منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   آثار ومكتشفات (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=287)
-   -   زخارف العمائر الدينية الفاطمية فن إسلامي بين القاهرة وتونس (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=14109)

دكتور/ عادل محمد زيادة 08 / 02 / 2010 40 : 02 AM

زخارف العمائر الدينية الفاطمية فن إسلامي بين القاهرة وتونس
 
زَخَارِفُ العَمَائِر الدِّينِيَّة الفاطمية
فَنٌ إسْلاميٌّ بَيْنَ القاهرةِ وتُونُس
أود قبل البدء في الحديث عن فن زخرفة العمائر الدينية في العصر الفاطمي أن أبدأ بنبذة تاريخية سريعة عن تأسيس الدولة الفاطمية في شمال أفريقية حتى يتسنى للقارئ الكريم تكوين فكرة سريعة عن هذه الدولة وكيفية نشأتها، وعواصمها في الشمال الأفريقي ثم مصر . وسيكون حديثي في هذا الموضوع على حلقات أو مقالات صغيرة متتابعة حتى لا يشعر القارئ بشئ من الملل متمنياً أن يلقى قبولاً لديكم إن شاء الله .
قيام الدولة الفاطمية
وتأسيس مدينة المهدية ثم المنصورية بشمال أفريقيا :
كانت هناك عدة عوامل تضافرت وساعدت على قيام الدولة الفاطمية بشمال أفريقيا يتصل بعضها بالخلافة العباسية وبعضها بالمنطقة التي قامت بها تلك الدولة، والبعض لسوء حكم دولة الأغالبة، والآخر يرتبط بالتنظيم الشيعي والدعوة الفاطمية، وكلها تضافرت وساعدت على انتصار الفاطميين بمعاونة البربر على القضاء على جيش الأغالبة وسقوط مدينة " رَقَّاَدة " عاصمة دولتهم، وقيام الدولة الفاطمية سنة 296هـ / 908م .
أرسل الحُسَيْن -الداعي الشيعي- إلى عُبَيْد الله المَهْديِّ في سَلَمِيَّة رجالاً من كِتَامَة يخبرونه بما فتح الله عليه ويستقدمونه، فوصل هو وابنه محمد أبو القاسم إلى سِجْلِمَاسَة حيث سجنه صاحبها تلبية لأمر الخليفة العباسي . واستطاع الحسين أن يخلصهما من محبسهما، وتوجهوا بعد ذلك إلى رَقَّادَة فوصلوها في العشرين من ربيع الأول سنة 296هـ / 908م، ونزل المهدي في قصر من قصور تلك المدينة وتلقب بالمهدي أمير المؤمنين وخُطب باسمه في الجمعة كما ضُرِبَت السِّكَةَ باسمه، ووَلَّى الوُلاة ودوَّن الدواوين وجلب الأموال وتوفرت له جميع الأركان لقيام الدول .
لم يكن لرَقَّادَة من الحصانة والمناعة ما يجعلها تضمن حماية أسرة بني عُبَيْد الله المهدي عند الحاجة، فعزم المهدي على بناء مدينة تكون قاعدة للدولة وقلعة يعتصم بها هو وأولاده عند الضرورة . وقد حرص المهدي على البُعد عن رَقَّادَة مركز المقاومة السُّنية، فخرج بـنفسه يرتـاد موضعـاً يبنـي فيه المدينـة، ولم يجـد موضعـاً أحسن ولا أحصن من موقع المهدية، فقـد وقع اختياره على مكان يقع على بُعد ستين ميلاً جنوبي القيروان، وهو في شبه جزيرة داخلة في البحر كهيئة كَفٍ متصلة بزِنْد ولما وصلها سأل عن اسمها فقيل له هذه جزيرة الخلفاء، فأعجبه ذلك الاسم واختارها لبناء مدينته التي سُميت باسمه . وكان ابتداء بنائها في الخامس من ذي القعدة سنة 303هـ / 915م . وكان أول ما بُني فيها سورها الغربي، وأقام فيها جامعاً ضخماً بُنيت بجانبه دار المحاسبات، كما أنه بنى قصراً لنفسه في الطرف الشرقي للجزيرة، وقصراً لولي عهده أبى القاسم الذي سُمي بالقائم بأمر الله، وجعل بين القصرين فناءاً واسعاً سُمي الميدان .
أمر المهدي كذلك ببناء داراً للصناعة، بالإضافة إلى القصور والدور لحاشيته ورجاله وأهل شيعته. وأحاط المدينة كلها بأسوار عالية متينة وأبراج ضخمة وأبواب مصفحة بالحديد . ولما فرغ من تعميرها سنة 305هـ / 917م، وشاهد تمام بنائها قال : "اليوم أَمِنْتُ على الفاطميات" . وقد انتقل إليها في شوال سنة 308هـ / 920م وأقام بها، ثم عمّر الدكاكين ورتّب أصحاب المهن وجعل لكل طبقة سوقاً خاصة بها. ثم أمر المهدي بعمارة مدينة أخرى إلى جانب المهدية وجعل بين المدينتين ميداناً فسيحاً وأحاطها بسور وأبواب، وسماها زُوَيْلَة نسبة إلى إحدى قبائل بلاد المغرب، وأصدر أوامره إلى أصحاب الدكاكين وأرباب الصناعات والتجارات بأن يقيموا فيها بعائلاتهم وأهاليهم، وأمر أن تكون أموالهم بالمهدية، وقال في ذلك "إن أرادوني بالمهدية خافوا على أهاليهم بزُوَيْلَة فإني آمن منهم ليلاً ونهاراً ".
وقد بقي بالمهدية من آثار الفاطميين معالم ليست بالقليلة وهي: برج السقيفة الكَحْلاء وهو واحد من بابي المدينة الأصْلِيَّيْن، والقَوْس الضخم المصنوعة على هيئة قوس النصر التي يُسلك منها إلى صحن الجامع، والجامع الكبير الذي لم يتغير فيه إلا المحراب والسقوف وبعض الأعمدة، كذلك المئذنة القديمة وهي خلف المئذنة الحالية في الركن الشمالي من سور الجامع، وقد بقي من هذه المئذنة قسمها السفلي وهو يعلو سطح الأرض بنحو سبعة أمتار، والبرج الكبير المسمى خطأ برج الرأس، مع أن هذا الأخير قد اندثر، وقد كان قائماً في الجزيرة حيث توجد اليوم زاوية سيدي جابر، والبرج الكبير قد بُني على قسم من قصر القائم بأمر الله مع المحافظة على بعض عناصره المعمارية الأصلية التي يمكن مشاهدتها اليوم . هذا بالإضافة إلى البعض الباقي من أبراج السور الظاهرة في الجهة الجنوبية من شبه الجزيرة .
اصطدم الفاطميون خلال الفترة التي حكموا فيها شمال أفريقية بالعديد من القلاقل والثورات كان أخطرها ثورة أبي يزيد مُخَلَّد بن كِيَداد، فقد هزَّت هذه الثورة الدولة الفاطمية وعرَّضتها للسقوط واقتطعت منها كل البلاد عدا العاصمة - المهدية - التي حوصرت حصاراً شديداً مدة طويلة، وعاشت البلاد في حالة اضطرابات وفوضى مدة قاربت أربع سنوات . وكادت أن تقضي هذه الثورة على الدولة لو لم تأتهم النجدة من قبائل صِنْهَاجَة في أيام الخليفة الثالث إسماعيل أبو طاهر الملقب بالمنصور بن القائم، وقد كلفت الجيش الفاطمي كثيراً من الجهد وكلفت الخزانة كثيراً من المال، حتى استطاع الجيش الفاطمي في النهاية أن ينتصر عليها وأن يقضي على القائمين بها .
أمر الخليفة المنصور ببناء مدينة جديدة مكان المعركة الحاسمة التي قَََََََََََََضَى فيها على ثورة أبي يزيد فتم بناؤها سنة 337هـ / 938م وسُمِيَّت صَبْرَةُ المنصورية، وأصبحت عاصمة الدولـة بدلاً من المهديـة بعد أن انتقل إليها المنصور واستقر بها . وصارت المهدية منذ ذلك اليوم مدينة ثانوية ملحقة بالمنصورية، فكانت مرفأً حربياً وتجارياً هاماً وسوقاً للسلع التي تحملها السفن من الشام والإسكندرية وصقلية والأندلس وقد أسسها المنصور في الموقع الذي دارت فيه الواقعة بينه وبين أبي يزيد مخلد، على مقربة من القيروان، واتخذها حاضرة له، وقد نقل المنصور إلى هذه المدينة أسواق القيروان، كما رحل إليها كثير من الصُنَّاع فازْدَهَرت فيها الصناعة والتجارة ، وأصبحت على جانب عظيم من التقدم والرُّقِيِّ وغَدَت منذ ذلك الحين حاضرة الفاطميين إلى أن قَدِمَ المُعِزُّ لدين الله إلى مصر في السابع من رمضان سنة 362هـ فحلّت محلها مدينة القاهرة. ولم يبق اليوم من المنصورية شيئاً إلا أطلال طمرتها الرمال ونُهبت حجارتها ومواردها .
المصادر والمراجع :
• ياقوت الحموي ( الشيخ الإمام شهاب الدين أبي عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي )، معجم البلدان، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان 1979 .
• المقريزي ( تقي الدين أبي العباس أحمد بن علي )، اتعاظ الحنفا بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفا، تحقيق محمد حلمي محمد، الكتاب الثاني عشر، يشرف على إصدارها محمد توفيق عويضة، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، لجنة إحياء التراث الإسلامي، القاهرة 1973 .
• القز ويني ( الإمام زكريا بن محمد بن محمود )، آثار البلاد وأخبار العباد، دار صادر – بيروت .
• ابن عذارى ( أبو عبد الله محمد المراكشي )، البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، تحقيق كولان وليفي بروفنسال، ليدن 1948 .
• البكري ( أبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز ) ، المغرب في ذكر بلاد أفريقية والمغرب "جزء من كتاب المسالك والممالك"، دار الكتاب الإسلامي بالقاهرة 1980 .
• يحيى شامي ، موسوعة المدن العربية والإسلامية ، دار الفكر العربي – بيروت لبنان .
• حسن حسني عبد الوهاب، خلاصة تاريخ تونس، دار الكتب الشرقية، تونس، الطبعة الثالثة، المحرم سنة 1373هـ .

هدى نورالدين الخطيب 08 / 02 / 2010 44 : 08 PM

رد: زخارف العمائر الدينية الفاطمية فن إسلامي بين القاهرة وتونس
 
[align=center][table1="width:100%;"][cell="filter:;"][align=justify]
أهلاً وسهلاً ومرحباً بك في نور الأدب دكتور عادل
يسعدنا جداً أن ننهل منكم ونثري ثقافتنا في مجال علم الآثار وفنونه الرائعة الشاهد الحي لما مر على بلادنا من حضارات وثقافات، وكلنا نعرف ما للآثار من أهمية فائقة تبطل كل المحاولات الآثمة لتزوير التاريخ بالإضافة لروعة الابحار في فنون الآثار وجمالياته.
القاهرة متحف حي لكل ما مر عليها من حضارات والكثير من مدننا العربية لطالما كشفت آثارها زيف من يزورون التاريخ ولهذا كان أول ما فعله الاحتلال بالعراق هو سرقة وتهريب آثارها لمسح ذاكرة التاريخ، كذلك ما حصل في لبنان من قبل وطبعاً فلسطين التي بين أيديهم يعبثون بها وبذاكرتها وكل فترة يقومون بتزوير جديد سرعان ما يسقط ويكشف أمره خبراء الآثار.
لقد طغوا وبغوا في أكاذيبهم وأضاليلهم التافهة التي وصلت لحد ادعاء فضل بناء الأهرامات
الإنسان العربي بأمس الحاجة للتثقيف في هذا المجال الحيوي خصوصاً مع قلة الوعي وانتشار عصابات السطو على الآثار لحساب شياطين هذا السرطان الذي ابتلينا به وليس لنا غيركم لنشر الوعي بأهمية الآثار والحفاظ عليها ولماذا يعتبر تهريب الآثار خيانة عظمى.
من جهة ثانية الآثار الإسلامية فن بديع نتمنى إعادة الاهتمام به على نطاق واسع
مجدداً أهلاً وسهلاً ومرحباً بك دكتور عادل
[/align]
[/cell][/table1][/align]

حسن الحاجبي 09 / 02 / 2010 48 : 12 AM

رد: زخارف العمائر الدينية الفاطمية فن إسلامي بين القاهرة وتونس
 
السيد الدكتور المحترم : عادل محمد زيادة
جميل جدا أن ننفض الغبار عن هذه الكنوز التي لا تقدر بثمن .
ميدان الآثار والعمارة العربية الإسلامية يحتاج لمناضلين من طينتكم , ونحن سعداء جدا بتواجدكم بيننا .
شكرا جزيلا لكم سيدي على المبادرة الطيبة والتي لاشك سنستفيد منها كثيرا .
لكم خالص المحبة والتقدير .

امال حسين 09 / 02 / 2010 12 : 01 AM

رد: زخارف العمائر الدينية الفاطمية فن إسلامي بين القاهرة وتونس
 
دكتور عادل

اهلا وسهلا بك فى المنتدى

وشكرا على موضوعكم القيم الجديد والثرى

عن فترة قد شابها كثير من الاحداث فى تاريخ منطقتنا العربية

كل تقديرى واحترامى

ناهد شما 09 / 02 / 2010 39 : 04 AM

رد: زخارف العمائر الدينية الفاطمية فن إسلامي بين القاهرة وتونس
 
[gdwl]الدكتور الفاضل عادل / حفظك الله
موضوع زخارف العمائر الدينية الفاطمية رائع
حقاً لقد توسع موضوع السرقات لأثار وكنوز بلادنا العربية
فوجودك معنا كإنسان مثقف عالم بهذه الأمور
سيكون عوناً للجميع للإلمام بمثل هذه المعلومات
لا تبخل علينا بمثل هذه المواضيع القيمة
ننتظر مزيدك
دمت بخير [/gdwl]

دكتور/ عادل محمد زيادة 11 / 02 / 2010 58 : 06 PM

رد: زخارف العمائر الدينية الفاطمية فن إسلامي بين القاهرة وتونس
 
سيدتي الفاضلة المحترمة الأستاذة/ هدى الخطيب
أشكر لك تعليقك القيم وكلماتك المؤثرة على مقالتي المتواضعة في الآثار الإسلامية
وأتمنى أن يسعفني الوقت لكتابة المزيد وكذلك الرد على تعليقات الأخوة والأخوات المحترمين بمنتدانا على تعليقاتهم البناءة في هذا الصدد
كما أتمنى متابعة كل مايُكتب في المنتدى من مقالات أدبية وقصائد شعرية لمجموعة الزملاء الموهوبين من مفكرين وأدباء وعلماء أتشرف كثيراً لمجرد قراءة مايكتبون وعلى رأسهم شخصك المحترم .


الساعة الآن 37 : 02 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية