![]() |
مائدة في رابعة الزمان
لا تقلقْ هناكَ متّسعٌ من المكانِ فاحضرْ! وانهلْ حتّى الثمالةِ من لحمِِ كتفي اتركْ شيئاً للطيرِ كيلا تهجر سمائي أنا الجنوبيّ .. شمسي دافئةٌ ولديّ زيتونٌ أكثر ولدي برتقال وليمون أكثر وسلوى في البعيد تبحث عن اسمي لماذا أطلتَ البقاءَ في فِناءِ بيتي؟ ضيفٌ ثقيل الظلّ أنت دعوتكَ إلى مائدتي قبل ستّينَ عاماً فأحضرتَ شياطينك لتطرد ملائكتي أحضرتَ جزّاريكَ لتقتلَ ما تبقّى من حنين! وسرقت كروم العنب لم تترك سوى جرعة من نبيذ مائدتي انتصبتْ في رحمِ الصحراءِ يوماً وسيفُ الدولة تقلّبَ في فراشه الوثير ضَجِراً كلّ هذي الجواري لا تكفي لريّ نزِقٍ شرقيّ والحمداني لا ينفكّ يرثي أمّه في بلاد الروم أسيراً إنّها الضباعُ الجائعةُ تبحثُ عن كِسْرَةِ عظمٍ تبحثُ عن طَيفي .. تبتعدُ عند الهجيرة لتعودَ أكثرَ جوعاً .. أكثر عدداً وحقداً لا شيء سوى الرمالِ تتكاثرُ تغطّي أثر الرجال مرّوا من هُنا وكانوا يلوّحون بسيوفهم في وجه مقاتلة وبارجة حين أمطرت السماءُ ناراً لم يجدوا ثوباً يختبئون خلفه هرعوا إلى خيمتي فانهارت تحتَ ثِقَلِ القوافي وسعيرِ الوعيد ورائحةِ الموت هناك طفلٌ يولد لا تضعوا في يده البندقية قبل أن يكمل الرضاعة! لا تقتلوا في عبثه الطفولة قبل أن يضحك .. يعشق قبل أن يركض خلف السحاب قليلاً دعوه يستجدي قلب عذراء، يقبّل ثغرَ خطيبة ويكتبُ لليل الساخر من أحلامه قصيدة لا تضعوا في يده البندقية قبلَ أن يدرك رديفاً للموت .. رديفاً للحياة للوطن ضعوا في يمناه قرنفلة وعنبر ونسرين ضمّخوه بماء الورد والصندل واغسلوا عن جسده الخردل إذا لم تمتْ فافعلْ ما تشاء! إذا لم تقتلك رصاصةٌ طائشة إذا لم ينفرط قلبك عِشقاً بعذراء إذا لم يهادنك الموتُ وأصرّ على النيل منك ومن نهارك وامتدّ بك العمرُ يوماً آخر فافعل ما تشاء تعالَ إلى حقولي اقطف بيديك الصغيرتين عنباً لا تخشَ الناطور والحدّاء والشعراء واعلم يا ولدي بأنّ الزنابق فاتنةٌ قد تكون سوداءَ ليس حداداً على ذكرى صفراءَ تعيش أسبوعين وتقضي بيضاءَ تحلّي جيد العرائس! |
رد: مائدة في رابعة الزمان
صور صور صور ترسمها السطور كالغيمات تتحول وتهرب تصير رمادية داكنة ثم بيضاء قليلا ثم تتغير شكلا و لونا هكذا قصيدتك التي استمتعت بقراءتها وتأملاتها رغم الرمادي و الحنين المحزن.
تحيتي |
رد: مائدة في رابعة الزمان
اقتباس:
شكرا لحضورك محبتي |
رد: مائدة في رابعة الزمان
ممتعة قصيدتك حتى اخر حرف فيها..
حزينة، باكية، متحدية ولاتعدم الامل.. بورك هذا القلم المبدع وهذا النبض الوطني الصادق المتجدد.. وتقبل اعجابي.. هلا |
رد: مائدة في رابعة الزمان
اقتباس:
أشكرك على هذا التقييم، ولا يمكن أن يفارقنا الإحساس الوطني على طول الزمان فنحن أبناء هذا الوطن الجريح ومحبته عميقة وجذورها بلا نهاية أعتذر عن التأخر بالردّ فمشاغل التدريس كثيرة محبتي الخالصة |
رد: مائدة في رابعة الزمان
قصيدة مميزة فعلا....أشكرك على هذه التأشيرة الغالية التي بها دخلنا عالما شعريا راقيا يهتم بقضايانا في قالب من الفن الرفيع و الصور الراقية...أنا هنا بصدد اكتشاف شعرية متقنة التخييل و شاعرية عبقرية...لله درك و بوركت.
|
رد: مائدة في رابعة الزمان
اقتباس:
تقييم رفيع وملزم ويدفعني ذات الوقت البحث دائمًا عن سقف أدبي وشاعريّ راقٍ وسامي ذات الوقت شكرا للتواصل محبتي الخالصة |
رد: مائدة في رابعة الزمان
لا تضعوا في يده البندقية قبلَ أن يدرك
رديفاً للموت .. رديفاً للحياة للوطن ضعوا في يمناه قرنفلة وعنبر ونسرين ضمّخوه بماء الورد والصندل واغسلوا عن جسده الخردل وصية رائعة ونصيحة رائعة لكن لمن يفهم لغة الوصايا ولغة النصائح ليتنا لم نسلك طريق البندقية .. لأنها أول ما صوبت .. صوبت إلى صدور أولادنا وأوطاننا ... الأديب العزيز خيري حمدان أين نحن اليوم من هذه الوصايا الرائعة وهل بقيَّ من يصغي لنصيحة قبل فوات الآوان شكرا .. شكرا .. شكرا . |
الساعة الآن 34 : 10 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية