![]() |
بالدم والأعصاب يكتبون
[align=justify]
ما أصعب أن تكتب ، وما أجمل أن تنظر بعد حين إلى كتابتك وقد طارت بجناحين من نور وعشق إلى كل مكان .. فالكتابة تشبه الاحتراق حيناً حتى آخر عرق ، والنشوة حيناً آخر حتى الذهول . وفي هذه وتلك ، لا تكون الكتابة بأي حال خارج فعل الكتابة بالدم والأعصاب ودقائق العمر .. فليس سهلاً أن تبدع عملاً يتناقله الناس ، ويصير بعد حين في كل مكان ، ويسجل بصمته وصوته ليكون في كل عروق الزمن القادم .. طبعاً ، لا يعني هذا ، أن كل من يكتب يحترق ، وأن كل من يبدع يذوق ألم الاكتواء بهذه النار المقدسة . فهناك من يكتب خارج زمن الكتابة ، وهناك من يبدع خارج زمن الإبداع . عندها تكون الكتابة حالة آلية لا معنى لها ولا طعم ولا رائحة . تكون كتابة يمكن أن تتصف بكل شيء ، إلا أن تكون متميزة ، أو قادرة على الخلود . فالاستمرار يحتاج إلى حطب من نوع خاص ، ونار لا تشبه أي نار .. كثيرون هم الذين يدعون مجرد ادعاء أنهم كتاب ، وأكثر منهم هؤلاء الذين تتعلق رغباتهم في أن يقال عنهم إنهم مبدعون . لكن هل يعني كل ذلك ، وهل يمكن أن يعني ، تداخل هذا أو ذاك ، مع فعل الكتابة الحقيقي؟؟ أظن أن الإجابة واضحة جلية ظاهرة للعيان .. فحين تقترب من العمل ، وتشعر ببرودة الثلج فيه ، تحكم عليه مباشرة بأنه ولد ميتاً ، ولا فائدة ترجى منه .. في نقاشات تطول أحياناً ، كنا نصر على أن ما يقرأ أمامنا لا معنىله .. وكان صاحب العمل يحتد ويثور وتقوم قيامته على نقدنا الذي يبتعد ـ حسب رأيه ـ عن جادة الصواب . ولأننا كنا مصرين على موقفنا ، فقد كانت الأبواب تغلق على لا شيء .. إذ يعرف الكثيرون أن من يكتب ما عاد يرضى بغير المديح .. وما عاد يسر بغير التصفيق والتهليل لكل ما يجود به قلمه .. أما النقد الحقيقي البناء ، فهو نقد منبوذ مكروه مطارد .. هناك فرق بين كاتب وكاتب ، بين ملامح وملامح ، بين صورة وصورة .. وطبيعي أن المبدع الكبير لا يحتاج إلى كثير جهد ليثبت أنه مبدع متميز ، فأعماله تشير إلى تميزه وتصرخ بأنه كاتب يستطيع أن يرسخ صوته وبصمته وصورته على مدار الزمن . ومن يحاول أن يقول ذلك ، لا يجني إلا الخيبة ، لأن الإبداع الكبير يبقى كبيراً وإن حاولت الأنياب أن تنهشه .. وما أجمل أن يعطى من يكتب بدمه وأعصابه حقه من الاهتمام والعناية .. فالزمان لا يجود كل يوم بكتاب كبار ، ولا يعطينا كل يوم مبدعين متميزين . بل علينا دائماً أن ننتظر طويلاً حتى يجود الزمان علينا بمبدع استثنائي.. هل نقول إنّ التفريق واجب .. وهل ندعو إلى ضرورة الفرز والتمييز ..؟؟ أظنّ أنه من واجبنا معرفة قيمة هذا المبدع وذاك .. كما أنه من واجبنا أن نميز بين الكبير والصغير ، بين العميق والضحل ، وهذا لا يعني أننا ندعو إلى ضرورة إيقاف هذا وذاك عن فعل الكتابة كي يستمر المبدعون الكبار فقط .. لأنّ مثل هذا الأمر غير واقعي.. إذ أنه في كلّ زمن لابدّ من وجود الكبار والصغار من المبدعين .. وفي كلّ مكان لا بدّ من وجود تمايز بين كاتب وآخر.. ووجود هذا ضروري لوجود ذاك .. كما أنّ إلغاء وجود هذا يعني إلغاء وجود الآخر .. فالعملية في تعقيدها تحتاج إلى الكثير من الشرح رغم حدة وضوحها .. وفي كلّ الأحوال علينا القول إن من يكتب بدمه وأعصابه، لا يمكن أن يكون كهذا الذي يكتب خارج فعل الكتابة .. لكن لابدّ من وجود هذا وذاك في كلّ زمان ، وفي كلّ مكان.. [/align] |
رد: بالدم والأعصاب يكتبون
[align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=center]جميل أن منحت نفسك الوقت لتدون أفكارك و ملاحظاتك لتعبر عن نفسك و غيرك وتتأمل الكتابة كممارسة وإبداع و حتى سلوك.
رحمك الله.[/align][/cell][/table1][/align] |
الساعة الآن 34 : 08 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية