![]() |
زهوة النص المغاير
[align=justify]
يبدو التكرار ممجوجاً مكروهاً غريباً في كل شيء.. وللأسف، فقد كبرت دائرة التكرار واتسعت حتى كادت تعم، لتكون الأساس الأصل، أو الأصل الأساس. ونبحث، تتسع المساحة طولاً وعرضاً، في عالم الفكر والأدب والدراسات. فلا نجد إلا المعاد الذي يتكرر، أو المكرر الذي يعاد.. فهل فقدت الكلمة نقاءها وقدرتها على الإدهاش، حتى صارت إلى ما صارت إليه، غارقة حتى العنق في الماء الآسن، ضائعة حتى النخاع في متاهات الركون إلى المعروف الذي لا يضيف؟؟.. ما نسمعه عن الحداثة وما بعد الحداثة، والمعاصرة، وتجاوز المعاصرة، يكاد يكون ديدن كل كتابة، ورفيق كل نص إبداعي.. لكن حين نقلب الروح والداخل والعمق لأي إبداع، نجد العجب العجاب، فكل ما قيل عن الحداثة مجرد كلام، وكل ما تردد عن المعاصرة مجرد زوبعة في فنجان، ولا شيء في جوانية النص أو في شكله غير التكرار وإعادة التكرار، وكأن الاجترار صار ميزة، فما عاد للمبدع إلا أن يقدم صورة عن صورة، أو نسخة عن قطعة.. وهكذا.. وظني أن الكسل صار دافعاً، والركون إلى الاسترخاء صار محركاً، فباتت النصوص الإبداعية باهتة في كثير منها، زائفة في أغلبها، مرتعشة في معظمها، حتى لانعمم، وحتى لانظلم بعض النصوص القليلة جداً حين نضعها في هذا المجرى.. هنا قد تبرز إشكالية تنطع المزيفين في عالم الإبداع، هؤلاء الذين لم يعرفوا الإبداع ولم يحترقوا بناره، فهم سيقفزون إلى الأمام ليقولوا نحن أصحاب النصوص القليلة المستثناة، وتلك مصيبة المصائب.. فهؤلاء الذين لايمكن الحديث عنهم حتى في صف النصوص المعادة المقبولة إلى حد، والذين لاينتمون أصلاً إلى أي نوع من أنواع الإبداع، سيقربون وجوههم جراء جهلهم ويصرخون ومن سوانا في عالم الإبداع؟؟!!.. ولابد أن تطلق ضحكة بحجم العالم، وأنت ترى إلى السخافة وهي تتنطع اختيالاً؟؟.. لكن كيف تكون الأمور في غاية الوضوح إذن؟؟.. على النقد، النقد المغاير أيضاً، الجريء الحقيقي، أن يضع النصوص في الغربال، ليسقط كل مالا خير فيه.. على النقد أن يضع النقاط على الحروف، أن يسمي الأشياء بأسمائها، كي تستوي أمور الإبداع وتستقيم، ولا حاجة بعدها لأن يتقدم العراة من الإبداع خطوة إلى الأمام.. ولاشك أن لهم في الأرض متسعاً غير الإبداع.. لكن أين نجد هذا النقد؟؟.. تلك هي صورة البحث عن زهوة النص المغاير، صورة البحث عن عطاء متفوق يستطيع أن يعطي الكلمة شرف نهوضها الجميل من جديد.. فالكلمة أولاً وأخيراً، بنت قاموس تنام في طياته، ويأتي المبدع الحقيقي، الناقد الحقيقي، الأديب الحقيقي، ليعطيها حقها في أن تكون كلمة من ذهب، كلمة من روح، كلمة من شريان، ونبض، وغليان، وتجاوز لكل ما هو متوقع.. في هذا الخط يكون الإبداع إبداعاً كبيراً، ويكون النقد نقداً كبيراً. وعندها لا يتجرأ العراة من الإبداع بادعاء ما يدعون، لأن النقد سيكشفهم مبعداً الزيف الذي كانوا به يستترون.. وكم سيكون السقوط مدوياً لهؤلاء الذين غالوا في غيهم حتى أتخمتهم الأكاذيب فصدقوها أو كادوا..!!. زهوة النص المغاير، دخول في البحث عن عالم متأجج عالي الوتيرة رائع النبض ممتد العطاء.. فالنص الذي يكرر نص ممجوح.. والنص الذي يعيد نص محروق.. بينما يبقى النص الحي ابن البكارة الأولى، والدهشة الأولى، والنقاء الأول.. ولا معنى لنص يفقد ميزة الجدة في كل كينونته، في كل جزئياته، في كل منحنياته.. هناك نص يملك زهوة النص المغاير.. وهناك نص لا يملك أي شيء.. وفرق كبير بين هذا وذاك.. فرق كبير بين نص يضيف أو نص يملأ السطور ليس إلا.. فالأول يدخل رئة التاريخ ليكون إبداعاً يخطو بالإبداع كله إلى الأمام، والثاني يخرج عن خط التاريخ ليكون دخيلاً على الإبداع، يثقل الحركة ويعيق المسير.. من هنا أهمية الإصرار على ضرورة وضع النقاط على الحروق، كي نبعد كل زائف، وكي نعيد إلى الإبداع رونقه الجميل الرائع.. وهذا لايكون إلا بإسقاط الغش.. [/align] |
الساعة الآن 43 : 02 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية