![]() |
العلاقة التناقضية بين السلام والأدبين الصهيوني والإسرائيلي
[align=center][table1="width:100%;"][cell="filter:;"][align=justify]
العلاقة التناقضية بين السلام والدور الوظيفي للأدبين الصهيوني والإسرائيلي محمد توفيق الصواف ثمة علاقة تناقضية بين الدور الوظيفي لإسرائيل، في المنطقة العربية، ومفهوم السلام العادل والشامل مع العرب، ولعل مصدر التناقض الأهم في هذه العلاقة أن السلام بما يعنيه من استقرار المنطقة وهدوئها، وبما يتطلبه من استحقاقات على إسرائيل القيام بها لتحقيقه، يعتبر النقيض الكامل لدورها كحارسة وراعية لمصالح الدول الاستعمارية الكبرى التي أوجدتها، والتي جعلت استمرارها في أداء هذا الدور الحبلَ السرِّيَّ لاستمرار دعمها سياسيا وعسكريا واقتصاديا. ولاشك أن عوامل عدة ساهم مجموعها في صنع هذه العلاقة التناقضية وتغذيتها، وربما ليس مبالغة القول: إن في مقدمة هذه العوامل، ومن أهمها، الأدب الصهيوني الذي سبق ظهور الأيديولوجية الصهيونية، ثم تحول بعد ظهورها إلى حامل ومروج لقيمها وطروحاتها وأهدافها، ليستمر في دوره هذا بعد قيام إسرائيل، وإلى الآن، لكن تحت اسم الأدب الإسرائيلي... **** وكمدخل للتعرف على نوعية الدور الذي لعبه هذا الأدب في تغذية النزعة العدوانية ضد العرب، وضد السلام معهم، قد يكون من الضروري، في البداية، الإشارة إلى حقيقة بالغة الأهمية، وهي أن أدب أي مجموعة بشرية لابد أن يلعب دورا هاما وفعالا إلى درجة كبيرة في صياغة نفسية أفراد هذا المجموعة، وفق القيم والمبادئ التي يطرحها في نتاجات أدبائه... بل يمكن القول: إن الأدب يساهم مساهمة كبيرة في تحديد نوعية الأنماط السلوكية، والاستجابات النفسية، والكثير من الأهداف الحياتية، للذين يتلقونه ويتأثرون به.. على خلفية القناعة بصحة هذا المعطى، وعلى ضوئه، يتبين من دراسة العديد من نصوص الأدب الإسرائيلي، أنها، في معظمها، تنتمي إلى نوع الأدب المجند لخدمة أهداف أيديولوجية معينة هي الأيديولوجية الصهيونية، حتى ليمكن القول: إن هناك نوعا من العلاقة الوظيفية بين الصهيونية كأيديولوجية ونتاج معظم الأدباء الإسرائيليين على اختلاف أجيالهم، منذ ظهور إسرائيل وحتى الآن.... وأساس هذه العلاقة، بل منطلقها الرئيس، هو سعي الأديب الإسرائيلي إلى توظيف قدراته الإبداعية في خدمة أهداف الأيديولوجية الصهيونية التي يعتنقها، أو يتظاهر، وهو أمر نادر، باعتناقها، كما هو حال قلة من الأدباء الإسرائيليين الذين رجوا من هذا التظاهر بالتصهين، الظفر برضى صانعي السياسة الإسرائيلية حينا، أو مماشاة الجو السياسي السائد في إسرائيل حينا آخر، أو ستر ضعف قدراتهم الإبداعية عن طريق الاتكاء على الأيديولوجية التي يتظاهرون بالإيمان بها والتعصب لطروحاتها وأهدافها، حينا ثالثا، ظنا منهم أن نوعية المضمون يمكن لها أن تُغطي على ضعف البنية الفنية لأدبهم وتهافتها... **** ونظرا لكون الحرب هي الوسيلة الوحيدة التي طرحتها الصهيونية لتنفيذ مشروعها الاستيطاني فوق الأرض العربية، بجميع مراحله، سواء التي تم تنفيذها حتى الآن، أو تلك التي مازال أتباع هذه الأيديولوجية يأملون بتنفيذها في المستقبل، فقد كان من البدهي أن تغدو الحرب هي المحور الأهم في الأدب الصهيوني عموما، والأدب الإسرائيلي بطبيعة الحال، على اعتبار الثاني جزءا من الأول، وُلِدَ من رحمه، ويحمل نفس ملامحه وسماته، ويسعى إلى نفس أهدافه، أو إلى ما تم تطويره من هذه الأهداف، حسب مستجدات الأحداث وتطوراتها، كما يستدل من معطيات كثيرة، يصعب سردها في هذا المجال... وضمن إطار الدعوة الصهيونية إلى انتهاج الحرب كوسيلة وحيدة للوصول إلى غاياتها وأهدافها الآنية والبعيدة على السواء، تمت صياغة العديد من الطروحات التي تحولت بدروها إلى أهداف، بعضها ظل مرحلي الطابَع، في حين تجاوز عدد منها صبغة المرحلية ليصير استراتيجيا، كما تحول عدد من تلك الطروحات إلى ثوابت في النفسية الإسرائيلية، واليهودية عموما... ولعل معظمنا يعرف أن من أبرز تلك الطروحات التي تحولت إلى أهداف أو ثوابت نفسية: ً1 ـ الزعم الصهيوني بتعرض اليهود لاضطهاد متواصل على أيدي غير اليهود، وذلك منذ أقدم العصور حتى قيام إسرائيل، ثم التركيز على اتهام العرب بممارسة هذا الاضطهاد، أو بالتخطيط والسعي لممارسته، متى سنحت لهم الفرصة المؤاتية... ً2 ـ الزعم بأن فلسطين وما جاورها من أراضي الدول العربية المحيطة بها، هي إرث يهود العالم من أجدادهم القدامى، بموجب صكوك إرث توارتية تم اجتزاؤها من نص التوارة، معزولة عما قبلها وما بعدها، لخدمة أهداف معينة ذات صلة بالمشروع الصهيوني، وتحديدا بالجانب الاستيطاني منه... ثم استخدام مقاومة العرب ورفضهم لتنفيذ هذا المشروع كذريعة على صحة اتهامهم بالعداء اللاسامي لليهود، ومسوغا لشن الحروب العدوانية الشرسة ضدهم، وقتل كل من يستطيع المقاتل الإسرائيلي قتله منهم، كبيرا كان أو صغيرا، رجلا أو امرأة، لا فرق... هذا كله دون أي إشارة إلى الأسباب الحقيقة لموقف العداء العربي من المشروع الصهيوني، أو لمقومات هذا الموقف وشرعيته بوصفه، كما تؤكد معطيات الواقع وحقائقه، موقفا دفاعيا مشروعا عن النفس والوطن والهوية الحضارية والمستقبل أيضا، ضد أناس حاولوا احتلال الأرض، وتشريد شعبها منها، وقتل من رفض مغادرتها أو ممارسة أبشع ألوان الاضطهاد اللاإنساني ضده، كما حصل، ومايزال، بالنسبة لأهلنا في الأراضي العربية المحتلة... ودون أي إشارة أيضا إلى الأهداف الحقيقة للمشروع الصهيوني، بوصفه مشروعا استعماريا، وإلى دور كيانه السياسي/إسرائيل، في خدمة مصالح القوى الاستعمارية التي أوجدته... ً3 ـ زرع الوهم في العقلية اليهودية عموما، بأن اليهود شعب متميز يفوق كل شعوب العالم رقيا وحضارة وقيما وقدرات إبداعية، وما إلى هنالك من صفات العظمة المبالغ فيها، وترسيخ هذا الوهم في النفسية اليهودية على شكل عقدة نفسية تبلورت فيما بعد لتصير نزعة عنصرية مَرَضِيَّة، ترى في اليهود سادة العالم، وترى في جميع شعوب الأرض مخلوقات أدنى منهم، يحق لهم ـ أي لليهود ـ السيطرة عليها واستعبادها، واعتبار كل من يعارض هذا المنحى العنصري في التوجه، معاديا لما يسمى بـ (السامية)، ومؤيدا لاضطهاد اليهود، ومن ثم تبرير حربه وقتله.. ً4 ـ إيهام يهود العالم، ولا سيما الإسرائيليين منهم، بأن الحرب هي القدر المحتوم بالنسبة لكل يهودي، بل هي خياره الوحيد، إذا كان يريد الحفاظ على حياته وحياة الأجيال اليهودية القادمة، وعلى مقومات استمرار وجوده كمخلوق متميز في في هذا الوجود. **** وبعد، فعلى أرضية هذا الركام من الأوهام الصهيونية، كان من البدهي أن يتم طرح نقيض الحرب، في موضع الرفض المطلق، بالنسبة لأي يهودي... ونقصد بهذا النقيض، هنا، السلام، سواء مع العرب أو مع غيرهم من شعوب الأرض وأممها.. فمن يعد لنصوص الأدب الصهيوني، ثم الإسرائيلي، يخرج بقناعة أكيدة تقول: إن السلام في هذا الأدب تم طرحه كاحتمال مستحيل، في جميع الأحوال... وفي إطار الصراع العربي/الإسرائيلي تحديدا، تم تصوير السلام أحيانا بوصفه أقرب إلى الحلم الطوباوي الذي لا يحتمله وضع الصراع مع العرب، بل كنهاية لكل أحلام الأمن والاستقرار بالنسبة لجميع الإسرائيليين واليهود في العالم... وفي محاولة للقيام بعملية غسيل ضمير جماعي للإسرائيليين تريحهم من احتمال الوقوع تحت وطأة تعذيب الضمير جراء ما تدعوهم الصهيونية إلى ارتكابه من أعمال إرهابية واسعة النطاق ضد العرب وحضارتهم، لجأ مهندسو المشروع الصهيوني إلى تصوير جميع الحروب التي خططوا لها على أنها حروب دفاعية عن النفس والمنجزات ضد أعداء الإنسان والحضارة اليهودية ممثلين في العرب الذين يقاومون تسليم بلادهم وثرواتهم ومصائر أجيالهم القادمة للغاصب الصهيوني، على طبق من ذهب.. **** وهكذا، ومما سبق كله، نصل إلى نتيجة هامة تقول: إن الأدب الصهيوني، والأدب الإسرائيلي، من بعده، قد ساهما مساهمة فعالة وكبيرة في صنع العداوة للسلام، في النفسية اليهودية عموما، والإسرائيلية بشكل خاص، والدليل على صحة هذه النتيجة هي تلك العداوة الظاهرة التي يجاهر بها معظم الإسرائيليين للعملية السلمية والتفافهم دون أي مواربة حول القيادة اليمينية التي تغذي فيهم نزعة التطرف العنصري العدواني، وأهدافه التوسعية الاستعمارية، دون أن تشير بالطبع إلى الدور الوظيفي لها وللأدب الصهيوني والإسرائيلي، في خدمة مصالح القوى الاستعمارية التي وظفت هذه القيادة، والقيادات التي سبقتها، لخدمة مصالحها، كما رسمت لها وسائل خداع اليهود لاستخدامهم كوقود في حروبها التوسعية ضد العرب، من جهة، ووسائل خداع للعالم في تسويغ تلك الحروب، من جهة أخرى. [/align][/cell][/table1][/align] |
رد: العلاقة التناقضية بين السلام والأدبين الصهيوني والإسرائيلي
من أبرز السمات التي يتميز بها الأدب الصهيوني أنه أدب عنصري و عدواني تجاه كل ما ليس أسرائيلي.. حتى أنهم يُغذون به عقول أطفالهم منذ الصغر من خلال مناهجهم الدراسية العنصرية. كل التقدير أستاذ محمد توفيق الصواف على هذه الدراسة العميقة التي تناولت العلاقة التناقضية لسلامهم المزعوم الذي و للأسف يهرول البعض من عندنا لاهثاً خلف سرابه، و بين أدبهم العنصري الفاشي. شكراً لك |
رد: العلاقة التناقضية بين السلام والأدبين الصهيوني والإسرائيلي
اقتباس:
والأكثر اختصارا لكل هذا اللغط عندما تضغط بقوة على الزناد فتهدم كل هذه الفلسفة المركبة مع بداية تركيب الكيان فكرة استعمارية ما زال الغرب بحاجة إليها كوظيفة . شكرا لأستاذنا الغالي وشكرا إليك ايها الحبيب |
رد: العلاقة التناقضية بين السلام والأدبين الصهيوني والإسرائيلي
السلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته
بحث متميز دو أهداف بعيدة أتمنى من المجتمع العربي أن يعيها لكي يصل إلى الهدف المنشود والغاية التي يرجوها كل عربي ومسلم تحياتي أيها الفاضل |
الساعة الآن 45 : 02 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية