منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   الشعر (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=225)
-   -   مطر وشيء من دفاتر عابرة (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=14943)

طلعت سقيرق 17 / 04 / 2010 54 : 12 PM

مطر وشيء من دفاتر عابرة
 
أحيانا يلتفّ الموتُ على خيط الريح ِ
ويضحكُ ثم يكرّ سريعا مجنونا
باللعبة ِ
يلهو في مقهى حارتنا
ويقدم للجالس فوق الكرسيّ
لفافة تبغ ٍ وينامُ ويشخرُ
مثل جميع الناس
وقد يتمنى أن تأتي امرأة بثياب
تظهر بعض مفاتنها

كان الكرسيّ على بعد ٍ مني
لم أعرفْ أنّ السيد كان الموتَ
ولم اسألْ عنه النادلَ
كنتُ أحدث ُ خمسة أشخاص
لا أعلمُ من أين أتوا
في أيّ زمان
هل قبل مجيئي للمقهى
أم بعد مجيئي ..
هم جاؤوا في كلّ الأحوال
ودار نقاش حول المطر النازف مثل الجرح
حكيت قليلا عن حبي للمطر
ورحتُ أحدث ُ خامسهمْ
عن وجع الشعر وآهات الشعراء
وقلت لرابعهم إن الجنة في الشعر
وقلت لثالثهم شيئا عن زمن البرد ِ
تصرفتُ كما كنتُ أحبّ
وغادرت المقهى
كي أبحث عن أيّ امرأة تحمل سلتها
وتسافر تحت المطر قليلا
أحضرتُ امرأة من زمن ٍ آخر كانت تعشق
وقع المطر
وترقص مثل عصافير الدوريّ

تذكرتُ البيت ودفء الغرفة في هذا الوقت
ورحتُ أسابق نفسي
كانت كل الأرصفة بقايا خطواتٍ ودخان ٍ
ستكون المدفأة الآن كندف الحلم وأحلى
وسيضحكُ أصغر ولد حين يراني مرتجفا
وسيمسك أرنبة الأنف ويفركها
فكرتُ قليلا
صار البيت ورائي
والشارع صار ورائي
والأحلام تمطتْ خلفي وانسحبتْ
لم أحمل غير كلام دون حروف ٍ
صرتُ بعيدا جدا
ودخلت الشارع مأخوذا ببقايا شيء
يغسل ثوب الوقت ِ ويضحكُ
سرتُ طويلا ثم رجعتُ
لأبحث عن بيت فيه المدفأة ووجهي

في زاوية ٍ لم يغسلها المطرُ
استوقفني أحدُ الناس ِ
وراح يحدثني عن ضرر التدخين
وينصحني أن أترك هذا الشيء السيئ
قال بفخر كنتُ أدخن أكواما
لكني قررتُ وفزت بنفسي
لم أسألْ عن شيء
كنت أهزّ الرأس كهر أحمق
ألقيتُ لفافة تبغ كانت بين أصابع كفي
كي يصمت ..يرحل
أشعلت الأخرى ما أن غادر
تابعت السير سريعا
وأخذتُ أدخن منتقما منه ومني

عند بلوغ المنعطف
تلفتّ كثيرا قبل عبور الشارع
خوفا من مطر يملأ بنطالي
إن مرتْ كالعادة إحدى السيارات
خطوتُ قليلا
فاجأني صوت مرتفع من كل الأمكنة
سمعتُ كلاما عن رجل راح قتيلا
تحت العجلاتِ ...
وكان كما كنتُ تماما
يشبهني
كل الأوصاف تساوتْ
حتى الشامة فوق الخدّ
وكانت مدفأتي تنتظر بعيدا
جدا ..

11/4/2010

طلعت سقيرق 17 / 04 / 2010 01 : 09 PM

رد: مطر وشيء من دفاتر عابرة
 
أحيانا يلتفّ الموتُ على خيط الريح ِ
ويضحكُ ثم يكرّ سريعا مجنونا

باللعبة ِ
يلهو في مقهى حارتنا
ويقدم للجالس فوق الكرسيّ
لفافة تبغ ٍ وينامُ ويشخرُ
مثل جميع الناس
وقد يتمنى أن تأتي امرأة بثياب
تظهر بعض مفاتنها

رشيد الميموني 18 / 04 / 2010 35 : 05 PM

رد: مطر وشيء من دفاتر عابرة
 
أحيانا يتوقف بنا الزمن لننتظر إلى ذاتنا و نتأمل ما يحيط بنا وكأننا بذلك نبحث عن مصيرنا التائه بين عرصات الضباب الملتف حول حياتنا الملأى بالأمنيات .. ونغفل عن كل شيء ليصير الموت الوحيد الذي ينبهنا أننا لا زلنا احياء ..
ممتع ما كتبت أخي الغالي .
دمت مبدعا متألقا .

عادل عادل 18 / 04 / 2010 49 : 10 PM

رد: مطر وشيء من دفاتر عابرة
 
أخي طلعت : الموت جبان , بخيل , قناص للفرص , ميزانه عجيب غريب ...
جبان بوجه البأس واليأس ... بخيل على من أكتفى من هذه الحياة ... قناص لكل لحظة سعادة بحياة البشر ... ميزانه خد ما شئت من الحياة في عالم القهر بلا حدود للوقت , والكفة الثانية كل لحظة سعادة وفرح محسوبة من عمرك بالثانية ...
مقالتك حملت السخرية والتهكم ومحاولة اظهار عدم الاكتراث لعبثية القدر والبشر ... ولكنها أظهرت بنفس الوقت : هذا هو أنا ... وذلك هو من هو أنا ...
مقالة مميزة بكل ما فيها ... احترامي لكم .

بغداد سايح 18 / 04 / 2010 17 : 11 PM

رد: مطر وشيء من دفاتر عابرة
 
هذا و الله هو الشعر فكأنك خرجت من مقهى الأنبياء تجوب شوارع الكلمة...لن أكتب الكثير في حضرة شاعر كبير و لك من الود و التقدير.

حسن الحاجبي 19 / 04 / 2010 39 : 01 AM

رد: مطر وشيء من دفاتر عابرة
 
والله لا كلمة توفيك بعضا من حقك أستاذي الجليل
هكذا هو الموت " صديق لدود " يجلس متربصا ويحتل الزمان والمكان .
ممتع ورائع نصك البهي سيدي
دمت بكل المحبة والتقدير

ناهد شما 19 / 04 / 2010 21 : 05 AM

رد: مطر وشيء من دفاتر عابرة
 

الأديب الفاضل طلعت
الموت حق علينا بقدر صعوبته
فهو نعمة من الخالق عز وجل
أنعمها على عباده ليخرجهم
من شقاء الدنيا الى نعيم الآخرة
ومن تعب الفناء الى راحة البقاء
الموت يتربص بنا في كل مكان
لا يعرف مكاناً ولا زمانا
بارك الله بعمرك وأطاله بصحة وعافية
سلام عليك يوم ولدت ويوم تبدع ويوم تقول شعراً
دمت بخير

لبنى ياسين 25 / 04 / 2010 33 : 01 PM

رد: مطر وشيء من دفاتر عابرة
 
أستاذ طلعت:
أستمتع كثيرا بقراءة مقطوعاتك الشعرية الرائعة..
استراحة هي بين تعب وتعب.
دمت مبدعاً.

هيام ضمره 25 / 04 / 2010 47 : 02 PM

رد: مطر وشيء من دفاتر عابرة
 
سأظل أتوقف حيث شعرك وحيث يسيل مدادك ويخلق شتى الصور
كيف تجعل القبيح متقبلاً وكيف تزين المخيف وتبري الأنياب وتقص المخالب وتتجاوز المطر
حتى الموت في عالمك يصبح طارئاً وهو نهاية ما بعدها أصوات ولا صور
نص سردي يحكي حكايا راو محلق يبدع الجريان كنهر عظيم لا يعترف بالعمر
ستظل بإبداعك للحرف متحكماً متلضعاً كمصور يخترع كل الصور


رأفت العزي 25 / 04 / 2010 40 : 11 PM

رد: مطر وشيء من دفاتر عابرة
 
سلام الله عليك
إذا كنت زعلان كثير ومفلوق فيغلب طبعي التطبع واكتب بالعامية .. وإذا كنت سعيد كثير
ومعجب كثير كمان نفس الإشي .. ومنشان ( ولاحظ كلمة " منشان " ) هيك اليوم أنا خايف !
كل الأستاذات والأساتذة اللي سبقوني كلامهم موزن وبرنجي .. فصار لي صافن يومين
ايش بدي اكتبلك تعبير عن إعجابي ..؟
فأكتشف اني مش بكتب بالعامية وانا زعلان ومبسوط .. لا .. وأنا كمان خايف والله بعلم
شو مخبى .. بس اللي بدي اخلص إلُه ( كيف بدي اكتبها هاي " إليه " بالعامية مش عارف
خايف يقرؤوها غير شكل ..! )

انه هاي مثل غيرها من الروائع يا صاحب القلب الكبير


الساعة الآن 00 : 09 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية