منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   كلمات (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=246)
-   -   وردة من زمن بعيد (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=16102)

طلعت سقيرق 05 / 07 / 2010 44 : 12 AM

وردة من زمن بعيد
 
[align=justify]
بين صفحتين في كتاب قديم كانت .. وردة جافة حمراء .. والكتاب يتحدث عن مدينة من مدن فلسطين .. أردت أن أرجع الكتاب إلى مكانه في مكتبة صاحبة البيت التي استقبلتني بحفاوة وكنت بصدد إجراء حوار أدبي معها .. بين التردد والإقدام دخلت الغرفة حاملة الصينية وعليها كأسا الشاي وعدة قطع من الحلوى التي تصرّ أن تصنعها بيدها على الطريقة الفلسطينية وتسمى " المقروطة " وهي قطع مخبوزة من العجين الذي يضم العجوة على طبقات .. وضعت كل شيء أمامنا على الطاولة ثم استوت ليقع نظرها مباشرة على الكتاب والوردة التي وقفت حائرة بين أصابعي ، قالت برجاء " انتبه أرجوك .. أعدها إلى مكانها قبل أن تتفتت أوراقها " .. أعدتها بين صفحتي الكتاب وأغلقته واضعا إياه في المكتبة وقلت بعد أن جلست :" هاتي إذن لنبدأ من هنا ؟؟".. ضحكت وقالت بشيء من الاستغراب :" نبدأ من أين ؟؟.. " قلت :" تسألين سؤال العارف ، من وردتك الحمراء يا سيدتي ، هل هي من الحبيب؟؟.. ".. هزت رأسها هزات متتابعة وقالت :" آه الحبيب .. مرة سألتني لماذا لم تتزوجي وأجبتك نصيب هل تذكر ؟؟" .. قلت :" طبعا وبصراحة ندمت بعد طرح هذا السؤال غير اللائق " .. قالت " لا.. الأمر عادي جدا .. لكنك بفتح الكتاب ورؤية الوردة الحمراء رأيت الجواب " قلت " بصراحة لم أفهم .. " .. " لا بل أنت تفهم ..هي وردة من الحبيب الذي كان هناك في فلسطين قبل لجوئنا .. هذا الحبيب الذي لم أستطع أن أمنح قلبي لسواه .. اشرب الشاي "..
تناولت كوب الشاي ورشفت رشفة ، وقضمت قطعة من " المقروطة " قلت " الله يعطيك العافية طيبة " قالت " كل شيء من فلسطين طيب .. فلسطين لا تعرف أن تنتج غير الطيب ".. قلت " معك حق .. وماذا جرى لحبيب القلب هذا .. ألم يبادلك الحب " قالت :" يا ولد لا تسخر .. طبعا بادلني الحب وما زال يحبني " قلت ضاحكا :" حب أفلاطوني ؟؟.. يحبك وما زال يحبك .. ولماذا لم تتزوجا كي يذهب هذا الحب ".. قالت " قلت لك لا تسخر يا ولد.. ولماذا يذهب الحب حين نتزوج ؟؟" قلت " على جري العادة الزواج مقبرة الحب !!".. قالت :" هذا كلام غير منطقي " قلت :" المهم يا سيدتي لماذا لم تتزوجي صاحب الوردة الحمراء ؟؟.. هل أعطاك وردته وشمع الخيط ؟؟".. قالت وفي عينيها دموع :" لا ..أعطاني الوردة واستشهد .. أعطاني الوردة وأعطى الوطن عمره .. أعطاني الوردة واغتسل بضوء الشمس لتكون الوردة حمراء " أخذت دموعها تجري على خديها وكأن الأمر حدث البارحة .. ارتبكت ..تهتُ تماما .. قلت وفي الحلق غصة :" آسف يا سيدتي ..فعلا آسف .. مثل هذا الحب لا مثيل له .. وردتك هذه تحمل المعاني كلها .. تحمل الحب كله ..".. صمتت .. نظرت إليّ .. أخذت منديلا ورقيا ومسحت دموعها .. رشفت رشفة من كوبها .. قالت " برد الشاي .. لكن هناك أشياء لا يمكن أن تبرد .. مهما مضى من الزمن تبقى حارة ساخنة طازجة .. أحبني وأحببته بشكل لا يصدق ..قبل خروجنا بأيام أخبرني انه ذاهب ليدافع مع البقية عن المدينة ..كنت خائفة ..قلت لا تذهب ..قال ومن سيدافع عن البلد عنك عن الأهل عن كل شيء في فلسطين؟؟.. قلت ..اذهب ..أعطاني الوردة وذهب .. كانت الوردة بلون أبيض وعندما استشهد رأيتها بين أصابعي تلبس طرحتها الحمراء وتبكي دما .. قد لا تصدق .. لكن أقسم لك كانت بيضاء وصارت حمراء يوم استشهاده .. هي وردة الحبيب الذي لن أحب سواه ..".. قلت وأنا أمسح دموعي وأداري اضطراب صوتي :" المقروطة طيبة .. ووردتك تساوي العالم كله شكرا سيدتي لأنك أروع الحبيبات"..
[/align]

ياسين عرعار 05 / 07 / 2010 53 : 12 AM

رد: وردة من زمن بعيد
 
نهاية رائعة جدا

---------
وفقك الله

رأفت العزي 05 / 07 / 2010 00 : 02 AM

رد: وردة من زمن بعيد
 
هي خالتي وزوجة عمي ، كان عمرها 18 عاما بالتمام والكمال ساعة إستشهاد زوجها الذي لم تستطع
رؤية جثمانه ... لقد كان آخر المدافعين عن حيفا وهي تسقط بيد الأعداء ... كبُر جميع من حول خالتي
في سنوات اللجوء إلا هي بل إنها كانت تزداد جمالا يوما بعد يوم .. وفي كل شهر كانت تتلقى عروض الزواج
وترفض .. جدتي تحاول إقناعها وتستعين بوالدتي .. أخوالي يضغطون عليها مع جدي دون فائدة ..
لقد قرر جدي إكراهها على الزواج فحاولت الإنتحار .. وفي ذات يوم خفت وأنا أنظر اليها وهي تقص شعرها
وهي تبكي وتنوح وقالت لأخوالي : إني ساوافق على الزواج ولكن يجب أن تسمعوا شرطي " فأستبشر الجميع خيرا
واجتمعوا ليستمعوا إلى شرطها البسيط قالت : إذهبوا إلى قبر محمود واحضروا لي منه تصريحا لي بالزواج ؛
وليكن واضحا .. إن هذا آخر كلام عندي في هذا الموضوع .

وأقسم انها أشهر بنات عائلتها في صنع " المقروطة " .. ماتت في عزّ صباها ويدها قابضة على مسبحة عمي
كم هي كثيرة تلك القصص التي تُدمي العين وتجرح القلب ماتت في صدور أصحابها عندما رحلوا وبقيت من الأسرار
الغالي الحبيب الأديب الكبير طلعت سقيرق
أججت في صدري حمى الذكريات التي نعاني بسببها أكثر من أي شيء آخر
لك تحياتي واحترامي ومحبتي

عادل سلطاني 05 / 07 / 2010 11 : 09 PM

رد: وردة من زمن بعيد
 
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أخي طلعت ما أروع وما أعذب وما أحزن هذا النص الذي طالعتنا به
ما أخلد هذا الحب وما أوفى هذه الحبيبة ومأاعطر وردة الحب تلك تلمس العمق دوما صانعا الحدث
تحياتي

طلعت سقيرق 05 / 07 / 2010 49 : 09 PM

رد: وردة من زمن بعيد
 
[align=justify]
الغالي .أ.يسين عرعار
تحياتي أيها الحبيب
شكرا لمرورك العطر
دفء القلب والحرف
اسلم
طلعت
[/align]

طلعت سقيرق 05 / 07 / 2010 52 : 09 PM

رد: وردة من زمن بعيد
 
الغالي .أ. رأفت العزي
تحياتي أيها الحبيب
ها أنت تغزل قصتك وتفرد حروف وجدك بإتقان
جئت أقرأ ملاحظتك فقرأت قصة ممتعة دافئة حنونة
التقينا إذن يا صديقي في سطر واحد
لك شكري الكبير
اسلم
طلعت

طلعت سقيرق 05 / 07 / 2010 57 : 09 PM

رد: وردة من زمن بعيد
 
الغالي أ. عادل سلطاني
تحياتي ايها الحبيب
شكرا فمرورك غنيّ العطاء ثر دائما
جميل أن تداخل النص بعمق دائما
جميل أن تضيف للمشهدية مشهدية جديدة
لك الشكر
سلمت
طلعت

بوران شما 05 / 07 / 2010 03 : 11 PM

رد: وردة من زمن بعيد
 
الأخ العزيز الأستاذ طلعت سقيرق
قصتك رائعة ودافئة جداً أثارت في نفسي الحزن وذكرى الكثير من نسائنا
الفلسطينيات اللواتي قضيّن عمرهن على ذكرى أزواجهن الذين قضوا في
سبيل فلسطين الحبيبة .
الكثيرات حملن في دفاترهن الورود الحمراء, وفي صدورهن ذكرى الزوج
والحبيب والوطن السليب .
فعلاً كلُ مافي فلسطين ومن فلسطين طيب ولذيذ , المقروطة ماألذها , وهي
الحلوى التي مازلنا نصنعها حتى اليوم في عيدي الفطر والأضحى .
دمت ودام قلمك أستاذ طلعت , مودتي وتقديري .

رشيد الميموني 06 / 07 / 2010 11 : 01 AM

رد: وردة من زمن بعيد
 
هذا نص من النصوص التي وجدت نفسي أتسلل بين سطورها لأتفاعل مع كل كلمة فيها .. مع كل بوح .
أصدقك القول يا صديقي أنني نادرا ما أجد هذا الصدق في التعبير عن الحب .. وكانت هذه الوردة البيضاء /الحمراء قمة في التعبير عن هذا الحب ..
وحين يكون الحب قمة في النبل مضمخا بشذا الوطن ، فإنه يكون قمة في التوهج .
دام لك الإبداع ..
ودامت لك محبتي .

عزة عامر 22 / 12 / 2018 08 : 10 PM

رد: وردة من زمن بعيد
 
للحياة مع الموتى دفء أخر ، أمان أخر ، صدق أخر ، وسكينة أخرى .
في هذا الركن القريب من قلبي وعلى الأخص .. أجدني بخير طيبة النفس مطمئنة ، أشعر بخشوع ، لكأنني أفترش محرابي ويمتد حديثي ويطول صمتي .
تحيتي للغائبين الحضور .


الساعة الآن 54 : 11 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية