![]() |
الشعر حاجة طبيعية
[align=justify]
نلجأ في كثير من الأحيان إلى المقارنة والموازنة وما شابه لنقول بتقدم هذا الجنس الأدبيّ أو ذاك على سواه ، فنقول " الشعر هو ديوان العصر " أو " الرواية هي ديوان العصر " ثم القصة القصيرة وهكذا ، ناسين أو متناسين أنّ المقارنة قد تكون غير صحيحة كون الشعر خاصة يصل لأن يشكل حاجة طبيعية عند الإنسان .. وإذا كان الفن بشكل عام غذاء روحي يغذي الروح ، كما يغذي الطعام الجسد ، فإن الشعر منه قد انتقل عبر توحده بخصوصية التداخل ، في كثير من الأحيان ، مع العقل الباطن إلى درجة متقدمة مؤثرة بطبيعة الإنسان ككل ، فليس هناك قدرة للاستغناء عن الشعر كلية وصولا إلى محو الشعر من الذاكرة أو الوجود الإنساني .. ومن يتابع حياة الإنسان عبر التاريخ الطويل سيعرف ويعي أنّ الشعر كان وما زال فنا أو وقعا ونغما مسترجعا قابلا للترنم والاستعادة .. وهذا غير متوفر لبقية الفنون التي تعطيك نفسها مرة واحدة وكفى في أكثر الأحيان .. وهذا ليس لأنّ الشعر موسيقى كما يظن ، أو صورة وما شابه ، بل لأنه يداخل الأعماق ويسكنها دون فواصل .. يقول كروتشه :" لا ينشأ الشعر عن ميل مجرد إلى المتعة ، بل ينشأ عن حاجة طبيعية . ولن يكون الشعر نفلا ، أو قابلا للمحو ، فمن دونه لا ينشأ فكر : إنه النشاط الأول للعقل البشري ".. مشيرا إلى أهمية الشعر كحاجة طبيعية لا يمكن الاستغناء عنها.. وباعتقادي أنّ الإشارة إلى أن الشعر لا يمكن أن يكون زيادة لا حاجة لها ، أو شيئا قابلا للمحو ، تعبر عما ذهبتُ إليه من كون الشعر صورة لا تقبل المقارنة بسواها من الأجناس أو الأنواع الأدبية والفنية .. وحتى القول بأنه النشاط الأول للعقل البشري ، وإن بمعنى أنّ الصور أو التصورات الأولية والبدائية في العقل تكون شعرية ، فهذا مؤشر أيضا على أن الشعر يتجاوز عتبة الزيادة ليكون شيئا في العمق والصميم .. فتكون العقل البشري ، أو حالته الأولى من التكوين ، تجنح نحو ما هو طبيعي وضروريّ للحياة ، وهنا نجد أنّ الشعر مرهون بهذا أو جزء من هذا .. ومثل هذه الأشياء تعطي تصورا أعمّ عن أهمية الشعر بالنسبة للوجود الإنساني ككل .. هذا لا يعني أن نبعد الشعر عن الأجناس الأدبية ، ولا يعني أن نقول إن الشعر مختلف عما هو فنيّ ، فهذا القول غير واقعي لأن الشعر فن من هذه الفنون ، لكنه فن يملك خصوصية تضعه بمكانة خاصة بالنسبة للإنسان وأفكار الإنسان ووجود الإنسان وحاجة الإنسان..لذلك علينا أن نضع هذا التصور عند عقد المقارنات والذهاب بعيدا نحو التفضيل وما شابه .. فليس هناك مسألة تفضيل أو تضخيم أو تقديم أوتأخير ، بل هناك مسألة قرب من الذات الإنسانية وهذا شيء آخر لا علاقة له بعقد مقارنات نقول بنتيجتها هذا يسبق ذاك .. أو هذا يتقدم في القيمة على ذاك .. نحن هنا أمام حالة نفسية ووجودية تضاف إلى الحالة الفنية .. كان الشعر ، وسيبقى ملازما للغناء عند الإنسان ، للترنم ، للنشيد، للدخول في عوالم داخلية ومناطق عميقة في الذات .. كل هذا بدأ منذ القديم واستمر ليبقى مع الإنسان خلال مراحل حياته وتطوره الزمني والعلمي دون القدرة الدقيقة على التفسير والقياس.. وقد تكون مثل هذه الأشياء ملازمة للطبيعة البشرية بكل معانيها وامتداداتها .. [/align] |
رد: الشعر حاجة طبيعية
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
طرح جريء سيدي الراقي يكشف عمق الفن الأول الملازم لوجود الإنسان جميل أن تستكنه بوعي كينونة هذا الموجود الذي لا زال يلازم هاجس الإنسان في المطلق ولست هنا في ترتيب أفضلية هذا النوع الأدبي عن ذاك وإنما الموضوعية البعيدة عن التحيز والعصبية الإبداعية لهذا الفن أو ذاك تتطلب ذلك ، وإنما كينونة هذا اللصيق بالوعي البشري في أولى محطاته تتطلب تفكيرا جريئا بعيدا عن التحيزات الفجة أثناء تناول هذه الكينونة وإثرائها بالدرس العلمي حتى يسبر غورها ويجلى للمتلقي القارئ ومما لا يخفى على المثقفين أن هذا الوعي المتراكم مارس أشكالا تعبيرية كثيرة كالمسرح البدائي الأول من خلال طقوس الخصوبة والترانيم الشعرية الغنائيةالأولى الموجودة إلى يومنا والمبثوثة في ممارسات البدائيين ، وما أريد أن أقوله تحديدا أن هذا التعاطي الواعي مع هذه الكينونة الإبداعية لا يزال فعلا على الصعيد الممارساتي في كل المجتمعات السابقة والراهنة واللاحقة وهي شكل وجودي وضرورة لا ستمرار الهاجس الواعي المبدع المساهم في إرساء الذات الجمعية في واقع الإجتماع الإنساني فكل الفنون الواعية الممارسة تساهم في تدعيم التماسك المجتمعي في شتى تمظهراته في الواقع الإنساني . تحياتي أيها المبدع الإنسان " طلعت سقيرق " |
رد: الشعر حاجة طبيعية
...ولعل الحكم القائل بأن الشعر حقا هو أول نشاط للعقل البشري , يكون شفيعا للشعر ــ بما هو تعبير عن حاجة ضرورية بصيغة فنية ــ في أن ينأى عن كل المقارنات .ويتخذ لنفسه مكانة تهفو إليها باقي الأصناف من باب القياس الذي يبقي الشعر سيدا مطلقا في ساحة الإبداع , مادام هو الأصل في كل الفنون , وما عداه إنما يعتبر تحويرا للشعر بصيغة كتابية أو تعبيرية أخرى لها مسمياتها المختلفة ’ إلا أنها شعر من حيث المبدإ والمنتهى .
دمت سيدي بكل المودة والتقدير |
الساعة الآن 02 : 04 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية