منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   كلمات (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=246)
-   -   الخرافة تمشي على قدمين !! (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=14200)

طلعت سقيرق 16 / 02 / 2010 57 : 09 PM

الخرافة تمشي على قدمين !!
 
[align=justify]
هل استطاع القرن الحادي والعشرون أن يغير شيئا في بنية الذهنية العربية القائمة على دعائم غريبة من الإيمان المطلق وشبه النهائي بالخرافة وما سيتتبعها من ربط مصير الإنسان بالأبراج والنجوم والحظ وما إلى ذلك من أشياء تبدو مضحكة حين تحتك بمحك العلم كونها لا تستطيع أن تقف على دعامة واحدة صحيحة متماسكة ؟؟!!..
للأسف ما زلنا ، وبامتياز، أسرى الخرافة التي تمشي على قدمين فارضة نفسها بقوة على حياتنا .. فالقرن الحادي والعشرون نسينا كما نسينا القرن الذي سبقه .. فالجن يسكنون جسد الرجال والنساء معا .. وكثيرا ما نحتاج إلى حفل من الضرب بالعصي مترافقا مع الصراخ والتهديد كي يخرج الجني مهزوما مدحورا!!.. وحين نريد أن نقوم بعمل ما فلا بدّ أن نقرأ البرج ونفتش عن نجاح ما سنقوم به أو فشله .. وإن رأينا شخصا لا نحبه أو بصورة ما نتشاءم منه ، غيرنا حطة نهارنا كله !!.. ما الفرق بيننا وبين ابن الرومي الذي كان يرجع إلى البيت خائفا متشائما مرتعشا إن رأى شخصا فيه عاهة من العاهات ؟؟.. وتعالوا نحسبها ، كم من السنوات بيننا وبين ابن الروي ؟؟..وإذا انتهينا من الحساب بعد جهد وعرق بما أن الحساب حالة علمية ، فهل نصدق أن ابن الرومي كان أكثر تطورا وعلمية منا رغم كل اضطرابه النفسي في النظر إلى مثل هذه الأشياء؟؟!!..
حين نفهم الخرافة بشكل صحيح ونخضعها لمنطق العلم ، نجد أن صورة الإنسان المؤمن بالخرافة على أنها حقيقة نهائية ، إنما يضع نفسه موضع شك وسخرية من الآخرين ، ولا نستبعد أن يكون الخاضع للخرافة مجال تندر من قبل المحيطين به ، فهو في أحسن الحالات مسل يمكن أن نمضي الوقت في الاستماع إلى تهيؤاته وتصوراته التي يحكيها على أنها حقيقة واقعة لا يأتيها الباطل .. ومشكلة الخاضع للخرافة أنه يبني حياته كلها على تصور خاطئ يريد أن يقرضه على الآخرين .. وحين يأخذ في سرد تصوراته الغريبة يفترض أن على الناس العمل بالشيء كما يريده هو !!..
عندما نقول عن فلان من الناس أنه خرفَ ، فنحن نقصد تماما أن عقله فسد من الكبر في السن.. وفي القاموس المحيط أنّ ثمامة رجل من عذرة استهوته الجن فكان يحدث بما رأى فكذبوه وقالوا حديث خرافة .. أو هي حديث مستملح أساسه الكذب..والاستملاح نتاج الاستمتاع بما يؤلف من أكاذيب للتسلية .. وأرى أن الخرافة هي السير نحو مالا يصدق وتصويره على أنه شيء حقيقي .. كما يمكن أن تكون الخرافة إيمانا بكل ما يناقض العلم والتجربة والواقع .. وهي مثل وحش يأكل المجتمع ويفتك بالعقول ، خاصة حين نطبقه على المرض والحياة اليومية والزوج والعلاقات الأسرية ..
إن الاعتقاد الخاطئ لا بد أن يعطي نتائج خاطئة !!.. وحين يكون المجتمع ،ومنه البيت ، مسكونين بصور غريبة تريد أن تواجه العلم والتطور بدعوى أن العلم شيء محرم وأن الأفضل أن نلجأ إلى السحرة والأحجبة وضرب المندل وإحضار ذيل كلب أو حصان وما شابه .. والعمل على فك السحر لأن فلانا قد كتب لفلان ودفن المكتوب في مكان لا يعرفه إلا الجن الذين يطلبون طلبات غريبة ومكلفة لإحضار السحر .. هذا إلى جانب ما نعرفه من ممارسات شاذة تمارس مع النساء تحت يافطة فك السحر ، وأحيانا من اجل الحمل وما إلى ذلك .. ومنه خراب البيوت بأفعال شاذة غريبة يقوم بها مرضى النفوس .. كل ذلك يجعلنا نسال من أي بوابة دخلنا القرن الحادي والعشرين وكيف ما زالت عقولنا مسكونة بكل هذه الأشياء التي يفترض أنها صارت من الماضي البعيد المنقرض ؟؟..
العلم يبرهن بل ويدحض كل الأكاذيب ويجعل الخرافات مجرد خيالات مريضة .. نقول ذلك رائع لأنه يفتح أمامنا بوابة التطلع إلى المستقبل بكل ثقة .. فالعلم مفتاح التطور والتقدم والوصول إلى ما نريد من تماش ٍ حقيقي مع العصر !!.. لكن كل ذلك يسقط صريعا أمام عقول تحنطت في باب الخرافة ، وصارت تجادل العلم مدعية أنه كفر .. أي أن الأشياء صارت مقلوبة تماما ،ومضحكة !!.. فالعلم متهم ، والخرافة هي القاضي والحكم ... فما الحل أمام صورة مهتزة على هذا الشكل ؟؟..
يفترض أن يأخذ الإعلام دوره بشكل كامل مبعدا كل الزائف ، كاشفا دور الخرافة في تهديم كل شيء.. وإذا كانت الأبراج ولتنجيم جزءا من الخرافة ، فليس مبررا للإعلام أن يقدم حظوظنا ومصائرنا من خلال أحاديث تخلط الحابل بالنابل ، بدعوى أن هذا الأمر يشد جمهورا اكبر.. فأي فارق بين عري الجسد على الفضائيات بدعوى جذب الجمهور ، وعري أو تعرية العقول للسبب نفسه .. إن آلية الفساد والإفساد واحدة .. لذلك كان دور الإعلام والفن خطيرا بكل المقاييس .. فهو فن وإعلام يبنيان علما لا ضحكا على الذقون.. وإذا كنا سنبقى أسرى الخرافة حتى إشعار آخر ، فقل على حاضرنا ومستقبلنا السلام ..وأي سلام !!..

[/align]


الساعة الآن 55 : 01 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية