![]() |
العجوز والعطار
العجوز، والعطار
عبدالله الناصر حكاية العجوز والعطار حكاية عربية قديمة خلاصتها أن عجوزاً أكلت الشيخوخة كثيراً من جسدها فأذهبت قوتها وجمالها، فراحت إلى العطار لعلها تجد عنده شيئاً من أدوية تعيد شبابها الذاهب، وتصلح جسدها المتهالك.. وصارت تختلس ما تستطيع اختلاسه من مؤونة أهلها وتدفعه ثمناً للأدوية والأصباغ! فلعل وعسى. ولكن المال ذهب والشباب لم يعد. فقال الشاعر: عجوز ترجي أن يعود شبابها وقد لحب الجنبان واحدودب الظهر تدس إلى العطار ميرة أهلها وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر..؟ إذا كان العطار لا يستطيع أن يصلح ما أفسده السيد بوش في العراق، والدموع لن تستطيع ارجاع الموتى إلى بيوتهم، والقنابل لن تستطيع أن تزرع حقول القمح والنخيل، بعد أن تحولت إلى حقول جرب، وقمل، وفقر، وموت.. والعرب لن يستطيعوا أن يفيقوا من نومهم، حتى لو قامت «ناقة صالح»، بل سيقرأون كل شيء بالمقلوب، ويرون كل شيء بالمقلوب، ويلبسون كل شيء بالمقلوب..! سيقرأون بالمقلوب، ويكتبون بالمقلوب، ويحاورون بالمقلوب، ويدافعون بالمقلوب. إذا كان الأمر كذلك، فما الذي سيحدث..؟ أظن أن منطقتنا كلها سوف تسير بالمقلوب، فنرى السماء من تحت، وتخرج علينا الشمس من المغرب، وتظهر عيوننا في أرجلنا، وننام ونحن نسير، ونسهر ونعمل ونحن نائمون، ونضحك حين يكون الأمر أمر بكاء، ونبكي حين يكون الأمر أمر ضحك.. إن كان هناك في ذاكرة وعقل ووجدان العرب شيء اسمه الضحك، حتى ولو كان ضحكاً كالبكاء، كما قال المتنبي والذي رأى ذلك من معجزات زمانه، وأهله..!! لا تظنوا أني أكتب تحت تأثير غضب أفسد مزاجي، ونكّد على نفسي، وروحي، فخرجت عن المألوف، وقلت شيئاً غير المألوف، لأننا وبكل بساطة منذ زمن بعيد ونحن نسير على غير المألوف!! بل وضد قانون المألوف!! فأمورنا تسير إلى الوراء، فالسياسة العربية تسير إلى الوراء، وجيشها يسير إلى الوراء، وإعلامها يسير إلى الوراء! واقتصادها يركض ركضاً نحو الوراء! وحوارها مع الآخر كله وراء في وراء!! وثقافتها وكتابها بحمد الله أثبتوا قدرات فائقة في الركض المارثوني نحو الوراء..!! بل انهم يركضون ولا يدرون إلى أين يركضون..! إن قيل نحو الشمال هبوا سراعاً..! وان قيل نحو اليمين تواثبوا بلا التفات..! وإن قيل خلفاً طار العجاج من ورائهم..! وان قيل أماماً هجوا هجيج المذعورين..!! صدقوني أيها الأحبة أنه فسد كل شيء وصعب الاصلاح على العطار، وأنه مهما كان ذلك العطار حاذقاً، ودقيقاً، وأريباً فإنه لن يستطيع أن يعمل شيئاً.. أو يصنع شيئاً.. لقد حاول المسكين بكل أدويته، ووسائل تجميله، أن يصلح وجه أمتنا.. تلك العجوز الشمطاء، فيعيد إليها شيئاً من شبابها، أو شيئاً من جمالها.. ولكن جميع أدويته، ووصفاته، باءت بالفشل أمام عسكر الشيخوخة الجبار الذي فتك بلحم، وعظم، وجلد أمنا الهرمة..! وأظن أن أمتنا العربية التي أصابها الوهن، واشتعل رأسها شيباً، ودبت الأسقام، والأمراض فيها، وأكلت الأوبئة والجراثيم قلبها، وعقلها، وأعمت بصرها، وأثقلت سمعها.. أظنها أخيراً يئست من كل الأدوية، وكل المقويات، والفيتامينات، والمنشطات، وأدركت بما لا يدع مجالاً للظن، أو الوهم، أو الشك، أنها سوف تدفع قيمة تلك الأدوية ثمناً للكفن ولحفرة القبر... أي أنها سوف تدفع للكفّان والدفّان، ما كانت تدفعه للعطار..!! وهذه هي المرة الأولى والأخيرة التي تدرك فيها الأمة عبر عقود طويلة حقيقة أمرها، وبؤس حالها الذي صنعته لنفسها بنفسها.. وهي بذلك تقر وتعترف أنها لن تقوم من رقدة الموت إلا يوم يقوم الأشهاد..!![/b] وأخيرا .. إن هذا النوع من المقالات الساخرة يستهويني وإني أرى فيها الواقع الذي نعيشه لذا عشت مع تلك السطور التي نوعا ما تسكن في فكري فأشعر أني أسكن من بين كلماتها لذا نقلتها إلى المنتدى الغالي منقول من جريدة الرياض بقلم عبدالله الناصر من جريدة الرياض |
رد: العجوز والعطار
يا سيدتى
وهل يصلح العطار ما أفسده الدهر؟ إننا أمة بلا هوية , أمة تنساق وراء اول بريق يلمع فى عينيها ويودى بها إلى الهاوية,أمة أفسدها الدهر واستسلمت له بلا وعى ولا تفكير فأصبحت هشيما تذروه الرياح فلا فى الليل نالت ماترجى ولا فى الصبح كان لها براح أحييك على اختيارك هذه المقالة الجميلة التى تكشف واقع أمتنا المهين وتفضح ممارسات من بيدهم الأمر حتى القوا بالشعوب فى هاوية التاريخ لك كل محبتى وعظيم تقديرى |
رد: العجوز والعطار
[align=justify]الناقد عبد الحفيظ متولي....
إن كلمة ناقد تجعلني أشعر بأن الدنيا بخير ،كانت تلك المقال والتي جعلتني أشارك لأول مرة من بين أدبكم الراقي والقيم ،وإني أيها الناقد أشعر بأني قريبة نوعا ما إليكم، قد يكون حبي الشديد بالنقد هو تعلقي بالبلاغة التي جعلتني أبحث عنها في الصفحات الثقافية عن بعض الأدباء والأديبات ،وإني لكثير ما أقف من أمامهم وقلمي حزين لا يستطيع أن يحمل ورقة ويشارك أعمالهم،والله إنه لشيء مخزي بأن لا يتحرك قلمي..وإني دوما متفائلة فقد أزرع نبتي من بين منتدى النقد الأدبي هذا فأنطلق ..بإذن الله و قد ألوّن قلمي بألوان متحركة تحفر من بين أعماق نور الأدب الحقيقة ليرفع شعار السلام... فهنيئا ...هنيئا لكم أيها النقاد وأنا في غاية السعادة أيها الناقد.. على دعمي وقبولك لاختيار النص بذكرك أنه جيد. فهذا ما أطمح إليه... والله إنها إنها لشهادة أفتخر بها ... خولة الراشد دوما معا[/align] |
رد: العجوز والعطار
الأديبة الجميلة الأستاذة خولة
المبدع لا يقل قدرا عن الناقد لأنه يبدع نصا معينا والناقد أيضا يبدع نصا على نص وما الناقد إلا متلق دفعته ظروفه الثقافية إلى قراءة النص وتلقيه ويستطيع بواعيته الثقافية أيضا ان يوجد المبرر الفنى والجمالى للنص وأنت - سيدتى - لا تقلين عن هؤلاء جربى ةتابعى وما دمت قرأت البلاغة فهى كل النقد وثقى أنى معك دوما سيدتى الكريمة |
الساعة الآن 46 : 01 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية