![]() |
من مذكرات عاطل عن الحلم
من مذكرات عاطل عن الحلم إلى الذين سموهم ( حراقة* ) و ما علموا أنهم في بلادهم يحترقون هذا المساءْ .. أنا مرهق جدا و سجائري الخمسون لا تكفي لنظْمِ قصيديَ المنثور بين ضلوعي فحبيبتي الأولى/الأخيرة أصبحت أماً لها ولد تعانقه البراءة و النقاء به يهيمْ أبصرتُه هذا الصباحْ يجري بجانبها و يقفز في انشراحْ كفراشة جذلى يشاكسها النسيمْ و رأيتها ترنو إليه بمقلةٍ حَوَتِ الربيعَ و أزهرتْ فيها الزنابقُ والأقاحْ به تُبَدِّدُ ما ترسب من بقايا الحزن في قلب تعلل و استراحْ و أنا المدجَّجُ بالمواجعِ و الجراحْ مازلتُ أرشف ما تعتق من دموعي هذا المساءْ .. أنا مرهق جدا و قهوتي السوداء لا تكفي لتبييض اسْوِدَادِ السُّحْبِ في أفق الفؤادْ مازلتُ ألتهمُ الجرائد عند زاوية بمقهى الشارع الخلفيِّ ينضح بالقذارة و الشيوخ العاطلينَ و فتيةٍ سئموا الحديث عن الرياضةِ أو مغازلة الصبايا العائدات من المدارسْ قد صار جلُّ حديثهمْ أن يحجزوا في قارب للموتِ ينقلهمْ للضفة الأخرى من الحلم المعلق تحت صلبان الكنائسْ أفتشُ بين أعمدة الوظائف عن شعاع من أملْ يُثني الفؤاد عن التفكر في الرحيل عن البلادْ عبثا أفتش في الرمادِ عن الرمادْ و أتوهُ بين نحيب أنصاف القلوبِ و بين طلاب النهايات السعيدة كملاحم الإغريقِ أو قصص الغرام أو حكايا شهرزادَ تهدهد الملك الهمامْ و أقلب الصفْحات أَنَّتْ تحت صرْخات العوانسْ عبثاً أضيء فتائل الأمل المُدَنَّس بالوعودِ الكاذباتِ و بالكلامْ بعضي يحاول أن يصدقها و ريح اليأس تعبث في شموعي هذا المساءْ .. أنا مرهق جدا و لم أعدْ أقوى على تخدير قلبي بالأماني و ابتكار النهايات السعيدة ما عاد في القلب الجريح مساحة للحب أو للحلم و صبيةٌ سمراءُ عند محطة الباصاتِ لم أجرؤ على ردِّ ابتسامتها التي تَشِي ببعض الدفء و الشوق الخبيء بعوالم العشق الطفولي البريء بحضن فارسها المسافر في السحاب جذلاً عَلَى فَرسٍ مُجنحةٍ يجيءْ و أنا المحاصَرُ بالمدامع و المواجع و الدروب التائهاتْ ما عاد بين جوانحي شيء يضيءْ إلا صدى حلمٍ تدلَّى بين عكازين من ألمٍ و من أملٍ به صدري ينوءْ شيء تحطم داخلي .. لا فجرَ خلف ستار هذا الليل يؤذن بالطلوعِ هذا المساءْ .. أنا مرهق جدا و لا كفٌ تلملم ما تناثر من دموعي عيني تحلق في الجريدة تحدث عن ملايين المساكنِ عن ملايين الوظائفِ عن مشاريع الزعيم الفذ و البطل المتوَّج بالمهابة و الفخارْ عن جنة من تحتها تجري البحارْ عنْ .. و تعيدني من حلْم رابعة النهارْ كفٌ لأرملةٍ تطوف موائد المقهى لتجمع ما يرد طوى الصغارْ أطوي الجريدةَ أدلف خارج المقهى و أزمع أن أجرب مثلهم درب الفرارْ ..لا تدع لي يا أم يوما بالرجوعِ (* الحراقة في اللهجة الجزائرية هم من يركبون قوارب الصيد للهجرة السرية إلى جنوب اوروبا) |
رد: من مذكرات عاطل عن الحلم
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
جميلة رائعتك هذه " مذكرات عاطل عن الحلم " يابن وطني أيها الشاعر الفاضل "رياض بوحجيلة" ما أعذب هذا الإندياح المسافر من عمقك النقي أيها المحترق الصادق لتحضنه أعماقنا دون تأشيرة شعورية فما ينبع من ذات كذاتك لا أملك إلا أن أحسه وأحضنه أيها الكريم فاللغة الشعرية لفلذتك المبدعة تحملني إلى واقع مر يعكس بعدك الإنساني وقيمه الوجودية المعانقة للإنسان في المطلق وهكذا يكون الإبداع منطلقا من الذات ليصور الواقع بدهشة وصعق وذهول يعيشها المتلقي لحظة الإحتكاك بالعمل الإبداعي وأظن أن فلذتك هذه صنعت الدهشة والذهول الصاعق لما تحمله من قيم خالدة كونية من خلال التصوير الشعري الذي يرصد المشهدية في أدق تفاصيلها في الفضاء المكان والفضاء الزمان إضافة إلى الزخم الصوري المكثف المبدع المتداخل في اندياحه العذب الحالم المشرق في قرننا الواحد والعشرين وإرهاقاته المتتالية المزمنة ومعوقاته التي سحقت إنسانية الإنسان هنيئا لنا بشاعر مبدع يعيد للإنسان زمن الحلم الرومانسي العذب المفقود في إرهاقات راهننا المعيقة المكبلة الساحقة دمت أيها العذب نهرا شعوريا منداحا في جفافي الأبدي تقبل تحيات أخيك وأرجو أني لم أثقل عليك بهمي |
رد: من مذكرات عاطل عن الحلم
امواج من الابداع انسكبت على شواطئ روحي....
وما زال ذلك الحبر الليلكي يذرف الاحرف هتانا لاعتاب المساء كانت صفحاتك شراعات بيضاء .. لسفن الركاب المتموجه. |
رد: من مذكرات عاطل عن الحلم
الشاعر الجميل عادل سلطاني
ما أسعدني بطلتك البهية هنا رد يدل على ذائقة راقية و نفس عذبة حساسة سعيد لأن كلماتي لامست روحك الجميلة تحية تليق ببهاء حضورك |
رد: من مذكرات عاطل عن الحلم
الأستاذة دينا الطويل
شكرا لهذا الألق الذي نثرته هنا أطيب التحايا |
رد: من مذكرات عاطل عن الحلم
[frame="15 98"]
الرائع ... رياض بوحجيلة جميل أن يكون الشاعر نبضا ينزف ألما و حسرة و جميل أن يكون الأمل ثم الأمل ثم الأمل المرتقب أثق بك شاعرا يحسن التعبير و التصوير و ترويض الكلمات دمت شاعرا ودام نزيفك الجميل أنا متأكد أنك ستكبر و تبقى كلمتك ( في زاوية مقهى ) أجمل قصيدة و أروع ذكرى لأنها سبب شاعريتك فالوطن يا صديقي ما زال بخير بوجودك و شاعريتك . --------- تقبل تحيتي دمت بخير :nic110::nic92: [/frame] |
الساعة الآن 13 : 12 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية