![]() |
صباح يوم جديد
[align=justify]
غداً، أو بعد ساعات ربما، سيكمل الأربعين من عمره.. عندها ستدق أجراس العمر معلنة دخوله منطقة جديدة من حقول الحياة.. قال محدثاً نفسه: وماذا سيحدث، لا شيء غير عادي.. الأربعون تشبه الثلاثين والعشرين.. ضحك في سره " أنت تعرف تماماً أنك ستصل الذروة هكذا يقولون"!!.. نظر حوله ودقق النظر في لوحة رسمت منذ سنوات.. " تلك الأحصنة الجامحة في اللوحة تشبه سنوات العمر الذاهبة".. الأطفال يستغرقون في نوم لذيذ.. الزوجة تحلم بنهار جديد مليء بالتعب.. وهو لا يعرف تماماً أين يقف من كل الأشياء المحيطة به.. تعود عمله اليومي.. ربما أدمنه.. لا.. على الأغلب أصبح العمل مجرد عقارب ساعة تدور باتجاه واحد دون الوصول إلى شيء!!.. تلك الدائرة الصغيرة مضحكة.. بل مرعبة.. رغم صغرها تستطيع أن تأسر عقاربها في هذا الدوران المحموم.. عند الصباح يخلع النوم ويغادر الفراش.. عند الظهر يعود إلى البيت حاملاً بعض الأكياس.. في المعمل يقف خلف الآلة مراقباً دوران المسننات والعجلات.. الآلة تقوم بكل شيء، تعبئ العلب، تصفها، تدفعها إلى الأمام، تسير في خط طويل، عند نهايته يقف آخر ليضعها في صناديق كبيرة.. أحياناً يظن أن الآلة أذكى منه.. لكن لو كانت أذكى لما وضعوه هنا كي يراقبها.. تمنى أن تخطئ في يوم ما.. تمنى أن ينهرها ويطلب منها شيئاً.. تعمل بانتظام غريب عجيب.. ذهبت سنوات عمره وهو ينتظر أن تخطئ، أن يقوم بعمل ما غير مراقبتها وهي تعمل.. كانت إحدى أمنياته الكبيرة تتمثل في أن تقع علبة ما على الأرض فيقوم بالتقاطها وإعادتها إلى مكانها المحدد!!.. هل هذه الأمنية مستحيلة الوقوع.. ملّ الوقوف مثل حرف الألف دون معنى.. قرف نظراته البلهاء إلى المسننات والعجلات والعلب.. مادام الأمر دقيقاً على هذا الشكل فما معنى أن يقف هكذا؟؟.. ما معنى أن يتصنم دون حراك كل هذه السنوات؟؟.. هل سرقت الآلة فكره وجهده وكل شيء؟؟.. أحياناً كان يتخيل أنه يقوم بتفجير هذه الآلة اللعينة انتقاماً من حركتها الدقيقة.. وأحياناً كان يتخيل دخول أصابعه بين المسننات وصراخه المجنون منادياً مستنجداً.. كل هذا لم يحدث..!!.. السنوات تمر بسرعة غريبة مدهشة.. البارحة كان طفلاً.. والبارحة كان شاباً.. وقبل أيام ربما كان في الثامنة عشرة يدخل إلى المعمل مليئاً بالنشاط والحيوية.. أخيراً استطاع أن يجد عملاً مناسباً.. ستكون الحياة بطعم جديد.. سيأخذ راتبه نهاية كل شهر ويشتري مايريد.. زرعوه خلف هذه الآلة.. دارت المسننات والعجلات.. دارت الأيام معها.. دارت الشهور.. السنوات.. بعد ساعات قليلة سيكمل الأربعين من العمر.. خلف الآلة سيقف وهو في الأربعين.. كل شيء سيسير بانتظام غريب.. العلب ستتابع مشوارها بخط مستقيم.. سيكون في الأربعين.. بعد ساعات قليلة سيسقط نهار آخر في دائرة هذه الآلة اللعينة، وسيفتح عينيه على صباح جديد لن يكون مختلفاً عن الصباح الذي سبقه بأي شيء.. [/align] |
رد: صباح يوم جديد
تختلف أنماط الحياة وبينما تتطور للإيجابي والأفضل عند البعض تتدهور أو تبقى على حالها عند البعض المشكلة في الدول المتخلفة أو لأقل السائرة في طريق النمو أن المرء خياراته محدودة و إن ضمن لقمة العيش يصعب عليه أن يغامر من أجل جديد قد يخسر معه كل شيء.
تحياتي |
رد: صباح يوم جديد
حياتنا خشبة مسرح .. بل هي أشبه بمسرحية تختلط بيها الملهاة بالماساة ..
هي عبارة عن دوامة أو حلقة مفرغة قد تحيلنا إلى ما يشبه بآلة في رتابتها إذا لم نتحامل على أنفسنا و ننشد التغيير .. خالص مودتي . |
رد: صباح يوم جديد
من الصعب توقع شئ جديد في دوامة الحياة فهي دنيا شقاء وتعب وكأننا ندور بنفس المكان
لا شئ جديد والشباب من الداخل من العمق من الروح يعني نرى كثير من الشبان كلامهم وأفكارهم ككبار السن والكثير منهم تحسبهم صغار بطريقة تفكيرهم وأخيراً ما دامت الروح تنبض بالحياة فأنا أعيش ودمت أستاذي الكريم بكل خير وحفظ الله تعالى |
رد: صباح يوم جديد
أستاذى القيم المحترم طلعت سقيرق
قرأت تلك الورقة من ورقاتك القيمة... والتى تعطينا جرس انذار للتوقف عن الدوران فى طاحونة الحياة التى تطحن أعمارنا دون أن نخرج عنها . حتى لا تفرمنا التروس الأخرى ...من طوال السير فى ذلك الاتجاة دون التمرد عليه...مما يجعلنا فى شبه غيبوبة متحركين دون تفكير ...فهو الأسهل والأمن ... لما نخاطر .؟؟ ...ولما نغير ؟؟ ...ولما نتمرد؟ ولما نتعب عقولنا ؟؟ لقد تعودنا العادة استاذى تملكت العقول فأصابتها بالبلادة والروتين بحكم الاعتياد استاذى دائماً تنبهنا بكتاباتك الراقية تقبل مرورى وكل تقديرى واحترامى |
الساعة الآن 56 : 11 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية