منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   كلمات (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=246)
-   -   ركائز الشعر الفلسطيني (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=12123)

طلعت سقيرق 21 / 08 / 2009 53 : 02 PM

ركائز الشعر الفلسطيني
 
[align=justify]
يقال إن الشعر في مأزق، وحين نخصص، نجد أن هناك من يرى ضعفاً يعتور الشعر الفلسطيني قوامه أو صفته الأشد قرباً تتمثل في المراوحة في المكان.. حيث لم يستطع الشعر العربي الفلسطيني في سنواته الأخيرة، تجاوز الموجود، إن لم نقل مطابقته.. فهو يتراجع أو يبعثر بنيته ليكون شعراً أدنى بكثير من المأمول.. والأخطر أن يتهم الشعر الفلسطيني باجترار الموجود، أو الدوران حول ماقيل سابقاً.. ويرى النقد أن كسل الشعراء جعلهم إما في حالة تغريب لاتضيف شيئاً، وإما في حالة توصيف لاتغني الفن.. وكان هذا الشعر من قبل متهماً بأنه مشغول بركائزه التي تقيده.. فهو شعر فلسطيني عليه أن يدور حول موضوعات ورموز وأحداث وموجودات لاتعطي الخيال فسحة، ولاتعطي التحليق مجالاً مفتوحاً.. فالركائز الواحدة والتي لاتجديد فيها، تجعل القصائد الفلسطينية متشابهة متماثلة غير قادرة على الاختراق.. فهل هذا صحيح؟؟.. وهل على الشعر الفلسطيني أن يبقى أسير مأزقه هذا؟؟.. وماهو الحل إن كان المأزق خطيراً ضاغطاً إلى هذا الحد؟؟..
علينا في البدء أن نعمم لنرى أن الأدب كله في مأزق، يخص هذا ما هو عربي وعالمي دون تمييز.. وظاهرة الابتعاد عن القراءة بشكل متفاوت، ظاهرة لايمكن أن ننكرها وندعي أنها غير موجودة.. بالإضافة إلى ذلك، فالكتاب الورقي عامة يتعرض لهجمة الصورة أو الملتميديا بشكل عام.. والتلفزة أو التقانة وغيرهما جعلا الهوة تتسع بين الجمهور والأدب بشكل عام.. كل هذا صحيح وموجود لكن تعالوا نسأل: هل نستطيع التخلي عن وجود الأدب بأي حال؟؟.. سيكون الجواب الطبيعي والأكيد: هذا غير ممكن، لأن تصور الحياة دون شعر وقصة وكتابة يجعلنا نشعر بفقر وافتقار هذه الحياة إلى كل ماهو جميل.. والشعر باعتقادي الصورة الأعلى والأجمل للأدب والفن، لذلك نجد أن أكثر ما يدور من حديث إنما يدور حول الشعر، وأن أكثر ما يسعى إليه الكتاب عامة هو الشعر، وكأن تسمية شاعر تغري أشد الإغراء ليكون الإنسان شاعراً.. لكن هذا غير واقعي وغير مقبول، فالاجتراء على الشعر خلق هوة سحيقة من الابتعاد عن قراءة الشعر.. لأن كثيرين ممن يكتبون الشعر لاصلة لهم بالشعر من قريب أو بعيد!!.. والنقد كما نرى يقف حائراً أمام هجمة غير طبيعية على كتابة الشعر.. هذا أوقع الشعر العربي عامة في حالة ارتباك وجعل الناس يبتعدون عن الشعر إلى هذا الحد أو ذاك.. والأمر يحتاج أكثر ما يحتاج إلى إعادة تقييم حقيقية صادقة تبعد كل ما هو دخيل على الشعر دون أي حاجة للممالأة.. ونعرف، كما يعرف الجميع، أن عدد الشعراء العرب، يفوق عدد كل من يكتبون أنواع الأدب والسياسة والعلوم والطب وماشئت من كتابات مجتمعين!!.. فالمسألة إذن تحتاج إلى مشرط خبير وعملية جراحية حقيقية تعيد الأصلة للشعر العربي..
من هذه النقاط نرى أن أزمة الشعر الفلسطيني تنطلق من أزمة عامة تخص الشعر العربي كله، يضاف إليها أزمة التأطير أو الركائز الواحدة والتي تؤثر على أي شعر دون تحديد.. فالشعر حين يحدد المساحة التي يتحرك فيها لابد أن يفقد الكثير من قدرته على الارتفاع والتحليق والتخيل.. وحين نجد أن الشعر الفلسطيني باعتراف النقاد العرب يتجاوز الشعر العربي، ويسبقه، فهذا يعني أنه يخلق معجزته الخاصة رغم أطره وركائزه ومساحته المحددة.. لكن هذا لا يعفينا من القول إن هناك تراجعاً عند بعض الشعراء الذين لهم تواجدهم وحضورهم في مساحة القصيدة الفلسطينية.. وهذا التراجع يعني افتقاد مواقع متقدمة لهؤلاء الشعراء وللقصيدة الفلسطينية بشكل عام.. ولايعيب الشعر أو الشعراء، أن نقول إننا نحتاج إلى وقفة ننظر فيها بعمق إلى أسباب التراجع.. والسؤال الذي يسبق سواه: هل أصبحت قصيدة التفعيلة آسرة، أو قالباً جاهزاً، ما عاد يتيح حرية الحركة للقصيدة الفلسطينية، وهذا يعني القصيدة العربية أيضاً، مما جعل الشعر يقترب من الآلية القاتلة في كثير من الأحيان، مع أن الآلية نقيض الشعر وقاتلته في الوقت نفسه..؟؟!!..
هناك حاجة لإعادة النظر في الشعر كفن دون قيد أو شرط، علينا أن نوجد شكلاً غير ناجز، الشكل الناجز مقتل.. هو ثوب أو وعاء نصب فيه الكلمات فتأتي على قياس القالب.. والتغريب، أو الهروب إلى تركيب الجمل الغرائبية، أو جعل القصيدة بعيدة عن تحديد الموضوع، لا يعني خلاصاً من المأزق، لا يعني وصولاً إلى التطوير، فالمسألة أكبر من ذلك وأشد حاجة إلى دراسة وتمحيص.. وظني أن تشنج الشعراء، وضيقهم، بأن يقال هذا الكلام، لا يزيد الأمر إلا بلبلة.. فما الضير بأن نقول إن قصيدتنا تحتاج إلى دراسة حقيقية كي تجد مخرجاً لها يضعها في المكان الصحيح ويعيد لها حضورها الجميل؟؟..
لا نلوم الشباب من الشعراء يرتبكون في إيجاد مخرج.. ولا نلومهم حين يبحثون عن حل فلا يجدون، خاصة حين يكون الشعراء الذين سبقوهم في حالة تخبط.. المسألة تحتاج إلى حل حقيقي، إلى دراسة حقيقية، إلى غوص في الأعماق، إلى معالجة.. كل هذا يفيد ولا يضر.. كل هذا يعطي القصيدة خطوة إلى الأمام ولا يربكها.. التعلق بالفردية والظن أن كل شاعر لا يماثله شاعر، وأن ما وصل إليه هو الإنجاز الأهم والأفضل، لايصنع شيئاً، تعالوا نتفق على دراسة واعية لقصيدتنا.. تعالوا نرى الأمور بوضوح دون تشنج.. فكلنا معنيون بالقصيدة الفلسطينية شعراء وقراء ونقاداً.. وحين ندرس شعرنا بصدق نعطي قصيدتنا الأفضل والأجمل، ولا معنى لأن نبقى في دائرة القول إن هذا غير صحيح، وإن الشعر كله في مأزق، لأننا قلنا إن هذا صحيح، ولا يعني القول إن كل الشعر في مأزق ضرورة الصمت والتسليم بما هو موجود.. فنحن معنيون أولاً وأخيراً بأن يعطي شعراؤنا الذين تركوا بصمة الأفضل لا أن يتراجعوا.. وملاحظة أخيرة تعني أو تهم الركائز. فلا مانع أن نجعل من هذه الركائز منطلقاً لشعر إنساني واسع عظيم.. ولنا في بعض أدبائنا مثل حين وصلوا إلى العالمية من خلال ركائزهم ومساحتهم، فكانوا مبدعين حقيقيين.
[/align]


الساعة الآن 24 : 12 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية