![]() |
أقوال أهل العلم في الطيرة التشاؤم
[frame="7 90"] ( الطيرة [ التشاؤم ] ) * تعريفها : الطيرة بكسر الطاء وفتح الياء لغة : التشاؤم بالشيء ، ومصدره : تطير ، وأصله فيما يقال : التطير بالسوانح والبوارح من الطير والظباء وغيرها ، فإن العرب تتبرك بالطير أو الحيوان وتزجره فإن أخذ ذات اليمين سمي سانحا ، وإن اتجه ذات الشمال سمي بارحا ، وما أقبل سمي ناصحا ، وإن جاء من القفا ( الخلف ) سمي معيدا فكان بعضهم يتشاءمون بالبارح ويتبركون بالسانح ، وبعضهم بالعكس 0 قال ابن منظور : ( وقوله عز وجل في قصة ثمود وتشاؤمهم بنبيهم المبعوث إليهم صالح - عليه السلام - ( قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ ) ( سورة النمل – الآية 47 ) معناه ما أصابكم من خير وشر فمن الله ، وقيل معنى ولهم ( اطيرنا ) تشاءمنا ، وهو في الأصل تطيرنا ، فأجابهم الله تعالى فقال : طائركم معكم ، أي شؤمكم معكم ، وهو كفرهم ، وقيل للشؤم طائر وطير وطيرة لأن العرب كان من شأنها عيافة الطير وزجرها ، والتطير ببارحها ونعيق غرابها وأخذها ذات اليسار إذا أثاروها ، فسموا الشؤم طيرا وطائرا وطيرة لتشاؤمهم بها ) ( لسان العرب - 4 / 512 ) 0 * قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين : ( قوله " ولا يتطيرون " أي يتشاءمون لا بمرئي ولا بمسموع ولا بمشموم ولا بمجذوم 0 وقد كان العرب في الجاهلية يتطيرون فإذا طار الطير وذهب نحو اليسار تشاءموا وإذا رجع تشاءموا وإذا تقدم نحو الأمام صار لهم نظر آخر وكذلك نحو اليمين وهكذا 0 والطيرة محرمة لا يجوز لأحد أن يتطير لا بطيور ولا بأيام ولا بشهور ولا بغيرها 0 وتطير العرب فيما سبق بشهر شوال إذا تزوج الإنسان فيه ويقولون إن الإنسان إذا تزوج في شهر شوال لم يوفق 0فكانت عائشة - رضي الله عنها - تقول : سبحان الله إن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها في شوال ودخل بها في شوال وكانت أحب نسائه إليه ! كيف يقال أن الذي يتزوج في شوال لا يوفق ؟! وكانوا يتشاءمون بيوم الأربعاء ! يوم الأربعاء يوم كأيام الأسبوع ليس فيه تشاؤم 0 وكان بعضهم يتشاءم بالوجوه إذا رأى وجها لا يعجبه حتى أن بعضهم إذا فتح دكانه وكان أول من يأتيه رجل أعور أو أعمى غلق دكانه وقال اليوم لا رزق فيه 0 والتشاؤم كما أنه شرك أصغر فهو حسرة على الإنسان فيتألم من كل شيء يراه لكن لو اعتمد على الله وترك هذه الخرافات لسلم ولصار عيشه صافيا سعيدا ) ( شرح رياض الصالحين – 2 / 510 ، 511 ) 0 * يقول الدكتور إبراهيم البريكان – حفظه الله - : ( فلما جاء الإسلام أبطل ذلك ونهى عنه - يعني الطيرة - ، وبين لهم أنه لا تأثير لذلك في جلب المنافع ودفع الضرر ، وبذا يعلم أن الحد الجامع للطيرة هو التشاؤم الذي يرد عن المطلوب بالطيور والحيوانات والألوان والأشخاص والأشهر والأيام ونحو ذلك ، على وجه يرد عن المطلوب أو يدفع له 0 والطيرة محرمة شرعا ، وهي من الشرك الأصغر المنافي لكمال التوحيد إن كانت بالأقوال أو الأفعال ، أو اعتقد بالمقارنة بينها وبين ما يتوقعه من نافع أو ضار 0 وأما إن اعتقد أن هذه الأشياء سبب مؤثر في جلب النفع أو دفع الضر ، فهي شرك أكبر مناف للتوحيد ) ( المدخل لدراسة العقيدة الإسلامية - ص 149 ) 0 * كيفية التوفيق بين حديث ( الشؤم في ثلاثة 000 ) وبين حديث ( لا طيرة 000 ) : قد مر معنا آنفا بعض الأحاديث التي تبين خطورة الطيرة أو التشاؤم ، مع ورود بعض الأحاديث الصحيحة التي تنص على أن الشؤم في ثلاث 000 الحديث ، ولكي نقف على حقيقة هذا الأمر والتوفيق بين تلك الأحاديث كان لا بد لنا من وقفة تأمل وإلقاء الضوء على أقوال أهل العلم بخصوص هذه المسألة المهمة : * سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن شخص سكن في دار فأصابته الأمراض وكثير من المصائب مما جعله يتشاءم هو وأهله من هذه الدار فهل يجوز له تركها لهذا السبب ؟ فأجاب – حفظه الله – بقوله : ربما يكون بعض المنازل أو بعض المركوبات أو بعض الزوجات مشئوما يجعل الله بحكمته مع مصاحبته إما ضررا أو فوات منفعة أو نحو ذلك ، وعلى هذا فلا بأس ببيع هذا البيت والانتقال إلى بيت غيره ، ولعل الله أن يجعل الخير فيما ينتقل إليه ، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " الشؤم في ثلاث : الدار ، والمرأة والفرس " ( متفق عليه ) ، فبعض المركوبات يكون فيها شؤم ، وبعض الزوجات يكون فيهن شؤم ، وبعض البيوت يكون فيها شؤم فإذا رأى الإنسان ذلك فليعلم أنه بتقدير الله – عز وجل – وأن الله سبحانه وتعالى بحكمته قدر ذلك لينتقل الإنسان إلى محل آخر 0 والله أعلم ) ( فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين - 1 / 70 ، 71 ) 0 * قال المناوي - رحمه الله - في شرح الحديث : ( " إنما الشؤم " بضم المعجمة وسكون الهمزة وقد تسهل ضد اليمن إنما هو كائن " في ثلاثة " وفي رواية في أربع فزاد السيف " في الفرس " إذا لم يغز عليه أو كان شموسا أو جموحا ومثله البغل والحمار كما شمله قوله في رواية الدابة " والمرأة " إذا كانت غير ولود أو سليطة " والدار " ذات الجار السوء أو الضيقة أو البعيدة عن المسجد وقد يكون الشؤم في غيرها أيضا فالحصر فيها كما قال ابن العربي بالنسبة للسعادة لا للخلقة كذا حمله بعضهم وأجراه جمع منهم ابن قتيبة على ظاهره فقالوا النظير بهذه الثلاثة مستثنى من قوله لا طيرة وأنه مخصوص بها فكأنه قال لا طيرة إلا في هذه الثلاثة فمن تشاءم منها حل به ما كره وأيد بخبر الطيرة على من تطير قال المازري وقد أخذ مالك بهذا الحديث وحمله ولم يتأوله وانتصر له بحديث يحيى بن سعيد جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم : ( فقالت : دار سكناها والعدد كثير والمال وافر فذهب العدد وقل المال فقال دعوها ذميمة ) ( وقال الألباني حديث حسن ، أنظر صحيح أبي داوود 3322 - المشكاة 4589 ) قال القرطبي ولا يظن بقائل هذا القول أن الذي رخص من الطيرة بهذه الثلاثة هو على نحو ما كانت الجاهلية تعتقده فيه وتفعل عندها وإنما معناها أنها أكثر مما يتشاءم به الناس لملازمتهم إياها فمن وقع في نفسه شيء من ذلك فله إبداله بغيره مما يسكن له خاطره مع اعتقاده أنه تعالى الفعال وليس لشيء منها أثر في الوجود وهذا يجري في كل متطير به وإنما خص الثلاثة بالذكر لأنه لا بد للإنسان من ملازمتها فأكثر ما يقع التشاؤم بها قال وأما الحمل الأول فيأباه ظاهر الحديث ونسبته إلى أنه مراد الشارع من فاسد النظر وفي معنى الدار الدكان والحانوت والخان ونحوها ، والمرأة تتناول الزوجة والسرية والخادم كما في المفهم ويشكل الفرق بين الدار ومحل الوباء حيث وسع في الارتحال عنها ومنع الخروج من محله وأجيب بأن الأشيـاء بالنسبة لهذه المعاني ثلاثة : أحدها : ما لم يقع التأثر به ولا اطردت عادة عامة ولا خاصة به كلقي غراب في بعض الأسفار أو صراخ بومة في دار فلا يلتفت إليه وفي مثله قال المصطفى صلى الله عليه وسلم لا طيرة 0 الثاني : ما يحصل به الضرر لكنه يعم ويخص ويندر ولا يتكرر كالطاعون فهذا لا يقدم عليه عملا بالأحوط ولا يفر منه لإمكان حصول الضرر للفار فيكون تنفيره زيادة في محنته وتعجيلا في هلكته 0 الثالث : سبب يخص ولا يعم ويلحق منه الضرر بطول الملازمة كهذه الثلاثة فوسع للإنسان الاستبدال عنها والتوكل على الله والإعراض عما يقع في النفوس منها من أفضل الأعمال كما ذكره بعض أهل الكمال ) ( فيض القدير - باختصار - 2 / 560 ، 561 ) 0 * قال النووي : ( اختلف العلماء في هذا الحديث ، فذهب الخطابي وكثير من العلماء ، إلى أن هذا الحديث في معنى الاستثناء من الطيرة ، أي أن الطيرة منهي عنها إلا أن يكون له دار يكره سكناها ، أو امرأة يكره صحبتها ، أو فرس أو خادم فليفارق الجميع بالبيع ونحوه ، وطلاق المرأة 0 وقال آخرون : شؤم الدار ضيقها ، وسوء جيرانها ، وأذاهم ، وشؤم المرأة عدم ولادتها ، وسلاطة لسانها ، وتعرضها للريب 0 وشؤم الفرس : أن لا يغزى عليها ، وقيل : حرانها وغلاء ثمنها 0 وشؤم الخادم سوء خلقه ، وقلة تعهده لما فوض إليه 0 وقيل المراد بالشؤم هنا عدم الموافقة 0 واعترض بعض الملاحدة بحديث لا طيرة على هذا ، فأجاب ابن قتيبة وغيره بأن هذا مخصوص من حديث لا طيرة إلا في هذه الثلاثة 0 قال القاضي : قال بعض العلماء : الجامع لهذه الفصول السابقة في الأحاديث ثلاثة أقسام - وذكر ما ذكره المناوي - رحمه الله - آنفا ) ( صحيح مسلم بشرح النووي - 13 ، 14 ، 15 / 383 - 385 ) 0 * وقال مالك وطائفة : هو على ظاهره ، وأن الدار قد يجعل الله تعالى سكناها سببا للضرر والهلاك بقضاء الله وقدره ، واستدلوا بحديث أنس - رضي الله عنه - أنه قال ( قال رجل : يا رسول الله إنا كنا في دار كثير فيها عددنا ، وكثير فيها أموالنا ، فتحولنـا إلى دار أخرى فقل فيها عددنا ، وقلت فيها أموالنا 0 فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ذروها ذميمة " " سبق تخريجه " ) 0 قال ابن الأثير في قوله " دعوها ذميمة " أي اتركوها مذمومة ، وإنما أمرهم بالتحول عنها إبطالا لما وقع في نفوسهم من أن المكروه إنما أصابهم بسبب الدار وسكناها ، فإذا تحولوا عنها انقطعت مـادة ذلك الوهم ، وزال ما خامرهم من الشبهة والوهم الفاسد والله أعلم ) ( جامع الأصول - 7 / 641 ) 0 سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز عن التوفيق بين قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا طيرة ولا هامة ) وقوله : ( إن كانت الطيرة ففي البيت والمرأة والفرس ) ؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا 0 فأجاب – رحمه الله - : ( الطيرة نوعان : الأولى : من الشرك ، وهي التشاؤم من المرئيات أو المسموعات ، فهذه يقال لها طيرة ، وهي من الشرك ولا تجوز 0 الثانية : مستثناة وهذه ليست من الطيرة الممنوعة ، ولهذا جاء في الحديث الصحيح : ( الشؤم في ثلاث : في المرأة ، وفي الدار ، وفي الدابة ) وهذه هي المستثناة ، وليست من الطيرة الممنوعة ، لأن بعضهم يقول : إن بعض النساء أو الدواب فيهن شؤم وشر بإذن الله ، وهو شر قدري ، فإذا ترك البيت الذي لم يناسبه ، أو طلق المرأة التي لم تناسبـه ، أو الدابة ايضا التي لا تناسبه فلا بأس ، فليس هذا من الطيرة ) ( مجموع فتاوى ومقالات متنوعة – فتاوى العلماء – ص 142 ) 0 سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين عن كيفية التوفيق بين الحديث الصحيح ( الشؤم في ثلاثة 000 ) وحديث الطيرة ( من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك ) ؟؟؟ فأجاب – حفظه الله – : ( أجاب عن حديث الشؤم في ثلاثة أئمة الدعوة رحمهم الله تعالى ، وكذا قبلهم مشاهير العلماء ، فقد نقل الشيخ سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله في باب الطيرة من شرحه على كتاب التوحيد عن الخطابي أن هذا مستثنى من الطيرة أي الطيرة منهي عنها إلا أن يكون له دار يكره سكناها أو امرأة يكره صحبتها أو فرس أو خادم فليفارق الجميع ولا يقيم على الكراهة الخ 000 وقالت طائفة أخرى : الشؤم بهذه الثلاثة إنما يلحق من تشاءم بها ، أما من توكل على الله فلا تكون مشؤومة عليه ، فقد يجعل الله تعالى تشاؤم العبد سببا لحلول المكروه كما يجعل الثقة به والتوكل عليه من أعظم أسباب دفع الشر 0 وقال ابن القيم – رحمه الله - : إخباره صلى الله عليه وسلم بالشؤم في هذه الثلاثة ليس فيه إثبات الطيرة التي نفاها الله تعالى وإنما غايته أن الله سبحانه قد يخلق أعيانا منها مشؤومة على من قاربها وسكنها وأعيانا مباركة لا يلحق من قاربها منها شؤم ولا شر وهذا كما يعطي سبحانه الوالدين ولدا مباركا يريان الخير على وجهه ويعطي غيرهما ولدا مشؤما يريان الشر على وجهه ، وكذلك ما يعطاه العبد من ولاية أو غيرها ، فكذلك الدار والمرأة والفرس ، والله سبحانه خالق الخير والشر والسعود والنحوس فيخلق بعض هذه الأعيان سعودا مباركة ويقضي بسعادة من قاربها وحصول اليمن والبركة له ، ويخلق بعضها نحوسا ينتحس بها من قاربها ، وكل ذلك بقضائه وقدره ، كما خلق سائر الأسباب وربطها بمسبباتها المتضادة والمختلفة كما خلق المسك وغيره من الأرواح الطيبة ولذذ بها من قاربها من الناس ، وخلق ضدها وجعلها سببا لألم من قاربها من الناس ، والفرق بين هذين النوعين مدرك بالحس ، فكذلك في الديار والنساء والخيل فهذا لون والطيرة الشركية لون انتهى ) ( القول المعين في مرتكزات معالجي الصرع والسحر والعين ) 0 قلت : والظاهر من أقوال أهل العلم فيما يتعلق بهذه المسألة أنه قد وسع للإنسان من جراء ملازمته لتلك الأمور الثلاثة بالاستبدال عنها والتوكل على الله والإعراض عما يقع في النفوس ، لأن لا يؤدي مثل ذلك الأمر للوقوع في الشرك ، وهذا لا يعارض حديث " لا طيرة " بل يؤكده ، فالمسلم يعيش متيقنا بخالقه ، عالما أن مقادير الأمور تحت تقديره ومشيئته ، ولا يربط حياته بشؤم وطيرة ونحوه والله تعالى أعلم 0 [/frame] منتدى الرقية الشرعية |
الساعة الآن 42 : 07 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية