![]() |
مغناة إلى ناجي العلي
ناجي العلي جسد الشجرة
لها وردتان .. وله طلقتان ... لنا شاطىء من حجيم له أول في المنافي ... وآخره خيمتان .... أخرى على الماء ... بين البلاد التي تصبتها ... وبين البلاد التي ضيعتها ... وتقلع من صرختين ... إلى صرختين ... إلى صوت ناجي العلي والزمان *** وناجي العلي ضارب بين قوسين .. بين عدوين عيناه مرسلتان إلى قرية كلما اقتربت .. أبعدوه ... فيمشي إليها وئيد الخطا ... حالما بالحنان ... بينما يصلون .. أحباءه .... يصلون فيومىء أن احملوني .. خذوني إليها .. إلى الشجرة ... ولايرتدي زردا ... هنا أمه ....وأبوه ... من النهر للبحر قال : فلسطين لكنهم قتلوه وفي الأفق طائرة متعب .. باحث عن مكان له شكل بيت .. وقنديل زيت .. فيرسمه .. وبه شبه من طريق يعود إلى بدئه ... وطريق سيذهب من رئتيه إلينا ... ويمشي الهوينا فندرك أن الذي قال : حق ... ونتبعه في حدود الجرائد ... نتركه في حقول المصائد .. ننساه ليلا .. ونعبره في النهار فتصرخ بين يديه القفار .. وننصت : ثم نغيب .. ونلقاه أنى التفتنا ... وأنى ذهبنا .. نرى دمه سابقا ... وعنيدا .. ولسنا هنا ... ثم لسنا هناك ... ونحن على كتفيه .... وفي مقلتيه ... ونحن الذين تركناه يذهب للقتل كنا هنا .. أو هناك ... وكا نعد بياناتنا .. أو نهيئها للبكاء ... وكنا بعيدين .. فر المخيم من بيننا غارقا بالدماء ... وناجي العلي شاهد .. والنوافذ مغلقة دونه .. فيمر على الناس ... بيتا .. فبيتا ... نداء .. نداء ... وكل النوافذ مغلقة .. والسماء ... أجل كان بين الرصيف .. وبين الرصيف .. وحيدا وصعبا .. وكان .. يحب الغلابا .. ويروي العتابا ويصهل في دمعة .. واغتراب *** سأحكلي لكم يوم حدثْتهُ ... كيف قال ... بأن الرجال .. رجال يشدون كتف الوطن وأن المحن قدر للرجال ... تناول معطفه في المساء الضبابي ... لم يلتفت خلفه وتجاوز باب المدينة تمتم شيئا حزينا .. كبيت العتابا ... وهرول مرتجلا بين غربته .. والغرابة .... قال : سلام على الأهل ... حرب على الوحل ... شعب إلى النصر ... إن فلسطين في الجمر إن الحصار .. حصاران ... والقهر .. قهران .... فاحتكموا للعذاب *** وارسل ريشته في المحابر أخرجها من وريد ذبيح .. واشهرها فاستوى حنظلة .. في مدى المسألة .. أو مدى المجزرة .. ظل ناجي العلي راح يرسم بعض الوجوه التي لاحقته على وقع ريشته منذ أن ميزته ... وألقى بأوراقه في الشوارع ... لم يرتعش واطمأن إلى أنها شوهدت في الصباح كما شوهدت في المساء وشوهد ناجي العلي وحده واقفا كان جيشا .. وكان .. يدير إلى القتل كتفين ناحلتين ... ويوغل في مطر موحش ... ويمد ذراعين مثخنتين على ذروة المجزرة ... سلام له .. وسلام عليه ... ومجد له ... لا المراثي تليق به .. أو يليق بها ... فانهضوا ...واحملوه .. انهضوا واتبعوه أقول لكم قتلوه ..... وماقتلوه ... ولكنهم قتلوه ... فأسرى إلى بقعة الحبر .. أو بقعة الدم .. سيان فاتسعت في المكان ... كما اتسعت في الزمان .. لتشحن كل المواويل ضوءا .. ونارا ... وتسترسل الخليل ... والليل .. من جهة لايروها .... فتأتي على اثر دارس من بقايا الخيام ... هو الآن يصعد فينا جميلا .. شجاعا ... ويسري إلى قرية في الجليل ... وفي الحلم لم ينتظر أحدا .. ثم لم ينتظر أحدا مر من جرحه .. واستدار ... يعذبه أنه لم يصلها ... وأن الطريق الذي قطعته الرصاصة لم يلتئم ... إنه غائب في الحضور الخضيل ... حاضر في الغياب الطويل ... يعذبه أنه منصت ويرى ... فتنفر من عينه دمعة لاترى ... ويفرحه أننا قد أحطنا به .. وأحاط بنا ... فاستراح على الشجرة .. وقيل بأن جناحيه من حبره .. ودمه ... وقيل بأن سباتا طويلا ألم بنا ... فدلفنا إلى عتمة .. أخرجتنا إلى عتمة .. ثم أفضى إلى مشهد دموي .. على ركنه غابة فمشينا ... عبرنا شريطا من الهمس .. كانوا على هيئة القاتلين ... وكان هم القتلة ... وكان الذي صوبوا نحوه .. حنظلة *** صحونا على صوته هاتفا .. اتبعوني .. خذوا من دمي .. واستضيئوا به .. أو خذوا جسدي .. وامنحوني لكم .. واستردوا الطريق الذي لغموه ... الطريق الذي ضيعوه .... أنا شاعر الفقراء ... أنا الشجرة **** هو الآن يذكر كيف التقينا به ... واحترسنا معا ... ومشينا معا ... وانتظرنا معا .... واحترقنا معا .... وقتلنا معا .... ثم قمنا معا وعبرنا الحدود على مركب من رمال .. فمال بنا ... واستحلنا إلى موكب في المحال .... ويذكر أنا فرحنا .... وأنا بكينا .... وانا يئسنا ... ولكنه مااستقال ... وظل يثابر في الحزن .. والموت ... ظل يثابر نحو الجبال .... *** لناجي العلي صحوتان .. صحوة في المنافي ... وأخرى على مد فجر سيطلع من قلب هذي الفيافي .... ولاشك في فجره ... وهو يدرك أن المدى رحلتان ... رحلة في تراب فلسطين ... أخرى إليها ... تواكبها بين شبر .... وشبر ... وقبر ... وقبر ودمع ... وحبر شجون ومعتقلات ...وقتل .... محنة في الخروج الحزين ... وأخرى على طرق لاتبين ... ويبصر في المحنتين بأن المدى خطوتان ... تناول قهوته من صباح المخيم ... لملم أوراقه ... وتعلم أن الطريق دم .. فمضى .. في ثياب الصدى .. إذ تسلل من وهدة النفي ... ( عارٍ) ... سوى من يديه ... ومن بصر نافذ .. وسؤال عصي الإجابة ... مستدركا أن ريشته أعلنت حربها .. فمضى .. راحلا ... راحلا .... من جحيم يسلمه لجحيم .. ومن شارع .. لقطار .. ومن مرفأ لمطار ومن واحة .. لصحار .. ومن بلد ظنه وطنا .. لحصار .. ستبارك ناجي العلي ... وتبارك من يشرب الآن من نبعه .. وتبارك من مد بين المخيم والأرض أضلاعه ... وتبارك هذا الدم الواقف الآن بالباب .. لايستريح .. وكانت رسالته في الصباح على شكل فاتحة للمعارك ... مشعلة للصواعق ... مطلعة للزنابق ... كانت مؤلفة من حطام المخيم .. والناس ... والوقت مقذوفة بين خطين للموت معلنة أن ناجي ليس يؤخذ بالصوت والسوط ... أو بالرصاص *** وفي غفلة من نعاس ... وناس يحبونه ... أولوا في الظلام الغبي على دم هذا النبي المطارد ... واحتكموا للمسدس .. ثم اختفوا خلف شعر كذوب وخلف اختلاط الدروب **** تكون الكتابة في مثل وقفته في المعارك أو لاتكون .. تكون المراكب في مثل رحلته كبرياء وفي ضوء عينيه .. أولا تكون تكون المرايا .. منايا ... إذا غيبت وجهه .. وتكون فلسطين عرسا لنا ... وتكون بها الأرض .. أو لاتكون .. *** لناجي العلي إصبع راح ينموا ويومىء للقاتلين الذي أباحوا دم اللاجئين ... وأفتوا لأنفسهم بالجريمة شعرا نثرا وقتلا .. وأفتوا لها منذ أن ركبوا الطائرات إلى الغرف المغلقة ... *** وناجي العلي خطر ...وهو حي ... خطر وهو يرحل من بيننا .. خطر بعد مصرعه .. خطر وهو ضوء يوزع اشلاءه بين أطفاله .. ويسافر في شهقة الحزن .. لايرتدي غير جلد رقيق وشوك الطريق على راحتيه وفي صدره الحرب معلنة وتضيق الدروب .. ولكنه خطر .. وشجاع كما كان .. أو بعد كل الذي كان ... من أجل هذا أهالوا على دمه حفنة من ضباب المدينة لكنه لم ينم وصحا ... أيقظته عذابات فاطمة ... أيقظته عذابات حنظلة ... هزه جارف من ألم ... أزاح بكفيه كوم التراب الغريب .. وقام وآمين .. آمين .. قام من الموت ناجي العلي .. وأسرى إلى شجرة .. وتراب ... واسرى إلى دمنا في اليباب ... سمعناه كان يئن من القهر ... والقبر .. ما أنَّ من طلقة القتل .. ثم استراح على صخرة الشجرة .. تلفت إذْ حضنته المجازر ... فاجتاز سور المقابر .. لم يتجه للمطار ولم تره شرطة في الحدود يغادر أرضا . . ويدخل أرضا ... ولم يره القتلة .. وفي يده ريشة لم يروها ... وفي رأسه طلقة ... آه في صدره نجمة وشعار .... *** تلفت .. لاودعته المرايا ... ولا ودعته الشظايا ... ولاودعته النجوم ... فأشرع للريح صدرا نحيلا ... وهما طويلا ... جليلا .. وأرسى بهودجه .. للتخوم .. |
رد: مغناة إلى ناجي العلي
كم طربت لشعرك الجميل أستاذ خالد ناجي العلي هذه الشخصية الرائعة هو أول فنان رسام كاريكاتير يُقتل في أجل خطوط بسيطة بالأبيض والأسود ، معبراً فيها عن قضيته ومأساة شعبه الفلسطيني من أقواله لقد كنت قاسياً على الحمامة لأنها ترمز للسلام ..والمعروف لدى كل القوى ماذا تعنيه الحمامة ، إني أراها أحياناً ضمن معناها أنها غراب البين الحائم فوق رؤوسنا ، فالعالم أحب السلام وغصن الزيتون ، لكن هذا العالم تجاهل حقنا في فلسطين لقد كان ضمير العالم ميتاً والسلام الذي يطالبوننا به هو على حسابنا ، لذا وصلت بي القناعة إلى عدم شعوري ببراءة الحمامة" و كانت هناك أشياء كثيرة تدعو لليأس ، في تلك اللحظة كان هناك لون رمادي يحيط بالأفق لكنني شعرت بتحفز داخلي غريب ، إن حواسي تصبح أكثر وضوحاً أن أشير إلى نافذة مفتوحة في الأفق يبدو منها خيط من النور وأن أعري أولئك الذين لا يكفون عن الضجيج بأن الظلمة تشمل كل شيء وأن التسول هو لغة استرجاع الحق ، كل هذا أقل ما أستطيع أن أفعل دفاعاً عن كرامة الذين ضحوا في لبنان وفي فلسطين دفاعاً عن الحق الحلال في الحلم بالمستقبل) . قصيدة في منتهى الروعة دمت أستاذ خالد ودام يراعك |
رد: مغناة إلى ناجي العلي
الأخ الأستاذ خالد أبو خالد أهلا وسهلا بك شاعرا كبيرا في منتدى نور الأدب , هذا الصرح الأدبي والثقافي والعلمي والذي يحمل هم القضية الفلسطينية على عاتقه . وأرجو أن تجد في صفحات المنتدى المتسع الكافي لقصائدك وشعرك وأدبك الكبير , لنستفيد ونستمتع به. مغناتك إلى الراحل الكبير ناجي العلي أكثر من رائعة . بانتظار المزيد من إبداعاتك , تقبل فائق التقدير والاحترام .:nic72: |
رد: مغناة إلى ناجي العلي
رحم الله الشهيد المبدع رحل لكنه ترك حنظلة وراءه حيا يعبر عن ظلم و احتلال لم يزل بعد.
قصيدة معبرة أخاذة . تحياتي |
الساعة الآن 20 : 12 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية