منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   القدس في ألمٍ وليلٍ داج (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=359)
-   -   القدس ونزيف الجرح الغائر ـــ أ.د.حسين جمعة (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=11883)

د.حسين جمعة 12 / 08 / 2009 54 : 12 PM

القدس ونزيف الجرح الغائر ـــ أ.د.حسين جمعة
 
[align=justify]
القدس عروس عروبتنا؛ وجوهر النزوع الروحي السامي للمسلمين والمسيحيين والشرفاء من أحرار العالم؛ ما يؤكد أنها مدينة مقدسة عند الشعوب كافة... وهي التي تجسّد مبتدأ الصراع العربي ـ الصهيوني ومنتهاه ومرتكز الوجود العربي لمفهوم التحرر والاستقلال والسيادة...
وحين نُستنفر اليوم جميعنا بوصفها عاصمة للثقافة العربية لعام (2009م) فإنما نُوقِظ في ذاكرتنا عظمة الجراح التي تعاني منها زهرة المدائن؛ ونثير المشاعر الجلامد من مرابضها لأنها أسيرة مقيَّدة؛ أناخ الموت والدمار والتخريب فيها كلكله... فطالما شاهد كل حر في العالم شلالات الدماء التي تسيل على شاشات الفضائيات بعد أن عانقت امتداد الشوارع والحارات، وتضمخت بتراب القدس الطهور. فيهوذا الذي يعيش في أعماق الصهاينة ما زال متعطشاً لشرب دماء الأبرياء، فهو الحاقد على البشرية والغاضب عليها أبداً...
فالقدس تنام وتصحو على أنهار من الحزن والمآسي التي تتشظى أجساداً وأشلاءًتتمزق بأنياب القيادات الذئبية الصهيونية المفترسة الوالغة في التوحش والقتل، دون أن يردعها رادع من خلق أو ضمير أو قانون أرضي أو سماوي. فالقيادات الصهيونية تمارس سياسة الاستئصال العنصري وتنفذ مخططات تهويد منهجية مدروسة لتغيير وجه القدس الحضاري، وتشويه جوهرها النقي الطاهر إذ تجسّد مدينة الالتقاء بين السماء والأرض، وأرض المحبة والإخاء والتسامح والسلام، منذ أسسها العرب اليبوسيون قبل خمسة آلاف عام وسموها (مدينة السلام)... فقد تواتر عليها ما يزيد على أربعين حضارة عمرتها بالمحبة والتعايش المشترك، عدا المراحل التي عبر فيها اليهود تلك المدينة الطاهرة. فقد سبق أن وقعت في قيد الأسر اليهودي لمدة قصيرة، وهي مدة لا يمكن أن تقدم للصهاينة أو للحركة الصهيونية أي حق تاريخي فيها، ثم إن الدعوة السياسية للحركة الصهيونية المعاصرة لا تمت بأي صلة لأولئك اليهود العبرانيين الذين مرّوا يوماً ما بالقدس، ولم يتركوا فيها أثراً إلا المآسي للمقدسيين. وكان الفينيقيون قد صنعوا فيها أول سفينة قادرة على عبور البحار، ثم أخذ اليونان منها الكتابة، يوم غزوها وسيطروا عليها قبل (300م) من الميلاد. ولهذا يصبح للاحتفال بالقدس عاصمة للثقافة العربية معناه ومغزاه؛ لأنه عام إزالة التزييف عن حضارة القدس؛ وهويتها العربية الإنسانية.
ولعل آخر جراح الحقد الصهيوني بناء حي استيطاني جديد لقطعان الصهاينة في حي (الشيخ جراح العربي)... وتزامن هذا البناء في الأسبوع الماضي مع سلسلة اعتقالات ومداهمات في القدس والضفة الغربية، كما تزامن مع اعتقال (178) عاملاً ادّعى الكيان الصهيوني أنهم دخلوا أراضي (1948م) دون تصريح لهم.
ومن يتابع ما يجري في مدينة القدس يدرك أن الصهاينة يحاولون تغشية عيون العالم بوساطة إقامة المستوطنات الصهيونية السرطانية لإبعادها عن جوهر عملية السلام؛ علماً أن الكيان الصهيوني أعلن جهاراً عياناً عن دولته اليهودية وعاصمتها الأبدية (القدس) الموحدة وشنّ هجوماً شديداً على كل من يعارض ذلك. ولهذا شرع (سيلفان شالوم) نائب رئيس وزراء الكيان الصهيوني ينتقد سياسة (أوباما) حينما دعا إلى تجميد بناء المستوطنات وتبني حل الدولتين. فقد صرّح لإذاعة (لندن) بأن القدس "هي العاصمة الأبدية لإسرائيل، وسنستمر في البناء فيها، شأنها شأن أي مدينة داخل إسرائيل". وبهذا فهو يتابع ما كان قد تبناه (نتن ياهو) رئيس وزرائه حين زعم أن قضية القدس قد انتهت؛ بمثل ما انتهت قصة الدولة اليهودية ـ عنده ـ وأي محادثات ثنائية بين الصهاينة والعرب يجب أن تسلّم بيهودية الكيان.. وإلا فإن المفاوضات حول التسوية ستطول إلى ما لا نهاية.
ولذلك فإن المواقف العربية والدولية العاجزة أمام تهويد القدس صارت أشهر من نار على علم، ولن ينتج الشجب والاستنكار إلا استشعار المرارة وتناسل الخيبات، وبخاصة حين تتناسخ الحسرات من العبث السياسي الذي تمارسه الأنظمة العربية الرسمية، لأنها ما زالت تقف خلف بوابة التسوية مترقبة الإذن بدخولها؛ وما برحت تلهث وراء عملية السلام التي قتلتها الحكومات الصهيونية المتعاقبة. ما زالت هذه الأنظمة تستجدي تلك العملية على حين تصرّ إدارة (نتن ياهو) على سبيل واحد لتحقيق السلام، سبيل لا ثاني له؛ إنه خارطة الطريق التي أقرّتها الرباعية الدولية، ما يؤكد أن الكيان الصهيوني يتجاهل قرارات الشرعية الدولية ويسخر منها، ويهزأ من المبادرة العربية للسلام؛ ويرفض حق الفلسطينيين بالعودة والتعويض، فضلاً عن رفضه لحق العرب باستعادة أراضيهم المغتصبة عامي (1948م) و(1967م)... ولا بأس أن نعود إلى ما يتعلق بدعوة (أوباما) لتجميد المستوطنات، وحل الدولتين فإن الصهاينة يلعبون في الوقت الضائع ويعبثون بتوجهات (أوباما)، وهو العبث الذي قاموا به من قبل مع الرئيس الأمريكي الأسبق (بيل كلينتون) حين طالب بالأمر نفسه، ولكنه استسلم في نهاية المطاف لرغبة الصهاينة، وهو عينه ما سيقوم به (أوباما)... فالصهاينة يناورون، ويتفننون بخلق اختلاف داخلي صهيوني، وما يفعلون هذا إلا من أجل ابتزاز (أوباما) وإدارته... فهم لا يعيشون أزمة اختلاف كما يزعمون، ولا يعانون من أي فتنة تجاه آراء (أوباما)، لأنهم يدركون أنه ملتزم بأمن الكيان، والحفاظ على وجوده في دولة يهودية. وهذا ما صرَّح به من فوق منبر جامعة القاهرة، بل راح يطالب العرب بالاعتراف بالدولة اليهودية مقابل السلام، ثم أعلن للدنيا كلها حفاظه على أمن الكيان ووجوده... ما يعني أن الكيان الصهيوني مطمئن لدعم أمريكي متواصل ولدعم عظيم من الدوائر الغربية. وفي ضوء ذلك كله فإن الصهاينة يسعون جادين إلى تزييف حقائق التاريخ والواقع؛ والجغرافية والعمران، وقيم التراث والثقافة، ومبادئ الإنسانية وأخلاقها السامية.. ثم إنهم يحقدون عليها جميعها، لأنهم يحقدون على العرب والمسلمين الذين صنعوها، وأسسوها.. إنهم يعيثون فساداً في الحجر والشجر والبشر، انتهكوا حرمات الأحياء والأموات؛ فجرفت آلياتهم المقابر ونزعت شواهدها دون رحمة أو شفقة، بمثل ما جرفت الأراضي الزراعية وغيرها.. إنهم يخربون معالم القدس، وبقية التراب الفلسطيني.. فالمسجد الأقصى يتعرض للتهديم نتيجة الأنفاق التي تحفر تحته؛ بحثاً عن هيكل (سليمان) المزعوم وسيصبح أثراً بعد عين حين تهوّد القدس بكاملها عام (2020م). أما حائط البراق فصار يقال له حائط المبكى، وقد زاره بابا الفاتيكان بين ثقوب حجارته ليضع ورقة اعتذار من اليهود، علماً أن كنيسة القيامة، وكنيسة المهد تتعرضان كل لحظة للحقد الصهيوني؛ بل إن التراث المسيحي في القدس يتعرض هو الآخر لخطر صهيوني أكبر روحياً ومادياً، فالصهاينة يعبثون بكل ما تمثله الأماكن المقدسة. والقائمة في هذا المقام تطول حول تحويل المساجد إلى أماكن للعبث واللهو و....
فالصهاينة لا يعيشون أزمة اختلاف فيما بينهم إلا من أجل الاستمرار في ابتلاع القدس برمتها وتهويدها؛ ومن ثم جعل ما يسمى بالدولة الفلسطينية الموعودة دولة صورية لا حول لها ولا قوة، دولة منزوعة السلاح، تابعة في سياستها ومواردها وصناعتها وزراعتها و.... لدولة الكيان الصهيوني؛ أي إنها دولة منزوعة السيادة والقوة والإرادة و... دولة لا علاقة لها بالقدس لا من قريب ولا من بعيد؛ لأنها عاصمة الدولة اليهودية الأبدية والموحدة...
وبناء على ذلك كله فإذا كانت القدس عاصمة للثقافة العربية لعام (2009م) فإننا نتساءل: هل يمكننا أن نشفيها من جراحاتها النازفة كل لحظة.؟! وكيف نستطيع انتشالها من عملية التهويد المنهجية والمستمرة كل يوم؟!
لا سبيل إلى ذلك إلا برَصِّ الصفوف الوطنية والقومية والإسلامية والإنسانية لتخليص مدينة السلام، مدينة السيد المسيح؛ مدينة مسرى الرسول الكريم من الآثام والشرور التي تعاني منها... إن صباحات القدس لن تشرق إلا بإعادة البهاء النقي إليها بالمقاومة الباسلة المستمرة... إننا لن نستطيع إنقاذ التراث العربي والإسلامي والمسيحي في القدس من براثن الكيان الاستيطاني السرطاني إلا بتحقيق جبهة عالمية متراصة من الأحرار والشرفاء، جبهة تزحف بالكلمة والسلاح لإطلاقها من قيدها وأسرها...
حينذاك تبرأ القدس من جراحاتها الغائرة النازفة.
[/align]

[align=justify]
[/align]

أحمد أبو الرب 27 / 08 / 2009 57 : 05 PM

رد: القدس ونزيف الجرح الغائر ـــ أ.د.حسين جمعة
 
إلى أخي العزيز الكاتب الرائع والأديب البارع


الأستاذ الدكتور حسين جمعة


تحية فلسطينية مقدسية مضمخة بالفل والياسمين


كلنا يا سيدي شآميو الهوى


تحية فخر وإعتزاز وإجلال وتعظيم


إلى سورية العربية الشماء البهية الإشراق الشامخة شموخ أرز لبنان


في كل يوم تعاودني الأشواق إلى سورية البهية الجميلة الجليلة الرائعة السحر والجمال والفتون


نعم ؛ كيف لا ؟! وسورية الحبيبة بثراها الطهور لها تاريخ عريق زاخر بالبطولات المجيدة على مر الزمن


كيف لا ؟! وشعبها الأبي له في التاريخ صفحات مشرقة من النضال والعطاء على كل الأصعدة والمجالات


أستاذي الكريم


لقد كنت متألقا في هذا البحث القيم


حقا إنه من الدرر الفريدة الخالدة خلود الزمن


الثابتة ثبوت الأصابع في راحة اليد


إنه سمفونية رائعة عزفتها على أوتار قيثارة القدس السليب


لقد كنت متألقا في هذا البحث المحكم في السبك والمعبر عن سمو المعاني والمشاعر الجليلة المتدفقة من نقاء الضمير وحسن السريرة


أعزك الله وأدامك ذخرا وسندا للدين والوطن العربي الكبير والأمة العربية الماجدة


دمت بود وكل عام وأنتم بخير



الساعة الآن 15 : 01 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية