![]() |
المرأة المسلمة بين التحرير والتغرير
بقلم عبد المنعم محمد خير إسبير
قبل أعوام، استمعتُ إلى خطبة يوم جمعة ألقاها فضيلة أحد خطباء الحرم الشريف في مكّة المكرّمة، نقل فيها ما قاله أحد أعداء الأمّة الإسلاميّة في الغرب عن حجاب المرأة المسلمة . وفحواه : لن يستقيم أمر المرأة المسلمة ، إلاّ إذا نزعت حجابها وحجبت به القرآن! ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ و بعد سنوات قليلة ، بدأت الحرب الكلاميّة وتصاعدت باطّراد ضدّ الحجاب ، مقرونة بإجراءات من بعض الحكومات الغربيّة ضدّ المتحجّبات المقيمات في الغرب ، كما توالت الإجتماعات والنّدوات الأرضيّة والفضائيّة ضدّ حجاب المرأة المسلمة ، وما تزال ، وكأنّ (تحرير المرأة من الحجاب !) أصبح من أولويّات الواجبات ، التي (يجب!) أن تسبق تحرير ما سُلب من الأرض العربيّة! تأمّلوا معي المقولة العدائيّة الغربيّة ( ثنائيّة الهدف)، التي تمّ فيها ربط القرآن بالمرأة ، والمرأة بالقرآن، في خطّةِ حربٍ معلنةٍ ضدّ الإسلام ! . فما هو وجه الخطورة فيهما معاً ( المرأة والقرآن) ليكونا هدفاً ثنائياً يسنهدفه أعداء الإسلام وأذيالهم في الغرب وفي ديار العروبة والإسلام معاً؟. كلّنا نعلمُ أيّها الإخوة والأخوات ، أنّ المرأة المسلمة حقّاً ، هي عاملٌ أساسيٌّ من عوامل التربية والإصلاح في الأسرة والمجتمع ، إن هي وظّفت معطياتها الربّانية ، واستقامت كما أمر الله في ظاهرها وباطنها معاً . وتمسي المرأة في الوقت نفسه، عاملاً قويٌّاً من عوامل الفساد والإفساد ، إنْ همْ استطاعوا أنْ يدمّروا فيها قدرات الخير والعطاء ، و يجنحوا بأنوثتها الطاهرة ، إلى ميادين الفحشاء والمنكر رويداً رويداً ، بالإسفار أوّلاً .... ثمّ بالتبرّج .... ثمّ باستغلالهم لجسدها ، بتوظيفه في ساحات الرّقص والغناء ومعارض الأزياء ، وفي السباحة والرياضة ، و في بعض الفضائيات وغيرها ،من دون رادع من أحد !! وكأنّ المثل القائل ( إذا لم تستح فاصنع ماشئت) أصبح اليوم قاعدة أخلاقية بديلة لكلّ القيم الأخلاقية التي توارثناها جيلاً بعد جيل . إنّ الإنهيارات الأخلاقيّة التي نراها في بعض شبيبة المجتمعات الإسلاميّة والعربيّة ، تستدعي منّا الإسراع في إصدار قانون رادع هو(قانون العيب ) ليطال أفراداً من المجتمع من نساء ورجال على السّواء، يمارسون الفساد والإفساد بكلّ أنواعه ، وليس فقط الفساد المالي وحده ، الذي حصروا به ( صفة الفساد ) ، من دون أشكال الفساد الأخرى التي تنخر في جسد المجتمع ، كالفساد الأخلاقي ، والفساد الجنسي ، والفساد السياسي ، وغير ذلك . إنّ مفردة ( العيب) سحبت من التداول ، فلم تعد تُطلق على من يمارس العيب بكل أشكاله من غير حياء،لأنها (بزعمهم )من قيم عصور أجدادنا الرجعيّة الهدّامة!) ، التي حلّ محلّها مفرداتٌ غربية مبتدعة بديلة ، سمّيت بـ( حريّة الرأي) و( حقوق الإنسان ) و(حقوق المرأة ) للمتاجرة بهاسياسياً ونفعياً وسلطوياً من قِبل ( الغرب) ، والتي أصبحت مقدّسة وفاعلة عند البعض الذي ينسب لنفسه صفة( التقدّمية !) بديلاً( لرجعيّة !) مَن لايزال يتمسك بقيم القرآن والسنّة النبويّة مرجعياً لنماء الأمّة وارتقائها. وكانت الغاية من ابتداع تلك المفردات المغرية في ظاهرها، والهدامة في باطنها، هي من أجل إحداث ثغرة في الحصن الإسلامي للمرأة ، بصفة خاصّة ، للجنوح بها إلى مايريده الفكر الماديّ الغربيّ الّذي أفرغ مجتمعاته من القيم الرّوحيّة ،وأقام عليها (القيم الماديّة) المستمدّة من مَهين الجسد ومن سوء غرائز النّفس فيه. كما استُغِلّت تلك الشعارات المبتدعة ، لتمكين أيّ فرد ملحدٍ فاسق من نقد ومهاجمة (ماهو ممنوعٌ) لمقدسات الفكر الإسلاميّ المقدّسٍ ورموزه ودعاته ، وكلّ ما يتّصل أمره في القرآن والسنّة النبويّة . وقد رأينا كيف بدأ الهجوم على ذلك كلّه في الغرب وبمعونة عملائه بيننا. فهم لايريدون أن يقيموا مجتمعاً روحيّاً طائعاً ساجداً لله ، بل مجتمعاً خاضعاً بمادّيته (للوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجِنة والناس ) إنّ الإنثى ــ كما الذّكر ــ تولد على الفطرة ، ويولد فيها ومعها العطاء والوفاء والتربية والبناء، لذا فمن حقّها علينا ، أن نحميها ونصونها ونحسن معاملتها ، ونعدّها إعداداً صالحاً يمكّنها من القيام بوظيفتها الإنسانيّة التي اختارها لها الله، لا إهدار قيمها الأخلاقيّة بالإساءة إليها ، والإستهانة بها وتجهيلها. فالمجنمع " أيّ مجتمع "،بحاجةٍ ماسّةٍ إلى المرأة الفاضلة ، ومن دون ذلك فلن يستقيم أمر المرأة المسلمة ، بل تنحرف وتجنح وتنقلب إلى أداة فحشاء ومُنْكَر فاعلة ومؤثرة. وهذا ما يسعى إليه أعداء الإسلام فيها، لتقويض مجتمعاتنا وعقائدنا ، ( كما هي الحال في مجتمعاتهم ) وإفراغ عقل المرأة من المبادئ الرّوحيّة ، لتكون أشد أثراً وتأثيراً في الحرب على القرآن وقيمه . وعلى هذا الأساس ، كان ربط المرأة بالقرآن في معاداتهم وحربهم للإسلام . فتحيّة واحتراماً لكل امرأة أتبعت حجابها الماديّ بحجاب روحيّ أساسيّ ورديف ، ليمنع النفس الأمّارة بالسّوء من الإتيان بما يناقض حكمة الحجاب . عبد المنعم محمد خير اسبير . |
الساعة الآن 38 : 11 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية