منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   كتبوا عني (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=365)
-   -   خذي دحرجات الغيوم لطلعت سقيرق: قصائد ترتدي في سكة العشق نار الغرام (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=11666)

طلعت سقيرق 31 / 07 / 2009 36 : 03 PM

خذي دحرجات الغيوم لطلعت سقيرق: قصائد ترتدي في سكة العشق نار الغرام
 
خذي دحرجات الغيوم لطلعت سقيرق: قصائد ترتدي في سكة العشق نار الغرام...
بقلم : كريم راشد

[align=justify]
عانى الشعر الفلسطيني، وبدرجة أقل الشعر العربي، خلال السنوات الثلاثين الماضية من التجهم والجدية، ومن محاولة اختصار القصيدة، بما هي عالم غني واسع، بقضايا الوطن والسياسة الطارئة أو بهموم الذات الصغيرة التي تعاني من احتمال العطب والتخشب، ناهيك عن أزمات الشعر العربي المعروفة لناحية المراوحة في المكان على صعيد الابتكار البنائي الشعري، بعدما أفضت حداثة السياب والملائكة والبياتي إلى اختصارها بتفعيلتين أو ثلاث، يجري اعتمادها من كل الشعراء لتعوض عن حمار الأبحر (الرجز)، وبعدما أفضت حداثة قصيدة النثر إلى ما يشبه الهذر والمجانية البنائية اللفظية.. وهكذا غابت، أو كادت، عن شعرنا العربي تلك الالتفاتات الجميلة نحو الذات، ونحو الآخر بما هو عالم مكتمل فيه الأبيض والأسود، الإيجابي والسلبي، مشاعر عشق وعدم ألفة ووردة وسماء منذورة للرياح والغيوم. وبفضل الاكتفاء بالموروث الحداثوي لجيل خمسينات القرن الماضي غاب أو كاد، ذلك الخيال السمعي الجميل الذي كنا نحلق في سماواته على إيقاع قصائد السياب والبياتي، ولم نعد نراه إلا عند ندرة قليلة من الشعراء العرب ممن تمثلوا تجربة الحداثة فصاغوها بدواخلهم بوعي مضاف يعكس تمكنهم من الموروث الشعري العربي القديم والحديث... ولن أطيل هنا لأننا لسنا بصدد الحديث في هذا الأمر الذي يستغرق بحوثا وصفحات كثيرة...‏

في ديوانه الجديد (خذي دحرجات الغيوم) الصادر مؤخراً عن وزارة الثقافة السورية، يواصل الشاعر طلعت سقيرق درباً كان قد بدأه في (القصيدة الصوفية) التي كانت، بخلاف ما يوحي عنوانها، قصيدة حب عربية بامتياز، ومرة أخرى عبر دحرجاته للغيوم يكتب سقيرق كيف يرسم الناي خطواته العاشقة، وكيف يمتلك الشوارع والبساتين التي تمنحه لوز الحكايات والذكريات والحنين فقط لأنه عاشق ولهان...‏

وكشأن القصيدة المذكورة يثير الديوان الذي بين أيدينا الكثير من التساؤلات ذات الصلة العميقة بالشعر وكتابته عموماً... بداية ينبغي لقارئ الديوان (خذي دحرجات الغيوم) ألا يبحث عن بناء شبيه بما تعارفنا عليه في قصيدة التفعيلة، فهو هنا، ربما يقتحم بوابة لم يسبقه أحد في الدخول إليها، حيث يقدم لنا نصوصاً، ونماذج جديرة بالدرس والمحاورة للقصيدة المدورة التي نراها عنده بنسق خاص، فلا أسطر ولا فواصل، وإنما عزف مستمر لا ينتهي إلا مع انتهاء آخر حرف من كل قصيدة تشكل الديوان...‏

ولا بد لنا أن نتذكر أن (القصيدة الصوفية) كانت محاولة شاعرنا الأول لسبر احتمالات القصيدة المدورة إلى ما لا نهاية في محاولة منه للخروج من المأزق الحداثوي الذي جعل قصيدة التفعيلة تعاني من الرتابة والتكرار والنغمات الموسيقية غير المفاجئة. وبالطبع فإن في ذلك جرأة إبداعية نغبط الشاعر عليها، فهو صاحب مران طويل في كتابة الشعر، وله إسهاماته المعروفة في القصة القصيرة والنقد الأدبي... وباعتقادي فإن ما نراه في (القصيدة الصوفية) و(خذي دحرجات الغيوم) تمثل أفقاً محتملاً للشعراء العرب الذين كثرت الدعوة بينهم للاستفادة من إمكانيات النثر لإغناء قصيدة التفعيلة والشعر عموماً، ولاسيما إذا جاءت المحاولات من الغيورين والراغبين بأن يظل الشعر ديوان العرب فعلاً. فهذا النوع من الشعر الذي يدعونا طلعت سقيرق إليه تتجسد فيه إمكانية بناء القصيدة الموزونة على ضوء ما يتيحه النثر لكن مع مراعاة أن قاعدة البلاغة العربية التي تشمل النثر والشعر على حد سواء تقوم على الإيجاز وطرد كل زائد عن المعنى والبناء، ما يتطلب أيضاً أن يكون المعجم اللغوي للشاعر غنياً، مع ملاحظة أن قاموس الشعراء العرب، والفلسطينيين خصوصاً، خلال السنوات الثلاثين الماضية من الفقر ما يغري كل قليل موهبة بدخول عالم الشعر، وخصوصاً أن الزاد المطلوب هنا لا يعدو خمسين مفردة، وقليلاً من الشعور بالظلم أو عدم الاستقرار النفسي.‏

ينجو سقيرق في ديوانه الجديد من الوقوع في شرك وهم كتابة الشعر، فيقدم لنا نصوصاً ليست سهلة على الدرس، فمن الواضح أن كاتبها معني بالسؤال الأساسي الذي يؤرق الشعراء عادة: ما هي الإضافة التي ستتركها أشعاري في نفس القارئ؟.. وبعدها الوجهة إلى أين طالما أن الشعر لا يرضى بالساكن والجاف غير المتحسس لمتطلبات الأدب والحياة.. ورغم حيطته، وربما بسبب جرأته على تقديم شكل شعري نراه جديداً، يقع شاعرنا في بعض الأخطاء غير القاتلة من تلك التي لا تفسد قناعتنا بموهبة الشاعر.. ومن تلك الأخطاء استغراق الشاعر في موضوعه، بحيث يفقد تحكمه ببعض وظائفه كصانع للنص، فنراه يتنازل عن دوره كرقيب قاس على النص يحمل حسه ومعرفته وأدواته كناقد أول وأساسي لشعره ولا يهاب القص والحذف هنا من أجل الوصول إلى النص الأفضل.. وكي لا نظلم الشاعر هنا، فتلك مثلبة يأتي بمثلها نفر غير قليل من الشعراء العرب، مع استثناءات قليلة.. إن هذا الاستغراق حرمنا من رؤية أشعار سقيرق في أبهى حالاتها، فرأينا مفردات بذاتها تكرر عبر قصائده، منها مفردات العطف، الإشارة والضمائر المتصلة والمنفصلة، وهذا بالطبع تطلب من الشاعر الاعتماد على الأفعال المضارعة، أو تلك الأفعال التي تجيء بصيغة الماضي لتشير إلى أحداث مستمرة.. على أن الحديث عن الديوان يقودنا للحديث عن خاصية الخيال البصري الذي تمنحنا إياه القصيدة، أياً كانت صلتها بالعروض الفراهيدية.. ففي قصائد السياب والملائكة والبياتي، وما تلاهم من شعراء، كان ترتيب السطر يحيلنا إلى نماذج أوروبية جرى عوربتها كي تحل تدريجياً مكان البيت الشعري العربي ذي الشطرين المعروفين، ثم جرت (عوربة) قصيدة النثر الأوروبية والأمريكية بادئة صورتها العربية بنماذج مقبولة فنياً على يد محمد الماغوط، وتالياً أنسي الحاج، لتصل في مراحل لاحقة إلى مركوب سهل لكل من هب ودب لتفقد، في معظم نتاجاتها كل ما يوفره الشعر من خلجات للروح والقلب، ومن اندهاشات الأذن التي تميز ما بين الموسيقا الراقية وتلك التي تصدر عن عازفين رديئين. وما يدفعنا للحديث عن هذه النواحي طبيعة الصورة البصرية الجديدة التي تحاول مجموعة سقيرق الحديثة إدخالنا إليها، وهي هنا ذات تأثيرات إيجابية تحسب لصالح الشاعر، وفي الوقت نفسه تحمل سلبيات لا يمكن تلافيها إلا باختمار التجربة عبر تكرارها، ويبدو الشاعر في هذا السياق أكبر المطالبين بالعمل على استكناه ما يخبئه لنا الشكل الذي يحمل علامته الفارقة من حسنات ومثالب.‏

وبطبيعة الحال ينبغي لنا الإشارة إلى ارتباط الخيال البصري بما تخلفه صورة الأسطر، التي لا يمكن فصلها عن الموسيقا، في ذهن القارئ من مشاعر ورؤى مختلفة.. فمن الواضح أن بناء النص الشعري على هذا الشكل الجديد لا يدع للقارئ مجالاً لإراحة نظره، وربما إلى حد معقول لإعمال عقله ومخيلته أمام هذا التدفق المتصارع من التفعيلات التي تجعل القارئ يركض دون أن يعطى مساحة كافية للدهشة والتذوق الفني الواعي... فهل تأتي هذه الحالة من كون الديوان بمجمله، ماعدا أربع قصائد تنتمي إلى الشعر الوطني، قصيدة حب واحدة قسمها الشاعر إلى قصائد تحمل عناوين مختلفة، ولكن يجمعها نهر غناء وحيد يتدفق غزيراً ممجداً الحب وروعة العشق الذي يجعل النايات ترسم خطا الشاعر العاشق، أو أن ذلك يعود إلى تلك المشكلة التي تحدث عنها نقاد الشعر العربي طويلاً، والمحير أن أغلبهم من المستشرقين الذين لا يعتز برأيهم لأن العرب أدرى بأشعارهم، حول غياب النبر من شعرنا مما يجعل مغامرة فتح التفعيلات على بعضها مغامرة، تحرمنا من القوافي المفاجئة والمدروسة، ومن القوافي الداخلية، ومن تلك الموسيقا التي لا تطفو على السطح فقط بل تتمازج مع الإيقاع كي تعيد تذكير القارئ، المرة تلو المرة، أنه دخل ويعبر مناطق تغمرها كهرباء الشعر، وعذوبته وارتباكاته.‏

ويحس قارئ الديوان أن كاتبه يقع في مواقع يسهل العثور عليها مثقلاً بتدفقه الشعري، أو لنقل حماسته لكتابة الشعر بغزارة جعلت بعض قصائد ه متفاوتة المستوى بين مقطع وآخر، إذا أمكن لنا الفصل القسري بين المقاطع التي تتشابك لدرجة يصعب فصلها.. ومعلوم أن الشعر هو من أكثر الفنون تمنعاً على صاحبه، فهو لا يأتي بسهولة، فلا نستطيع أن نفرك الشعر من أذنه ليجئ صاغراً وفق مشيئتنا، زماناً ومكاناً، إنه يحب الجلد والتبصر وانكشاف الخيال وعماءه، ووضوح الرؤيا وضبابيتها، إنه لا يرضى بالسهل، وإن حدث ذلك فلا يرضى إلا بالسهل الممتنع الذي صار سهلاً لأن صاحبه هضم فنون الشعر، ودار جهات الأرض كلها كي يلخص عمره في قصيدة تعيش طويلاً.. ولعل هذه الغزارة هي ما أفقدت بعض قصائد الديوان شيئاً من ألقها، على عكس (القصيدة الصوفية) التي تكشف عن صانع ماهر، مع قناعتنا الأكيدة أن المغامرة بكتابة قصائد حب خالصة، في زمن لا يزال الشاعر الراحل نزار قباني يقبض فيه على هذا النوع من الشعر مضيقاً الدائرة على من يريد اقتحام مجال الشعر الوجداني الحميم من بعد، وربما لسنوات قادمة، هي مغامرة تجدر مباركتها..‏

لقد عانى الشعر العربي، ما عدا نماذج قليلة، خلال العقود الثلاثة الماضية من مشكلة أساسية تمثلت في انقطاع تواصله مع تلك الموضوعات والدوافع التي أعطت الشعر الجيد على الدوام جودته وعوامل ديمومته، وتلك الموضوعات تتمثل بالمرأة والطبيعة والفن. وإذا تذكرنا شاعراً بحجم السياب نرى أننا نتذكر إلى جانب قصائده الرائعة (غريب على الخليج) و(الأسلحة والأطفال) و(أنشودة المطر)، قصائد تحضر فيها المرأة والطبيعة بامتلاء كبير كما في (جيكور) و(المومس العمياء) ... إلخ ..‏

إن غياب المرأة والطبيعة عن شعرنا العربي، جاء مترافقاً مع ابتعاد واضح وشبه عام عن فنيات القصيدة التي من خلال غناها نكتشف مدى خبرة هذا الشاعر أو ذاك.. وإذا أردنا حصر الحديث عن ديوان (خذي دحرجات الغيوم) نرى حضور المرأة والطبيعة ملفتاً للنظر، فهذان العالمان حاضران بقوة حتى وهو يكتب شعراً سياسياً كما في قصائد الديوان الأربع الأخيرة حيث يتخذ الوطن شكل الأنثى والطبيعة حواف الوطن.‏

ونلاحظ أن المرأة، والطبيعة أيضاً، عند شاعرنا سقيرق هي كائنات ضبابية، إذ بالكاد يمكننا تلمس طبيعة خاصة لهذا المخلوق الذي يمنحه كل الحب، ويضيق بحضوره كل الزمان والمكان، ويحرص على إبقاء كل ما بينه وبينها من نداء.. ولعل شاعرنا لا يجانب الصواب، حين يفيدنا من خلال قصيدته (كأن السماء) بتقريب ما نود قوله. يقول سقيرق: (أمد خطاي على شاعر من هواي وأمضي إلى سكة من سؤال).. إن مفردة شاعر من هواي تفسر لنا لماذا قصائد الحب التي في الديوان لا تجعلنا قريبين منها.. فمن الواضح أن الشعر الجيد لا يحتمل الأحكام الإطلاقية، فنحن لا نبحث في قصيدة حب عن شارع من العشق والهوى، بل نتوقع مكاناً صغيراً قد لا يتسع ليدين عاشقتين، أو للفتة عين المحبوب، أو حتى لابتسامة تعلن اشتعال الحب.. إننا من خلال ديوان واحد، لا نستطيع اختصار سؤال الهوى، لأن عظمة قصائد الحب التي أحببناها منذ (عنترة وحتى قباني) تأتي من كونها تلتزم حدود الحب المعيش الذي يجري التعبير عنه بوصفه حباً كونياً بقدر ما هو حب يستولي على لسان الشاعر وقلبه وأحاسيسه.. وما نراه في (خذي دحرجات الغيوم) لا ينتمي، كثيراً أو قليلاً، إلى هذا الحب الذي نتحدث عنه.. لقد علمتنا تجارب الشعراء الناجحة على مدى العصور المختلفة أن الشعر الناجح هو ذلك الذي يدعونا للانتباه أننا بصدد الدخول إلى منطقة شديدة الخصوصية والجاذبية، معها نحس أننا عشاق فعلاً، وتلهب عواطف الحب جوانحنا.. إن ما نحسه هنا ربما نستطيع تفسيره إذا درسنا بعمق نفسية الشاعر العربي من خلال نوعية القصائد التي يكتبها.. وإذا ما فسرنا نفسية الشاعر سقيرق من خلال الحب الذي يكتب عنه نرى أنه يكتب بإحساس ممن أتخم بالحب، تماماً مثل أمرؤ القيس، نزار قباني وسواهما من شعراء العرب.. إن هذا الشعر الذي يعرف حالة الشبع العاطفي يخالف صورة الحب الذي يرتسم في أفكارنا، فهو هنا مصدر للسعادة والإلهام، رغم أن أعظم أشعار الحب العربية جاءتنا من لوعة الحب وحرماناته التي لا حد لها منذ عنترة العبسي، وليس انتهاء ببدر شاكر السياب..‏

لم يمض زمن طويل على إنتاج عمالقة الشعر العربي: أحمد شوقي، أحمد رامي، حافظ إبراهيم، معروف الرصافي، إيليا أبو ماضي، سعيد عقل، إبراهيم ناجي، الجواهري، لروائعهم ومع ذلك فإن التعمق فيما كتبه هؤلاء من قصائد تمجد الحب والطبيعة والفن، ومقارنتها بالمشهد الشعري العربي خلال العقود الثلاثة الأخيرة، سيجعلنا نخرج باستنتاجات كثيرة يهمنا منها، هاهنا، تغير حياة وتفكير، بل وتعبير الشاعر عن نفسه.. فهل يعيدنا هذا إلى حقيقة عربية، وعالمية إلى حد ما، أن المدينة لا تنتج شعراء عظماء، ولا رسامين كبار، فهؤلاء هم من مفردات الحياة الريفية بكل مفرداتها.. فمن اللافت أن كل الشعراء الذين برزوا على الساحة خلال المراحل المتلاحقة، في سورية، لبنان، فلسطين، مصر، العراق.. الخ.. هم من أبناء الأرياف، أو لنقل من المدن التي لم تعرف من تعقيدات الحياة المدنية سوى النزر اليسير..‏

وعودة إلى الغزارة التي تحدثنا عنها، نلاحظ أنها لم تخدم أحياناً ما يريد الشاعر سقيرق فعله، فالشعر لا يقاس، كما هو أكيد ومتعارف عليه، بعدد الكلمات والأسطر، ولكن بما هو شعر أصيل، هكذا بكل بساطة يمكننا تفضيل بضعة أبيات شعرية على قصيدة قد يتجاوز عدد صفحاتها الألف... ورغم هذه الملاحظة إلا أن الشاعر سقيرق يقدم في الأحيان الأخرى شعراً صافياً ينبغي النظر إليه وتمليه بروية لأنه يدخل بوابة الشعر مواطناً أصيلاً لا زائراً دخيلاً لبعض الوقت بحثاً عن الأضواء والشهرة.. إنه يبني على جرس الكلام قصيدته، ويلم كما يقول، عن شجر الغناء الروح والريحان، يكتب الشعر ليرتدي في سكة العشق الجميل يدي المحبوبة أو ضلعين من نار الغرام، ليكون زمان قصيدته زمان الوجد والحنين والعشق الذي يسحر النايات والعشاق كما في الأساطير القديمة.‏

وإذا كان الديوان بمجمله قصائد حب، إلا أننا نعثر على أربع قصائد تكتب الهم العام (قامة الشجر الجميل)، (عرس الجنوب)، (فلسطين يا قدس قدس) و(يا قدسنا... يا قلبنا).. وعلى عكس النظرية التقليدية الظالمة التي ترى في كتابة الشعر السياسي نوعاً من فشة الخلق والرغبة بالتنفيس عن الذات بكتابة الشعر الصارخ المباشر، نرى قصائد سقيرق الوطنية تجسد القامة العالية التي يرغب الشعراء في الوصول إليها في كتابة القصيدة التي تقرأ تفاصيل الوطن والإنسان العربي الذي توجعه وقد تميزت هذه القصائد، إلا في مواضع قليلة منها، بأنها لا تجنح للهتاف، فمطالعها نتاج تأمل طويل سمح باختمار المشاعر في كيان الشاعر لتخرج بصورتها المثلى.. يقول الشاعر سقيرق في قصيدة (فلسطين يا قدس قدس): أخبئ في الصدر عينيك أمضي إلى فضة من عبير اللقاء خذي بعض وجهي ومري على سكة من ضلوعي.‏

ولا بد من الإشارة إلى أن هذه العذوبة تأتي رغم أننا أمام شعر سياسي، ولكن بسبب استغراق الشاعر في همه السياسي نراه يسقط أحياناً من فضاءات التحليق إلى مجال الخطاب السياسي المباشر.. ففي القصيدة التي ذكرناها للتو تبدو نهايتها مشبعة بالهتاف حين يقول: والمدائن يا قدس قدس ولن تستكين سوى بامتداد النهار على كل شبر سوى بارتحال الظلام هنا عمرنا حبنا عشقنا كلنا..‏

إن ديوان (خذي دحرجات الغيوم) من الإصدارات الشعرية الجديدة الجيدة في وقت يكاد فيه البحث عن جيد العرب المنشور الجديد نوعاً من التنقيب عن إبرة في كومة قش..
الأسبوع الأدبي العدد 899 تاريخ 20/3/2004
[/align]

نصيرة تختوخ 21 / 09 / 2012 39 : 10 AM

رد: خذي دحرجات الغيوم لطلعت سقيرق: قصائد ترتدي في سكة العشق نار الغرام
 
كيف غاب عنا الاطلاع على هذا المقال المتأمل الدارس العميق لديوان الشاعر طلعت سقيرق بكل ما حمله من معلومات ومقارنات وتأملات.
فعلا مقال قيم يستحق القراءة ويجعلنا نشتهي العودة مجددا لقصائد الشاعر طلعت سقيرق الفذة والاستمتاع بها مجددا.

رشيد الميموني 21 / 09 / 2012 28 : 02 PM

رد: خذي دحرجات الغيوم لطلعت سقيرق: قصائد ترتدي في سكة العشق نار الغرام
 
الجميل في إبداعات الراحل الغالي طلعت أنها تاسرك بكل سلاسة إلى عالمها العذب ..
والرائع في شخصية الشاعر أنه يجذبك بتلقائية إلى قراءة أشعاره دون أن يلزمك بشيء .. فهو يكتب القصيدة المدورة ويعطيك دروسا في بحور الشعر دون أن يرفض ما يتعارض مع ميولاته .. ومثالا على ذلك رأيه في قصيدة النثر التي أسالت كثيرا من الحبر وأحدثت نقاشا زجدالا واسعا إن لم أقل خلافا حادا حول ماهيتها وشرعيتها ..
الذكرى الأولى لرحيل طلعت قريبة .. وما أجدرنا باغتنامها فرصة لجعل مؤلفاته تحت المجهر .. ونخصص أياما ثقافية هنا بالمنتدى لقراءة أشعاره و قصصه من أجل المتعة وإبراز مواهبه الفذة .
محبتي .

خيري حمدان 22 / 09 / 2012 29 : 08 AM

رد: خذي دحرجات الغيوم لطلعت سقيرق: قصائد ترتدي في سكة العشق نار الغرام
 
حبيبنا طلعت
كلّما طال الوقت أحببت وافتقدتك أكثر
صدّقني بأن الغيوم قد توقفت عن الدحرجة إكرامًا لغيابك الحاضر فينا
طاب مثواك يا سيد الشعراء.

محمد جادالله محمد 24 / 09 / 2012 19 : 01 AM

رد: خذي دحرجات الغيوم لطلعت سقيرق: قصائد ترتدي في سكة العشق نار الغرام
 
الاستاذ...........طلعت سقيرق...الله يرحمه..ليس فى حاجة الى اى شهادة
...................او مقارنة ..لان المفارنة لا تجوز فى الفنيات على الاطلاق لانها تنبع عن احاسيس وعواطف
وكللها فى دنيا الفن ازهار.....
ليتك كنت عرضت الديوان نفسه ..دحرجات الغيوم ..احسن مليون مرة من هذه الدراسة النقدية له على الاقل بالنسبة لى
اذاتتى لم اقراا من قبل اى دراسة نقدية على الاطلاق ولا اقربها ابدا...
لاننى اعتقد ان الخطا والغلط واللخبطة فى الفن طالما فى الفن ذاته فهى فن ...ذلك ان الفن هو نبع وجدانيات
والوجدانيات شئ من الجنون ولايجوز ان نطالب المجنون بان يكون يتحكم فى عواطفه لتكون عاقلة...
اشكر من دعانى لهذه الدراسة ...واعتزر عن اى عبارة يفهم منها غير ما اقصده ...
...مع تحياتى ...محمد جادالله محمد..........


الساعة الآن 08 : 03 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية