منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   كلمات (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=246)
-   -   أدوات اللغة الدرويشية (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=17870)

طلعت سقيرق 06 / 11 / 2010 38 : 10 PM

أدوات اللغة الدرويشية
 
[align=justify]
يقف كثيرون حائرين مترددين أمام لغة محمود درويش وفنه حيث يرون أنها تختلف دون أن يصلوا تماما إلى تحديد الاختلاف أو المغايرة ، فهم يصفون وصفا يمسّ السطح دون العمق، ويرى الخارج دون الداخل .. وباعتقادي أنّ محمود درويش قد اختار لغة وفنا وتصورا في الشعر يندرج في باب التدوير والمباشرة وقوة الوجدان وحدة العاطفة وامتداد الصورة حدّ الغليان والتركيب الذي قد يكون صعبا عصيا أحيانا .. ثم أخذ بشكل غير مسبوق في ركوب مركب اللغة المقتصدة والصورة المضغوطة والعاطفة المحسوبة أو المقننة ، خاصة في أعماله الأخيرة .. ووصل في بعض الأحيان إلى العاديّ الشديد البدوّ والظهور ..لكنه بكل أحواله لم يفلت خيط أسلوبه المدهش المعبر عنه تحديدا ، ولم يترك طريقته التي تبقى قريبة كل القرب من القارئ والسامع والمتابع والمواكب لمسيرة هذا الشاعر الفذ بكل المقاييس ..
ثم هناك سحر أو طريقة الإلقاء الشعري عند هذا الشاعر ، فحتى هذه أدخلها درويش في صياغة خاصة تستوقف المتابع .. فالشعر كما نعرف في جزء كبير منه فن إلقاء وغناء وإنشاد .. ومحمود درويش امتلك ناصية الإلقاء وجوّد فيها .. الامتلاك القوي لم يبعده أبدا عن دفع الصورة والتصور للأمام .. فهناك مراقبة دائمة لطريقة الإلقاء والنبرة والصوت والحركة ، مع قصد التحريك والتقدم دون توقف .. كان درويش فنانا بهذا الأمر تماما .. فهو متواصل مع جمهوره مرتبط مع سماعه قريب من ذائقته ، والشيء المهم أنه لا يخضع لذائقة هذا الجمهور بل يخضع هذا الجمهور لذائقته هو من خلال ثقة مطلقة بأنّ الجمهور ارتبط به وانشدّ إليه ومشى في الدرب الذي اختاره له دون أي فواصل أو حدود قد توضع فتبعد بين الطرفين ..
من خلال اللغة والأسلوب والإلقاء كان سرّ العلاقة .. وطبيعيّ أنّ هذا السر حقق معادلة قرب القارئ والسامع معا .. وليس في الشعر العربي الحديث كثرة من الشعراء استطاعت أن تحقق طرفي المعادلة بكل هذا النجاح .. هناك من جذب القارئ وابتعد عن جذب السامع، وهناك من جذب السامع ولم يجذب القارئ ، فبقيت المعادلة ناقصة .. فأنت تسمع الشاعر وتثار متسائلا عندما تقرأه ، وقد تقرأ الشاعر وتتساءل عندما تسمعه ، إذ يبدو الاختلاف ظاهرا باديا بشكل مدهش .. وهذا لم يكن موجودا عند محمود درويش لأنه استطاع أن يحقق التوازن بين الحالتين فهو مقروء مسموع شديد القرب من جمهوره في كل هذه الحالات ، وقد تمرّ ساعات طويلة ويبقى الجمهور محافظا على وتيرة الارتباط ذاتها مع شاعره .. فلا معنى لأي تراخ أو ابتعاد أو التفات أو هروب أو شرود .. هناك دائما حالة من التواصل والجذب والارتباط ..
الشيء الذي يذكر هنا أنّ محمود درويش كان واعيا شديد الانتباه لتطوره ووصول هذا التطور لمستوى ما .. لم تخنه عمليه الإبداع أبدا .. فرغم تقدم السنوات بقي الشاعر محافظا على سوية عالية من الشعر ، وهو ما اختلف عند شعراء كثيرين لم يستطيعوا أن يكونوا في آخر أيامهم كما كانوا في فورة الشباب .. الشعر تراجع بشكل ما ، سقط منه الكثير وتعرت أغصانه .. وهذا شيء طبيعي بالنسبة للشعر خاصة ، فهو مرتبط بفورة الشباب أكثر من ارتباطه بحكمة الكبار ، لأن طبيعة الشعر تقول دائما بالغليان ، والغليان كما نعلم يكون مع الإنسان حتى سن محددة ثم يخبو ، لكن هناك من يتجاوز ذلك ببساطة ، وإن بحثنا عن السبب فلن نصل إلى شيء ، إنها الموهبة ، تركيبة الفن ، خصوصية المبدع ، وهذا شيء لا نستطيع أن نقول كلمة نهائية حوله ..
[/align]

عادل سلطاني 07 / 11 / 2010 19 : 12 AM

رد: أدوات اللغة الدرويشية
 
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

أهلا مبدعنا الفاضل جميلة سياحتك الممتعة وها تطير بنا ذاتك السقيرقية القارئة إلى عوالم شاعرنا الكبير المرحوم " محمود درويش" .. جاءت دراستك للظاهرة الدرويشية موضوعية بعيدة عن التحيز الفج ، ويكأنني بشاعرنا يؤمن بنزعة الفن للفن ليحيط بملابسات الظاهرة قيد الدراسة محققا وجود معادلة درويشية يتحقق فيها الثالوث المتناغم السماع اللصيق بكينونة الشعر ثم القراءة ثم المتلقي والمقصود بالمتلقي ذلك الجمهور السامع أو القارئ ومما لا يخفى على ذي حصافة أن شاعرنا أوتي جوامع الإلقاء وإكسير موهبته سواء على مستوى التعاطي السماعي أو التعاطي القرائي حول هذه الظاهرة إلى حدث رمز يحتل حيزا كبيرا لدى محبيه من الشرائح الجماهيرية الواسعة داخل وطنه الأم أو وطنه القطري أو وطنه الأمة مما ساهم بشكل أو آخر في انتشارا الظاهرةالدرويشية في الفضائين المكاني والزماني لدى النخب أو العاديين في أمتنا من محيطها إلى خليجها لأنه شاعر ذاع صيته من خلال القضية التي احتضن جرحها والتي وظفها أحسن توظيف حيث حول إكسيره الموهبي الحدث العادي الراهني اليومي في حياة البسطاء من الشعب الفلسطيني والمثال للقياس على كل شعوبنا إلى حدث ذي نكهة إبداعية والسر الدرويشي المبدع يكمن في أنسنة المشهد اليومي ونقله للمتلقي القارئ أو المستمع وتبقى الظاهرة السماعية كينونة إجتماعية وجودية لصيقة بمجتمعاتنا ويبقى للمشافهة المتجذرة طعم يوحي بخصوصية التعاطي الشعري في مجتمعاتنا التي لم ولن تتخلص من ظاهرة المشافهة وتبقى الظاهرة الدرويشية تتطلب المزيد من الغوص القارئ حتى تتجلى لدى القارئ والدارس في آن .
أشكرك أستاذنا المستفز لكوامن الفكر دائما تمتعنا بالجديد التراكمي المضيف الذي تحتاجه الساحة الإبداعية حتى تفعل ويفعل معها المبدع الراكد ..
تحياتي لقلمك الصارخ ولقلبك الرسالي ذي النزعة الإنسانية وها يعود الفاعل من خلالك

نصيرة تختوخ 07 / 11 / 2010 59 : 01 PM

رد: أدوات اللغة الدرويشية
 
محمود درويش امتلك أدواته الخاصة وتلك الموهبة التي تجعله يطور نفسه و شعره بشكل يجعله قادرا على خلق الدهشة و ملامسة الروح .
إنها الموهبة و تركيبته كإنسان أظن من خلقتا لغة ستؤثر طويلا في النفوس.

شكرا لك أستاذ طلعت على كلماتك التي جعلتنا نحلق في عالم درويش مجددا


الساعة الآن 25 : 04 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية