![]() |
الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
1 مرفق
[align=justify]
تعالوا نبدأ بتأسيس مكتبة شاملة للأدب العربي ، في اثنتين وعشرين دولة، على أن تقدم في كل ملف أدب هذه الدولة أو تلك من خلال كتاب وأدباء هذه الدولة .. هذا يعني أن نفتح اثنين وعشرين ملفا في مكتبة نور الأدب ليقوم كل كاتب وأديب له عضوية في نور الأدب بالكتابة نقدا وتقديما ، إلى جانب وضع نماذج من إبداعات المبدعين في كل بلد ، ودعوة بعض هؤلاء المبدعين للمشاركة .. نتمنى في قادم الأيام أن تكبر مؤسسة نور الأدب للإعلام لنقوم بطباعة كل كتاب من هذه الكتب ..هو طموح لكن لا بأس أن نشعل شمعة فذلك خير من أن نلعن الظلام .. أترك لكل كاتب أن يصمم التقديم حسبما يرى .. طلعت سقيرق دمشق ص ب 5663 تلفاكس 6336106 بريد الكتروني Skairek70@gmail.com أو على البريد الداخلي هنا تحياتي -------------- -------------- ملف الأدب المصري بإشراف الأستاذ : عبد الحافظ بخيت متولي [/align] |
رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
جذور الأدب في مصر الأدب في أرض مصر له جذور عميقة ، تمتد خمسة آلاف سنة قبل الميلاد .. فالمصري هو أول من كتب .. وأول من دون على جدران المعابد و الصخور و أوراق البردي حكمه و مواعظه و آدابه التي أذهلت العالم .. وتركزت على قيم الفكر و العدل و الفضيلة .. وظهر في مصر القديمة العديد و العديد من الأدباء و الشعراء و حكماء و ادي النيل ، أمثال لقمان الحكيم و بتاح حتب امينموبي و نفررو و خيتي و و ايبورو و أون شيشونقي و كاجميني و آني و مريكارع و ايمحوتب و غيرهم .. عبر هؤلاء الحكماء عن أفكارهم و حكمهم بشتي صنوف الأدب : الشعر و النثر ..الحكم ، الأمثال ، الأدب التاريخي و أدب الرحلات ، القصص الاسطورية الخيالية و القصص الحقيقية الواقعية .. واهتم الأدباء بتسجيلها لتبقى شاهدة على أفكارهم و أعمالهم مدي التاريخ بحفظ الله و رعايته . الأدب العربي الحديث في مصر كان له قاعدة راسخة صلبة من أسس الأدب و تعاليمه و احترامه ، و هى نابعة من : أولاً : الأدب المصري القديم .. خاصة بعد اكتشاف حجر رشيد و فك شفرة اللغة الفرعونية الهيروغليفية ، و ترجمة الأعمال الأدبية المصرية القديمة إلى اللغة العربية مع بداية القرن التاسع عشر . ثانياً : الفكر الديني و العقائدي المتطورو الحكيم و المشبع بالإيمان بالأديان السماوية .. بداية من فكرة توحيد الإله الواحد و التي نادى بها أخناتون والايمان الراسخ بالحياة الأخرى و بالحساب .. ونهاية بإعتناق الإسلام و إعلاء راية التوحيد و النداء ( لا إله إلا الله .. محمد رسول الله ) . ثالثاً : الانسجام و التناغم الواضح و الصريح بين الأدب المصري و الفن المصري على مدى العصور و الأجيال .. و التي تتمثل في مصر المتحف المفتوح للعالم أجمع و الذي يضم أكثر من ثُلث آثار العالم .. تلك الآثار التي إمتزجت فيها الفنون مع الآداب و الحكمة . أما ما نتحدث عنه الآن .. وفي هذا الملف تحديداً .. فهو الأدب العربي في مصر ، و الذي أُلف و سجل باللغة العربية بعد الفتح الإسلامي لمصر .. المراحل التي مر بها الأدب العربي في مصر: مر الأدب العربي في مصر بخمس مراحل هي : (1) - مرحلة التمهيد : (ميلاد الأدب) من سنة 20 هـ إلى دخول الفاطميين مصر357 هـ (2) - مرحلة النضج و الازدهار : من 357 هـ - 656 هـ وفيها تحددت ملامح الأدب المصري وظهرت شخصية مصر واضحة.. (3) - مرحلة التأليف و التجميع من 656 هـ - 923 هـ وفيها طغت الصناعة اللفظية على الأدب نثراً وشعراً.. (4) - مرحلة الضعف و الانهيار حيث أصبحت مصر ولاية تابعة للخلافة العثمانية وانتشرت اللغة العامية . (5) – مرحلة الحداثة و العالمية : بداية من القرن التاسع عشر الميلادي وحتى وقتنا هذا .. حيث أصبحت مصر مركزاً أساسياً للأدب العربي .. وانتشرت حركة التأليف و الترجمة و الابداع الفكري و الأدبي . تحياتي . د. ناصر شافعي |
رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
الروح الإنسانية عند شوقى مقدمة تبدو الروح الانسانية واضحة فى شعر شوقى وهوبذلك يختلف عن الشعراء المعاصرين لانه ابرز فى نصوصه الشعرية على المستوى الدلالى هذه الروح وكأنما يقصد ها قصدا ويعمد اليها وهذا يثير عند المتلقى تساؤلا محيرا :لماذا كان شوقى حريصا على هذه الروح؟ وفيم تمثلت؟ ربما كان حريصا عليها لانه ارتبط بالجمهور والشعب وذاق مرارة الحرمان فى النفى وقد تمثلت فى التعرض لقضيايا التسامح الدينى والمروءة وحب الاخر مهما كان هذا الاخر وقيم الحق والخير والجمال ولقد. أسهمت أشعار شوقي في نشر ثقافة التسامح في الوطن العربي إسهاماً كبيراً، وشاع بعضها على ألسنة الناس، ومنها البيت المشهور في مسرحية مجنون ليلى الذي يعزز الإيمان بالتعددية، وهي ركن من أركان التسامح: اختلاف الرأي لا يفسد للودّ قضيّة ومثله أيضاً الحكمة الشوقية: تسامح المرء معنى من مروءته بل المروءة في أسمى معانيها تخلّق الصفح تسعد في الحياة به فالنفس يسعدها خلقٌ ويشقيها وهل أجمل تعريفاً للتسامح من مساواته بالمروءة التي هي إنسانية الإنسان، والقيمة الأولى في القيم العربية بوجه عام؟ ** شخصية شوقي حاول الكثيرون اكتشاف شخصية شوقي، ولكن آراءهم فيها تباينت تبايناً واضحاً. فقد كتب هيكل، فى مقدمة ديوان "الشوقيات"، واقفاعند ازدواج شخصية شوقي، وفي ذلك يقول في المقدمة: "كأنك أمام رجلين مختلفين... أحدهما مؤمن عامر النفس بالإيمان، حكيم يرى الحكمة ملاك الحياة وقوامها، والآخر رجل دنيا يرى في المتاع بالحياة ونعيمها خير آمال الحياة وغاياتها، متسامح مع نفسه الإنسانية، ومع الوجود كلّه، ساخر مع الناس وأمانيهم. وأما طه حسين فيخالف هيكل ويقول: "ازدواج الشخصية الذي يلمحه هيكل في شعر أمير الشعراء، لا يدلّ في حقيقة الأمر إلا على أن أمير الشعراء يقلد المؤمنين والمستمتعين كما يقلّد غيرهم من أصحاب الشعر." ويذهب طه حسين إلى أن شخصية شوقي إنما هي شخصية الداهية الماكر الذي يظهر غير ما يخفي، وفي ذلك يقول: "لم ينهض لخصومة ناقد من نقّاده، بل لم يجرؤ على أن يلقى نقّاده بالعتب، وإنما كان يعاملهم معاملة الأراقم... يغرى بهم ويؤلب عليهم ثم يلقاهم باسماً وادعاً... "(حسين، 1923). وفي اتجاه هيكل ذهب عبد اللطيف شرارة حيث يقول: " الواقع أن شاعرية شوقي انبثقت عن القطب الموجب في اتجاهه وهو حب الحياة، والقطب السالب، وهو الإيمان بالقيم الأخلاقية الدينية، وعاش أيامه على هذه الأرض، وهو يترجح... ولكن بهدوء واتزان بين هذين الجانبين المتعارضين، دون أن يوفَّق إلى صهرهما في وحدة متماسكة." (شرارة، 1969). مهما يكن القول في شخصية شوقي، وأنها شخصيات: مؤمنة ودنيوية كما يقول هيكل، أو شخصية واحدة لها نعومة الأفعى كما يقول طه حسين، أو شخصية واحدة تمتاز بالوداعة كما يقول عبد اللطيف شرارة، فإن هذه الشخصية كما تتجلى في أشعار شوقي، كانت شخصية محكومة بالبيئة إلى حدّ كبير: أ) التقى في شوقي الدم اليوناني بالدم الكردي والعربي، وامتزجت فيه عناصر المسيحية مع عناصر الإسلام، وفي ذلك يقول شوقي: "أنا إذن عربي، تركي، يوناني، جركسي بجدّي لأبي." (الكيلاني، 1963). ب) ولد شوقي بباب القصر، وقضى شبابه وكهولته في القصر، فلم يكن غريباً كما يقول طه حسين "أن يكسب شوقي في حياته الأدبية والشخصية هذه السياسية – سياسة المداورة المعهودة في القصر- التي تحمي صاحبها، وتضمن له الأمن والسلامة معاً." (حسين، 1923). ت) عاش شوقي تجربة الحياة السياسية المصرية في الثلث الأول من القرن العشرين، وهي تجربة خصبة حقاً، ولم يكن بدّ من انعكاس هذه التجربة على شخصيته وشعره. ث) كان لسيرة حياة شوقي الشخصية أثر مهم في شخصيته وشعره أيضاً، ومن الأمور المهمة التي تذكر بهذا الشأن دراسته الحقوق في فرنسا، والفترة من حياته التي قضاها في المنفى بالأندلس. مهما يكن من شأن هذه المؤثرات، فإنها لم تستطع أن تلغي مزاج شوقي الذي تعتقد أنه كان مزاجاً هادئاً، بل لعلّها ساعدت على تعزيز هذا المزاج، وقد تحدّث شوقي ضيف عن هذه الظاهرة في حديثه عن شخصية شوقي، حيث يقول: "اعتزل الأحزاب، وعاش مستقلاً، حتى لا يصدم أحداً بكلمة أو همسة... وكل هذا من حقّ شوقي، فالناس يختلفون في مزاجهم، منهم من يحب المصارعة... ولم يعرف شوقي المصارعة فقد جرت حياته في هدوء " (ضيف، 1963). وفي هذا الاتجاه، يذهب محمد خورشيد بقوله: "اشتهر شوقي بعفة اللسان، فهو لم يهجُ أحداً، ومما عرف عنه التواضع والخجل، وإحجامه عن مقارعة خصومه الذين كانوا يكيلون له من النقد ألواناً " (خورشيد، د. ت.). وقد تجلت شخصية شوقي هذه في شعره حيث يقول: وإذا الهجـــــوُ هاجــــــــــــــه لمعــاناتـــــــــــه أبـــــــى ورآه رذيــــــــــــــــــــــلة تســـــــــــــــتحق التجنّبــا ما رأى النـاس شــــــــــــــــاعراً فاضــــــــــل الخلق طيّبــا دسّ للـنـاشـــــــــــــــــقـيـن فـــــي زنــبــق الشـــعر عقربا وكأنه كان يصف نفسه في رثائه لحافظ إبراهيم: قلمٌ جرى الحقب الطوال فما جرى يوماً بفاحشة ولا بهجاء بل إن غزل شوقي لم يخل من مثل هذا التسامح، ومن ذلك تعليقه على محبوبه الذي أضاعت يده روح شوقي، فما كان منه إلاّ أن دعا له – لا عليه- بسلامة يده: مولاي وروحــــي في يـــــــــــده قــد ضـيّعها، سلمت يدهُ فأي تسامح بعد هذا التسامح؟ ** مرحلتان مختلفتان يُجمع النقاد والدارسون لشعر شوقي – أو يكادون – على وجود مرحلتين متميزتين في شعره من حيث التوجهات والاهتمامات، وهما مرحلة ما قبل النفي إلى الأندلس في عام 1915، والمرحلة التالية لها. * المرحلة الأولى اتصفت هذه المرحلة، وبخاصة في بدايتها، بتعاطف قوي مع الترك والخلافة العثمانية، وربما كان هذا راجعاً في بعض أسبابه إلى أصله التركي، ولكنه كان، فضلاً عن ذلك، متأثراً بالخديوي عباس الذي كان مخلصاً لتركيا (ضيف، 1963). ولا يعني هذا أن شوقياً كان مؤمناً بالجامعة الإسلامية على الصورة التي ارتضاها الخلفاء المستبدون من الأتراك، بل كان يدعو إلى الشورى والحرية، وإصلاح نظام الحكم، والاهتمام برغبات الأمة ومطالبها (الكيلاني، 1963)؛ وهو في القصائد التي ناصر بها الأتراك، إنما كان يمجدهم بالقياس إلى أعدائهم من يونان وغيرهم، ولم يكن، بأي حال من الأحوال، يعلي شأن أحد الدينين الإسلامي والمسيحي على الآخر. وفي هذه المرحلة كتب شوقي قصائده المشهورة ذات التوجه الديني، مثل: "المولد النبوي" و "نهج البردة" وغيرهما، وكان في هذه القصائد يتحدث عن الإيمان باعتباره وسيلة لنزع التفرقة والتكبر من النفوس، ولمعارضة التفرقة الطائفية والتعصب المذهبي، والظلم، ولتقريب الناس جميعاً في وحدانية الله سماء، وتوحيد المشاعر أرضاً، دون تفريق بين كتاب وآخر (الجرّ، 1992). ولم يتغير هذا التوجه "التوحيدي" عند شوقي، في أشعاره في المرحلتين، ونكتفي بالتمثيل له، بقوله في قصيدته عن المعلم والتعليم: أرسلت بالتوراة موسى مرشداً وابن البتـــــول فعلّم الإنجيـلا وفجرت ينبوع البيان محمــــداً فسقى الحديث وناول التنزيلا والأمثلة في هذا الشأن كثيرة. * المرحلة الثانية تختلف هذه المرحلة التي بدأت مع نفي شوقي إلى الأندلس عام 1915، نتيجة للصراعات بين القصر والإنجليز، اختلافاً جذرياً عن المرحلة السابقة في توجهاته وانتمائه، فلم يعد شوقي ذلك التركي الإسلامي، المطالب بوحدة الإسلام في ظلّ الخلافة التركية، بل تجلى اهتمامه واضحاً بمصر والعروبة، و "أطلّ علينا بعصبية قومية تصرخ بالمستعمر لترك بلاد العرب للعرب" (الجر، 1992). وفي هذا التغيّر يقول مصطفى الشهابي: "دار دولاب الحرب، فثارت الحرب الكبرى، وما انقشعت غمائمها السود، حتى فصلت البلاد العربية عن البلاد التركية، وحتى طلع علينا شوقي بسينيته المشهورة في الأندلس.. ما إن قرأنا له هذه الأبيات وأشباهها حتى هلّلنا وكبّرنا، وقلنا: الآن بدأ أمير الشعراء يكون شاعر النزعة العربية الكبرى." (خورشيد، د. ت). وكذلك يقول شوقي ضيف: "حتى إذا رجع إلى وطنه من منفاه، وسقطت الخلافة التركية، أصبح خالصاً لشعبه المصري، والشعوب العربية، فتغنى مشاعرهم وأحاسيسهم، في قصائد تحملها صدورهم، وكأنها تعاويذ سحرية." (ضيف، 1963). يمكن القول هنا بأن الجانب الوطني، حلَّ عند شوقي محل الجانب الديني، بعد نفيه إلى الأندلس، أو عودته منها إلى مصر، فقد رجع إليها وطنيا يقدس وطنه، ويجعله دينه الذي يقول فيه: ويا وطنــي لقيتك بعد يأسٍ كأني قد لقيت بك الشبابا ولو أني دعيت لكنت ديني عليه أقابل الحتم المجابا أدير إليك قبل البيت وجهي إذا فهت الشهادة والمتابا ويرى عبد اللطيف شرارة أن توجهه كان إلى الوطنية المصرية، وليس إلى القومية العربية بالمعنى الدقيق، فيقول: "كان من تأثير إسبانيا إذن في تكوين شوقي الأدبي، أن ردّته إلى الحظيرة العربية من الناحية الثقافية، بعد أن كان ولاؤه للتراث والخلافة الإسلامية، غير أن إقباله على الثقافة العربية لم يحوّله نحو التفكير العربي القومي، ولكنه تحوّل مع الأحداث إلى الوطنية المصرية، وراحت هذه الوطنية تتغلب في نفسه شيئاً فشيئاً على ما عداها من نزعات وعاطفات." (شرارة، 1969). وفي واقع الأمر، لم يكن شوقي مختلفاً في توجهاته وتغيرها عن سواه من الأدباء والمفكرين في المجتمع المصري، الذي برزت فيه الوطنية المصرية بقوة بعد الحرب العالمية الأولى بقيادة حزب الوفد المصري وغيره من الأحزاب الوطنية، واتصف آنذاك بانتشار أفكار التسامح بين المصريين وتلاقيهم على محاولة التحرر من الاستعمار الإنجليزي لمصر، وإقامة المؤسسات الشعبية الدستورية في البلاد. ومن أجل تبيّن مظاهر التسامح، والتجليات المختلفة لحقوق الإنسان عند شوقي، سنقوم بتتبع هذه المظاهر من خلال القضايا الأساسية التالية التي حفلت بها أشعار شوقي في ديوانه الشوقيات، وبخاصة في المرحلة الثانية من مراحل التطور في حياته وشعره. ** التسامح الديني ليس الدين عند شوقي طقوساً وشعائر كما هو الحال عند الكثيرين، بل هو مجموعة من المبادئ والقيم الخلقية التي تهدف إلى تحسين العلاقات الاجتماعية بين الناس، فضلاً عن تهذيب علاقات الفرد بالآخرين. أ) الدين عامل توحيد في المستوى الإنساني الدين عند شوقي، عامل توحيد، وهو حاجة للناس يستضيئون بها بعيداً عن التعصب، والمذهبية البغيضة، ومن هذا المنطلق غنّى الدين المسيحي في شعره، كما غنّى الإسلام، لاعتقاده أنهما دين سماوي واحد، وإن اختلفا في التسمية، ولعلّ تعلمه في مدارس الغرب، ونشأته في أوروبا، أحييا فيه هذه النزعة المؤتلفة مع سائر الأديان. (الجرّ، 1992). والأمثلة على هذا الجانب من جوانب التسامح الديني عند شوقي كثيرة، منها قوله في تهنئة السلطان محمد رشاد: يفـديـــــك نصـرانـــــيه بصـلـيـبـه والمـنـتـمــي لمحــمــد بهــــلالهِ وفتى الدروز على الحزون بشيخه والموسويّ على السـهول بمالـهِ يجــــــدون دولتك التي سعدوا بها من رحمة المولى ومن أفضالـه ومنها: رضي المهيمن والمسيح وأحمدٌ عن جيشك الفادي وعن أبطالِـه ومن ذلك أيضاً قوله: الديــــــن لله من شـــاء الإله هدى لكل نفس هوىً في الدين داعيها ما كان مختلف الأديــــان داعيـــة إلى اختلاف البرايــا أو تعـاديها الكتب والرســل والأديـان قاطبــةً خزائن الحكمة الكبرى لواعـيها محبــة الله أصـــــلٌ في مراشــدها وخشـــية الله أسٌّ في مبانيـــــها تسامح النفس معنىً من مروءتــها بل المروءة في أسمى معانيـــها ب) الدين عامل للتآخي في المستوى الوطني تحظى الدعوة للتآخي بين المسلمين والمسيحيين (الأقباط بوجه خاص) بنصيب كبير من شعر شوقي؛ وهو يحارب بقوة التعصب الديني والمذهبي. يقول مخاطباً المصريين: لا تجعلوا الديــن باب الشرّ بينكمو ولا محـــلّ مباهـــــــــــــاةٍ وإدلالِ ما الديــــن إلا تراث الناس بينكمو كــــل امـــرئٍ لأبيــه تابــعٌ تــــالِ ليس الغــلّو أمينــاً فـي مشــــورته مناهج الرشد قد تخفى على الغالي ويقول في رسالة الناشئة: قل إذا خاطبت غير المسلمين لكمو دينٌ رضيتم وَلْيَ دينُ خـــــــــلّ لــلديــّان فيهم شانهُ إنــــــه خـــالـقهم سبحانــهُ ويخاطب شوقي القبط في مقتل بطرس غالي: بني القبط إخوان الدهــور رويدكم هبوه يسوعاً في البرّية ثانيـــــا تعالوا عسى نطوي الجفاء وعهده وننبذ أسباب الشِّقاق نواحيــــــا ألم تـك مصــــرٌ مهـــدنا ثم لحدنا وبينهما كانت لكلّ مغانيـــــــــا ألم نك من قبل المسيح بن مريم وموسى وطه نعبد النيل جاريا وفي الموضوع نفسه يقول: أعهدتنــا والقبـــط إلا أمــةً للأرض واحدة تروم مراما نُعلي تعاليم المسيح لأجلهم ويوقّرون لأجلنا الإســـلاما الدين للدّيان جـــلّ جلالــه لو شاء ربك وحّد الأقوامــا ج) تلازم الإسلام والمسيحية في شعره: من الظواهر المميزة لشعر شوقي تلازم استشهاده في الدعوة للتسامح بين كل من النصوص والأفكار ذات الصلة في كل من الإسلام والمسيحية في القصيدة الواحدة أو البيت الواحد، كما في قوله: عيد المسيح وعيد أحمد أقبلا يتباريان وضــاءة وجمــالا مـيلاد إحسانٍ وهجرة سؤددٍ قد غيّرا وجه البسيطة حالا وقوله في الهلال والصليب الأحمرين: جبريـل أنت هدى السماء وأنت برهان العناية ابســط جناحيك اللذين هما الطهارة والهدايـــة وزد الهلال من الكرامة والصليب من الرِّعاية فهمــا لربــك رايــة: والحرب للشــيطان رايـة ويقول في رثاء الشيخ سلامة حجازي: قام يجزي سلامة في ثراه وطـــــنٌ بالجزاء غير بخيلِِ يدفـن الصــالحين في ورق المصحـف أو في صحائــف الإنجيــلِ وفي حين ينتقد شوقي أتباع المسيحية بقوله: عيســى ســــبيلك رحمـةٌ ومحبــةٌ في العالمين وعصمةٌ وسلامُ يا حامــل الآلام عـن هــذا الورى كثرت عليــه باســـمك الآلامُ أنــت الذي جعــل العبـاد جميعهمْ رحماً وباسمك تقطع الأرحامُ نجده ينتقد تعصب الأتراك وسلوك خلفاء المسلمين منذ قيام الدولة الأموية، فيقول في الخلافة: إنّ الذيـن توارثـوك على الهـــدى بـعد ابن هــندٍ طالما كذبـــوكِ لم يلبســـوا بــرد النبـــــيّ وإنّمــا لبسوا طقوس الروم إذ لبسوك إنــي أعيــذك أن تـُـرَيْ جبـــــارةً كالبابويــة في يــدي (ردريك) د) السلوك الشخصي لم يكن شوقي ملتزماً بالشعائر الدينية، في حياته الخاصة والعامة، فقد كان يشرب الخمر سرّاً وعلناً، وهو قد أبى السّفر إلى الحج حين دعاه الخديوي إلى مرافقته في سفره إلى الديار الحجازية، وفي ذلك يقول: ويا ربّ هل تغني عن العبد حجّةٌ وفي العمر ما فيه من الهفوات وقد أكثر شوقي في أشعاره من طلب العفو والمغفرة من الله، كما فعل من قبله أبو نواس الذي اتخذه شوقي مثالاً له، وسمّى بيته كرمة ابن هانئ باسمه. * الديمقراطية إن التناقضات التي عرفتها الحياة السياسية في مصر في عهد شوقي، والثقافة التي تعرف إليها في دراسته الحقوق بفرنسا، وطبيعته النفسية، وغير ذلك من العوامل، تركت أثراً عميقاً في قلب شوقي، مما يتصل بالديمقراطية حرية المواطن، والدليل على ذلك نفوره من حكم الفرد المتسلط، ودعوته إلى حكومة الشورى، والرأي الحر، واحترام الدستور، في قصائد مختلفة، وأبيات متناثرة في شعره (الكيلاني، 1963). أ) حكم الفرد يقول شوقي في رثاء مصطفى كامل: أتذكر قبل هذا الجيل جيلاً سهرنا عن معلمهم ونامـــا مهار الحـــق بغَّضْنا إليهم شكيم القيصرية واللجامـــا لواؤك كـان يســقيهم بجامٍ وكان الشعر بين يديّ جاما ويقول: زمــان الفرد يا فرعون ولّـى ودالت دولة المتجبّرينــا وأصبحت الرعاة بكل أرضٍ على حكم الرعية نازلينا ويقول أيضاً: إنّ الزمـــــــــان وأهلـــــــــه فرغــا من الـفـــــرد اللعينْ فــإذا رأيـت مشـــــــــــــايخاً أو فتيـةً لــك ســــــــاجدينْ لاق الزمــــــــان تجـــــدهمو عــن ركبـــــه متخلّفيــــنْ هــمْ فـي الأواخــــــــر مولداً وعقـــولهم في الأوليـــــنْ ب) البرلمان والانتخابات يقول شوقي مخاطباً العمال: أيـــّها الجـــــــمع لقـــد صـرت من المجلــس قابـــــا فكن الحــــرّ اخـتـيـاراً وكن الحـــرّ انتخابـــــا إنّ للقــــــوم لـَعـَيـــْــناً ليس تألوك ارتقابــــــــا فتوقع أن يقـولـــــــــوا مَن عن العمــــال نابـــا فتخيّـر كـلّ من شــــــبَّ علـى الصـــــدق وشــــــــابا واذكــر الأنصــــار بالأمــــس ولا تنس الصـــــحابـا ح) الدستور تطالب بالحقّ في أمةٍ جرى دمه دونها وانتشر ولم تفتخر بأساطيلها ولكن بدســـتورها تفتخر ** العدل والاشتراكية مثلما تحدث شوقي عن الديمقراطية والحرية ممجداً لهما، تحدّث أيضاً عن العدل والاشتراكية والمساواة ممجداً لها، كما تحدّث عن الرأسمالية، وما لها من آثار عميقة في الحكم، وعن المال كيف يرفع هذا ويخفض ذاك، وتشترى به المناصب والمراكز، وتحدث أيضاً عن التجارة التي تبتلى بأقوام جشعين، يخلقون السوق السوداء، ويحتكرون البضائع، ليصبح الشعب فريسة للفقر والجوع والحرمان، وتبقى حفنة من التجار الطامعين في بحبوحة العيش الحرام والمال المسروق (الكيلاني، 1963). وقد اعتبر الناقد الكبير، رجاء النقاش، أحمد شوقي من المؤمنين بالاشتراكية الديمقراطية، حيث يقول: "كان أحمد شوقي المولود في أحد قصور مصر الكبيرة هو، فيما أعلم، أوّل شاعر عربي، على الإطلاق، يستخدم كلمة الاشتراكية في شعره، وذلك عندما قال عن النبي (ص): الاشـــتراكيـون أنـــت إمــامـــهم لولا دعاوي القــوم والغلــواءُ داويــت مـتَّـئـــداً وداووا طفــــرةً وأخفّ من بعض الدواءِ الداءُ أنصـفت أهل الفقر من أهل الغنى فالكل في حقّ الحياة ســـــواءُ إن شوقي في هذه الأبيات يدعو إلى الإصلاح ولا يدعو إلى الانقلاب والثورة، وينادي بالاشتراكية التي تحقق العدالة والمساواة بين الناس، ولكن دون عنف أو إسالة دماء " (النقاش، 2003). وفي هذا السياق، يقول شوقي، في قصيدته التي نظمها عند عودته من منفاه في الأندلس: أمـــَنْ أكــل الـيتـيـم لـه عقـــــابٌ ومن أكل الفقير فلا عقابا أصيب مـن التجـــار بكـل ضــار أحدّ من الزمان عليه نابا يكـــــاد إذا غـــــذاه أو كســـــــاهُ ينازعه الحشاشة والإهابا وفي قصيدته عن مملكة النحل يقول: المــــال في أتباعهـــــا لا تســتـبـيـن أثـَــرَهْ لا يعــــرفـون بينهــــم أصــلاً لـه من ثمره لو عـــــــرفوه عـرفوا من البــــلاء أكثــره واتخــــــــذوا نقـــــابةً لأمــــرهم مســـيّرة ويدعو شوقي إلى العدل والإنصاف في ميدان التربية والتعليم، فيقول: ربّوا على الإنصاف فتيان الحمى تجدوهمُ كهف الحقوق كــهولا فهــو الـذي يـبني الطــّباع قويمـة وهو الذي يبني النفوس عدولا كما يقول في قصيدة "نهج البردة": اترك رعمسيس إن المُلك مظهره في نهضة العدل في نهضة الهرمِ ** المرأة اختلفت أشعار شوقي في توجهاته نحو المرأة؛ بين المرحلتين الأولى والثانية في تطور شخصيته وشعره، وإن كان موقفه بوجه عام قد ظلّ قريباً من الاعتدال في الحالين: ففي حين دعا قاسم أمين إلى تحرير المرأة لم يشارك شوقي في تلك الدعوة مخافة أن يغضب القصر، غير أن الوضع اختلف تماماً في المرحلة الثانية حين دعا شوقي دعوة صريحة إلى تحرير المرأة، كما في القصيدة التي قالها في إحدى الحفلات برئاسة السيدة هدى شعراوي: أو كـــل ما عنــد الرجـــــــال له الخواطب والمهور والسّـــــــجن في الأكــواخ أو سجنٍ يقال له القصورْ ومنها: يا قاســـم انظــر كـــيف ســـار الفكـــر وانتقـــل الشـــــعور جابـت قضـيــتـك البــــــــــلاد كأنـــها مَثـَــــــل يســــــــــير وفي قصيدة أخرى حول النساء المتجددات في مصر يقول: هــــذا رســـــول الـــله لم ينـقـص حقــــوق المؤمنـــــــــاتْ العـــــــــلم كــــان شــــــــريعة لنســـــــائه المـتفـقهاتْ رُضْـــنَ التجــــارة والســــياســـة والشــــؤون الأخــــريات مصــــــرٌ تجـــــدد مجـــــــدها بنســـائها المتجــــددات النافـــــرات مــن الجــــمود كأنـــه شـــــــبح الممـــــــــــات هــــل بـيـنـهـنَّ جــــــــــوامدا فـرقٌ وبين الموميـــــــــــات؟ ويعلن شوقي في أكثر من قصيدة استنكاره لاستغلال المرأة من خلال تزويجها بكبار السن، ومن ذلك قوله في قصيدته "عبث المشيب": المـــال حــلّـل كلّ غير محلّلً حتى زواج الشّيب بالأبكار وفيما بعد، عارض شوقي الحجاب كما عارض عدم مشاركة المرأة في الحياة العامة، والحياة السياسية والإصلاحات الاجتماعية، وكان للسفور من بعد الحجاب غير قليل من عنايته، كما تبين من قراءة قصيدتيه "بين الحجاب والسفور" و "ملك الكنار"؛ ولعلّ لصورة المرأة الغربية والتركية تأثيراً كبيراً في توجهاته، نحو السفور والحرية، ومن ذلك قصيدته في "كوك صو" بتركيا: فقل للجانحين إلى حجابٍ أتحجب عن صنيع الله نفـــسُ إذا لم يستر الأدب الغواني فلا يغـني الحرير ولا الدّمَقْسُ ** معارضة العنف نغمة الهدوء وعدم العنف هي النغمة الأساسية التي تسود في جميع قصائد شوقي، وهو في جميع الحالات، بل في أشدّها قوة كما في حالات النضال والتحرر الوطني، يلوم الطرف الذي يستخدم العنف، ولا يدعو إلى مقابلة العنف بالعنف إلاّ نادراً. ومن ذلك قوله في رثاء المناضل الليبي عمر المختار: يا ويحهم نصــبوا منــاراً من دمٍ يوحي إلى جيل الغد البغضاءَ ما ضــرَّ لو جعلوا العلاقة في غدٍ بيــــن الشعــوب مودّةً وإخاءَ وقوله في القصيدة نفسها: دفعوا إلى الجلاّد أغلب ماجداً يأسو الجرح ويطلق الأُُسراءَ ويشاطر الأقران ذخر سلاحهِ ويصفّ حول خوانه الأعداءَ واتجاه شوقي إلى التسامح والهدوء وعدم العنف اتجاه مميز لشخصيته، وفي ذلك يتحدث ابنه حسين شوقي، حيث يروي الحادثة الطريفة التالية: "مما زاد في محبّة أبي لسعد باشا (سعد زغلول) تفضل دولته بترشيحه (أحمد شوقي) لمجلس الشيوخ عن دائرة سيناء، وقد اختارها له لأنها مهبط الديانات ومسرى الوحي.. وكذلك لأن هذه الدائرة لا تحتاج إلى نضال حزبي (شوقي،د. ت). وقد برزت في شعر شوقي، في هذا السياق، معارضته لحوادث الاغتيال ذات الصلة بالتعصب على اختلاف أشكاله؛ فقد كان الاغتيال السياسي في تلك الآونة هو الظاهرة غير السليمة للمعارضة وللتعبير عن الرأي، فحمل شوقي على هذا الداء حملة شعواء، وبيّن أن رسالة الشباب، في ذلك الوقت بالذات، ليست اللعب بالسلاح، وتوجيهه إلى صدور مواطنيهم، وإنما عليهم الجدّ، وتحصيل العلم، والهوادة في المعارضة، يقول شوقي: أرى مصـر يلـهو بحــدّ الســلاح ويلعب بالنــار ولدانُهــا وراح بغيــــــــر مجـــال العقولِ يجيل السياســة غلمانُها وما القـتـل تحيــــا عليـه البـــلاد ولا همة القول عمرانُها ولكن على الجيش تقوى البـــلاد وبالعـلم تشــتدّ أركــانها وأيـــن مـن الخــلق حـظّ البــلاد إذا قـتل الشــّيب شـبّانها والاعتماد على العلم والتعليم، كوسيلة للتغير الاجتماعي، ظاهرة قديمة في الحياة السياسية المصرية، نادى بها محمد عبده وغيره من المصلحين الاجتماعيين؛ وقد برزت هذه الظاهرة في شعر شوقي أيضاً؛ يقول مخاطباً أحمد لطفي السّيد: لمّـا تلاحى الناس لم تنزل إلى المرعى الوخـــــيمْ كـم شــاتمٍ قـــــــــابلته بترفّع الأسد الشـتيم وشغلت نفسك بالخصيب من الجهود عن العقيـــم فخـدمت بالعـلم البــلاد ولم تزل أوفى خديم ** التعددية واحترام الآخر تضافرت عدة عوامل على تدعيم الإيمان بالتعددية واحترام الآخر عند شوقي، منها أصله المتعدد الأعراق، ومنها الثقافة الديمقراطية التي استفادها في أثناء دراسته بفرنسا، ومنها أيضاً الحياة السياسية والاجتماعية في مصر حيث تلاقى المسلمون والقبط في تلك الحقبة التاريخية على التحرر من الاستعمار الإنجليزي للبلاد. ومن مظاهر الإيمان بالتعددية عند شوقي، امتداحه وتمجيده لصفات الرحمة والمحبة الإنسانية في الإنسانية، كما في قوله عن المسيحية: ولـد الـرفـق عند مولد عيسـى والمروءات والهدى والحياءُ وسرت آيـة المسـيح كما يسـري من الفجر في الوجـود الضيــــاءُ لا وعـبدٌ، لا صـولةٌ، لا انتقامٌ لا حسامٌ، لا غزوةٌ، لا دمـاءُ وهذا موضوع متكرر عند شوقي. ومن مظاهر الإيمان بالتعددية عنده أيضاً، معارضته للصراعات الحزبية العنيفة، وفرحه بلقاء رجالات الأحزاب في محبة الوطن، كما يتضح من قصيدته "المؤتمر"، ومنها: بشــــــــرى إلى الوادي تهزّ نباته هــزّ الـربـيـــع مــناكـــب الأدواحِ التامــت الأحــــــزاب بعد تصدّعٍ وتصــافت الأقــــلام بعـد تلاحــي سحبت على الأحقـاد أذيال الهوى ومشى على الضغن الوداد الماحي وجرت أحاديث العتـــــابِ كأنـهـا ســـمـــرٌ على الأوتـــار والأقـداحِ ترمي بطرفك في المجامع لا ترى غـيـر الـتعـــانق واشـــتباك الـراحِ وكذلك قوله: جمع السلام الصحف من غاراتها وتألّف الأحـــزاب والزعماءَ فــي كــلِّ وجـدانٍ وكـلّ ســـريرة خلف الوداد الحبّ والبغضاءَ قـلبــي يحدثـنـي ولـيس بخائنــــي أن العـقـول سـتقهٍر الأهــواءَ وفي مثل معنى البيت السابق وفي الحوار والتعددية يقول: في الرأي تضطغن العقول وليس تضطغن الصدورْ ولا ينسى شوقي أن يبرز الجوانب الإيجابية في حياة الآخر، وإعجابه بها، كما في بعض قصائده التي تحدث فيها عن الفرنسيين والإنجليز، حيث يشيد بالعبقري الفرنسي (نابليون) وبعبقري الإنجليز (شكسبير)؛ يقول في قصيده بعنوان شكسبير: من كــلِّ بيتٍ كــآي الله تسكنه حقيقة من خيــال الشــــعر غرّاءُ وكل معنىً كعيسى في محاسنه جاءت به من بنات الشعر عذراءُ قُم أيّـد الحقّ في الدنيا، أليس له كتيبة منك تحت الأرض خرسـاءُ ولنتذكر إعجابه بفرنسا، حتى في ثورته ضد استعمارها لسورية: دم الثــّوار تعرفه فرنسا وتعـلم أنـّهُ نــورٌ وحـــقُّ وحرّرت الشعوب على قناها فكيف على قناها تسترقُّ ** حق تقرير المصير يمكننا تفسير مواقف شوقي في قصائده تجاه حق تقرير المصير، من خلال مرحلتي التطور اللتين تحدثنا عنهما آنفاً. ففي المرحلة الأولى – قبل عام 1915- كان شوقي متأثراً بالقصر أشدّ التأثر، وكذلك بالمناخ السياسي العام في مصر، ومن ثمّ فقد كانت الغلبة في قصائده لدعم الأتراك على حساب شعوب البلقان واليونان وغيرها من الشعوب الخاضعة لسيطرتهم، وكان يرى في ثورات تلك الشعوب حرباً ضدّ الإسلام أو الأتراك الذين كان تمجيده لهم متصلاً. ومن هذه القصائد القصيدة التي يخاطب فيها عبد الحميد ومطلعها: بسيفك يعلو الحق والحق أغلب وينصر دين الله أيان تضربُ وقصيدته في عبد الحميد أيضاً ومطلعها: بحـمد الله رب العالمينا وحـمدك يا أمير المؤمنينا لقينا في عدوّك ما لقينا لقينا الفتح والنصر المبينا أما في المرحلة الثانية التي امتاز فيها شعر شوقي بالوطنية المصرية، والوطنية العربية، فقد تجلى فيها دفاع شوقي عن حق تقرير المصير واضحاً وقويّاً، سواء أكان ذلك في الحديث عن مصر أم غيرها من البلدان العربية، وهذه القصائد كثيرة ومشهورة، ومنها قصيدته بعنوان "تكريم" لإطلاق السجناء المصريين حيث يقول: والله ما دون الجلاء ويومه يوم تسميه الكنانة عيدا وفي قصيدته عن ثورة سوريا ضدّ الاستعمار الفرنسي حيث يقول: وللحــــرية الحمراء باب بكل يدٍّ مضرجة يدقُ بل إن شوقي يفتخر بمواقفه من قضايا التحرر الوطني في الوطن العربي كلّه: كان شعري الغناء في فرح الشرق وكان العزاء في أحزانه قد قضـــى الله أن يؤلفــنا الجــرح وأن نلتقي على أشجانــه كلما أنّ بالعراق جريحٌ لمس الشرق جنبه في عمانـه والواقع أن أيّاً من الشعراء، لم يكتب، ما كتبه شوقي في دفاعه عن حق تقرير المصير ودعم حركات التحرر الوطني في عصره. ** الأطفال حَظِِيَ الأطفال باهتمام خاص من شوقي، تجلّى في نظمه عدداً من القصائد والمقطوعات على ألسنة الحيوان، وقصائد تربوية أخرى للأطفال؛ ويتبيّن في هذه القصائد وغيرها من قصائد ديوانه "الشوقيات" حرصه على المعاملة اللطيفة للطفل، وعدم تكليفه ما لا يطيق، واحترام سنّه وقدراته وتنميتها بطريقة سليمة. ويبرز هذا التوجه واضحاً في قصيدته التي يتحدث فيها عن حماية الجدة للطفل من بطش أبيه، وفيها يؤنب شوقي الأب لتأنيبه الطفل وتهديده له، وذلك بقوله على لسان الجدة: ألم تكن تفعل ما يفعل إذ أنت صبي؟ ولا ينسى شوقي في موضوعات التربوية الحديث عن الطفل، وضرورة رعاية الوالدين له، كما في قصيدته عن المعلم والتعليم: ليس اليتيم من انتهى أبواه مـن همّ الحيـــاة وخلّفــــاه ذليلا فأصاب بالدنيا الحكيمة منهمـا وبحسن تربية الزمان بديلا إنّ الـيـتـيم هو الـذي تلقـى لــه أُمّاً تخـلـّـَت أو أبــاً مشغولا وفي محبة الطفل يقول شوقي: أحبب الطفل وإن لم يك لك إنما الطفل على الأرض مَلَكْ وفي موضوع الطفل يتحدث منتقداً سوء المعاملة التي تلقاها أحد الطلبة المنتحرين: لامه الناس وما أظلمهم وقليل من تغاضـى أو غفـرْ ويقولون جفاءٌ راعــــه من أبٍ أغلظ قلباً من حجـر وامتحانٌ صعبته وطأة شــدّها في العلم أستاذ نكــر ** الضعاف وذوو الحاجات الخاصة لم تخل قصائد شوقي من التحدث عن الضعفاء كالأيتام، وذوي الاحتياجات الخاصة، وبخاصة الموهوبين منهم، ومن ذلك قوله مخاطباً المسيح عليه السلام: عيسـى سبيلك رحمـة ومحبـــــــة في العالمين وعصمة وسلامُ ما كنت ســفّاك الدمـاء ولا امرءاً هـان الضعاف عليه والأيتامُ وفي رثائه لعبد الحميد أبي هيف، رجل القانون المعوّق، يقول: فلمحت أعرج، في زوايا الحقّ لم أعـلم عليــه ذمّةً عرجـــــاءَ ارتدّت العاهـــات عـن أخلاقـــــه لسموِّهن وحلّت الأعضـــاءَ عطفته عطف القوس يوم رمايــةٍ وثنته كالماضي فزاد مضاءَ وكذلك قوله في الشاعر محمود أبي الوفا الذي كان أعرج أيضاً، يدعو إلى مساعدته من أجل تزويده بأطراف صناعية: البلبل الغـــرد الــذي هــزّ الربـى وشجا الغصون وحرّك الأوراقا ســبّاق غــايات البيــان جرى بلا ساقٍ فكيف إذا اســـترد الســـاقا لو يطعـم الطــب الصنــاع بيانــه أو لو يســيغ لمــا يقــول مـــذاقا غالى بقـيمتـه فلــم يصنـــع لـــــه إلاّ الجــــناح محلِّـقاً خفـّــــــــاقا ** خاتمة تبيّن مما سبق تعدد الموضوعات التي تضمنتها أشعار شوقي في حقوق الإنسان، من مثل: التسامح الديني، والعدالة، والديمقراطية، وحقوق المرأة والتعددية، وغيرها؛ كما تبيّن أيضاً غزارة النصوص ذات الصلة بهذه الموضوعات بالرغم من اقتصار الدراسة على القصائد التي اشتمل عليها ديوان الشوقيات وحده. وتبيّن أيضاً أن شوقي كان ابن بيئته وعصره في كل موضوع من الموضوعات التي عالجها، وفي النغمة السائدة التي تم في سياقها تناول تلك الموضوعات أيضاً. ولا يفوتنا هنا التنبيه إلى أمرين مهمين: أولهما أهمية القيام بدراسات مماثلة حول حقوق الإنسان عند شوقي في مؤلفاته الأخرى من مسرحيات وغيرها، والآخر هو القيام بمثل هذه الدراسات حول حقوق الإنسان في الشعر العربي الحديث بوجه خاص، والشعر العربي بوجه عام. ** المصادر: 1- الجرّ، ع. (1992). أحمد شوقي أمير الشعراء ونغم اللحن والغناء. ط1. بيروت: دار الكتب العلمية. 2- حسين، ط. (1933). حافظ وشوقي. القاهرة. 3- خورشيد، م. (د. ت.) أمير الشعراء شوقي بين العاطفة والتاريخ. ط1. فلسطين: مطبعة بيت المقدس. 4- شرارة، ع. (1969). شوقي شاعر العصر الحديث. ط 13. القاهرة: دار المعارف. 5- شوقي، أ. ( د. ت.) الشوقيات. 6- شوقي، ح. (1947). أبي شوقي. القاهرة: مكتبة النهضة المصرية. 7- الكيلاني، ن. (1963). شوقي في ركب الخالدين. ط1. القاهرة: الشركة العربية للطباعة والنشر. 8- النقاش، ر. (2003).تماثيل العباقرة في ميادين القاهرة. العدد . آب، 20 للمزيد من مواضيعي |
رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
السرد في مصر
يمر المشهد السردى فى مصر بعدة تحولات غير منهجية تدفع بعجلة السرد وبخاصة عند الشباب الى التخبط احيانا او إلى الاغراق فى الفوضى أحيانا بحجة الحداثة والحساسية الجديدة وهذا يجعل المشهد السردى غائما يفتقر الى التروى والتأمل فى تجارب الآخر فى ظل غياب نقد جاد قادر على ضبط مسار السرد فى مصر وأظن أنه من الأجدر بداية أن أثبّت الكثير من علامات الاستفهام والتعجب حول القيمة الجمالية الإنسانية أولا وأخيرا بالطبع لجملة المشهد السردي الجديد في مصر .. بالتأكيد يبدو أن التخلص النهائي من غريزة تحويل الكائنات والأشياء إلى ( قطيع ) يلزمه تخلص العالم من كائناته الذي يعني تخلصه من نفسه بطبيعة الحال !! ... كي يتمكن ( المشهد ) من تحقيق مقاصده ينبغي له الحصول على خصوصية ما / هوية منفصلة تميّزه عن مشاهد أخرى قد يتحدث أفرادها بنفس الطريقة وربما ـ وهذا قد يبدو مثيرا للدهشة ـ عن نفس الأشياء ونفس التجارب .. هذه الهوية تتطلب مساحة جغرافية محاصرة بأسلاك شائكة وحرس حدود يؤكدون قدرة العناية الإلهية على حراسة شعوب مذنبة بعدم تمكنها الأزلي من تغيير ما بنفسها !! .. الهوية تتطلب مساحة زمنية محددة هي في حقيقتها غير محددة إطلاقا بسبب عدم قدرة الأحياء ـ وهذا طبيعي جدا ـ الذين يعيشون داخل الجغرافيا السابقة على الاتفاق على بداية واحدة لها أو نهاية واحدة أيضا .. تظل هذه المساحة الزمنية هي فقط ما أشعر به / أحاول فهمه عنها فحسب .. الهوية تتطلب مشروعا محددا تظل فكرته الأصلية هي أساس المعتقد الإنساني لدى فئة من الناس .. تظل هي اليقين والهدف والقيمة التي يكون العمل دائما من أجلها والسير دائما حتى في أشد لحظات الصراع والاختلاف وراءها .. هنا يتحقق ( القطيع ) .. إذن يكتمل ( المشهد ) !! . في المراحل الزمنية السابقة كان ( المشتغلون بالأدب ) : ( الأكاديميون والنقاد ومحررو الصفحات الأدبية والمبدعون أنفسهم وغيرهم ) كانوا يمارسون وظيفتهم الطبيعية في تثبيت نظريات أدبية تنسجم مع الأيدولوجيا الوطنية تحقيقا لمبدأ الحفاظ على المصلحة العامة الذي لا يختلف عليه أي اثنين وطنيين !! .. لم تكن هذه الوظيفة مجرد استجابة لتعليمات الحكوميين الذين هم أكثر الناس فهما بطبيعة الحال لمتطلبات المرحلة والتحولات التاريخية الشرسة والتحديات الحضارية التي يجب الخروج منها بـ ( ثوابت ويقينيات منتصرة ) !!! .. لم يكن الأمر هكذا فحسب .. كانت هذه الوظيفة أيضا استجابة لمنتج أدبي وفني يشمل كافة الأجناس والأنواع وأشكال التعبير المختلفة التي كانت تحقق نفسها إنطلاقا مما تؤمن به حقا دون أي متاجرة أو استغلال وبصدق بصرف النظر عن كونها تتسق فكريا مع أيدولوجيا الوطن مما جعلها تشارك ـ رغما عنها ـ في مجزرة الثقافة الرسمية ولو بحسن نية .. على جانب آخر كان هناك المنتج الأدبي المختلف والذي امتد أيضا إلى كافة الأجناس والأنواع وأشكال التعبير المختلفة والذي عاش طويلا في عتمة الهامش المنبوذ الغير مرضي عنه والذي لم يكن هناك حاجة أو أهمية للاشتغال عليه ومعالجته تنظيريا كي يتم اعتقاله داخل الأيدولوجيا الرسمية طالما أن محاربته وإقصاءه يتمان تلقائيا وببراعة غبية وساذجة للغاية شجعت بشكل عكسي على تثبيت الثقافة المضادة لوجودها وتطوير أدبياتها الأمر الذي سيتجلى بوضوح تام ـ رغم كونه إحدى الممارسات التي تنفذ مهزلة الوجود أولا وأخيرا ـ مع تعاقب سنوات الألفية الثالثة . منذ ربع قرن وحتى اللحظة الراهنة أثبت المشتغلون بالأدب بدرجة كبيرة أن النظرية الأدبية هي بالأساس احتياج غريزي أكثر من كونها أيدولوجيا فحسب .. أن إخضاع الحياة إلى نظام / سلطة / مسارات محددة لحركة الوعي هو استجابة منطقية لغياب الثابت المثالي والنهائي / الوصفة الأكيدة لتحقق الإنسان بصفته فردا يجابه نواقص وجوده وكذلك بصفته حاملا لهموم الجماعة البشرية التي ينتمي إليها .. منذ ربع قرن وحتى اللحظة الراهنة ومع انهيار ما كان يسمى بالثقافة الرسمية وتحطم أسطورة أيدولوجيا الوطن الهشّة في مقابل صعود الثقافة المضادة وخروجها من الهامش إلى الفراغ الذي خلّفه موت المشروع الحضاري مع بدايات السياسة العالمية الجديدة ولم يتوقف المشتغلون بالأدب عن ممارسة اللعبة الأزلية في تخصيص خنادق للأفكار / تأملات الإنسان في بشاعة المأزق الذي يعيشه في مكان ما وخلال فترة زمنية معينة مختبرا المعنى الكلي للوجود نفسه ومتخلصا من الاعتراف والإيمان بأي ثوابت أو يقينيات تعطّل تساؤلاته تجاه الحكمة !! .. تخصيص خنادق لما لا يصلح للتخصيص ولا للعيش في خنادق !! . لأن الثقافة المضادة لم تكن أيدولوجيا ولا مشروعا ولا حتى صيغة للتوافق بين أشلاء المجتمع الواحد أو الوطن الواحد أو ماشابه .. لأنها لم تكن كذلك فهي لم تتحول إلى ثقافة رسمية بل إلى حالة إنسانية عامة شرسة كانت هي البديل الحقيقي والمنطقي لبالون القيم الممزق .. البديل الذي كان حاضرا طوال الوقت وإن تغيرت مواقع وأشكال وجوده والذي كان ( السرد ) بالتأكيد أحد نتائجه الهامة . السرد الجديد في مصر إذن هو بمثابة توثيق متجدد للخيانة الكامنة في أقرب الأشياء وأكثرها انتماء للذات .. اكتشاف دائم ومحاكمة مستمرة للجريمة المتنقلة عبر الزمن المسماة الحياة .. الاحتفاء الأقرب إلى مراقبة الاحتضار بالتفاصيل الحميمة للقسوة حيث لا يوجد قانون يروّض الشك والفزع في كل ما تجلبه الحواس العادية إلى الروح المحبوسة في حجرة التعذيب المسماة الجسد .. إنتاج تاريخ من جماليات اللاجدوى وعدم الفهم والقلق ونفي التقديس عن كل معرفة والرعب من غياب أي تأكيدات عن المصير النهائي . أتصور إذن أن المشهد السردي الجديد في مصر لا يختلف مع أي مشهد سردي آخر يحمل نفس الهزائم ونفس الأرق والهموم ويمر بنفس الكارثة والتي لا تعني مسألة ( الهوية ) فيها أكثر من أمانة أبناء هذا المشهد أو ذاك في التعبير الصادق عن تجاربهم الشخصية والتي هي بالطبع تجربة العالم نفسه .. تجربة الذهول وعدم تصديق أن الأشياء تحدث بهذه الطريقة الكابوسية وليست تجربة خدمة المطلقات أو الشعارات الزائفة . مرة أخرى أجد أن فكرة ( تجاوز المنجز السردي السابق ) هي أداة من أدوات تحقق ( القطيع ) حيث تفترض هذه الفكرة أن للكتابة هاجس أساسي ومستقل بانفصال تام عن موضوعها كتأمل إنساني واستدعاء هدف آخر لها بأن تصبح سباقا ومنافسة على تحقيق ( جودة ) أعلى مما حققها ( الآخرون ) !!! .. لماذا لا نفكر في أن قضية ( التجاوز ) هي حدث يتم تلقائيا وبشكل حتمي ومنطقي جدا دون أي قصد أو تعمد من أحد ؟! .. أنه حينما يكتب الإنسان نفسه وحياته والعالم كما يشعر به حقيقة وكما يفكر فيه بصدق فهو هكذا حقق ( اختلافه ) مع الآخر الذي قد يسبقه أو يجاوره أو يخلفه زمنيا ؟! .. أن ( التجاوز ) ليس وصفة للتفوق أو للتعالي على ما أنجزه الآخرون وإنما هو استجابة بديهية لضرورة أن تكون نفسك وليس أي أحد آخر .. أن تكون أمينا وصادقا في التماهي مع تجربتك الخاصة بصرف النظر عن موقعها أو تأثيرها داخل ( القطيع ) .. داخل سياق ( المشهد ) ؟!! . |
رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
أعلام الأدب العربي في مصر : ( 1 ) أحمد شوقي.. أمير الشعراء http://www.nooreladab.com/vb/attachm...1&d=1263593962 المولد والنشأة ولد أحمد شوقي بحي الحنفي بالقاهرة في (20 من رجب 1287 هـ = 16 من أكتوبر 1870م) لأب شركسي وأم من أصول يونانية، وكانت جدته لأمه تعمل وصيفة في قصر الخديوي إسماعيل، وعلى جانب من الغنى والثراء، فتكفلت بتربية حفيدها ونشأ معها في القصر، ولما بلغ الرابعة من عمره التحق بكُتّاب الشيخ صالح، فحفظ قدرًا من القرآن وتعلّم مبادئ القراءة والكتابة، ثم التحق بمدرسة المبتديان الابتدائية، وأظهر فيها نبوغًا واضحًا كوفئ عليه بإعفائه من مصروفات المدرسة، وانكب على دواوين فحول الشعراء حفظًا واستظهارًا، فبدأ الشعر يجري على لسانه. وبعد أن أنهى تعليمه بالمدرسة وهو في الخامسة عشرة من عمره التحق بمدرسة الحقوق سنة (1303هـ = 1885م)، وانتسب إلى قسم الترجمة الذي قد أنشئ بها حديثًا، وفي هذه الفترة بدأت موهبته الشعرية تلفت نظر أستاذه الشيخ "محمد البسيوني"، ورأى فيه مشروع شاعر كبير، فشجّعه، وكان الشيخ بسيوني يُدّرس البلاغة في مدرسة الحقوق ويُنظِّم الشعر في مدح الخديوي توفيق في المناسبات، وبلغ من إعجابه بموهبة تلميذه أنه كان يعرض عليه قصائده قبل أن ينشرها في جريدة الوقائع المصرية، وأنه أثنى عليه في حضرة الخديوي، وأفهمه أنه جدير بالرعاية، وهو ما جعل الخديوي يدعوه لمقابلته. وبعد عامين من الدراسة تخرّج من المدرسة، والتحق بقصر الخديوي توفيق، الذي ما لبث أن أرسله على نفقته الخاصة إلى فرنسا، فالتحق بجامعة "مونبلييه" لمدة عامين لدراسة القانون، ثم انتقل إلى جامعة باريس لاستكمال دراسته حتى حصل على إجازة الحقوق سنة (1311هـ = 1893م)، ثم مكث أربعة أشهر قبل أن يغادر فرنسا في دراسة الأدب الفرنسي دراسة جيدة ومطالعة إنتاج كبار الكتاب والشعر. عاد شوقي إلى مصر فوجد الخديوي عباس حلمي يجلس على عرش مصر، فعيّنه بقسم الترجمة في القصر، ثم ما لم لبث أن توثَّقت علاقته بالخديوي الذي رأى في شعره عونًا له في صراعه مع الإنجليز، فقرَّبه إليه بعد أن ارتفعت منزلته عنده، وخصَّه الشاعر العظيم بمدائحه في غدوه ورواحه، وظل شوقي يعمل في القصر حتى خلع الإنجليز عباس الثاني عن عرش مصر، وأعلنوا الحماية عليها سنة (1941م)، وولّوا حسين كامل سلطنة مصر، وطلبوا من الشاعر مغادرة البلاد، فاختار النفي إلى برشلونة في إسبانيا، وأقام مع أسرته في دار جميلة تطل على البحر المتوسط. شعره في هذه الفترة ودار شعر شوقي في هذه الفترة التي سبقت نفيه حول المديح؛ حيث غمر الخديوي عباس حلمي بمدائحه والدفاع عنه، وهجاء أعدائه، ولم يترك مناسبة إلا قدَّم فيها مدحه وتهنئته له، منذ أن جلس على عرش مصر حتى خُلع من الحكم، ويمتلئ الديوان بقصائد كثيرة من هذا الغرض. ووقف شوقي مع الخديوي عباس حلمي في صراعه مع الإنجليز ومع من يوالونهم، لا نقمة على المحتلين فحسب، بل رعاية ودفاعًا عن ولي نعمته كذلك، فهاجم رياض باشا رئيس النُظّار حين ألقى خطابًا أثنى فيه على الإنجليز وأشاد بفضلهم على مصر، وقد هجاه شوقي بقصيدة عنيفة جاء فيها: غمرت القوم إطراءً وحمـدًا وهم غمروك بالنعم الجسـام خطبت فكنت خطبًا لا خطيبًا أضيف إلى مصائبنا العظـام لهجت بالاحتلال ومـا أتـاه وجرحك منه لو أحسست دام وبلغ من تشيعه للقصر وارتباطه بالخديوي أنه ذمَّ أحمد عرابي وهجاه بقصيدة موجعة، ولم يرث صديقه مصطفى كامل إلا بعد فترة، وكانت قد انقطعت علاقته بالخديوي بعد أن رفع الأخير يده عن مساندة الحركة الوطنية بعد سياسة الوفاق بين الإنجليز والقصر الملكي؛ ولذلك تأخر رثاء شوقي بعد أن استوثق من عدم إغضاب الخديوي، وجاء رثاؤه لمصطفى كامل شديد اللوعة صادق الأحزان، قوي الرنين، بديع السبك والنظم، وإن خلت قصيدته من الحديث عن زعامة مصطفى كامل وجهاده ضد المستعمر، ومطلع القصيدة: المشرقـان علـيـك ينتحـبـا نقاصيهمـا فـي مأتـم والــدان يا خادم الإسـلام أجـر مجاهـد في الله من خلد ومـن رضـوان لمّا نُعيت إلى الحجاز مشى الأسىفـي الزائريـن وروّع الحرمـان وارتبط شوقي بدولة الخلافة العثمانية ارتباطًا وثيقًا، وكانت مصر تابعة لها، فأكثر من مدح سلطانها عبد الحميد الثاني؛ داعيًا المسلمين إلى الالتفات حولها؛ لأنها الرابطة التي تربطهم وتشد من أزرهم، فيقول: أما الخلافة فهي حائط بيتكم حتى يبين الحشر عن أهواله لا تسمعوا للمرجفين وجهلهم فمصيبة الإسلام من جُهّالـه ولما انتصرت الدولة العثمانية في حربها مع اليونان سنة (1315هـ = 1887م) كتب مطولة عظيمة بعنوان "صدى الحرب"، أشاد فيها بانتصارات السلطان العثماني، واستهلها بقوله: بسيفك يعلو والحق أغلـبو ينصر دين الله أيان تضرب وهي مطولة تشبه الملاحم، وقد قسمها إلى أجزاء كأنها الأناشيد في ملحمة، فجزء تحت عنوان "أبوة أمير المؤمنين"، وآخر عن "الجلوس الأسعد"، وثالث بعنوان "حلم عظيم وبطش أعظم". ويبكي سقوط عبد الحميد الثاني في انقلاب قام به جماعة الاتحاد والترقي، فينظم رائعة من روائعه العثمانية التي بعنوان "الانقلاب العثماني وسقوط السلطان عبد الحميد"، وقد استهلها بقوله: سل يلدزا ذات القصورهل جاءها نبأ البـدور لبكتك بالدمع الغزيرلو تستطيع إجابـة ولم تكن صلة شوقي بالترك صلة رحم ولا ممالأة لأميره فحسب، وإنما كانت صلة في الله، فقد كان السلطان العثماني خليفة المسلمين، ووجوده يكفل وحدة البلاد الإسلامية ويلم شتاتها، ولم يكن هذا إيمان شوقي وحده، بل كان إيمان كثير من الزعماء المصريين. وفي هذه الفترة نظم إسلامياته الرائعة، وتعد قصائده في مدح الرسول (صلى الله عليه وسلم) من أبدع شعره قوة في النظم، وصدقًا في العاطفة، وجمالاً في التصوير، وتجديدًا في الموضوع، ومن أشهر قصائده "نهج البردة" التي عارض فيها البوصيري في بردته، وحسبك أن يعجب بها شيخ الجامع الأزهر آنذاك محدث العصر الشيخ "سليم البشري" فينهض لشرحها وبيانها. يقول في مطلع القصيدة: ريم على القاع بين البان والعلـم أحل سفك دمي في الأشهر الحرم ومن أبياتها في الرد على مزاعم المستشرقين الذين يدعون أن الإسلام انتشر بحد السيف: قالوا غزوت ورسل الله ما بعث والقتل نفس ولا جاءوا لسفـك دم جهل وتضليل أحلام وسفسطـة فتحت بالسيف بعد الفتح بالقلـم ويلحق بنهج البردة قصائد أخرى، مثل: الهمزية النبوية، وهي معارضة أيضًا للبوصيري، وقصيدة ذكرى المولد التي مطلعها: سلوا قلبي غداة سلا وتابا لعل على الجمال له عتابًا كما اتجه شوقي إلى الحكاية على لسان الحيوان، وبدأ في نظم هذا الجنس الأدبي منذ أن كان طالبًا في فرنسا؛ ليتخذ منه وسيلة فنية يبث من خلالها نوازعه الأخلاقية والوطنية والاجتماعية، ويوقظ الإحساس بين مواطنيه بمآسي الاستعمار ومكائده. وقد صاغ شوقي هذه الحكايات بأسلوب سهل جذاب، وبلغ عدد تلك الحكايات 56 حكاية، نُشرت أول واحدة منها في جريدة "الأهرام" سنة (1310هـ = 1892م)، وكانت بعنوان "الهندي والدجاج"، وفيها يرمز بالهندي لقوات الاحتلال وبالدجاج لمصر. النفي إلى إسبانيا وفي الفترة التي قضاها شوقي في إسبانيا تعلم لغتها، وأنفق وقته في قراءة كتب التاريخ، خاصة تاريخ الأندلس، وعكف على قراءة عيون الأدب العربي قراءة متأنية، وزار آثار المسلمين وحضارتهم في إشبيلية وقرطبة وغرناطة. وأثمرت هذه القراءات أن نظم شوقي أرجوزته "دول العرب وعظماء الإسلام"، وهي تضم 1400 بيت موزعة على (24) قصيدة، تحكي تاريخ المسلمين منذ عهد النبوة والخلافة الراشدة، على أنها رغم ضخامتها أقرب إلى الشعر التعليمي، وقد نُشرت بعد وفاته. وفي المنفى اشتد به الحنين إلى الوطن وطال به الاشتياق وملك عليه جوارحه وأنفاسه. ولم يجد من سلوى سوى شعره يبثه لواعج نفسه وخطرات قلبه، وظفر الشعر العربي بقصائد تعد من روائع الشعر صدقًا في العاطفة وجمالاً في التصوير، لعل أشهرها قصيدته التي بعنوان "الرحلة إلى الأندلس"، وهي معارضة لقصيدة البحتري التي يصف فيها إيوان كسرى، ومطلعها: صنت نفسي عما يدنس نفسي وترفعت عن جدا كل جبـس وقد بلغت قصيدة شوقي (110) أبيات تحدّث فيها عن مصر ومعالمها، وبثَّ حنينه وشوقه إلى رؤيتها، كما تناول الأندلس وآثارها الخالدة وزوال دول المسلمين بها، ومن أبيات القصيدة التي تعبر عن ذروة حنينه إلى مصر قوله: أحرام على بلابلـه الـدوح حلال للطير من كـل جنـس وطني لو شُغلت بالخلد عنـه نازعتني إليه في الخلد نفسي شهد الله لم يغب عن جفوني شخصه ساعة ولم يخل حسي العودة إلى الوطن أحمد شوقي و سعد زغلول عاد شوقي إلى الوطن في سنة (1339هـ = 1920م)، واستقبله الشعب استقبالاً رائعًا واحتشد الآلاف لتحيته، وكان على رأس مستقبليه الشاعر الكبير "حافظ إبراهيم"، وجاءت عودته بعد أن قويت الحركة الوطنية واشتد عودها بعد ثورة 1919م، وتخضبت أرض الوطن بدماء الشهداء، فمال شوقي إلى جانب الشعب، وتغنَّى في شعره بعواطف قومه وعبّر عن آمالهم في التحرر والاستقلال والنظام النيابي والتعليم، ولم يترك مناسبة وطنية إلا سجّل فيها مشاعر الوطن وما يجيش في صدور أبنائه من آمال. لقد انقطعت علاقته بالقصر واسترد الطائر المغرد حريته، وخرج من القفص الذهبي، وأصبح شاعر الشعب المصري وترجمانه الأمين، فحين يرى زعماء الأحزاب وصحفها يتناحرون فيما بينهم، والمحتل الإنجليزي لا يزال جاثم على صدر الوطن، يصيح فيهم قائلاً: إلام الخلـف بينكـم إلامـا؟ وهذي الضجة الكبرى علاما؟ وفيم يكيـد بعضكـم لبعـض وتبدون العداوة والخصامـا؟ وأين الفوز؟ لا مصر استقرت على حال ولا السودان دامـا ورأى في التاريخ الفرعوني وأمجاده ما يثير أبناء الشعب ويدفعهم إلى الأمام والتحرر، فنظم قصائد عن النيل والأهرام وأبي الهول. ولما اكتشفت مقبرة توت عنخ أمون وقف العالم مندهشًا أمام آثارها المبهرة، ورأى شوقي في ذلك فرصة للتغني بأمجاد مصر؛ حتى يُحرِّك في النفوس الأمل ويدفعها إلى الرقي والطموح، فنظم قصيدة رائعة مطلعها: قفي يا أخت يوشع خبرينا أحاديث القرون الغابرينـا وقصي من مصارعهم علينا ومن دولاتهم مـا تعلمينـا وامتد شعر شوقي بأجنحته ليعبر عن آمال العرب وقضاياهم ومعاركهم ضد المستعمر، فنظم في "نكبة دمشق" وفي "نكبة بيروت" وفي ذكرى استقلال سوريا وذكرى شهدائها، ومن أبدع شعره قصيدته في "نكبة دمشق" التي سجّل فيها أحداث الثورة التي اشتعلت في دمشق ضد الاحتلال الفرنسي، ومنها: بني سوريّة اطرحوا الأماني وألقوا عنكم الأحلام ألقـوا وقفتم بين مـوت أو حيـاة فإن رمتم نعيم الدهر فاشقوا ولم تشغله قضايا وطنه عن متابعة أخبار دولة الخلافة العثمانية، فقد كان لها محبًا عن شعور صادق وإيمان جازم بأهميتها في حفظ رابطة العالم الإسلامي، وتقوية الأواصر بين شعوبه، حتى إذا أعلن "مصطفى كمال أتاتورك" إلغاء الخلافة سنة 1924 وقع الخبر عليه كالصاعقة، ورثاها رثاءً صادقًا في قصيدة مبكية مطلعها: عادت أغاني العرس رجع نواح ونعيت بيـن معالـم الأفـراح كُفنت في ليل الزفـاف بثوبـه ودفنت عنـد تبلـج الإصبـاح ضجت عليـك مـآذن ومنابـر وبكت عليـك ممالـك ونـواح الهند والهـة ومصـر حزينـة تبكي عليـك بمدمـع سحَّـاح إمارة الشعر أصبح شوقي بعد عودته شاعر الأمة المُعبر عن قضاياها، لا تفوته مناسبة وطنية إلا شارك فيها بشعره، وقابلته الأمة بكل تقدير وأنزلته منزلة عالية، وبايعه شعراؤها بإمارة الشعر سنة (1346هـ = 1927م) في حفل أقيم بدار الأوبرا بمناسبة اختياره عضوًا في مجلس الشيوخ، وقيامه بإعادة طبع ديوانه "الشوقيات". وقد حضر الحفل وفود من أدباء العالم العربي وشعرائه، وأعلن حافظ إبراهيم باسمهم مبايعته بإمارة الشعر قائلاً: بلابل وادي النيل بالشرق اسجعي بشعر أميـر الدولتيـن ورجِّعـي أعيدي على الأسماع ما غردت به براعة شوقي في ابتداء ومقطـع أمير القوافي قـد أتيـت مبايعًـا وهذي وفود الشرق قد بايعت معي مسرحيات شوقي بلغ أحمد شوقي قمة مجده، وأحس أنه قد حقق كل أمانيه بعد أن بايعه شعراء العرب بإمارة الشعر، فبدأ يتجه إلى فن المسرحية الشعرية، وكان قد بدأ في ذلك أثناء إقامته في فرنسا لكنه عدل عنه إلى فن القصيد. وأخذ ينشر على الناس مسرحياته الشعرية الرائعة، استمد اثنتين منها من التاريخ المصري القديم، وهما: "مصرع كليوباترا" و"قمبيز"، والأولى منهما هي أولى مسرحياته ظهورًا، وواحدة من التاريخ الإسلامي هي "مجنون ليلى"، ومثلها من التاريخ العربي القديم هي "عنترة"، وأخرى من التاريخ المصري العثماني وهي "علي بك الكبير"، وله مسرحيتان هزليتان، هما: "الست هدي"، و"البخيلة". ولأمر غير معلوم كتب مسرحية "أميرة الأندلس" نثرًا، مع أن بطلها أو أحد أبطالها البارزين هو الشاعر المعتمد بن عباد. وقد غلب الطابع الغنائي والأخلاقي على مسرحياته، وضعف الطابع الدرامي، وكانت الحركة المسرحية بطيئة لشدة طول أجزاء كثيرة من الحوار، غير أن هذه المآخذ لا تُفقِد مسرحيات شوقي قيمتها الشعرية الغنائية، ولا تنفي عنها كونها ركيزة الشعر الدرامي في الأدب العربي الحديث. مكانة شوقي منح الله شوقي موهبة شعرية فذة، وبديهة سيالة، لا يجد عناء في نظم القصيدة، فدائمًا كانت المعاني تنثال عليه انثيالاً وكأنها المطر الهطول، يغمغم بالشعر ماشيًا أو جالسًا بين أصحابه، حاضرًا بينهم بشخصه غائبًا عنهم بفكره؛ ولهذا كان من أخصب شعراء العربية؛ إذ بلغ نتاجه الشعري ما يتجاوز ثلاثة وعشرين ألف بيت وخمسمائة بيت، ولعل هذا الرقم لم يبلغه شاعر عربي قديم أو حديث. وكان شوقي مثقفًا ثقافة متنوعة الجوانب، فقد انكب على قراءة الشعر العربي في عصور ازدهاره، وصحب كبار شعرائه، وأدام النظر في مطالعة كتب اللغة والأدب، وكان ذا حافظة لاقطة لا تجد عناء في استظهار ما تقرأ؛ حتى قيل بأنه كان يحفظ أبوابًا كاملة من بعض المعاجم، وكان مغرمًا بالتاريخ يشهد على ذلك قصائده التي لا تخلو من إشارات تاريخية لا يعرفها إلا المتعمقون في دراسة التاريخ، وتدل رائعته الكبرى "كبار الحوادث في وادي النيل" التي نظمها وهو في شرخ الشباب على بصره بالتاريخ قديمه وحديثه. وكان ذا حس لغوي مرهف وفطرة موسيقية بارعة في اختيار الألفاظ التي تتألف مع بعضها لتحدث النغم الذي يثير الطرب ويجذب الأسماع، فجاء شعره لحنًا صافيًا ونغمًا رائعًا لم تعرفه العربية إلا لقلة قليلة من فحول الشعراء. وإلى جانب ثقافته العربية كان متقنًا للفرنسية التي مكنته من الاطلاع على آدابها والنهل من فنونها والتأثر بشعرائها، وهذا ما ظهر في بعض نتاجه وما استحدثه في العربية من كتابة المسرحية الشعرية لأول مرة. وقد نظم الشعر العربي في كل أغراضه من مديح ورثاء وغزل، ووصف وحكمة، وله في ذلك أوابد رائعة ترفعه إلى قمة الشعر العربي، وله آثار نثرية كتبها في مطلع حياته الأدبية، مثل: "عذراء الهند"، ورواية "لادياس"، و"ورقة الآس"، و"أسواق الذهب"، وقد حاكى فيه كتاب "أطواق الذهب" للزمخشري، وما يشيع فيه من وعظ في عبارات مسجوعة. وقد جمع شوقي شعره الغنائي في ديوان سماه "الشوقيات"، ثم قام الدكتور محمد صبري السربوني بجمع الأشعار التي لم يضمها ديوانه، وصنع منها ديوانًا جديدًا في مجلدين أطلق عليه "الشوقيات المجهولة". وفاته ظل شوقي محل تقدير الناس وموضع إعجابهم ولسان حالهم، حتى إن الموت فاجأه بعد فراغه من نظم قصيدة طويلة يحيي بها مشروع القرش الذي نهض به شباب مصر، وفاضت روحه الكريمة في (13 من جمادى الآخرة = 14 من أكتوبر 1932م). ( منقول ) |
رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
أعلام الأدب العربي في مصر (2 ) طه حسين عميد الأدب العربي http://www.nooreladab.com/vb/attachm...1&d=1263595238 شاء الله أن يحرم الأديب من نعمة البصر .. ولكن أنعم الله عليه بنعمة الخيال و البصيرة و الكلمة الحكيمة العالية الرفيعة .. طفل القرية الكفيف العليل أصبح عميداً للأدب العربي . طه حسين هو عميد الأدب العربي وصاحب البصمة الكبرى في الثقافة العربية استطاع أن يقهر الظلام ويتغلب على إعاقته ليصل إلي ارفع المناصب ويحتل قمة الأدب العربي رغم ما تعرض له من انتقادات بسبب آراءه وكتاباته . ولد طه حسين عام 1889 ، وعاش طفولته الباكرة في إحدى قرى الريف المصري وكان فاقداً لبصره . ثم انتقل إلى الأزهر للدراسة ، ولم يوفق فيه، فتحول إلى الجامعة المصرية ، وحصل منها على الشهادة الجامعية ، ثم دفعه طموحه لإتمام دراساته العليا في باريس ، وبالرغم من اعتراضات مجلس البعثات الكثيرة ، إلا انه أعاد تقديم طلبه ثلاث مرات ، ونجح في نهاية المطاف في الحصول على شهادة الدكتوراه من جامعة السوربون بفرنسا . بعد عودته إلي مصر ، أنتج أعمالاً كثيرة قيمة ؛ منها على هامش السيرة ، والأيام ، ومستقبل الثقافة في مصر ، ودعاء الكروان ، ومن أدبنا المعاصر ، والوعد الحق ، والمعذبون في الأرض ، وكتاب في الشعر الجاهلي ، والفتنة الكبرى وغيرها. وفاة عميد الادب العربي (طه حسين) توفي الدكتور طه حسين عميد الأدب العربي في يوم 28 اكتوبر عام 1973 وأول عربي يحصل على الدكتوراه. وكان أول وزير عربي للتربية ينقل مبدأ إلزامية ومجانية التعليم إلى الوطن العربي.. وقد تعرض لانتقادات وخاض حروبا كثيرة بسبب آراءه وأفكاره وهو يعتبر بحق "عميد الأدب العربي" نظراً لتأثيره الواضح على الثقافة المصرية والعربية. |
رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
أعلام الأدب العربي في مصر ( 3 ) نجيب محفوظ أديب نوبل .. و عميد الرواية العربية http://www.nooreladab.com/vb/attachm...1&d=1263597409 نجيب محفوظ عميد الرواية العربية هو نجيب محفوظ بن عبد العزيز بن إبراهيم بن أحمد باشا. فاسمه المفرد مركب من اسمين تقديراً -من والده- للطبيب العالمى الراحل نجيب محفوظ الذى أشرف على ولادته. روائي مصري حائز على جائزة نوبل في الآداب عام 1988. ولد في11 ديسمبر 1911 م في القاهرة، وحصل على ليسانس الآداب قسم الفلسفة من جامعة القاهرة وتدرج بالوظائف الحكومية حتى عمل مديرا عاما للرقابة على المصنفات الفنية عام 1959. أتم دراسته الإبتدائية والثانوية و عمره 18 سنة وهذا مؤشر على نجابته إذ كان الحصول على شهادة الدراسة الثانوية في هذه السن وفي ذلك الوقت يعتبر علامة بارزة على ذكائه. وقد التحق بالجامعة سنة 1930 ثم حصل على الليسانس في الفلسفة.يعد نجيب محفوظ من الادباء العباقرة في مجال الرواية وقد وهب حياته كلها لهذا العمل، كما انه يتميز بالقدرة الكبيرة على التفاعل مع القضايا المحيطة به، واعادة انتاجها على شكل ادب يربط الناس بما يحصل في المراحل العامة التي عاشتها مصر. يتميز اسلوب محفوظ بالبساطة، والقرب من الناس كلهم، لذلك اصبح بحق الروائي العربي الاكثر شعبية رغم إن نجيب قد انخرط في عدة أعمال إلا أن العمل الذي التهم حياته هو الكتابة. فقد كتب في مجلة الرسالة قصصا صغيرة، وأثناء ذلك كان يبحث عن مقومات فنه، ويشق طريقه بخطوات ثابته. ترجمت معظم أعماله إلى جميع اللغات العالمية وحصل على جائزة الدولة التشجيعية في الروايةعام 1959 الأعمال الأدبية : بدأ نجيب محفوظ بكتابة الرواية التاريخية ثم الرواية الأجتماعية. وتزيد مؤلفاته على 50 مؤلفاً. و ترجمعت معظم أعماله لجميع لغات العالم .. وله العديد من المقالات الفكرية و الأدبية و السياسية .. ومن مؤلّفاته الروائية و القصصية : • الطريق •السمان والخريف . •بدايه ونهاية •تحت المظلة •همس الجنون .•زقاق المدق 1947 •رواية ثرثرة علي النيل . بين القصرين 1956 . قصر الشوق 1957 . السكرية 1957 •أولاد حارتنا •اللص والكلاب 1961 |
رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
محمد تيمور رائد القصة القصيرة و المسرح في العالم العربي رائد التحديث الأدبي .. شكسبير العرب http://www.nooreladab.com/vb/attachm...1&d=1263599024 محمد تيمور (1892 - 1921م) ابن أحمد تيمور باشا، ومن مؤسسي الأدب القصصي والمسرحي في العالم العربي. سافر إلى باريس لدراسة القانون، غير أنه عاد منها إلى القاهرة مع اشتعال الحرب العالمية الأولى عام 1914م، وانصرف منذ ذلك الحين إلى كتابة القصص والمسرحيات، متأثراً فيها بالمذهب الواقعي. اشترك في تأسيس ((جمعية أنصار التمثيل)) ومثلت له على المسرح عدة كوميديات اجتماعية، مثل:"العصفور في القفص" و"الهاوية" وأوبريت "العشرة الطيبة" التي لحنها سيد درويش. وله مجموعة من القصص القصيرة بعنوان ((ما تراه العيون)). نشأ في أسرة عريقة على خلفية أدبية واسعة وعلم وجاه، رحل إلى برلين لدراسة الطب لكن حبه وشغفه بالأدب جعلاه يهاجر إلى فرنسا ليطلع على الأدب الأوربي عموما والأدب الفرنسي خصوصا اللذان تركا الأثر الكبير في حياته وعلى قصصه وأعماله, ليعود إلى مصر بعد ثلاث سنوات عام 1914 فألف فرقة تمثيلية عائلية ووضع مسرحيات. نهض بسوية المسرح المصري من خلال مقالاته النقدية واقتراحاته التي استخدمها بالتأثير الكبير للمسرح الفرنسي, علاقته القوية بأخيه الأصغر- الكاتب ورائد القصة المصرية محمود تيمور- وقربه منه كانت كقرب الجفن من العين حيث كان محمود يعتبر أخاه الأكبر مثله الأعلى وخير مرشد له من خلال التمسك بنصائحه وتوجيهاته وآرائه السديدة بما يملكه من ثقافة واسعة وبعد النظر وحكمة للرأي, حتى إن محمود تأثر به في كتاباته باتجاهه نحو المذهب الواقعي في الكتابة القصصية وألف مجموعته القصصية الأولى على غرارها. كتاباته شكلت كتابات محمد القصصية والمسرحية والشعرية والفكرية منظومة إبداعية متكاملة في مجال تحديث الأدب والفكر العربي حتى أن بعض المؤلفين قسموا الحياة الأدبية إلى عصرين هما عصر ما قبل تيمور وعصر ما بعد تيمور، فكانت كتاباته هي البداية الحقيقية للأدب العصري الحديث وبرع أيضا في مجال القصة بوعي بناء فني ومضمون فكري وإرساء تقاليد القصة القصيرة باعتماده على موهبته الفذة وحسه الفني وثقافته الواسعة والسنين التي أمضاها في ربوع أوروبا بالإضافة إلى التحامه مع قضايا مجتمعه المصري فلم تكن إبداعاته محاكاة شكلية لأنماط الأدب الغربي بل كانت وسيلة لتوظيفها بتجسيد بلورة المضامين التي تهم أبناء شعبه. يبرز وعي محمد المبكر بتقنيات القصة القصيرة فوقتها لم يكن لفن القصة وحتى الرواية أية تقاليد سابقة في الأدب العربي وربما مواكبته لانجازات رواد القصة كإدجار ألان بو وتشيكوف ومعاصرته لارنست همنغواي التأثير الكبير لوضع القواعد الأساسية للقصة، عمل كمترجم خاص لمحمد علي باشا. ريادته في المسرح: بدأت ريادة محمد في المسرح بمسرحية العصفور في القفص عام 1918 حتى مسرحية الهاوية 1921 بأسلوب تحديثي للأدب المصري وبفن المسرحية القومية الأصيلة فلم يكن يلجأ للاقتباس أو الرجوع للتاريخ والتراث كما كان يفعل غيره. جمع بين قراءة التراث العالمي في فنون القصة والمسرحية وبين قراءة الحياة المعاصرة بكل قضاياها وصراعاتها وتفاعلاتها ولعل أهم قضية أو القضايا التي تعامل معه في مسرحياته مفهوم الأسرة والعلاقات الجنسية العاطفية التي يجب النظر إليها في ضوء علمي وموضوعي وعالجها بأسلوب رو منطقي عقلاني فريد حتى تسير في بحر هادئ لا تعكره أمواج الانحراف والتشتت، شغلت الطبقة المتوسطة معظم أعماله بوصفها العمود الفقري للمجتمع وجسرا للتواصل بين الطبقة العليا والدنيا. لولا مقالات محمد النقدية عن الحياة المسرحية في عصره لما عرفنا الكثير عن نجومها وعروضها بكل ما تشمله معدات المسرح من تأليف، إخراج، ديكور ملابس وإضاءة وربما لم يكن حينها يوجد ناقد مسرحي آخر سوى محمد تيمور. وفاته : برع محمد في القصة القصيرة والمسرحية بالإضافة إلى كتابة المقالة والتعليق والتحليل بوصفها أدوات تنير الدرب أمام القارئ وتحدث فكره ولعلنا لا ننسى انه كان شاعرا من الطراز الأول فقد نظم الشعر بطريقة وجدانية رقيقة وبسلاسة جميلة. شعر محمد بدنو اجله وهو في ربيع العمر فقال: هيئوا لي باطن الأرض قبرا و دعوني أنام تحت التراب في ظلام القبور راحة نفسي ومن النور شقوتي وعذابي وافته المنية في 24 شباط عام 1921 عن عمر يناهز التاسعة والعشرين تاركا وراءه إرثا فكريا ضخما وإنجازا أدبيا واسعا بفترة لا تتخطى الثماني سنوات من 1913 وحتى 1921 فكم خسر العالم عبقريا فذا وأديبا رفيع المستوى وهو بعد لم يكمل عقده الثالث. نشرت مؤلفاته بعد مماته في ثلاثة مجلدات وميض الروح (ديوان شعره وكتاباته الأدبية وبعض القصص والخواطر) حياتنا التمثيلية (تاريخ التمثيل, نقد الممثلين،رواية الهاوية) المسرح المصري (عبد الستار أفندي، العصفور في القفص) وما تراه العيون (مجموعة قصصية) الأقاصيص المصرية. كرمته الحكومة المصرية وتخليدا لذكراه أصدرت جائزة محمد تيمور للإبداع المسرحي العربي. وهناك كتاب رائع عن الأديب محمد تيمور رائد تحديث الأدب للدكتور نبيل راغب . ( منقول ) |
رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
أعلام الأدب العربي في مصر ( 5 ) محمود تيمور (1894-1973م) موباسان مصر .. رائد القصة القصيرة http://www.nooreladab.com/vb/attachm...1&d=1263600235 محمود تيمور (1894-1973م) كاتب قصصي، ولد في القاهرة في أسرة اشتهرت بالأدب؛ فوالده أحمد تيمور باشا (1871-1930م) الأديب المعروف، الذي عرف باهتماماته الواسعة بالتراث العربي، وكان "بحاثة في فنون اللغة العربية، والأدب والتاريخ، وخلّف مكتبة عظيمة هي "التيمورية"، تعد ذخيرة للباحثين إلى الآن بدار الكتب المصرية، بما تحوي من نوادر الكتب والمخطوطات"( ) وعمته الشاعرة الرائدة عائشة التيمورية (1840-1903م) صاحبة ديوان "حلية الطراز"، وشقيقه محمد تيمور (1892-1921م) هو صاحب أول قصة قصيرة في الأدب العربي. وقد ولد محمود تيمور في قصر والده القديم بدرب سعادة بالقاهرة، "وقد نشأ في بيئة أسرية تجمع بين أمرين كان اجتماعهما غريباً في مثل هذه البيئة، الأمر الأول: الغنى والارستقراطية، والثاني: العلم والأدب على الطريقة العربية المأثورة. كان والده أحمد تيمور باشا قد كرّس حياته لخدمة اللغة العربية ومعارفها، وكان يتردّد على مجالسه بعض أعلام الأدب والفكر، وقد "تعهده الوالد منذ النشأة، وحبّب إليه المُطالعة، ومن حسن حظه أن كان لوالده خزانة كتب كبيرة، يعتني بها، ويبذل في تنميتها وقته وماله، فكانت خير معين له على الاطلاع، وولّدت فيه حب الكتب . تلقّى محمود تيمور "تعليمه الأول بمدرسة الناصرية الابتدائية والإلهامية الثانوية، ولمرضه لزم داره، واضطر إلى الحصول على البكالوريا عن طريق المنزل لا المدرسة. سافر للاستشفاء بسويسرة، ولم يتم دراسته. "وكان قد دخل مدرسة الزراعة العليا، ولكنه لم يُتم الدراسة بها، إذ أُصيب بحمى التيقوئيد، ولزم الفراش ثلاثة أشهر، وهو يعد هذا المرض من المؤثرات فيه، إلى جانب ولده وشقيقه محمد، ويبين هذا التأثير فيه بأنه قضى مدة هذا المرض "في ألوات شتى من التفكير وأخلاط الأحلام، واستطعت أن أهضم الكثير من الآراء التي تلقيتها من أخي، أو استمددتها مما قرأته من الكتب. وقد "انصرف محمود تيمور وشقيقه محمد تيمور إلى الفن القصصي بجميع فروعه، ممّا كان من العسير على شيوخ الأسر تقبله منهما، ولا سيما لأن هذا الفن يُعالج العواطف المشبوبة والمشاعر الوجدانية، وهي موضوعات كانت تُعتبر وقتها موضوعات شائكة، لا يصح لمن ينتسب إلى هذه الأسرة أن يضيع وقته فيها. بين الرومانسية والواقعية: كان في بداية حياته يميل إلى الرومانسية، ولميله إلى الرومانسية أقبل بشغف على قراءة مصطفى لطفي المنفلوطي، يقول: "كانت نزعته الرومانسية الحلوة تملك عليَّ مشاعري، وأسلوبه السلس يسحرني. وكل إنسان في أوج شبابه تُغطِّي عليه نزعة الرومانسية والموسيقا، فيُصبح شاعراً ولو بغير قافية، وقد يكون أيضاً شاعراً بلا لسان!". كما استهوته في فترة البدايات مدرسة المهجر ـ وعلى رأسها جبران ـ "وقد أعجب محمود تيمور بكتابه "الأجنحة المتكسرة"، وتأثرت به كتاباته الأولى . استغلّ فراغه في الاطلاع والدراسة الأدبية، واهتم بقراءات جديدة تجنح إلى الواقعية، مثل "حديث عيسى بن هشام" لمحمد المويلحي، ورواية "زينب" للدكتور محمد حسين هيكل، وكان هذا من توجيه أخيه محمد، الذي قضى بضع سنين في أوربا، اطلع في خلالها على ما جدَّ هناك من ألوان الأدب واتجاهاته، وعاد إلى مصر محملاً بشتى الآراء الجديدة التي يقول عنها محمود تيمور في كتاب "شفاء الروح": "كان يتحدّث بها ـ أي الآراء الجديدة ـ إليَّ، فأستقبلها بعاطفتين لا تخلوان من تفاوت: عاطفة الحذر، وعاطفة الإعجاب. هذه الآراء كانت وليدة نزعة قوامها جحود القديم … ولكن جدتها أخذت تهدأ على توالي الأيام، ومن ثم اتخذت طريقها الطبيعي في التطور. والأمر الذي كان يشغل فكر أخي، ويرغب في تحقيقه هو إنشاء أدب مصري مبتكر، يستملي من وحيه دخيلة نفوسنا، وصميم بيئتنا". وانتهى الصراع بين الرومانسية والواقعية في نفس محمود تيمور إلى تغليب الواقعية، فكانت مجموعاته الأولى على غرارها. على أن الرومانسية لم تذهب تماماً من نفس محمود تيمور، بل نامت في فترة الحماسة للواقعية وأهدافها القومية المصرية، ثم ظهرت بعد ذلك في عدة قصص طويلة وقصيرة، منها قصته الطويلة "نداء المجهول. قصصه: توجّه محمود تيمور ـ بفضل توجيهات أخيه ـ محمد تيمور إلى قراءة إبداعات أخيه محمد تيمور ـ إلى قراءة إبداعات الكاتب القصصي الفرنسي جي دي موباسان، فقرأ له وفُتِن به، واحتذاه في كتابته. ومما يُذكر أن جريدة "الفجر" نشرت له سنة 1925م قصة "الأسطى حسن يُطالب بأجرته"، وكتبت تحت العنوان "بقلم صاحب العزة: محمود تيمور، موباسان مصر". وأول قصة قصيرة كتبها، كانت في عام 1919م بالعامية، ثم أخلص للفصحى، فأعاد بالفصحى كتابة القصص التي كتبها بالعامية، وأصبح من أعضاء مجمع اللغة العربية عام 1949م. ويزيد عدد ما أصدره من قصص وروايات على خمسين عملاً، تُرجم بعضُها إلى لغات شتى "وتدور حول قضايا عصرية وتُراثية وتاريخية، فضلاً عن روايات استوحاها من رحلاته، مثل: "أبو الهول يطير" و"المئة يوم" و"شمس وليل"، أو روايات أدارها حول الشخوص الفرعونية، مثل "كليوباترة في خان الخليلي. جوائز: منح محمود تيمور عددا من الجوائز الأدبية الكبرى في مسيرة حياته الأدبية، منها: جائزة مجمع اللغة العربية عام 1947م، وجائزة الدولة للآداب في عام 1950م، وجائزة الدولة التقديرية في عام 1963م. قال عنه طه حسين: "لا أكاد أصدق أن كاتبا مصريا وصل إلى الجماهير المثقفة وغير المثقفة مثلما وصلت إليها أنت، فلا تكاد تكتب، ولا يكاد الناس يسمعون بعض ما تكتب حتى يصل إلى قلوبهم كمايصل الفاتح إلى المدينة التي يقهرها فيستأثر بها الاستئثار كله". وآثاره متنوعة، منها القصة القصيرة والرواية والمسرحية والبحث والصور والخواطر وأدب الرحلات، ومن كتبه المطبوعة: *في القصة القصيرة: "أبو علي الفنان" (1934م)، و"زامر الحي" (1936م)، و"فلب غانية" (1937م)، و"فرعون الصغير" (1939م)، و"مكتوب على الجبين" (1941م)، و"شفاه غليظة" (1946م)، و"إحسان لله" (1949م)، و"كل عام وأنتم بخير" (1950م) … وغيرها. *وفي الرواية: "نداء المجهول" (1939م)، و"سلوى في مهب الريح"، و"المصابيح الزرق" (1959م) … وغيرها. *وفي المسرحية: "عوالي" (1943م)، و"سهاد أو اللحن التائه" (1943م)، و"اليوم خمر" (1945م)، و"حواء الخالدة" (1945م)، و"صقر قريش" (1963م) … وغيرها. *ومن كتب الصور والخواطر: "عطر ودخان" (1944م)، وملامح وغضون" (1950م)، و"شفاء الروح" (1951م)، و"النبي الإنسان" (1956م). *وفي أدب الرحلات: "أبو الهول يطير" (1944م)، و"شمس وليل" (1957م)، و"جزيرة الحب" (1963م). *ومن دراساته اللغوية والأدبية: "فن القصص" (1945م)، و"مشكلات اللغة العربية" (1956م)، و"الأدب الهادف" (1959م)، و"طلائع المسرح الحديث" (1963م) ... وغيرها. وقد نُرجِم كثير من مؤلفاته إلى الفرنسية والألمانية والروسية والإيطالية … وغيرها. مات في لوزان بسويسرة، ونقل جثمانه إلى القاهرة، ودُفِن بها. ( منقول ) |
رد: الأدب العربي وأبعاده في جمهورية مصر
أعلام الأدب العربي في مصر ( 6 ) كامل الكيلانى رائد أدب الطفل في العالم العربي http://www.nooreladab.com/vb/attachm...1&d=1263601340 يُعد مثال للأدب العربي الحديث وقد سُجلت أعماله الرائعة في تاريخ الأدب وجعلته بحق "رائد أدب الطفل". وُلد كامل الكيلاني في 20 أكتوبر1897، بإحدى أحياء القاهرة المشهورة ـ القلعة ـ بالقرب من جبل المقطم، نشأ في فترة غلب عليها الأساطير والأغاني، كان يقضي أغلب فترات يومه وحيداً، الأمر الذي أعطاه الفرصة للقراءة، وحفظ أكثر من 20 ألف قصيدة لصفوة الشعراء العرب، حفظ القرآن الكريم بالكُتٌاب (وهي مدرسة دينية ما قبل المرحلة الابتدائية). التحق الكيلاني بالتعليم الابتدائي والثانوي حتى حصوله علي شهادة البكالوريا، ثم التحق بالجامعة المصرية القديمة، حيث عزم علي دراسة الأدب العربي، والإنجليزي، والفرنسي فحصل على ليسانس الآداب قسم اللغة الإنجليزية، وكان أثناء دراسته بالجامعة قد قرر في نفس الوقت الالتحاق بمدرسة دانتي لدراسة الأدب الإيطالي. عمل كامل الكيلاني في ميادين عديدة منها التدريس والترجمة، ثم عمل موظفاً بوزارة الأوقاف حيث كان يتولى تصحيح الأساليب اللغوية إلى أن شغل منصب سكرتير المجلس الأعلى للأوقاف وذلك في عام 1954، عمل أيضا في مجال الصحافة والأدب، وحصل علي منصب "رئيس نادي الممثلون الحديث" في عام 1918، ثم رئيس تحرير مجلة الرجاء والتي تأثثت عام 1922، ثم أصبح سكرتير مجمع الأدب العربي في الفترة ما بين 1922 إلي 1932. وفي عام 1929 وجه اهتمامه إلي فن "أدب الأطفال" ودأب على تحقيق الفكرة التي آمن بها وهى إنشاء مكتبة الأطفال.. وكان يرى أن حوار قصص الأطفال يجب أن يكون بالفصحى، واستخدم مصادر قصصه من الأساطير والأدب العالمي والأدب الشعبي فيحسب له جهوده في تحقيق نشر الكثير من تراثنا مثل ديوان ابن الرومي، ورسالة الغفران، وابن زيدون، كما كان حريصاً على الجانب الأخلاقي في كتابته للأطفال. وهو يُعد أول من خاطب الأطفال عبر الأثير ـ الراديو ـ، وأول مؤسس لمكتبة الأطفال في مصر، حيث ألف 250 قصة للأطفال منها: شهر زاد ـ جحا ـ ألف ليلة. ترجمت قصصه إلي اللغات "الصينية، والروسية، والأسبانية، والإنجليزية، والفرنسية". ومن مترجماته للشباب: حي ابن يقظان ـ جاليفر ـ روبنسون كروزو ـ شمشون الجبار. مُنح كامل الكيلاني شهادات تقدير من الدولة، وحرص علي الإشارة لها في الصفحات الأولى لإصداراته. كما أن هناك جائزة تحمل اسمه يقدمها المجلس الأعلى للفنون والأدب، والتي يتم منحها للأعمال الموجهة لأدب الطفل. من أبرز مؤلفاته الأخرى: الملك النجار ـ نظرات في تاريخ الإسلام ـ ملوك الطوائف ـ مصارع الخلفاء ـ مصارع الأعيان ـ ذكريات الأقطار الشقيقة. توفي رائد أدب الطفل كامل الكيلاني في 10 يناير 1959، تاركاً تُراث من الإصدارات في الأدب العربي عامة وأدب الطفل على وجه الخصوص. منقول من أعلام و شخصيات مصرية . |
الساعة الآن 10 : 01 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية