منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=65)
-   -   جزيرة ... وفرحة . (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=18500)

عادل عادل 31 / 12 / 2010 27 : 01 AM

جزيرة ... وفرحة .
 
كان يحمل بندقية ... لا بل كان يحمل قلما ... لا بل كان يحمل مصباحا ... لا بل كان يحمل وردة بين صفحات كتاب ... لا بل كان يحمل أفكارا ورؤية بحكمة وعلم من لدن الحكيم العليم ...
انسان بسيط من كوكب مظلم هبطت مظلته على جزيرة نائية ... تعلم لغات الطيور الجزينة . والفراشات الجميلة ... والنمل الصغير ... تعلم همسات الآزهار وحركات وريقات الورد ... وشارك الشوك ألمة ... وكانت رفيقته على تلك الجزيرة نبة الصبر ... وكانت مثالا له في الصبر والجمال ... قليلة الماء في مشربها ... تتحمل البرد والحر ... وتتأقلم مع أكثر التقلبات والمزاجيات للطقس على مر الفصول ... تعلم منها أن الحلاوة وتميز المذاق ليش بالآشواك التي تغلفها ... تعلم منها كيف تكون حياة الزهد بعيدا عن مواطن الجمال ومغريات الحياة ... تعلم منها لولا الوحدة القاسية لما كان هناك وجود ومعنى للحياة بكل ما فيها ...
بيوم أبصر سفينة بعيدة جدا تحمل اسم الحرية ... تساءل عن معاني الحرية وذلك العالم خلف البحار العميقة ... صنع من أشجار الجزيرة مركبا صغيرا محاطا بحبات اليقطين وجوز الهند ... وجذف بيديه ليصل لسفينة الحرية ... بعد جهد كبير وصل اليها ... القوا له طوق نجاة ... صعد على متن السفينة ... وهناك قابل البشر ... حلقوا له شعر رأسه ولحيته ... وعمل خادما على سطحها ليصل الى أرض الآحرار ... كان عبدا على سفينة الحرية ... ليحقق أملا طال انتظاره ليصل لليابسة ... وبعد أسابيع وصل ... ولكنه بيع كعبد مأجور لشركة سفن الحرية العالمية ...
أشتراه عجوز ليساعده في زراعة حقل من الذرة ... وكان ينام مع ثيران الحقل رفاقه في العمل ... واستمرت الحياة وهو على هذه الشاكلة لسنوات مرت كقرن من الزمن ...
توفي العجوز وفي وصيته حرية لذلك العبد ... وقف العبد حائرا بما يفعل بحريته ... عمل مقابل أجر زهيد في احدى المزارع النائية ... واشترى تذكرة حريته ليعود الى تلك الجزيرة ... ليعيش قرب نبتة الصبر ... وجدها في انتظاره ... وقد تجمع حوله الطيور والفراشات والكواسر ... قال لهم : عالمكم بكل ما فيه هو عالم يستحق الحياة لآنه حياة بلا عبودية أو ذل أو مهانة ... عالمكم هو حرية محررة من عالم البشر وحضارتهم المزعومة ...
.................................................. .................................................. ...
من أنت ... من ذلك الشخص ...ماذا تريد ...!
انا نعش فرحتك المغادرة لهذه الحياة ...
ها ها ها ... وهل الفرحة تموت ... ولها نعش أيضا ...!
هل نظرت الى ملامح انعكاس وجعك في المرأة مؤخرا ...!
ها ها ها طبعا ... ابتسم وصدى ضحكاتي تزمجر ...
هذه بسمة مرسومة ... وتلك ضحكة صفراء بصوت يتصنع الضحك ...!
بصراحة ... أنت ممثل فاشل ... في تصنع السعادة ...
ماذا تريد مني انا راض عن حياتي ... وعن سعادتي ...
ما أنا الا رسول يحمل شهادة وفاة فرحتك ... وقد كتبت بحروف ذهبية وحولها اطار ماسي ومحاطة بالريحان والياسمين ...
يا سيدي شكرا لك على هذه الشهادة ... اعطني اياها ... وامضي في حال سبيلك ...
حسنا اليك هذه الشهادة موقعة من قلبك ... وببصمة من روحك ...
تناول شهادة وفاة فرحته بذهول وحيرة وقلق ... كيف يمكن للفرحة أن تموت ... كيف يمكن دفن البسمة ... وقتل الضحكة بشهادة وفاة ... لا بد من وجود غرفة انعاش ... لا بد من وجود حجرة واحدة فارغة في القلب للعناية المركزة ... تفقد جميع الحجرات والغرف ... كانت مليئة بحروف ولوحات لاسم واحد فقط ... حتى أرضيات القلب والشرايين الضيقة كانت همسات ذلك الاسم ...
شعر بتعب شديد ... وهم ثقيل ... ودمعة خانقة بعيون القلب ... شعر كأن الدنيا فقدت نور النهار ... وكأن الآلوان اختفت ... وكأن نجوم السماء غادرت حجراتها السماوية ... وغرقت في بحر من الآحزان المؤلمة ...
ابتسم بسمة صادقة ... بسمة رضا وشكر ... أنارت شهادة وفاة فرحته بتوهج ولمعان نوراني مكلل بقطرات ندى عينيه ... وقال :
لعل هذه الشهادة تحمل عشرات شهادات الفرح لغيري من البشرية ... لعلها تحمل بصيص أمل لقلوب مغلقة من نسمات الحب الدافئ ...
هذه شهادة اعتزاز كوسام سأعلقه على صدري ... ان كانت شهادة وفاة فرحتي تحمل سعادة وأمان لغيري ... مرحبا بها ...
حمل بقايا قلبه على جناح روحه ... وذهب الى صومعة الصمت بهدوء وسكون ... وقال :
يا رب امنح قلوب من قلبي الراحة والسلام ... يا رب أعطني القوة والصبر والسلوان ... بنعمة النسيان ...
أغلق عيون قلبه على رسومات وصور محفورة بالصميم ... وأمسك بأنبوب تنفس الذكريات ... مخزون رائع من الذكريات الجميلة ... وحرف معلق بنجمة الروح بياسمينة بيضاء لن تذبل ... وعاهد روحه على ابقاء تلك الصورة جميلة ببهاء الروح للآبد .

فتيحة عبد الرحمن 02 / 01 / 2014 46 : 05 AM

رد: جزيرة ... وفرحة .
 
وكأني أقرأ قصة متعددة المعاني وحسب تأملي فإن المعنى لا يخلو من الشجن والحسرة ... وكذا الأمل

حرفك الـــ عرفته في قسم / حديث النفس دعوة عامة / شهادتي فيه مجروحة

دمتَ ودام حرفك الجميل في انتظار اطلالتك

رشيد الميموني 12 / 01 / 2014 19 : 03 PM

رد: جزيرة ... وفرحة .
 
كلا النصين يلتقيان في كون هذه الروح تهفو للنقاء والحرية الحقيقية .
وهذا ما ألمسه في نهاية كليهما :
قال لهم : عالمكم بكل ما فيه هو عالم يستحق الحياة لآنه حياة بلا عبودية أو ذل أو مهانة ... عالمكم هو حرية محررة من عالم البشر وحضارتهم المزعومة ...
=====================
حمل بقايا قلبه على جناح روحه ... وذهب الى صومعة الصمت بهدوء وسكون ... وقال :
يا رب امنح قلوب من قلبي الراحة والسلام ... يا رب أعطني القوة والصبر والسلوان ... بنعمة النسيان ...
أغلق عيون قلبه على رسومات وصور محفورة بالصميم ... وأمسك بأنبوب تنفس الذكريات ... مخزون رائع من الذكريات الجميلة ... وحرف معلق بنجمة الروح بياسمينة بيضاء لن تذبل ... وعاهد روحه على ابقاء تلك الصورة جميلة ببهاء الروح للآبد .


أخي عادل .. أحييك على هذا النبض الراقي الذي يسري في شرايينك والمنساب عذوبة لكلمات صيغت بتلقائية .
محبتي الأخوية لك .


الساعة الآن 37 : 02 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية