء ، واكبر من عدد أعضاء كل الأحزاب في العراق سواء كانت عميلة أو وطنية ، قديمة أو حديثة .
إن الأسئلة مهمة جدا وموحية بعمق والجواب عليها يقدم للعالم الحقيقة الكاملة حول طبيعة البعث وهويته الحقيقية التي أراد العدو المشترك التعتيم عليها ، بعد إن فشل في تزويرها عبر خطة معروفة وشهيرة أطلقت عليها تسمية ابليسية هي ( شيطنة البعث ) تقوم على تشويه صورته بنسج الأكاذيب حوله وترويجها على نطاق واسع ، مع حرمان البعثيين وأصدقاءهم من حق الدفاع والرد . لذلك فان أفضل طريقة للاحتفال بالعيد الثاني والستين لميلاد البعث هي إهداء هذا التحليل ، الذي يوضح أسباب خلود البعث وانبعاثه كلما جرت محاولة لاغتياله ، إلى محبي البعث في الوطن العربي وأصدقاءه في العالم ، ومن لديه فضول كبير مشروع حول تفسير سر بقاءه وتجدده وانبعاثه كلما ظن البعض انه اغتيل أو دفن .
من هم أعداء البعث ؟
لكي نفهم الطابع الاستثنائي والفريد لقوة من يعادي البعث علينا إن نعيد التذكير بهم : إن أعداء البعث ، وكما أثبتت التجربة التاريخية في نصف القرن الماضي ، هم الغرب ( الولايات المتحدة الأمريكية وأوساط أوربية نافذة خصوصا بريطانيا ) والصهيونية العالمية والنخب الفارسية الحاكمة في إيران ، ومن يتبع هؤلاء من عرب وعجم . وبما إن الغرب والصهيونية تمثلان أعظم قوى العصر الحديث ، عسكريا وأشدها شراسة سلوكيا وأكثرها تقدما علميا وتكنولوجيا وثراء ، فان عراق البعث واجه ، والبعث بعد احتلال العراق يواجه ، حربا شاملة ومستمرة هي الأشرس والأخطر والأصعب في التاريخ كله ، يشنها عليه تحالف قوى مضادة يتكون من حوالي أربعين دولة عظمى وكبرى ووسطى وصغرى ، وهو تحالف يملك الثروة الأعظم في العالم ، ولم يواجه أي طرف أخر أو دولة أو تحالف دول في التاريخ كله مثل هذا التحالف على الإطلاق من حيث سعته وقوته وتفوقه ، فلا النازية ولا الشيوعية ولا الفاشية واجهت أعداء بهذا العدد وبهذا التقدم وبهذا الثراء وبهذه القوة العسكرية الجهنمية وبهذا التقدم التكنولوجي المذهل .
إن القوى التي حاربت النازية والفاشية والشيوعية اقل بكثير واضعف أكثر من التي حاربت وتحارب

العراق ومن يريد إن يفهم الحقيقة المخفية التي تحرك الصراع الرئيسي في منطقتنا وهو الصراع العراقي - الأمريكي لابد له من الانتباه إلى ما سبق وقلناه ، وإذا كان هناك من يشك بصحة ذلك ليقدم لنا مثالا واحدا عكس ما قلنا .
منذ عام 1991 وجد العراق بقيادة البعث نفسه في مواجهة مصيرية مع أعظم قوة في التاريخ ، وأكثرها وحشية وعنفا وسفكا للدماء ، وهي الولايات المتحدة الأمريكية ، مدعومة بأغلب أوربا ، وبدول أسيوية وافريقية وأمريكية لاتينية عديدة وبقدرات الصهيونية العالمية ، وبمنظمات دولية وإقليمية كالأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ، وبحقد إيراني عنصري توسعي . هذا التحالف الدولي – الإقليمي الأكبر والأقوى والأعظم في كل التاريخ الإنساني شن حربا شاملة على العراق ما زالت مستمرة رغم مرور 18 عشر عاما على اندلاعها. مرة أخرى نذكر بان الحلفاء والمحور ، وهما الطرفان اللذان تحاربا في الحرب العالمية الثانية ، لم يكونا بقوة وباتساع التحالف الذي تكون ضد عراق البعث ، عدديا ونوعيا ، رغم إن الحلفاء والمحور كانا يتكونان من دول متقدمة تحكمت في العالم وقتها ، خصوصا بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة من الحلفاء ، وألمانيا واليابان من المحور .
إن السؤال المهم هنا هو : ماهر وزن العراق السكاني والمالي والصناعي والعسكري والتكنولوجي مقارنة بوزن ألمانيا واليابان اللتان خاضتا الحرب الحرب العالمية الثانية ضد الحلفاء في حرب استمرت أربعة سنوات ؟ إن الجواب واضح وهو إن العراق كان قطرا ناميا ، صغير عدديا محدود الإمكانيات المادية مقارنة بالتحالف الدولي والإقليمي الذي حاربه ، ولا يملك قاعدة صناعية متطورة ولا موارد ضخمة غير النفط ، ولا حلفاء إقليميين ودوليين ، ومع ذلك خاض الحرب لمدة ثمانية عشر عاما وصمد وغير وجه العالم بصموده في الصفحة الثانية من الحرب الطويلة وهي صفحة حرب العصابات التي بدأت بدخول القوات الدولية الضخمة ارض العراق في عام 2003 .
هل هذا كل شيء ميز عظمة عراق البعث ؟ كلا فالمتحاربين في الحرب العالمية الثالثة ضد العراق استخدموا أسلحة وخدمات تكنولوجية متقدمة جدا تعد تكنولوجيا وأسلحة الحرب العالمية الثانية مقارنة بها أسلحة وتكنولوجيا بدائية جدا . كان القمر الصناعي ومازال هو رمز الحرب الحديثة حيث تدار المعارك عبره وبواسطته ، وتطلق الصواريخ وتوجه الطائرات به ، وتحدد مواقع العدو بدقة بنظاراته ، ولو أن فرنسا أو أمريكا واجهتا طرفا يملك أسلحة مشابهة لما ملكته أمريكا ، واستخدمته بكامله ضد العراق ، لكان بالإمكان تصور هزيمة فرنسا في يومين وأمريكا في 3 أيام ، كما اعترف قادة إستراتيجيون أمريكيون وأوربيون ، وكما تؤكد كل الوقائع الميدانية .
إذن الحرب العالمية الثالثة المستمرة حتى الآن منذ 18 عاما ، التي تدور بين العراق وتحالف دولي وإقليمي ضخم جدا ، تطرح تساؤلات منطقية لا يجوز لمن يمتلك ذرة موضوعية أن يقفز من فوقها وهي : مالذي جعل هذا التحالف الدولي والإقليمي يقف ضد العراق ويصر على محاربته كل هذا الزمن ، معرضا العالم برمته للاضطرابات الخطيرة ، وأهمها مؤخرا الانهيارات المالية العالمية وتحطم سمعة أمريكا والغرب عموما نتيجة الوحشية المتطرفة في التعامل مع العراق ، والفشل الفضائحي في دحر المقاومة العراقية الباسلة ؟ هل العراق تحت قيادة البعث دولة عظمى ونووية ؟ هل عدد سكانه وحجم موارده يوازي عددا وموارد من يحاربونه ؟ وهل هو متطور عسكريا وتكنولوجيا بحيث يحفز ذلك التحالف المضاد له لخوض حرب هي الأكثر تكلفة في تاريخ الحروب كلها ؟ لقد قدرت تكلفة الحرب على العراق بحوالي 3 – 4 تريليون دولار حسب عالم اقتصاد أمريكي حصل على جائزة نوبل ، وحرب فيتنام ، وهي أكثر حروب الاستعمار الأمريكي تكلفة ، لم تصل تكلفتها إلى تريليون واحد !
أن العراق قطر صغير سكانه عددهم 26 مليون نسمة ، بقدر سكان ولاية كاليفورنيا الأمريكية تقريبا ، وموارده اقل من موارد كاليفورنيا ، وتطوره العسكري محدود جدا مقارنة بتطور أمريكا ، لذلك يبقى السؤال المحير لمن لا يعرف هو لم هذا الحرب المستمرة ضد العراق إذن ؟ لم هذه التكلفة الفريدة التي تتجاوز كثيرا حسابات أمريكا اخذين بنظر الاعتبار أن الحروب بالنسبة لأمريكا هي حروب نهب ولصوصية وليست حروب استنزاف لها ؟
والسؤال الآخر المهم هو : هل أمريكا وبريطانيا وإيران بشكل خاص ، وهي ابرز القوى التي تحارب العراق منذ عام 1991 ( إيران ابتدأت الحرب على العراق ، بتشجيع ودعم أمريكي
– صهيوني أصبح ثابتا الآن ، في عام 1980 كممهد للحرب العالمية الثالثة ) ، تخوض حربا ( عبثية ) ضد العراق لا هدف لها ولا فهم لكوارثها وخسائرها ؟ أم أنها تدرك ما تفعل وتقدم التضحيات الضخمة في سبيل أهداف كبيرة وذات طبيعة إستراتيجية تتعلق بمستقبل النظام الاستعماري العالمي ؟ كما أن سؤالا آخرا مهما يفرض نفسه وهو : لم تتحد أمريكا وإيران وتتعاونان ضد العراق رغم ادعاءهما وجود تناقضات كبيرة بينهما ؟ إلا يعني ذلك عمليا أن عراق البعث تعده أمريكا العدو الأول لها وليس إيران ؟ إلا يعني هذا أن العراق تعده إيران العدو الأول لها وليس أمريكا ؟
هل يوجد أصدقاء دوليين للبعث ؟ هذا السؤال مهم أيضا فكل القوى التي تحاربت في العصر الحديث كان لها حلفاء ولم تقم حربا عالمية على الإطلاق ضد دولة واحدة ، ومع ذلك فان الواقع يشهد أن عراق البعث يخوض حرب الوجود العربي منفردا ، وهي حرب عالمية منذ 18 عاما لم يسبق لها مثيل أبدا ، بلا حلفاء ولا أصدقاء حقيقيين .
ومن حق من انتبه لما سبق أن يطرح سؤالا منطقيا وهو : هؤلاء البعثيون ( اليتامى ) عربيا وعالميا هل كان بإمكانهم الصمود وتحقيق الانتصارات بالمقاومة المسلحة لو لم يكونوا صحابة العصر الحديث الذين يذكروننا بصحابة الرسول محمد ( ص ) وتضحياتهم وبطولاتهم وتنكرهم للذات ؟ وهل كان بإمكان صحابة العصر الحديث ، وأنموذجهم الأول سيد شهداء العصر الصحابي الجليل صدام حسين ، تحقيق الانتصارات وإيصال أعظم القوى في التاريخ الإنساني إلى الانهيار والهزيمة العسكرية لولم يكن الشعب العراقي قد تبناهم ودعمهم بلا حدود ؟
هنا نتوقف عند تساؤل أخير : لم يتعرض البعث لحروب وتحديات لم تتعرض لها أي قوة أو دولة أو حزب في التاريخ ؟ ما لذي فعله البعث كي يحتل هذه المكانة في الصراعات الدولية والإقليمية ؟
مميزات البعث
إن الأجوبة على الأسئلة والتساؤلات السابقة نجدها في مبادئ البعث وعقيدته وفي سياسات البعث ومانفذه في العراق إثناء حكمه له في الفترة بين 1968 و2003 وأهمها ما يلي :
1 – أمم النفط وبذلك مس ( قدس الأقداس ) بالنسبة للقوى الاستعمارية الغربية التي كانت تنهب نفط العراق ولا تعطي لشعبه سوى حصة تافهة ، ويحدد تفاهة هذه الحصة السيد تايه عبدا لكريم وزير النفط العراقي الأسبق بالقول إن موارد العراق من النفط قبل التأميم كانت حوالي 400 مليون دولار وأصبحت بعده أربعين مليار دولار ! إن تأميم النفط عد من قبل القوى الاستعمارية الغربية اكبر تحد لها ولمصالحها غير المشروعة في الوطن العربي لأنه أعاد المال للشعب العراقي ، فاستحق العراق من وجهة نظرها أن يعامل كعدو خطير .
2 – سخر البعث موارد النفط لإعادة بناء الإنسان العراقي ثقافيا وعلميا وتكنولوجيا واجتماعيا وعسكريا ، فتقدم العراقي إلى العرب والعالم بعد سنوات إنسانا مختلفا عن الإنسان التقليدي في العالم الثالث حيث الاعتماد الطفيلي على الغرب ، والتبعية التامة له. عراق البعث بفضل ثروة النفط أصبح متقدما وخاليا من الفقر والأمية والتعليم فيه مجاني كليا وإلزامي ، والطب العلاجي والوقائي يقدم لكل إنسان بلا ثمن . والأخطر ان موارد النفط مكنت البعث من إنشاء أعظم واخطر جيوش العرب وهو ( جيش العلماء والمهندسين والفنيين ) الذي قدر عدد أفراده ديفيد كي ضابط المخابرات الأمريكية ورئيس فريق التفتيش النووي بأربعين ألف مؤهل . بنشوء هذا الجيش في العراق أدرك الغرب ان عراق البعث تجاوز كل الخطوط الحمر التي وضعها هو والصهيونية للعرب ، وأهمها منعهم من الحصول على العلوم الحديثة والتكنولوجيا المتقدمة ، كي يبقوا تابعين وطفيليين لا دور بارز لهم في العالم .
3 – رسخ البعث التزام الشعب العراقي التقليدي بالرابطة القومية العربية وناضل من اجل الوحدة العربية ، وخصص جزء من ثروته للعرب الفقراء ، ووضع خطط تنمية عربية تكاملية تمهد لقيام دولة الوحدة العربية ، وأصر على رفض التفريط بحقوق العرب في فلسطين وأهمها تحريرها من البحر إلى النهر.

وهكذا مس قدس أقداس الصهيونية التي عدته العدو رقم واحد.
4 – وضع البعث أسس مجتمع عادل يتجه نحو الاشتراكية التي تكفل منع عودة الفقر والأمية بعد إزالتهما كليا من العراق ، وجعل العدالة الاجتماعية تتمثل في دولة الخدمات المجانية أو شبه المجانية ، ورفض العبودية الطبقية وكافة إشكال الاستغلال. لقد طور البعث مفهومه القومي للاشتراكية الذي فصل الاشتراكية عن الإلحاد وجعل الإيمان مكون أساسي للفكر الاشتراكي – القومي. وهكذا قدم البعث اشتراكية تجتذب الفقراء وتعزز إيمانهم الديني بنفس الوقت، فحل التناقض المفتعل بين الاشتراكية والإيمان الذي وقعت في فخه الشيوعية.
5 – اعد البعث الشعب العراقي لمواجه القوى المعادية فسلحه بالثقافة القومية من جهة ، ودربه على القتال بكافة أشكاله من جهة ثانية فامتلك العراق حوالي عشرة ملايين عراقي مدرب على حروب الشوارع والعصابات وأصبح في كل بيت عراقي أكثر من قطعة سلاح ، هكذا طبق البعث مفهوم الشعب المقاتل بكامله ، وجعل من العراق قوة جبارة معنوية وعسكرية .
بهذه الخطوات التاريخية أحدث البعث انقلابا جذريا في أوضاع العراق وكانت ابرز نتائجه تحرير الإنسان العراقي من كافة أنواع الاستغلال ومعوقات النهضة والتقدم والإبداع الحضاري ، ورسخ الدعوة القومية العربية ، بإضافة أساس مادي متين لها أبعدها عن الضبابية والشعارات العامة ، وأسس قاعدة صلبة وقلعة حصينة للدفاع عن حقوق العرب في الأراضي المحتلة خصوصا في فلسطين والأحواز . لقد ولد المارد العربي الجبار القادر على تحقيق حلم الآباء والأجداد في قيام دولة عربية واحدة من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي ، قوية ومتقدمة تربط الماضي العظيم للعرب بواقعهم الحالي .
وهذا الانقلاب الجذري والثوري في العراق الحر اصطدم باستراتيجيات ثلاثة أطراف مهمة :
أ – اصطدم بالمطامع الاستعمارية لأمريكا وبريطانيا وغيرهما ، لان استعادة الثروة بتأميم النفط يعد ضربة رئيسية للقوى الاستعمارية ، وبما أن المطامع الاستعمارية أساسية وجوهرية ولا يمكن الاستغناء عنها ، وما ( مبدأ كارتر ) إلا التعبير العملي عن أهمية الخليج العربي والجزيرة العربية والعراق والذي يقوم على اعتبار النفط العربي خطا أمريكيا احمرا إذا مس تتدخل أمريكا فورا ، فان التأميم والاستقلال الاقتصادي العربي عد إعلانا للحرب على الاستعمار من قبل العراق .
ب – اصطدم بالمخططات الصهيونية والتي قامت على احتلال فلسطين لتكون منطلقا لغزو المنطقة بين الفرات والنيل وتأسيس إمبراطورية صهيونية تتحكم بالوطن العربي كله ، انطلاقا من منطقة الثراء والخير والخصب المحصورة بين الفرات والنيل ، فالعراق القوي الملتزم بتحرير فلسطين يسقط المخطط الصهيوني ويوقف عملية تعاقب خطوات توسعه نحو إقامة ( إسرائيل التوراتية ) ، ثم يحاصر الاحتلال في فلسطين كمقدمة لتحريرها كليا . عراق البعث عزز الميزة العراقية المعروفة وهي أن العراق لم يعترف بالكيان الصهيوني لا مباشرة ولا ضمنا ، وتقدم خطوات إستراتيجية كبيرة أهمها إقامة كيان وطني تتحكم به الهوية القومية العربية مما جعل تحرير فلسطين مهمة وطنية عراقية وليس فقط القضية القومية المركزية .
ج – اصطدم بالمطامع التوسعية للاستعمار الإيراني الذي بنى إستراتيجيته على السيطرة على العراق والاندفاع منه لاقتطاع أراض عربية وتدمير أي محاولة لتحقيق نهضة عربية عصرية، فالعراق القوي والمتقدم يساوي حرمان إيران من التوسع على حساب العرب.
د- اصطدم بالسياسات الاستعمارية الغربية التي قامت منذ مطلع القرن العشرين على منع تحقيق أي نوع من أنواع الوحدة والتضامن العربي ، منذ سايكس بيكو الأولى التي قسمت الأمة إلى أقطار ، إلى سايكس بيكو الثانية التي بدأت مع وصول خميني للسلطة وقامت على تقسيم الأقطار العربية على أسس طائفية دينية وعنصرية ، لان وحدة العرب وتقدمهم يضمن لهم ردع من يريد التوسع على حسابهم أو احتلال أراضيهم ، أو نهب ثرواتهم ، ويمكّن العرب من لعب دور عالمي وإقليمي رئيسي وفعال يسمح لهم بالمشاركة في قيادة العالم وتحديد توجهاته وانجازاته الحضارية .
ما معنى هذه الاصطدامات عمليا وتاريخيا ؟
البعث حركة تاريخية عظمى
ابتدأ البعث حركة تاريخية لكنه تطور وأصبح حزبا عظيما منظما تنظيما راقيا قل نظيره . والآن البعث يعود حركة تاريخية ولكنه يبقى حزبا تاريخيا في نفس الوقت
. لنفسر هذه الفكرة المهمة جدا .
1 – حركة البعث كانت فجر البعث حيث بدأت الدعوة للبعث بصيغة نشاط فكري مهد للعمل التنظيمي وتأطير الجماهير. لقد بدأ المرحوم القائد المؤسس احمد ميشيل عفلق عمله هو ورفاقه المؤسسين الأوائل بتوضيح معنى البعث ورسالته وضرورته وأساليب تحقيق الانقلاب البعثي المطلوب . وبعد بضع سنين وجدت حركة نخبوية جديدة في النصف الثاني من أربعينيات القرن العشرين تدعو للبعث بروح رومانسية نقية وبزخم هائل مكنها من اكتساح الشارع السوري أولا ثم الشارع العربي في المشرق ، خصوصا في العراق والأردن ولبنان ثانيا . لقد انتمى البعثيون الأوائل طربا وانتشاء بوجود حركة جسدت أحلام الأجداد في قيام الوحدة العربية والتحرر والإسهام في الحضارة الإنسانية ، ولذلك كان البعثي الأول حالما بقد ماكان مناضلا .
2 – بوضع دستور الحزب ونظامه الداخلي وتحول النشاط التبشيري البعثي من مرحلة الإعداد إلى مرحلة الجهاد ، انتقلت الحركة من حركة تاريخية إلى حزب تاريخي تحكمه مؤسسة التنظيم القوي ، المستند على قواعد جماهيرية كبيرة فرضت عليه أن يضع تقاليد تنظيمية صارمة وسرية غالبا لأنه كان ومنذ بداية دعوته القومية – الاشتراكية يحارب من قبل الأنظمة العربية . لقد بدأ العمل بالانتقال من الأهداف النظرية إلى التطبيق ، وبرزالبعث حزبا سريا زاحم من سبقه وأثار مخاوف الأنظمة العربية الفاسدة ، ثم تصدر ساحة النضالين الوطني في اغلب الأقطار العربية والقومي العربي .
في المرحلتين التاريخيتين ، مرحلة الحركة ومرحلة الحزب ، كان البعث يجتذب الشباب العربي بسحر شديد القوة ، فهذا الوليد الجديد يجمع داخله ماوجد متناثرا كتناثر الأمة في عدة أحزاب منفصلة وربما متناحرة ، فهو حزب قومي لأنه يدعو للوحدة العربية بصفتها شرط نهضة وقوة الأمة العربية ، وهو حزب قطري لأنه يناضل من اجل حل القضايا القطرية في قطر عربي ، وهو حزب اشتراكي لأنه يؤمن بان الاشتراكية هي وحدها القادرة على تحرير الإنسان من عبودية العوز والفقر والفوارق الطبقية الكبيرة ، وهو حزب ديمقراطي لان الديمقراطية هي الضمانة الضرورية لمشاركة الجماهير في تقرير نوع الحكم وسياساته .
لقد جمع الحزب في هويته ومبادئه الخصائص المميزة للأحزاب الرئيسية التي كانت قائمة عند ظهوره ، فلقد تجاوز الأحزاب والحركات القومية المجردة من الفكر والأهداف الاجتماعية كالاشتراكية ، وتجاوز الأحزاب الشيوعية لأنها كانت اشتراكية لكنها لا قومية تحركها رابطة أممية ، وتجاوز واحدة من أهم مثالب الشيوعية وهي الإلحاد فأكد البعث انه حزب مؤمن وان الإسلام هو روح العروبة ، وتجاوز الأحزاب الوطنية القطرية لان مهامه كانت قطرية لكنها محكومة بالإطار القومي العام ، وتجاوز الأحزاب الديمقراطية والليبرالية لأنه اعتمد ديمقراطية شعبية تتناسب مع أوضاع الأمة العربية .
البعث بهذا التوصيف النظري وبهذا التحديد العملي جمع كل المهام والوظائف والأفكار التي توزعت على أحزاب مختلفة قبل نشوءه : فهو في ان واحد حزب وطني قطري ، كالحزب الوطني الديمقراطي في العراق وحزب الوفد في مصر ، وهو حزب قومي عربي كحزب الاستقلال في العراق لكنه يملك تنظيما قوميا على المستوى العربي وهو ما لم يكن حزب الاستقلال يملكه لأنه كان حزبا قوميا في قطر واحد ، وهو حزب اشتراكي لكنه قومي الحدود الجغرافية وليس امميا كالأحزاب الشيوعية ، وهو حزب اشتراكي لكنه حزب مؤمن بالله ورسله وليس ملحدا كالحزب الشيوعي فابعد الاشتراكية عن الإلحاد وجعلها موقفا إيمانيا يستند على روح الإسلام ، وعزل الأحزاب الاسلاموية التي كانت تريد تمييع هوية الأمة العربية القومية وتكفير القوى القومية ، وهو حزب ديمقراطي شعبي لذلك جعل من الديمقراطية قوة جماهيرية هائلة تخدم أهداف التحرر من الاستعمار وتحقيق الوحدة العربية وبناء الاشتراكية واخرج الديمقراطية من قوقعة الجدل البرلماني فقط .
هذا الحزب الفريد الهوية مثّل تطلعات وطموحات الجيل العربي بغالبيته الساحقة
لأنه غطى كل مطامح وتطلعات ورغبات واهتمامات وآمال الشعب العربي ، وتجاوز بقية الأحزاب التي لم تفهم طبيعة المشاكل في الوطن العربي ، وهي مشاكل متعددة ومركبة ولا يجوز أن تختصر بهدف واحد أو اثنين منها . هذه التوليفة البعثية الرائعة كانت على مستوى العمل تحديا كبيرا وخطيرا لأنها وضعت البعث أمام عداء أطراف متعددة داخلية ، وهي الأنظمة الفاسدة التي رأت فيه تهديدا لوجودها في السلطة ، وللقوى الإقليمية الطامعة في الأرض والثروات العربية وأهمها وأخطرها إيران ، والقوى الاستعمارية التي وجدت في الوطن العربي ثروات هائلة لابد من السيطرة عليها ، وللقوى الصهيونية التي قررت إقامة كيان يهودي في فلسطين وطرد شعبها .
هل نسينا تحديات أخرى واجهها البعث ؟ كلا فالأحزاب العربية التي كانت موجودة قبل البعث وجدت في البعث نفيا لمبرر وجودها بعد أن برز حزب يحمل نفس أهدافها ومبادئها ، فالقومي العربي القطري كحزب الاستقلال وجد في البعث حزبا قوميا استولى على الكثير من كوادره وضمها إلى صفوفه في نهاية الأربعينيات ومطلع الخمسينيات ، والاشتراكي الاممي كالشيوعي وجد في البعث حزبا اشتراكيا لكنه قومي الحدود الجغرافية وإيماني النزعة لذلك استقطب المثقفين الثوريين وذوي النزعات الاشتراكية وضمهم إلى صفوفه ، فوجدت الأحزاب الشيوعية أن البعث يشكل نفيا لمبرر وجودها . والأحزاب الاسلاموية وجدت في البعث قوة هائلة الجذب للشباب لانها إيمانية وتحمل رسالة خالدة روحها الإسلام لكنها قومية الهوية واشتراكية العقيدة الاجتماعية ، فأصبح البعث ضوءا يكشف الخلل في الأحزاب الاسلاموية . والأحزاب الديمقراطية والليبرالية وجدت في البعث بديلا جذابا عنها لأنه واقعي ويفسر الديمقراطية وفقا لظروف الوطن العربي وخصوصياته، لذلك أصبح الحديث عن الديمقراطية والليبرالية محض لغو فارغ في ظل وجود حزب شعبي كبير يناضل من اجل الديمقراطية الحقيقية.
هؤلاء جميعا أدركوا أن البعث يلغي مبرر وجودهم عمليا حتى لو لم يفصح عن ذلك كلاميا ، وبالفعل فان الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي شهدت البعث وهو يكتسح الأقطار العربية ويحل عمليا محل اغلب الأحزاب التقليدية التي سبقته في الوجود ، أما بزوالها التلقائي كحزب الاستقلال في العراق الذي صار حزبا لبضعة أفراد قبل وفاته بعد أن انضم اغلب كادره إلى البعث ، أو بتقلص فرص انتشارها وتحولها من أحزاب رئيسية إلى أحزاب ثانوية القوة والدور كالأحزاب الشيوعية العربية التي لعب البعث الدور التي كانت تلعبه وهو دور المناضل من اجل الاشتراكية .
موضوعيا وعاطفيا هذه القوى ، أو بعضها او افراد منها ، نظروا الى البعث بصفته طرفا استولى على دورهم وصادر طموحاتهم واضعف او الغى أهليتهم السياسية ، لذلك ناصبوه العداء رغم ان هذا الموقف خاطئ وطنيا ومدان اخلاقيا .
وثمة عامل مضاف كان له دور مزدوج ومتناقض وهو ان البعث بعد الغزو لم ينجح فقط في تحمل اثار الهولوكوست الذي تعرض له والنهوض مجددا وهو يحمل السلاح ويشكل اعظم مقاومة مسلحة في التاريخ بل هو ايضا عاد حركة تاريخية فتية تمتزج فيها الورمانسية بالعمل . البعث اليوم يشهد اعظم تدفق جماهيري للانضمام اليه في العراق وفي الوطن العربي كله ، ففي العراق عاد الابناء القدماء الى الحضن الدافء لامهم البعث بعد ان وجدوا انفسهم خارجه لاسباب شتى ، لقد عاد هؤلاء الى الحزب مقاومين اشداء لينضموا الى رفاقهم الذين حافظوا على هوية الحزب ، وهناك دفق هائل من الكسب الجديد في العراق ، الاف الشباب الذين لم يكونوا بعثيين قبل الغزو اصبحوا الان بعثيين منظمين ، وخارج هؤلاء ثمة الاف من الناس غير البعثيين او البعثيين السابقين يحيطون الحزب بنطاق حمايتهم ودعمهم .
وفي الاقطار العربية يعيش البعث عصره الذهبي ، فالبعثيون العرب اليوم يشعرون بالفخر لانتماءهم لحزب حمل راية الشرف قبل المبادئ ، وقدم اروع صور البطولة والصمود والتضحيات من اجل العراق والامة العربية ، وصورة استشهاد القائد صدام حسين تكفي لوحدها لترجمة حقيقة البعث المشرفة .
من انتقدوا البعث في الستينيات ووصفوه بالرومانسية عليهم اليوم ان يروا كيف ان الرومانسية البعثية تسير جنبا الى جنب مع توأمها الحتمي وهو الهدف العملي اي تحرير العراق واعادة بناء وحدة الامة . نعم يشرفنا اليوم ان نكون رومانسيين لان الرومانسية هي كلمة السر التي تفتح بوابات
البديل وتصوره والوصول اليه عبر الجهاد ، بالتطلع الرومانسي البعثي السائر على قدمين راسختين ، هما البندقية والمبادئ العظيمة ، نحقق النصر على الاحتلال في العراق ، بدون الرومانسية تغيب حلاوة تصور البديل وتصور النصر . لا يعيش الانسان بالرياضيات وحدها فلابد من الشعر وخياله وفسحة التخيل الروائي ، بشرط ان لا نشطح وان نبقى داخل قلعة المبادئ . احمد ميشيل عفلق كان اول رومانسي حالم لكنه كان اول العاملين واول من تجذرت قدماه في الارض . الطب اليوم يقول بان الانسان يحتاج لوقت للتأمل يوميا من اجل ان يبدع ويطلق ملكة التخيل لتقوم بدورها الخلاق .
اليوم البعث يواجه مشكلة تاطير الكسب الجديد الضخم ، وهذا يذكرنا بمرحلة عام 1959 حينما جرت محاولة اغتيال الديكتاتور عبدالكريم قاسم رحمه الله ، من قبل نخبة من مناضلي البعث كان من ابرزهم الشهيد القائد صدام حسين ، فواجه البعث مشكلة تدفق الاف العراقيين وطلبهم الانضمام له ولم يكن بالامكان تنظيمهم كلهم لضخامة عددهم . اليوم نواجه مشكلة مشابهة عراقيا وعربيا ، وهي ان من يريدون الانضمام للبعث خصوصا في العراق اكبر من قدرة الحزب على تنظيمهم كلهم . فما العمل ؟ هنا نضع الاصبع هلى ظاهرة عودة البعث حركة جماهيرية اكبر من التنظيم الحزبي . لقد ولد البعث مجددا ، وهو اليوم اكثر فتوة مما كان قبل استلامه للسلطة في عام 1968 ، ولكن ميزة هذه الولادة الجديدة للبعث هي انها تحدث في ظل الاحتلال ، لذلك فان البعث يجد نفسه امام مسؤولية تاريخية فريدة وهي تحرير العراق واعادة بناءه وبنفس الوقت تأطير الجماهير المرتبطة وجدانيا بحركة البعث .
في حركة البعث اليوم الاف البعثيين القدماء الذين وجدوا انفسهم خارج الحزب قبل الغزو لاسباب مختلفة ، وهؤلاء يريدون العودة للحزب مناضلين ملتزمين بخط الحزب الجهادي ، وفي حركة البعث الاف مؤلفة من العراقيين الذين لم يكونوا بعثيين قبل الغزو لكنهم اكتشفوا بالتجربة بان البعث هو الخيار المنسجم مع مصالح العراق والامة العربية ، لكن تنظيمهم كلهم يصطدم بعقبة محدودية الفرض التنظيمية في ظل الاحتلال وممارسة الكفاح المسلح . لقد وحد الجهاد جماهير الامة ، وخلق الجهاد البيئة الطبيعية لمعالجة جراح الحزب القديمة .
وهذا ما اشار اليه المناضل امام الجهاد والمجاهدين عزة ابراهيم الدوري في رسالته الموجهة للسيد تايه عبدالكريم الذي انتقد نفسه على اخطاء وقع فيها ، فمد الحزب اليه يد الانقاذ وصفح عنه ، عزة الدوري بهذا الموقف يلتزم بنهج رباني ، فالله ابقى باب التوبة مفتوحا لذلك لا يمكن لاي انسان ان يغلقه ، والبعث اليوم وهو يقترب من تحرير العراق بحاجة لكافة ابناءه المشردين حزبيا والمشردين من الوطن والمشردين داخل الوطن ، وعليهم ان يغتنموا فرصة فتح باب النقد للماضي .
مسوغات الأسئلة
والان اصبح ضروريا ان نطرح الأسئلة التي تدور بأذهان الملايين العربية وفي العالم ، واهمها :
1 – لماذا اندثرت مئات الاحزاب ، وعشرات الشخصيات الوطنية والقومية والاشتراكية والليبرالية ، وبقي البعث رغم ان الاوائل لم يتعرضوا لو لجزء بسيط مما تعرض له البعث من ابادة منظمة شاهدها الاحدث هو اصدار امريكا لقانون فاشي واجرامي لم يسبق صدور مثله ابدا حتى ضد الحزب النازي الالماني وهو قانون ( اجتثاث البعث ) ؟
2 – لماذا اتفقت قوى الشر في المنطقة العالم كلها على معاداة البعث رغم كل تناقضاتها كتناقضات النظام الايراني مع امريكا ؟ الا يؤكد ذلك ان التناقضات بين امريكا والصهيونية وايران مثلا تناقضات ثانوية مقارنة بتناقضاتهما مع عراق البعث ؟
3 – لماذا اتحدت قوى عالمية واقليمية واتفقت ، كما لم تتفق او تتحد من قبل ، على خوض سلسلة حروب متتابعة ومستمرة ومتنوعة ( اقتصادية وعسكرية ونفسية واستخبارية وسياسية ) وتوجت بالغزو المسلح للعراق ؟ لو كان البعث حزبا عاديا ، ولوكان نظامه نظاما عاديا كباقي النظم هل يستحق حزب عادي كباقي الاحزاب ونظام عادي كباقي النظم شن هذه الحروب المهلكة والمدمرة للبشر والعمران لكلا الطرفين ؟ الا يدل اتفاق قوى عالمية واقليمية متناقضة ولا تلتقي الا حول ضرب العراق على امر محدد وهو ان البعث ونظامه الوطني كانا حزبا استثنائيا باهميته ونظاما استثنائيا بانجازاته ودوره ؟ هل تخوض امريكا وهي دولة لا تغزو الا لتحقيق مكسب مادي ، الحروب من اجل هدف ثانوي ؟ هل تخوض الحرب للمتعة او لشهوة الانتقام كما روج تضليلا ؟ ام انها تعرف ماتريد حينما عادت عراق البعث وحالفت ايران الملالي ؟

4 – بعد الغزو ظن البعض من الوطنيين ان البعث انتهى فبادروا لتاسيس بديل تنظيمي عن البعث لملأ الفراغ الذي تصوروا انه سيحدث ، لكن والان وبعد مرور ستة اعوام على الغزو مازل هؤلاء يتخبطون وبقوا عبارة عن نخبة بلا جماهير ، وزادت ازمة هؤلاء بعودة البعث بسرعة مجاهدا صلبا استقطب الشارع العراقي مجددا . ان السؤال المهم هو لماذا فشلت كل محاولات بناء بديل وطني عن البعث رغم ان ظروف الاحتلال تساعد على ذلك ؟
ان الجواب موجود في ما ذكرناه في هذا المقال ، لكننا ولاجل تثبيت الصورة لابد من تأكيد مجموعة حقائق :
1 – ان البعث حزب عقائدي له عقيدة واضحة وتفصيلية تحدد اهدافه البعيدة ومبادئه القومية والوطنية والاشتراكية ، لذلك فهو حزب تاريخي وليس حزبا عابرا ، حزب يبقى لمئات السنين تحمل رسالته اجيال متتابعة ومتصلة ومتواصلة من عقد الى عقد ومن قرن الى قرن حتى يحقق اهدافه الاساسية وهي الوحدة العربية بعد تحرير الاراضي العربية المحتلة ، والحرية والاشتراكية .
2 – ان اهداف البعث حينما تتحقق تحدث انقلابات جذرية في الوطن العربي والعالم برمته ، فوحدة العرب وعقلنة استثمار ثرواتهم وبناء مجتمعاتهم على اسس عصرية وعادلة ، تعني بروز قوة عظمى عالمية وليس اقليمية ، تذكروا ان العراق وحده كان قوة اقليمية عظمى ، والقوة العربية الموحدة العظمى ستغير خارطة العالم وتفرض توازنات جديدة تنهي عصر المركزية الغربية ويعود العرب بناة حضارة وسادة وطنهم العربي .
3 – البعث يعتمد على ستراتيجية قومية في التنمية تقوم على اقامة انموذج جذاب وايجابي للوحدة العربية من خلال حل مشاكل الجماهير الاساسية كالقضاء على الفقر والامية ومجانية الطب والتعليم ورخض الخدمات العامة وضمان حياة ومستقبل الناس من قبل الدولة ...الخ ، وتجربة بناء العراق في ظل البعث تقدم صورة قريبة مما يحلم به كل عربي ، وهذه الستراتيجية تضمن ازاحة العقبات التي توضع امام اقامة الوحدة العربية ، فيصبح القطر الانموذج جاذبا لكل العرب اليه بفضل مزاياه الايجابية وليس بالقوة او الاجبار .
4 – البعث تميز عن باقي الاحزاب بتمسكه التام باصوله الفكرية القومية – الاشتراكية ولم تهزه تغيرات وانقلابات العالم ، التي غيرت الشيوعية وحولت اغلب الشيوعيين من معاداة الراسمالية الى خدمتها ، لقد ثبت البعث على اقدامه القوية وبقي يشرب مياه دجلة والفرات والنيل ويأكل من تمر القيروان وجبال الاوراس ، متمسكا بعروبة سبتة ومليل والاحواز والاسكندرون والجزر العربية الثلاثة وقبل الجميع بعروبة فلسطين . البعث بقي قوميا عربيا ولم تغيره ريح الغرب العولمية ولا ريح الشرق الاممية ، وقدم الثمن الباهض مئات الالاف من الشهداء والاسرى والمعذبين ، وخسر الحكم من اجل نقاوة المبادئ ، وبقي واقفا ولم ينحني للعواصف . البعثي الاصيل اليوم هو ذاته البعثي الاصيل قبل ستة عقود لا تغيير في ملامحه وفي لكنته وفي اسمه .
هذا هو الحزب الذي يصنع التاريخ ويعيد بناء الحضارة ويدحر الاعداء مهما كانوا اقوياء ، وينجب من الشهداء بقدر ما فيه من رمال ومياه ونخيل واحلام .
5 – البعث تنظيم قومي حديدي يستند الى تقاليد عريقة تؤمن وصول قيادات منتخبة دوريا لذلك فانه قادر على تجديد نفسه وابقاء دفق الحيوية مستمرا بلا توقف ، يذهب جيل من القادة استشهادا ووفاة ويأتي جيل اخر ليكمل المسيرة دون توقف ، وحينما يحصل خروج على الخط العام لاي سبب سرعان ما يصحح الحزب مسيرته استنادا الى اصوله الفكرية والتنظيمية . وهكذا فانه ليس نزوة فرد ولا رغبة فئة بل هو خيار امة كاملة . ان الاصولية البعثية ، المتمثلة في مبادئه وقواعده التنظيمية ، هي الضمانة الا ساسية للمحافظة على هوية الحزب وانسجام مسيرته التاريخية وتسليم الراية بصورة منظمة من الجيل الراحل الى الجيل الاتي .
6 – البعث له رموز يحترمها ويسير خلفها واهم
رمز واعلى رمز هو الامين العام للحزب ، وهو مجسد وحدته وحامي هويته ومبادئه ، وتزداد اهميته في ظروف الطوارئ حيث يمسك بكافة حلقت الكادر الحزبي ويصبح هو المرجع الاول ويمنح كافة صلاحيات القيادة القومية وهي اعلى قيادة في الحزب ، ولا يعلوه مرجع الا المؤتمر القطري والمؤتمر القومي .
هنا يكمن سر خلود البعث وديمومته وتجاوزه للمحن وعمليات الابادة الجماعية التي تعرض لها : البعث مؤسسة سهلة ومعقدة التركيب في نفس الوقت ، سهلة لمن عاش فيها مناضلا جادا وملتزما ، ومعقدة لانها تنجح في حرمان المتامرين من اللعب على الحبال وتعزلهم فورا ، ولذلك فهي مؤسسة مستقلة عن اي فرد في الحزب وتحكم اي عضو وتتحكم فيه ، مهما كانت درجته الحزبية ، وهي قادرة على تصحيح الاخطاء بفضل اليات العمل الحزبي والنظام الداخلي . وهذه الحقيقة هي التي تجعل البعث كيانا عصيا على الاختراق وقادرا على التجدد كلما ضرب او تعرض لازمة ، وفيه عوامل الديمومة ومواصلة العمل من اجل الاهداف العظمى . ان البعث بفكره القومي – الاشتراكي وبتقاليده التنظيمية وبثقله الجماهيري وباصوليته الواضحة قادر على مواصلة التحدي والدفاع عن الامة وقضاياها ومصالحها في اي وقت وتحت اي ظرف ، من هنا فان معاداته نتيجة طبيعية بالنسبة لمن يعادي الامة العربية ويبني خططه على حساب الامة العربية .
- تحية اعتزاز لذكرى الراحل الكبير الاستاذ احمد ميشيل عفلق مؤسس البعث وواضع الاصولية البعثية .
- المجد لشهداء الحزب من قادة وقواعد وفي مقدتهم من اكمل فضائل البعث بتطبيق المبادئ الشهيد القائد صدام حسين .
- تحية اعتزاز واحترام للرفيق المجاهد عزة ابراهيم الدوري الامين العام للحزب وهو يقود الشعب ومقاومته الباسلة نحو تحرير العراق .
- تحية للرفاق المجاهدين اعضاء القيادة القومية للحزب وفي مقدمتهم الرفيق نائب الامين العام للحزب د. عبدالمجيد الرافعي .
- تحية للرفاق المناضلين الصامدين في القطر العراقي .
-- النصر او النصر ولا شيء غير النصر .
7 / 4 / 2009
( تم حذف البريد لأن عرضه مخالف لشروط المنتدى )
*الصليبية لا تعني مفهوما دينيا هنا بل هي ، لغويا وعرفيا ، تعني الحملات الشاملة والدموية والمستمرة لاجتثاث الاخر بلا تراجع .


منقول

Arouba Shankan 17 / 06 / 2009 28 : 09 AM

رد: صحابيون يتامى من أصل بعثي
 
البعث تميز عن باقي الاحزاب بتمسكه التام باصوله الفكرية القومية – الاشتراكية ولم تهزه تغيرات وانقلابات العالم ، التي غيرت الشيوعية وحولت اغلب الشيوعيين من معاداة الراسمالية الى خدمتها ، لقد ثبت البعث على اقدامه القوية وبقي يشرب مياه دجلة والفرات والنيل ويأكل من تمر القيروان وجبال الاوراس ، متمسكا بعروبة سبتة ومليل والاحواز والاسكندرون والجزر العربية الثلاثة وقبل الجميع بعروبة فلسطين . البعث بقي قوميا عربيا ولم تغيره ريح الغرب العولمية ولا ريح الشرق الاممية ، وقدم الثمن الباهض مئات الالاف من الشهداء والاسرى والمعذبين ، وخسر الحكم من اجل نقاوة المبادئ ، وبقي واقفا ولم ينحني للعواصف . البعثي الاصيل اليوم هو ذاته البعثي الاصيل قبل ستة عقود لا تغيير في ملامحه وفي لكنته وفي اسمه .
هذا هو الحزب الذي يصنع التاريخ ويعيد بناء الحضارة ويدحر الاعداء مهما كانوا اقوياء ، وينجب من الشهداء بقدر ما فيه من رمال ومياه ونخيل واحلام .


الساعة الآن 17 : 10 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية