منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   الشؤون المغاربية (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=137)
-   -   من يحمي المطبعين مع الصهاينة؟ (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=18199)

رياض والي 25 / 11 / 2010 23 : 11 PM

من يحمي المطبعين مع الصهاينة؟
 
كشفت الدورة الثالثة لمنتدى ميدايز الذي عقده معهد أماديوس بطنجة بين 10 و13 تشرين الثاني/نوفمبر عن اختلالات تتهدد مشهدنا السياسي والمجــتمعي، وتنذر بمضاعفات خطيرة في المستـــقبل إن لم نتداركها قبل أن تتفاقم.
بينت هذه الدورة تناقضات على مستوى صناعة القرار الرسمي، حيث لم تمر فترة قصيرة على رفض استقبال شمعون بيريز رئيس الكيان الصهيوني، حتى هرول بعض المسؤولين، وفي مقدمتهم وزير الخارجية الفاسي الفهري، إلى طنجة لمباركة مشاركة إسرائيليين. والمصيبة أن يحـــظى هذا النشاط بتغطية إعلامية رسمية مكثفة من قبل وســــائل الإعلام العمومية التي يفترض فيها تنفيذ السياسة الرسمية والامتثال إليها، إضافة إلى أنها تمول من جيـــوب دافـــعي الضرائب الذين يعبرون عن شجبهم لجرائم الكيان الصهيوني كلما أتيحت لهم فرصة ذلك. والأخطر من هذا وذاك، أن يمول هذا النشاط من أموال مؤسسات عمومية تابعة للدولة. ألا يشكل كل هذا تناقضا يستدعي وقفة صارمة لإعادة الأمور على نصابها؟
وبينت هذه الدورة تناقضات على مستوى المجتمع، حيث هب مواطنون وجمعيات ومؤسسات لاستنكار هذا السلوك الانهزامي والاستفزازي لمشاعر المجتمع والمناقض لهويته وركائزه. وبالمقابل، لم يأل القائمون على معهد أماديوس، ومن يقف وراءهم، جهدا لاستضافة إسرائيليين، ولو استدعى الأمر إخفاء اسمائهم، وهو السلوك الذي تكرر في كل أنشطة المعهد منذ سنوات، رغم الاحتجاجات والانتقادات.
وبينت هذه الدورة كذلك، أن الأصوات المتعالية والمطالبة بإصلاح القضاء على حق ولا تنطلق من فراغ، حيث كان الحكم الصادر عن المحكمة مهزلة بكل المقاييس. فكيف يعقل أن تحكم المحكمة بعدم الاختصاص في قضية واضحة معالمها وحيثياتها ومكشوفة للعام قبل الخاص أنها اختصاص قضائي محض؟ وهذا الحكم يذكرنا بتهاون القضاء في تفعيل ملاحقة بعض مجرمي الحرب الصهاينة، مثل عمير بيريتس وتسيبي ليفني، الذين زاروا المغرب ورفعت ضدهم دعاوى بسبب الجرائم التي ارتكبوها. ألا يفتح تهرب القضاء الباب أمام الفوضى إذا أصر كل طرف على موقفه ودفوعاته؟
وبينت دورة ميدايز أن هذا الإصرار الغريب على استضافة صهاينة في أي موضوع وبدون مناسبة تحكمه أجندة وخلفيات لا يعلمها إلا أصحابها، وقد عبر عن بعضها ابن وزير الخارجية المغربي حين قال 'نريد أن ننظم سنويا في طنجة محادثات غير رسمية بين العرب وإسرائيل'. ولذلك على هؤلاء أن يقدموا جوابا عن القيمة المضافة لمشاركة صهاينة بالنسبة لسمعة البلاد ومصلحتها، عوض الإجابات العامة المفتقرة لأدلة ملموسة تثبت أن البلاد تستفيد من حضور هؤلاء الصهاينة.
إن كل ما سبق يدفعنا للتساؤل عن مدى وضوح الرؤية لدى كل مكونات المجتمع المغربي حول دوره، وعن مدى توحد موقفنا تجاه العديد من القضايا الرئيسة التي تشكل قاعدة لبناء مجتمع متكامل ومنسجم ومتنوع.
وأول سؤال في هذا الباب يخص تموقعنا وعمقنا الاستراتيجي. هل هو عمق عربي وإسلامي وإنساني ومنحاز إلى القضايا العادلة أم هو شيء آخر؟ وإلى أي حد ينسجم أو يتعارض هذا التموقع مع علاقات بهذا المستوى مع صهاينة معروفين بمواقفهم العنصرية ومنبوذين في العالم كله؟
لا تخفى على أحد جرائم الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة وخارجها وتوسعه الاستيطاني وتهديده للسلم العالمي وحصاره لغزة وتجويعه لشعب بأكمله وتشبثه العنصري بيهودية دولته الغاصبة ورفضه تطبيق كل القرارات الدولية وتنكيله بكل الناشطين والأحرار، وضمنهم يهود معارضون لسياساته.. كما لا يخفى على أحد ارتفاع وتيرة الاحتجاج والمقاطعة لهذا الكيان الاستعماري في العالم كله، والصيحات المتعالية والمطالبة بفضحه والمستنكرة لأي خطوة تطبيعية أو تقاربية معه، لأنها تزكية وموافقة على سياساته، ولذلك لم تعد مقاطعة الكيان الصهيوني قضية أخلاقية أو وطنية أو قومية أو دينية، ولكنها صارت قضية إنسانية تقاس بها إنسانية المرء من عدمها.
وبعد كل هذا، أليس غريبا أن يسارع البعض في بلدنا، في ظل هذه المعطيات، إلى التطبيع مع الصهاينة وفك الخناق عنهم؟ أليس في هذه التصرفات عزل للمغرب عن محيطه؟ ألا يمكن أن تجر علينا عداوات مجانية؟ أليست هذه السياسة مدعاة لمزيد من العزوف الشعبي؟ ألا توسع مثل هذه التصرفات الهوة بين الشعب ومؤسسات الدولة؟
قد يبرر هؤلاء سلوكهم بحرصهم على مصلحة البلاد وتحسين صورتها، وهذه مناسبة ليقدموا حصيلة ما جنوه طيلة ما سبق من سنوات. ماذا حققوا للبلاد؟ أين تتجلى هذه المكاسب؟ وماذا لو قورنت بالخسائر المباشرة وغير المباشرة؟
إن هذه النخب الطاعمة الكاسية لن تشعر بويلات الاستعمار لأنها لم تتجرع مرارته، وهي التي ولدت وفي أفواهها ملاعق من ذهب.. ولا تمتلك ميزانا دقيقا لقياس مصلحة البلاد وجس نبض المجتمع لأنها لا تخالط مختلف فئاته.. وهي بسلوكها هذا تريد سلخ البلاد من عمقها العربي والإسلامي وانحيازها التاريخي للقضايا العادلة. سيمر هذا النشاط كسابقيه، من دون مردودية تذكر، وقد تنظم في المستقبل أنشطة أخرى مماثلة، وستنظم الوقفات المضادة وتتعالى الأصوات المستنكرة بدون نتيجة حاسمة. وهنا تكمن الخطورة.
إن في تزايد وتيرة التطبيع واتساع مجالاته استفزاز لمجتمع بأكمله ومخالفة لأسسه وركائزه، وإن غض الطرف عن ذلك يعني اللعب بالنار والمجازفة باستقرار المجتمع وتأكيدا لسلبية أجهزة الدولة، ولذلك وجب تدارك هذه الاختلالات حتى لا نسقط في المحظور.
وسيكون مفيدا فتح نقاش هادئ وصريح وعميق حول أي خيار يصلح لبلادنا. وحينها على المدافعين عن خيار التطبيع كشف مبرراتهم وحصيلة جهودهم، وهي بالتأكيد، سلبية لأن انفتاحهم على هذه الرموز الصهيونية لم يوقف سياسات التوسع والتهويد والاستيطان والتجويع والتقتيل، بل إن المجتمع الإسرائيلي لا يزداد إلا تطرفا، وهذا ما أكدته نتائج الانتخابات الأخيرة.
وبالمقابل، سيفتخر أنصار خيار المقاومة بحصيلتهم الإيجابية التي تؤكدها العزلة المتزايدة للكيان الصهيوني والحشد العالمي الداعم لشرعية المقاومة.
حتما ستنتصر المقاومة لأن إرادة الشعوب لا تقهر، ولأن ليل الظلم إلى زوال مهما طال، وحينها لن يكون لهؤلاء المطبعين مع الصهاينة رصيد مصداقية أو موقع مشرف في هذا العالم. عليهم أن ينتبهوا إلى هذا الأمر قبل فوات الأوان. وعلى من يشعر أنهم يحتمون به أن يتبرأ منهم قبل أن يلطخوا سمعته. وعلى كل هؤلاء أن يتذكروا يوم الحساب.

عمر احرشان
كاتب مغربي

القدس العربي

حسن الحاجبي 26 / 11 / 2010 13 : 12 AM

رد: من يحمي المطبعين مع الصهاينة؟
 
الكريم الفاضل : رياض والي
حتما إرادة الشعوب لا تقهر
وتأكد سيدي أن عمقنا الإستراتيجي يمتد فعلا إلى ما وراء المحيط .ولا يشكك في ذلك إلا مغالط .
أهلا بك في نور الأدب , وشكرا جزيلا على اختيارك الصائب .
ستكون لي بإذن الله عودة للموضوع بتفصيل .


الساعة الآن 47 : 01 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية