منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   الخاطـرة (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=30)
-   -   العمر قصير ..! (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=15054)

رأفت العزي 25 / 04 / 2010 47 : 01 AM

العمر قصير ..!
 
:
في السنة الماضية ، وبعد عودتك من غياب ،
وفي اللحظات التي ارتمت فيها مشاعري
أمام قدميك همست فيما همست ، وقلت :
" لا تتركيني دونك ،فإن العمر قصير" .
إن العمر قصير .
يسكنني الحزن وأنا أرى تساقط آخر الأوراق
دون أن نكون سويا حبيبتي . فأربعون عاما من السنوات ،
منذ أن شبكت عيناك قلبي .. لا اعرف لماذا ..؟
كنت استشرف كيف سيغدو عمرنا القادم سويا ..
كنت استشرف كيف يكون الزمن الآتي بما يحمل :
حلاوته ، مرارته ، عثراته .. كأني وقفت أمام مرآة
أيامي كلها .. فعاهدتك. وبقيت على العهد منذ ذاك الزمن .
يا ربيع أيامي ..
يا كل العمر ...
كنت أدرك أن قسوة الظروف والحياة ، ستخطفني نحو البعيد ..
نحو غابات مليئة بالظلم والوحوش ..!
كنت على يقين أن عزيمتي ستكون اقوي من عتمة الزنازين
وشياطين الظلام .. وسياط الجلادين وهمهمات الوشاة أبناء الأذى !!
لكنك يا للمفارقة .. كنت سجاني الحقيقي .. وفراقك السوط
الذي كان يفجر مشاعري .. ويؤرق منامي .. ويدفع اشتياقي إليك فيخبرني ..
عن مقدار الحب الذي يُختزن في قلبي فيتغيّر كل شيء في لحظات ..
فباب السجن يتحول إلى باب للحرية ويتغيّر وضع الصورة آلاف الدرجات ..
فأرى السجّان سجين في الجانب الآخر من الجدار ..
أفلا يكسر المُقيد السلاسل بالفكر ، بالأمل ، أولا ... ؟
فكنت أنت الحافز والفكر ، وصخرة الأمل فأنجو
وأنسى جميع آلامي .
:
لا تتركيني دونك ،فإن العمر قصير .
:
اعرف ، انك لم تغادريني إلا لما هو واجب .. إلا لما هو قسري
فهذي نقطة ضعفي وضعفك .. ولم تتخلفين مرة .. فحنانك بالقدر
الذي هو كبير ويحتويني ، يتسع ليشمل كل الأحباء من حولك
ولكن .. إلى متى سوف لا يكبر الأبناء في نظرك ... والى متى ستدركين
إني أنا ما زلت الولد الصغير ، ابكي بصمت عند الافتقاد ..!!
ألا تدركين ، أم تريدين مني التوقيع على جدران المدينة وقريتكم ..؟!
أأصرخ حتى تعلمين ؟
أأطلق رسائلي الفاضحة لتُعرّي أحاسيسي والمشاعر ..؟!
أم أبقيها طي الكتمان وانشر تلك التي لا تحكي فيض أنهاري
فكيف استرحمك إذن حتى يقصر غيابك لأن ،العمر قصير ؟!
- رجل صلب شجاع ؟ !!
وتقولين إني قاتلت من أجلك عشرات الرجال .. ؟!
بل إني أنا تحديت جميع رجال قريتكم ..
وخطفتك كما الفرسان على ظهر جواد رغما عنهم..
وما زالوا يتذكرون بالرغم من تلك السنوات الطويلة
وكأن الحدث كان بالأمس القريب .. ما زالوا يرمقوني بنظرات
تُعبر عن الخسران ، لكني لم أرى حقدا في أعينهم ولا مرة ؛
بل أنهم يتعجبون .. يتساءلون عن السر الكامن باستمرار جمالك ..
نضارتك.. والسحر الساكن في العيون ..
السعادة التي تشع في وجهك كأنك الشمس ..
تلك الحيوية التي تفتقدها بنات العشرين ...
أهل بلغت العشرين يا امرأة .. ؟!!
وأتساءل:
ألا أبدو كالأمس بين ذراعيك كالطفل الصغير؟ !
فكيف تقذفينني بالتهم الكثيرة يا امرأة .. وبالجملّة ؟
صلب .. قوى .. عاقل ، متفهم ، صبور وغيرها .. ...!!
قد أكون كذلك ... وقد أمارس " موبقاتي " هذه في أي
مكان آخر إلا في مملكتك أنت ..
فأنا لك الطائع الأمين وتتعطل معظم تلك الصفات ..
وأنا المرهون عندك حتى آخر العمر يا سيدتي ولكن ..
العمر قصير ..!
:
أتذكرين عيد ا من الأعياد كهذه الليلة .؟
أجراس الفصح .. ترانيم الكنائس ...
رائحة البخور .. وأضواء الشموع
وفرح ما بعده فرح يلف العالم ،
وتلك النظرات التي سحرتني
وقوّلتني في أعجوبة روح الله قولا ..
وأنشدّتني مع الناشدين تصوفا
فوصلت نعمته إلى عيني حيث رأتك ..!
وإلى روحي فقامت مع قيامته حقا قام ...
حقا قام/ت .
ما زلت أحب هذا العيد يا " مريم " وأفرح ..
أوليس ابن العذراء ابن بلدي أيضا .؟!
.. لكن الليلة حبيبتي ، إن الحزن
العميق اعتراني .. وصوت الترانيم التي
صدحت من بيت لحم قد أبكاني ..
وتمنيت لو انك سمعت دعاء المقدسيين
ضد الظلم ففيه دعائي .. وفيه الكثير .
فإني استحلفك بحبنا ، برحلة أيامنا التي لن تعود
لا تتركيني وحدي بعد ولا مرة ..
لا تتركيني دونك ..
فإن العمر قصير .
العمر قصير .

ميساء البشيتي 25 / 04 / 2010 03 : 01 PM

رد: العمر قصير ..!
 
اخي الكريم رافت العزي

أذهلتني بهذا الخاطرة الرائعة

أحيانا نستغرب أن يملك الرجال كل هذا المخزون العاطفي ؟؟

يبدو أنه على النساء أن يعدن النظر فلسن وحدهن من يغدقن بالعاطفة

والمشاعر الجميلة ولكن أتمنى ألا يكون قد فات الآوان

أخي رأفت خاطرة من أبدع ما يمكن ولذا سنطالبك بالمزيد

شكرا لإبداعك ودمت بألف خير وسعادة

رأفت العزي 25 / 04 / 2010 05 : 11 PM

رد: العمر قصير ..!
 
:nic108:الفرصة متاحة في كل زمن والأوان صنعة يدينا إن ارادوا وأردنا
استاذتي الأديبة الرائعة ميساء
كما نقول : " يد واحده ما تصفق " فهنا ليس هياماً وعشقاً
هنا ألفة ومحبة زرعتها السنين في قلب محب ...
ولا يمكن لشجرة صارت شجرة ، دون ان تروى وهي
نبتة صغيرة .. ودون ان تحاط بكل العناية والرعاية والعطاء .
من هناك تبدأ التضحية بدافع العشق والحب ليصل حد التفاني ...
ومن هناك يرتسم خط النهاية التي لا بد وان يثمر سعادة ورضا
وإطمئنان تجاه الإنسان الذي نحب .. وإتجاه الله مآلنا الأخير .
اشكرك منك هذا الكرم الكبير
وتقبلي مني ارق التحايا


الساعة الآن 07 : 10 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية