![]() |
الشباب والوقت طريق الخلود ـــ أ.د.حسين جمعة
[align=justify]
الشباب ـ وهو مصدر يطلق على الشبان والشابات ـ هو ذروة المرحلة التي يمتلك فيها الإنسان الحيوية والنشاط والقدرة جسماً وعقلاً بين (20 و40) من العمر... وإن اختلف في تحديد نهايتها، إذ قيل تبدأ الكهولة بسنة (33) أو نحوها، علماً أن كثير من الشيوخ يملكون روح الشباب طموحاً و... أما الوقت فهو كل لحظة زمنية تمر من عمر الإنسان؛ وربما يطلق على الزمن مجرداً، قصيراً كان أم طويلاً؛ مؤقتاً أم دائماً لقولهم: الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك... [/align]ومن هنا نتساءل: إلى أي مدى يمكن للشباب أن يستغل وقته بما ينفعه بعد انقضاء مرحلة التعليم ما قبل الجامعي، إذ تختلف لديه درجة الرؤية للزمان والأشياء والقضايا والمواقف...؟ أي كيف يمكن للشباب، شباناً وشابات، أن يحققوا مستقبلهم الذي يطمحون إليه؛ ويرضون عنه؟!! كيف يمكنهم أن يستغلوا الوقت الذي ضربت الأمثال بقيمته؛ لأنه يعادل العمر ذاته وفقاً لما يؤكده الحديث الشريف: [يا ابن آدم إنَّما أنت أيام؛ كلما ذهب يوم ذهب بعضك]. يبدو لي أن الشباب مازالوا يقعون في مطبّ مصيدة الحيوية؛ والأمل بالوقت الذي تزينه تلك الحيوة، ما يجعلهم يضيّعون زمناً غير قليل من عمرهم في الأحلام، والجري وراء الأوهام تسويفاً ورجاءً، إذا تجاهلنا أولئك الذين يهتكون حرمة الزمن بأشياء غير نافعة...!! ولن أتحدث عن فرص الزمن الضائعة عند كثير من الشباب لأنها ـ ربما ـ وقعت خارج إرادتهم؛ وإنما أتناول أولئك القادرين على امتلاك الزمن إرادة ووعياً بَيْد أنهم ينفقونه في الوجوه التي لا تنفع ولا تضر؛ كالتسكع في ردهات الحدائق ومقاهي الشابكة (الانترنيت)، أو قضاء الليل في تعاطي ألاعيب قاتلة للوقت سارقة للعمر... ولو اتجهنا إلى الإبداع الأدبي لاتضح لنا أن كل من امتلك الوقت وصرفه في الوجوه التي تنفعه منذ يفاعته قد وصل إلى حالة التفرد في العطاء؛ واكتسب احترام الذات والمجتمع، وحقق الشهرة والخلود... ولو استعدنا سيرة المبدعين الأموات والأحياء لتأكد لنا حقيقة ما أشرنا إليه حين رسموا لأنفسهم الهدف الواضح والرسالة التي خُلقوا لأجلها؛ والقضية التي يناضلون في سبيلها... ووضعوا لذلك الأدوات اللازمة، واختاروا المنهج الذي يناسبهم؛ لأنهم أيقنوا تمام اليقين أن أي لحظة يخسرونها لا تحسب من أعمارهم، علماً أن الإنسان لم يخلق عبثاً... ويمكننا في هذا المجال أن نشير إلى الروائي العربي (حنا مينه) وقد بلغ ـ اليوم ـ السادسة والثمانين عاما؛ ولم يحصل على شهادات علمية، كما أثبته في قوله: ((أنا حنا مينه لست خِرّيج معاهد وجامعات، بل خِريج منافٍ وسجون... خرجت من الفقر الأسود إلى الفقر الأبيض... أَمضيت عمري أدافع عن مبدأ وقضية)). فحنا مينه لا يضيره ألا يكون صاحب شهادات؛ ولكن يؤذيه ألا يكون قد استغل الوقت والشباب في كل ما يفيده؛ وهو الذي عمل منذ التاسعة من عمره حمالاً، أو صياداً؛ حداداً أو حلاقاً أو نجاراً؛ ولكنه طفق يثقف نفسه بنفسه ويستغل الوقت لصالحه.. ما جعله يبدأ كتابة القصة القصيرة في مقتبل العمر إلى أن انتهى روائياً مشهوراً مستفيداً من تجاربه وثقافته... كان حريصاً على الزمن حرصه على التفرد الذاتي، فأصر على الإفادة من الوقت الذي حقق له الإبداع وخدمة المجتمع والأمة.. إذ يخشى أن يموت دون أن يحقق ما أراده، إذ قال: ((أخاف أن أموت، وأريد أن أترك ذكرى للأحبة بعد مماتي))... فهو يريد أن يحقق ذاته الاجتماعية الممتدة في الزمان بعد أن يرحل قائلاً لمحاورته: ((أمامك المستقبل؛ وأتنبأ لك بأيام جميلة))؛ أي إنه ينظر إلى شبابها، ويتطلع إلى أنها قادرة على الإفادة منه ما جعلها تجامله قائلة له: ((طول العمر لك؛ فأنت ـ ما شاء الله ـ تتمتع بحيوية وروح لا يملكها الشباب)). ولعل هذه العبارة وتلك تؤكد الحقيقة المطلقة لعظمة الشباب والوقت، وإن كان بعض كبار السن يملكون روح الشباب.. وهذا كله يعني أن الإنسان لا بد له من أن يستغل الشباب والوقت أحسن استغلال في كل ما يطمح إليه... فمن أدرك ذلك حقق لذاته الخلود حياة ومماتاً، وإلا فهو إلى الاندثار والنسيان، مثله مثل أي ورقة شجر تسقط في آخر دورتها الحياتية لتعود إلى التراب وتنصهر فيه و... فهل نعتبر؟!!. [/align] |
الساعة الآن 06 : 11 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية