![]() |
هل سبق لك أن هاتفت الموت يومًا؟
هل سبق لك أن رفعت سماعة الهاتف لتطلب صديقا مضى على رؤيته عام أو يزيد، لتفاجأ بأن الهاتف مغلق وصوت جليديّ مسجّل يعتذر لك بأن الرقم المطلوب غير مستعمل. يصيبك الفضول لأنك تعلم جيدًا بأن صديقك الكاتب لا يغير رقم هاتفه أينما تواجد في هذه المعمورة، تضع اسمه على الباحث العملاق لتعلم بأنه ببساطة .. قد مات! هل سبق لك أن شعرت بأن قلبك يثب محاولاً التحرر من جحيم صدرك، والقفص الصدريّ سجنٌ لا تقدر على فتح طاقة صغيرة فيه! يا لعبث الطبيعة يا صاحبي، يندلق الحبر من قلمك، يغرق الأوراق برجع الروح وصدى الذكريات. تاه الصوت عن آذان الخليقة، لا تعتب على رائحة الموت لأنها تأتي بعد الرحيل بلحظة، لا يشعر بها سوى المحكوم بالحياة، وحده في رواية الخلق والبعث. هل سبق لك أن شعرت بالاختناق وأن حيز الهواء لا يكفي لملء رئتيك؟ ابْحثْ عن صاحبك قبل أن تحين تلك اللحظة، من يدري .. قد يرفع سماعة الهاتف ويصيح: مرحى، أنا ما زلت على قيد الحياة، وقد يأتي صوت الأبدية مبحوحًا من العدم. اليوم قمت بإلغاء رقم هاتف صديقي الكاتب فيكتور باسكوف، والذي نشرت أعماله وترجمت إلى جميع اللغات الأوروبية ولغات أخرى باستثناء العربية طبعا، طلبت أبديته من خلال رقمه فاعتذر مني صوت جليديّ. هاجس ما حدثني بأنني تأخرت بعض الوقت، أخبرني بأن الكاتب والموسيقي والفنان والإنسان قد ترك هذه الدنيا قبل أن يبلغ الستين بعام. * فيكتور باسكوف: كاتب بلغاري معاصر، تركت أعماله ضجة كبيرة في الأوساط الأدبية ابتداءً من مرحلة دراسته الثانوية وحتى المراحل المتأخرة من حياته. من أهم الأعمال التي ألفها رواية "قصيدة لغورغ هينيخ" وهو موسيقار تشيكي عاش وحيدا وفقيرا حتى مماته في العاصمة صوفيا، وترجمت هذه الرواية إلى جميع اللغات الأوروبية، وحازت على الكثير من الجوائز الوطنية والعالمية وحوّلت إلى فيلم سينمائي شارك فيه الممثل التشيكي جوزيف كرونير تحت عنوان "أنتَ الذي في السماء". ومن أعماله الشهيرة أيضًا "تشريح قصة حب" طبعا العنوان غريب بعض الشيء لأن جميع شخصيات الرواية دون استثناء أموات. صدرت الرواية عام 2005 وترجمت للعديد من اللغات. أذكر بأنه كان مشغولا حين قابلته مؤخرا بتوقيع عقد مع جهة فرنسية لاستخدام روايته في فيلم سينمائي، تحدثت معه مطولا عن إمكانية ترجمة هذه الرواية للغة العربية. باسكوف يعزف على البيانو والأكورديون ويكتب الموسيقى ويغني الجاز والأوبرا ويتمتع بذاكرة قوية جدا وكان يكفيه بضعة ثوان فقط لقراءة صفحة كاملة. لكنه أيضًا محكومٌ مثلنا بالفناء، مضى نحو الأبدية بعد صراع مع سرطان الرئة خطف منه بريق الحياة قبل عام تقريبا في مدينة بيرن الألمانية، لكنه بقي خالدا من خلال أعماله وكتاباته ومؤلفاته الموسيقية. |
رد: هل سبق لك أن هاتفت الموت يومًا؟
الأديب الفاضل خيري حمدان المني ما كتبت هنا ... الفراق صعب والموت اصعب عندما يختطف منا أعز الناس أو عندما يختطف عباقرة يشهد لهم التاريخ ولكن الموت علينا حق وكأس سنتذوقه جميعاً رحم الله فيكتور باسكوف وهاهي أعماله خالدة سيبقى ذكراه بأعماله وأفعاله رقتُ لعبارتك هذه ابْحثْ عن صاحبك قبل أن تحين تلك اللحظة، من يدري حقاً هكذا يجب علينا أن نفعل الصداقة أغلى شيء في الوجود بارك الله بك أستاذ خيري وأطال بعمرك دمت بخير |
رد: هل سبق لك أن هاتفت الموت يومًا؟
السيدة الفاضلة ناهد شما
طبعا الحكمة التي استخلصتها صحيحة بالطبع. مضى الكاتب ولكن المشكلة التي أرقتني هو انعدام ترجمة آلف المبدعين العالميين الذين لا نعرف عنهم شيئا. هذه مأساة واقع اللغة العربية وهو واقع بائس للأسف. على أية حال نبذل جهودنا بين الوقت والاخر للحديث ولو بشكل عابر عن هؤلاء المبدعين الكبار. أشكرك على حضورك وباقة ورد جوري لحضرتك |
رد: هل سبق لك أن هاتفت الموت يومًا؟
اخي العزيز خيري حمدان
قصة مؤلمة فعلا والموت احيانا يكون أقرب شيء لنا ومع ذلك دائما نستبعده هذا الكاتب كغيره من الكتاب المشهورين ولكن كما تفضلت حضرتك فنحن لا يصلنا شيئا لماذا لا يوجد توجه نحو الترجمة ؟ لا أعرف ولكن أعرف أن الترجمة تفتح أفاقا ً جديدة وكبيرة أمامنا ولكن نحن على ما يبدو منغلقين على أنفسنا بعض الشيء .. لدينا اكتفاء ذاتي بالأدب ؟؟!! اتمنى لك السعادة والنجاح وراحة البال .. ولا تبقى تطول كتير عاأصحابك الموت لن ينتظر .. دعابة .. :nic24: |
رد: هل سبق لك أن هاتفت الموت يومًا؟
لا اعلم لماذا جال في خاطري الان ذكرى لــ صديقتي المقدونيه وللــ 1 نوفمبر من كل عام...
وللطقوس البلغاريه في عيد القديسين على كل حال.. دار في خاطري ايضا سؤال.. هل جربت ان تحتفظ في جهاز الهاتف الذي يخص الميت في اول/ثاني يوم الوفاه انا جربتها... كانت مؤلمه اكثر من ان تدق رقم هاتف وتسمع صوتا جليدي يخبرك ان الرقم المطلوب غير مستعمل .. الموت بكل تشعباته ومراسمه وتبعياته مؤلم ... مؤلم جدا يا صديقي.. الكاتب تقبل تحياتي الحاره ... كما هي حراره قلمك |
رد: هل سبق لك أن هاتفت الموت يومًا؟
يفاجئنا الموت دون سابق إنذار، يدق على أبوابنا وأبواب أصدقئنا
للأسف سيدة ميساء تبدو حركة الترجمة معدمة مقارنة لما يترجم في العالم. ولكن ما دامت لقمة العيش وكسرة الخبز هي الهم الأكبر، فلا يمكن لنا أن نلوم المواطن لعدم قراءته واقتنائه للكتب فما بالك بالترجمة أشكرك لحضورك الأنيق مودتي |
رد: هل سبق لك أن هاتفت الموت يومًا؟
الأديبة دينا الطويل
الهاتف هوية الإنسان، ويبدو الأمر غريبا حين تتصل بمتوفى. الأمر يصبح مؤلما حين يكون وجوده طاغيا ولرحيله وقع أكثر حدّة ولا نشعر بقيمة الراحل إل بعد اختفائه واختفاء صوته وحضوره وانقطاع إبداعه. أشكرك لهذا التواصل وعلى الخير نلتقي مودتي |
الساعة الآن 44 : 02 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية