منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=65)
-   -   قصة قصيرة ((في الموت يبسمون )) تأليف فاطمة يوسف غبد الرحيم (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=12211)

فاطمة يوسف عبد الرحيم 27 / 08 / 2009 24 : 12 AM

قصة قصيرة ((في الموت يبسمون )) تأليف فاطمة يوسف غبد الرحيم
 
[align=justify]
في الموت يبسمون



أشرفت حملة تطهير المخيم على الانتهاء ،على حدِّ زعمهم طهّروه من الإرهاب ،النتائج مشرِّفة القتلى بالمئات والجرحى بالآلاف، السجون غصّت بالمعتقلين والمخيم كومة من الخراب، كلّ شىء على مايرام، التمشيط في مراحله الأخيرة، والمهمة أُنجزت مرحليّا والهدف تحقق.
وصدر التكليف : نكلفكم يا عازار بمهمَّة،ألا وهي الإشراف على مجريات الأمور من فوق ذلك المبنى العالي المشرف على المخيم ، اعترض عازار: ماذا أراقب؟ كما ترون لم يعد فيه أحد, هي منطقة خربة.
: لاتجادل ولا تخالف الأوامر، استشرف المكان وراقب .
تحامل على نفسه وصعد المبنى، المهمة مملَّة ، لكنه أمر عسكريّ سرَّح بصره في كل الإتجاهات ، اعترته رعشة كبرياء، لقد أبلينا بلاء حسنا ورحى الدماء نتاجها وفير, الهدوء يخيم على المكان, لا حركة, سكون قاتل ، من يراقب ؟
ما هي إلا لحظات ،بدأت الحياة تدبُّ من جديد :أمن رحم الأرض يخرجون؟ أطفال ونساء أين الرجال ؟ آه تذكر ,الكلُّ مرهون في دائرة الموت والاعتقال والجراح . تجمّع الصبية ، حنين الى اللّعب يعود، بدأت أصواتهم تعلو ضحكاتهم ترن في الأجواء، للطفولة نكهة تغرّد فوق طبول الحرب،حبّ يزرع السعادة في القلوب .
نظّموا الدوائر وشرعوا يتراكضون، عبثهم شدّه الى المشاركات بخياله، أرجعوه من جنديته الى طفولته، توقفوا تساءل: ما بهم؟ هل ملّوا اللعب؟ تشاوروا تحوَّلوا الى لعبة اخرى أكثر إثارة ، أحدهم يختبئ والآخرون يبحثون عنه، عندما يجدونه يتعالى صراخهم وترنّ ضحكاتهم في الأثير المعبأ بعبق البارود والمدافع والقنابل العنقوديّة ، يضحك هو، يشدّ على رشاشه ، يبحث معهم بعيون الطفولة عن المختبئ، يبتسم إذا وجدوه، توقفوا عن اللّعب ، تنهّد متذمِّرا، تشاوروا ، كبيرهم وضع أصبعه عند منطقة التفكير صائحا:" وجدتها" سخر عازار:أأنت أرخميدس الماضي أوأرخميدس جديد؟ وشوش أصحابه، فرحوا ،صاحوا ،رجع صداهم المرح أحيا رؤى الطفولة المتسربلة في قسوة السلاح في قلبه القتيم ، أسرعوا نحو الخراب يبحثون عن شيء ما ,امتدت الأيدي الصغيرة إليه، سحبوه من الأنقاض ،تمعن عازار يهمس : ما هذا ؟ لوح خشبيّ ، أنّه باب ،ماذا يريدون أن يفعلوا به ؟ تمدد أحدهم فوق الباب، رفعوه فوق الأكتاف تجمهروا حوله، وداروا في الساحه هاتفين ((أطلع بره يا غدار ،الشهيد حبيب الدار، دم، دم ، ما نهتم ))، تناولوا العيدان علّقوا عليها قطع القماش الخرقة ،رفعوها رايات، يهتفون رجع صدى أصواتهم وضحكاتهم تصفعه، نداءاتهم جمرات تتهاوى شهبا ،تحرقه، تصعقه ،الأصوات تتكاثر تتعالى بعنفوان يلعبون، يضحكون، أغتاظ منهم، على شفتيه ألف لعنة، شرارات الغضب تقدح من عينيه ،قهروه حتى في لعبهم " شهداء " ،تذكّر طفولته المسروقة، كان يعشق اللعب وكثيرا ماعوقب بتهمة اللعب في المعسكر،الأوامر الغاضبة تشرخ مدى الصوت القادم من ذاك الزمن البعيد : أنت هنا يا عازار لتتقن فن القتل ولعبة الموت لا لتلعب، يجب أن يتحقق حلم صهيون، يجب أن يتحقق،نداءات الحقد تعوي من جديد في داخله : حتى في الموت يلعبون، وازدادوا حماسا وتبادل الصبية الأدوار يضحكون فوق اللوح الخشبيّ، يتسابقون من أجل اعتلاء اللوح الخشبي ،ثارت ثائرته ،تبعثرت كلماته بسوداويّة: دمّرناهم من أجل اقتلاعهم، كتمت زغردات طفولتي في حلم صهيون، ومع ذلك لعبة الموت يلعبون.
غضب زمجر،هتافهم يعلو، ضحكاتهم تزغرد،تكاثروا من رحم الأرض يخرجون، لم يدرِ من المهزوم هم أم هو؟ تتصاعد الدماء في عروقه، النداء الغاضب يزمجر من جديد : سرقوا طفولتي،شراسة الموت لا تهربي هل أنا سجين الحلم ، وهم أحرار الحق ؟ عبّأ البندقية، صوبها نحوهم، صرخ: يجب أن يموتوا ، أطلق النيران فوق الخشبة، ماتت الضحكة، وهدأت براءة الطفولة، وارتسمت بسمة الموت على الشفاه الصلبة ،ازداد قهرا تناثرت طلقات رشاشه تفجرت الدماء (دم دم ما نهتم، دم دم ما نهتم ، الأرض هي الحلم)عانقوا الأرض،صراخه ملأ المكان والزمان : من رحم الأرض يخرجون، حتى في الموت يبسمون ، فالأرض لهم يعودون إليها برضىً، وما نحن الا غرباء، نحسن صناعة الموت والخراب، وانطلق ضاحكا هائجا بهستيريا شديدة :الأرض لهم من رحمها يخرجون واليها برضىً يعودون، الأرض لهم، الأرض لهم .
[/align]

رشيد الميموني 27 / 08 / 2009 08 : 02 AM

رد: قصة قصيرة "في الموت يبسمون " تأليف فاطمة يوسف غبد الرحيم
 
فالأرض لهم يعودون إليها برضىً، وما نحن الا غرباء، نحسن صناعة الموت والخراب، وانطلق ضاحكا هائجا بهستيريا شديدة :الأرض لهم من رحمها يخرجون واليها برضىً يعودون، الأرض لهم، الأرض لهم .
ما أجمل ما انتهت إليه قصتك الشيقة و المؤلمة في نفس الوقت يا أختي فاطمة ..

وما أبهى تلك الصورة التي قدمتها لذاك الالتحام بين الإنسان الفلسطيني و أرضه و المتمثل في صبية يتقمصون أدوار الكبار وكأني بهم يستشرفون الغد بكل إشراقاته ..
استمتعت بقصة تبث في النفس آمالا عريضة رغم رائحة الموت و سفك الدماء ..
أرحب بك أختي فاطمة هنا في نور الأدب و بالأخص في منتدى القصة و أتمنى قراءة المزيد من نصوصك ..
دامت لك المودة و التقدير .

فاطمة يوسف عبد الرحيم 27 / 08 / 2009 14 : 05 PM

رد: قصة قصيرة "في الموت يبسمون " تأليف فاطمة يوسف غبد الرحيم
 
السيد رشيد الميموني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر قراءتك للنص وهذا التفاعل المؤثر لفكرة النص ومضمونه مما يدل على قوة انتمائك وحبك وإيمانك بقضية الشعب الفلسطيني العادلة وإن شاء الله أرسل لكم المزيد من المشاركات
فاطمة

ميساء البشيتي 27 / 08 / 2009 20 : 11 PM

رد: قصة قصيرة ((في الموت يبسمون )) تأليف فاطمة يوسف غبد الرحيم
 
عزيزتي الاستاذة فاطمة يوسف عبد الرحيم

ارحب بك في بيتك ومنتداك نور الأدب

أتمنى لك أقامة طيبة هنا وأمني نفسي بالمزيد المزيد من ابداعاتك

نور الأدب يفخر ويعتز بقلم جميل ورائع ومميز كقلمك عزيزتي فاطمة

اهلا وسهلا ومئة مرحبا


http://www.nooreladab.com/vb/imgcache/1149.imgcache.jpg

هلا عكاري 28 / 08 / 2009 46 : 01 AM

رد: قصة قصيرة ((في الموت يبسمون )) تأليف فاطمة يوسف غبد الرحيم
 
قصة جميلة وشيقة..
بورك قلمك وابداعك عزيزتي وفي انتظار المزيد ان شاء الله..

هلا

حسن الحاجبي 28 / 08 / 2009 13 : 03 PM

رد: قصة قصيرة ((في الموت يبسمون )) تأليف فاطمة يوسف غبد الرحيم
 
قصة رائعة بكل المقاييس , مرحبا بك سيدتي في صرح نور الأدب وبوركت من قاصة مبدعة .

ناهد شما 29 / 08 / 2009 29 : 05 AM

رد: قصة قصيرة ((في الموت يبسمون )) تأليف فاطمة يوسف غبد الرحيم
 
الأستاذة الفاضلة فاطمة , حفظك الله
أحييكِ في بيتك نور الأدب وأتمنى لقلمك المزيد من البوح في هذا الصرح
:nic93:

القصة جميلة جداً وشيقة والسرد كان سلساً ورائعاً , فكل إنسان مرتبط بأرضه ووطنه

من رحم الأرض يخرجون، حتى في الموت يبسمون ، فالأرض لهم يعودون إليها برضىً، وما نحن الا غرباء، نحسن صناعة الموت والخراب، وانطلق ضاحكا هائجا بهستيريا شديدة :الأرض لهم من رحمها يخرجون واليها برضىً يعودون، الأرض لهم، الأرض لهم

شكرا لك وبارك الله بنبض وجدانك ومداد قلمك
دمت بخير

ياسين عرعار 29 / 08 / 2009 02 : 08 AM

رد: قصة قصيرة ((في الموت يبسمون )) تأليف فاطمة يوسف عبد الرحيم
 
الفاضلة

فاطمة يوسف عبد الرحيم

قصة جميلة و مميزة

***********

تحياتي و تقديري

الشاعر
يسين عرعار
الجزائر


فاطمة يوسف عبد الرحيم 31 / 08 / 2009 58 : 03 PM

رد: قصة قصيرة ((في الموت يبسمون )) تأليف فاطمة يوسف غبد الرحيم
 
السلام عليكم عزيزتي ميساء البشيتي
لقد سررت لزيارتك لصفحتي وأتا أعتز برأيك لقد تأخرت في الرد عليك بسبب مشكلة في النت وأنوي إرسال كتابات أخرى، أشكر ترحيبك وصراحة أنا أجد صعوبة في التعامل مع آليات الموقع يمكن مع الوقت أتعلم ، ولكن أريد أن أرسل صورة لي لتكون مع صفحتي فكيف يمكن ذلك؟

فاطمة يوسف عبد الرحيم 31 / 08 / 2009 03 : 04 PM

رد: قصة قصيرة ((في الموت يبسمون )) تأليف فاطمة يوسف غبد الرحيم
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأستاذة ناهد شما
أشكر مرورك لصفحتي وأسعدني رأيك فيما أكتب وأتمنى أن تنال كتاباتي القدمة اعجابك


الساعة الآن 14 : 06 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية