![]() |
رشاد أبو شاور – عاشق مسافر
فاجأني الكاتب بآفاقه الشاسعة ولغته الجميلة ومفرداته الخصبة وقدرته على جذب القارئ بسلاسة السرد والمضيّ بعيداً في بحاره، ويدرك القارئ طوال الوقت بأنّه ليس بعيداً عن شاطئ الأمان، بل ويتمنّى أن يصعد معه إلى متن طائرة أو باخرة لمشاهدة تيار الحياة المتدفق عبر قلمه الذي يرفض إلا أن يكتب من اليمين إلى اليسار بعربية جميلة وقلب مليء بالحبّ للطير والحجر والجمال المنعكس في عيون الوطن والمرأة سمراء كانت أم شقراء، تدثّر القصّة برداءٍ وفير دافئ. سفر العاشق محاولة لكتابة سيمفونية متناغمة. أقرأ الوفاء بين كلمات الكاتب، وكأن بنيلوب خالدة ولم تمت يا سقراطوس، لذا لا تتوقف عن رشّ الحبوب للحمام الوادع. لا تخشَ الخريف وتساقط أوراق الشجر، فهناك عيونٌ سوداء ما تزال تنتظر عودتك من هيامك والركض خلف السراب وملاحقة ذيول الطائرات العابرة في أحلامنا لنُفْرِح قلوباً ونفجع أخرى. وللكاتب رؤيته الخاصة للعلاقة الحميمة بين الرجل والمرأة. دعونا نقرأ معاً هذا المقطع من قصّة سفر العاشق "لمّا يحكي الرجل مع نفسه وهو مع امرأته فهذا يعني انه يحكي مع غيرها، ولا يريدها أن تعرف مع من يحكي!." سأكتفي بهذا الاقتباس لأنّ القصّة تستحقّ أن تُقرأ ولأكثر من مرّة، فهي تمثّل مفهوماً عميقاً وفلسفيّاً للعلاقات الإنسانية المعقّدة. رشاد أبو شاور يشير بأصبعه موضّحاً إلى المنحدر الخطر الذي ينتظرنا حين نخون أنفسنا قبل الآخرين. حين نصبح غير قادرين على التعاطي مع احتياجات الفؤاد عدا ضخّ الدماء للأعضاء المتفرقة في الجسد. هناك نداء آخر، وقد أدرك أبو رياح هذه الحقيقة، حين أخبر زوجته بأنّه مسافر إلى حلب أو إلى آخر الدنيا، هناك حيث الأخرى، نحو المرأة التي تمكّنت من تحريك الرجل في داخله، فعاد ليهتمّ بنفسه وبتسريحة شعره وحضوره الذي كان مغيّب في عراك الحياة قبل أن تظهر في حياته وتخاطب الرجل أبو رياح، وليس الجدّ أو بائع البسطة عند مدخل المدرسة. لهذا قرّر أبو رياح أن يسافر إلى حلبه التي لن يصلها إل محمولاً على أذرع الرجال. وضع رأسه فوق المخدّة وطار إلى عالم آخر يقدر على استيعاب رجولته وترك أم رياح بين أبناءها وأحفادها. سفر العاشق من أجمل القصص التي قرأتها في منتج الأدب العربي مؤخرّاً، لأن الكاتب تمكن من اختزال روحه ومفهومه الإنسانيّ للحياة مستخدماً عامل الزمن والمكان بمهارة ودقّة دون أن يثقل على القارئ. القصّة القصيرة التي يكتبها رشاد أبو شاور هي لوحة سريالية في عالم الحداثة كعازف الأرغول الأخير. ذاك الذي أصرّ أن يترك بصماته في يوميات بيروت رغماً عن الحصار والقصف الإسرائيلي. كم نحن بحاجة لمثل هذه النصوص القادرة على تنشيط الذاكرة ومداعبة الفكر والخيال لدى القارئ، في زمن بات فيه الكتاب ترف لا يلجأ لدفتيه والغوص في أعماقه ودرره سوى القليل من المثقفين والأدباء ومحبّي الكلمة الجميلة الهادفة. |
رد: رشاد أبو شاور – عاشق مسافر
هل تصدق بأنني بت أخشى أن أتكلم بصراحة ؟
صفحتك من الصفحات القليلة التي أتكلم فيها بصدق ودون تكلف ومع هذا فأنا بت أخاف من الحديث ومن إبداء الرأي على الرغم من هذه الحركة الدؤوبة والنشطة وعلى الرغم من وجود أقلام تبهرك بحق ولكني أجد نفسي بعد مشوار طويل أرتطم بالحائط .. هل هو زيف ؟ لا أعلم لا يكفي أن تكون كاتبا جيدا بل يجب أن تكون مفكرا جيدا أيضا وهذه لغاية اللحظة ومع كل هذا التطور والتقدم الذي نراه ونلمسه لكنها قشرة خارجية براقة فقط أما الداخل فهو مظلم .. مظلم .. مظلم .. وصعب أن تضيئه شمعة .. بعد أن ارتسمت معالم الإستغراب على وجهك وبدأت الدهشة تقطب حاجبيك سأقول لك ببساطة شديدة .. دعنا نتحرر من فكرة إمرأة ورجل .. ذكر وأنثى عندما نتكلم عن الحب تحديدا ً لأن هناك من يرى أن دورة حياة المرأة تنتهي حتى لو بقيت على قيد الحياة بينما تمتد دورة حياة الرجل حتى لو كان قد شبع موتا ً فإن تمكنا من تخطي هذه العقبة ولن أقول فلنساوي بهذه النقطة تحديدا ً بين المراة والرجل لأنني سأكون كمن يحفر قبره بيده بل سأكتفي بالقول دعونا نتعامل مع الحب بأرواحنا فقط خارج عن نطاق الذكورية والأنوثة ولن أناقش بالتفاصيل .. لأن الأرواح لا تقف عند التفاصيل التي وضعها البشر حسب أمزجتهم وأقول أن من حق كل إنسان أن يبحث عن الإنسان بداخله وعليه أن يبحث عن الحياة على الأرض وعليه أن لا يستسلم لفكرة أن يكون جثة متحركة إلى أن يأخذ الله أمانته ... وعليه فإن القصة تبدو مشوقة وجميلة وطالما أعجبتك فهي كذلك . شكرا لك وللكاتب رشاد ابو شاور وأعتذر عن الإطالة استاذي خيري ودمت سعيدا يا رب |
رد: رشاد أبو شاور – عاشق مسافر
بداية أهنئك على هذه الترقية فأنت تستحقينها. ولا أدري لماذا الخوف من التعبير عن الرأي وقول الحقيقة كما هي. أنا شخصيا اضطررت لحذف أحد أجمل أعمالي في هذا الموقع لأنني تجرّأت وكتبت موضوعا ردّاً على إحدى الكاتبات في موقع كبير آخر. يبدو بأن الوعي والقدرة على قراءة الآخر بحرية أضحت بعيدة المنى ولن نتمكن من الوصول إليها بسهولة. العقل المحاصر غير قادر على العطاء والإبداع. ما نخافه يخيفنا وما نرفض الحديث عنه يحلّلنا. قولي ما تريدين ولا تخشي التعبير الجريء فأنا أرفض المهادنة الرخيصة. طبعاً الفراغ أو الظلام الذي ذكرته أتفهمه ضمن ظروف الحياة التي تبدو أحيانا مستحيلة في العالم العربي. رشاد أبو شارو فاجأني لأنّه طاقة إيجابية هائلة في عالم الجمود العربي ولهذا أحببت عن أكتب عن هذه الشخصية المميزة وعن هذا الكتاب أو المجموعة القصصية. شكرا لاختيارك متصفحي .. شكرا للبوح.
دمت بمحبة |
رد: رشاد أبو شاور – عاشق مسافر
رجعتلك استاذي خيري
أولا الله يبارك فيك ولو أنه التهنئة ما بتكون من هون وإنت سيد العارفين بالنسبة لإبداء رأيي بصراحة .. هو ليست مسألة جرأة فأنا نوعا ما جريئة لكن فعلا الواقع المحيط فينا واقع صادم وهذا الشيء أنا لم أكن أتوقعه صدقني ما كنت متخيلة في يوم أنه الوضع سيء لهذا الحد .. دائما ً كنت أضع صورة براقة نوعا ً ما لكن هذه الصورة أخذت تتلاشى شيئا ً فشيئا ً ولو الأمر وقف عند التلاشي كان من الممكن الإحتمال لكن السوداوية والتشويش والتهميش والتطبيش اللي عم يظهر عا السطح هو اللي بيألمني وبيجعلني مكدرة وما لي نفس بالكتابة ولا بالتعامل مع كل ما يكتب .. أقلام قليلة جدا ً أثق بها وبعقول أصحابها وأتعامل معها فقط وصدقني هي التي تبقيني في هذا الوسط بعد أن اكتشفت أنني كنت أعلق آمالا ً بالهواء وأن هذه الأمة تحتاج إلى أزمنة للتغيير وليس لمجرد قلم أو قلمين أو مجموعة أقلام شكرا لك أستاذي خيري ولا تدع شيئا ً يثنيك .. أنا أحترم قلمك وأثق به وهو فعلا قلم جدير بالإحترام والثقة وموفق بإذن الله . |
الساعة الآن 04 : 10 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية