![]() |
بين الجيد والرديء
[align=justify]
من حسن الحظ أنّ الصحافة ، في جزء غير يسير منها ، بدأت تطرح حديثا مشكلة الكتابات الرديئة التي أخذت تزيح المواد الجيدة وتستولي على مكانها من خلال العلاقات والمصالح الشخصية وما شابه !!.. وطرحت هذه الصحافة دعوة مفتوحة للكتابة الجيدة كي تأخذ مكانها ، متعهدة بتنحية كل الكتابات السيئة والاستغناء عنها .. وقد حاول بعض النقاد طرح مقولة دور النقد في ذلك ، وأنه على النقد البناء أن يبتعد قدر المستطاع عن النقد الذي نسميه بشكل متعارف عليه بين الصحفيين " نقد جبر الخواطر" وهو نقد هش متهالك أساسه المدح والتصفيق والتطبيل لما هو غير أدبي .. وتعهد كثير من النقاد أن يسلكوا الطريق الصحيح في قراءة المادة أو الكتاب ، والتحدث بصراحة عن قيمته مبعدين كل تأثيرات العلاقات الشخصية والمصالح الفردية وجبر الخواطر ، سعيا للنهوض بالنقد والأدب معا .. إذ لا يمكن للكاتب السيئ أن يتجرأ على الكتابة حين يأخذ النقد دوره .. ولا يمكن للناقد الذي تعود على المدح ليس إلا وما عاد يتقن سواه ، أن يبقى على حاله ، لأن العملة الجيدة ستطرد العملة الرديئة بالضرورة ، ولأن الناقد الجيد سيتناول كتابات الناقد السيئ ويعريها أمام الجميع .. لكن تعالوا نتصور مع المتفائلين أن ذلك يمكن أن يحدث كما يريدون ، وأن الأدباء الجيدين والنقاد الجيدين سيكونون معهم على الخط !!.. فكيف يستطيع هؤلاء الجيدون ملء المساحات التي صار عليها أن تملأ بأي طريقة ؟؟..وماذا سيفعل أصحاب الصحف والمجلات الكثيرة التي فرخت في الوطن العربي حتى صارت أكثر من الهم على القلب!!.. وكلهم يريد المادة التي تجعل الأبيض أسود بأي وسيلة من الوسائل .. وهنا لا بد أن يطرح السؤال بصيغة : هل يستطيع الأدباء والنقاد الجيدون ملء المساحة التي سيتركها المعتدون على الصحافة ؟؟.. وكيف ؟؟.. فدوران عجلة المطابع لا ترحم ، ولا يمكن أن تكتفي الصحف مما هو جيد فقط ، لأن ذلك سيعني توقف أكثر المطبوعات عن الصدور!!.. فما العمل؟؟.. طبعا هناك مفهوم خاطئ وتصور مبني على أسس غير متينة بأن الصحافة والكتابة وملء الصفحات من أيسر الأمور .. وهناك لغة " ادفع وستجد كل شيء جاهزا " هذه اللغة حولت حتى الكاتب الجيد إلى كاتب مرتزق يبحث عن الدولار غير مهتم بقيمة المادة التي يكتب .. فهو يريد أن يتماشى مع لغة العصر وأن يشتري البيت والسيارة إضافة إلى ما يتوفر في البنك ليقال إنه كاتب محترم !!.. وهناك من الجيدين من يسير في هذا الطريق بحثا عن لقمة العيش ، لأن الحياة ما عادت ترحم !!.. وفي زحمة الاختلاط بين هذا وذاك تضيع الملامح وتطفو على السطح لغة " دعك من قيمك البالية فعلينا أن نعيش "!!.. ألا يعني ذلك أننا نحول الجيد إلى سيء مما يحرك العجلة بشكل عكسي ماسحا كل تفاؤل ممكن يتحسبن ظروف الكتابة والوصول إلى نقد وأدب جيدين ؟؟!!.. مشكلتنا قي ضياع التنسيق والترتيب والتفكير ، وابتعادنا عن التخطيط الصحيح .. فصحيفة جيدة تغني عن عشرات الصحف السيئة بل مئات .. لكن من ستقنع بذلك ،إذا كان أكثر أصحاب الصحف والمجلات لا علاقة لهم بالصحافة أو الكتابة ، ومثلهم لا يقتنع بشيء مما نريده من تحسين وتطوير .. وهنا يأتي دور وزارات الإعلام والثقافة في الدول العربية لتضع قانونا يحمي الصحافة والكتابة من الرداءة ومن المتسلقين .. عندها يمكن أن نبدأ بشكل صحيح .. [/align] |
الساعة الآن 47 : 10 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية