![]() |
بشيرة و حكايات الجن -أقصوصة - نزار ب. الزين
بشيرة و حكايات الجن قصة قصيرة نزار ب. الزين* ضاقت رويدة خانم ذرعا بالعزلة التي تعيشها و أفصحت لزوجها مرارا عن مر شكواها فكان كل مرة يتذرع بالأطفال << لقد أنجبت خمسة أطفال خلال عشر سنوات ، فالذنب ذنبك ! >> إعتاد أن يقولها مازحا ، فتجيبه مازحة : << و هل أتيت بهم من بيت أبي ؟ >> و لكنه فاجأها ذات يوم بقرب إيجاد حل للمشكلة ، فقد وعده أحد زبائنه أن يؤمن له خادمة فتية يمكن الاتكال عليها في كافة شؤون البيت بما فيها المساعدة على رعاية الأطفال . كانت فرحتها لا توصف عندما دخلت بشيرة الدار ، هي في الثامنة عشر من عمرها ، بدت في غاية التهذيب عندما خاطبت ( الست ) مجيبة على أسئلتها الكثيرة ، ثم باشرت في الحال تنفيذ كل ما تؤمر به . فرح بقدومها كذلك مصطفى ، بِكر العائلة ذو التاسعة و كذلك فرحت بها شقيقته أماني ذات السنوات السبع ، فقد دخل الأسرة عنصر جديد قد يغير من رتابة حياتهم . تقبلت بشيرة بكل رضا إلقاء ثوبها الريفي و استبداله بأحد أثواب (الست) القديمة ، كما تقبلت أوامرها بضرورة الإستحمام قبل ذلك ، و ضحك عليها الشقيّان عندما خرجت من الحمام بهيئتها الجديدة وجلة مرتبكة . ***** اعتادت بشيرة على مجالسة الأطفال بعد أن يفرغوا من مراجعة دروسهم و كتابة واجباتهم ، فما أن تنجز ما أنيط بها ، حتى يلتفون حولها في دائرة ، لتبدأ في قص ما لديها من حكايات ، فيضحكون في مواقف الطرافة و تدمع أعينهم في مواقف الحزن . و لكن ... ذات ليلة و بينما كان الوالدان في زيارة بعض الأقارب ، حلا لبشيرة أن تقص عليهم حكاية من حكايات الجن... إتسعت مآقي الأطفال و تفتحت آذانهم و تسمرت رؤوسهم و لم يخفِ الصغار وجلهم فالتصقوا ببعضهم بعضا و رغم كل مظاهر توجسهم ظلوا يحثونها على المواصلة. و ما أن أنهت بشيرة قصتها ، حتى بدأ سيل من الأسئلة ينهال عليها : << نعم هم قادرون على الظهور و على الإختفاء أنّى شاؤوا >> تجيبهم بشيرة واثقة ، ثم تكمل : << و هم أيضا قادرون على التشكل ، قد يظهرون على شكل قطة سوداء ، أو فأر أبيض ، و بإمكانهم الدخول من خلال الأبواب أو النوافذ المغلقة ، و بإمكانهم أيضا تقمص البشر ! >> تصرخ الصغيرة كوثر هلعا فتضمها بشيرة إلى حضنها مطمئنة ، ثم تضيف قائلة : << إنهم لا يدخلون إلى أي مكان فيه أكثر من شخص واحد ! >> يسمع مصطفى صوت ارتطام ، يتجمد رعبا ، يتساءل بصوت مرتعش : << هل سمعتم ما سمعته ؟؟ >> تنتقل موجة الرعب إلى الآخرين فيصيحون معا : << لعله جني ؟! >> تهب بشيرة واقفة ، تحمل بيدها الصغير رضوان و تجر بيدها الأخرى كوثر ، و تهرع و الآخرون من خلفها نحو الحمام ، تغلقه من الداخل ، ثم تحكم إغلاق نافذته الصغيرة ، ثم تجلس أرضا و قد التصق بها الكبار و الصغار .... الكبار بمن فيهم بشيرة - ذاتها - يرتعشون و الصغار يبكون بصمت عدا كوثر التي علا نحيبها.... فجأة تنظر بشيرة إلى الأرض فتلمح ( البلاعة ) ... تشهق :<< ويلاه ، قد يخرجون علينا من البلاعة !! >> ثم تشد منشفة معلقة ، تكورها ثم تسد بها البلاعة ، ثم تعود للجلوس محاولة أن تتماسك . و على حين غرة تصيح أماني منذرة : << شاهدتُ المنشفة تتحرك >> ثم تنخرط بالبكاء ... يعلو صراخ الصغار أكثر و أكثر ... يمتقع وجه مصطفى ، يقترح بفم مرتجف : << هيا فلنغادر البيت في الحال ! >> ثم يندفعون معاً نحو الشارع ، في كتلة واحدة ، بين باكٍ أو مرتعشٍ ، حفاةً عراةً إلا من مباذلهم ! -------------------------- * نزار بهاء الدين الزين سوري مغترب عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب عضو الجمعية الدولية للمترجمين و اللغويين العرب ArabWata الموقع : www.FreeArabi.com |
رد: بشيرة و حكايات الجن -أقصوصة - نزار ب. الزين
قصة طريفة و ذات مغزى .. لكني أعترف انني وضعت عدة سيناريوهات لنهايتها و لم أكن موفقا .. وحتى النهاية التي وضعتها ، أخي العزيز نزار، كنت أنتظر منها الجديد .. مثلا ظهور الوالدين .. أو حدوث مكروه للأولاد و ما إلى ذلك من أحتمالات .. وهذا أعتبره من تقنيات القصة التي تجعل القارئ ينسجم و يبقى على ظمئه لتبدأ عملية التخمين و وضع الاحتمالات الممكنة .
كعادتي عند قراءة قصصك .. أضمن المتعة قبل البدء في القراءة ولا يخيب ظني بعد انتهائي منها .. متالق كعادتك أخي الغالي . محبتي . |
رد: بشيرة و حكايات الجن -أقصوصة - نزار ب. الزين
اقتباس:
***** أخي المكرم رشيد الميموني إعجابك بالنص و اهتمامك به أسعداني و إطراؤك الدافئ شهادة أعتز بها فلك الشكر و الود ، بلا حد نزار |
رد: بشيرة و حكايات الجن -أقصوصة - نزار ب. الزين
[align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=center]قصة بدأت هادئة وانتهت بذعر الصغار المنسجمين بكل خيالهم مع الخادمة الوديعة. تبقى النهاية مفتوحة وتوحي بالمجهول واللامتوقع الذي قد ينتظر صغارا تركوا في أيدٍ بدت آمنة وحانية عليهم.
تقديري لك وتحيتي أستاذ نزار[/align][/cell][/table1][/align] |
رد: بشيرة و حكايات الجن -أقصوصة - نزار ب. الزين
أستاذي الفاضل ما أدهشني في القصة هو أن الخادمة التي تقص القصة تقمصت الدور وعاشته وصدقته حتى تلقفها الرعب كما الصغار يبدو أن طبيعتها القروية وأفكارها كانت إلى الحد الذي يجعلها آمنت جدا بما تقص النهاية المفتوحة تحتمل المأساة وتحتمل مخرج جميل جدا سررت بالقراءة هنا تقديري |
رد: بشيرة و حكايات الجن -أقصوصة - نزار ب. الزين
اقتباس:
أختي الفاضلة نصيرة الشكر الجزيل لمرورك و اهتمامك بالقصة مع ودي و وردي نزار |
رد: بشيرة و حكايات الجن -أقصوصة - نزار ب. الزين
اقتباس:
أختي الفاضلة وسام نظرتك للنص جاءت في محلها تماما فشكرا لاهتمامك مع ودي و وردي نزار |
الساعة الآن 49 : 01 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية