![]() |
غابرييل غارسيا ماركيس يتحدث عن نفسه
[align=center][table1="width:95%;background-image:url('http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit4/backgrounds/20.gif');background-color:white;border:5px double black;"][cell="filter:;"][align=center]
نقلها للعربية بتصرف خيري حمدان -2- حوار بين غابرييل ماركيس وفيكتور رودريغيس نونيوس ماركيس: عليك أن تعلم منذ الآن بأن هناك كتب قد أعجبتني ليس لأنها الأفضل، ولكن لأسبابٍ يصعب عليّ شرحها. نونيوس: أنت تذكر دائمًا "الملك أوديب" لسوفوكليس. ماركيس: نعم الملك أوديب، أماديس لغايولا و "لاساريو" لتورميس، ويوميات الطاعون لدانييل ديفو والرحلة الأولى حول الكرة الأرضية لبيغافيتا. نونيوس: وكذلك طرزان والقردة. ماركيس: نعم للأديب بوروس. نونيوس: ومن هم الكتاب الذين تعاود غالبًا قراءتهم؟ ماركيس: كونراد واكسيوبيري. نونيوس: ولماذا هما بالذات؟ ماركيس: السبب الوحيد الذي يجعل الإنسان يعود لقراءة كتاب ما هو إعجابه به. يعجبني لدى هذان الكاتبان بالتحديد، وهو الأمر المشترك بينهما: النهج الإنساني الذي يتناولان من خلاله الواقع، ما يجعله شاعريًا، حتى في الأماكن التي يجب أن يبدو فيها غليظًا وقاسيًا. نونيوس: وماذا عن تولستوي؟ ماركيس: لا أحتفظ بشيء مما كتبه تولستوي، ولكني ما زلت أعتقد بأن أفضل رواية كتبها تولستوي هي "الحرب والسلام". نونيوس: وبالرغم من كلّ ما ذكرت لم يتمكن النقاد أن يجدوا أثرًا لتأثرك بأحد هؤلاء الكتاب. ماركيس: في الواقع لم أحاول يومًا ما تقليدهم، بل أحاول دائمًا الابتعاد عن أسلوب الكتاب الذين أعجب بكتاباتهم. نونيوس: مع هذا يجد بعض النقاد في كتاباتك ظلّ فوكنر؟ ماركيس: لا بدّ أن هذا صحيحًا، في الآونة الأخيرة يصرّون على تأثري بفوكنر، حتى بت مقتنعًا بذلك. طبعًا هذا لا يسبب لي الحرج، لأن فوكنر يعدّ من كبار الكتاب الرومانسيين على مرّ العصور. ولكني أجد بأن النقاد يحدّدون تأثري به بطريقة أكاد لا أفهمها. في هذه الحالة أجد بأن أوجه الشبه مع فوكنر جغرافية أكثر مما تكون أدبية، اكتشفت ذلك في وقتٍ متأخر. بعد أن انتهيت من كتابة رواياتي الأولى، وخلال تنقلي في الولايات الجنوبية للقارة لأمريكا. أولئك المحبطون من البشر والفقراء المعفرون بالتراب الذين قابلتهم خلال تجوالي هناك، يشبهون إلى حدّ كبير الشخصيات التي رسمتها في قصصي. قد لا تكون علاقة الشبه هذه مصادفة، لأن القرية "أراكاتاكا" التي عشت فيها أثناء صغري كان قد أشرف على بناءها الشركة الأمريكية "لا وينتيد فروويت". نونيوس: قد يتساءل المرء ويقول، بأن هناك أوجه تشابه أكثر مما ذكرت، هناك خط تقارب واضح ما بين الكولونيل سارتوريوس وما بين الكولونيل في روايتك "أوروليانو بوينديا" وكذلك ما بين ماكوندو والمقاطعة يوكناباتافا". هناك نساء في نصوصك ذات أمزجة حادة، نساء متمردات، كما يتمتعن بمواصفات أجواء المصانع. حسنا، إذا كنت تحاول الهرب من تأثير فوكنر على أدبك، إذن ما هو تعليقك على قتل الأب؟ ماركيس: تأثري بفوكنر ممكن بالطبع، لهذا أخبرتك بأن مشكلتي ليست مقاربة كتاباتي بإبداع فوكنر، ولكن محاولة التخلص من تأثيره عليّ، فأنا مهووس بفوكنر. نونيوس: الأمر يبدو معكوسا عندما نتحدث عن تأثرك بفيرجينيا وولف، لا يوجد أحد يشير لتأثرك بها سواك. أين يمكن أن نجد هذا التأثير؟ ماركيس: كان من الممكن أن أكون كاتبًا مختلفًا عن الكاتب الذي أكرسه الآن، لو لم أقرأ تلك الفقرة للسيد دالوويه قبل عشرين عامًا. ((دون شك يوجد هناك "في العربة" شيءٌ ضخمٌ للغاية، كبيرٌ جدًا ويسافر بشكلٍ خفيّ؛ من خلال يديّ الغليظتين اللتان تواجدتا للمرة الأولى والأخيرة في أقرب نقطة ممكنة من قمة عظمة بريطانيا – بالقرب من رمز الدولة الأبديّ، وكان على خبراء الآثار العمل بجدّ لتحديد معالمه والكشف عن آثار الماضي السحيق، عندما كانت لندن لا تمثل سوى طريقٍ ترابيّ، عندما كان الناس يسيرون في شوارع لندن صباحًا في يوم أربعاء بعيد في تقويم الزمن. إنهم يمثلون الآن كتلاً من العظام المغلّفة بترابها الذاتيّ، وما زال من الممكن رؤية خواتم الزواج وحشوات لعدد كبير من الأسنان التي فتّها التسوّس)). تذكرت كيف قرأت تلك الفقرة وأنا أطارد الذباب، ويكاد يغمى عليّ من شدّة الحرّ في حجرة صغيرة في أحد الفنادق، آنذاك كنت ما زلت أبيع الموسوعات والكتب الطبية في غواخيرا كولومبيانا. نونيوس: لماذا تركت هذه الفقرة كلّ هذا الأثر عليك؟ ماركيس: لأنها غيرت بالكامل إحساسي بالزمن. هذه الفقرة بالذات جعلتني أتخيل في لحظة من اللحظات عملية تدمير وهدم ماكوندو وفناءها (بلدة ماكوندو وردت في رواية ماركيس 100 عام من العزلة). أتساءل أيضًا إذا ما كان هذا التنبؤ بـ "خريف البطريرك" هذه الرواية تتحدث عن لغز المشاعر المتعلقة بالسلطة، رواية تتناول الوحدة والشقاء الإنساني. نونيوس: قائمة الكتاب الذين تركوا أثرًا في إبداعك كثر على ما يبدو، من نسينا في هذه القائمة برأيك؟ ماركيس: سوفوكليس، كافكا، العصر الذهبي للشعر الإسباني والمقطوعات الموسيقية لشومان وبارتوك. نونيوس: ألا تعتقد بأنه يجب أن نضيف شيئًا من غراهام غرين وهمنغواي؟ عندما كنت شابًا كنت أراك تقبل على قراءتهما بشغف، كما لديك قصة معنونة "ما بعد ظهر الثلاثاء" وهي من أروع القصص التي كتبتها كما تقول، ويعود الفضل في كتابتها لقصة همنغواي "كناري صغير كهدية". ماركيس: لغراهام غرين وهمنغواي فضلٌ كبيرٌ على نضوجي ككاتب من الناحية التقنية. وهذه من القضايا التي اعترفت بها دائمًا. ولكن بالنسبة لي فإن تأثير كاتب يصبح ممكنًا حين يُقرأ ويؤثر في العمق، لدرجة أن يتمكن هذا الكاتب من قلب معتقدات ومفاهيم الحياة والعالم لدى القارئ رأسًا على عقب. نونيوس: دعنا نعود للتأثير العميق والخفي للشعر في كتاباتك. ربما كنت ترغب أن تصبح شاعرا حين كنت شابا؟ وأنت لم تصرح بهذا حتى الآن، بالرغم من اعترافك بأن تشكلك كشاعر بشكل عام كان مبنيًا على أسس بنيوية شعرية. ماركيس: نعم، بدأ اهتمامي بالأدب نتيجة لقراءتي للشعر، الشعر الضعيف والرديء. الشعر الفاني، القصائد التي تنشر في الدوريات وتكتب على أوراق متناثرة. خلال دراستي الثانوية للمنهج الإسباني أدركت بأن كرهي للقواعد كان مصاحبًا لشغفي بالشعر. كنت مغرمًا بالشعراء الكلاسيكيين الإسبان، نونيوس دي آرسي واسبرونسيدا. نونيوس: أين وجدت أشعارهم؟ ماركيس: في سيباكيرا، القرية الكئيبة ذاتها الواقعة على بعد ألف كيلومتر من البحر، حيث ذهب سيغوندو للبحث عن فيرناندا ديل كابريو. هناك حيث كنت أسكن بدأ تشكيلي كأديب، من ناحية كنت أقرأ شعرًا رديئًا، وفي الوقت نفسه كنت أطالع كتبًا ماركسية والتي كان يعطيني إيّاها سرًّا أستاذ التاريخ. لم يكن لديّ ما أقوم به هناك خلال أيام الأحد الطويلة والمملة، ولهذا كنت أقضي معظم وقتي في مكتبة الكلية. كما أخبرتك بدأت بقراءة الشعر الرديء وصولاً إلى ريمبو وفاليري. نونيوس: نيرودا؟ ماركيس: ونيرودا أيضًا الذي اعتبره من شعراء القرن العشرين العظام، وبكلّ اللغات الممكنة، حتى عندما يتناول مواضيع صعبة وشائكة كالسياسة والحروب، دائما كان مستوى شعره رفيع ونوعيّ. نيرودا كما قلت في العديد من المناسبات شبيه بالملك ميداس (يحول كل ما تمس يداه إلى ذهب)، يحول كلّ ما يتناوله إلى شعر. نونيوس: متى بدأ اهتمامك بالرواية؟ ماركيس: بدأ اهتمامي بالرواية في وقت متأخر، كنت آنذاك في سنتي الأولى في الجامعة وأدرس في كلية الحقوق، لا بدّ أن عمري كان آنذاك 19 عامًا عندما قرأت رواية "المسخ"، تحدثت سابقا عن رؤاي الأولى، وأذكر الفقرة "حين استيقظ غريغوريو سامبسا من نومه القلق ذات صباح، وجد نفسه قد تحول إلى حشرة عملاقة". فليذهب كل شيء إلى الجحيم، قلت في نفسي، هكذا كانت تتحدث جدتي، عندما تمكن فن الرواية من جذبي وسحري، وفي تلك اللحظة قررت قراءة أفضل ما كتب في فن الرواية على الإطلاق ومنذ الخليقة. نونيوس: كلّ شيء؟ ماركيس: كل شيء بدءًا بالكتاب المقدّس. هذا كتاب رائع وهناك أحداث مثيرة للغاية. تخليت عن كل شيء بما في ذلك دراسة الحقوق ومهنة المحاماة، وكرست نفسي بالكامل لقراءة الروايات، كنت أقرأ وأكتب ذات الوقت. نونيوس: في أيّ كتابٍ تعتقد بأنك تركت آثارك الشعرية؟ ماركيس: في رواية "خريف البطريرك". نونيوس: والتي تعتبرها أنت بنفسك قصيدة كتبت نثرًا؟ ماركيس: نعم، كتبتها وأنا أرى بأنني أكتب قصيدة في صيغة نثرية، لا أدري إذا لاحظت بأن هناك قصائد كاملة لرومن داريو؟ حتى أنه يمثل شخصية محورية في روايتي. نونيوس: ماذا تقرأ سوى الشعر والنثر؟ ماركيس: الكثير من الكتب والتي لا تختلف في جوهرها عن الأدب، لكنها أقرب في قيمتها للتوثيق، مذكرات كتاب وشخصيات شهيرة، بالرغم من عدم صحة بعضها. سير ذاتية وريبورتاجات مختلفة. نونيوس: دعنا نكتب قائمة أخرى، أذكر بأنك اعجبت كثيرًا بكتاب دومينيك "سيرة كوردوبيس" وكتاب "هل ستلبس الحداد من أجلي؟" وكتاب "لاري كولينز" وربطة العنق الفراشة. ماركيس: نعم .. كتاب مليء بالعاطفة الجياشة ولكن دون أي قيمة أدبية. لا بد من أنها كتبت من قبل كاتب متمرس، كان يهدف أن يترك انطباعا لدى الآخرين بأنه كاتب مبتدئ. نونيوس: دعنا نتحدث عن الأوساط التي أثرت عليك بعيدًا عن الأدب، جدتك على سبيل المثال؟ ماركيس: كما أخبرتك فقد كانت جدتي مؤمنة بالأساطير، وكانت تقص عليّ الكثير من حكايا ما بعد الموت. نونيوس: وجدك؟ ماركيس: حين أوفيت عامي الثامن قص علي جدي مقاطع طويلة عن المعارك التي شارك فيها، وكانت غارقة بالبطولات. ومعظم الشخصيات الرجولية في رواياتي لها علاقات مباشرة مع قصص جدي. نونيوس: أعتقد بأن جدك وجدتك تركوا أثرًا كبيرًا عليك خلال حياتك التي قضيتها على الشواطئ الكولومبية الواقعة على الكاريبي مسقط رأسك. وأعتقد بأن هذه المنطقة تتميز بالقصّ وسرد الحكايا الشفهية والمغناة، الجميع هناك يحسنون القصّ، وعلى سبيل المثال كنت أستمع لأمك دونا لويسا واصفة الجارة وقد جلست في فناء البيت لتسريح شعرها. وبالرغم من أنها ماتت منذ عشرة سنوات إلا أنها تستمر في تجولها في فناء البيت تقص وتحكي. تُرى، من أين تأتي هذه القدرة على قصّ الحكايا الغريبة والساحرة؟ ماركيس: ينحدر جدي وجدتي من منطقة غاليسيا، وأعتقد بأن لدى أهل هذا الإقليم حب وانجذاب واضح لكل ما هو غرائبي وفوق العادة، وله بالطبع علاقة بأصولهم الإفريقية. يمكن ملاحظة التأثير الكبير للنمط الإفريقي على منطقة شواطئ الكاريبي في كولومبيا حيث ولدت وكذلك في البرازيل أيضًا. لهذا يمكنني القول بأن الرحلة التي قمت بها إلى أنغولا عام 1978 تعتبر من أجمل رحلات العمر، بل أعتقد بأن هذه الرحلة قسمت حياتي لما قبل وبعد هذه الرحلة. كنت أعتقد بأنني سأجد نفسي في عالم غريب وجديد، لكنني فوجئت منذ اللحظة الأولى بإحساسي وكأنني عدت لطفولتي. نعم اكتشفت هناك هذه الطفولة بجميع عاداتها وحيثياتها والتي كنت قد نسيتها آنذاك. حتى الكوابيس التي كانت تراودني عادت لي مجددا خلال إقامتي في أنغولا. في الإقليم الذي ولدت فيه هناك الكثير من الصيغ الثقافية ذات الأصول الإفريقية، وتختلف إلى حدّ بعيد عن أصول وثقافة الهنود الحمر. على شواطئ الكاريبي امتزج الخيال غير المحدود للعبيد الأفارقة مع مثيلتها من سكان المنطقة المتواجدين قبل مجيء كولومبس إليها، وبالتحديد ثقافة الهنود الحمر. نونيوس: إذن يمكننا التعميم بأن ما ترك الأثر الأكبر علي تشكيلك كأديب هو أصولك الثقافية وانتماءاتك الجغرافية والتماهي مع الكاريبي وحضارته. هذا هو عالمك والعالم الذي نقرأه في كتبك. كيف يمكن التعرف على هذا الأثر في أعمالك؟ ماركيس: أعتقد بان الكاريبي قدم لي المقدرة على رؤية العالم بطريقة مختلفة، أن أتقبل ما هو فوق العادة والغرائبي على أنه جزء من الواقع. الكاريبي عالم مختلف للغاية، ومن الممكن ملاحظة الأثر الساحر الذي تركه الكاريبي على كريستوفر كولومبس ويبدو هذا جليا في مذكراته. نعم، عالم الكاريبي مليء بالسحر المورث من العبيد الذين استحضروا من القارة السوداء، وكذلك من قراصنة السويد وهولندا وبريطانيا، الذين كانوا قادرين على تأثيث مسرح في نيو أورليانز وملء أسنان النساء بالذهب والجواهر. الخلاصة الإنسانية وتناقضاتها المتواجدة في الكاريبي لا تتواجد في أي منطقة أخرى في العالم. أعرف جميع الجزر الموجودة في الكاريبي وأعرف المولدات ذوات اللون العسلي والعيون الخضراء والمناديل الذهبية، صينيون اختلطوا بالهنود الحمر، يغسلون ملابسهم ويبيعون التمائم ، الهندوس الخضر الخارجون من محال تجارة عظام الفيلة، يبولون في الشارع مباشرة، شعوب مغبرة تودي الزوابع بأكواخها الواهنة – من جهة أخرى ناطحات السحاب ذات الزجاج العاكس لأشعة الشمس والبحر ذو الألوان السبعة. حسنًا، حين أبدأ بحديثي عن الكاريبي لا يمكنني أن أصمت. هذا ليس الإقليم الذي علمني كيف أكتب فقط، لكنه الإقليم الوحيد الذي لا أشعر فيه بأنني أجنبيّ. * في الجزء الثالث والأخير، غابريل غارسيا ماركيس يتحدث عن ارنست همنغواي كما عرفه [/align][/cell][/table1][/align] |
رد: غابرييل غارسيا ماركيس يتحدث عن نفسه
قبل وفاته أرسل رسالة وداع إلى أصدقائه، ومنهم إلى ملايين الأصدقاء والمحبين في العالم.
يقول غارسيا ماركيز في رسالته: "لو شاء الله أن ينسى إنني دمية وأن يهبني شيئاً من حياة أخرى، فإنني سوف أستثمرها بكل قواي. ربما لن أقول كل ما أفكر به لكنني حتماً سأفكر في كل ما سأقوله. سأمنح الأشياء قيمتها، لا لما تمثله، بل لما تعنيه. سأنام قليلاً، وأحلم كثيراً، مدركاً أن كل لحظة نغلق فيها أعيننا تعني خسارة ستين ثانية من النور. سوف أسير فيما يتوقف الآخرون، وسأصحو فيما الكلّ نيام. لو شاء ربي أن يهبني حياة أخرى، فسأرتدي ملابس بسيطة واستلقي على الأرض ليس فقط عاري الجسد وإنما عاري الروح أيضاً. سأبرهن للناس كم يخطئون عندما يعتقدون أنهم لن يكونوا عشاقاً متى شاخوا، دون أن يدروا أنهم يشيخون إذا توقفوا عن العشق. للطفـل سـوف أعطي الأجنحة، لكنني سأدعه يتعلّم التحليق وحده. وللكهول سأعلّمهم أن الموت لا يأتي مع الشيخوخة بل بفعل النسيان. لقد تعلمت منكم الكثير أيها البشر... تعلمت أن الجميع يريد العيش في قمة الجبل غير مدركين أن سرّ السعادة تكمن في تسلقه. تعلّمت أن المولود الجديد حين يشد على أصبع أبيه للمرّة الأولى فذلك يعني انه أمسك بها إلى الأبد. تعلّمت أن الإنسان يحق له أن ينظر من فوق إلى الآخر فقط حين يجب أن يساعده على الوقوف. تعلمت منكم أشياء كثيرة! لكن، قلة منها ستفيدني، لأنها عندما ستوضب في حقيبتي أكون أودع الحياة. قل دائماً ما تشعر به وافعل ما تفكّر فيه. لو كنت أعرف أنها المرة الأخيرة التي أراكِ فيها نائمة لكنت ضممتك بشدة بين ذراعيّ ولتضرعت إلى الله أن يجعلني حارساً لروحك. لو كنت أعرف أنها الدقائق الأخيرة التي أراك فيها ، لقلت " أحبك" ولتجاهلت، بخجل، انك تعرفين ذلك. هناك دوماً يوم الغد، والحياة تمنحنا الفرصة لنفعل الأفضل، لكن لو أنني مخطئ وهذا هو يومي الأخير، أحب أن أقول كم أحبك، وأنني لن أنساك أبداً. لأن الغد ليس مضموناً لا للشاب ولا للمسن. ربما تكون في هذا اليوم المرة الأخيرة التي ترى فيها أولئك الذين تحبهم . فلا تنتظر أكثر، تصرف اليوم لأن الغد قد لا يأتي ولا بد أن تندم على اليوم الذي لم تجد فيه الوقت من أجل ابتسامة، أو عناق، أو قبلة، أو أنك كنت مشغولاً كي ترسل لهم أمنية أخيرة. حافظ بقربك على من تحب، أهمس في أذنهم أنك بحاجة إليهم، أحببهم واعتني بهم، وخذ ما يكفي من الوقت لتقول لهم عبارات مثل: أفهمك، سامحني، من فضلك، شكراً، وكل كلمات الحب التي تعرفها. لن يتذكرك أحد من أجل ما تضمر من أفكار، فاطلب من الربّ القوة والحكمة للتعبير عنها. وبرهن لأصدقائك ولأحبائك كم هم مهمون لديك |
رد: غابرييل غارسيا ماركيس يتحدث عن نفسه
قرأت لغابرييل غارسيا ماركيز 100عام من العزلة ولازلت أذكر ماكوندو وعائلة أورليانو سوغندو وروميديوس الجميلة و شخصيات متميزة أخرى وكذلك النهاية التي تنم عن عبقرية الكاتب.
وقرأت له ذكريات عاهراتي الحزينة ومع صغر حجم الرواية بالمقارنة مع 100عام من العزلة إلا أن روح الكاتب الكبيرة و تمكنه من رسم شخصياته بإتقان و عمق يظل واضحا. صعب ربما أن يظهر تأثر ماركيز بكونراد أو غيره من الكبار بوضوح في كتاباته حتى و إن عبر عن إعجابه بهم لكنه ولاشك صادق في ماصرح به ولاشك دخل عوالم أدباء وأناس كثيرين غيره ليمتلك تلك القدرة العجيبة على رسم معالم رواياته المتميزة. تقديري لما قدمت أستاذ خيري |
رد: غابرييل غارسيا ماركيس يتحدث عن نفسه
أخي العزيز رأفت العزي
كل ما ذكرته في منتهى الجمال ويترك بصمات من الروح الحرة لماركيس، الذي ترك بين أيدينا من أجمل ما كتب من أدب الرواية والفمر الإنساني. أشكرك لكل هذه الإضافات ومعا على طريق الإبداع مودتي |
رد: غابرييل غارسيا ماركيس يتحدث عن نفسه
الأديبة نصيرة تختوخ
عالم كونراد المعقد قدم لماركيس الكثير على ما يبدو في الوقت الذي تعلم من همنغواي تقنية سبك الرواية وتأثر بفن كتابة القصة لدى همنغواي شكرا لقراءتك وحضورك وثقافتك الرفيعة مودتي |
رد: غابرييل غارسيا ماركيس يتحدث عن نفسه
أضيف لترجمتك أ.خيري هذا النص الذي كنت ترجمته من رواية 100من العزلة:
[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:95%;border:4px double teal;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]بعد شهرين كان الزواج مهددا بالإنتهاء لأن أورليانو سوغندو في محاولة لإرضاء بيترا كوتيس وإصلاح مابينهما صورها كملكة من مدغشقر. عندما سمعت فرناندا بذلك جمعت جهازها الذي أتت به كعروس ،أعادته في حقائبها وغادرت دون توديع أحد في *ماكوندو. لحق بها أورليانو سوغندو وقد وصلت الطريق الذي بجوار المستنقع .توسل ووعد بأن يصلح أخطاءه ليعيدها إلى البيت وكان لها بعد ذلك أن لايعاشرها إلا هي. بيترا كوتيس، كانت واعية بقدراتها،لم تظهر أي علامات قلق. كانت هي من حولته من فتى لرجـل. كان فتى يملأ الخيال رأسه وتبتعد أفكاره عن الواقع كل البعد، كان يعتكف في غرفة *ملكيادوس وأخرجته هي موفرة له مكانا في هذا العالم. طبعه كان يجعله يميل إلى الوحدة واعتزال الناس لكنها أكسبته طبعا آخر. جعلته منفتحا، محبا للملذات ،منطلقا وممتلئا بالرغبة في الفرح و الاحتفال وقضاء الأوقات الممتعة و حولته في النهاية إلى ذلك الرجل الذي كانت تحلم به كفتاة. تزوج لكن هذا لم يكن ليغير شيئا فكل الفتية يتزوجون عاجلا أم آجلا؛ حتى هو لم يجرؤ على إخبارها بذلك.تصرف بطريقة طفولية مستفزا إياها ليحدث شرخا بينهما. حين لامها ذات يوم ملامة جائرة رفضت أن تستمر معه في لعبته وسمت الأشياء بأسمائها. قـالت له: 'المسألة هي أنك تريد الزواج، تريد الزواج من ملكة'. فتقمص دور الغاضب ،وهو يشعر بخجل عميق من نفسه, قال أنها جرحته وأنها لاتفهمه وأنه لن يزورها أبدا بعد ذلك اليوم لكنها لم تفقد قدرتها على التحكم في نفسها ولو للحظة. إستمعت لموسيقى العرس ولصوت المرفقعات من بيتها ولضجة الناس في الحفل وكأن كل ذلك مجرد نزوة طفولية لأورليانو سوغندو. كانت تقول للذين واسوها وأشفقوا على مصيرها :لا تقلقوا، الملكـات جوار عندي أنا' حين أحضرت لها إحدى جاراتها شموعا لتضيء صورة الحب الضائع ،قالت لها بثقة غامضة في النفس: 'الشمـعة الوحيـدة التي ستجعله يعود تشتعل باستمـرار.' وكما توقعت عاد أورليانو سوغندو بمجرد انقضاء الست أسابيع الأولى بعد عرسه. لم يحضر فقط أصدقائه معه لكنه أتى بمصور متجول أيضا وبثوب فرناندا و معطف الفرو الذي كانت ترتديه في حفل الكرنفال. في غمرة حرارة الاحتفال وحركته ألبس بيترا كوتيس الثوب الملكي توجها كملكة عرش مدغشقر ووزع صورها المطبوعة على أصدقائه. قبلت أن تشاركه لعبته تلك لكنها كانت بداخلها تشفق عليه وهي تحس أنه كان ضائعا بدونها لدرجة أنه اخترع كل ذلك الجنون للصلح معها. Nassira نص ترجمته من رواية مائة عام من العزلة للكاتب الكولمبي غابرييل غارسيا ماركيز . *ماكوندو هي مدينة في رواية مائة عام من العزلة . *ملكيادوس رجل غجري في الرواية.[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN] |
رد: غابرييل غارسيا ماركيس يتحدث عن نفسه
الأخ خيري المحترم.. لايسعني هنا الاّ أن أبدي لك مساحات شاسعة من الأعجاب على هذا المجهود الرائع.. المجهود الذي أتاح لنا فرصة الأطلاع على مثل هذه الحوارية التي تستنفز بنا روح المثابرة للرقيّ الى مثل هذه المستويات الأدبية التي تركت بصماتها واضحة على جبين الزمن.. شكرا لك بعمق .. وتقبل من قلب أخيك تحيه علاء حسين الأديب |
الساعة الآن 06 : 09 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية