![]() |
هل يشيخ الأطفال ؟؟..
[frame="1 98"]
صديقي الأثير طلعت.. يوجعني فيك وفي شعرك نفحة الأسى من غصّة الخمسين و كأنه اكتشاف الطفل فيك عبور زورق الزمن بعيداً و قريباً من الضفة الأخرى! ضفة ما يصطلح على تسميته بالشيخوخة! لست أدري لمَ يوجعني هذا الإحساس الذي يصلني..؟؟.. وكأنّ سماء نفسي تتجمع فيها الغيوم الرمادية وترعد ثم تنهال منها الدموع..!!.. لماذا نخاف الشيخوخة؟! أتعنينا حقاً يا أخا النفس هذه المقاييس المادّية و مصطلحاتها الضحلة التي لا تتجاوز حدود الجسد؟! ما دام ما يهمّنا في الجسد هو العقل و ما يهمّنا في النفس هي الروح.. مهمٌ أن لا يشيخ العقل و لا تذبل الروح و تصاب بالعجز.. لست أدري حقاً لست أدري.. كنت أحسّ بالشيخوخة حين كنت في العشرين.. بل أبعد من ذلك بكثير.. حين كنت طفلة في الثامنة أقف على شرفة المنزل عند الغروب أرقب عودة الآباء إلى منازلهم محملين بأكياس ورقية يبدو لي أنّ ما بداخلها كرات ملونة من السعادة والحياة ممزوجة بإكسير الأمان والدفء في حين يركض الأبناء لملاقاة آبائهم فرحين مستبشرين يتصايحون: ( أجا البابا)، كنت أحس بالشيخوخة و برد الموت و الفناء و البيت الكئيب و الأم المتشحة بالسواد وبطعم تراب قبر أبي يملأ فمي... حين كبرت أكثر وتفتحت عيوني على الحب و من خلال عطش الروح و تركيبتي الرومانسية، كان الحب ، حب كنت أحسّه و أعيشه بكلّ قطرة من دمي، حب كان يسافر بروحي إلى عوالم أخرى صافية شفّافة عبر فضاء رحب بوسع الكون متصوفة في حبي كما أنا متصوفة في كلّ مشاعري... حب لرجلٍ ما في مكانٍ ما وفي زمانٍ ما.. لا أعرف شكله و لا اسمه و لا لون عينيه لكنّي كنت واثقة من وجوده و روحي تعيش فيه على مرافئ الانتظار.... و أفاجأ برجل غريب يحجبني عن فضائي ومرافئي بستار، زوج غريب عن روحي لا يفهم لغتي و لا أفهم لغته!!.. يأخذني من عالمي الذي لا يحدّه زمانُ و لا مكان بوسع الكون إلى عالمه الذي يريدني أن أعيش فيه ضمن جدران بيته! محرّم عليّ الانتظار ومحرم علي الحب! أحسّ بالغربة غربة روحي في جسدي وواقعي! ويبيضّ شعر روحي وتملؤها التجاعيد و أشعر بالشيخوخة تجتاح كياني وتلفـّني بكفن الزواج و ترميني في براثن الخيبة و الفناء...... وصولاً إلى شيخوخة الغربة وبردها.. متمردة أنا على الحياة أحياناً أكره تمردي و أتعب منه، متمردة على الشيخوخة والشباب على كلّ المقاييس و المصطلحات،أملك أنانية وتمرّد الأطفال! هل يشيخ الأطفال يا طلعت ؟! مونتريال في 12 آذار 2006 [/frame] [frame="15 98"] الطفولة التي لا تبرح !! صديقتي الرائعة هدى طبعا لا يشيخ الأطفال والشعراء والمبدعون .. سأهمس في أذنك يا صديقتي : من يشيخ هو ذلك الشاعر الذي يخاف أن يذكر عمره دون تردد وإن للحظة واحدة .. أعرف يا غاليتي انك تخشين علي من مداخلة الحرقة لكلماتي في هذا الحين أو ذاك .. وأطمئنك أيتها الغالية يا شقيقة الروح ، أنني من أكثر الناس ضحكا وتفاؤلا وإيمانا بديمومة الشباب .. لذلك أقول حرفي وكلمتي وشعري دون أي تردد ... أفرغ الشحنة في الكلمات وتعود لي ابتسامة لا تكاد تفارق شفتيّ .. فلا تخشي عليَّ من هذا يا عزيزتي واطمئني ، فكثير من الناس يقولون لي من أين تأتي بكل هذا التفاؤل . ولا أجيب .. لكن سأقول لك وحدك من أين .. الكتابة يا هدى تشبه البحر الذي نسقط فيه كل همومنا ونغتسل في مائه من كل الأحزان ، وعندما نخرج منه تجدين على الوجه ابتسامة ساحرة لا يعرفها إلا الأطفال .. سعادة الكتابة يا هدى لا تماثلها سعادة ..والغريب أن يكتشفوا متأخرين جدا أن الكتابة دواء ، وهذا طبعا ثبتَ علمياً .. لكن هل يعني هذا أن الشاعر يكتب خارج نسقِ الصدق والتصالح مع الأنا الشاعرة..؟؟.. طبعا لا .. فالشاعر في لحظة الكتابة يعيش كل حرف من حروفه ، لكنه في الوقت نفسه يفرغ الشحنة على الورق ، ويعود إلى طفولته المشاكسة المسكونة بالمرح والجمال واللعب ومحاولة الركض في الطرقات إلى ما لا نهاية .. هذا هو الشاعر والكاتب يا هدى ، وأظنك تعين ذلك من خلال تعاملك مع الحرف وكتابتك التي تعبر عن قمة العطاء الجميل .. عندما قرأت " نور العيون " بكيت .. أيضا يا هدى أبكي كما يبكي الأطفال فلا تستغربي .. وبعد حين قلت :" هاهي غاليتي هدى قد أفرغت شحنة كان عليها أن تفرغها حتى تعود لطفولتها ، وحتى تستعد لكتابة شيء جديد .. يجد الناس في كتاباتنا مراياهم بعد أن نكون قد مشينا إلى الأمام .. الكاتب أصدق الناس فيما يكتب ولكنه يعيش الكتابة لحظة الخلق وليس حين يصير الكائن الكتابي مكتملا ، لأنه في هذه اللحظة ينفصل عن كتابته ، ليصير الأدب ملك الآخرين .. أشعر وأنا اقرأ سطورك كم من الأشياء المشتركة ، وكم من الصور المتقابلة ، وكم من الأحاسيس المتشابهة .. اجل يا هدى لا بأس أن أكون في الخمسين وغدا في الستين ثم في السبعين ، صدقيني هذا شيء لا أفكر به .. لأن الطفل الذي يعيش داخلي يستطيع أن يزيل عن زجاج العمر أي غبش فاطمئني يا أميرتي وعزيزتي .. إنني أضع خطواتي على الطريق بثقة ، وأهم شيء أن تبقى هدى الصديقة إلى جانبي .. لنكن يا صديقتي طفلين يلهوان بأحجار ملوّنة تضعها الحياة في طريقنا .. وفي اللحظة نفسها لنكن فلسفة الكون كله، فحتى الأطفال يملكون أروع فلسفة في الوجود .. دمشق 16/3/ 2006 [/frame] |
رد: هل يشيخ الأطفال ؟؟..
أختي الغالية / هدى ..
أخي الحبيب / طلعت يقال بأن الرجل ابن الطفل .. والأنسان دائماً بحاجة لطفولته .. لأن مخزونات الطفولة ومكنونات الطفولة.. هي التي صاغت هذا الرجل .. والرجل يبقى طفلاً ، حتى تموت أمه.. فإذا ماتت ، شاخ فجأة.. شكراً لكما |
رد: هل يشيخ الأطفال ؟؟..
سيدي وقد يشيخ الشباب ، أمّا أطفالنا فقد تشيب رؤوسهم وتشتعل شيبا ، أما قلوبهم فعامرة .
|
رد: هل يشيخ الأطفال ؟؟..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ان الطفولة كنز لا يعوض وقد يشيب الشبان لذلك الاطفال هم منبع الحياة و التفاؤل و الامل و هم على مدى الزمان اطفال بقلوب شباان |
الساعة الآن 29 : 11 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية