منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=65)
-   -   حكايات الليل والنهار (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=13123)

طارق الوهباني 15 / 11 / 2009 41 : 05 AM

حكايات الليل والنهار
 

حكايات الليل والنهار1
الناس اصناف كاصناف المعادن الذهب منهم والفضه وبين الليل والنهار تتجلى معالمهم
وتبتلى معادنهم فمنهم المستور والمفضوح فهذا يغدو ليلا او نهارا والاخر يروح
اساليبهم في الحياة تختلف من واحد لاخر تشبه الى حد بعيد اساليب الحجر او الشجر والحيوانات
فمنهم من يعيش كالنخلة جذوره في الارض عميقة قامته شامخه ينحني مع الريح وليس لها يعطي الثمر ويجزى بالحجر
واخر كالخفاش لا يعرف الا حياة الليل يتغذى على دمآء الناس أعمى لا يبصر طريقه الا ما يرتد اليه من ذبذبات الفوضى من محيطه
تتحكم في وجهته وهو يظن انه يتحكم بها
فاخذت اسرد حكاياتهم باسلوب بسيط اسميتها حكايات الليل والنهار
وجعلتهم فريقين ، فريق الليل واهله وفريق النهار
اسلط الضوءعلى فريق منهم في كل مرة انسج فيها طرفا من اطراف الحكاية




الليل والنهار يتعاقبان خطا مسير يحملان الناس في عربات كرعبات القطار يجرهم الزمان
في كل عربة اصناف واشكال من الناس يختلف بعضها عن بعض
ولان السفر طويل فمنهم من ينام الليل واخريشهد النهار
ومنهم من يواصل ليله بنهاره
الوجهة واحدة لا يمكن ان تتغير والمصير محتوم لا يتحكم فيه احد
مع ذلك هناك من يحاول ان يتحكم بوجهة الناس ومصائرهم
والحياة محطات يركب فيها ناس وينزل اخرون ولا يعرف احد من الذي سيركب ومتى ومن الذي سينزل واين
لكن الجميع يعلم جيدا الي اين
فالوجهة معلومه والمصير محتوم والمقاعد محجوزة
وليس هناك الا الليل والنهار يقربان كل بعيد ويبليان كل جديد وياتيان بكل موعود
مع ذلك يتيه الناس بين الليل والنهار
فلكل منهم حكايه وبين الليل والنهار تختلف الروايه
انها حكايات الليل والنهار مع اختلاف الرواية والاخبار


حكايات الليل {1}


الليل يا لها من عبارة مبهمة
فمن الناس من اذا سمع عبارة الليل تبادرت الى ذهنه العتمة والظلمة وتبعث في نفسه الخوف من الوحدة ويشعر بالضياع
فهو لا يعرف نفسه الا باعين الناس حيث يتلون بالالوان التي يحب ان يراها خصومه
وكان النهار مرآة يرى نفسه بها ويرصد حركاته وسكناته يكون كيف يحب ان يراه غيره لا كيف يحب ان يرى نفسه
فهو بالكاد يعرف نفسه
فاذا ما ارخى الليل سدوله وحجب نور الشمس الذي كان ينعكس على مرآته التي يرى فيها نفسه احس بالضياع وكأن الظلام حال بينه وبين نصفه
يتحسس نفسه يرعبه ان سقط القناع فهو بدون قناعه لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم
يخاف من نفسه لانه ضعيف امامها ولانها الوحيدة التي تعرف حقيقته المهزومه فهو مفضوح امامها
يضع اصبعيه في اذنيه لا يريد ان يسمع نفسه وهي تردد عليه شريط الكذب الذي قد نسي اكثره
يرتبك يضطرب يلتفت حوله يخشى ان يسمعها احد
يتدثر فراشه يغطي راسه كما تغطي النعامة راسها في التراب خشية ان يراها الخصوم لكنه ما يزال يرى نفسه
يسكن قليلا يكتم انفاسه يغمض عينيه عسى ان لا يسمع نفسه ولا يراها
لكنها تزداد جرأة والغريب انها تكرر كل ما لا يحب ان يسمعه حتى اصابه الصمم
وتطل عليه كلما اوشك ان يغيب عن الوعي بصورته البشعة حتى اصابه العمى
فاصبح لا يسمع ولا يرى لا في الليل ولا في النهار الا ما يحب ان يراه ويسمعه الناس
فهو كالغريب لا يثق باحد ولا يعرف احد حتى نفسه لا يعرفها
يمتهن الكذب والخداع ولا يستغني عن لبس القناع حتى اوغل في التيه والضياع
والمصيبة انه اصبح يصدق نفسه ويصدقه الناس
فهم امثاله لا هوية لهم ولا عنوان
يكذبون ويعرفون انه يكذب عليهم ولكنهم يصدقون
لا عجب فانه لا خيار لهم اذا كانت نفوسهم قد انكرتهم والليل قد فضحهم وجردهم من اقنعتهم
بل باتو يستغلون عتمة الليل يخططون ويدبرون حيث لا يراهم احد ولا يسمعهم احد فازدادت صورتهم بشاعة
لا ضير ما دام القناع موجود والمرآة مكسورة ونفوسهم اسيرة
ما داموا لا يسمعون وآذانهم صماء لا يروون وقلوبهم عمياء
احترفوا حتى ساد اقساهم على نفسه وصار لهم جيش واتباع كلهم يلبسون القناع
لهم رائحة يعرف بها بعضهم بعضا لا يشمها غيرهم كريهة لكنهم يحبونها
فاذا شمها غيرهم من اهل الليل الصافي والنفوس الحرة جدعو انفه
فخشيتهم من هؤلاء اشد من خشيتهم من الله وهم اصلا لا يعرفونه
وكيف يعرف الله من لا يعرف نفسه
يرسلون جنودهم ليقتفو اثار كل من يعرف حقيقتهم
يقتلون كل من حاول ان يظهر حقيقتهم او ان يكشف القناع
اذا كانو قد قسوا على انفسهم وقتلو ضمائرهم فكيف استغرب عليهم قتلهم الاحرار
الذين تحرروا من اسر الهوى لا يخشون الليل وعتمته نفوسهم نقيه وقلوبهم تقيه
خلوة مع النفس لحظات يسترقونها بصمت
فالصمت هو جوابهم الوحيد
يتالمون كاشد ما تتالم الحامل في المخاض
فاذا ما تعاظم الالم وضيقت عليهم الاحزان خناقها
اخذو نفسا عميقا يملأ اروقة الوجدان تنتفخ صدورهم
لا يريحهم الا ولادة بعض الاهات والتنهدات
الصوت الوحيد الذي يمخر عباب الصمت
لكن هذه الاهات لها قوة كقوة الشمس فهي شمسهم التي لا تشرق الا ليلا
فليست الشمس التي يستدل بها صاحب الظل على نفسه
يكبر كلما كبر ظله ويصغر اذا صغر
فاذا ما غابت الشمس تلاشى ظلهم وذاب كما يذوب الماء بالملح
فيمسون بلا كيان فهم مجرد ظل يستدلون به على وجودهم لا على حياتهم
انهم مجرد اشباح النهار تختفي مع حلول الظلام
اشباه الموت لان الموت حقيقه اما هم فلا حقيقة لهم

ومن الناس من يتعامل مع الليل بمنظور اخر فهؤلاء هم اهل الليل {يتبع}

رشيد الميموني 15 / 11 / 2009 36 : 05 PM

رد: حكايات الليل والنهار
 
أخي العزيز طارق
إذا كانت هذه مقدمة لروايتك فإني أستشف منها أحداثا لا بد و أن تكون مثيرة بعد هذا التقديم المميز لأصناف الناس واختلاف طبائعهم ..
أنتظر بشوق كبير متابعة هذه الرواية و أعبر لك عما أشعر به من متعة و أنا أقرأ هذه المقدمة ..
شكرا لك و أنا في انتظار المزيد .


الساعة الآن 05 : 02 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية