![]() |
بحث / النكبة في الخطاب الثقافي الفلسطيني : الفن التشكيلي نموذجا - مليحة مسلماني
النكبة في الخطاب الثقافي الفلسطيني : الفن التشكيلي نموذجا مليحة مسلماني [align=justify]حول هذه الورقة: " النكبة في الخطاب الثقافي الفلسطيني: الفن التشكيلي نموذجا" للكاتبة و الباحثة مليحة مسلماني هي الورقة البحثية الفائزة بالمرتبة الأولى في جائزة العودة، التي أطلقها بديل/ المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة و اللاجئين، للعام 2007 في حقل الأوراق البحثية. تهدف هذه الورقة إلى قراءة التحولات التي مر بها الخطاب الثقافي الفلسطيني في معالجته موضوع النكبة من خلال التركيز على الفن التشكيلي الفلسطيني كمادة بحث باعتباره أحد أدوات الخطاب الثقافي الفلسطيني و أحد عناصر الهوية الثقافية. و في الوقت الذي ركزت فيه معظم الدراسات على الأدب و المسرح و دورهما في السياق السياسي، لم ينل الفن التشكيلي رغم بيان تمحوره حول القضية الفلسطينية هذا النصيب من الدراسة و البحث. تستخدم هذه الورقة مدخل التحليل الثقافي الذي يقوم على على دراسة المحيط الثقافي للظواهر الاجتماعية و السياسية، و تقوم بقراءة التحولات التي طرأت على المعالجة التشكيلية لموضوع النكبة من خلال استقراء تمثيلات النكبة في أعمال رواد الفن التشكيلي الفلسطيني أولا، ومن ثم الانتقال إلى قراءة تلك التمثيلات في أعمال الجيل الشاب من الفنانين التشكيليين الفلسطينيين. و تجيب على اسئلة: كيف يعرف الفن التشكيلي مفهوم النكبة؟ ماهي الرموز التي استخدمها هذا الفن في تمثيله قضية النكبة؟ ثم ما الذي طوره هذا الفن في السنوات الأخيرة في معالجته موضوع النكبة؟ حول الكاتبة : مليحة مسلماني هي كاتبة و باحثة فلسطينية، من مواليد العام 1977، ومن سكان القدس المحتلة. حصلت مسلماني على درجة البكالريوس من جامعة بير زيت في العام 1995، وعلى درجة الماجستير في الدراسات الإسرائيلية من جامعة القدس في العام 2004، و هي مرشحة حاليا لنيل درجة الدكتوراه في معهد البحوث و الدراسات العربية في العاصمة المصرية القاهرة، و موضوع رسالتها: " تمثيلات الهوية في الفن الفلسطيني في المناطق المحتلة في العام 1948". نشرت مسلماني في العام 2005 رواية بعنوان " نيار"، و لها مجموعة قصص قصيرة جدا قيد النشر و الإنتاج.شاركت في العديد من الورش الإبداعية، و لها مساهمات بحثية عديدة في الشؤون الإسرائيلية و الفن التشكيلي. المحتويات 1. مقدمة نظرية 2. النكبة في مسيرة الفن التشكيلي الفلسطيني 3. النكبة في الفن الفلسطيني منذ بداية التسعينات 4. خلاصة 5. الهوامش 6. نماذج من أعمال الفن التشكيلي " خُذ المقاومة الفلسطينية كحالة ذات صلة. إنها تضم إطارا كاملا من اشكال التعبير الثقافي، الذي بات يشكل جزءا من تماسك الهوية الفلسطينية و بقائها، فهناك سينما فلسطينية و مسرح فلسطيني و شعر فلسطيني و أدب بكل ضروبه، كما يتوافر خطاب فلسطيني نقدي و سياسي. و عندما يتعلق الأمر بالهوية السياسية، عندما تكون عرضة للتهديد، فإن الثقافة تمثل أداة للمقاومة في مواجهة محاولات الطمس و الإزالة و الإقصاء. إن المقاومة شكل من أشكال الذاكرة مقابل النسيان. و بهذا الفهم أعتقد أن الثقافة تصبح على قدر كبير من الأهمية". إدوارد سعيد من حوارات " الثقافة و المقاومة" 1. مقدمة نظرية تمحور الخطاب الثقافي الفلسطيني منذ عام 1948 حول مركزية القضية الفلسطينية و المأساة الإنسانية المتمثلة بإحتلال الأرض و تهجير الفلسطينيين منذ عام 1948. ووجد هذا الخطاب نفسه، و معناه في نفس الوقت، في معلركة المواجهة ضد سرقة الأرض و التراث و الهوية الفلسطينية، و أخذ على عاتقه مسؤولية توثيق المأساة الفلسطينية المتمثلة في النكبة و ما لحقها من أحداث أخرى لا يزال يمر بها الشعب الفلسطيني. و بعد ما يقارب الستين عاما من هذا التحول في كل من مضمون ووظيفة الخطاب الثقافي الفلسطيني، استطاع هذا الخطاب صياغة هوية ثقافية-سياسية-إنسانية فلسطينية، سواء بأدواته الفكرية، و المتمثلة بأدبيات مفكرين فلسطينيين مثل إدوارد سعيد و غيره، أو الأدبية، خاصة تلك التي تمثلت بأدب المقاومة، أو بأدواته الفنية من مسرح و سينما و موسيقى و فن تشكيلي و غيرهما من أشكال الإبداع الفلسطيني. تأخذ هذه الدراسة من الفن التشكيلي الفلسطيني، كأحد عناصر الهوية الثقافية و أحد أدوات الخطاب الثقافي الفلسطيني، مادة بحث في السياق السياسي الفلسطيني، من خلال التركيز على تمثيلات النكبة في التشكيل الفلسطيني، و التي عكست مفهوم النكبة في الوعي الثقافي الفلسطيني، الفردي و الجماعي. شكلت النكبة موضوعا رئيسا في الفن التشكيلي الفلسطيني على مدى مراحله المختلفة، و أنتج كل الفنانين الفلسطينيين بلا إستثناء، سواء في الداخل أو في الشتات، أعمالا تشكل النكبة موضوعا رئيسا أحيانا، أو خلفية ينطلق منها الفنان الفلسطيني بمختلف المواضيع التي يطرحها أحيانا أخرى. تعتبر الفنون، و الفن التشكيلي على وجه الخصوص، مادة بحث غير مألوفة في السياقين الإجتماعي و السياسي. لكننا نشهد اليوم توجهات غير تقليدية، يُعبر عنها بالدراسات الثقافية، و تلك التي تتخذ من التحليل الثقافي منهجية علمية تعتمد على دراسة المحيط الثقافي للظواهر السياسية و الإجتماعية. تتأكد تلك الحاجة لهذا النوع من التحليل في حالة الفن التشكيلي الفلسطيني بشكل خاص، و الحالة الإبداعية الفلسطينية بشكل عام. فالفن التشكيلي الفلسطيني، و رغم وضوح ارتباطه بالقضية الفلسطينية، لم ينل، كما نال أدب المقاومة على سبيل المثال، نصيبا كافيا من البحث و الدراسة في السياقين السياسي و الاجتماعي الفلسطينيين. فقد تمحورت أعمال الفنانين الفلسطينيين حول القضية الفلسطينية بأبعادها و عناصرها المختلفة، ووجد هذا الفن نفسه ممثلا شرعيا للتراث و الثقافة و المأساة الفلسطينية في معركة المواجهة ضد سرقة الأرض و الهوية. و بذلك تحولت الحركة التشكيلية الفلسطينية، كما مجمل الحركة الثقافية الفلسطينية، إلى حركة نضالية يُستهدف منتوجها كما يُستهدف المقاومون، يتم ذلك عبر مضايقة الفنانين و الأدباء و نفيهم و اعتقالهم بل و اغتيالهم. بل إن الفن الفلسطيني ألغى تلك المسافة المعروفة بين الفن و الشعوب، من خلال إنتاجه لوحات شكلت رمزا فلسطينيا محليا و عالميا، كلوحة " المحامل" للفنان سليمان منصور على سبيل المثال لا الحصر. تنقسم هذه الدراسة، بما فيها تلك المقدمة النظرية، إلى ثلاثة أجزاء، بحيث نقوم في تلك المقدمة بتعريف أهداف الدراسة و فرضياتها و مفاهيمها. يبحث الجزء الثاني في تمثيلات النكبة في الفن التشكيلي الفلسطيني في المراحل السابقة و التي تمتد منذ النكبة حتى بداية التسعينات، بحيث يتم بحث تمثيلات النكبة في بعض أعمال تعود إلى رواد الفن التشكيلي الفلسطيني. أما الجزء الثالث فيتضمن تحليل نماذج من أعمال فنية تعود إلى الجيل الشاب من التشكيليين الفلسطينيين تعالج موضع النكبة. و من ثم نخرج في ختام تلك الدراسة بخلاصة عن تمثيلات النكبة في الفن التشكيلي الفلسطيني و التحولات التي مر بها هذا الفن في خطابه المحلي و العالمي في معالجته لموضوع النكبة. نفترض أن الخطاب التشكيلي الفلسطيني مازال يتمحور حول القضية الفلسطينية و التي تشكل النكبة بدورها أحد دعاماتها الأساسية، كما أن هذا الخطاب في تحولاته يعكس مجمل الخطاب الثقافي الفلسطيني و الذي بدوره يتواصل و يتحاور و يستند إلى الخطاب السياسي الفلسطيني، مع الأخذ بعين الاعتبار الخصوصية التي تفرضها طبيعة الابداع نفسه، ما بين مسرح و سينما و أدب و موسيقى، مما يحتاج إلى دراسة مقارنة و مفصلة في مختلف عناصر الخطاب الثقافي الفلسطيني و التحولات التي طرأت عليها. و كلا من الخطاب الثقافي و السياسي الفلسطيني، لا يعرف حدودا فاصلة و واضحة المعالم بينه و بين الآخر، ذلك أن الهوية الثقافية الفلسطينية تستمد معنى وجودها من القضية السياسية ارتكازا لها في الهوية الثقافية. تعتبر الثقافة مفهوما مركبا، شاملا و معقدا. و تلركز بعض التعريفات على الثقافة كسلوك بينما يركز بعضها الآخر على الثقافة كمُثُل و قيم مجردة.1 نرى أن كلا من الإتجاهين يحمل نظرة منقوصة تجاه الثقافة، فالثقافة هي أيضا سيرورة، لما يحويه هذا المفهوم من جدلية بين الثابت و المتغير، عدا عن أن ثقافة مجتمع ما تتأثر بتغيرات داخلية و خارجية يواجهها هذا المجتمع. ومن تعريفات مفهوم الثقافة أنها " ذلك الكل المعقد الذي يتضمن المعرفة و الاعتقاد و الفن و الحقوق و الأخلاق و العادات و كل قدرات و أعراف أخرى اكتسبها الانسان كفرد في مجتمع".2 تتبنى هذه الدراسة تعريف اليونسكو لمفهوم الثقافة، و ينص هذا التعريف على أن الثقافة هي :" جميع السمات الروحية و المادية و الفكرية و العاطفية التي تميز مجتمع بعينه أو فئة إجتماعية بعينها و هي تشمل الفنون و الآداب و طرق الحياة كما تشمل الحقوق الأساسية للإنسان و القيم و التقاليد و المعتقدات".3 و يشير مفهوم الفن التشكيلي الفلسطيني في هذه الدراسة بطبيعة الحال إلى الأعمال الفنية التي تشمل النحت و الرسم و التصوير و فنون الفيديو والإنشاء و الأداء، و التي ينتجها فنانون فلسطينيون في الضفة الغربية و قطاع غزة و القدس و داخل الخط الأخضر و في الشتات. و الفن التشكيلي في فلسطين هو حديث العهد نسبيا كما الحال في معظم الدول العربية، حيث كان الفن يقتصر حتى أوائل القرن العشرين على الزخرفة و المصنوعات اليدوية و هو ما يسمى اليوم بالفن الحرفي أو الفن التطبيقي.4 نهدف من هذه الدراسة إلى بحث الخصوصية التي طورها الفن التشكيلي الفلسطيني لنفسه، من خلال معالجته موضوع النكبة، كقضية تاريخية و معاصرة، سياسية و ثقافية.[/align] |
رد: بحث / النكبة في الخطاب الثقافي الفلسطيني : الفن التشكيلي نموذجا - مليحة مسلماني
شكرا لك يا عزيزتي أسماء
توضح شئ جديد لي من خلال قراءة النص سأعود للقراءة من جديد تحيتي |
رد: بحث / النكبة في الخطاب الثقافي الفلسطيني : الفن التشكيلي نموذجا - مليحة مسلماني
اقتباس:
شكرا لمرورك صديقتي عروبة سأواصل بإذن الله إدراج بقية البحث مودتي |
رد: بحث / النكبة في الخطاب الثقافي الفلسطيني : الفن التشكيلي نموذجا - مليحة مسلماني
الأخت الغالية الأستاذة أسماء بوستة موضوع النكبة في الخطاب الثقافي الفلسطيني: الفن التشكيلي نموذجا للكاتبة والباحثة الفلسطينية مليحة مسلماني موضوع هام.. بوركت جهودك وهمتك العالية في طرح قضايا الوطن وتسليط الضوء عليها، ما أحوجنا أن نوثق ونوثق.. و ننشر حتى تعم المعرفة والفائدة.. رعاك الله ووفقك دمت وسلمت |
رد: بحث / النكبة في الخطاب الثقافي الفلسطيني : الفن التشكيلي نموذجا - مليحة مسلماني
أستاذي الفاضل مازن شما مرورك و تشجيعك شرف عظيم لي أرجو من الله أن أكون عند حسن ظنكم بي كامل إحترامي و تقديري |
رد: بحث / النكبة في الخطاب الثقافي الفلسطيني : الفن التشكيلي نموذجا - مليحة مسلماني
2. النكبة في مسيرة الفن التشكيلي الفلسطيني [align=justify]مر الفن التشكيلي الفلسطيني منذ عام 1917 بمراحل ثلاثة. سيطر الفن الشعبي على أولى تلك المراحلن و هي المرحلة التي تمتد منذ عام 1917 و حتى عام 1948، والذي و إن كان فنا تطبيقيا إلا أنه انتج ايضا أعمالا ذات مضامين و رسائل سياسية. شكل عام 1948 نقطة تحول جذري على صعيد الدور و المضمون للفن التشكيلي الفلسطيني، ليشهد بذلك مرحلة أسست لحركة تشكيلية فلسطينية فيما بعد، سيطرت على تلك المرحلة مضامين الحنين إلى الوطن و الذكريات عنه وأخذ الفن على عاتقه، كما الأدب الفلسطيني، مسؤولية توثيق واقع اللجوء الفلسطيني. ثم أتت مرحلة فن الثورة و التي قد تعتبر أهم مرحلة في مسيرة الحركة التشكيلية الفلسطينية على صعيد الوظيفة على الأقل. و يميز الفنان عبد الرحمان المزيّن ثلاث نقلات في تلك المرحلة، الأولى [1965-1971] حيث غلبت على تلك الأعمال رموز "الكوفية" و "الرشاش" و "الشمس" كرمز للأمل و "الحصان" كرمز للإنطلاقة، ترافق وجود تلك الرموز في العمل التشكيلي الفلسطيني في تلك الفترة مع انطلاق حركات التحررالوطني الفلسطينية و التي ركزت على النضال و المقاومة و الكفاح المسلح بهدف تحرير الأرض. النقلة الثانية [1971- 1982] و هي النقلة الأهم في مرحلة فن الثورة حيث تم الإعتراف بالثورة الفلسطينية و بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي و وحيد للشعب الفلسطيني، و تمتاز تلك الأعمال بتوظيف عناصر التراث الفلسطيني في الفن. النقلة الثالثة يسميها المزيّن مرحلة الملحمة التي بدأت منذ عام 1982 حيث تطور شكل العمل من اللوحة إلى الجدارية تماشيا و تعبيرا عن الواقع الذي تمثل في إجتياح لبنان و ارتكاب المجازر بحق الفلسطينيين في مخيمات اللجوء و من ثم إنطلاق الانتفاضة الفلسطينية عام 1987. 5 و في مختلف تلك المراحل، شكلت النكبة، بأبعادها و انعكاساتها على الإنسان الفلسطيني، الهاجس الأول للفنان الفلسطيني، خاصة الفنانين الذين تم تهجيرهم من مدنهم و قراهم و الذين جاءت أعمالهم توثيقا لمأساة التشريد و لواقع المخيمات و تطلعا نحو العودة في لوحات يكللها حلم العودة إلى فلسطين الربيع و الوطن. و برز فنانون في تلك المراحل اعتبرت لوحاتهم فلسطينيا و عربيا و عالميا، ناطقا رسميا باسم الشعب الفلسطيني و حقه في العودة. من بين هؤلاء كان الفنان الشهيد ناجي العلي و إسماعيل شموط و سليمان منصور و مصطفى الحلاج و عبد عابدي و غيرهم. نهدف من هذا الجزء من الدراسة استكشاف تمثيلات النكبة في أعمال بعض رواد و رائدات الفن التشكيلي الفلسطيني. يعتبر الفنان إسماعيل شموط [ مواليد اللد 1930] رائد تمثيل مأساة اللجوء الفلسطيني، و عبرت أعماله التي يبقى محورها الإنسان، عن عمق الألم الذي ألم بالإنسان الفلسطيني، من خلال رسمه شخوصا تكتسي وجوهها ملامح من حزن و أسى عميقين لكنها أيضا شخوص يشعّ من داخلها الكبرياء و التحدي و الأمل في استرجاع حقها و العودة إلى الوطن الأم. تظهر المرأة كشخصية مركزية في أعمال شموط، بزيها الفلسطيني دائما، و بعلاقتها مع الطفل أحيانا في مقاربة بين علاقة الأمومة بمريم العذراء و المسيح، كإعادة إنتاج لتاريخ اللجوء الذي يكرر نفسه على أرض فلسطين، و كتعبير عن علاقة أمومة خاصة عامة، تشبه علاقة الطفل بالأم بعلاقة الإنسان الفلسطيني بأرضه. ومن الجدير ذكره انه تم إتخاذ المرأة الفلسطينية في أعمال معظم رواد الفن التشكيلي الفلسطيني كاستعارة للأرض و الهوية الوطنية و الثقافية و التراثية، كما في أعمال ناجي العلي و سليمان منصور و نبيل العناني و عبد عابدي و عبد الرحمان المزين و كامل المغني و غيرهم. رسم إسماعيل شموط في فترة الخمسينات لوحات تصور واقع حياة اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات [ شكل 1]. من بين أهم تلك اللوحات لوحاته " سنعود "و " هنا كان أبي " و " إلى أين؟ " و " فلسطين على الصليب". وكما يظهر من عناوين تلك اللوحات هو تمحورها حول قضية التهجير من ناحية باعتباره جاء اغتصاب حق مشروع في بقاء الإنسان في وطنه، و حول قضية العودة من ناحية ثانية باعتبارها تحقيقا لمبدأ استرجاع الحق المغتصب. عن لوحته "فلسطين على الصليب" يقول إسماعيل شموط بأنه أراد بها الجمع بين ثلاثة أصعدة زمنية هي التشتت و فقدان الأرض و الحياة القاسية في المخيمات و أخيرا المستقبل الذي يجب النضال من أجله و من أجل سلام و سعادة الأطفال.6 بعد هزيمة 1967 كررت لوحات شموط التعبير عن التهجير المتكرر للشعب الفلسطيني، و إلى جانب إشتداد ألم الشخوص في لوحاته كما في لوحته "إلى أين...مرة أخرى" و التي رسمها عام 1967، بدأت تدخل في أعماله رموز المقاومة و النضال المسلح، و التي صاحبت انطلاق حركات التحرر الوطني الفلسطيني في عقد الستينات. من رائدات التشكيل الفلسطيني تعتبر جوليانا ساروفيم [ مواليد يافا 1934] فنانة متميزة على صعيد الأسلوب الذي استخدمته في أعمالها و على صعيد عمق المضمون من حيث البحث في جوّانية الذات الإنسانية. إن النظرة الأولى لأعمال ساروفيم توحي بأنها فنانة خارج سياق أبناء جيلها من الفنانين الفلسطينيين من تلك المرحلة والذين جاءت أعمالهم مباشِرة في التعبير عن إحتلال الأرض و تهجيرإنسانها الفلسطيني منها. غير أن قراءة عميقة لأعمال الفنانة و التي هُجرت من يافا و تعلمت الفن في بيروت، تكشف عن أسلوب خاص انتهجته، وسيلته و غايته البحث داخل الذات المغرقة بالذكريات عن الوطن. تقول ساروفيم:" أنا لا أميز بين الفن و الحياة. في الفن ألقى الحب. و في الحب ألقى الحرية". كانت ساروفيم ترسم في سعي لإكتشاف الذات، تلك التي تلوح في فلكها ذاكرة الوطن الأول، فتتلمس طريقها بلغة تشكيلية تعبيرية تحمل في طياتها الحنين إلى يافا الشاطئ و البرتقال [ شكل 2 ]، يافا، شاطئا و برتقالا، تظهر في أعمالها التي تميزها مائية و نباتية تمر عبر الحلم و الذكريات عن الوطن، فيغدو هذا الوطن هو الحلم و هو الذات، فترسم ساروفيم يافا لترسم نفسها، و ترسم نفسها لتطلعنا على يافا في داخلها. و يكمل الفنان كمال بلاطة مستقرءا في أعمال ساروفيم مشابهة بين ساروفيم، المرأة الفلسطينية، ويافا، المدينة الفلسطينية، قائلا: 7[/align] " و من خلال التداعي الحر بين المستذكرات و الذات، تزاوجت تفاصيل المكان المفقود مع ثنايا الجسد الحميم...فمن خلال هذه الكائنات [ في لوحات ساروفيم ]، كثيرا ما أطل علينا من وراء حجاب الزفاف الأبيض وجه عروس و كأنه يذكرنا بصورة يافا التي صورت في الفنون الكلامية كعروس غراء. وفي تمعننا بالملامح البلورية لهذا الوجه المكلل بالنور، يلوح لنا المرة تلو الأخرى وجه ساروفيم". |
رد: بحث / النكبة في الخطاب الثقافي الفلسطيني : الفن التشكيلي نموذجا - مليحة مسلماني
رائع و متميز ماقدمت أخت أسماء هي فرصة أتحتها لنا للتقرب والتعرف على وجه من وجوه الصمود و التعريف بالقضية وكذلك التأريخ للمعاناة في ظل الاحتلال.
شكرا لك |
رد: بحث / النكبة في الخطاب الثقافي الفلسطيني : الفن التشكيلي نموذجا - مليحة مسلماني
اقتباس:
شكرا صديقتي نصيرة أرجو أن يتجدد مرورك لمتابعة بقية البحث مودتي |
رد: بحث / النكبة في الخطاب الثقافي الفلسطيني : الفن التشكيلي نموذجا - مليحة مسلماني
[align=justify]تطرح أعمال رائدة أخرى من رائدات التشكيل الفلسطيني، وهي الفنانة منى حاطوم، العلاقة بين ما هو ذاتي و ماهو سياسي، بين ما هو عام و ما هو خاص، من خلال جسدها كموضوع عملها الفني. ولدت منى حاطوم في بيروت عام 1952 لأسرة فلسطينية هُجّرت من حيفا.
و في معظم أعمالها يبقى جسد حاطوم موضوعا للمنفى الجماعي و الغربة الذاتية. في عملها " تحت الحصار" و الذي عرض في لندن قبل ستة أيام من الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، ظهر جسد منى حاطوم العاري مكتسيا بالصلصال داخل مكعب ضيق شفاف، استمر وجود الجسد محاولا الوقوف داخل المكعب لمدة سبع ساعات، في تعبير عن تلطخ و تخبط الجسد العاري داخل الحصار.8 ظهر أيضا جسد حاطوم في عملها " طاولة المحادثات" الذي عرض في العام الذي تلا مذبحة صبرا و شاتيلا في أيلول 1982 في مدينة أوتاوا في كندا. مُدّد جسد حاطوم لمدة ثلاث ساعات على طاولة يسلط عليها ضوء و من حولها كراسي فارغة، ظهر الجسد ملفوفا بالشاش الطبي و بالأكياس ومن خلال البطن يظهر كيس مخضب بالدم و مليء بالأمعاء، رافق هذا العرض تصريحات لقادة عرب حول السلام في منطقة الشرق الأوسط.9 يصف إدوارد سعيد أعمال منى حاطوم ب "منطق الأضداد" التي تستند على ما يسميه ب "ذاكرة التحدي" و يوضح الفنان و الباحث الفلسطيني كمال بلاّطة هذا الوصف من خلال أعمال حاطوم التي تعبر في نفس الوقت عن أضداد تتراوح ما بين الهوية و المنفى و ما بين القمع و المقاومة و ما بين الأسر و الحرية.10 يقول إدوارد سعيد في قراءته لأعمال حاطوم: "في عصر المهاجرين، و اللاجئين و المنفيين، وهروب المدنيين، عصر المذابح و المخيمات، و منع التجوّل، و إبراز بطاقات الهوية، تعتبر......[أعمال حاطوم الفنية ] بصفتها الأدوات العرضيّة غير القابلة للمصالحة في علاقتها بذاكرة التحدي، هذه الذاكرة التي تواجه الذات دون هوادة و بالعناد نفسه الذي تواجه فيه الآخر الذي يطاردها و يقمعها، و لئن اتسمت [هذه الأعمال] بالتغيير المستديم إلا أنها ترفض لنفسها التفريط بالماضي الذي تكمن عليه بحيث تبدو في ذلك و كأنها كارثة مغفلة يتواصل حدوثها دون توقف و دون تملّق أو تبجّج أو عصف خطابي"11. غير أن حاطوم في عملها "قياسات المسافة"، [شكل 3]، ستعيد إنتاج الذاكرة ما بين تلك الفردية و الأخرى الجمعية التي تحتفظ بالألم الإنساني الفلسطيني منذ التهجير. " قياسات المسافة " عبارة عن عرض بالفيديو لمدة خمس عشرة دقيقة كانت قد صوّرتها منى حاطوم قبل الإجتياح الإسرائيلي للبنان بعام و عرضته عام 1988. يعرض هذا الشريط صورة إلتقطتها الفنانة للنصف الأعلى من جسد والدتها أثناء استحمامها في بيتها في بيروت، في حين يتوارى النصف الأعلى من جسد الأم خلف سطور من صفحات رسالة كانت قد كتبتها لإبنتها في لندن. و بينما يتساقط رذاذ الماء داخل الحمام، يجري حواربين الأم و ابنتها حول الأحداث اليومية خلال الحرب الأهلية في لبنان يتخللها حديث حول الجنس و أخبار العائلة. في أكثر اللحظات الحميمية تلك، تستعيد الوالدة الذكريات الصعبة في بيروت، وتصارح ابنتها بأنه بعد مرور السنين أن سخطها قد ترسخ بسبب غربتها عن وطنها و عن مدينتها حيفا.12 هكذا تقرّب حاطوم في "قياسات المسافة" المسافات بين الغربة و الوطن، بين منفى الأم عن حيفا و المسافة بينها و بين أمها من خلال حوار يتضمن الأخبار و الذكريات و المصارحة. جسد الأم هنا هو موضوع المنفى، الذي يمثل السخط الفلسطيني عليه من خلال إحساس الأم المستمر بالغربة بعد أن هُجّرت من حيفا. في المشهد التشكيلي الفلسطيني داخل الخط الأخضر، حيث الأقلية الفلسطينية التي تواجه سياسة صهيونية مزدوجة ما بين الإقصاء من ناحية و محاولات الأسرلة من ناحية أخرى، برز فنانون فلسطينيون عبروا عن خصوصية الواقع و الهوية. كان من بين هؤلاء الفنان عاصم أبو شقرة التي تعتبر لوحته "صبّار"، [شكل 4] ، و التي أنجزها عام 1989 من أكثر لوحاته إثارة للجدل و فضحا لعمق قضية الإنسان الفلسطيني في مواجهته مع " الآخر" سارق أرضه و هويته. تمثل تلك اللوحة الهوية الفلسطينية المرتكزة على قدرة الشعب الفلسطيني على البقاء و الحفاظ على الهوية رغم اقتلاعه من أرضه. فالصبّار يمثل القدرة على النمو من وسط الموت، وجسده يحتوي سبل الدفاع عن هذا الجسد "الشوك". و تلك هي الهوية الفلسطينية التي تحتفظ بالقدرة على الإستمرار في عناصرها ذاتها. إن دلالة الصبّار الموجود في مركز اللوحة يشير إلى فكرة الصبر و القدرة على البقاء في ظل الظروف القاسية، و إن وضع الصبار في أصيص في اللوحة يعبر عن منفى الشعب الفلسطيني الذي اقتلع من أرضه و هُجّر إلى أراض أخرى غريبة. ومن الجدير ذكره في هذا السياق أن النقد الصهيوني يحاول إنتاج صبار عاصم أبو شقرة في سياق ثقافي صهيوني كما عبر عن هذا التوجه الناقد الصهيوني بانيه دونز، يقول الباحث نصر الجوابرة : 12 " إن الفنان أبو شقرة بهذا العمل يقوم على أنسنة تلك النبتة الحرة. ومعادلتها بالإنسان الفلسطيني الذي اقتلع من أرضه، مغايرا بها الرمز الصهيوني المعروف في الأدب و الرسم بالإنسان الذي عاش أرض [إسرائيل]، فهو يقدم لنا تضمينا دلاليا للرمز يغير من الإرتباطات الفكرية للصبّار الصهيوني، و الذي هو في الأساس ذو مرجعية لغوية من خلال كلمة [Saber]، و تعرب كمعنى معادل للصهيوني الذي نشأ في أرض فلسطين" مثلت النكبة و ما تبعها من تهجير للشعب الفلسطيني وتشتته في أماكن مختلفة و إقامته في واقع قاس في مخيمات اللجوء، محور أعمال رواد الفن التشكيلي الفلسطيني، و عكست هوية فلسطينية تمحورت حول القضية التي تستند على الحق المشروع في العودة إلى الوطن. في تلك المراحل من مسيرة الفن التشكيلي الفلسطيني تحولت اللوحة في معظم أعمال الرواد إلى أشبه ب "بوستر" سياسي و نضالي، من خلال طرحها المباشر للقضية السياسية و احتوائها على رموز التراث و الهوية و الكفاح و المقاومة الفلسطينية. [يتبع] [/align] |
رد: بحث / النكبة في الخطاب الثقافي الفلسطيني : الفن التشكيلي نموذجا - مليحة مسلماني
3. النكبة في الفن الفلسطيني منذ بداية التسعينات دخل الفن التشكيلي الفلسطيني منذ بداية التسعينات مرحلة جديدة شهد فيها تطورا على مستوى المضمون أولا، من حيث تنوع المضامين و المواضيع التي يطرحها و من حيث إختفاء المباشَرة في طرح ما هو سياسي في العمل الفني، و ثانيا على مستوى الأدوات. طور الفن الفلسطيني مختلف الوسائل التعبيرية المرئية، فاستخدم إلى جانب النحت و الرسم و التصوير أدوات معاصرة مثل فن الفيديو Video Art و فن الأداءPerformance بالإظافة إلى فن الإنشاء Installation. يحتلّ المكان، بوصفه ذاكرة تنطلق من المكان المؤقت و الآني و القاسي، مخيم اللجوء، لتسافر عبر اللوحة و الحلم إلى المكان الأم و الأول، حيزا خاصا في أعمال التشكيليين الفلسطينيين، و بشكل خاص في أعمال الفنان أسد عزّي [مواليد شفا عمرو 1955] و التي تعالج المكان ببعديه التاريخي و المعاصر. فمن خلال الرموز التي تتضمنها لوحاته، خرائط بناء البيوت القديمة و الصور و الوثائق، يستحضر عزّي من الذاكرة المكان و الشخوص و الحياة التي كانت في المدينة الفلسطينية، يافا. تظهر يافا القديمة في لوحته "راحة المقاتل" [شكل 5]، ببيوتها القديمة و بمئذنتها العالية، في حين يظهر الفلاح الآتي على ظهر حمار في أعلى اللوحة، الفلاح هو الشخصية التي مثلت بطل أعمال أسد عزّي، في إشارة من الفنان إلى المخلّص المُنتَظر. يظهر ختم بالعبرية على التمثيل المعماري و التراثي للمدينة، في دلالة على السيطرة و إخضاع المدينة و هويتها للحكم الإسرائيلي. الفلسطينيون في إسرائيل يعانون ليس فقط التهجير من قراهم الأولى فحسب، بل ايضا من محاولات تهجيرهم من هويتهم الفلسطينية، فهم الشاهدون الحقيقيون على " أسرلة " المكان الفلسطيني و بالتالي محاولة أسرلة الإنسان الفلسطيني. المكان يشكل جزءا من الذات التي تعالج تشكيليا علاقتها مع المكان الجديد الخاضع، لكنها تنطلق من ذاكرتها من مكان قديم مازال يصرّ على الحضور بهوية مغايرة لما هو مفروض صهيونيا. تمثل سلسلة أعمال مصوّرة بعنوان "مشوشة"للفنان حنّا فرح [مواليد الجش 1960] هوية اللجوء الفلسطيني، الفردي و الجماعي، من خلال تثبيت الزمن، التاريخ و الحاضر الفلسطيني، في صورة التقطها الفنان لنفسه واقفا، مطأطئ الرأس يداه مثبتتان على جانبي جسده، تحت عقدة بين جده في قرية كفر برعم التي هُجر منها سكانها عام 1948، [شكل 6]. وقّع الفنان على أعماله باسمه ملحقا ب "قرية برعم"، كتأكيد على عنصريْ المؤقت و الإقتلاع في هوية اللاجئ الفلسطيني الذي يعيش مؤقتا في مكان آخر، و يتوق إلى العودة إلى الأرض التي هُجّر منها.14 تبدو عقدة البيت كتاج فوق رأس الفنان، لكنه يبدو تاج يثقل الإنسان الفلسطيني، الذي يبقى "مشوشا" كما يحمل إسم العمل، نتيجة للسيرورة غير الطبيعية للتاريخ، حنا فرح يحدّق في المهجر الذي يأتي بعد المنفى، و هو لا يتصالح مع التاريخ، لا يتصالح مع هذا المنفى. يؤكد حنا فرح على تلك المعاني و الدلالات في الهوية الذاتية و الجماعية للتهجير الفلسطيني من خلال صورة أخرى يظهر فيها جسد عاري يحمل في يديه المتواجدتيْن في الصورة ككفيّ ميزان شعر رأس، [شكل 7 ]، في إحدى يديه شعر أسود، و في الأخرى شعر أبيض. مرة أخرى هناك إيحاء من ضعف الجسد و عريه لما يحمله هذا الجسد بشكل معادل من تاريخ و حاضر لا ينفصلان بل يصرّان على التداخل و الإختلاط، التاريخ الفلسطيني يقف عند عام 1948، و يبقى هذا التاريخ محدّقا في حاضر الإنسان الفلسطيني، كما الشعر الذي يشيب لكنه يبقى بعد الموت. ركزت سلسلة الأعمال تلك على تمحور هوية اللاجئ الفلسطيني حول الذاكرة الجمعية، التي لا تنفك أن تحيا، و لا تنفك تُثقل الإنسان الفلسطيني بمأساتها المتكررة و حضورها المستمر. يعتبر الفنان إبراهيم النوباني [مواليد عكا 1961] حالة تشكيلية مثيرة للجدل داخل الوسط الفني في الكيان الصهيوني و تشكل تحديا للمنظومة الإستعمارية التي يمثلها هذا الكيان. أقام أبوه في مدينة حيفا و بعد النكبة لجأ إلى عكا و استقر فيها، أما أمه فقد هُجرت و عائلتها من قرية الكويكات التي يقوم على أنقاضها اليوم " كيبوتس بيت هعيمق". عبرت أعمال النوباني على مدار مسيرته التشكيلية عن قضايا الهوية الفلسطينية و عنصرية الكيان الصهيوني و معاناة الشعب الفلسطيني على يد الإحتلال بدءا بالتهجير و مرورا بالنكسة و انتهاءا بالانتفاضتين. دخلت الأحداث المأساوية بدخانها و دمويتها المجال الهندسي الذي يقيمه النوباني على لوحات ذات حجم كبير، تعج برموز عربية و فلسطينية كالمزهرية و أوراق النبات و الشجر و القش المجدول و العين، في تأكيد على عروبة و فلسطينية المكان و الانسان. يحتلّ البيت، كاستعارة للوطن المفقود، مكانة رئيسية في أعمال النوباني، من خلال رسم نموذجين للبيت في أعماله بأسلوب طفولي، البيت العربي، مربع على رأسه نصف دائرة-قبة، و البيت الغربي، مربع على رأسه مثلث، تمثيلا لعدم التصالح في المشهد المكاني على أرض فلسطين و المتمثل بتدمير القرى الفلسطينية و إقامة المستوطنات الحديثة على النمط الغربي على أنقاضها. أثر إندلاع الإنتفاضة الثانية في شخصية النوباني الإنسان و الفنان، ليذهب بأسلوب تعبيري فوضوي إلى رسم الأحداث الدموية التي يعانيها الشعب الفلسطيني. يتجلى ذلك بداية في عناوين لوحاته " موت في فلسطين" و " جنين" و " ثور جنين" و "نصبوا لي الخيمة، قلت سأبقى". عن علاقة الفنان إبراهيم النوباني بالبيت يقول مشبّها الحالة الذاتية بالعامة و الوطن بالبيت : "أشعر بأن لا بيت لي، وهو شعور يخلق حالة من عدم الإستقرار، تشبه الحالة الفلسطينية برمتها، أن تكون مهجّرا أو إبنا لعائلة مهجّرة يعني أنك تبقى مهجرا..." " نصبوا لي الخيمة، قلت سأبقى"، [شكل 8]، هو عنوان مقتبس من قصيدة مشهورة للشاعر حسن ضاهر، وغناها الفنان أحمد قعبور. أنجز النوباني تلك اللوحة سنة 2004 و يظهر فيها رسم رمزي للخيمة في دلالة على استمرار الشتات الفلسطيني بعد ما يقارب الستين عاما. الخيمة تشير إلى سكن مؤقت، و إلى ساكن متنقل ليس له وطن. لذا فإن الخيمة التي مازالت منصوبة في اللوحة و بعد كل تلك العقود منذ التهجير تشير إلى علاقة تشبث و انتماء تربط الإنسان الفلسطيني بالبيت-الوطن-الذي هجر منه. يسيطر الأزرق على اللوحة ليشيرإلى حالة فزع و حزن، في حين تتواجد عيون و وجوه كثيرة تعبر عن حالة من الألم و الترقب و الإنتظار. [ يتبع ] |
الساعة الآن 43 : 03 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية