منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   الخاطـرة (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=30)
-   -   يومها سأعلنك شهيداً (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=13835)

عدنان كنفاني 14 / 01 / 2010 29 : 03 PM

يومها سأعلنك شهيداً
 
على ضفّة الجرح أمشي..
أتنكّب منجلي.!
وأستاف وجع اللحظات، وأعبّ من سراج العمر زيته المالح..
أيها الألم الساكن روحي.. متى تتمزّق، كي يشرق مني نبض جديد يعلن ولادتي من جديد.
كانت السماء كما كنّا نراها.. هل تذكر.؟
نستلقي على أول هطل الندى، يكاد يبلل دفء السنابل، فتبدو السماء موصولة بآخر سنبلة تفلّتت من حِجْرِ صبيّة تأخذ زينتها الوردية لتنثر النجوم على صفحة السماء.
كم كانت قريبة منّا.
تكاد أصابعنا النحيلة تتعلّق على أقرب نجمة لحظة يطلّ على طفولتنا فرح أمنا من ثنيات بياض القمر، وتفوح رائحة عرق تنفصد من وجهها البيدريّ، وتنضح من ثنيات ثوبها المطرّز بألوان القوس البعيد.
هل تذكر.؟
تقول لي: من لا يملك بيدراً ليس له وطن.!
ومن لا يرعى الغلال الوفيرة بعد تعب الحصاد لا يليق به أن يتنكب المنجل.!
أما زلت تحمل المنجل يا غسان.؟
أم أنك بعد أن عبّدت الطريق للوصول إلى لحمة السماء هناك على مشارف بيدرنا آثرت أن تتلفّح بالسكون، وتمارس معنا شدو الانتظار.
آه يا غسان..
أعشق في عينيك براءة السؤال، وأتشظى رعباً من لعنات الجواب.
ماذا أقول لك وقد غادرتنا تتأبط حزمة من السنابل لتصنع منها نجوما تصعّد إلى السماء لحظة تعانق تعب البيدر.
ملؤوا الطريق الذاهب بكَ إلى شطآن الغرب الذي بدأته أنت وكل الملفّحين بالشواهد البيضاء بالحواجز والسدود، ورصفوا بلحمكم طريقاً جديدةً تمضي مستقيمةً إلى لا مكان، ثم أعلنوك غريباً..
وعندما جئتك أقيم من جديد رخامات مثواك التي وطأتها رفوش الأقرباء، قالوا:
فليكن لك أيها الغريب مقام إلى حين.!
ويقولون هناك بأن ليس لك من مقام.!
فمن أنت إذن أيها الغريب.؟
من أنا.. ومن نحن.؟
كنّا نغفو في حضن الريح، نسمع همساً حميماً، فنكتم أنفاسنا.
وكنتُ صغيراً..
أحسب الحقيقة كلها معلٌّقة على طرف نحولك.. ألم تقل بأنك بدأت رصف الطريق إلى بيدر النور.!
وسرعان ما كبرنا.. وافترقنا عن ذلك البيدر المرصّع بالنجوم
وسرعان ما قتلوك
وسرعان ما أنكروك، واغتصبوا حلمك، وقيّدوك رقماً هزيلاً على بطاقة حمراء
ثم أعلنوك غريباً..
كان الوقت مساء عندما بدت لي السماء مفصولة عن الأرض عبر فجوة لا لون لها
بحثت عن بيدر يمكن أن يحمل تعبي، وينثر النجمات الساكنة زواريب حضني على صفحة الفضاء، فلم أجد..
لكنني وجدتكَ.. كأنك مثلي تبحث عن ذلك الرتق الذي لم يلتحم بعد..
البيدر بعيد.. وأنا بعيد.. وأنت على شاهدتك البيضاء ترقب انتظارنا.
هل أقول لك يا غسان..
ربما لن أستطيع أن أحملك معي عندما تحملني موجة مسعورة إلى شتات جديد.
لكنني سأبقى أعلّق اسمك على الشواهد الغريبة، وأتنكّب منجلي، وأحمّل أغمار السنابل على أكتاف الصغار الآتين على أجنحة الجرح.
سأقول لهم:
من لا يملك بيدراً ليس له وطن، وسيبقى غريباً.. رقماً معلّقاً على يافطات الصخب.
يوم تُريح سنابلك المتعبة على ساحة بيدرنا، تسقط عنك تهمة الـ غريب..
يومها..
سأعلنك شهيداً في موكب عرس كبير.

ـ ـ ـ

ميساء البشيتي 14 / 01 / 2010 38 : 04 PM

رد: يومها سأعلنك شهيداً
 
أخي الكريم استاذ عدنان كنفاني

أول مرة أقع بحيرة كبيرة عند كتابة تعليق

من أبن ابدأ الحديث ؟

هل أبدأه من حيث يجب أن يبدأ وهو الترحيب بك في منتداك نور الأدب

الذي سعد جدا بانضمام قلم زاه وجميل وأنيق كقلمك ؟

أم أبدأه بالحديث عن المناضل والكاتب الفلسطيني الراحل بجسده

والباقي بروحه وكتاباته بيننا وإلى الأبد ؟

أم أبدأ الحديث عن هذه الخاطرة التي زينت منتدى الخاطرة لا بل زينت نور الأدب باكمله ؟

معي حق أن أحتار لذلك أنا اجمع حيرتي وأضمها إلى باقة ورد أقدمها لك علها تشفع حيرتي

على باب كلماتك وأرحب بك مجددا أخي الأستاذ عدنان كنفاني هنا في بيتك نور الأدب

حللت أهلا ووطئت سهلا ومليون مرحبا ..

[BIMG]http://www.mlfnt.com/up1/images/65mu4q9z7ov5tyy1wqow.jpg[/BIMG]

عدنان كنفاني 14 / 01 / 2010 14 : 07 PM

رد: يومها سأعلنك شهيداً
 
الأخت ميساء
لكلماتك الرقيقة الصادقة صدى لامس شغاف روحي
أشكرك، وكم يسعدني أن أتواجد بين أخوات وأخوة أحباء في هذا المنتدى الرحب
حيرتك في انتقاء الكلمات، هي عين الكلمات
فلتسلمي
ع.ك

نصيرة تختوخ 17 / 01 / 2010 21 : 10 PM

رد: يومها سأعلنك شهيداً
 
أخ موجوع و مواطن يتم لكن التمسك بالأمل باق بين السطور وفي بيادر الذكريات.
وقبل الشهيد وبعد الشهيد يظل الوطن كبيرا بحجم التضحيات, فخورا بكل من قدموا العمر وأحلامهم كي يعودوا إليه وكي لايستسلم من بعدهم.
تحياتي وتقديري لك أستاذ عدنان ورحم الله الشهداء

هلا عكاري 18 / 01 / 2010 18 : 12 AM

رد: يومها سأعلنك شهيداً
 
لا أملك الا أن أعبر لك أستاذ عدنان عن شديد اعجابي بما كتبت.. وأشكرك على هذا الابداع وعلى هذا الحنين وعلى هذه الصور الحزينة المفعمة بالأمل..
دمت ودام قلمك ..
وتقبل تحيتي.

هلا

عدنان كنفاني 18 / 01 / 2010 24 : 11 AM

رد: يومها سأعلنك شهيداً
 
الأخت نصيرة تختوخ
نعم سيدتي إنها صرخة وجع، لكنها مغلّفة بفيوض من ورود الأمل
أشكر مرورك الجميل
وأحييك
ع.ك

الأخت هلا عكاري
مرورك على كلماتي زادها قيمة
أشكرك من القلب
ع.ك


الساعة الآن 46 : 09 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية