![]() |
الاستسقاء في التراث الشعبي الفلسطيني
[align=justify]
[align=justify]الاستسقاء نشاط إنساني يقوم به الفلاحون في السنوات التي يقل فيها نزول المطر ويخشى أن يعم الجدب، لذلك يخرج الناس إلى الشوارع والأزقة يهزجون ويهتفون طالبين من الله تعالى أن ينزل عليهم الغيث. ولقد عرفت شعوب بلاد الشام قديماً، ومنها فلسطين، آلهة المطر والخصب، وكان سكانها الأوائل يتقربون إلى تلك الآلهة بالقرابين والصلوات من أجل استرضائها لتمنحهم المطر والخصب والخير. فأجدادنا العرب الكنعانيون عبدوا (عليان بعل) الذي اختص بمراقبة الأمطار والمحاصيل، وكانوا يقدمون الصلوات لاسترضائه، كما عبد الآراميون (حدد) إله الصاعقة والبرق والرعد والمطر والخصب.. وعند الفينيقيين وهم كنعانيون كانت (بعلة جبيل) آلهة للخصب والتوالد.[/align] وامتداداً لهذه الجذور التاريخية نجد شعبنا الفلسطيني يمـارس طلب الغيث من الله تعالى. ومن الأغاني التي كان يرددها الأطفال الفلسطينيون عندما يتجمعون في الأزقة طلباً للغيث، الأغنية التالية: يا ربنا يا ربنا واحنا الزغار ويش ذنبنا طلبنا الخبز من إمنا ضربتنا على تمـنا يا ربنا ما هو بطر تعجل علينا بالمطر يا ربي بل الشرموح واحنا تحتك وين نروح وفي بعض قرانا الفلسطينية إذا تأخر سقوط المطر، يذهب الرجال إلى مقام أحد الأولياء حيث يقيمون فيه صلاة الاستسقاء، أما النساء فيخرجن في المساء ووراءهن الأطفال، حيث تحمل إحدى النساء طاحونة يد (جاروشة) فوق رأسها وبيدها شيء من الفول اليابس تقوم بطحنه أثناء سيرها وتحمل امرأة أخرى ديكاً تقوم بضربه بين الحين والآخر فيصيح، ويرددن أثناء ذلك ما يلي: يا ديك يا بوق قنبره عليش طلقت المره يا ديك يابو عرف ازرق يا ريتك في الميه تغرق يا أم الغيث غيثينا بلي شيبة راعينا راعينا حسن الأقرع لا بشبع ولا بقنع راحت أم الغيث تجيب الرعود ما أجت إلا الزرع طول البلاد وبشكل عام كان الرجال -عند انحباس المطر- يصلون في المسجد صلاة الاستسقاء ويدعون ويبتهلون إلى الله تعالى أن ينزل الأمطار غزيرة مدرارة... أما الأطفال فقد كانت العادة في تلك المواسم الجافة أن يتجمعوا في المساء ويحمل كل منهم بيديه حجرين صغيرين ويبدؤون بالطواف على بيوت القرية بيتاً بيتاً وهم ينشدون ويهزجون أهازيج خاصة، بينما هم يقرعون الحجارة بأيديهم بعضها ببعض بشكل موقع: يا ربي تسقينا الغيث يا ربي تسقينا الغيث فإذا وقفوا أمام أحد البيوت رددوا: اسقونا يا دار الشيخ اسقونا يا دار الشيخ والميه عليكم زيــــخ والميه عليكم زيـــخ أو ربما هزجوا لصاحب الدار باسمه الصريح، ويظلون واقفين أمام باب الدار، ينشدون ويقرعون الحجارة، حتى يخرج لهم صاحب الدار، وهو يحمل بيده إبريقا أو كأساً أو سطلاً من الماء، يصبه على رؤوسهم، استجابة منه لطلبهم ورمزاً واستبشاراً باستجابة القدرة الإلهية لطلب الأطفال بسقوط المطر. وقد يخرج الأطفال إلى البيادر والأزقة والشوارع ويغنون: يا قمر نواحــه يا مطــر يا حاحـه إم الغيث يا ري وين كنت مبارحـه عبي جيابنا مي عند عمتي صالحه وهناك أغنية فلسطينية قديمة تقول: يا رب تشــــتينا تا ننشر غسيلنا غسيلنا بالخابيه تنعمل زلابيــــه ومن هذا الغناء أيضاً: يا رب ما هو بطر بنطلب منك المطر يا رب ما هو غيه بنطلب منك ميه يا رب نقطه نقطه تنسقي حلق القطه يا رب ليش هالطوله أكلنا طحينه الفوله يا رب ليشه هالكنه أكلنا طحينة كرسنه يا رب مطر مطر حتى نسقي هالبقر يا رب رشاش رشاش حتى نسقي هالجحاش يا رب بله بله واحنا تحتك بالقله يا رب بل الشاله واحنا فقريه وشياله يا رب الغيث يا ربي واسقي زرعنا الغربي يا رب الغيث يا دايم واسقي زرعنا النايم وإذا تلبدت السماء بالغيوم، خرج الأطفال إلى الشوارع والأزقة، يرددون بعض الأغاني والأهازيج منها: يا ربي تشتي واروح عند ستي آكل فطيره قد الحصيره آكلها وأنام وأصبح جوعان فإذا انهمر المطر، فإن من عادة الأطفال الفلسطينيين في الماضي، أن يتجمعوا في الساحات أو الشوارع الترابية، ويضعون على رؤوسهم قطعاً من الحصر أو ألواحاً تنكية، قد يدورون في الطرقات وهم يغنون الأغنية التالية: شتي يا دنيا شتي على صلعة ستي ستي جابت صبي سمته عبد النبي حطته بالطنجرة طلع صحن مجدره حطته بالبير طلع راسه كبير وعندما تهطل الأمطار غزيرة جداً، وكافية لإشباع التربة، فإن أهلنا يقولون (ألقت الثرى ع الثرى) وهذا يعني أن كمية الأمطار قد بلغت من الكفاية لدرجة أنها عملت على تشبّع التربة السطحية، بحيث التقت برطوبتها وتشبعها مع التربة السطحية العميقة المشبعة بالماء أصلاً. ومن تعبيراتهم في هذا المجال أيضاً، قولهم: (ألقحت الأرض) وهذا يعني أن الأمطار قد تسربت إلى أعماق التربة لمسافة قد تصل إلى أكثر من شبر، ويكون هذا عادة في شهري كانون الأول وكانون الثاني، حيث الأمطار الغزيرة. وربما قالوا في هذا: (الثرى وصل الصينيه) وهذا يعني أن مياه الأمطار بترطيبها للتربة استطاعت أن تتغلغل من الطبقة السطحية إلى الطبقة السفلية التي هي دائماً في حالة التشبع، والتي يشار إليها بـ(الصينية) وهي لا تصلها سكة المحراث لأنها في الغالب على عمق يتراوح ما بين المتر إلى المتر ونصف المتر. [/align] |
رد: الاستسقاء في التراث الشعبي الفلسطيني
الأستاذ الفاضل محمد توفيق / حفظك الله موضوع رائع جداً عن الإستسقاء بكل ما أتيت به من معلومات وخاصة عن هذا الاستسقاء في التراث الفلسطيني هكذا نجد في تراثنا الرائع معلومات يجهلها الكثير منا وخاصة لمن ولد خارج فلسطين الحبيبة ننتظر المزيد دمت بخير |
رد: الاستسقاء في التراث الشعبي الفلسطيني
معلومات وتوضيحات مليئة بالحياة و تنم عن طقوس وتراث شعب يرتبط بالأرض وما تقدمه.
تحياتي وتقديريلك أستاذي الفاضل |
رد: الاستسقاء في التراث الشعبي الفلسطيني
الأخ الأستاذ محمد توفيق السهلي
موضوع هام ورائع من تراثنا الفلسطيني . وإن دلّ على شيء فإنما يدل على حب شعبنا الفلسطيني لأرضه وتعلقه بها , وحفاظه على مزروعاته التي كانت تتطلب المطر والماء , وخوفا على أرضهم من الجدب , بلجوئهم لله رب العالمين بصلاة الاستسقاء . تقبل فائق تقديري واحترامي . |
الساعة الآن 54 : 07 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية