منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   ملف القصة / خيري حمدان (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=281)
-   -   أليست هذه الجميلة زوجتي القبيحة؟ (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=16298)

خيري حمدان 20 / 07 / 2010 44 : 07 AM

أليست هذه الجميلة زوجتي القبيحة؟
 
[align=center][table1="width:95%;background-image:url('http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit4/backgrounds/23.gif');background-color:white;border:5px double black;"][cell="filter:;"][align=center]
اسمها رباب، سمراء شعرها كثّ أجعد، قامتها متوسطة وملامحها باختصار لم تكن تعني شيئًا لسليمان. تزوجها صغيرة ابنة السابعة عشرة من العمر، وكان لا يهتمّ بها وغالبًا ما كان يشدّها من شعرها بل ويبصق في وجهها إذا لم تنفّذ أوامره على عجل. وكان حين يشتدّ به الغضب يصيح بها قائلاً:
- انظري إلى المرآة يا أقبح النساء! وكانت هي تغضّ الطرف وتذهب دامعة إلى المطبخ. لم يكن يحزنها الإهانة بوسمها بالقبح بالقدر الذي كان يؤلمها بتسميتها امرأة وهي التي ما تزال راغبة باللعب مع الدمى ومشاهدة المسلسلات العاطفية مساءً أسوة بصديقاتها بدلاً من قضاء ساعات طويلة في المطبخ!

مضى على زواجه منها سنتان ولم تحمل منه بعد. غضب ووصفها بالعقر عوضًا عن قبحها وقال لها بأنه سيتزوج ثانية من أخرى لتهبه ولدًا يرثه ويحمل اسمه. قالت له بعد تردّد:
- طلّقني يا سليمان.
صفعها على وجهها وقال بخيلاء:
- لك ذلك يا أقبح النساء، ولن تحصلي على مؤخر الصداق أو أيّة حقوق أخرى لأنك أنتِ من رغبتِ بالطلاق. وافقت على عرضه وكان قلبها يتطاير من الفرح.

* * *

تزوج سليمان من أخرى باستشارة والدته على أمل أن يجد السعادة في حضن امرأة أخرى. كان اسمها سعاد لكنها لم تجلب له السعادة لبيته، فقد كانت من النوع المتمرّس الشرس وكانت لا تترك له المجال أن يشتمها وسرعان ما أخذ الجيران يرونه وهو يرمي بالقمامة خارج المنزل، ويعود محملا باحتياجات البيت عدّة مرّات في اليوم.
صاح سليمان في وجهها يومًا:
- يا سعاد .. أريد ولدًا يا امرأتي العزيزة.
نظرت إليه سعاد باسمة وقالت بغنج ودلال:
- وأنا أريد ولدًا يا سليمان. دعنا نجري الفحوص الطبية لنرى السبب في تأخّر حملي، متى سترافقني إلى الطبيب؟
- ولماذا يتوجب عليّ مرافقتك للطبيب يا سعاد .. أنا .. أنا رجل.
- بل وسيد الرجال .. ولكن لا بأس في أن يعايننا طبيب مختصّ.
عضّ على شفتيه وتذكر طيف رباب تلك الفتاة التي طالما شتمها وتحملت سوء معاملته. تُرى .. أليس من الممكن أن يكون هو العقيم! عندها يكون مشروع طلاقه عبثيًا، لماذا أهانها وهي المطيعة الهادئة. تذكّر أيضًا بأنها كانت فتاة في مقتبل العمر، وكانت في أمّس الحاجة للحبّ والعطف والعطاء، وكان بإمكانه هو سليمان أن يقدّم لها كلّ هذا مرّة واحدة.

* * *

ذهب مع زوجته سعاد إلى استراحة ليست بعيدة عن المختبر الذي أجريا فيه الفحوص الطبية للوقوف على سبب العقم وتحديد أي من الطرفين يعاني من عجز في ذلك. كان خجلاً في تلك اللحظة وواقعيًا للغاية، وكان هذا الواقع مقرفا ومؤلما ومليئا بأسئلة لا يرغب حتى بالتفكير فيها. شعر في تلك اللحظة بأنّ حياته تسير إلى الخلف نحو بداياتٍ غير مألوفة، تبخّرت لديه أيّة رغبة بالأطفال، بل كان يسعى للتحرّر النفسي والجسدي من هذه الدوّامة وهذا الإدمان الاجتماعي على محاكاة الآخرين والسير في مواكبة القطيع الزاحف نحو طوابير العائلات التقليدية الطيّبة حيث صراخ الأطفال وحمّى الحصبة والعدد الكبير من حافظات الأطفال والحليب المغلي والثدي المدلوق بكسل في فيه الرضيع، والأوامر النسائية بإحضار حليب العصافير لحامل تتوحّم في شهرها السادس أو السابع.

في تلك اللحظة ظهرت امرأة تضع فوق رأسها منديلاً أزرق بلون الحياة والبحر والسماء، شعرها مصفوف كأدراج الجنّة يتماوج فوق كتفيها الصغيرتين، عيناها مغطّاة بمساحة من الكحل المرسوم بعناية إلهية فائقة، وكأنها لم تتجشّم عبئًا سوى المرور بالقلم السود فوق ما خطّه الخالق يومًا ما قبل عقدين من الزمان ربّما. وكانت ترتدي قميصًا أبيضً أظهر بحشمة صدرًا مكوّرًا يتحدّى حفيظة النهار وخفر الزمان التائه في ليل الشرق. وكانت هناك ابتسامة رضا مستقّرة فوق وجهها الهادئ المشعّ بأنوثة يصعب أن تتكرّر في صخب الشرق وعبثه وتسارع الحياة في كنهه. وإلى جانبها كان يسير رجلٌ يكبرها بعقدٍ من الزمان وربّما أكثر من ذلك، لكنّه كان ممسكًا بطرف يدها ويهمس في أذنها كلماتٍ مليئة بالحبّ والهوى، أدرك سليمان في تلك اللحظة بأن هدوءها وابتسامتها هي جزءٌ من شخصية هذا الرجل الطاغية ومحبّته الجارفة. عندها حسده على هذا الكنز الذي يصعب العثور عليه بسهولة في مستنقع الشرق. أطال النظر إليها طويلاً قبل أن يضع يده على قلبه الذي أخذ يخفق بشدّة، لم يدرِ كيف يداري طفق الدموع من عينيه وهرب من المكان مبتعدًا وهو يهمس كالمصعوق رباب .. رباب! [/align][/cell][/table1][/align]

رشيد الميموني 24 / 07 / 2010 26 : 12 PM

رد: أليست هذه الجميلة زوجتي القبيحة؟
 
الغالي خيري ..
سرد ممتع ألم بكل تفاصيل القصة و أعطانا نظرة ضافية على ما يمكن أن تصل إليه بعض العقليات ..
كم تكون السعادة أقرب إلينا من حبل الوريد لكننا ننشغل عنها أو لا نعيرها اهتماما وفي الأخير نندم حيث لا ينفع الندم ..
دمت مبدعا ..
ودامت لك مودتي .

ميساء البشيتي 02 / 08 / 2010 00 : 02 PM

رد: أليست هذه الجميلة زوجتي القبيحة؟
 
الأديب العزيز خيري حمدان

هذه آخرة الغطرسة والتسلط المبني على الجهل والعقلية المتحجرة

الرجل لا يرى إلا نفسه ورغباته ونزواته إن شئت

ولكن سبحان الله يعشق المرأة المتسلطة التي تعامله بإذلال

لماذا يهوى الرجل المرأة التي تذله وتهينه ؟؟

قصة جميلة جدا استاي خيري كما عودتنا

شكرا لك ودمت بألف خير وسعادة

خيري حمدان 08 / 08 / 2010 17 : 12 PM

رد: أليست هذه الجميلة زوجتي القبيحة؟
 
أخي العزيز الأديب رشيد الميموني
لا يعرف المرء قيمة ما يملك إلا بعد أن يفقده.
وهكذا خسر صاحبنا سيدة بيته ولم يعرف قيمتها إلا بعد أن شاهدها وردة في حديقة أخرى.
شكرا لحضورك وإضافتك القيمة وعلى الخير نلتقي
مودتي

خيري حمدان 08 / 08 / 2010 21 : 12 PM

رد: أليست هذه الجميلة زوجتي القبيحة؟
 
الأديبة العزيزة ميساء البشيتي
ربما تجيبين أنت على هذا السؤال.
لماذا يرغب بعض الرجال أن تكون نساءهم الآمر الناهي ويخضعون لتسلطهن بسهولة بينما تبقى المرأة المطيعة على الرفّ إن جاز التعبير.
على أيّة حال النفس البشرية معقدة، وربما يكون الرجل القاسي ضعيفا في واقع الحال دون أن يدرك ذلك. ومظاهر القوة هي تعبير عن الضعف ومشاعر مكبوتة تبحث عن فوّهة تنفجر من خلالها.
شكرا لحضورك وكل عام وأنت بألف خير بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم الذي بات على الأبواب.
مودتيِ


الساعة الآن 28 : 01 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية